الإمام عليّ الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

علي موسى الكعبي

الإمام عليّ الهادي عليه السلام سيرة وتاريخ

المؤلف:

علي موسى الكعبي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-98-6
الصفحات: ٢٧٦

ورجل آخر من البلاط هو يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط ، أسلم عند موته حينما شاهد احدى معاجز الامام عليه‌السلام ، روى ذلك الطبري بالاسناد عن أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى ، عن أبيه قال : لما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده ، فقال : إن قلبي قد ابيض بعد سواده ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأن علي ابن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعلم ، ثم مات في مرضه ذلك (١).

وأبو عبد الله الجنيدي الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم ، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه ، الأمر الذي جعله ينزع نفسه عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (٢).

ورجل آخر من ديار ربيعة ، وكان نصرانياً ، من أهل كفرتوثا ، يسمى يوسف بن يعقوب ، أسلم ابنه ببركة الامام الهادي عليه‌السلام وحسن اسلامه بعد أن لاحظ بعض دلائل الامام عليه‌السلام (٣).

وكان الامام عليه‌السلام سبباً في هداية أحد القياصرة الذي أعجب بتفوقه

__________________

(١) دلائل الإمامة / الطبري : ٤١٩ / ٣٨٢ ـ مؤسسة البعثة ـ قم ـ ١٤١٣ هـ ، نوادر المعجزات / الطبري : ١٨٨ / ٧ ـ مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم ـ ١٤١٠ هـ ، فرج المهموم : ٢٣٣.

(٢) إثبات الوصية / المسعودي : ٢٢٢.

(٣) الخرائج والجرائح ١ : ٣٩٦ / ٣.

١٢١

العلمي ، كما جاء عن ابن أمير الحاج في شرح شافية أبي فراس ، قال : ومما نقل أن قيصراً ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه : إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالى جسده على النار ، وهي : الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء ، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها ، وطلبناها في الزبور فلم نجدها ، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء وسألهم في ذلك ، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليهم‌السلام ، فقال : « إنها سورة الحمد ، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف » .... فلما وصل الجواب إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً وأسلم لوقته ومات على الاسلام (١).

هذه هي بعض آثار الإمام الهادي عليه‌السلام في مخالفيه ومناوئيه ، فعلينا أن ننفتح عليها لنزداد هديا من هديه ، وعلما من علمه ، ووعيا ممّا يعطينا من عناصر الوعي.

* * *

__________________

(١) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج : ٥٦٣ ـ مؤسسة الطباعة والنشرـ وزارة الثقافة والارشاد ـ ايران.

١٢٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الهادي عليه السلام

نسبه الشريف :

هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ألقابه :

أشهر ألقاب الإمام أبي الحسن عليه‌السلام هو النقي والهادي ، وقيل : بل أشهرها المتوكل ، لكنه عليه‌السلام كان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عن هذا اللقب ، لكونه يومئذ لقباً لجعفر المتوكل بن المعتصم العباسي.

وعرف عليه‌السلام بالعسكري ، وكذلك ابنه الحسن عليه‌السلام الامام بعده ، نسبة إلى محلة العسكر التي كان يسكنها عليه‌السلام في سامراء ، وهو عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه (١).

قال الشيخ الصدوق : سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون : إنّ المحلّة التي

__________________

(١) راجع : الانساب / للسمعاني ٤ : ١٩٤ ، معجم البلدان ـ المجلد الثالث : ٣٢٨ ، الأئمّة الاثناعشر / لابن طولون : ١١٣.

١٢٣

يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر ، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري (١).

وقيل : هو اسم سرّ من رأى ، قال الفيروزآبادي : وعسكر اسم سر من رأى ، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ، وولده الحسن ، وماتا بها (٢).

وكان هو وولده العسكري وجده الجواد عليهم‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا (٣).

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام الهادي عليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة على كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته ، منها : المرتضى ، والعالم ، والدليل ، والموضح ، والرشيد ، والشهيد ، والوفي ، والنجيب ، والمتقي ، والخالص ، والناصح ، والفتاح ، والفقيه ، والأمين ، والطيب (٤).

قال الشاعر :

هو النقي لم يزل نقيا

وكان عند ربه مرضيا

وسره بكل معناه نقي

فإنه سر الوجود المطلق

__________________

(١) علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١ : ٢٣٠ ـ باب ١٧٦ ، معاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ٦٥ / ١٧ باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام ، بحار الأنوار ٥٠ : ١١٣ / ١ و ٢٣٥ / ١.

(٢) القاموس المحيط / الفيروزآبادي ـ عسكر ـ ٢ : ٩٢ ـ دار الجيل ـ بيروت.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٥ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، إعلام الورى ٢ : ١٣١.

(٤) الهداية الكبرى / الخصيبي : ٣١٣ ، المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٤٠١ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، دلائل الامامة : ٤١١ ، إعلام الورى ٢ : ١٠٩ و ١٣١.

١٢٤

فهو نقي السر والسريره

وسر جده بحكم السيره

وكيف لا وهو ابن من تدلى

في قربه من العلي الأعلى

ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه

مرآته نقية من الكدر

فما طغى قط وما زاغ البصر (١)

كنيته :

اشتهر الإمام الهادي عليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند المؤرخين والمحدثين ، هي أبو الحسن ، وقد يخصص فيقال له عليه‌السلام أبو الحسن الثالث ، اذ أن المشهور بين المحدثين في التعبير عنهم بأبي الحسن ثلاثة : موسى الكاظم ، وعلي الرضا ، وعلي الهادي عليهم‌السلام ، وإن شاركهم بعض باقي الأئمّة عليهم‌السلام في هذه الكنية ، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي فهو موسى الكاظم عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثاني فهو علي الرضا عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثالث فهو علي الهادي عليه‌السلام (٢).

ولادته :

ولد الامام علي الهادي عليه‌السلام في بصريا (٣) من أعمال المدينة ، للنصف من ذي الحجة سنة ٢١٢ هـ (٤) ، وعن شيخ الطائفة الطوسيفي المصباح ، قال : وروي أنه

__________________

(١) الأنوار القدسية / محمد حسين الأصفهاني : ٩٦.

(٢) التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام / السيد تاج الدين العاملي : ١٣٧.

(٣) وهي قرية بناها الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة. مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٣٢٨.

(٤) الارشاد ٢ : ٢٩٧ ، أصول الكافي١ : ٤٩٧ ، كشف الغمة ٣ : ١٦٦.

١٢٥

ولد عليه‌السلام يوم ٢٧ من ذي الحجة (١) ، وقيل : في رجب سنة ٢١٤ في ملك المأمون (٢) ، واختلف في اليوم من شهر رجب فقيل : انه ولد في الثاني منه (٣) ، وقيل : في الثالث منه (٤) ، وقيل : في الخامس منه (٥).

حليته :

وصف الامام الهادي عليه‌السلام بأنه شديد السمرة ، أدعج العينين ، شثن الكفين ، عريض الصدر ، أقنى الأنف ، أفلج الأسنان ، حسن الوجه ، طيب الريح ، جسيم البدن ، ولم يكن بالقصير المتردد ولا بالطويل الممغط ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس (٦) ، معتدل القامة (٧).

قال الشاعر :

ووجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن

__________________

(١) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام / السيد محسن الأمين ٤ : ١٧٣.

(٢) تذكرة الخواص : ٣٦٢ ، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٥ ، تاريخ بغداد ١٢ : ٥٧ / ٦٤٤٠ عن سهل بن زياد ، الأنساب / السمعاني ٤ : ١٩٤ دون ذكر الشهر.

(٣) مصباح الكفعمي : ٥٢٣.

(٤) دلائل الامامة : ٤٠٩ برواية عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام.

(٥) إعلام الورى ٢ : ١٣١.

(٦) الدعج : شدة سواد العين مع سعتها. الشثن : الغليظ الخشن. القصير المتردد : المفرط في القصر. الطويل الممغط : المفرط في الطول.

(٧) راجع : المناقب / ابن شهر آشوب ٤ : ٤٠٢ ، حياة الامام الهادي عليه‌السلام / جعفر شريف القرشي : ٢١ عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء ٣ : ٢٠ وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام : ١٥١.

١٢٦

بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء والصفات

طلعته مطلع نور النور

ومشرق الشموس والبدور

غرته في أفق الامامه

بارقة العزة والكرامه

نور الهدى والرشد في جبينه

بحر الندى والجود في يمينه

بل هي بيضاء سماء المعرفه

بها أضاء كل اسم وصفه

كلتا يديه مبدأ الأيادي

وفيهما آية المراد

ففي اليمين قلم العنايه

وفي الشمال علم الهدايه

واليمن والأمان في يمناه

واليسر واليسار في يسراه

وعينه باصرة البصائر

ونورها النافذ في الضمائر

بل عينه في النور والشعاع

إنسان عين عالم الابداع

بل هي في الضياء والبهاء

قرة عين عالم الأسماء (١)

نقش خاتمه :

كان له عليه‌السلام خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر : ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، أستغفر الله. وروي أن نقش خاتمه عليه‌السلام : هو الله ربي وهو عصمني من خلقه.

وفي مصباح الكفعمي : أن نقش خاتمه : حفظ العهود من أخلاق المعبود. وقيل في معناه : أن حفظ الامور التي عهد الله بها إلينا من فعل أو ترك من الأخلاق التي يحبها الله (٢).

__________________

(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني : ٩٦.

(٢) دلائل الامامة ٤ : ٤١١ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، نور الأبصار : ٣٣٤ ، مصباح الكفعمي : ٣٢٥ ، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٦.

١٢٧

بوابه :

بوابه عليه‌السلام : عثمان بن سعيد العمري. وعن ابن شهرآشوب : بوابه محمد بن عثمان العمري (١).

وكلاؤه :

أهم وكلاؤه عليه‌السلام المذكورين في مصادر الرجال : إبراهيم بن عبدة النيسابوري ، أيوب بن نوح بن دراج النخعي ، جعفر بن سهيل الصيقل ، الحسن ابن راشد ، زنكان أبو سليم ، علي بن جعفر الهمداني ، علي بن الريان بن الصلت الأشعري.

شاعره :

شعراؤه عليه‌السلام : العوفي والديلمي ومحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري (٢).

عمره ومدة إمامته :

عمره يوم وافاه الأجل احدى وأربعون سنة وستة أشهر أو أربعون سنة ، بحسب الاختلاف الذي مضى في ولادته عليه‌السلام ، فقد ولد في ذى الحجة سنة ٢١٢ هـ ، أو رجب سنة ٢١٤ هـ ، واستشهد عليه‌السلام في رجب أو جمادى الآخرة سنة ٢٥٤ هـ ، وعاش نحو ثمانية أعوام في ظلّ أبيه الإمام الجواد عليه‌السلام الذي استشهد سنة ٢٢٠ هـ ، ومدّة إمامته بعد أبيه نحو أربع وثلاثين سنة (٣).

__________________

(١) تأريخ الأئمّة / ابن أبي الثلج : ٣٣ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، نور الأبصار : ٣٣٤ ، المناقب / ابن شهر آشوب ٤ : ٤٠٣ ، دلائل الامامة : ٤١١.

(٢) الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ٤ : ١٧٤.

(٣) راجع : أصول الكافي١ : ٤٩٧ ـ باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من

١٢٨

أمه :

أمه عليه‌السلام أم ولد اسمها سُمانة ، ويقال لها أيضاً : سُمانة المغربية ، وقيل : متفرشة المغربية ، ومن أسمائها الأخرى : سوسن ، وجمانة. وكنيتها : أُم الفضل. ولقبها : السيدة (١).

وقد ورد في حقها ما يستفاد منه أنها كانت على درجة كبيرة من الفضائل والصفات الحميدة ، فضلاً عن معرفة حق الامام عليه‌السلام والتسليم بامامته وغير ذلك من المزايا التي بوأتها درجات أمهات الصديقين والصالحين.

روى أبو جعفر الطبري الامامي وغيره بالاسناد عن محمد بن الفرج بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر ، قال : دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام ، فأعلمني أن قافلة قد قدمت وفيها نخاس معه جوارٍ ، ودفع إلي سبعين ديناراً ، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي ، فمضيت وعملت بما أمرني به ،

__________________

كتاب الحجة ، الارشاد ٢ : ٢٩٧ و ٣١٣ ، تاج المواليد / الطبرسي : ١٣٤ ، المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٤٠١ ، دلائل الإمامة : ٤٠٩ ، كشف الغمة ٣ : ١٧٤ و ١٩٥ ، إعلام الورى ٢ : ١٣١ ، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٤٢ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٣٦ و ٢٣٨.

(١) أصول الكافي١ : ٤٩٨ ـ باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام من كتاب الحجّة ، إكمال الدين ١ : ٣٠٧ ـ باب ٢٧ ـ خبر اللوح ، الإرشاد ٢ : ٢٩٧ ، إثبات الوصية : ٢٢٠ ، دلائل الإمامة : ٤١١ ، المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٤٠١ ، كشف الغمة ٣ : ١٦٤ ، الهداية الكبرى / الخصيبي : ٣١٣ ، روضة الواعظين : ٢٤٦ ، إعلام الورى ٢ : ١٣١ و ١٠٩ ، نور الأبصار : ١٨١ ، الفصول المهمة : ٢ : ١٠٨٠ ، بحار الأنوار ٥٠ : ١١٤.

١٢٩

فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه‌السلام (١).

وعن محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار ، عن الامام الهادي عليه‌السلام ، أنه قال : « أمي عارفة بحقي ، وهي من أهل الجنة ، لا يقربها شيطان مارد ، ولا ينالها كيد جبار عنيد ، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام ، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين » (٢).

زوجته :

نقل عن بعض التواريخ أنه عليه‌السلام كانت له سرية لا غير (٣). وجاء في أغلب التواريخ أن زوجته عليه‌السلام اُمّ ولد ، يقال لها سوسن ، وتكنى اُمّ الحسن ، وأُم أبي محمّد ، وتعرف بالجدّة ، أي جدّة الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام.

ولها أسماء اُخرى ، فيقال لها : حُديث ، وحُديثة ، وسليل ، وسمانة ، وشكل النوبية ، وعسفان ، وقيل : ان سبب تعدد أسمائها لأنه قد جرت العادة على تغيير اسم الجواري عند شرائها. غير أن أشهر أسمائها : سوسن ، وحديث (٤).

__________________

(١) دلائل الإمامة : ٤١٠ / ٣٦٨.

(٢) دلائل الامامة : ٤١٠ / ٣٦٩ ، إثبات الوصية : ١٩٣.

(٣) مصباح الكفعمي : ٥٢٣ ، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٨.

(٤) راجع : أصول الكافي١ : ٥٠٣ ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة ، التهذيب / الشيخ الطوسي ٦ : ٩٢ ـ باب ٤٢ من كتاب المزار ، الإرشاد ٢ : ٣١٣ ، إكمال الدين : ٣٠٧ آخر الباب ٢٧ خبر اللوح ، إثبات الوصية : ٢٤٤ ، دلائل الإمامة : ٤٢٤ ، المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٥ ، روضة الواعظين : ٢٥١ ، تاريخ مواليد الأئمة عليهم‌السلام / ابن الخشاب : ١٩٩ ـ مطبوع ضمن مجموعة نفيسة ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، تذكرة

١٣٠

ورجح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل حيث قال : ان اسمها على ما رواه أصحاب الحديث سليل ، وقيل : حديث ، والصحيح سليل ، وكانت من العارفات الصالحات (١).

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم ، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها ، رواه المسعودي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : « لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (٢).

وبعثها ولدها الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الديار المقدسة سنة ٢٥٩ هـ ، وأخبرها عما يناله سنة ٦٠ ، فأظهرت الجزع وبكت ، فقال عليه‌السلام : « لابد من وقوع أمر اللّه فلا تجزعي » (٣).

وفي صفر سنة ٢٦٠ هـ كانت في المدينة المنورة ، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق (٤) ، وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمام عليه‌السلام عادت إلى سامراء ، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع ولدها جعفر المعروف بالكذاب لمطالبته إياها بالميراث ، وسعايته بها إلى السلطان ، وكشف ما أمر اللّه ستره ، فضلاً عن أن بني العباس هجموا على دار الامام

__________________

الخواص : ٣٢٤ ، كشف الغمة ٣ : ٢٧١ ، إعلام الورى ٢ : ١٣١ ، تاج المواليد : ١٣٣ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٣٨.

(١) بحار الأنوار ٥٠ : ٢٣٨ / ١١.

(٢) إثبات الوصية : ٢٤٤.

(٣) إثبات الوصية : ٢١٧.

(٤) إثبات الوصية : ٢٥٣ ، مهج الدعوات : ٣٤٣ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٣١٣ و ٣٣٠.

١٣١

وفتّشوها وعرّضوا أهل بيته ومنهم السيدة سوسن الى أشدّ المضايقات والتنكيل (١).

وتوفيت السيدة سوسن في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب زوجها وولدها الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال : الدار داري لا تدفن فيها (٢).

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح قال : لمّا ماتت الجدَّة ـ أم الحسن العسكري ـ أمرت أن تُدفن في الدار؟ فنازعهم جعفر وقال : لي الدار لا تُدفن فيها. فخرج الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال : « يا جعفر أدارك هي؟ » ثمّ غاب عنه ولم يره بعد ذلك (٣). ودفنت بجنب ولدها العسكري عليه‌السلام (٤).

وجاء في رواية أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان : أنّ أمّ العسكري عليه‌السلام ادّعت وصيته ، فقسم ميراثه بينها وبين أخيه جعفر ، وثبت ذلك عند القاضي (٥).

ولده :

ذكر المؤرخون أن له أربعة اولاد ، وهم : الحسن عليه‌السلام ، وهو الامام بعده ، ومحمد المتوفّى في حياة أبيه عليه‌السلام ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب. وقيل : إن له من الأولاد ثلاثة وهم : الحسن عليه‌السلام ، وجعفر ، وإبراهيم. وله بنت واحدة

__________________

(١) إكمال الدين : ٤٧٤ / ٢٥ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٣٣١ / ٣.

(٢) إكمال الدين : ٤٤٢ / ١٥.

(٣) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق ٢ : ٤٤٢ / ١٥.

(٤) إثبات الوصية : ٢١٧.

(٥) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق ١ : ٤٣ المقدّمة.

١٣٢

مختلف في اسمها ، فقيل : حكيمة ، أو عائشة ، أو علية ، أو عالية.

وعن الطبري : له بنتان وهما : عائشة ، ودلالة (١).

وفيما يلي نترجم لسيرة بعض أولاده عليه‌السلام.

١ ـ السيد محمد :

وهو أبوجعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي ، المتوفى نحو سنة ٢٥٢ هـ (٢) ، وكان من سادات أهل البيت عليهم‌السلام ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، قال السيد محسن الأمين : جليل القدر ، عظيم الشأن ، كانت الشيعة تظنّ أنه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام ، فلمّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي عليه‌السلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفّي ودفن قريبا منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد عليه‌السلام ثوبه ، وقال في جواب من لامه على ذلك : « قد شق موسى على أخيه هارون ». وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري

__________________

(١) راجع : الارشاد ٢ : ٣١٢ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٣٣ ، دلائل الإمامة : ٤١٢ ، اعلام الورى ٢ : ١٢٧ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٧٦ ، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : ١٣٨.

(٢) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكري عليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة ، وبما أن الامام العسكري عليه‌السلام ولد سنة ٢٣٢ ، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة ٢٥٢ هـ. راجع : اصول الكافي ١ : ٣٢٧ / ٨ ـ باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٣

في تشييد مشهده وتعميره ، وكان له فيه اعتقاد عظيم (١).

وجاء في الرواية : « أن أبا الحسن عليه‌السلام قد بسط له في صحن دار ، يوم توفي محمد ابنه ، والناس جلوس حوله يعزّونه ، من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش ومواليه ومن سائر الناس » (٢).

٢ ـ الحسين :

نُقل عن كتاب شجرة الأولياء : أن الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام ، وكان صوت الامام المهدي عليه‌السلام يشبه صوت عمه الحسين. وكان الناس يعبرون عنه وعن أخيه الامام الحسن العسكري بالسبطين تشبيهاً لهما بالامامين الحسن والحسين عليهما‌السلام. وكان له من الأولاد أربعة ، وقد رحلوا بعد وفاة أبيهم عن سامراء إلى مدينة لار من بلاد فارس في إيران ، فقتلوا بعد وصولهم إليها (٣).

٣ ـ جعفر الكذاب :

وكان صاحب فتنة وضلالة ، وقد أخبر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام عنه قبل ولادته ، وحذّروا شيعتهم من فتنته ، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي : « أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات اللّه عليه : من الحجة والإمام بعدك؟ فقال :

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٤ : ٢٩١ ـ دار التعارف للمطبوعات.

(٢) أصول الكافي١ : ٣٢٦ / ٨ باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

(٣) الامام الهادي من المهد إلى اللحد / محمد كاظم القزويني : ١٣٩ ـ مركز نشر آثار الشيعة ـ قم.

١٣٤

« ابني محمد ، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا ، وهو الحجة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له : يا سيدي ، كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال : حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب ، فسمّوه الصادق ، فإنّ للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً على اللّه وكذبا عليه ، فهو عند اللّه جعفر الكذاب المفتري على اللّه والمدّعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لأخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر اللّه عند غيبة ولي اللّه عز وجلّ ...

ثمّ قال : كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه ، والمغيب في حفظ اللّه ، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته ، وحرصا على قتله إن ظفر به ، طمعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقّه ... » (١).

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته ، ولم يروا أثرا للسرور على أبي الحسن عليه‌السلام ، روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن صالح بن محمد بن عبد الله ، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم ، قالت : كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر ، فرأيت أهل الدار قد سروا به ، فصرت إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فلم أره مسروراً بذلك. فقلت له : يا سيدي ، ما لي

__________________

(١) علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١ : ٢٣٤ / ١ ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ ١٣٨٥ هـ ، إكمال الدين : ٣١٩ / ٢ باب ٣١.

١٣٥

أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقال عليه‌السلام : « هون عليك أمره ، فإنّه سيضلّ خلقا كثيرا » (١).

وقد تحقق ما قاله أهل البيت عليهم‌السلام عن فتنته وضلالته ، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة :

١ ـ الايعاز إلى الدولة باحتمال وجود الإمام المهدي عليه‌السلام ، فبدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمام عليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهدي عليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب اللّه تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيد رحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب بعد شهادة أخيه الحسن عليه‌السلام بقوله : « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه‌السلام أخذ تركته ، وسعى في حبس جواري أبي محمد عليه‌السلام واعتقال حلائله ، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته ، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم ، وجرى على مخلّفي أبي محمد عليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة ، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أخيه أبي محمد عليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه ، فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ولا اعتقده فيه ، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه ، وبذل مالاً جليلاً ، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به ، فلم

__________________

(١) إكمال الدين : ٣٢١ / آخر الحديث ٢ باب ٣١ ، الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٢٦ / ١٩٣.

١٣٦

ينتفع بشيءٍ من ذلك » (١).

٢ ـ ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسن عليه‌السلام كذبا وزورا ، فأضلّ خلقا كثيرا ، فخرجت عن الإمام المهدي عليه‌السلام عدّة تواقيع تنبّه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه ، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات ، منها على يد أحمد ابن إسحاق الأشعري ، وعلى يد محمد بن عثمان العمري (٢) ، فجفته الشيعة بعد أن بان كذبه وافتراؤه ، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيداللّه ابن يحيى بن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول : يا أحمق ، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتّبك مراتبهم ولا غير السلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا ... (٣).

وحمل جعفر عشرين ألف دينار إلى المعتمد ، طالبا منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان (٤).

٣ ـ ادعاؤه استحاق التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم

__________________

(١) الارشاد ٢ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٥ ، إعلام الورى ٢ : ١٥١ ـ ١٥٢ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٩٣.

(٢) راجع : إكمال الدين : ٤٨٣ / ٤ ـ باب ٤٥ ، الغيبة / للشيخ الطوسي : ٢٩٠ / ٢٤٧.

(٣) اُصول الكافي ١ : ٥٠٥ / ١ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد ٢ : ٣٢٤.

(٤) إكمال الدين : ٤٧٩ ، الخرائج والجرائح ٣ : ١١٠٩.

١٣٧

العسكري عليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

اخوته :

للامام الهادي عليه‌السلام أخ واحد هو موسى المبرقع ، وقيل اثنان : موسى والحسن. وله من الأخوات ست : زينب ، وأم محمد ، وميمونة ، وخديجة ، وحكيمة ، وأم كلثوم.

وقيل خمس : فاطمة ، وأمامة ، وحكيمة ، وخديجة ، وأم كلثوم.

وقيل أربع : حكيمة ، وبريهة ، وأُمامة ، وفاطمة.

وقيل ثلاث : زينب ، وأم محمد ، وميمونة. وقيل : خديجة ، وحكيمة ، وأم كلثوم.

وقيل اثنان : فاطمة ، وأُمامة (١).

موسى المبرقع :

ولد موسى المبرقع ونشأ في المدينة مع أبيه الجواد عليه‌السلام ، وبعد شهادة أبيه انتقل إلى الكوفة فتوطن فيها مدة ، ثم هاجر إلى قم ، فوردها سنة ٢٥٦ هـ فتوطن فيها ، وكان من أهل الحديث والدراية ، وإليه ينتهي نسب السادة الرضويين ، توفي في ربيع الآخر سنة ٢٩٦ هـ ودفن في بيته.

قال أبو علي الحسين بن محمد بن نصر بن سالم : إن أول من ورد قماً من السادات الرضوية هو موسى بن الامام محمد الجواد عليه‌السلام ، جاء إليها من الكوفة ،

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٩٥ ، دلائل الامامة : ٣٩٧ ، مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٣٨٠ ، إعلام الورى ٢ : ١٠٦ ، تاج المواليد : ١٣٠ ، تذكرة الخواص : ٣٥٩ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٠ ، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ١٩٩.

١٣٨

ثم أخرجه أهلها لأمور صدرت منه ، فذهب إلى كاشان ، فأكرمه أحمد ابن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي ، وخلع عليه ، وقرر له في كل سنة ألف دينار ، فلما ورد الحسين بن علي بن آدم وشخص آخر من الكوفة إلى قم وبّخا أهلها على إخراجه ، فأرسلوا وراءه وأرجعوه إلى قم مكرماً ، ثم قصد عبد العزيز ابن أبي دلف فأكرمه ، وعين له وظيفة سنوية ، ثم طلب أخواته : زينب وأم محمد وميمونة بنات الامام محمد بن علي الجواد عليه‌السلام من الكوفة إلى قم ، فأقمن عنده حتى توفين في قم ، ودفن بقرب قبر السيدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، وأقام موسى المبرقع في قم حتى توفى بها ، فصلى عليه أميرها عباس بن عمرو الغنوي.

وكان موسى يلقي على وجهه برقعاً ، ولذلك قيل له المبرقع لجمال وجهه الباهر ، ولعل ذلك هو السبب في إخراجه من قم ، لأنّ أهلها لم يعرفوه ، فكانوا في شك وريبة من أمره ، لكن عندما عرفوه أكرموه ، وقبره اليوم معروف يزوره الكثيرون ، ولموسى المبرقع ولدان : محمد وأحمد ، واختلف النسابون في بقاء عقب لمحمد ، فاختار الدينوري أن بني الخشاب من أولاد محمد ، وأكثر النسابين على خلافه ، أي إنه لا عقب له ، وأما بقية ذرية الامام محمد الجواد عليه‌السلام فهم جميعاً بإجماع النسابين من أحمد بن موسى المبرقع (١).

السيدة حكيمة :

وكانت جليلة القدر ، عالية الشأن ، أوكل إليها أخوها الإمام الهادي عليه‌السلام جاريته نرجس كي تعلمها معالم الدين وأحكام الشريعة وتؤدّبها بالآداب

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٠ : ١٩٤.

١٣٩

الإلهية. ثم ان الإمام الهادي عليه‌السلام زوج نرجس من ولده الإمام العسكري عليه‌السلام فكانت أم الإمام المهدي المنتظر لاقامة دولة الحق عليه‌السلام ، وقامت حكيمة بمهمّة القابلة لاُمّه ليلة ولادته ، واضطلعت بدور مهم بعد شهادة أخيها الحسن العسكري عليه‌السلام حيث كانت تستلم الكتب والرسائل وتوصلها إلى الإمام عليه‌السلام ، ثم تستلم منه الأجوبة والتوقيعات وتوصلها إلى شيعته.

توفيت السيدة حكيمة في مدينة سامراء ، ودفنت عند رجلي الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، وقبرها مشهور مزور (١).

* * *

__________________

(١) أصول الكافي١ : ٣٣٠ / ٣ ، اكمال الدين ٢ : ٤٢٤ و ٤٣٣ ، الإرشاد ٢ : ٣٥١ ، الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٣٤ / ٢٠٤ ، بحار الأنوار ١٠٢ : ٧٩.

١٤٠