حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل - ج ١

باقر شريف القرشي

حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل - ج ١

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار البلاغة
المطبعة: دار البلاغة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

١ ـ قال (ع) : « ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك قل ذلك أو كثر .. » (٤٠٥)

وقال (ع) : « المتكبر ينازع الله رداءه » (٤٠٦).

ان الكبرياء ينم عن الجهل ونقصان العقل ، فان الانسان لو عرف مآله وما يصير إليه من مفارقة هذه الحياة ، ونسيان ذكره ، واستحالة جسمه الذي يزهو به الى كتلة من التراب المهين ، لو ادرك ذلك وتبصر فيه لما تكبر على خلق الله.

٢ ـ وذم الامام (ع) الانسان المنافق الذي يكون ذا وجهين ولسانين قال (ع) : « بئس العبد عبد يكون ذا وجهين ، وذا لسانين يطري أخاه شاهدا ، ويأكله غائبا ، ان أعطي حسده ، وان أبتلي خذله .. » (٤٠٧)

ان هذا الانحراف يكشف عن خبث السريرة ، وسوء الطوية ، وان صاحبه لا خلق له ، ولا ايمان له بربه.

٣ ـ وحذر الامام من الاتصاف بالصفات التالية قال (ع) : « ما أقبح الأسر عند الظفر ، والكآبة عند النائبة ، والغلظة على الفقير ، والقسوة على الجار ، ومشاحة القريب ، والخلاف على الصاحب ، وسوء الخلق على الاهل ، والاستطالة بالقدرة ، والجشع مع الفقر ، والغيبة للجليس ، والكذب في الحديث ، والسعي بالمنكر ، والغدر من السلطان ، والخلق من ذوي المروءة ، من سأل فوق قدره استحق الحرمان ، صلاح من جهل الكرامة في هوانه ، المسترسل مرقي ، والمحترس ملقى .. » (٤٠٨)

__________________

(٤٠٥) صفة الصفوة ٢ / ٦١ ، حلية الاولياء ٣ / ١٨٠.

(٤٠٦) تحف العقول

(٤٠٧) أمالي الصدوق ( ص ٣٠ ).

(٤٠٨) تذكرة ابن حمدون ( ص ٦٠ ).

٣٠١

ومن تجنب هذه الصفات فقد تحلى بمعالي الاخلاق الرفيعة وصار من أفذاذ الناس وخيارهم.

٤ ـ ونهى الامام (ع) عن ارتكاب ما يلي قال (ع) : « ثلاث خصال : لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن ، البغي وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها ، وان أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم ، وان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم ، ويثرون ، وان اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها .. » (٤٠٩)

٥ ـ وكره الامام (ع) اتصاف الانسان بما يلي من الصفات قال عليه‌السلام : « أربعة اسرع شيء عقوبة : رجل أحسنت إليه ، ويكافيك بالاحسان إليه اساءة ، ورجل لا تبغي عليه ، ويبغي عليك ، ورجل عاهدته على أمر فمن أمرك الوفاء له ، ومن أمره الغدر بك ، ورجل يصل قرابته ويقطعونه .. » (٤١٠)

٦ ـ وحذر الامام (ع) من شرب الخمر الذي هو من أعظم المحرمات قال (ع) : « إن مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه الارتعاش ، ويهدم مروءته ، ويحمله على التجسر على المحرمات من سفك الدماء ، وركوب الزنا .. » (٤١١)

إن الخمر مصدر لكل رذيلة وموبقة ، وهو من الآفات الاجتماعية ، التي تسبب فقدان الشرف ، والوقوع في جميع المحرمات ، اما اضراره الجسمية فقد تحدثنا عنها في بعض مؤلفاتنا.

__________________

(٤٠٩) تحف العقول ( ص ٢٩٤ ).

(٤١٠) الخصال ( ص ٢١٠ ).

(٤١١) البحار ١٦ / ٧٧١.

٣٠٢

٧ ـ وذم الامام (ع) الفاحش بقوله : « ان الله يبغض الفاحش المتفحش » (٤١٢).

الغيبة والبهتان :

وفرق الامام (ع) بين الغيبة والبهتان بقوله : « من الغيبة أن تقول : في أخيك ما ستره الله عليه ، فاما الأمر الظاهر منه مثل الحدة والعجلة فلا بأس أن تقوله ، وان البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه .. » (٤١٣)

الغضب وعلاجه :

وحذر الامام (ع) من الغضب ووضع له علاجا قال (ع) : « ان هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم ، وان أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ، ودخل الشيطان فيه ، فاذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض ، فان رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك. » (٤١٤)

وقد شدد الامام أبو جعفر في أمر الغضب ، وحذر من عواقبه قال الامام الصادق (ع) : كان أبي يقول : أي شيء اشد من الغضب ، ان الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله ، ويقذف المحصنة (٤١٥).

وقال الامام ابو جعفر (ع) : « إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار .. » (٤١٦)

__________________

(٤١٢) تحف العقول ( ص ٢٩٦ ).

(٤١٣) تحف العقول (٢٩٨).

٤١٤ و ٤١٥ و ٤١٦ جامع السعادات ١ / ٢٨٩.

٣٠٣

العجب :

قال (ع) : « عجبا للمختال الفخور ، انما خلق من نطفة ثم يعود جيفة ، وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به ».

أدعيته :

وفي أدعية أئمة أهل البيت (ع) تراث رائع ، ومناجم اخاذة تكمن فيها جواهر الحكم والآداب وهي تمثل مدى اتجاه الأئمة (ع) نحو الله ، واتّصالهم به ، وانقطاعهم إليه ، كما تمثل الرصيد الروحي الذي يملكونه من النسك والتقوى والحريجة فى الدين ، وبالاضافة لذلك فانها من الثروات الكبرى للاخلاق والفلسفة وعلم الكلام ، .. وقد اثرت عن الامام أبي جعفر (ع) كثير من الادعية ، وهذه بعضها :

١ ـ روى هذا الدعاء أبو حمزة الثمالي عن الامام أبي جعفر ، وكان يسميه ( بالجامع ) وقد جاء فيه بعد البسملة « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله وبجميع رسول الله وبجميع ما أنزل به رسل الله ، وإن وعد الله حق ، ولقاءه حق ، وصدق الله ، وبلغ المرسلون ، والحمد لله رب العالمين ، وسبحان الله كلما سبح الله شيء ، وكما يحب الله أن يسبح ، والحمد لله كلما حمد الله شيء ، وكما يحب الله أن يحمد ، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شيء ، وكما يحب الله أن يهلل ، والله أكبر كلما كبر الله شيء ، وكما يحب الله أن يكبر.

اللهم : اني اسألك مفاتيح الخير ، وخواتمه ، وشرائعه وسوابقه ، وفوائده وبركاته ، وما بلغ علمه علي ، وما تصر عن احصائه حفظي ، اللهم انهج لي أسباب معرفته ، وأفتح لي أبوابه ، وغشني بركات رحمتك ،

٣٠٤

ومنّ عليّ بعصمة من الشيطان الرجيم وما يريدني عن الازالة عن دينك ، وطهر قلبي من الشك ، ولا تشغل قلبي بدنياي ، وعاجل معاشي عن أجل ثواب آخرتي واشغل قلبي بحفظ ما لا تقبل مني جهله ، وذلل لكل خير لساني وطهر قلبي من الرياء ، ولا تجره في مفاصلي ، واجعل عملي خالصا لك.

اللهم : إني اعوذ بك من الشر وأنواع الفواحش كلها ظاهرها وباطنها وغفلاتها وجميع ما يريدني به السلطان العنيد مما أحطت بعلمه وأنت القادر على صرفه عني ... اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والانس وزوابعهم وتوابعهم ، وبوائقهم ، ومكايدهم ، ومشاهد الفسقة من الجن والأنس وان استزل عن ديني فتفسد علي آخرتي ، ويكون ذلك منهم ضررا عليّ في معاشي ، أو بعرض بلاء يصيبني منهم لا قوة لي به ، ولا صبر لي على احتماله ، فلا تبتلني يا الهي بمقاساته فيمنعني ذلك من ذكرك ، ويشغلني عن عبادتك ، أنت العاصم المانع ، والدافع الواقي من ذلك كله ، واسألك اللهم الرفاهية في معيشتي ما أبقيتني في معيشة أقوى بها على طاعتك ، وأبلغ بها رضوانك ، وأصير بها منك الى دار الحيوان غدا ، ولا ترزقني رزقا يطغيني ، ولا تبتلني بفقر اشقى به مضيقا علي اعطني حظا وافرا في آخرتي ، ومعاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياي ، ولا تجعل الدنيا عليّ سجنا ، ولا تجعل فراقها علي حزنا ، اخرجني من فتنها مرضيا عني ، واجعل عملي فيها مقبولا ، وسعي فيها مشكورا.

اللهم من أرادني بسوء فارده بمثله ومن كادني فيها فكده ، واصرف عني همّ من ادخل عليّ همه ، وامكر بمن مكر بي فانك خير الماكرين ، وافقا عني عيون الكفرة والظلمة ، والطغاة الحسدة ، اللهم وانزل علي منك

٣٠٥

السكينة والوقار ، والبسني درعك الحصينة ، واحفظني بسترك الواقي ، واجعلني في عافيتك النافعة ، وصدق قولي وفعالي ، وبارك لي في ولدي واهلي ، ومالي ، وما قدمت وأخرت ، وما اغفلت ، وما تعمدت ، وما توانيت ، وما اسررت ، فاغفر لي برحمتك يا أرحم الراحمين .. » (٤١٧)

ويكشف هذا الدعاء عن مدى انقطاع الامام الى الله ، وشدة اتصاله به ، فقد ألجأ جميع أموره إليه ، واستعاذ به من فتن الدنيا ، وغرورها ، خوفا ان تصده عن ذكره تعالى.

٢ ـ روى الربيع عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الامام أبي جعفر عليه‌السلام انه قال له :

« إلا أعلمك دعاء لا ندعو به نحن أهل البيت اذا اكربنا أمر ، وتخوفنا من شر السلطان إلا قبل لنا به .. »

« بلى بأبي أنت وأمي .. »

« قل : يا كائنا قبل كل شيء ، ويا مكون كل شيء ، ويا باقي بعد كل شيء صل على محمد واهل بيته .. ثم تذكر حاجتك .. » (٤١٨)

وذكرت له ادعية أخرى ، وهي تدلل على مدى روحانيته ، وعظيم اتصاله بخالقه.

الحث على الدعاء :

وحث الامام (ع) على الدعاء الى الله ، قال (ع) : « ان الله كره الحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، واحب ذلك لنفسه جل ذكره

__________________

(٤١٧) مهج الدعوات ( ص ٢١٣ ـ ٢١٥ ).

(٤١٨) مهج الدعوات ( ص ٢١٥ ).

٣٠٦

ان يسأل ، ويطلب ما عنده .. » (٤١٩)

روائع الحكم :

وأثرت عن الامام أبي جعفر (ع) روائع الحكم القصار الحافلة بالقيم الكريمة والحكم الصائبة والتجارب النافعة ، وهذه بعضها :

١ ـ قال (ع) : « إن استطعت أن لا تعامل أحدا إلا ولك الفضل عليه فافعل .. »

٢ ـ قال (ع) : « صانع المنافق بلسانك ، واخلص مودتك للمؤمن ، وان جالسك يهودي فاحسن مجالسته .. »

٣ ـ قال (ع) : « ما شيب شيء بشيء احسن من حلم بعلم .. »

٤ ـ قال (ع) : « قم بالحق ، واعتزل ما لا يعنيك ، وتجنب عدوك ، واحذر صديقك من الاقوام ، إلا الأمين من خشي الله ، ولا تصحب الفاجر ، ولا تطلعه على سرك ، واستشر في أمرك الذين يخشون الله .. »

٥ ـ قال (ع) : « صحبة عشرين سنة قرابة .. »

٦ ـ قال (ع) : « في كل قضاء الله خير للمؤمن .. »

٧ ـ قال (ع) : « من لم يجعل الله له من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا .. »

٨ ـ قال (ع) : « من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه. »

٩ ـ قال (ع) : « كم من رجل لقى رجلا فقال له : اكب الله عدوك ، وماله من عدو الا الله. »

١٠ ـ قال (ع) : « ما عرف الله من عصاه ، وانشد.

تعصي الاله وأنت تظهر حبه

هذا لعمرك في الفعال بديع

__________________

(٤١٩) تحف العقول.

٣٠٧

لو كان حبك صادقا لأطعته

ان المحب لمن أحب مطيع

١١ ـ قال (ع) : « إنما مثل الحاجة الى من اصاب مالا حديثا ـ يعني به مستحدث النعمة ـ كمثل الدرهم في فم الأفعى أنت إليه محوج ، وأنت منها على خطر .. »

١٢ ـ قال (ع) : « اعرف المودة في قلب أخيك بما له في قلبك .. »

١٣ ـ قال (ع) : « الايمان حب وبغض .. »

١٤ ـ قال (ع) : « أربع من كنوز البر كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة .. »

١٥ ـ قال (ع) : « من صدق لسانه زكى عمله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره في أهله زيد في عمره. »

١٦ ـ قال (ع) : « من استفاد اخا في الله على ايمان بالله ووفاء باخائه طلبا لمرضات الله فقد استفاد شعاعا من نور الله ، وامانا من عذاب الله وحجة يفلج بها يوم القيامة ، وعزا باقيا ، وذكرا ناميا لأن المؤمن من الله عز وجل لا موصول ، ولا مفصول ، قيل له : ما معنى لا موصول ، ولا مفصول؟ قال (ع) : لا موصول به انه هو ، ولا مفصول منه ، انه من غيره .. »

١٧ ـ قال (ع) : « كفى بالمرء غشا لنفسه ان يبصر من الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه أو يعيب غيره بما لا يستطيع تركه ، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه .. »

١٨ ـ قال (ع) : « التواضع : الرضا بالمجلس دون شرفه ، وان تسلم على من لقيته ، وان تترك المراء ، وان كنت محقا .. »

١٩ ـ قال (ع) : « إن المؤمن اخو المؤمن ، لا يشتمه ، ولا يحرمه ،

٣٠٨

ولا يسيء به الظن .. »

٢٠ ـ قال (ع) : « من قسم له الخرق (٤٢٠) حجب عنه الايمان .. »

٢١ ـ قال (ع) : « ان لله عقوبات في القلوب ، والابدان ، ضنك في المعيشة ، ووهن في العبادة ، وما ضرب عبد بعقوبة اعظم من قسوة القلب .. »

٢٢ ـ قال (ع) : « اذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الصابرون؟ فيقوم فئام (٤٢١) من الناس ، ثم ينادي مناد اين المتصبرون؟ فيقوم فئام من الناس ، فقيل له :

« ما الصابرون والمتصبرون؟ »

قال (ع) : الصابرون على اداء الفرائض ، والمتصبرون على ترك المحارم .. »

٢٣ ـ قال (ع) : « يقول الله : يا ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس .. »

٢٤ ـ قال (ع) : « أفضل العبادة عفة البطن والفرج .. »

٢٥ ـ قال (ع) : « الحياء والايمان مقرونان في قرن فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه .. »

٢٦ ـ قال (ع) : « ان هذه الدنيا تعاطاها البر والفاجر ، وان هذا الدين لا يعطيه الله إلا أهل خاصته .. »

٢٧ ـ قال (ع) : « إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ، ولا يعطي دينه إلا من يحب .. »

__________________

(٤٢٠) الخرق : ضعف العقل.

(٤٢١) الفئام : الجماعة من الناس.

٣٠٩

٢٨ ـ قال (ع) : « لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ، ولو يعلم المسئول ما في المنع ما منع أحد أحدا .. »

٢٩ ـ قال (ع) : « إن لله عبادا ميامين مياسير يعيشون ، ويعيش الناس في اكنافهم وهم في عباده مثل القطر ، ولله عباد ملاعين مناكيد لا يعيشون ، ولا يعيش الناس في أكنافهم ، وهم في عباده مثل الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .. »

٣٠ ـ قال (ع) : « ان الله يحب افشاء السلام .. » (٤٢٢)

٣١ ـ قال (ع) : « لكل شيء آفة ، وآفة العلم النسيان .. » (٤٢٣)

٣٢ ـ قال (ع) : « اللهم اعني على الدنيا بالغنى ، وعلى الآخرة بالتقوى » (٤٢٤).

٣٣ ـ قال (ع) : « لا يزال الرجل يزداد في رأيه ما نصح لمن استشاره .. » (٤٢٥)

٣٤ ـ قال (ع) : « سلاح اللئام قبيح الكلام .. » (٤٢٦) ونظم بعض الشعراء هذه الحكمة الرائعة بقوله :

لقد صدق الباقر المرتضى

سليل الامام عليه‌السلام

بما قال : في بعض الفاظه

قبيح الكلام سلاح اللئام (٤٢٧)

__________________

(٤٢٢) هذه الحكم القيمة أخذت من تحف العقول ( ص ٢٩٢ ـ ٣٠٠ ).

(٤٢٣) البداية والنهاية ٩ / ٣١٠.

(٤٢٤) البيان والتبيين ٣ / ٢٢٢.

(٤٢٥) عيون الاخبار لابن قتيبة ١ / ٣٠٠.

(٤٢٦) حلية الأولياء ٣ / ١٨٤ ، صفة الصفوة ٢ / ٦١.

(٤٢٧) الاتحاف بحب الاشراف ( ص ٥٣ ).

٣١٠

٣٥ ـ قال (ع) : « الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن ، ولا تصيب الذاكر. » (٤٢٨)

٣٦ ـ قال (ع) : « اشد الاعمال ثلاثة ذكر الله على كل حال ، وانصافك من نفسك ، ومواساة الأخ في المال .. » (٤٢٩)

٣٧ ـ قال (ع) : « لا يكون المعروف معروفا إلا باستصغاره وتعجيله وكتمانه » (٤٣٠).

٣٨ ـ قال (ع) : « ان من الصدق في السنة التجافي في الدين لأهل المروءات » (٤٣١).

٣٩ ـ قال (ع) : « ما احسن الحسنات بعد السيئات ، وما اقبح السيئات بعد الحسنات .. » (٤٣٢)

٤٠ ـ قال (ع) : « من اصاب مالا من أربع لم يقبل منه في أربع ، من أصاب مالا من غلول أوربا أو خيانة أو سرقة ، لم يقبل منه في زكاة ، ولا في صدقة ولا في حج ، ولا في عمرة .. » (٤٣٣)

٤١ ـ قال (ع) : « لا يقبل الله عز وجل حجا ولا عمرة من مال

__________________

(٤٢٨) حلية الأولياء ٣ / ١٨١ ، صفة الصفوة ٢ / ٦٠ ، سير اعلام النبلاء ٤ / ٢٤٢ ، مرآة الزمان ٥ / ٧٨.

(٤٢٩) حلية الاولياء ٣ / ١٨٣.

(٤٣٠) الاخبار الموفقيات ( ص ٤٠٠ ).

(٤٣١) المردة للمرزباني ٢ / ب ، من مصورات مكتبة العلامة السيد مهدي الخرسان.

(٤٣٢) أمالي الصدوق ( ص ٢٢٤ ).

(٤٣٣) أمالي الصدوق ( ص ٢٩٦ ).

٣١١

حرام .. » (٤٣٤)

٤٢ ـ قال (ع) : « من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه. » (٤٣٥)

٤٣ ـ قال (ع) : « ان الكذب هو حراب الايمان .. » (٤٣٦)

٤٤ ـ قال (ع) : « كان لي أخ في عيني عظيما ، وكان الذي عظمه صغر الدنيا في عينيه .. » (٤٣٧)

٤٥ ـ قال (ع) : لأصحابه يدخل احدكم يده في كيس صاحبه فيأخذ ما يريد؟ فقالوا له : لا ، فقال (ع) : لستم اخوانا كما تزعمون. (٤٣٨)

٤٦ ـ قال (ع) : « شر الآباء من دعاه البر الى الافراط ، وشر الأبناء من دعاه التقصير الى العقوق .. » (٤٣٩)

٤٧ ـ قال (ع) : « عظموا أصحابكم ، ووقروهم ، ولا يتهجم بعضكم على بعض .. » (٤٤٠)

٤٨ ـ قال (ع) : « ما من نكبة تصيب العبد الا بذنب .. » (٤٤١)

__________________

(٤٣٤) أمالي الصدوق ( ص ٢٩٦ ).

(٤٣٥) أمالي الصدوق ( ص ٢٩٦ ).

(٤٣٦) اصول الكافي ٢ / ٣٣٩.

(٤٣٧) مرآة الجنان ١ / ٢٤٨.

(٤٣٨) صفة الصفوة ٢ / ٦٣.

(٤٣٩) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٥٣.

(٤٤٠) اصول الكافي ٢ / ١٧٣.

(٤٤١) اصول الكافي ٢ / ٢٦٩.

٣١٢

٤٩ ـ قال (ع) : « إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد نعمة فيسلبها اياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة .. » (٤٤٢)

٥٠ ـ قال (ع) : « لو صمت النهار لا افطر ، وصليت الليل لا أفتر ، وانفقت مالي في سبيل الله علقا ، علقا ، ثم لم تكن في قلبي محبة لاوليائه ، ولا بغضة لاعدائه ما نفني ذلك شيئا ... » (٤٤٣)

٥١ ـ سأل زرارة الامام أبا جعفر (ع) قال له : ما الحنيفية؟ قال عليه‌السلام : هي الفطرة التي فطر الناس عليها ... فطرهم على معرفته .. » (٤٤٤)

٥٢ ـ قيل للامام أبي جعفر (ع) : أتعرف شيئا خيرا من الذهب؟ قال (ع) : نعم معطيه (٤٤٥).

٥٣ ـ قال (ع) : بلية الناس علينا عظيمة ، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا .. » (٤٤٦)

٥٤ ـ قال (ع) : « ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج .. » (٤٤٧)

٥٥ ـ قال (ع) : « اصبر للنوائب ، ولا تتعرض للحقوق ، ولا تعط أحدا من نفسك ما ضره عليك اكثر من نفعه .. » (٤٤٨)

__________________

(٤٤٢) اصول الكافي ٢ / ٢٧٣.

(٤٤٣) تأريخ اليعقوبي ٣ / ٦١.

(٤٤٤) البحار ١٢ / ٨٧.

(٤٤٥) تأريخ اليعقوبي ٣ / ٦١.

(٤٤٦) اعلام الورى ( ص ٢٧ ).

(٤٤٧) جامع السعادات ٢ / ١٦.

(٤٤٨) تأريخ اليعقوبي ٣ / ٦١.

٣١٣

٥٦ ـ قال (ع) : « شيعتنا من أطاع الله .. » (٤٤٩)

٥٧ ـ قال (ع) : « بئس الأخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا .. » (٤٥٠)

٥٨ ـ قال (ع) : « ليس في الدنيا شيء أعون من الاحسان الى الاخوان. » (٤٥١)

٥٩ ـ قال (ع) : « من أعطي الخلق والرفق فقد أعطي الخير والراحة ، وحسن حاله في دنياه وآخرته ، ومن حرمهما كان ذلك سبيلا الى كل شر وبلية الا من عصمه الله .. » (٤٥٢)

٦٠ ـ قال (ع) : « ما يضر من عرفه الله الحق ان يكون على قلة جبل يأكل من نبات الأرض حتى يأتيه الموت .. » (٤٥٣)

٦١ ـ قال (ع) : « اذا دخل أهل الجنة ، الجنة بأعمالهم ، فاين عتقاء الله من النار ، ان لله عتقاء من النار .. » (٤٥٤)

٦٢ ـ قال (ع) : « لا خير فيمن لا تقية له .. » (٤٥٥)

٦٣ ـ قال (ع) : « إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر الى قلبك ، فان كان يحب أهل طاعة الله عز وجل ، ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبك ، وان كان يبغض أهل طاعة الله ، ويحب أهل

__________________

(٤٤٩) نور الابصار للشبلنجيّ ( ص ١٣١ ).

(٤٥٠) نور الابصار ( ص ١٣١ ).

(٤٥١) اسعاف الراغبين ( ص ٣١٦ ).

(٤٥٢) البداية والنهاية ٩ / ٣١١.

(٤٥٣) التحصين ( ص ٢٢٥ ) لاحمد بن فهد الحلي.

(٤٥٤) الدر النظيم ( ص ١٩١ ).

(٤٥٥) علل الشرائع ( ص ٥١ ).

٣١٤

معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحب .. » (٤٥٦)

٦٤ ـ قال (ع) : « إن من خطوات الشيطان الحلف بالطلاق ، والنذر في المعاصي وكل يمين بغير الله تعالى .. » (٤٥٧)

٦٥ ـ قال (ع) : « إذا شبع البطن طغى .. » (٤٥٨)

٦٦ ـ قال (ع) : « ما من شيء أبغض الى الله من بطن مملؤ .. » (٤٥٩)

٦٧ ـ قال (ع) : « من طلب الدنيا استعفافا عن الناس ، وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقي الله عز وجل يوم القيامة ، ووجهه مثل القمر ليلة البدر » (٤٦٠).

٦٨ ـ قال (ع) : « إن حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للأيمان .. » (٤٦١)

٦٩ ـ قال (ع) : « اني لأكره أن يكون مقدار لسان الرجل فاضلا على مقدار علمه كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله. » (٤٦٢)

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض كلماته الحكمية التي تمثل اصالة الفكر والابداع.

__________________

(٤٥٦) علل الشرائع ( ص ١١٧ ).

(٤٥٧) مجمع البيان ١ / ٢٥٢.

(٤٥٨) جامع السعادات ٢ / ٥.

(٤٥٩) جامع السعادات ٢ / ٥.

(٤٦٠) جامع السعادات ٢ / ٢١.

(٤٦١) اعلام الورى.

(٤٦٢) شرح النهج ٧ / ٩٢.

٣١٥

نظمه للشعر :

ولم تنص المصادر المترجمة للإمام أبي جعفر (ع) على أنه كان ينظم الشعر ، وانما نصت على أنه فتق أبوابا كثيرة من العلوم ، واسس معظم قواعدها ، وانه ممن أوتي الحكمة وفصل الخطاب ، غير أن السيد علي صدر المدني نسب له هذه الأبيات :

عجبت من معجب بصورته

وكان من قبل نطفة مذرة

وفي غد بعد حسن صورته

يصير في القبر جيفة قذرة

وهو على عجبه ونخوته

ما بين جنبيه يحمل العذرة (٤٦٣)

وسواء أصح أن الامام (ع) كان ينظم الشعر أم لم يصح فان ـ من المقطوع به ـ انه كان في طليعة البلغاء ، وقد دللت على ذلك المجموعة الضخمة من كلماته الحكمية التي هي من الطراز الأول في فصاحتها وبلاغتها.

وقبل أن أطوي الحديث عن مواهب الامام أبي جعفر (ع) أرى من الحق أن ابين اني لم اذكر الا نماذج يسيرة ، وصورا موجزة من علومه ومعارفه وحكمه ، ولا أزعم أني احطت بها أو الممت ببعضها ، فذلك من غير الممكن لي ، فقد تركت الباب مفتوحا لغيري من البحاث للكشف عنها وعن ، سائر جوانب حياته المشرقة التي هي امتداد ذاتي لحياة آبائه العظام الذين اضاءوا الحياة الفكرية للناس.

__________________

(٤٦٣) أنوار الربيع ٦ / ٣٠٠.

٣١٦

مع كثير عزة : والكميت

٣١٧
٣١٨

وكانت للشاعرين الشهيرين كثير عزة ، والكميت الأسدي اتصالات وثيقة بالامام أبي جعفر فكلاهما يدينان بإمامته ، ووجوب طاعته ، والانقطاع إليه ، وقد شاع ذلك عنهما ، وعرفا به عند جميع الأوساط ، ونعرض ـ بايجاز ـ لبعض شئونهما ، ومدى ارتباطهما بالامام (ع) :

كثير عزة :

أما كثير عزة فهو أبو حمزة الخزاعي المدني ، أحد عشاق العرب المشهورين هام بحب عزة بنت جميل ، وله معها أخبار كثيرة ، ذكرها المعنيون بترجمته ، وكان في مواهبه الشعرية أشعر أهل الاسلام ـ كما يقول ابن اسحاق ـ (١).

ولاؤه لأهل البيت (ع) :

كان كثير شديد الولاء لأهل البيت (ع) متعصبا لهم ، ولم يخف تشيعه على الامويين ، فقد أقسم عليه عبد الملك بن مروان بحق الامام أمير المؤمنين (ع) أن يحدثه هل رأى أحدا هو اعشق منه؟ فقال له كثير : لو سألتني بحقك أخبرتك ، فأقسم عليه ، فأخبره عن غرام بعض العشاق (٢).

مع الامام الباقر :

كان كثير يكن فى اعماق نفسه خالص الحب والولاء للإمام أبي جعفر عليه‌السلام ويدين بامامته وفضله ، ويقول المؤرخون : ان رجلا نظر إليه وهو راكب ، والامام أبو جعفر (ع) يمشي فانكر عليه ذلك

__________________

(١) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ( ص ٥٨٧ ).

(٢) وفيات الاعيان ٣ / ٢٦٦.

٣١٩

وقال له :

« اتركب وأبو جعفر يمشي؟!! »

فاجابه كثير جواب المؤمن بدينه ، المتبصر في عقيدته قائلا :

« هو أمرني بذلك ، وأنا بطاعته في الركوب أفضل من عصياني اياه بالمشي .. » (٣)

ودلت هذه البادرة على حسن أدبه ، وكمال عقيدته ، فان طاعة الامام واجبة ليس الى مخالفتها من سبيل.

مدحه لبني مروان :

واختص كثير ببني مروان فكانوا يعظمونه ويكرمونه (٤) ونظم في مدحهم عدة قصائد ذكرت في ( ديوانه ) الا انه لم يكن في مدحه لهم جادا ، ولا مؤمنا بما يقول ، وإنما مدحهم طمعا بأموالهم وهباتهم ، وكان يسخر منهم فكان يشبههم بالحيات والعقارب ، فقد روى المؤرخون أنه وفد على الامام أبي جعفر (ع) فقال (ع) له :

« تزعم أنك من شيعتنا ، وتمدح آل مروان؟!! »

فأنبرى كثير قائلا :

« إنما أسخر منهم ، وأجعلهم حيات ، وعقارب ، ألم تسمع الى قولي في عبد العزيز بن مروان :

وكنت عتبت معتبة فلجت

بي الغلواء في سن العقاب

ويرقيني لك الراقون حتى

أجابك حية تحت الحجاب

وفهم ذلك عبد الملك فقال لأخيه عبد العزيز : ما مدحك ، انما

__________________

(٣) أمالي المرتضى ١ / ٢٨٣.

(٤) الاعلام ٦ / ٧٢.

٣٢٠