مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

المقصد الثالث

في قسمة الخمس ومصرفها‌

وفيه مسائل‌ :

٨١
٨٢

المسألة الأولى : الخمس يقسّم أسداسا : الله ، ولرسوله ، ولذي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وأبناء السبيل ، على الحقّ المعروف بين أصحابنا ، بل عليه الإجماع عن صريح السيّدين والخلاف (١) ، وظاهر التبيان ومجمع البيان وفقه القرآن للراوندي (٢) ، بل هو إجماع حقيقة ، لعدم ظهور قائل منّا بخلافه ، سوى شاذّ غير معروف لا تقدح مخالفته في الإجماع ، فهو الدليل عليه ، مضافا إلى ظاهر الآية الكريمة (٣) ، وصريح الأخبار المستفيضة :

كمرفوعة أحمد ، وفيها : « فأما الخمس فيقسّم على ستّة أسهم : سهم لله ، وسهم للرسول ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، فالذي لله فلرسوله ، فرسول الله أحقّ به فهو له ، والذي للرسول هو لذوي القربى والحجّة في زمانه ، فالنصف له خاصّة ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد الذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة ، عوّضهم الله مكان ذلك الخمس » (٤).

ومرسلة حمّاد : « ويقسّم بينهم الخمس على ستّة أسهم : سهم لله ، وسهم لرسول الله ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ،

__________________

(١) المرتضى في الانتصار : ٨٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، الخلاف ٤ : ٢٠٩.

(٢) التبيان ٥ : ١٢٣ ، مجمع البيان ٢ : ٥٤٣ ، فقه القرآن ١ : ٢٤٣.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥١٤ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٩.

٨٣

وسهم لأبناء السبيل ، فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الأمر من بعد رسول الله وراثه ، فله ثلاثة أسهم : سهمان وراثة ، وسهم مقسوم له من الله ، فله نصف الخمس كملا ، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته ، فسهم ليتاماهم ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم » إلى أن قال : « وإنّما جعل الله هذا الخمس خاصّة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس ، تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » الحديث (١).

ومرسلة ابن بكير في قوله تعالى ( وَاعْلَمُوا ) إلى آخره ، قال : « خمس الله للإمام ، وخمس الرسول للإمام ، وخمس ذوي القربى لقرابة الرسول الإمام ، واليتامى يتامى آل الرسول ، والمساكين منهم ، وأبناء السبيل منهم ، فلا يخرج منهم إلى غيرهم » (٢).

والمروي في رسالة المحكم والمتشابه للسيّد عن تفسير النعماني : « ويجزّأ هذا الخمس على ستّة أجزاء ، فيأخذ الإمام منها سهم الله وسهم الرسول وسهم ذوي القربى ، ثمَّ يقسّم الثلاثة الباقية بين يتامى آل محمّد ومساكينهم وأبناء سبيلهم » (٣) ، وغير ذلك.

خلافا للمحكيّ في المعتبر والشرائع والتذكرة والمنتهى والجامع عن بعض أصحابنا (٤) ، فيقسّم خمسة أقسام بإسقاط سهم الله ، فواحد للرسول‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٥ ـ ٣٦١ ، الوسائل ٩ : ٥١٠ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٢.

(٣) رسالة المحكم والمتشابه : ٤٦.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٢٨ ، الشرائع ١ : ١٨٤ ، التذكرة ١ : ٢٥٣ ، المنتهى ١ : ٥٥٠ ، الجامع للشرائع : ١٥٠.

٨٤

والأربعة للأربعة.

وفي شرحي الشرائع لابن فهد : أنّه لا يعرف به قائلا (١) ، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ، واستدلّ له بالآية بتأويلها بما يوافقه ، وبصحيحة ربعي (٢).

والأول : مدفوع بتقديم الظاهر على التأويل ، سيّما مع تفسيرها بالظاهر في الأخبار (٣).

والثاني : بأنّه حكاية فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلعلّه اقتصر من سهميه على سهم وجزء من سهم تفضّلا منه على أقربائه.

ولا ينافيه قوله فيها : « وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، لجواز أن يكونوا يتأسون به ، فإنّه أيضا خبر ، ولا دليل على تأويله بالإنشاء ، مع أنّه على التأويل أيضا لا يفيد التعيّن ، فلعلّه لهم أرجح ولو للتأسّي ، ومع المعارضة فالترجيح لما مرّ بالأكثريّة والأشهريّة وموافقة الكتاب ومخالفة العامّة.

المسألة الثانية : سهم الله لرسوله‌ ، وسهما الرسول للإمام من بعده إجماعا ، وتدلّ عليه المراسيل الثلاث (٤) ، ورواية رسالة المحكم والمتشابه (٥) ، وصحيحة البزنطي ، وفيها : فما كان لله فلمن هو؟ فقال : « لرسول الله ، وما كان لرسول الله فهو للإمام » (٦).

__________________

(١) المهذب البارع ١ : ٥٦١ ، المقتصر : ١٠٧.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٠ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٣.

(٣) راجع ص : ٨٣.

(٤) المتقدمة في ص ٨٣ و ٨٤.

(٥) المتقدمة في ص ٨٤.

(٦) الكافي ١ : ٥٤٤ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٣ ، الوسائل ٩ : ٥١٢ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٦.

٨٥

ولا يعارضه قوله في رواية الجعفي : « فأمّا خمس الرسول فلأقاربه » (١) ، لأنّه يجب إرادة أشرف الأقارب تجوّزا بالقرينة المذكورة.

وسهم ذي القربى أيضا له على الحقّ المشهور ، بل المجمع عليه ، كما عن السرائر وظاهر الخلاف (٢) ، وفي الحدائق : أنّه اتّفقت عليه كلمة أصحابنا (٣).

ويدلّ عليه ـ بعد الإجماع المحقّق ـ ظاهر الآية ، حيث إنّ الظاهر مغايرة المعطوف للمعطوف عليه ، ولو كان المراد مطلق القرابة لا يبقى التغاير الكلّي ، ولأنّه لو كان المراد المطلق لكان الظاهر : ولذوي القربى ، مع أنّه لا دليل على أنّ المراد بالقربى : القرب في النسب خاصّة ، فيمكن أن يكون القرب فيه وفي الرتبة معا ، فيجب الأخذ بالمتيقّن ، وللأخبار المتقدّمة الأربعة ، وضعفها سندا لو قلنا به لانجبر بما ذكر.

خلافا للمحكيّ عن الإسكافي (٤) ، ويميل إليه كلام المدارك ، فقال : هو لجميع قرابة الرسول (٥).

واستشكل في المسألة بعض الأجلّة ، لظاهر الآية ، ولقوله في صحيحة ربعي : « ثمَّ يقسّم الأربعة الأخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل » (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢ ـ ٧٩ ، التهذيب ٤ : ١٢٥ ـ ٣٦٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠٩ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ١.

(٢) السرائر ١ : ٤٩٣ ، الخلاف ٤ : ٢٠٩.

(٣) الحدائق ١٢ : ٣٧٧.

(٤) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٢٠٤.

(٥) المدارك ٥ : ٣٩٩.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٠ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٣.

٨٦

وفي رواية الجعفي : « وأمّا خمس الرسول فلأقاربه ، وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه ».

ويضعّف الأول : بما مرّ من عدم الظهور لو لا ظهور خلافه ، مع أنّه مع الظهور يجب الصرف عنه بالأخبار المتقدّمة المعتضدة بما ذكر ، المخالفة (١) للعامّة.

والثاني : بأنّ فعله عليه‌السلام يمكن أن يكون برضا الإمام ، أو يكون المراد بذوي القربى : الأمير والحسنين.

والثالث : بأنّه لا يخالف ما ذكرنا ، لاحتمال أن يكون المراد بالأقرباء : الأئمّة ، وجمعه باعتبار التعدّد ولو في الأزمان وهو وإن كان مجازا إلاّ أنّه على العموم لا بدّ من التخصيص بما ذكرنا.

المسألة الثالثة : لا فرق فيما ذكر من قسمة الخمس أسداسا بين الأقسام الخمسة ، فيقسّم خمس الأرباح والمكاسب أيضا ستّة أقسام ، فمصرفها مصرف سائر الأخماس ، وفاقا لظاهر جمهور القدماء (٢) ومعظم المتأخّرين (٣).

لظاهر الآية ، وقوله في مرسلة حمّاد الطويلة : « وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبيّ ، الذين ذكرهم الله تعالى ، فقال ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ، وهم بنو عبد المطّلب أنفسهم ، الذكر منهم والأنثى (٤).

__________________

(١) في « ح » : لمخالفته.

(٢) كما في المقنعة : ٢٧٧.

(٣) كالمحقّق في الشرائع ١ : ١٨١ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٥٠ ، والقواعد ١ : ٦٢.

(٤) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

٨٧

وفي مرسلة أحمد : « وأمّا الخمس فيقسّم على ستة أسهم » إلى أن قال : « فالنصف له خاصّة ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد ، الذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة ، عوّضهم الله مكان ذلك الخمس » (١).

واحتمل جملة منهم اختصاصه بالإمام (٢) ، لدعوى دلالة جملة من الروايات عليه ، لدلالة بعضها على تحليلهم هذا النوع للشيعة (٣) ، ولو لا اختصاصهم به لما ساغ لهم ذلك ، لعدم جواز التصرف في مال الغير.

ولإضافته في بعض آخر إلى الإمام ، بمثل قول الإمام : « لي الخمس » أو : « لنا خمسة » أو : « حقّنا » ، وقول الراوي : حقّك ، أو : لك ، وأمثال ذلك.

ولتصريح جملة من الأخبار بأنّه لهم خاصّة ، كرواية ابن سنان المتقدّمة (٤).

ويرد على الأول ـ بعد المعارضة ـ : ( النقض ) (٥) بجملة من الأخبار المحلّلة للخمس بقول مطلق ، بحيث يشمل هذا النوع وغيره ، بل غير الخمس من أموال الفقراء ، بل كثير منها صريح في غيره ، كرواية عبد العزيز ابن نافع المصرّحة بتحليله ما سباه بنو أميّة لرجل استأذنه (٦).

ورواية إبراهيم بن هاشم : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام إذ دخل‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥١٤ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٩.

(٢) كما في الكفاية : ٤٤.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٣٧ أبواب الأنفال ب ٣.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٨.

(٥) في النسخ : والنقض ، والظاهر ما أثبتناه.

(٦) الكافي ١ : ٥٤٥ ـ ١٥ ، الوسائل ٩ : ٥٥١ أبواب الأنفال ب ٤ ح ١٨.

٨٨

صالح بن محمّد بن سهل ـ وكان يتولى له الوقف بقم ـ فقال : يا سيّدي ، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ ، فإنّي أنفقتها ، فقال له : « أنت في حلّ » فلمّا خرج صالح فقال أبو جعفر عليه‌السلام : « أحدهم يثبت على أموال آل محمّد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ، ثمَّ يجي‌ء فيقول : اجعلني في حلّ ، أتراه ظنّ أنّي أقول : لا أفعل؟! والله ليسألنّهم يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا » (١).

وصحيحة عمر بن يزيد : رأيت مسمعا بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام تلك السنة مالا فردّه أبو عبد الله عليه‌السلام عليه ، فقلت له : لم ردّ عليك أبو عبد الله المال الذي حملته إليه؟ قال : فقال : إنّي قلت له حين حملت إليه المال : إنّي كنت وليت البحر من الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم ، وقد جئتك بخمسها ثمانين ألف درهم ، وكرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها وهي حقّك الذي جعل الله لك في أموالنا ـ إلى أن قال ـ فقال : « يا أبا سيّار ، قد طيّبناه لك وأحللناك منه » الحديث (٢).

مع أنّهم لا يقولون بالاختصاص بالإمام في غير هذا النوع ، فما هو جوابهم عن ذلك فهو جوابنا فيما نحن فيه ، مع عدم جواز تصرّفهم في مال الغير مطلقا ، كيف لا؟! وهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فما ظنّك بأموالهم؟! وفي رواية الكابلي : « إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كلّ ما في‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٤٨ ـ ٢٧ ، التهذيب ٤ : ١٤٠ ـ ١٩ ، الاستبصار ٢ : ٦٠ ـ ١٩٧ ، الوسائل ٩ : ٥٣٧ أبواب الأنفال ب ٣ ح ١.

(٢) الكافي ١ : ٤٠٨ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ١٤٤ ـ ٤٠٣ ، الوسائل ٩ : ٥٤٨ أبواب الأنفال ب ٤ ح ١٢.

٨٩

بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلنّ في قلبك شي‌ء ، وإنّما يعمل بأمر الله » (١).

وفي صحيحة زرارة : « الإمام يجري وينفّل ويعطي ما شاء قبل أن تقع السهام ، وقد قاتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوم لم يجعل لهم في الفي‌ء نصيبا ، وإن شاء قسّم ذلك بينهم » (٢).

وفي رواية أبي بصير : « أما علمت أنّ الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ، ويدفعها إلى من يشاء ، جائز له ذلك من الله » (٣).

وعلى الثاني : عدم الدلالة ، لأنّ ما كان منها بلفظ الجمع ـ كخمسنا ، وحقّنا ، ولنا ، وأمثال ذلك ـ فلإجمال ما به الاجتماع (٤) يحتمل إرادة ذرّية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه ، ألا ترى إلى صحيحة محمّد في قول الله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) الآية ، قال : « هم قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالخمس لله وللرسول ولنا » (٥).

وفي رواية الحلبي : الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة ، فقال : « يؤدّي خمسنا ويطيب له » (٦).

وفي رواية أبي بصير : « كلّ شي‌ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله فإنّ لنا خمسه ، ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقّنا » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤٨ ـ ٤١٢ ، الوسائل ٩ : ٥٢٠ أبواب قسمة الخمس ب ٢ ح ٣.

(٢) الكافي ١ : ٥٤٤ ـ ٩ ، الوسائل ٩ : ٥٢٤ أبواب الأنفال ب ١ ح ٢.

(٣) الكافي ١ : ٤٠٨ ـ ٤.

(٤) في « ح » و « س » : إجماع.

(٥) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ٥١١ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٥.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٩ : ٤٨٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٨.

(٧) الكافي ١ : ٥٤٥ ـ ١٤ ، المقنعة : ٢٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٤٢ أبواب الأنفال ب ٣ ح ١٠.

٩٠

وما كان بالإضافة فلإجمال ما لأجله الإضافة ـ حيث إنّه يكفي فيها أدنى ملابسة ـ يحتمل إرادة ما يجب أن يصل إليهم ، حيث إنّ لهم التصرّف فيه.

ولأنّه ـ كما مرّ في صحيحة عمر بن يزيد ـ إطلاق : حقّك ، على خمس الغوص ، والحكم بالملكيّة في بعض الإضافات عرفا ، إنّما هو بواسطة أصل عدم اختصاص لغيره ، فلا يفيد في موضع كان دليل على شركة الغير ، ولا تعارض.

ومنه يظهر الإيراد على ما يتضمّن لفظة اللام مثل قوله : لي وللإمام ، فإنّ ظهور مثل ذلك في التمليك دون نوع من الاختصاص ، مع أنّه لا يثبت من اللام سوى الاختصاص باعتبار الأصل. ولذا لا يعارض قول القائل : أوصى بذلك لزيد ، مع قوله : أوصى أن يعطي زيد ذلك عمرا ، ونحو ذلك.

ولذا ورد في مرسلة الورّاق : « وإذا غزوا بإذن الإمام فغنموا كان للإمام الخمس » (١).

هذا ، مع أنّ لفظ : حقّك ، في رواية عليّ بن مهزيار ورد في كلام السائل ، ولا حجّية في التقرير على الاعتقاد ، ولذا عدل الإمام إلى قوله : « يجب عليهم الخمس » (٢).

وأمّا في رواية النيشابوري (٣) فيمكن كون اللام صلة لقوله : يجب‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٥ ـ ٣٧٨ ، الوسائل ٩ : ٥٢٩ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ١٦.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٢ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦ ـ ٣٩ ، الاستبصار ٢ : ١٧ ـ ٤٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٢.

٩١

لك ، لا للاختصاص والتمليك.

وممّا ذكر يظهر ما يرد على الثالث أيضا ، مع أنّ رواية ابن سنان (١) لاشتمالها على قوله : « غنم » تخالف الآية الكريمة وسائر ما دلّ على التشريك في الغنيمة ـ سواء حملت الغنيمة على المعنى الخاصّ أو العامّ ـ فلا تكون حجّة ، مع أنّه على الحمل على المعنى الخاصّ يكون مخالفا لمختارهم أيضا.

وأمّا حمل الغنيمة في الرواية على المعنى العامّ دون الآية فلا وجه له.

مضافا إلى عدم إمكان إبقائها على ظاهرها ، لدلالتها على الاختصاص بسيّدة النساء والحجّة من ذرّيتها ، وهو ممّا لا يقول به أحد ، لاشتراك الرسول والأمير إجماعا ، مع أنّ مفادها ليس الاختصاص بالحجّة ، بل بفاطمة ومن يلي أمرها من ذرّيتها ، فلا يثبت منها حكم بعد وفاة فاطمة ومن يلي أمرها ، فتأمّل. وأيضا لا بدّ إمّا من التخصيص ، أو التجوّز في لفظة : « غنم » ، أو التجوّز في لفظة اللام ، أو تجوّز آخر ، ولا ترجيح.

المسألة الرابعة : يعتبر في الطوائف الثلاث الأخر أن يكونوا من السادات على الحقّ المشهور ، بل عن الانتصار الإجماع عليه (٢) ، للروايات الأربع (٣) ، ورواية ابن سنان المتقدّمة في الأرباح (٤) ، ورايتي الجعفي (٥)

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٨.

(٢) الانتصار : ٨٧.

(٣) المتقدّمة في ص : ٨٣ و ٨٤.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٨ ، وقد تقدمت في ص ١١.

(٥) المتقدّمة في ص : ٨٦.

٩٢

وسليم بن قيس (١) ، وحسنة إبراهيم بن هاشم المتضمّنة لقضيّة صالح بن محمّد بن سهل (٢).

وتؤيّده الأخبار المتضمّنة لمثل قوله : خمسنا ، وحقّك ، ولي منه الخمس ، وخمسنا أهل البيت ، ولنا الخمس (٣).

خلافا للمحكيّ عن الإسكافي ، فلم يعتبره ، بل جوّز صرفه إلى غيرهم من المسلمين مع استغناء القرابة عنه (٤).

وهو ـ مع شذوذه ـ غير واضح المستند ، عدا إطلاق بعض الظواهر ، اللازم تقييده بالنصوص المستفيضة المنجبرة بالشهرة العظيمة ، بل الإجماع في الحقيقة.

وأمّا الاستدلال بإطلاق صحيحة ربعي (٥) فغفلة واضحة ، إذ الفعل لا عموم له.

المسألة الخامسة : السادة هم : الهاشميّون المنتسبون إلى هاشم جدّ النبيّ ، أي أولاد عبد المطّلب من بني عبد الله وأبي طالب والعبّاس والحارث وأبي لهب ، واستحقاقهم الخمس إجماعي.

ويدلّ عليه قوله في مرسلة حمّاد المتقدّمة بعضها : « وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذين ذكرهم الله تعالى فقال : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) وهم بنو عبد المطّلب أنفسهم ، الذكر منهم والأنثى ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ، ولا فيهم‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٢ ، الوسائل ٩ : ٥١١ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٤.

(٢) راجع ص : ٨٨.

(٣) انظر الوسائل ٩ : ٥٣٥ أبواب الأنفال ب ٢.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٢٠٥.

(٥) المتقدّمة في ص : ٨٦.

٩٣

ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم ، وقد تحلّ صدقات الناس لمواليهم ، وهم والناس سواء ، ومن كانت امّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقات تحلّ له وليس له من الخمس شي‌ء ، لأنّ الله يقول ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) » الحديث (١).

ويؤيّده أيضا تصريح الأخبار بأنّ الخمس عوض الزكاة (٢) ، واستفاضتها في حرمتها على بني هاشم.

وهذه الأدلة قرائن على إرادة بني هاشم من آل محمّد وأهل بيته الذين وقع في بعض الأخبار التصريح بأنّ هذا الخمس لهم (٣).

ولا يستحقّه غيرهم على الحقّ المشهور ، لمرسلة حمّاد (٤) ، وعدم صدق آل محمّد وأهل بيته على غيرهم.

خلافا للمحكيّ عن المفيد والإسكافي (٥) ، فجوّزاه للمطّلبي ، أولاد المطّلب عمّ عبد المطّلب.

لموثّقة زرارة : « لو كان العدل لما احتاج هاشمي ولا مطلبيّ إلى صدقة ، إنّ الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم » (٦).

وهي بمخالفة الشهرة العظيمة الموجبة لشذوذها مردودة ، مع أنّ بمعارضتها مع ما ذكر تخرج عن الحجّية ، فيجب الاقتصار على ما ثبت‌

__________________

(١) تقدمت مصادرها في ص ٨٤ ، ٨٧.

(٢) الوسائل ٩ : ٥٠٩ أبواب قسمة الخمس ب ١.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٠٩ أبواب قسمة الخمس ب ١.

(٤) المتقدمة مصادرها في ص : ٨٤ ، ٨٧.

(٥) حكاه عنهما في المعتبر ٢ : ٦٣١ ، والمختلف ٢٠٥.

(٦) التهذيب ٤ : ٥٩ ـ ١٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٣٦ ـ ١١١ ، الوسائل ٩ : ٢٧٦ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٣ ح ١.

٩٤

الإجماع في التعدّي إليه من أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع أنّ إرادة المنسوب إلى عبد المطّلب ممكن ، فإنّ المركّب ينسب إلى جزئه الأخير.

المسألة السادسة : المعتبر في الانتساب إلى هاشم أن يكون بالأب ، فلا يعطى من انتسب إليه بالأمّ خاصّة ، على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة أصحابنا سوى نادر يأتي ذكره ، لمرسلة حمّاد المتقدّمة (١) المعمول عليها عند الأصحاب ، المنجبر ضعفها ـ لو كان ـ به.

وخلافا للسيّد ، فيكتفي بالانتساب بالأمّ أيضا (٢) ، ونسب إلى ابن حمزة (٣) ، وكلامه في الوسيلة ـ كما حكي ـ صريح في الأول (٤) ، ومال إليه بعض الأجلّة (٥) ، واختاره صاحب الحدائق وبالغ فيه (٦).

احتجّ السيّد بصدق الولد على المنتسب بالبنت والأب على الجدّ منها حقيقة. وقد بالغ صاحب الحدائق في إثبات ذلك بالآيات والأخبار والاعتبارات.

وزيد في الدليل أيضا بأنّ جملة من الأخبار الواردة في الخمس إنّما تضمّنت التعبير بآل محمّد وأهل بيته أو آل الرسول أو ذرّيته أو عترته أو قرابته أو نحو ذلك من الألفاظ ، ولا يمكن النزاع في شمولها لأولاد البنات (٧).

__________________

(١) في ص : ٩٣.

(٢) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٥٧ ـ ٢٦٥.

(٣) نسبه إليه في المدارك : ٣٠٧ ، والمفاتيح ١ : ٢٢٨.

(٤) الوسيلة : ١٣٧.

(٥) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٤ : ١٨٧.

(٦) الحدائق ١٢ : ٣٩٦.

(٧) الحدائق ١٢ : ٣٩٠.

٩٥

وردّ الأول : بعدم اقتضاء صدق الولد على ولد البنت لاستحقاق المنتسبين بالأمّ للخمس مطلقا ، إذ ليس في باب المستحقين للخمس أنّهم أولاد هاشم أو أولاد رسول الله ، سوى المرسلة (١) المتضمّنة للفظ : بنو عبد المطّلب ، المصرّحة بإرادة المنتسبين بالأب خاصة.

قال بعض الأجلّة ـ بعد بيان النزاع في الإطلاق الحقيقي للفظ الولد والابن والنسبة ـ : والحقّ أنّه لا طائل تحت هذا النزاع هنا ، فإنّا لم نظفر من أخبار الخمس بخبر فيه لفظ بني هاشم أو الهاشمي. انتهى.

أقول : استدلال السيّد ومن يحذو حذوه ليس منحصرا بإطلاق لفظ الولد ، بل محطّ استدلاله على لفظ الولد والابن كما تنادي به استدلالاتهم للإطلاق الحقيقي بمثل قوله سبحانه ( وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ ) (٢) وقوله ( أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ ) (٣) وبقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ابناي هذان إمامان » (٤) ، ونحوها (٥).

ولفظ الابن وإن قلّ وروده في باب المستحقّين للخمس ، ولكنّه ورد ـ في باب من تحرم عليه الصدقة ـ في الأخبار المستفيضة (٦) جدّا حرمتها على بني هاشم وبني عبد المطّلب ، واستفاضت بذلك الروايات.

بل ورد في بعض الروايات الصحيحة تعليق الحرمة على الولد أيضا ، كما في صحيحة ابن سنان : « لا تحلّ الصدقة لولد العبّاس ولا لنظرائهم من‌

__________________

(١) أي مرسلة حماد المتقدّمة في ص : ٨٤ ، ٨٧.

(٢) النساء : ٢٣.

(٣) النور : ٣١.

(٤) كشف الغمّة ١ : ٥٣٣ ، البحار ٤٣ : ٢٧٨.

(٥) النساء : ٢٨ ، النور : ٣٢.

(٦) الوسائل ٩ : ٢٦٨ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٩.

٩٦

بني هاشم » (١).

وفي رواية المعلّى : « لا تحلّ الصدقة لأحد من ولد العبّاس ، ولا لأحد من ولد عليّ عليه‌السلام ، ولا لنظرائهم من ولد عبد المطّلب » (٢).

ولا شكّ أنّ حرمة الصدقة تستلزم حلّية الخمس استلزاما ثابتا بالإجماع المركّب وتتبّع الأخبار.

وقد يردّ ذلك الدليل أيضا بأنّ مع تسليم الصدق الحقيقي على ولد البنت يتعارض بمثله من الاندراج تحت إطلاق مثل : القريشي ، الذي يحرم عليه الخمس إجماعا ، وترجيح الإطلاق الأول على هذا ليس بأولى من عكسه.

وفيه : أنّ هذا يصحّ إنّما لو كان هناك إطلاق لفظي في حرمة الخمس على ولد فلان ، ولم يظفر بمثله إلى الآن. وأمّا الإجماع فلا يفيد ، لوجوب الاقتصار فيه على المجمع عليه.

فالصواب أن يردّ الدليل الأول ـ بعد تسليم الصدق الحقيقي ـ بأنّ المطلق بالدليل يقيّد ، والعامّ يخصّص ، والمرسلة المذكورة (٣) المعتضدة بالشهرة العظيمة المنجبرة بها مقيّد ومخصّص ، فلا بدّ من التقييد والتخصيص.

وبذلك يجاب عن الثاني أيضا.

والقدح فيه ـ بأنّ المرسلة مخالفة للكتاب وموافقة للعامّة ، من حيث إنّ الكتاب العزيز مصرّح بصدق الابن على أولاد البنت ، والعامّة متّفقون‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٥٩ ـ ١٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٥ ـ ١٠٩ ، الوسائل ٩ : ٢٦٩ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٩ ح ٣.

(٢) التهذيب ٩ : ١٥٨ ـ ٦٥١.

(٣) أي مرسلة حمّاد المتقدمة في ص ٨٤ ، ٨٧.

٩٧

على خلافه ، فيجب طرحها ـ مردود بأنّ ذلك إنّما هو في صورة وجود المعارض المساوي ، وهو هنا مفقود ، بل المعارض هنا أعمّ مطلقا ، فيجب تخصيصه.

والقول ـ بأنّ التخصيص بالأخصّ المطلق فرع التكافؤ ، وهو هنا منتف ، لتواتر الأخبار على صدق الولد والابن على أولاد البنت ، ودلالة الكتاب عليه ـ غفلة ، إذ لا كلام لنا هنا في الصدق المذكور ، وإنّما الكلام في استحقاق الخمس ، ومطلقاته ليست بأقوى من هذه المرسلة المعاضدة بالشهرتين بحيث لا تصلح لتخصيصها.

ومن هذا يظهر عدم مخالفة المرسلة للكتاب ولا موافقتها للعامّة أيضا.

فإن قيل : التعليل بقوله : « لأنّ الله تعالى يقول ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) (١) » ينافي صدق الابن الحقيقي ، وهو مخالف للكتاب وموافق للعامّة.

قلنا : إن أريد أنّ العلّة مخالفة وموافقة فهي كلام الله سبحانه.

وإن أريد التعليل بها كذلك ، فهو إنّما يتمّ لو كان التعليل لعدم صدق الولد أو الابن ، ولكنه لعدم استحقاق الخمس.

غاية الأمر أنّ جهة التعليل تكون لنا مخفيّة.

سلّمنا ، ولكن طرح جزء من الخبر لا يوجب طرح باقيه ، ولو كان الأول علّة للثاني لو لم يحتج في إثبات الأول إلى علّيّة ، فإنّ اللازم حينئذ التقيّة في التعليل ، وهي لا تثبت منها التقيّة في المعلول أيضا ، فإنّه لو قال الشارع : الخمر نجس لأنّه كالبول في الميعان ، وطرحنا العلّة ـ لكونها قياسا‌

__________________

(١) الأحزاب : ٥.

٩٨

باطلا ـ لا يطرح أصل الحكم ، بل نقول : إنّ في التعليل تقيّة ، أو تقريبا لأذهان العامّة ، أو احتجاجا عليهم بطريقتهم.

نعم ، لو ثبت الملازمة بين عدم استحقاق الخمس وعدم صدق الولد أو الابن لكان لبعض هذه الوجوه وجه ، ولكنّها غير ثابتة ، ألا ترى أنّ الشيخين العالمين ـ الشيخ سليمان بن عبد الله ، والشيخ عبد الله بن صالح البحرينيّين ـ رجّحا مذهب السيّد في مسألة صدق الولد والابن ، ومنع الأول المنتسب بالأمّ من الخمس ، وتوقّف الثاني فيه (١)؟! ومنه يظهر ما في كلام شيخنا صاحب الحدائق (٢) ، حيث نسب موافقة السيّد في مسألة الخمس إلى جماعة من المتأخّرين والقدماء بمحض موافقتهم له في مسألة صدق الولد والابن.

المسألة السابعة : هل يجوز أن يخصّ بنصف الخمس الذي للطوائف الثلاث طائفة أو طائفتان منها ، أم يجب البسط على الأصناف؟

المحكيّ عن الفاضلين (٣) ومن تأخّر عنهما (٤) : الأول ، بل هو المشهور بين المتأخّرين ، كما صرّح به جماعة (٥).

لصحيحة البزنطي الواردة في الخمس : أفرأيت إن كان صنف أكثر من صنف ، وصنف أقلّ من صنف ، كيف يصنع به؟ فقال : « ذلك إلى الإمام ، أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف صنع؟ إنّما كان يعطي على ما يرى هو ، كذلك الإمام » (٦).

__________________

(١) نقله عنهما في الحدائق ١٢ : ٤١٦.

(٢) الحدائق ١٢ : ٣٩٠.

(٣) المحقق في المعتبر ٢ : ٦٣١ ، العلاّمة في التحرير ١ : ٧٤.

(٤) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٨.

(٥) كصاحب المدارك ٥ : ٤٠٥ ، والسبزواري في الذخيرة : ٤٨٨.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٣ ، الوسائل ٩ : ٥١٩ أبواب قسمة الخمس ب ٢ ح ١.

٩٩

وتضعف بعدم صراحتها في جواز التخصيص بطائفة ، بل ولا ظهورها.

نعم ، تدلّ على عدم وجوب استيعاب أشخاص كلّ صنف.

وعن المبسوط والحلبي والتنقيح : الثاني (١) ، ومال إليه جمع من متأخّري المتأخرين ، منهم : الذخيرة والحدائق (٢) وبعض شرّاح المفاتيح.

وهو الأقوى ، لظاهر الآية الشريفة (٣) ـ فإنّ اللام للملك أو الاختصاص ، والعطف يقتضي التشريك في الحكم ، وحملها على بيان المصرف خلاف الظاهر ، وارتكابه في الزكاة لوجود الصارف ، وهو هنا مفقود ـ وظاهر المرسلتين المتقدّمتين (٤) ، ورواية رسالة المحكم والمتشابه (٥) ، ويدلّ عليه أيضا استصحاب شغل الذمّة.

وتردّد في النافع والشرائع في المسألة (٦) ، وجعل الأحوط : الأول.

ولا يجب بسط حصّة كلّ صنف على جميع أفراده مطلقا بلا خلاف فيه ، ولا على الحاضر منهم على الأشهر الأظهر.

خلافا فيه للمحكيّ عن الحلّي والدروس (٧) ، لاستلزام الأول العسر والحرج المنفيّين ، سيّما في هذه الأزمنة ، مع كونه مخالفا لعمل الطائفة بل الإجماع بالضرورة ، فتحمل لأجله اللام في الآية على الجنس ، ومقتضاه‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٦٢ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٣ ، التنقيح ١ : ٣٤١.

(٢) الذخيرة : ٤٨٨ ، الحدائق ١٢ : ٣٨١.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) في ص : ٨٣ و ٨٤.

(٥) المتقدّمة في ص : ٨٤.

(٦) النافع : ٦٣ الشرائع ١ : ١٨٢.

(٧) الحلي في السرائر ١ : ٤٩٧ ، الدروس ١ : ٢٦٢.

١٠٠