الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ

عبّاس الذهبي

الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ

المؤلف:

عبّاس الذهبي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-368-3
الصفحات: ٢٠١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

قدمها المأمون له لما تتضمنه من مخاطرة الاعتراف بشرعية الحكم القائم ، ومساعدة المأمون على التخلص من مصاعبه في ظل وضع سياسي متفجر بالانتفاضات والثورات العلوية ، وانقسام حاد في البيت العباسي كما أسلفنا.

لقد أدرك الإمام عليه‌السلام بأن المأمون ليس صادقاً في وعده ، زيادة على ان هذا الوعد الكاذب غير قابل التحقق لعدم استقرار الوضع السياسي العباسي من جهة ، ولإمكانات الاغتيال المحتملة سواء من جهة المأمون نفسه أو من جهة معارضي ولاية العهد من العباسيين الذين يخشون على سلطانهم ومصالحهم عند انتقال الخلافة إلى العلويين.

زد على ذلك أن الإمام عليه‌السلام يعلم ماتنطوي عليه خطوة المأمون من خطورة برغبته باضفاء مسحة من الشرعية على حكمه وعدم اقتناعه بفكرة رد الحق إلى أهله التي يتبجح بها أمام الرأي العام. فالإمام يدرك جيداً أن المأمون أقدم على ماأقدم عليه تحت ضغط الضرورة ، وأنه ينظر للبيعة هذه كخشبة خلاص من الطوفان الجارف الذي ينتظره ، من هنا لم يعد يصعب علينا استنتاج رفض الإمام عليه‌السلام لقبول الخلافة أو ولاية العهد وهما خياران قد عرضهما المأمون عليه ، ولم نستغرب تذرع إمامنا بعلل كثيرة ومحاولته استغلال عامل الزمن بإطالة أمد المفاوضات ، ولكن المأمون سد عليه جميع المنافذ من جهاتها ، واستأصل أسباب الرفض التي أظهرها الإمام عليه‌السلام تخلّصاً مما طرح عليه ، وفي النهاية أدرك عليه‌السلام أنه أمام واقع مفروض لابد له من مواجهته بدلاً من الهروب منه أو تجاهله ، خصوصاً وأن هامش المناورة قد ضاق عليه إلى درجة كبيرة ، لذا قبل

١٨١

على مضض ولاية العهد ، ولكن وفق شروط محددة تحكيها الرواية التالية :

عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد الكاتب الراشدي قالا : .. فلما وافىٰ ـ أي الرضا عليه‌السلام ـ مرو عرض عليه الامرة والخلافة فأبى الرضا عليه‌السلام ذلك ، وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحواً من شهرين كل ذلك يأبى ابو الحسن الرضا عليه‌السلام ان يقبل مايعرض عليه ، فلما كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد ، فأجابه إلى ذلك ، وقال له : « على شروط أسألها » ، فقال المأمون : سل ما شئت ، قالوا : فكتب الرضا عليه‌السلام : « إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أقضي ولا اُغير شيئاً مما هو قائم ، وتعفيني من ذلك كله » ، فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط.. (١).

وسوف يتضح لنا من الشواهد التاريخية أن الإمام عليه‌السلام لم يقبل ولاية العهد إلّا مضطرّاً وبعد التهديد والوعيد الشديدين ، ويظهر أن المأمون أراد من الإمام عليه‌السلام أن يكون فريسة سهلة توقع نفسها في براثنه ، ولكن الإمام عليه‌السلام كشف اللثام عن أهداف المأمون وما يختلج بنفسه من نوايا سيئة وأسقط القناع عن وجهه ، حتىٰ قال عليه‌السلام ذات يوم للمأمون : « .. إني لأعلم ما تريد » فقال المأمون وما اريد ؟ قال : « الأمان على الصدق ؟ » ، قال : لك الأمان. قال : « تريد بذلك أن يقول الناس ان علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام لم يزهد في الدنيا ، بل زهدت الدنيا فيه ، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة ؟ » فغضب المأمون ثم قال : انك تتلقاني أبداً بما أكرهه وقد أمنت سطوتي ، فبالله اُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلّا أجبرتك على ذلك ،

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٦١ ، ح ٢١ باب (٤٠).

١٨٢

فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك.

فقال الرضا عليه‌السلام : « قد نهاني الله تعالى أن اُلقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أن لا اُولّي ولا أعزل أحداً ، ولا أنقض رسماً ولا سنة ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً » ، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهية منه عليه‌السلام بذلك (٢).

وهكذا نجد أن إمامنا وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر : إما القتل ، أو القبول ، فاقترح حلاً توفيقياً ، هو القبول المشروط. أراد أن يوحي للمأمون بأن الأسد قد يقع حبيسا ولكن لايجعله الأسر عبداً ، من هنا حدد شروطه بحيث لا تضفي الشرعية على الحكم القائم ، فوجد المأمون نفسه مضطراً إلى قبولها.

كما اجرى امامنا حواراً اقناعياً مع المأمون ، وبدلاً من اذعان الأخير للحق والمنطق احتكم إلى القوة ولوّح بها ، ولعل أوضح وأصرح تعبير عن ذلك ما جاء عن أبي الصلت الهروي : ان المأمون قال للرضا عليه‌السلام : فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا عليه‌السلام : « إن كانت هذه الخلافة لك ، والله جعلها لك ، فلايجوز لك أن تخلع لباساً ألبسك الله وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلايجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك » ، فقال له المأمون : يابن رسول الله ، فلابدّ لك من قبول هذا الأمر.

فقال : « لست أفعل ذلك طائعاً أبداً » ، فما زال يجهد به أياماً حتى يئس من قبوله ، فقال له : فإن لم تقبل الخلافة ولم تجب مبايعتي لك فكن

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٥١ ، ح ٣ ، باب (٤٠).

١٨٣

ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي (١).

لقد أثار قرار القبول ردود أفعال مختلفة في الوسط الاسلامي ، وخاصة الشيعي منه ، وسط دهشة المدهوشين وسخط الساخطين وتربص المتربصين ، وقد شرح الإمام عليه‌السلام لخلّص أصحابه ظروف ودوافع قبوله في مناسبات كثيرة ، وردّ على الشبهات المثارة بهذا الخصوص ، لاسيما وان « الرفض » لو حصل لتفهمه الخاص والعام ، لأنه ينسجم مع وضعه العام كإمام معصوم وما تتبناه مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام من مبادىء لاتقرّ التعاون مع الحاكم الظالم وترفض إعطاء الشرعية له ، ولكن « القبول » يحتاج إلى تفسير وتحليل وتهيئة الرأي العام لتقبله ، من هنا جهد إمامنا بنفسه على شرح موقفه والملابسات والظروف التي أحاطت بقبوله كما رد الشبهات المثارة والتساؤلات المطروحة.

عن الريان بن الصلت ، قال : دخلت على علي بن موسى الرضا عليه‌السلام فقلت له : يابن رسول الله ، الناس يقولون : انك قبلت ولاية العهد مع اظهارك الزهد في الدنيا ! فقال عليه‌السلام : « قد علم الله كراهتي لذلك ، فلما خيّرت بين قبول ذلك وبين القتل ، اخترت القبول على القتل ، ويحهم ! أما علموا أن يوسف عليه‌السلام كان نبيا ورسولاً ، فلمّا دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك ، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلّا دخول خارج منه » (٢).

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٥١ ، ح ١ ، باب (٤٠).

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٥٠ ، ح ٢ ، باب (٤٠).

١٨٤

وليس ثمة عبارة يمكن أن تقنع الباحث بطبيعة الإمام عليه‌السلام في ولاية العهد أفضل من جملة « إني ما دخلت في هذا الأمر إلّا دخول خارج منه » التي علل فيها قبوله لعرض المأمون ، ذلك أن مجرد التهديد بالقتل ـ بما هو تهديد للحياة الشخصية ـ ليس سبباً مقنعاً وراء قبول الإمام عليه‌السلام بولاية العهد ، فلابدّ من البحث عن سبب أعمق من المحافظة على الحياة الشخصية وراء ذلك ، وأوفق بشخصية الرضا عليه‌السلام كرجل لا تهمه حياته بقدر ما يهمه مصلحة الإسلام. وهو في العبارة المتقدمة قد وفر علينا عناء البحث وكشف بجلاء أنه خرج من العهد بمجرد دخوله فيه من خلال الشروط التي اشترطها ، والتي حرص على مراعاتها والعمل بها على الرغم من محاولات المأمون المتكررة باشراكه في أعباء الحكم. وكان الإمام عليه‌السلام يذكّره على الدوام بالشروط المتفق عليها ، وكان يعي طبيعة الشراك التي ستنصب في طريقه وليس أقلها شأناً وخطراً محاولة إدخاله في جهاز حكم وادارة لم يشكلها هو ، ولايتلاءمان مع توجهاته في الفكر والسياسة والأخلاق.

ومن الشواهد على ذلك ما جاء عن معمر بن خلاد ، قال : قال لي ابو الحسن الرضا عليه‌السلام : « قال لي المأمون يوماً : يا أبا الحسن ، انظر بعض من تثق به نوليه هذه البلدان التي قد فسدت علينا ، فقلت له : تفي لي وأفي لك ، فاني دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه ولا أنهى ولا أعزل ولا اُولي ولا اُشير حتى يقدمني الله قبلك ، فو الله إن الخلافة شيء ما حدّثت به نفسي » (١).

من جهة اخرى فإن الإمام عليه‌السلام لا ينظر لمصلحته الشخصية بقدر ما ينظر للمصلحة الإسلامية العليا ، ولو فرضنا جدلاً أن الإمام رفض

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٧٧ ، ح ٢٩ ، باب (٤٠).

١٨٥

الدخول في ولاية العهد فماذا يمكن أن يحدث ؟ فبغض النظر عن القتل الذي ينتظره سوف يفتح باباً من البلاء على أتباعه وأهل بيته من القتل والمطاردة والتضييق وما إلى ذلك. أضف إلى ذلك أنه لو قتل ـ على أكثر الاحتمالات ـ فستتعرض إمامة ولده الجواد وهو صغير إلى مخاطر جدية وهي في بدايتها ، وعليه بات من السهل أن ندرك أن الإمام عليه‌السلام كان يوازن بين المعطيات والنتائج المترتبة على القبول والرفض ، واضعاً المصلحة الإسلامية العليا نصب عينه ، فرجح القبول على الرفض.

ولا بد من الفات النظر إلى أن الإمام عليه‌السلام كان لايتمكن أن يصرح بالعلة التامة لقبوله ولاية العهد حرصاً على عدم كشفها للطرف الآخر وتحمل تبعات ذلك ، ولكنه استعمل أسلوباً بارعاً في تعليله للقبول ، وهو أسلوب « السوابق التاريخية » وترك للسامع أن يستنتج بنفسه ما تتضمّنه من دلالات وما يكتنفها من ايحاءات ، وخير شاهد على ذلك ما جاء عن محمد بن عرفة ، قال قلت للرضا عليه‌السلام : يابن رسول الله ، ما حملك على الدخول في ولاية العهد ؟ فقال : « ما حمل جدي أمير المؤمنين عليه‌السلام على الدخول في الشورى » (١).

كان عليه‌السلام يضع المصلحة العليا للإسلام في جميع مواقفه ، وكان يطور موقفه حسب الظروف المحيطه به وفق هامش المناورة المتاح له. ولذا نجد أن موقفه الأول من العرض هو الإباء الشديد والرفض ، واعتل بعلل كثيرة ، فمازال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم أنه لايكف عنه. وهناك شهادة مهمة لابي الصلت الهروي وكان من أقرب المقربين للإمام عليه‌السلام أقسم

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٥٢ ، ح ٤ ، باب (٤٠).

١٨٦

فيها بأن الإمام لم يدخل العهد طائعاً ، قال : واللّه ما دخل الرضا عليه‌السلام في الأمر طائعاً ، ولقد حمل إلى الكوفة مكرهاً ، ثم أشخص منها على طريق البصرة وفارس إلى مرو (١).

وتوجد شهادة جماعية من أهل المدينة ، التي كان يسكنها الإمام عليه‌السلام ـ وأهل البيت أدرى بالذي فيه ـ تصور الحالة النفسية التي كان يعانيها امامنا ، وتكشف عن شدة الضغوط التي تعرض لها لكي يقبل ولاية العهد.

عن غياث بن أسيد ، قال : سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون : ملك عبد الله المأمون.. فأخذ البيعة في ملكه لعلي بن موسى عليه‌السلام بعهد المسلمين من غير رضاه ، وذلك بعد أن هدده بالقتل وألح عليه مرة بعد أخرى ، في كلها يأبى عليه ، حتى أشرف من تأبّيه على الهلاك ، فقال عليه‌السلام : « اللهم انك نهيتني عن الالقاء بيدي في التهلكة ، وقد أُكرهت واضطررت كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده ، وقد أُكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليهما‌السلام قَبِل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه ». ثم قبل ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين (٢).

فهذا النص يكشف عن درجة الضيق والإحراج والإكراه التي تعرض لها ، كما يعزز أسلوب « السوابق التاريخية » الذي اتبعه في سبيل تبرير قبوله بولاية العهد ، وكنا قد أشرنا سابقاً بأنه علل حمله على القبول كما حمل جده أمير المؤمنين عليه‌السلام على الدخول بالشورى ، وفي هذا النص يبرر اضطراره كما اضطر يوسف ودانيال عليهما‌السلام على قبول الولاية من طاغيتي

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٥٢ ، ح ٥ باب (٤٠).

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢٨ و ٢٩ ، ح ١ ، باب (٣).

١٨٧

زمانهم.

وكان الإمام عليه‌السلام في كل مناسبة يكشف عما يجيش في نفسه من مشاعر الألم والحسرة ويعبر عن تبرمه وتذمره من هذه البيعة المفروضة ، وتغلف وجهه سحابة من الحزن والمرارة : عن ياسر الخادم ، قال : كان الرضا عليه‌السلام إذا رجع يوم الجمعة من الجامع وقد اصابه العرق والغبار رفع يديه ، وقال : « اللهم إن كان خروجي مما أنا فيه بالموت فعجله إليَّ الساعة » ، ولم يزل مغموماً مكروباً إلى أن قبض (١).

ومما زاد من وطأة الإحساس بالضيق والظلم أن المأمون دس عيونه وآذانه لمعرفة تحركات الإمام وأخذ الجواسيس يحصون عليه أنفاسه ، ويحجبون عنه شيعته ومواليه ، فقد روى الصدوق أن هشام بن ابراهيم الراشدي الهمداني كان ينقل اخبار الرضا عليه‌السلام إلى ذي الرياستين والمأمون ، فحظي بذلك عندهما ، وكان لايخفي عليهما من أخباره شيئاً ، فولاه المأمون حجابة الرضا عليه‌السلام فكان لايصل إلى الرضا عليه‌السلام من أحبّ وضيق على الرضا عليه‌السلام وكان من يقصده من مواليه لايصل اليه ، وكان لايتكلم الرضا عليه‌السلام في داره بشيء إلّا أورده هشام على المأمون وذي الرياستين (٢).

ولايخفى ان من أهداف المأمون عزل الإمام عليه‌السلام عن شيعته ومواليه ووضعه تحت الاقامة الجبرية في خراسان تحت نظر السلطة وسمعها ، وعزله عن القاعدة الجماهيرية. وقد فشلت هذه السياسة فشلاً ذريعاً ، فبدلاً من

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨ ، ح ٣٤ ، باب (٣٠).

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٦٤ ، ح ٢٢ ، باب (٤٠).

١٨٨

أن تتقلص شعبيته لمشاركته بالحكم ولإظهاره من قبل السلطة بأنه لم يكن زاهداً في الحكم ، وانطلاء هذه الحيلة على البعض ، فقد ازدادت شعبيته ، وحاول خرق الحصار المفروض عليه فاستطاع التواصل مع أوساط لم تكن لتجرؤ على الاتصال به.

من جانب آخر حاول المأمون احراج الإمام عليه‌السلام أمام علماء الأديان والمذاهب والملل ، والانتقاص من قدر ومنزلة الإمام واظهاره بمظهر العجز عن الإجابة فلما قدم علي بن موسى الرِّضا عليه‌السلام إلى المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق ورأس الجالوت ورؤساء الصّابئين والهربذ الأكبر وأصحاب زردشت وقسطاس الرُّومي والمتكلمين ليسمع كلامه وكلامهم ، فجمعهم.. قال الحسن بن محّمد النَّوفلي : فلما مضى ياسر التفت الرضا عليه‌السلام إلينا ، ثمَّ قال لي : « يا نوفليّ أنت عراقيّ ، ورِقةُ العراقيِّ غيرُ غليظةٍ ، فما عندك في جمع ابنِ عمِّك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات ؟ » فقلتُ : جُعلت فداك يريد الامتحان ويُحبُّ أن يعرف ما عندك ، ولقد بنى على أساس غيرِ وثيق البنيان وبئس والله مابنى.. فقال لي : « يانوفليُ ، أتحبُّ أن تعلم متى يندم المأمون ؟ » ، فقلتُ : نعم. قال : « إذا سمع احتجاجي على أهل التَّوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وعلى أهل الزَّبور بزبورهم ، وعلى الصّابئين بعبرانيتهم ، وعلى الهرابذةِ بفارسيتهم ، وعلى أهل الرُّوم بروميَّتهم ، وعلى أصحاب المقالات بلُغاتهم ، فإذا قطعتُ كلَّ صنف ودحضت حُجَّتهُ وترك مقالتهُ ورجع إلى قولي ، عَلِمَ المأمونُ أنَّ الموضع الذي هو بسبيله ليس هو بمستحقٍّ له ، فعند ذلك تكونُ النَّدامةُ منهُ ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليِ

١٨٩

العظيم » (١).

ولما دحض الإمام عليه‌السلام حججهم وأفحمهم ازدادت مكانته عند العلماء وذاع صيته ، وبذلك تجنب الإمام عليه‌السلام الوقوع في جميع النتائج السلبية لقبوله البيعة ، فلم يمنح الحكم الشرعية المطلوبة ، وبقبوله حال دون حدوث تغيير في القيادة لخط أهل البيت عليهم‌السلام في فترة حرجة ، وكان من الممكن أن يؤدي امتناعه إلى دعاية واسعة النطاق ضده بزعم أنه فوت فرصة ثمينة لا تقدّر بثمن ، كما أن الرفض قد يؤدي إلى الفتنة والبلبلة داخل الكيان الشيعي ، كأن يثار سؤال كبير : لماذا لم يقبل الخلافة أو ولاية العهد وقد عرضتا عليه ؟! بدل السؤال الذي أثاره البعض بعد قبوله : لماذا قبل ؟

أضف إلى ذلك أن الإمام عليه‌السلام قد حال دون حدوث موجة جديدة من الارهاب والمطاردة والقتل ضد العلويين من جديد ، كما أحدث بقبوله انقساماً حاداً في الصف العباسي لعدم قبول العباسيين بولاية العهد هذه خوفاً من انتقال الخلافة إلى البيت العلوي ، وهكذا نجد ان امامنا قد نجح من نقل المواجهة من طابع الدفاع والتوقيّ إلى حالة هجومية تشمل التصدّي والاختراق والانطلاق حسب ما تسمح به الظروف ، فترسخت الحالة الشيعية في زمانه واشتد ساعدها.

ونتيجة للمعطيات الايجابية تلك عمل المأمون على التخلص من هذا الوجود الذي أقلق عليه هدوءه ، خصوصاً بعد أن أدرك بأن فصول الرواية التي أعدها من قبل قد اكتملت ولم تسفر عن النتائج المرجوة منها.

________________

(١) التوحيد / الصّدوق : ٤١٧ ، باب (٦٥).

١٩٠

المبحث الثالث : آثار ولاية العهد في شهادة الإمام الرضا عليه‌السلام :

هناك جملة من الروايات التي أخرجها الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا عليه‌السلام) والشيخ المفيد في (الإرشاد) صريحة كل الصراحة باضطلاع المأمون العباسي في جريمة قتل الإمام الرضا عليه‌السلام ، وفي بعضها التصريح من الإمام عليه‌السلام بأن المأمون سوف يقتله بالسم ، ومن هنا قال العلّامة المجلسي في الردّ على بعض المشكّكين بهذه الحقيقة : « والحق ما اختاره الصدوق والمفيد وغيرهما من أجلّة أصحابنا أنه مضىٰ عليه‌السلام شهيداً بسم المأمون » (١).

هذا ، وقد أوردت تلك الروايات عللاً عديدة تقف وراء تلك الجريمة الشنعاء ، وهي :

أولاً : استثقال المأمون نصائح الإمام عليه‌السلام ومواعظه :

كان إمامنا لاينفك عن توجيه النصح والارشاد للمأمون ، يحثه على الاستقامة والتقوى ويخوفه من عواقب المعصية ويوصيه بالرّفق بالرعية ، وكان المأمون يُظهر قبوله بذلك ولكنه في حقيقة الحال يخفي غضبه وسخطه ويتبرم من نصائح الإمام عليه‌السلام. فوجد فيه عائقاً يحول دون تمتعه بالسلطة ومغرياتها بدون رقيب أو معارض ، ومن الشواهد على ذلك قول الطبرسي : « كان سبب قتل المأمون اياه أنه عليه‌السلام كان لا يحابي المأمون في

________________

(١) بحار الأنوار ٤٩ : ٣١٢ ـ ٣١٣.

١٩١

حق ويجيبه في أكثر أحواله بما يُغيظه ويحقده عليه ، ولا يُظهر ذلك له ، وكان عليه‌السلام يُكثر وعظه إذا خلا به ، ويخوّفه الله تعالى ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك ويبطن خلافه » (١).

كان الإمام الرضا عليه‌السلام لا يبخل على المأمون بنصائحه القيمة ، وخاصة ما يتعلق بالشؤون العامة ، ويمحضه اياها ولو تعارضت مع مصلحته الشخصية ، إحساساً منه بالمسؤولية الشرعية ، وبأن الدين النصيحة.

يروي سبط ابن الجوزي ان الرضا عليه‌السلام قال للمأمون : « النصح لك واجب ، والغش لايحل للمؤمن ، إن العامة تكره ما فعلت معي ، والخاصة تكره الفضل بن سهل ، والرأي أن تنحينا عنك حتى تستقيم لك الخاصة والعامة ، فيستقيم أمرك » (٢).

ثانياً : دافع الحسد :

وجد المأمون أن إمامنا قد بهر الألباب وحير العقول بعلميته الفائقة وقطعه لحجة كل من حاجه أو ناظره. كما وجد أن إمامنا أظهر قدرة فائقة على مداراة الناس وحسن التصرف مما جعل الجماهير تتعاطف معه وتتبارى في تكريمه والاحتفاء به ، فحسده على مكانته العالية في نفوس العلماء والعوام على حد سواء ، وكان ذلك أحد الدوافع التي جعلته يقدم على قتله حسداً له :

عن أحمد بن علي الأنصاري ، قال : سألت أبا الصلت الهروي فقلت

________________

(١) اعلام الورى ٢ : ٨٠ ، باب (٦).

(٢) تذكرة الخواص : ٣٥٥.

١٩٢

له : كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا عليه‌السلام مع إكرامه ومحبته له وماجعل له من ولاية العهد بعده ؟

فقال : إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبّه لمعرفته بفضله ، وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس انه راغب في الدنيا فيسقط محلّه من نفوسهم ، فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلّا ما ازداد به فضلاً عندهم ومحلاً في نفوسهم.. وكان الناس يقولون : والله انه أولى بالخلافة من المأمون ، وكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له (١).

ثالثاً ـ دسيسة الفضل بن سهل وأخيه :

المفارقة العجيبة أن الفضل بن سهل الذي عده البعض سبباً ـ كما أسلفنا ـ لإقدام المأمون على إلزام الإمام عليه‌السلام بولاية العهد ، عده البعض أيضا سبباً في إقدام المأمون على قتل الإمام عليه‌السلام هذه المرة !. علماً بأن الفضل بن سهل قد اغتيل والإمام على قيد الحياة ، فكيف ـ والحال هذه ـ يشير على المأمون بذلك ؟ اللهم إلّا إذا كان المأمون يريد التخلص من الفضل بن سهل والإمام عليه‌السلام معا ليُرضي العامة والخاصة على حد سواء ، فأقدم على اغتيال الفضل في الحمّام ، وعلى اغتيال الإمام عليه‌السلام بالسمّ.

ومهما يكن من أمر فان الشيخ المفيد قدس‌سره يرى بأن الفضل وأخاه كانا يحرضان المأمون على قتل الإمام عليه‌السلام وذلك لأن إمامنا : كان يُزري على الحسن والفضل ـ ابني سهل ـ عند المأمون إذا ذكرهما ، ويصف له مساوئهما

________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٦٥ ، ح ٣ باب (٥٩).

١٩٣

وينهاه عن الإصغاء إلى قولهما ، وعرفا ذلك منه فجعلا يحطبان عليه عند المأمون ويذكران له عنه ما يُبعده منه ويُخوِّفانه من حمل الناس عليه ، فلا يزالان كذلك حتى قلبا رأيه ، وعمل على قتله عليه‌السلام.. (١).

رابعاً ـ التقرب للعباسيين :

عمل المأمون على إعادة الجسور المقطوعة مع العباسيين ، وترميم ما تهدم من علائق معهم ، لذلك اتُهم المأمون في قتله ـ أي الرضا عليه‌السلام ـ تقرباً للعباسيين (٢).

خامساً ـ الخوف من مبدأ النص :

لقد استبد القلق بالمأمون من تفاعل الأمة مع مبدأ « النص » الذي تتبناهُ مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ، ذلك المبدأ الأمثل الذي ترسخ في وعي الأمة منذ عهد الرسالة الأولى وازداد بفضل أهل البيت عليهم‌السلام ثباتاً ورسوخاً ، وما جاء دور الإمام الرضا عليه‌السلام إلّا وقد عقد المناظرات واحتج بمختلف الآيات البينات زيادة علىٰ ما أدلىٰ به من أحاديث آبائه الطاهرين عليهم‌السلام في مناسبات شتىٰ ، ونتيجة لذلك أدرك المأمون خطورة هذا المبدأ الذي دافع عنه الإمام بقوة في مقابل اطروحة السلطة القائمة على صيغة « الرضا من آل محمد » التي يكتنفها الغموض ويلفها الإبهام ، وأثبتت الأيام عقمها وعدم مصداقيتها. من هنا لم يعد مستبعداً

________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٦٩ ، باب : ذكر وفاة الرضا عليه‌السلام وسببها.

(٢) تاريخ الإسلام السياسي والديني / الدكتور حسن ابراهيم حسن ٢ : ٧١.

١٩٤

إقدام المأمون على تصفية الإمام بعد إيجاده تياراً جماهيرياً واسعاً يعتقد بذلك المبدأ.

يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين : لقد أدرك المأمون واكتشف بخبرته السياسية أن ظهور هذه التفاعلات ـ ويقصد بها الجماهيرية ـ يجب أن يكون الحد النهائي لهذه التجربة ، تجربة : ولاية العهد. لقد اكتشف أنه فشل في تحقيق هدفه الستراتيجي بشأن صيغة النص ، وان الإمام هو الذي انتصر عليه في هذا المجال ، فآثر أن يكتفي بما حققه من أهدافه الملحة العاجلة ، قبل أن يتفاعل انتصار الإمام عليه‌السلام في مجال صيغة النص ، فيخلق وضعاً لاسبيل إلى تداركه يلقي بخلافة المأمون في عاصفة قد تذهب بها في ثورة تحت شعار صيغة النص بنقائها وصفائها. فأنهى بيعة الموت بقتل الإمام الرضا عليه‌السلام بالسم (١).

والملاحظ أن هناك روايات يُخبر من خلالها الإمام عليه‌السلام بأن المأمون سيقتله بالسم كما قُتل أبوه وأكثر أجداده عليهم‌السلام ، عن أبي الصلت الهروي قال ، قال الرضا عليه‌السلام : « ما منا إلّا مقتول ، وإني لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني ، أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخبره به جبرئيل عن ربّ العالمين عزّوجلّ » (٢).

كما كشف إمامنا لأبي الصلت الهروي فعلتهم الشنعاء ، قال أبو الصلت : دخلتُ على الرضا عليه‌السلام ، وقد خرج المأمون من عنده ، فقال لي :

________________

(١) الشيخ محمد مهدي شمس الدين / الإمام الرضا عليه‌السلام وولاية العهد ، مجلة التوحيد ، العدد ٣٤ ـ السنة الرابعة ، محرم ، صفر ١٤٠٧ هـ.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٢٠ ، ح ٥ باب (٤٦).

١٩٥

« يأبا الصلت قد فعلوها » وجعل يوُحّدُ الله ويُمجّدُهُ (١).

إنّ موت الإمام عليه‌السلام المفاجىء والغامض لا يُفسر بمعزل عن الظروف الضاغطة التي عاشها الإمام بعد إجباره على قبول ولاية العهد.

على أنه لا يمكن غضّ الطرف أيضاً عما فعله المأمون مع الإمام قبل ولاية العهد أيضاً ، إذ أخرجه مكرها من بلدته وحرم جدّه واستقدمه إلى خراسان.

وكان الألم والحزن يعتصر قلبه لفراق أهله ، فعاش غريباً كما تعيش النبتة الغريبة في أرض غير أرضها ومناخ غير مناخها ، حتىٰ قضىٰ نحبه عليه‌السلام شهيداً بطوس في قرية يقال لها « سنباذ » ، ودفن في دار قحطبة الطائي في القبة التي فيها هارون الرشيد ، إلى جانبه مما يلي القبلة ، في يوم الجمعة أو الاثنين ، في السابع عشر من صفر ، أو التاسع والعشرين منه ، وقيل في الحادي والعشرين من شهر رمضان أو في الثامن عشر من جمادي الأولى ، أو في الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة ٢٠٣ هـ أو سنة ٢٠٦ هـ وقيل سنة ٢٠٢.

ورجح الصدوق أن وفاته كانت في شهر رمضان لتسع بقين منه سنة ٢٠٣ هـ عن تسع وأربعين سنة وستة أشهر (٢).

فسلام عليه يوم وُلد ويوم استُشهد ويوم يُبعث حيّاً ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الأكرمين الأطهار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٧٠ ، باب : ذكر وفاة الرضا عليه‌السلام وسببها.

(٢) انظر : عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢٨ ، ح ١ ، باب (٣).

١٩٦

المحتويات

مقدِّمة المركز .................................................................  ٥

المقدمة ......................................................................  ٧

الفصل الأول : عصر الإمام الرضا عليه‌السلام سياسياً وثقافياً ...........................  ٩

المبحث الأول : عصر الإمام الرضا عليه‌السلام سياسياً ............................  ١٠

المبحث الثاني : عصر الإمام الرضا عليه‌السلام ثقافياً .............................  ١٨

الفصل الثاني : الامام الرضا عليه‌السلام قبل تولي الإمامة ...............................  ٢٣

المبحث الأول : الولادة والنشأة ...........................................  ٢٣

أولاً : الولادة ...........................................................  ٢٣

ثانياً : النشأة ........................................................  ٢٤

معاصرته لمدرسة جدّه ...................................................  ٢٧

المدرسة السرية ...........................................................  ٣٠

المدرسة السّيارة .........................................................  ٣١

أولاً : المدينة المنورة .......................................................  ٣٢

ثانياً : البصرة ............................................................  ٣٣

ثالثاً : الكوفة .........................................................  ٣٣

رابعاً : نيسابور ..........................................................  ٣٤

خامساً : مرو ..........................................................  ٣٦

المبحث الثاني : الإمام الرضا في ظل أبيه عليهما‌السلام ............................  ٣٨

المبحث الثالث : نسله الشريف ............................................  ٤٠

الفصل الثالث : الإمام الرضا عليه‌السلام بعد تولـيه الإمامة............................... ٤٣

المبحث الأول : النص على الإمام الرضا عليه‌السلام بالإمامة.......................... ٤٧

أولاً : من النصوص الدالة على إمامته عليه‌السلام :................................. ٤٧

١٩٧

ثانياً : أساليب الإمام الكاظم عليه‌السلام في النصّ على إمامة ولده الرضا عليه‌السلام .........  ٥٠

أولاً : أسلوب التلميح الشفوي : ............................................  ٥١

١ ـ السيادة وانتحال الكنية : ............................................  ٥١

٢ ـ بيان منزلته عليه‌السلام : ..................................................  ٥٢

٣ ـ الوصية بدفع الحقوق له عليه‌السلام : .......................................  ٥٣

٤ ـ الإشارة إلى كون الإمام الرضا عليه‌السلام من الأوصياء : ......................  ٥٣

ثانياً : أسلوب التصريح الشفوي ...........................................  ٥٤

أولا : تصريحه عليه‌السلام بإمامة ولده الرضا عليه‌السلام : ............................  ٥٤

٢ ـ توسيعه عليه‌السلام دائرة التصريح بإمامة ولده الرضا عليه‌السلام : ....................  ٥٦

ثالثاً : أسلوب الكتابة ......................................................  ٥٨

أسلوب الوصية : .........................................................  ٥٩

الأسلوب العام : .......................................................  ٥٩

الأسلوب الخاص : .....................................................  ٥٩

خامساً : أسلوب الترغيب والترهيب ..........................................  ٦٠

المبحث الثاني : بيان الإمام الرضا عليه‌السلام لحقيقة الإمامة .........................  ٦١

أولاً : إخبار الإمام الرضا عليه‌السلام بإمامته :....................................... ٦٤

ثانياً : إخبار الإمام الرضا عليه‌السلام بإمامة ابنه الجواد عليه‌السلام : ........................  ٧١

ثالثاً : هوية الإمام المهدي (عج) في أخبار الرضا عليه‌السلام ..........................  ٧٢

المبحث الثالث : قاعدة الإمامة في عصر الإمام الرضا عليه‌السلام .....................  ٧٦

أولاً : العلماء .............................................................  ٧٦

ثانياً : جمهور الناس ........................................................  ٨٠

ثالثاً : الشعراء .............................................................  ٨٢

الفصل الرابع : دور الإمام الرضا عليه‌السلام في صيانة الفكر الإسلامي ....................  ٨٥

المبحث الأول : حواراته عليه‌السلام مع أهل الأديان والملل والعقائد المختلفة ..........  ٨٨

١٩٨

أولاً : إثبات نبوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الكتب السماوية .............  ٨٨

ثانياً : إبطال عقيدة النصارى في المسيح عليه‌السلام ..................................  ٩٣

ثالثاً : الرَّد على عقيدة اليهود ..........................................  ٩٦

رابعاً : الرد على المجوس .....................................................  ٩٧

خامساً : الردّ على الصابئة : ................................................  ٩٩

سادساً : الرَّد على الزنادقة.................................................. ١٠٠

المبحث الثاني : حواراته مع أهل الإسلام ....................................  ١٠٢

أولاً : مناظرته عليه‌السلام حول عصمة الأنبياء : ...................................  ١٠٣

ثانياً : مناظرته عليه‌السلام حول الإمامة ..........................................  ١٠٧

١ ـ الفرق بين العترة والأمة .................................................  ١٠٨

٢ ـ استعراض الآيات الدالة على اصطفاء الأئمة : ............................  ١٠٨

٣ ـ مكانة آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ربّهم عزّوجلّ ................................  ١٠٩

٤ ـ الأئمة عليهم‌السلام هم أهل الذكر : ..........................................  ١١٠

٥ ـ في الواقع التاريخي للخلافة ..............................................  ١١١

ثالثاً : مناظرته عليه‌السلام حول البداء ...........................................  ١١٤

المبحث الثالث : أدوار أخرىٰ في خدمة الفكر والعقيدة .......................  ١٢٠

أولاً : ايجاد الحلول الشافية في مسائل الخلاف ................................  ١٢٠

ثانياً : تصحيح المفاهيم ...................................................  ١٢١

ثالثاً : كشف التحريف في الحديث .......................................... ١٢٢

رابعاً : التأويل السليم لما دلّ بظاهرة على التشبيه والتجسيم .....................  ١٢٤

خامساً : بيان سرّ أخبار الغلو والتقصير ومصدرها ............................  ١٢٦

سادساً : الآثار العلمية المنسوبة إلىٰ الإمام الرضا عليه‌السلام .........................  ١٢٧

المبحث الرابع : أساليبه التربوية وتعاليمه الراقية ..............................  ١٢٨

أولاً : علاقة الإنسان بنفسه ...............................................  ١٢٩

١٩٩

١ ـ إلتزام الصمت : ...................................................  ١٣١

٢ ـ الحلم : ...........................................................  ١٣٢

٣ ـ الحياء : ..........................................................  ١٣٣

٤ ـ التواضع : ......................................................... ١٣٤

٥ ـ العمل لوجه الله تعالى : ............................................  ١٣٦

٦ ـ الاستغناء عن الناس : ..............................................  ١٣٨

٧ ـ الاهتمام بالمظهر : .................................................  ١٣٨

ثانياً : علاقة الإنسان بخالقه ...............................................  ١٣٩

١ ـ أسلوب الاستغفار .................................................  ١٤١

٢ ـ أسلوب الدعاء ....................................................  ١٤١

ثالثاً : علاقة المسلم بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام : ...........................  ١٤٤

رابعاً : علاقته بأبناء جنسه ................................................  ١٤٦

١ ـ المواساة والإخاء في الله تعالى : .......................................  ١٤٧

٢ ـ العطاء والسخاء ...................................................  ١٤٨

٣ ـ العذر ............................................................  ١٥٠

٤ ـ عدم مجالسة أهل المعاصي : .........................................  ١٥٠

أ ـ التمجيد بالعقل ....................................................  ١٥٢

ب ـ توجيه النصح والمواعظ .............................................  ١٥٣

جـ ـ عدم الرضا عن المنكر ..............................................  ١٥٤

د ـ إقتفاء السنن ......................................................  ١٥٥

الفصل الخامس : دوره في الحفاظ على هوية التشيع .............................  ١٥٧

المبحث الأول : موقفه من الغلو والغلاة .....................................  ١٥٨

أولاً : إن الغلو كان نتيجة الوضع في الأخبار : ...............................  ١٥٩

ثانياً : إن الأئمة عليهم‌السلام عباد مخلوقون وليسوا بآلهة : ............................  ١٥٩

٢٠٠