حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل - ج ١

باقر شريف القرشي

حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل - ج ١

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار البلاغة
المطبعة: دار البلاغة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

قتلوا يوم ذاك إذ قتلوه

حكما لا كغابر الحكام

راعيا كان مسجحا ففقدنا

ه وفقد المسيم هلك السوام

واشتت بنا مصادر شتى

بعد نهج السبيل ذي الآرام

جرد السيف تارتين من الده

ر على حين درة من صرام

في مريدين مخطئين هدى الل

ه ومستقسمين بالازلام

وانبرى الى ذكر الامام الحسن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (ص) قال :

ووصي الوصي ذي الخطة الفض

ل ومردي الخصوم يوم الخصام

وعرج بعد ذلك الى ذكر مأساة الامام الحسين (ع) تلك المأساة المروعة التي تركت اعظم اللوعة والاسى في النفوس قال :

وقتيل بالطف غودر منه

بين غوغاء أمة وطغام

وحينما سمع الامام أبو جعفر (ع) هذا البيت تناثرت دموعه ، وبكى ، وقال له : ـ كما قال رسول الله (ص) لحسان بن ثابت ـ لا زلت مؤيدا بروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت (٢٨).

ويستمر الكميت في تلاوة رثائه للامام الحسين (ع) يقول :

تركب الطير كالمجاسد منه

مع هاب من التراب هيام

وتطيل المرزآت المقالي

ت عليه القعود بعد القيام

يتعرفن حر وجه عليه

عقبة السرو ظاهرا والوسام

قتل الادعياء إذ قتلوه

أكرم الشاربين صوب الغمام

وعرض بعد ذلك الى محمد بن الحنفية قال :

وسمي النبي بالشعب ذي الخي

ف طريد المحل بالاحرام

__________________

(٢٨) قصص العرب ٢ / ٢٦٩ ، مروج الذهب ٢ / ١٩٥.

٣٤١

يشير بذلك الى ما تعرض إليه محمد من التنكيل من قبل ابن الزبير لانه امتنع من بيعته ، فحصره بالخيف ، وهدده ومن معه بالحرق ان لم يبايعوه ، وذكر بعد ذلك الشهيد العظيم أبا الفضل العباس بن الامام امير المؤمنين (ع) الذي استشهد دفاعا عن أخيه سيد الاحرار الامام الحسين (ع) يقول :

وأبو الفضل إن ذكرهم الحل

وبني الشفاء للاسقام (٢٩)

ويعرض بعد ذلك الى مدى ولائه العميق لأهل البيت (ع) يقول :

فبهم كنت للبعدين عما

واتهمت القريب أي اتهام

صدق الناس في حنين بضرب

شاب منه مفارق القمقام

وتناولت من تناول بالغي

بة أعراضهم وقل اكتتام

ورأيت الشريف في اعين الن

اس وضيعا وقل منه احتشامي

معلنا للمعالنين مسرا

للمسرين غير دحض المقام

مبديا صفحتي على المرقب المع

لم بالله عزتي واعتصامي

ما أبالي اذا حفظت أبا القا

سم فيهم ملامة اللوام

لا أبالي ولن أبالي فيهم

أبدا رغم ساخطين رغام

فهم شيعتي وقسمي من الا

مة حسبي من سائر الاقسام

إن أمت لا أمت ونفسي نفسا

ن من الشك في عمى أو تعامي

__________________

(٢٩) في مقاتل الطالبيين ( ص ٨٤ ).

وأبو الفضل ان ذكرهم الحلو

شفاء النفوس من اسقام

قتل الادعياء اذ قتلوه

اكرم الشاربين صوب الغمام

وذكر شارح الهاشميات ان المراد بابي الفضل هو العباس عم النبي (ص) وهو اشتباه محض نشأ من قلة التتبع.

٣٤٢

عادلا غيرهم من الناس طرا

بهم لاهمام بي لاهمام

لم ابع ديني المساوم بالوك

س ولا مغليا من السوام

وعبر بهذه الابيات عن اصدق الولاء لبني هاشم ، فقد اخلص للبعيد الذي يخلص لهم وعادى القريب الذي يعاديهم ، وكان ذلك منتهى الايمان ، ولما بلغ الكميت الى قوله :

اخلص الله لي هواي فما اغ

رق نزعا ولا تطيش سهامي (٣٠)

قال له الامام : قل : « فقد أغرق نزعا ولا تطيش سهامي » التفت الكميت الى النكتة في ذلك ، فقال للإمام : أنت أشعر مني في هذا المعنى ، ولما فرغ الكميت من انشاد رائعته توجه الامام نحو الكعبة ، واخذ يدعو له قائلا :

« اللهم ارحم الكميت ، واغفر له. »

وكرر الدعاء بالمغفرة له ثلاث مرات ، ثم قال له : يا كميت هذه مائة الف قد جمعتها لك من أهل بيتي ، فابى الكميت من قبولها ، واعتذر بأنه يطلب المكافأة من الله تعالى ، وطلب من الامام (ع) أن يتكرم عليه بقميص من قمصه ، فاعطاه ذلك (٣١).

وخرج الكميت من الامام فقصد عبد الله بن الحسن فانشده رائعته فاعجب بها عبد الله وقال له :

__________________

(٣٠) النزع : جذب الوتر بالسهم ، الاغراق في النزع : مثل يضرب للغلو والافراط ، فقوله : فما اغرق نزعا لا يناسب المقام لان معناه انه لا يبالغ في محبة أهل البيت (ع) مع أن المناسب المبالغة فيها فلهذا غير الامام الشعر من النفي الى الايجاب.

(٣١) اعيان الشيعة ١ / ٤ / ٥١٥ ـ ٥١٦.

٣٤٣

« يا أبا المستهل ان لي ضيعة أعطيت فيها اربعة آلاف دينار ، وهذا كتابها ، وقد اشهدت بذلك شهودا .. »

وناوله الكتاب ، فانبرى الكميت قائلا :

« بأبي أنت وأمي اني كنت أقول : الشعر في غيركم أريد به الدنيا ، ولا والله ما قلت : فيكم إلا لله ، وما كنت لأخذ على شيء جعلته لله مالا ولا ثمنا .. »

فالح عليه عبد الله ، فأخذ الكميت الكتاب ، ومضى أياما ، ثم قصد عبد الله فقال له :

« إن لي حاجة »

« ما هي؟ كل حاجة لك مقضية »

« كائنة ما كانت؟ » « نعم »

« هذا الكتاب تقبله ، وترجع الضيعة .. »

وناوله الكتاب فقبله عبد الله ، ونهض عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر فاخذ جلدا ودفعه الى اربعة من غلمانه ، وجعل يدخل دور بني هاشم وهو يرفع عقيرته قائلا :

« يا بني هاشم ، هذا الكميت قال : فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم ، وعرض دمه لبني أمية فاثيبوه بما قدرتم .. »

واخذ العلويون يطرحون في الجلد ما يقدرون عليه من الدنانير والدراهم ، وعلمت السيدات من العلويات فكن يبعثن إليه ما يتمكّن عليه حتى كانت العلوية تخلع الحلي من جسدها ، وتدفعه ، واجتمع عنده من المال ما قيمته مائة الف درهم ، فجاء بها الى الكميت ، وقال له :

٣٤٤

« يا أبا المستهل اتيناك بجهد المقل ، ونحن في دولة عدونا ، وقد جمعنا هذا المال ، وفيه حلي النساء ، فاستعن به على دهرك .. »

وأبى الكميت من قبوله قائلا :

« بأبي أنتم وأمي قد اكثرتم ، واطيبتم ، وما أردت بمدحي اياكم إلا الله ورسوله ، ولم اك لآخذ ثمنا من الدنيا ، فاردده الى اهله .. »

وجهد عبد الله ان يقبل الكميت تلك الاموال فأبى وامتنع (٣٢).

اللامية من هاشمياته :

وانشد الكميت اللامية من هاشمياته أمام الامام أبي جعفر (ع) وقد أخذت منه مأخذا عظيما ، فقد تركت في نفسه اعظم الاثر ، فقد عرض فيها الى الاحداث السياسية المؤلمة في ذلك العصر ، وما حل بأهل البيت (ع) من صنوف التنكيل والارهاق يقول في أولها :

ألا هل عم في رأيه متأمل

وهل مدبر بعد الاساءة مقبل

وهل أمة مستيقظون لرشدهم

فيكشف عنه النعسة المتزمل

فقد طال هذا النوم واستخرج الكرى

مساويهم لو كان ذا الميل يعدل

ودعا الكميت بهذه الابيات المسلمين الى اليقظة من سباتهم ، واهاب بهم من الجمود والخمول ، وقد حفزهم على الثورة للتخلص من ظلم الامويين وجورهم فقد جهدوا على الاستبداد بشئون الناس وارغامهم على ما يكرهون ، ويقول الكميت في هذه الرائعة :

وعطلت الاحكام حتى كأننا

على ملة غير التي نتنحل

كلام النبيين الهداة كلامنا

وأفعال أهل الجاهلية نفعل

__________________

(٣٢) مروج الذهب ٢ / ١٩٥.

٣٤٥

رضينا بدنيا لا نريد فراقها

على أننا فيها نموت ونقتل

ونحن بها مستمسكون كأنها

لنا جنة مما نخاف ونعقل

وعرض في البيت الاول الى تعطيل الامويين للاحكام الدينية ، وتجميدهم لمبادئ الاسلام حتى صار المسلمون بشكل مؤسف كأنهم قد انتحلوا دينا غير دين الاسلام.

اما البيت الثاني فقد قدح فيه ولاة الحكم الاموي ، وانهم يقولون : كلام الهداة المصلحين إلا ان اعمالهم تتجافى مع اقوالهم ، فهم يعملون أعمال اهل الجاهلية الاولى اما البيتان الاخيران فانه يعزو فيهما الحالة الراهنة التي منى بها المسلمون الى حبهم للحياة وايثارهم للعافية ، وتمسكهم بالدنيا ، فلم يهبوا للجهاد والثورة على الحكم الاموي ويقول الكميت :

فتلك أمور الناس أضحت كأنها

امور مضيع آثر النوم بهّل

فباساسة هاتوا لنا من حديثكم

ففيكم لعمري ذو أفانين مقول

أأهل كتاب نحن فيه وانتم

على الحق نقضي بالكتاب ونعدل

ويعرض في البيت الاول الى اهمال احكام الامويين لشؤون الرعية حتى غدت كأنها الابل المهملة تسرح ولا راعي لها يحفظها من الضياع ، ويسأل في البيتين الاخيرين اولئك الساسة القابضين على زمام الحكم ، هل انهم اهل كتاب يقضون بالحق ، وعلى ضوئه يسوسون شئون رعيتهم؟ واذا كانوا كذلك فما بالهم قد شذوا في سياستهم عن الدين ، وابتعدوا عن تعاليمه.

ويستمر الكميت في محاسبة الامويين ، وتحميلهم المسئولية عما اصاب الامة من الظلم والجور ، ويعدد مثالبهم ، ويدعو المسلمين الى الانتفاضة على حكمهم ، وبعد ذلك عرج على رثاء أبي الاحرار الامام الحسين عليه‌السلام قائلا :

٣٤٦

كأن حسينا والبهاليل حوله

لاسيافهم ما يختلي المتبقل

يخضن به من آل احمد في الوغى

وما ظل منهم كالبهيم المحجل

وغاب نبي الله عنهم وفقده

على الناس رزء ما هناك مجلل

لقد كان الكميت صادق اللهجة والعاطفة في رثائه للحسين (ع) ، وقد تركت ابياته اعظم الاثر في نفس الامام أبي جعفر (ع) ولما انتهى الكميت الى هذا البيت :

يصيب به الرامون عن قوس غيرهم

فيا آخرا أسدى له الغي أول

وقد اراد الكميت بهذا البيت ان جميع ما حل بأهل البيت (ع) من الرزايا والخطوب فانه يستند الى الصدر الاول فانهم هم الذين سمحوا للأمويين أن يقفزوا الى الحكم ، ومكنوهم من رقاب المسلمين ، ولما سمع الامام (ع) هذا البيت بلغ به الحزن اقصاه ، ورفع يده الى السماء. وجعل يدعو للكميت قائلا : « اللهم اغفر للكميت » (٣٣).

الى هنا ينتهي بنا الحديث عن لامية الكميت ، وقد جاء فيها أنه قد رثا الامام ابا جعفر (ع) حيث يقول :

أ موتا على حق كمن مات منهم

ابو جعفر دون الذي كنت تأمل

ومن المؤكد انه نظم هذا البيت وما بعده بعد وفاة الامام أبي جعفر عليه‌السلام والحق ذلك بلاميته.

العينية من هاشمياته :

وهذه رائعة أخرى من هاشمياته ، وقد وفد على الامام أبي جعفر (ع) ليتلوها عليه فقال له : إني قد قلت شعرا ان اظهرته خفت القتل ، وان كتمته خفت الله تعالى ، ثم انشد الامام (ع) هذه الرائعة :

__________________

(٣٣) اخبار شعراء الشيعة للمرزباني ( ص ٧٢ ).

٣٤٧

نفى عن عينك الارق الهجوعا

وهم يمتري منها الدموعا

دخيل في الفؤاد يهيج سقما

وحزنا كان من جذل منوعا

لفقدان الخضارم من قريش

وخير الشافعين معا شفيعا (٣٤)

ووصف في هذه الابيات ما حل به من هم مقيم ، وآلام عميقة جعلته دائما ارقا لا يألف إلا الحزن والاسى ، وذلك لما حل باسياده العلويين من الرزايا والخطوب ، فقد كوت قلبه ، وجعلته هائما في تيارات مذهلة من الاسى والشجون.

ويقول الكميت في عينيته يصف سيده الامام أمير المؤمنين (ع) :

لدى الرحمن يصدع بالمثاني

وكان له أبو حسن قريعا

حطوطا في مسرته ومولى

الى مرضاة خالقه سريعا

وأصفاه النبي على اختيار

بما أعيى الرفوض له المذيعا

ويوم الدوح دوح غدير خم

أبان له الولاية لو اطيعا

ولكن الرجال تبايعوها

فلم ار مثلها خطرا مبيعا (٣٥)

فلم ابلغ بها لعنا ولكن

أساء بذاك أولهم صنيعا

فصار بذاك أقربهم لعدل

الى جور واحفظهم مضيعا

اضاعوا أمر قائدهم فضلوا

واقومهم لدى الحدثان ريعا

تناسوا حقه وبغوا عليه

بلا ترة وكان لهم قريعا (٣٦)

وعرض الكميت في هذه القطعة من قصيدته الى الامام امير المؤمنين عليه‌السلام فذكر مناصرته للنبي (ص) حينما فجر دعوته المشرقة ،

__________________

(٣٤) الخضارم : السادة الكرماء.

(٣٥) في بعض النسخ ( فلم ار مثلها حقا اضيعا ).

(٣٦) القريع : المختار يقال : اقترعه اي اختاره.

٣٤٨

فقد كان الامام الى جانبه يحميه ويذب عنه ، ويرد عنه كيد المعتدين والظالمين ، وكان الامام (ع) في جهاده ودفاعه لا يبتغي إلا وجه الله ، ولا يلتمس إلا الدار الآخرة ، ونظرا لما يتمتع به الامام (ع) من الطاقات الروحية الهائلة فقد اصطفاه النبي (ص) وجعله وزيرا وخليفة من بعده ، اعلن ذلك في مؤتمره العام الذي عقده في غدير خم ، فقلده وسام الخلافة والامامة ، وقال فيه : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله » (٣٧) ومن المؤسف ـ حقا ـ ان هذه البيعة التي عقدها الله ورسوله للامام امير المؤمنين القائد الاول للمسيرة الاسلامية لم تتفق مع رغبات القوم وميولهم فعقدوا مؤتمر السقيفة ، وتجاهلوا بيعتهم للإمام وتناسوا مقامه ، وقد حفلت مصادر التأريخ بذكر الحادث المؤلم ، وتفصيل شئونه :

ومضى الكميت في رائعته يقول :

فقل لبني أمية حيث حلوا

وإن خفت المهند والقطيعا

إلا اف لدهر كنت فيه

هدانا طائعا لكم مطيعا (٣٨)

اجاع الله من اشبعتموه

واشبع من بجوركم اجيعا

ويلعن فذ أمته جهارا

اذا ساس البرية والخليعا

بمرضي السياسة هاشمي

يكون حيا لأمته مريعا

وليثا في المشاهد غير نكس

لتقويم البرية مستطيعا

__________________

(٣٧) حديث الغدير متواتر اجمع المسلمون على روايته ، وذكرته الصحاح كافة.

(٣٨) الهدان : الجبان.

٣٤٩

يقيم أمورها ويذب عنها

ويترك جدبها أبدا مريعا (٣٩)

وعرض الكميت في هذه الابيات لبني أمية فدعا بالجوع والحرمان على عملائهم واذنابهم الذين اتخمت بطونهم من أموال الامويين وهباتهم ، كما دعا لمن حرمتهم السلطة الأموية من العطاء بالثراء وسعة العيش ، كما عرض لبني هاشم ، وانهم ساسة الأمة ، وانها في ظلال حكمهم تجد الرفاهية ، والعيش الرغيد.

ويقول المؤرخون إن الامام أبا جعفر (ع) : لما سمع هذه القصيدة العصماء اخذ منه الاعجاب مأخذا عظيما ، وانطلق يقول :

« اللهم اكف الكميت. »

وكرر الامام هذا الدعاء ثلاث مرات ، وقد انجاه الله ببركة دعائه فتخلص من سجن الامويين (٤٠).

نضاله المرير :

وناضل الكميت نضالا مريرا في الدفاع عن عقيدته ، والذب عن مبادئه ، وقد انطلق كالمارد الجبار في احلك الظروف ، وأشدها قسوة ومحنة على أهل البيت (ع) فأخذ يذيع مآثرهم ، ويشيد بفضائلهم ، ويدعو الناس الى الالتفاف حولهم ، ويدفعهم الى التمرد على الحكم الاموي ، والتخلص من جوره وطغيانه.

لقد قام الكميت بدور ايجابي وفعال في زعزعة الكيان الأموي ، واسقاط هيبته ، وكان من ابرز ما قام به في هذا المجال ما يلي :

__________________

(٣٩) الهاشميات ( ص ٨١ ـ ٨٢ ).

(٤٠) اخبار شعراء الشيعة ( ص ٧٢ ـ ٧٣ ).

٣٥٠

١ ـ مدحه لأهل البيت :

ومدح الكميت أهل البيت (ع) مدحا عاطرا ، وعدد مناقبهم ومآثرهم في هاشمياته التي هي من أثمن اللوحات الفنية في الأدب العربي ، وقد لعبت دورا خطيرا في بلورة الوعي العربي والاسلامي ، وأوجدت شعورا عاما يتسم بالكراهية والبغض لبني أمية.

لقد مدح الكميت أهل البيت (ع) في وقت كانت الحكومة الأموية قد منعت منعا رسميا الاشادة بهم ، وفرضت سبهم على المنابر والمآذن ، وأوعزت الى معاهد التعليم القيام بتغذية النشىء ببغضهم ، كما عهدت الى لجان الوضاعين بافتعال الحديث للحط من شأنهم ، وفرضت أشد العقوبات واكثرها صرامة على من يذكرهم بخير ، فقيام الكميت بمدحهم يعتبر من ابرز الوان النضال الديني لأنه قد قاوم رغبات السلطة ، وناهض سياستها.

٢ ـ هجاء الأمويين :

وقام الكميت بدور خطير في مناهضة الأمويين ، فقد هجا ملوكهم ، وعدد مثالبهم وابرزهم في شعره كأقذر مخلوق ، وقد حفظ الناس ما قاله فيهم ، فزهدوا في بني أمية ، ونقموا على حكمهم وسلطانهم ، ويعتبر هجاؤه لهم من الاسباب التي اطاحت بملكهم ومن قوله فيهم :

فقل لبني أمية حيث حلوا

وإن خفت المهند والقطيعا

اجاع الله من اشبعتموه

واشبع من بجوركم اجيعا

وقد قرأ هذه الابيات على الامام أبي جعفر (ع) فدعا له بالمغفرة والرضوان (٤١) وهجا هشام بن عبد الملك بقوله :

__________________

(٤١) معجم الشعراء ( ص ٣٤٨ ).

٣٥١

يصيب على الأعواد يوم ركوبها

لما قال فيها مخطئ حين ينزل

كلام النبيين الهداة كلامنا

وافعال أهل الجاهلية نفعل (٤٢)

ولم يقتصر الكميت في هجائه على الأمويين ، وإنما هجا انصارهم واعوانهم فقد هجا الحكيم بن عياش الكلبي ، وقد اعتز الكميت في هجائه ببني أمية ، وكان ذلك موضع دهشة واستغراب.

وقد خف إليه ولده المستهل فانكر عليه اعتزازه ببني أمية قائلا : « يا ابة انك هجوت الكلبي ، وغمزت عليه ، ففخرت ببني أمية ، وأنت تشهد عليهم بالكفر ، فهلا فخرت بعلي وبني هاشم الذين تتولاهم؟!! »

فأجابه الكميت جواب العالم الخبير قائلا :

« يا بني أنت تعلم انقطاع الكلبي الى بني أمية ، وهم اعداء علي ، فلو ذكرت عليا لترك ذكري ، واقبل على هجائه فاكون قد عرضت عليا له ، ولا أجد له ناصرا من بني أمية ، ففخرت عليه ببني أمية وقلت : ان نقضها علىّ قتلوه ، وإن امسك قتلته غما وغلبته .. »

وكان كما قال الكميت : فقد امسك الكلبي من جوابه إلا انه ترك الحزن والأسى يحزان في نفسه (٤٣).

٣ ـ اثارة العصبية بين اليمنية والنزارية :

وقام الكميت بدور خطير في تحطيم الدولة الأموية فقد القى الخصومة واجج نار الفتنة بين اليمانية والنزارية ، وهما من أهم القبائل العربية عددا ونفوذا ، وكانتا من اعظم المؤيدين للحكم الأموي ، وقد هجا الكميت في شعره اليمانيين وعدد مثالبهم فلم يترك حيا من احيائهم إلا هجاه بأقسى

__________________

(٤٢) معجم الشعراء ( ص ٣٤٨ ).

(٤٣) الاغاني ١٥ / ١٢٩.

٣٥٢

ألوان الهجاء ، اما سبب هجائه لهم فقد روى المسعودي أنه قصد عبد الله ابن الحسن فطلب منه أن ينشىء شعرا يثير به حفائظ النفوس بين العرب لعل فتنة تحدث فتكون سببا الى زوال دولة الامويين فاستجاب الكميت ، وانطلق ينظم قصائد من الشعر الحماسي الرائع يمجد فيها اليمانيين ، ويذكر مناقبهم ، ويهجو القحطانيين ، ومما قاله :

لنا قمر السماء وكل نجم

تشير إليه أيدي المهتدينا

وجدت الله اذ سمى نزارا

واسكنهم بمكة قاطنينا

لنا جعل المكارم خالصات

وللناس القفا ولنا الجبينا

وأثر شعره فى القلوب تأثيرا عظيما ، حتى ثارت الحفائظ بين القبيلتين ، وشاع البغض والعداء بينهما ، وانتصر للقحطانيين شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي ، واكبر الظن أنه كان بينهما اتفاق سري على ذلك ، فانهما معا من شعراء أهل البيت (ع) وكل منهما قد ضرب الرقم القياسي في الولاء لهم ، ومما قاله دعبل في الرد على الكميت :

افيقي من ملامك يا ظعينا

كفاك اللوم مر الأربعينا

ألم تحزنك أحداث الليالي

يشيبن الذوائب والقرونا

أحي الغر من سروات قومي

لقد حييت عنا يا مدينا

فان يك آل اسرائيل منكم

وكنتم بالاعاجم فاخرينا

الى أن يقول :

وما طلب الكميت طلاب وتر

ولكنا لنصرتنا هجينا

لقد علمت نزار أن قومي

الى نصر النبوة فاخرينا

واخذت كل قبيلة تفتخر على الأخرى وتدلي بمناقبها ومكارمها ، وتنتقص القبيلة الأخرى حتى اتسع العداء بينهما وشمل سكان القرى والبادية ،

٣٥٣

وقد تخربت القلوب ، وانفصمت عرى الوحدة بين الأسرتين ، ونتج من ذلك ان مروان بن محمد الجعدي آخر ملوك بني أمية قد تعصب للنزاريين ، مما سبب انحراف اليمانيين عن بني أمية ، وانضمامهم الى الدعوة العباسية ، وبذلك فقد انهارت الدولة الأموية (٤٤) ويقول أحمد امين : « وقتلت بعده ـ اي بعد الكميت ـ الدولة الأموية بقليل » (٤٥).

اعتقاله :

وشاع هجاء الكميت لليمانيين ، وصار أحدوثة الأندية والمجالس ، وبلغ ذلك حاكم الكوفة خالد بن عبد الله القسري ، وكان يتعصب لليمانيين ، فقال : والله لأقتلنه ، ويقول المؤرخون : إنه اشترى جارية في نهاية الحسن ، فرواها هاشميات الكميت ، فلما حفظتها أهداها الى هشام ابن عبد الملك ، وكتب إليه باخبار الكميت ، وهجائه لبني أمية ، وانفذ إليه قصيدته التي يقول فيها :

فيا رب هل إلا بك النصر يبتغى

ويا رب هل إلا عليك المعول

وهي قصيدة طويلة يرثى فيها الشهيد العظيم زيد بن علي ، وابنه الشهيد الخالد الحسين بن زيد ، كما يمدح فيها بني هاشم ، ولما وصلت الى هشام ، وقرئت عليه غضب كأشد ما يكون الغضب ، فكتب الى خالد يأمره بقطع لسان الكميت ويده ، وأوعز خالد القسري الى الشرطة باعتقاله ، فألقت عليه القبض ، وأودع في السجن ، لينفذ فيه حكم الأعدام ، وبقي

__________________

(٤٤) حياة الامام موسى بن جعفر ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦ نقلا عن مروج الذهب.

(٤٥) ضحى الاسلام ٣ / ٢٠٦.

٣٥٤

في السجن حفنة من الأيام وهو يعاني قسوة السجن ومرارته (٤٦).

هربه من السجن ،

وبقي الكميت في السجن وجلا مضطربا قد طافت به الهموم والآلام فلا يدري متى ينفذ فيه حكم الاعدام؟ ويقول المؤرخون : انه كان له صديق حميم هو ابان بن الوليد العجلي ، وكان عاملا على واسط من قبل الأمويين ، فلما انتهت إليه انباء الكميت ارسل بالفور إليه غلامه ، وأمره بالاسراع إليه ، وحمله رسالة عرفه فيها بأن مصيره القتل ، وإنه لاخلاص له منه إلا بأن يحتال فيرسل بأسرع وقت خلف زوجته الى السجن ، ويلبس لباسها ، وتكون مكانه في السجن من حيث لا يعلم السجانون ، ويكون بذلك نجاته ، وفعل الكميت ذلك ، وهرب من السجن بعد أن لبس لباس زوجته وقد ظن السجان أنه زوجة الكميت فلم يفتشه ، وقد نجا بذلك من القتل المحتم وأنشا الكميت بعد هروبه هذين البيتين :

خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل

على الرغم من تلك النوائح والمشل

علي ثياب الغانيات وتحتها

عزيمة امر أشبهت سلة النصل (٤٧)

العفو عنه :

وبقى الكميت متواريا عن انظار السلطة متخفيا ، وهي تمعن بالتفتيش عنه إلا انها لم تهتد الى معرفته ، وقد عزم الكميت على مدح هشام وبني أمية لينجو مما هو فيه ، وقبل أن ينظم فيهم أرسل وردا ابن أخيه زيد الى الامام أبي جعفر (ع) يستأذنه فيما عزم عليه ، فاذن له الامام (ع)

__________________

(٤٦) الاغاني ١٥ / ١١٤.

(٤٧) مقدمة الهاشميات ( ص ١٧ ).

٣٥٥

وقفل ورد الى عمه فعرفه برضاء الامام (٤٨) واتجه الكميت مع جماعة من بني أسد الى دمشق ، فلما انتهوا إليها ، قصدوا جماعة من أشراف قريش ، واحاطوهم علما بالأمر ، فاجابوهم ، وخفوا جميعا سوى الكميت الى عنبسة بن سعيد بن العاص فقالوا له :

« يا أبا خالد هذه مكرمة أتاك الله بها ، هذا الكميت بن زيد لسان مضر ، وكان أمير المؤمنين قد كتب في قتله فنجا حتى تخلص إليك وإلينا .. »

واستجاب لهم عنبسة ، واتجه الى مسلمة بن هشام فقال له : يا أبا شاكر مكرمة أتيتك بها تبلغ بها الثريا ، فقال له مسلمة : ما هي؟ فأخبره بالأمر ، فأجاره مسلمة (٤٩) وشاع ذلك فلما بلغ هشام دعا بولده مسلمة فصاح به :

« اتجير على أمير المؤمنين بغير أمره؟ »

« كلا ولكني انتظرت سكون غضبه .. »

« احضرنيه الساعة فانه لا جوار لك .. »

وقام مسلمة من مجلس أبيه ، ومضى نحو الكميت ، فقال له : يا أبا المستهل ان أمير المؤمنين قد أمرني باحضارك ، فقال الكميت :

« أتسلمني يا أبا شاكر؟ .. »

« كلا .. »

ومهد مسلمة الطريق الى نجاته فقال له : ان معاوية بن هشام مات قريبا ، وقد جزع عليه جزعا شديدا ، فاذا كان من الليل فاضرب رواقك

__________________

(٤٨) مقدمة الهاشميات ( ص ١٧ ).

(٤٩) الغدير ٢ / ٢٠٦.

٣٥٦

على قبره ، وأنا أبعث لك بنيه يكونون معك في الرواق ، فاذا دعا بك تقدمت عليهم أن يربطوا ثيابهم بثيابك ، ويقولون : هذا استجار بقبر ابينا ، ونحن أحق باجارته ، ثم تركه وانصرف ، واتجه الكميت في الليل نحو قبر معاوية فضرب رواقه عليه ، ولما اصبح هشام تطلع من قصره إلى قبر ولده ، فقال : ما هذا؟ فقالوا : له لعله مستجير بالقبر ، فقال : يجار كل من كان إلا الكميت فانه لا جوار له ، فقيل له : إنه الكميت ، فأمر باحضاره ، فاحضر وقد ربط صبيان معاوية ثيابهم بثيابه ، فلما نظر إليهم هشام اغرق في البكاء ، وقد رفعت الصبية أصواتهم قائلين له : يا أمير المؤمنين استجار بقبر أبينا ، وقد مات ، ومات حظه من الدنيا ، فاجعله هبة له ولنا ، ولا تفضحنا فيمن استجار به ، فبكى هشام ، ثم اقبل على الكميت ، فقال له : أنت القائل؟

وإلا فقولوا : غيرها تتعرفوا

نواصيها تروى بنا وهي شزب

واعتذر الكميت ، فصاح به هشام فقال له :

ـ ايه يا كميت الست القائل :؟

فيا موقدا نارا لغيرك ضوؤها

ويا حاطبا في غير حبلك تحطب

ـ بل أنا القائل :

الى آل بيت أبي مالك

مناخ هو الأرحب الأسهل

نمت بارحامنا الداخلا

ت من حيث لا ينكر المدخل

بمرة والنضر والمالكين

رهط هم الأنبل الأنبل

وجدنا قريشا قريش البطاح

على ما بنى الأول الأول

ـ وأنت القائل :

لا كعبد المليك أو كوليد

او سليمان بعد أو كهشام

٣٥٧

من يمت لا يمت فقيدا ومن يح

ي فلا ذو إلّ ولا ذو ذمام

« ويلك يا كميت!! جعلتنا ممن لا يرقب في مؤمن إلاّ ولا ذمة .. »

قال الكميت : بل أنا القائل :

فالآن صرت الى أمية والأمور الى المصائر

والآن صرت بها الى المصيب كمهتد بالأمس حائر

قال هشام : الست القائل :؟

فقل لبني أمية حيث حلوا

وإن خفت المهند والقطيعا

أجاع الله من اشبعتموه

واشبع من بجوركم اجيعا

بمرضي السياسة هاشمي

يكون حيا لأمته ربيعا

قال الكميت : يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تمحو عني قولي الكاذب؟

ـ بما ذا؟

ـ بقولي الصادق :

اورثته الحصان أم هشام

حسبا ثاقبا ووجها نضيرا

وتعاطى به ابن عائشة البد

ر فامسى له رقيبا نظيرا

وكساه ابو الخلايف مروا

ن سناء المكارم المأثورا

لم تجهم له البطاح ولكن

وجدتها له معانا ودورا

وغزت هذه الأبيات قلب هشام ، وازالت عنه الغيظ فاستوى جالسا واخذ يبدي إعجابه بهذه الأبيات ، قائلا :

« هكذا فليكن الشعر!! قد رضيت عنك يا كميت. »

وشكره الكميت ، وطلب منه أن لا يجعل لخالد بن عبد الله القسري امارة عليه فأجابه الى ذلك ، وأمر له باربعين الف درهم ، وثلاثين ثوبا هشامية ، وكتب الى خالد ان يخلي سبيل امرأته ، ويعطيها عشرين الف درهم ،

٣٥٨

وثلاثين ثوبا ، ففعل خالد (٥٠).

لقد استطاع الكميت أن يتغلب على الأحداث بلباقته ، وقوة بيانه ، وبليغ منطقه ، وتماسك شخصيته ، فلم ينهار أمام الطاغية هشام ، ولم يراوده الخوف والفزع ، وإنما كان كالجبل في صلابة إرادته ، وقوة عزيمته ، ولم يكتف بما ظفر به من السلامة والنجاة ، وإنما طلب من هشام أن لا يجعل لحاكم الكوفة عليه سلطانا وسبيلا ، ويتركه وحريته فيما يقول ويعمل.

عتاب واعتذار :

ووفد الكميت على الامام أبي جعفر (ع) فرحب به ، وقرب مجلسه ، وتبسم في وجهه وعاتبه عتابا رقيقا قال له :

يا كميت أنت القائل :؟

فالآن صرت الى أمي

ة والأمور الى المصائر

واعتذر الكميت ، وأجاب جواب العالم الفقيه قائلا :

« نعم قد قلت : ذلك ، ولا والله ما أردت به الا الدنيا ، لقد عرفت فضلكم .. »

ومنحه الامام الباقر الرضا والقبول ، وقال له : اما ان قلت : ذلك تقية ان التقية لتحل (٥١) وهذا إنما يتم بناء على عدم استئذانه من الامام في مدح الأمويين لقد كان الكميت صادق المودة والولاء لأهل البيت عليه‌السلام وقد امتحن في سبيلهم كأعظم ما يكون الامتحان فتعرض لسخط الامويين ونقمتهم ، وقضى شطرا من حياته في السجن ، يلاحقه الفزع والرعب ،

__________________

(٥٠) الاغاني ١٥ / ١١٥ ـ ١١٩ ، العقد الفريد ١ / ١٨٩.

(٥١) الاغاني ١٥ / ١٢٦.

٣٥٩

وهو لم يبتغ بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة.

الى جنة المأوى :

وشاء الله لهذا العملاق العظيم الذي نافح عن حقوق أهل البيت (ع) أن يرزق الشهادة على يد شرار بريته ، فقد دخل على والي العراق يوسف ابن عمر بعد عزل خالد القسري الذي نكل به ، فانشده قصيدة يثني فيها عليه ، ويعرّض بالقسرى جاء فيها :

خرجت لهم تمشي البراح ولم تكن

كمن حصنه فيه الرتاج المضبب

وما خالد يستطعم الماء فاغرا

بعدلك والداعي الى الموت ينعب

وكان الحرس الذين على رأس يوسف متعصبين لخالد ، فوضعوا سيوفهم في بطنه وقالوا : أتنشد الأمير ، ولم تستأمره ، فأخذه نزيف الدم (٥٢) وأخرج وهو يجود بنفسه ، وأغمي عليه ، ثم أفاق وهو يقول :

« اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد .. » (٥٣)

ثم فاضت نفسه الزكية ، وارتفعت الى بارئها كما ترتفع أرواح الأولياء تحفها ملائكة الله ورضوانه.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن هذا العملاق العظيم الذي وهب مشاعره وعواطفه لآل النبي (ص) وصاغ فكره ، وعقيدته فيهم على أساس العلم والمنطق فلم يندفع في ولائه لهم وراء العاطفة وانما استند في ذلك الى الأدلة الحاسمة من القرآن والسنة حسب ما أشار إليها في هاشمياته التي هي من أثمن الثروات الفكرية والعلمية في الأدب العربي والاسلامي.

__________________

(٥٢) الاغاني ١٥ / ١٢١.

(٥٣) الاغاني ١٥ / ١٣٠.

٣٦٠