مستند الشّيعة - ج ١١

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١١

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-015-3
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٨

أيردّها عليه؟ قال : « لا ، هو له » (١).

ولا ينافي استحباب الردّ موثّقة الساباطي : عن الرجل يأخذ الدراهم يحجّ بها ، هل يجوز له أن ينفق منها في غير الحجّ؟ قال : « إذا ضمن الحجّ فالدراهم له فصنع بها ما أحبّ وعليه حجّة » (٢) ، إذ غايتها جواز عدم الردّ ، وهو غير مناف للاستحباب.

ويستحبّ للمستأجر أن يتمّم للأجير لو أعوز به الأجرة ، لفتوى الأصحاب (٣) ، ولما فيه من المساعدة للمؤمن والرفق به.

ويكره أن تنوب المرأة إذا كانت صرورة ، لرواية صالح (٤) والشحّام (٥) ، القاصرتين عن إفادة الحرمة ، لاحتمال الجملة الخبريّة ، فالقول بالحرمة ـ كما قيل (٦) ـ ضعيف ، بل تكره نيابة المرأة مطلقا ، لروايتي عبيد بن زرارة (٧) والنبّال (٨).

المسألة الإحدى والعشرون : من أوصى بحجّة تنصرف إلى الميقاتي ، للأصل ، إلاّ مع التصريح أو شهادة القرائن.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣١٣ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٤١٥ ـ ١٤٤٣ ، الوسائل ١١ : ١٨٠ أبواب النيابة في الحجّ ب ١٠ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣١٣ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٤١٥ ـ ١٤٤٤ ، الوسائل ١١ : ١٨٠ أبواب النيابة في الحجّ ب ١٠ ح ٣.

(٣) انظر المبسوط ١ : ٣٢٢ ، والمنتهى ٢ : ٨٦٩ ، والرياض ١ : ٣٤٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٤١٢ ـ ١٤٣٣ ، الإستبصار ٢ : ٣٢١ ـ ١١٣٧ ، الوسائل ١١ : ١٧٤ أبواب النيابة في الحجّ ب ٦ ح ٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٤١٤ ـ ١٤٣٩ ، الإستبصار ٢ : ٣٢٣ ـ ١١٤٣ ، الوسائل ١١ : ١٧٨ أبواب النيابة في الحجّ ب ٩ ح ١.

(٦) الرياض ١ : ٣٤٩.

(٧) التهذيب ٩ : ٢٢٩ ـ ٨٩٩ ، الوسائل ١١ : ١٧٩ أبواب النيابة في الحجّ ب ٩ ح ٢.

(٨) الفقيه ٢ : ٢٧٠ ـ ١٣١٩ ، الوسائل ١١ : ١٧٨ أبواب النيابة في الحجّ ب ٨ ح ٨.

١٤١

ثم لو لم يعيّن القدر يؤخذ أجرة المثل ، لتوقّف الحجّ عليه ووجوب ما يتوقّف عليه الواجب.

وعلى هذا ، فلو وجد من يأخذ بأقلّ من أجرة المثل وجب الاقتصار عليه إذا لم يرض الوارث بالزائد ، لعدم التوقّف حينئذ.

وما في كلام بعضهم ـ من الاستدلال للأول بأنّ أجرة المثل كالمنطوق به ، والحكم بوجوب الاقتصار على الأقلّ لو وجد من يأخذه (١) ـ لا يخلو عن تدافع.

ويلزم الفحص عنه لو احتمل وجدانه ، لما ذكر.

وكذا لو لم يوص من يجب الحجّ عنه ، وأخذ الأجرة من صلب ماله.

ثم المأخوذ يكون من أصل المال إن كان حجّة الإسلام ، ومن الثلث إن كان غيرها ، بلا خلاف يعرف ، لصحيحتي معاوية بن عمّار (٢) وغيرهما (٣).

ولو عيّن القدر ، فإن لم يكن زائدا عن أجرة المثل كان كما سبق ، إلاّ في الاقتصار على الأقلّ مع وجدان من يأخذه ، فإنّه لا يجب حينئذ ، بل يؤخذ الأقلّ من الأصل حينئذ والزائد من الثلث.

وإن كان زائدا على أجرة المثل فتؤخذ الأجرة من الأصل والزائد من الثلث مع كون الحجّ حجّة الإسلام ، والكلّ من الثلث إن كان غيرها ،

__________________

(١) الرياض ١ : ٣٤٩.

(٢) الأولى في : التهذيب ٥ : ٤٠٤ ـ ١٤٠٩ ، الوسائل ١١ : ٦٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ١.

الثانية في : الكافي ٤ : ٣٠٥ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ٤.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٧٠ ـ ١٣١٦ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٢٥ ح ٥.

١٤٢

والأجرة المأخوذة من الأصل هي الأجرة الميقاتيّة ، كما يأتي بيانه في كتاب الوصيّة.

المسألة الثانية والعشرون : إذا أوصى أحد أن يحجّ عنه ندبا ، فإن علم مراده من المرّة أو التكرار على وجه خاص يعمل به ، وإن لم يعلم شي‌ء منهما أو علم التكرار ولم يعلم وجهه فمقتضى روايتي محمد بن الحسين التكرار إلى أن يستوفى الثلث :

أولاهما : عن رجل أوصى أن يحجّ عنه مبهما ، فقال : « يحجّ عنه ما بقي من ثلثه شي‌ء » (١).

والأخرى : قد أوصى : [ حجّوا ] عني ، مبهما ، ولم يسمّ شيئا ، كيف ذلك؟ فقال : « يحجّ عنه ما دام له مال » (٢).

ولكن متأخري الأصحاب حملوهما على فهم قصد التكرار وقالوا : لو لم يفهم منه ذلك اكتفى بالمرّة ، وإن فهم التكرار على وجه خاص اقتصر عليه ، وإلاّ فبالمرّتين ، وإن فهم التكرار بقدر الثلث أو أزيد عمل بمضمون الخبرين (٣).

ولا يخفى أنّ ذلك طرح لهما رأسا وعمل بمقتضى القواعد ، ولا وجه له مع عدم ظهور رادّ لهما من المتقدّمين سوى شاذّ ، وقد أفتى بمضمونهما في التهذيب (٤) ، إلاّ عند من لا يعمل بغير الصحاح ونحوها ، وأمّا نحن ففي‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٠٨ ـ ١٤٢٠ ، الإستبصار ٢ : ٣١٩ ـ ١١٢٩ ، الوسائل ١١ : ١٧١ أبواب النيابة في الحجّ ب ٤ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٠٨ ـ ١٤١٩ ، الإستبصار ٢ : ٣١٩ ـ ١١٣٠ ، الوسائل ١١ : ١٧١ أبواب النيابة في الحجّ ب ٤ ح ١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

(٣) انظر التحرير : ١٢٨ ، الدروس ١ : ٣٢٦ ، والرياض ١ : ٣٤٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٠٨.

١٤٣

توسعة من ذلك ، فالوجه العمل بمضمونهما ومتابعة قصده إن كان مفهوما ، والتكرار إلى تمام الثلث إن كان مبهما.

المسألة الثالثة والعشرون : إذا أوصى أن يحجّ عنه سنين متعددة ، وعيّن لكلّ سنة قدرا معيّنا تفصيلا أو إجمالا ، فقصر ما لكلّ سنة عن حجّتها ، جمع من نصيب سائر السنين ما يمكن به الاستئجار لحجّة فصاعدا ويستأجر به الحجّة ، لمكاتبتي إبراهيم بن مهزيار وعليّ بن محمّد الحضيني ، المنجبر ضعفهما ـ لو كان ـ بدعوى كون الحكم مقطوعا به في كلام الأصحاب كما في المدارك وشرح التهذيب للجزائري وشرح الروضة للهندي والحدائق (١) ، بل بدعوى عمل الأصحاب كافّة كما قيل (٢) ، وبالشهرة المحققة.

إحداهما : إنّ مولاك عليّ بن مهزيار أوصى أن يحجّ عنه من ضيعة صير ربعها لك في كلّ سنة حجّة بعشرين دينارا ، وأنّه منذ انقطع طريق البصرة تضاعف المؤن على الناس ، فليس يكتفون بعشرين دينارا ، وكذلك أوصى عدّة من مواليك حجّتهم ، فكتب عليه‌السلام : « يجعل ثلاث حجج حجّتين إن شاء الله » (٣).

والثانية : إنّ ابن عمّي أوصى أن يحجّ عنه بخمسة عشر دينارا في كلّ سنة ، فليس يكفي ، فما تأمر في ذلك؟ فكتب عليه‌السلام : « يجعل حجّتين حجّة ، إنّ الله عالم بذلك » (٤).

__________________

(١) المدارك ٧ : ١٤٤ ، الحدائق ١٤ : ٢٩٧.

(٢) الرياض ١ : ٣٤٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٠ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ ـ ١٣٢٦ ، التهذيب ٩ : ٢٢٦ ـ ٨٩٠ ، الوسائل ١١ : ١٧٠ أبواب النيابة في الحجّ ب ٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٣١٠ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ ـ ١٣٢٧ ، التهذيب ٥ : ٤٠٨ ـ ١٤١٨ ، الوسائل ١١ : ١٦٩ أبواب النيابة في الحجّ ب ٣ ح ١.

١٤٤

وقد يستدلّ له أيضا بخروج المال عن الإرث ، ووجوب أمرين : الحجّ ، وكونه بقدر مخصوص ، فإذا تعذّر الثاني لم يسقط الأول ، ومرجعه إلى قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور ، وهي عندي ضعيفة جدّا.

المسألة الرابعة والعشرون : يستحقّ الأجير مال الإجارة بالعقد ، لأنّه مقتضى صحّة المعاوضة ، ولروايات مسمع ومحمّد بن عبد الله القمّي وموثّقة الساباطي ، المتقدّمة جميعا في المسألة العشرين (١) ، وعلى هذا فلو كانت عينا فزادت أو نمت بعد العقد فهما للأجير.

قال في المدارك : لكن لا يجب تسليمها إلاّ بعد العمل كما في مطلق الإجارة ، وعلى هذا فليس للوصيّ التسليم قبله ، ولو سلّم كان ضامنا ، إلاّ مع الإذن من الموصي المستفاد من اللفظ أو اطّراد العادة (٢).

أقول : عدم وجوب التسليم ـ بعد كونه ماله ـ يحتاج إلى الدليل ، ولا يسلّم ذلك في مطلق الإجارة ، حتى في الحجّ الذي دلّت المستفيضة المتقدّمة عند ذكر اشتراط العدالة على براءة ذمّة المنوب عنه بعد الإجارة ، ووردت أخبار أخر (٣) فيمن أنفق مال إجارة الحجّ [ أو مات ] (٤) ولم يترك شيئا ، ولم يحكم في شي‌ء منهما بالضمان.

والمسألة محلّ إشكال ، والاحتياط للوصيّ ونحوه أن يشترط عدم التسليم أو إلاّ بوثيقة في ضمن العقد.

المسألة الخامسة والعشرون : لو كانت عند شخص وديعة ومات‌

__________________

(١) راجع ص : ١٤٠ ـ ١٤١.

(٢) المدارك ٧ : ١٤١‌

(٣) كما في الوسائل ١١ : ١٩٤ أبواب النيابة في الحجّ ب ٢٣.

(٤) في النسخ : وأنفقه ، والصواب ما أثبتناه بالاستفادة من المصادر.

١٤٥

صاحبها وعليه حجّة الإسلام ، كان له أن يقتطع قدر أجرة الحجّ منها فيستأجره به ، ويردّ الفاضل ـ إن كان ـ للورثة ، بلا خلاف فيه في الجملة.

لصحيحتي العجلي : عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لوارثه شي‌ء ولم يحجّ حجّة الإسلام ، قال : « حجّ [ عنه ] ، وما فضل فأعطهم » (١).

ومقتضى إطلاقها ـ بل عمومها الحاصل بترك الاستفصال ـ وجوب ذلك ، سواء أذن الورثة فيه أو لا ، وسواء علم أنّ الورثة لا يؤدّون الحجّ عنه أو ظنّ ذلك ، أو لم يعلم ذلك ولم يظنّ ، بل علم الأداء أو ظنّ.

ولكنّ الأكثر قيّدوه بما إذا علم أنّهم لا يؤدّونه ـ كما في النافع والشرائع والإرشاد (٢) وغيرها (٣) ـ أو بما إذا ظنّ ذلك ـ كالسرائر (٤) وبعض آخر ـ فبدونها يجب استئذانهم ، لأنّ مقدار أجرة الحجّ وإن كان خارجا عن الميراث إلاّ أنّ الوارث مخيّر في جهات القضاء ، وله الحجّ بنفسه والاستقلال بالتركة والاستئجار بدون أجرة المثل ، فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق (٥) ، وربّما يستأنس له بقوله : وليس للورثة شي‌ء.

أقول : لا شكّ أنّه إذا علم المستودع ـ أو ظنّ ظنّا مقبولا شرعا ـ أنّ الورثة قد أدّوه ، ليس له ذلك ، لبراءة ذمّة الميّت وعدم وجوب حجّ عنه ،

__________________

(١) الأولى في : الكافي ٤ : ٣٠٦ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٧٢ ـ ١٣٢٨ ، التهذيب ٥ : ٤١٦ ـ ١٤٤٨ ، الوسائل ١١ : ١٨٣ أبواب النيابة في الحجّ ب ١٣ ح ١ ، بدل ما بين المعقوفين في النسخ : عنهم ، وما أثبتناه من المصادر.

الثانية في : التهذيب ٥ : ٤٦٠ ـ ١٥٩٨.

(٢) النافع : ٧٨ ، الشرائع : ٢٣٥.

(٣) كما في الحدائق ١٤ : ٢٧٨.

(٤) السرائر ١ : ٦٣٠.

(٥) الوسائل ١١ : ٦٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥.

١٤٦

وأمّا قبل أدائهم فلا شكّ أنّ مقدار الأجرة لم ينتقل إليهم ، لأنّ الإرث بعد الدين الذي منه الحجّ ، كما صرّح به في النصوص (١) ، ونسبة الوارث وغيره في وجوب صرف ذلك في الحجّ وجوبا كفائيّا مشروطا بعدم العلم ببراءة ذمّة الميّت من طريق آخر بتبرّع أو مال غيره أو أقلّ من أجرة على السواء ، فما دام عدم العلم بالبراءة وتحقّق الشرط يكون الاقتطاع واجبا كفائيا على المستودع ، وما لم يعلم أداءهم لا يجوز له تركه ، بل يجب عليه عينا ، كما هو شأن الواجبات الكفائيّة ، ووجوب استئذان الوارث فيه يحتاج إلى دليل ، وكونه مخيّرا في جهات القضاء لا يدلّ عليه ، لأنّ المسلّم منه أنّ ما دام بقاء المال وعدم صرفه في الاستئجار يتخيّر هو في الجهات ، وهو مسلّم ، لكون وجوب الصرف ـ كما مرّ ـ مشروطا بعدم الأداء من جهة أخرى ، فتخييره أيضا مشروط بالبقاء ، وأمّا التخيير على الإطلاق فلا نسلّمه حتى في المقام المتضمّن للنصّ المنافي بعمومه له.

والحاصل : أنّ المسلّم أنّ الوارث مخيّر بشرط بقاء المال وعدم صرفه في الحجّ ، وللمستودع الاستئجار بشرط عدم أداء الوارث أو غيره من هذه الجهة أو جهة أخرى ، فيعمل بعموم الصحيح ، ويحكم بوجوب استئجار المستودع مطلقا ، إلاّ ما خرج عنه بالإجماع ، وهو ما إذا علم أداء الحجّ ، وعليه الفتوى.

فروع :

أ : الاستئجار واجب على المستودع ، لظاهر الأمر المفيد له ، وتعبير‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٧٠ ـ ١٣١٦ ، الوسائل ١١ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥ ح ٥.

١٤٧

بعض الأصحاب بالجواز (١) إمّا بإرادة معناه الأعمّ المجامع للوجوب كما قيل (٢) ، أو باعتبار ما ذكرنا من كونه مشروطا بعدم العلم بأداء الوارث من جهة أخرى ، فللمستودع إعلام الوارث وأدائهم من جهة أخرى ، وله الأخذ من الوديعة ، فيكون الأخذ جائزا وإن كان أحد فردي المخيّر.

ب : الوارث إمّا يعلم بالوديعة ، أم لا.

فإن لم يعلم بها فللمستودع الاستئجار بدون إعلام الوارث ، وله إعلامهم إن علم عدم امتناعهم عن الاستئجار أو الأداء من جهة أخرى ، أو عدم تمكّنهم من الامتناع ، وإلاّ فلا يجوز الإعلام ، لكونه سببا لتفويت الواجب ، وسبب الحرام حرام.

وإن علم بها ، فإن أمكن للمستودع إثبات وجوب الحجّ على الميّت ـ ولو باعتراف الوارث ـ وإثبات الاستئجار لو استأجر ، وجب عليه الاستئجار أيضا.

وكذا إن لم يمكن له ذلك ولكن لم يكن للوارث تسلّط عليه ، وإلاّ فلا يجب عليه ، لاستلزامه الضرر المنفيّ شرعا ، فتعارض أدلّة انتفائه الصحيحة (٣).

وكذا إن أمكن له ذلك ولكن علم عدم وقوف الوارث على حكم الشرع وتضرّره بذلك ، ولذا اعتبر في التذكرة (٤) وغيره (٥) أمن المستودع من الضرر ، وهو في موقعه.

__________________

(١) كالطوسي في النهاية : ٢٧٩ ، المحقّق في الشرائع ١ : ٢٣٥ ، المعتبر ٢ : ٧٧٤.

(٢) انظر المسالك ١ : ٩٩.

(٣) المتقدمة في ص ١٤٦.

(٤) التذكرة ١ : ٤٠١.

(٥) كالرياض ١ : ٣٤٩.

١٤٨

ج : اعتبر بعضهم في ذلك استئذان الحاكم ، إمّا مع إمكانه ـ كبعضهم (١) ـ أو مطلقا ـ كآخر (٢) ـ اقتصارا في ما خالف الأصل على المتّفق عليه.

واستبعده بعضهم (٣) ، لإطلاق النصّ (٤). وردّه آخر بتضمّنه لأمر الإمام ، وهو منه إذن له.

أقول : يمكن أن يقال : إنّه لا شكّ في أنّ كونه إذنا منه موقوف على أمر زائد على صدور الأمر الشرعيّ المساوي فيه كلّ مكلّف ، وهو ملاحظة جهة الإذنية له ، والأصل عدمه.

سلّمنا ، ولكن كلّ من الأمرين محتمل ، أي كونه من جهة حكم الشرع أو من جهة الإذنيّة ، فاللازم حينئذ ملاحظة أنّ استئجار المستودع خلاف الأصل حتى يقتصر فيه على موضع اليقين ، أو هو الأصل حتى يتوقّف الخروج عنه على اليقين ، مقتضى الأخبار (٥) ـ المتواترة معنى ، المصرّحة بوجوب قضاء الحجّ عن الميّت عن أصل ماله من غير خطاب إلى شخص معيّن ـ وجوبه على كلّ مكلّف كفاية ، وهو يجعل وجوب الكفائي للمستودع أصلا ثابتا ، فالتوقّف على الإذن يحتاج إلى دليل.

وعلى هذا ، لو كان هذا الأمر من الإمام عليه‌السلام إذنا أيضا لا بدّ في التوقّف عليه من ثبوت أنّ أمره لجهة حصول الإذن ، وهو غير معلوم.

د : هل الحكم مختصّ بالوديعة ـ كما حمل عليه جماعة (٦) ـ

__________________

(١) انظر التذكرة ١ : ٣٠٨.

(٢) انظر المسالك ١ : ٩٩ ، ومجمع الفائدة ٦ : ١٥٢.

(٣) كالشهيد في اللمعة ( الروضة ٢ ) : ٢٠٣.

(٤) أي نصّ صحيحة العجلي المتقدّمة في ص : ١٤٦.

(٥) الوسائل ١١ : ٦٦ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٢٥.

(٦) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ٦ : ١٥٢.

١٤٩

لاختصاص النصّ ، أو يتعدّى إلى سائر الحقوق الماليّة من الغصب والدين وغيرهما ، كما اختاره آخرون (١)؟

التحقيق فيه : البناء على ما ذكرنا من كون استئجار المستودع مخالفا للأصل ، وموافقا له ، فعلى الأول يحكم بالاقتصار ، وعلى الثاني بالتعدّي ، وعلى ما ذكرنا فالحقّ هو : الثاني.

هـ : قالوا : مقتضى النص حجّ الودعيّ بنفسه (٢) ، ولكن الأصحاب جوّزوا له الاستئجار (٣) ، بل ربّما جعلوه أولى ، خصوصا إذا كان ذلك أنسب.

وأسند بعضهم في ذلك إلى تنقيح المناط القطعي (٤).

وهو جيّد ، مع أنّ إرادة الحجّ بنفسه من اللفظ في هذا المقام محلّ تأمّل ، وعلى ما ذكرنا من الأصل يصير جواز الاستئجار أظهر.

و : لو استأجر المستودع ، ثم علم الوارث وأنكر أحد الأمرين من وجوب الحجّ أو الاستئجار ، كان على المستودع الإثبات ، للأصل. ولا يدلّ النصّ على قبول قوله ، لأنّ حكمه إنّما هو في حقّ شخص خاصّ ، ولأنّه إنّما هو بعد فرض أنّ عليه الحجّ ، وحكمه عليه‌السلام أنّه إن كان كما قلت : فحجّ عنه ، كما هو المراد في جميع السؤالات والجوابات الواردة في‌

__________________

(١) منهم الفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٣٣ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٠٠ ، صاحب المدارك : ٣٨٨.

(٢) انظر جامع المقاصد : ١٦١ ، والمدارك ٧ : ١٤٦ ، والذخيرة : ٥٧١ ، والرياض ١ : ٣٤٩.

(٣) كالشهيد في الدروس ١ : ٣٢٧ ، الفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٣٣ ، الفيض في المفاتيح ١ : ٣٠٢.

(٤) انظر الرياض ١ : ٣٤٩.

١٥٠

الأحاديث.

فلا يرد ما نقله في المنتقى (١) عن بعض المتأخّرين من كون مقتضى الحديث نفوذ إقرار المستودع في حقّ الوراث ، ولا حاجة إلى ما أجاب به صاحب المنتقى في المقام.

ز : لو تعدّد من عنده الوديعة وعلموا بالحقّ ، جاز لكلّ منهم الإخراج والاستئجار ، بل وجب كفاية ، ويجوز لهم توازع الأجرة أيضا.

ولو لم يعلم بعضهم بالحقّ تعيّن على العالم.

ولو حجّوا جميعا مع علم بعضهم ببعض صحّ السابق خاصّة وضمن اللاحق.

ولو انتفى العلم فلا ضمان مع الاجتهاد اللازم.

والوجه في الكلّ واضح.

المسألة السادسة والعشرون : من أوصى أن يحجّ عنه شخص معيّن فإمّا يعيّن الأجرة أو لا ، وعلى التقديرين : إمّا يكون الحجّ واجبا ، أو ندبا ، فهذه أربع صور.

فإنّ عيّن الأجرة وكان واجبا تخرج الأجرة المعيّنة من الأصل إن كانت مقدار أجرة المثل من الميقات أو أقلّ ، وإن زادت عنها أخرج الزائد من الثلث إن لم يجز الورثة.

ثم لو امتنع الموصى له من الحجّ بطلت الوصيّة ، لتعلّقها بشخص معيّن ، ويجب استئجار غيره بأقلّ ما يوجد من يحجّ عنه ، لا للوصيّة ، بل لوجوب قضاء الحجّ الواجب.

__________________

(١) منتقى الجمان ٣ : ٧٦.

١٥١

وإن امتنع من أخذ المعيّن وطلب الأزيد لم تجب إجابته وإن لم يزد عن أجرة المثل ، لأنّه يخرج حينئذ عن الوصيّة ويساوي الأجنبي ، فيجوز استئجاره بالأزيد لو لم يوجد من يأخذ الأقلّ.

وإن كان ندبا تخرج الأجرة المعيّنة من الثلث ، إلاّ مع إجازة الورثة ، فتنفذ من الأصل.

ولو امتنع الموصى له من الحجّ فالظاهر بطلان الوصيّة وسقوط الحجّ ، لما مرّ من تعلّق الوصيّة بشخص معيّن. وعدم ترك الميسور بالمعسور مع احتمال ارتباط أحدهما بالآخر ممنوع ، كما بيّنا في موضعه.

قيل : لو علم تعلّق غرض الموصي بالحجّ مطلقا وجب إخراجه ، لأنّ الوصيّة على هذا التقدير تكون في قوّة شيئين ، فلا يبطل أحدهما بفوات الآخر (١).

ولي فيه نظر ، لأنّ الوصيّة أيضا ـ كالتوكيل ونحوه ـ من الأمور التي يتوقّف ثبوتها على الإنشاء اللفظي ، ولا يتحقّق بشاهد الحال بل ولا الفحوى ، لأنّها أمور توقيفيّة لم يثبت التوقيف في غير المذكور ، فلا يفيد في وجوب العمل بالوصيّة العلم بتعلّق غرض الموصي بشي‌ء ، إلاّ أن يعلم إرادة هذا الغرض من اللفظ مجازا بالقرينة دون معناه الحقيقي ، وما نحن فيه ليس كذلك.

وإن لم يعيّن الأجرة وكان واجبا فتجب إجابة الموصى له فيما يرضى بأن يحجّ به وإن كان زائدا عن الأجرة ، إلاّ أنّ الزائد يخرج من الثلث ، ولو زاد عن الثلث أيضا ولم يرض بما يفي به ولم يجز الورثة بطلت الوصيّة ،

__________________

(١) المدارك ٧ : ١٤٩.

١٥٢

ويستأجر غيره بأقلّ ما يوجد.

وقيل : يجب استئجاره بأقلّ ما يوجد من يحجّ عنه (١).

وعن الدروس : احتمال وجوب إعطاء أجرة مثله إن اتّسع الثلث (٢).

وعلى هذين القولين تبطل الوصيّة لو لم يرض الموصى له بالأقلّ أو الأجرة ، ولا وجه له.

ولو امتنع الموصى له من الحجّ مطلقا تبطل الوصيّة ، ويستأجر من يحجّ بالأقلّ ، لأجل وجوب القضاء من الأصل.

وإن كان ندبا تجب إجابة الموصى له بما يرضى من الثلث مطلقا ، وإن زاد عن الثلث ولم يجز الورثة أو امتنع الموصى له من الحجّ بطلت الوصيّة رأسا ، ولا يجب استئجاره.

والحجّ في جميع هذه الصور من الميقات ، إلاّ أن تدلّ قرينة على إرادة الموصي من البلد ، فيستأجر منه ، ويخرج غير أجرة المثل للميقاتي في الواجب منه من الثلث.

ولو قصر الثلث عن الاستئجار عن البلد ولم يجز الورثة فالحق بطلان الوصيّة وعدم وجوب الاستئجار بحسب الإمكان ، لأنّ الموصى به هو الحجّ البلدي ، وهو غير ممكن.

نعم ، يستأجر للميقاتي من الأصل مع وجوب الموصى به.

ثم المراد بالواجب المحكوم باستئجاره من الأصل ـ أو مع بطلان الوصيّة ـ هو حجّة الإسلام دون غيره ، بل هو في حكم المندوب كما مرّ سابقا.

__________________

(١) المدارك ٧ : ١٤٩.

(٢) الدروس ١ : ٣٢٥.

١٥٣

المسألة السابعة والعشرون : لو عيّن الموصي الأجرة ، وكانت بقدر لا يرغب فيها أجير أصلا ، بطلت الوصيّة بالحجّ قطعا ، لبطلان التكليف بغير الممكن.

وهل تبقى الوصيّة بالقدر المعيّن من المال بحالها مطلقا ، فيكون كمجهول المالك ، فيصرف في وجوه البرّ ، كما اختاره في الشرائع والمنتهى (١) ، بل جعله في المدارك المشهور بين الأصحاب (٢)؟

أو يعود ميراثا مطلقا ، كما اختاره في المدارك (٣)؟

أو الأول إن طرأ القصور لعارض ، والثاني إن قصرت الأجرة ابتداء ، كما حكي عن المحقّق الثاني (٤) ، واستوجهه ثاني الشهيدين أيضا (٥)؟

أحسنها : أوسطها ، لأنّ الأصل في مال الميّت الثابت بالعمومات والإطلاقات (٦) : الانتقال إلى الوارث ، إلاّ ما تعلّق به دين أو وصيّة ، والوصيّة قد بطلت هناك بعدم إمكان الإتيان بها ، فلا وجه لعدم الانتقال.

احتج الأول : بأنّ هذا القدر من المال قد خرج عن ملك الورثة بالوصيّة النافذة ، ولا يمكن صرفها في الطاعة التي عيّنها الموصي ، فيصرف إلى غيرها من الطاعات ، لدخوله في الوصيّة ضمنا.

ويرد عليه : منع تحقق الوصيّة النافذة ، لأنّ النفوذ فرع الإمكان ، وإذ ليس فليس ، وإمكان الطاعة الأخرى لا يفيد ، لعدم كونها موصى بها ،

__________________

(١) الشرائع ١ : ٢٣٥ ، المنتهى ٢ : ٨٧٤.

(٢) المدارك ٧ : ١٥٠.

(٣) المدارك ٧ : ١٥١.

(٤) حكاه عنه في المدارك ٧ : ١٥١ وانظر جامع المقاصد ٣ : ١٤٨.

(٥) المسالك ١ : ٩٩.

(٦) الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١.

١٥٤

ودخولها ضمنا إنّما يتمّ على قاعدة من لا يترك الميسور بالمعسور ، وقد بيّنا بطلانها في موضعه.

ودليل الثالث : صحّة الوصيّة ابتداء ، فخرج عن الوارث لنفوذ الوصيّة المعيّنة ، فلا يعود إليه إلاّ بدليل ، ولم يثبت ، غاية الأمر أنّه قد تعذّر صرفه في الوجه المعيّن ، فيكون كمجهول المالك ، فيصرف في وجوه البرّ.

ويرد عليه أولا : أنّ عدم دليل على عوده إلى الوارث لا يوجب صرفه في وجوه البرّ أيضا ، لعدم الدليل عليه أيضا ، ومجهول المالك الذي يصرف فيها إنّما هو غير ذلك ، بل هو على النحو المعهود ، وقياس ذلك عليه باطل.

وثانيا : أنّ لنا أن نقول : إنّ الموصى به على هذا الوجه إنّما هو مثل المبيع بشرط الخيار ، أو المبيع الذي يثبت فيه خيار الغبن للمشتري ، أو المؤجر به الذي ثبت للمستأجر خيار الفسخ بعد فوت المؤجر ، لحصول نقصان في منفعته أو عينه ، فإنّ العين في الأولين والمنفعة في الأخير لم تنتقل بالموت إلى الوارث ، ولكن كان للميّت في العين والمنفعة المذكورتين حقّ ، هو كونه بحيث لو فسخ العقد ينتقل إليه ، وهذا الحقّ قد انتقل إلى الوارث ، لانتقال جميع حقوق مورّثه إليه ولازم ذلك انتقال العين أو المنفعة إليه بعد الفسخ ، فكذا فيما نحن فيه ، فنقول : إن الموصى به إنّما هو بحيث لو بطلت الوصيّة فيه ابتداء أو لعارض لصار كما كان ملكا للموصي ، وهذا حقّ له ينتقل إلى الوارث ، ويلزمه انتقال الموصى به إليه.

فإن قيل : من أين علم ثبوت هذا الحقّ للموصي حتى ينتقل إلى الوارث؟

قلنا : لأنّ الموصى به كان ملكا له فالأصل بقاؤه عليه ، إلاّ بقدر علم‌

١٥٥

خروجه منه ، ولم يعلم إلاّ هذا القدر ، يعني : علم أنّه خرج عن ملكه ما دامت الوصيّة واجب العمل بها ، وأمّا الزائد عنه فلا.

فإن قيل : بالوصيّة خرج عن ملكه ، فيستصحب ذلك.

قلنا : بالوصيّة صار واجب الصرف في الوصيّة ولزمه الخروج عن ملكه ، فإذا انتفى الملزوم لا يمكن استصحاب اللازم.

فروع :

أ : لو احتمل رغبة الأجير في بعض الأعوام الآتية ، فإن كان عام الوصيّة معيّنا ولم يرغب فيه أجير لم يلزم الانتظار وبطلت الوصيّة ، ولو كان مطلقا وجب انتظاره ما لم يحصل اليأس ، لاستصحاب وجوب العمل بالوصيّة.

ب : ما ذكرنا من العود إلى الوارث إنّما هو في الحجّ المندوب والزائد من الحجّة الميقاتيّة في الواجب ، وأمّا أجرة الميقاتيّة فيه فلا تعود إليه إلاّ إذا كان المال بقدر لا يفي بها أيضا ، كما مرّ.

ج : لو كان القدر المعيّن بقدر لا يرغب فيه أجير أصلا ، ولكن كان له نماء بعد حصوله يمكن وفاؤهما بالحجّ ـ كدكّان له منفعة وافية مع الأصل بالحجّ بعد مدّة ، أو أمكن استنماء المال بالتجارة وصرفه في الحجّ بعد مدّة ـ فهل يجب العمل بالوصيّة ، أم لا؟

الظاهر : الثاني ، لأنّ الوصيّة إنّما تعلّقت بالأصل دون النماء ، ولعدم وفائه بالوصيّة تبطل الوصيّة ويعود ميراثا ، فلا يكون عليه نماؤه إلاّ للوارث.

نعم ، لو أوصى بالأصل والنماء يجب العمل بها.

١٥٦

الباب الثاني

في الحج المندوب‌

اعلم أنّه يستحبّ الحجّ لفاقد الشرائط الخالي عن الموانع ، ومنه العبد المأذون والفقير والصبيّ المميّز ، للإجماع ، وعمومات الترغيب فيه ، وكذا يستحبّ لمن حجّ تكراره استحبابا مؤكّدا كما نطقت به الأخبار (١) ، وصرّح به العلماء الأخيار (٢) ، وفي بعض الأخبار : « أنّ من حجّ ثلاث حجّات لم يصبه فقر أبدا » (٣).

ويكره للموسر ترك الحجّ خمس سنين متوالية ، كما صرّح به في روايتي ذريح (٤) وحمران (٥).

قالوا : ويشترط في حجّ التطوّع : الإسلام (٦) ، وفي الذخيرة : لا أعلم خلافا في ذلك (٧) ، والظاهر أنّ المراد اشتراطه في الصحّة دون الاستحباب.

ويشترط فيه أيضا : أن لا يكون عليه حجّ واجب فورا ، لمنافاته‌

__________________

(١) الوسائل ١١ : ١٢٣ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٤٥.

(٢) منهم العلاّمة في التحرير ١ : ٨٩ ، الشهيد الأول في اللمعة والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ١٦٢ ، صاحب المدارك ٧ : ١٩.

(٣) الفقيه ٢ : ١٣٩ ـ ٦٠٤ ، الوسائل ١١ : ١٢٧ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٤٥ ح ١٤.

(٤) الكافي ٤ : ٢٧٨ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٤٥٠ ـ ١٥٧٠ ، الوسائل ١١ : ١٣٨ أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٤٩ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٢٧٨ ـ ٢ ، الوسائل ١١ : ١٣٩ أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب ٤٩ ح ٢.

(٦) كما في الإرشاد ١ : ٣١٣ ، وكفاية الأحكام : ٥٧.

(٧) الذخيرة : ٥٧١.

١٥٧

للواجب المضيّق ، فيكون منهيّا عنه.

وقال في الذخيرة : إنّه لا يبعد أن يقال : النهي متعلّق بأمر خارج ، فلا يلزمه فساد الحجّ (١).

وعن المبسوط : صحّته ووقوعه عن حجّة الإسلام (٢).

وعن الخلاف : صحّته تطوّعا وبقاء حجّة الإسلام في ذمّته (٣).

ويشترط فيه أيضا : إذن الزوج والمولى ، كما مرّ.

ولا يشترط البلوغ ، وقد مرّ أيضا.

__________________

(١) الذخيرة : ٥٧١.

(٢) المبسوط ١ : ٣٠٢.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٥٦.

١٥٨

الباب الثالث

في أقسام العمرة بحسب الحكم

وهي أيضا كالحجّ تنقسم إلى واجب أصليّ ، أو عارضيّ ومندوب ، نذكر بعض أحكامها بحسب هذه القسمة في مسائل :

المسألة الأولى : تجب العمرة على الفور في العمر مرّة بأصل الشرع على كلّ مكلّف ، بالشرائط المعتبرة في الحجّ ، بالكتاب (١) ، والسنّة ، والإجماع المحقّق والمنقول مستفيضا (٢).

ففي صحيحة زرارة : « العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ ، فإنّ الله تعالى يقول ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) » (٣).

وفي صحيحة الفضل : في قول الله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) قال : « هما مفروضان » (٤) ، إلى غير ذلك من الأخبار الغير العديدة (٥).

المسألة الثانية : الحقّ المشهور : وجوب العمرة عند تحقّق استطاعتها وعدم توقّفه على تحقّق الاستطاعة للحجّ ، بل لو استطاع لها خاصّة وجبت ، كما أنّه لو استطاع للحجّ خاصّة وجب دون العمرة ، لإطلاق الأوامر ، وعدم وجدان دليل يدلّ على ارتباط أحدهما بالآخر في الوجوب ، كما صرّح به‌

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) كما في المنتهى ٢ : ٨٧٦ ، والتذكرة ١ : ٢٩٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٣٣ ـ ١٥٠٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٩٥ أبواب العمرة ب ١ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٥ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ٤٥٩ ـ ١٥٩٣ ، الوسائل ١٤ : ٢٩٥ أبواب العمرة ب ١ ح ١.

(٥) الوسائل ١٤ : ٢٩٥ أبواب العمرة ب ١.

١٥٩

غير واحد أيضا (١).

وفي المسألة قولان آخران :

أحدهما : أنّ كلاّ منهما لا يجب إلاّ عند الاستطاعة للآخر.

وثانيهما : أنّ الحجّ يجب عند استطاعته دون العمرة ، فإنّه لا يجب إلاّ عند الاستطاعة للحجّ ، ونقل ذلك عن الدروس (٢).

هذا في العمرة المفردة.

وأمّا عمرة التمتّع ، فلا ريب في توقّف وجوبها على الاستطاعة للحجّ ، لدخولها فيه وارتباطها به وكونها بمنزلة الجزء منه ، وهو موضع وفاق ومدلول عليه بالأخبار (٣).

المسألة الثالثة : العمرة المتمتّع بها تجزئ عن العمرة المفردة المفروضة ، إجماعا فتوى محقّقا ومنقولا (٤) ونصّا.

ففي حسنة الحلبي : « إذا تمتّع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة » (٥).

وفي صحيحة يعقوب بن شعيب : يكفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ مكان تلك العمرة المفردة؟ قال : « كذلك أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه » (٦).

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهى ٢ : ٨٧٦ ، وصاحبي المدارك ٨ : ٤٥٩ ، والرياض ١ : ٤٣٤.

(٢) الدروس ١ : ٣٣٨.

(٣) الوسائل ١١ : ٢١٢ أبواب أقسام الحج ب ٢.

(٤) كما في المنتهى ٢ : ٨٧٦.

(٥) الكافي ٤ : ٥٣٣ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٤٣٣ ـ ١٥٠٣ ، الإستبصار ٢ : ٣٢٥ ـ ١١٥٠ ، الوسائل ١٤ : ٣٠٥ أبواب العمرة ب ٥ ح ١.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٣٣ ـ ١٥٠٤ ، الإستبصار ٢ : ٣٢٥ ـ ١١٥١ ، الوسائل ١٤ : ٣٠٦ أبواب العمرة ب ٥ ح ٤.

١٦٠