مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

على الحقيقة ، وهم أساطين أهل الإسلام ، فكيف يقال : إنّه مخالف لعمل المسلمين؟! وأمّا تسويته في الظنّ مع العدلين وإيجابها تسويتهما في القبول فهو من باب القياس المردود عندنا. فتأمّل.

ونقل في الشرائع قولا بعدم قبول العدلين في الهلال مطلقا (١).

وهو ضعيف مردود بجميع الروايات المتقدّمة.

فروع :

أ : قد صرّح جملة من الأصحاب ـ منهم : الفاضل (٢) وغيره (٣) ـ بأنّه لا يعتبر في ثبوت الهلال بالشاهدين حكم الحاكم ، بل لو رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم وجب على من سمع شهادتهما وعرف عدالتهما الصوم أو الفطر.

وهو كذلك ، لقوله في صحيحة منصور المتقدّمة : « فإن شهد عندك شاهدان » (٤) ، وفي صحيحة الحلبي السالفة : « إلاّ أن يشهد لك بيّنة عدول » (٥).

ب : يثبت الهلال بالشهادة على الشهادة‌ ، وفاقا لشيخنا الشهيد الثاني والمدارك والحدائق (٦) ، لعمومات قبول الشهادة على الشهادة ، كمرسلة‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٩٩.

(٢) في التذكرة ١ : ٢٧١.

(٣) كصاحب الحدائق ١٣ : ٢٥٨.

(٤) راجع ص : ٣٩٧.

(٥) لم تتقدم كذا صحيحة للحلبي ، نعم هذا النصّ موجود في صحيحة الشحام المتقدمة في ص ٣٩٧.

(٦) الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٦ ، المدارك ٦ : ١٧٠ الحدائق ٣ : ٢٦٢.

٤٠١

الفقيه : « إذا شهد رجل على شهادة رجل فإنّ شهادته تقبل ، وهي نصف شهادة ، وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبتت شهادة رجل واحد » (١) ، وغيرها (٢).

وهذه العمومات هي مراد الشهيد الثاني ، دون عمومات قبول شهادة العدلين ، كما توهّمه في الذخيرة وردّه : بأنّ المتبادر من النصوص شهادة الأصل (٣).

خلافا للتذكرة ، مسندا إيّاه إلى علمائنا (٤) ، للأصل ، واختصاص ورود القبول بالأموال.

والأول مدفوع بما مرّ. والثاني ممنوع.

ج : تقبل شهادة العدلين على الاستفاضة المفيدة للعلم‌ ، كما صرّح به جملة من الأصحاب (٥) ، لصحيحة هشام فيمن صام تسعة وعشرين : « إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا للثلاثين على رؤية قضى يوما » (٦).

د : لو اختلف الشاهدان فيما تسمع شهادتهما في صفة الهلال بالاستقامة والانحراف‌ ، ففي المدارك : أنّه تبطل شهادتهما (٧) ، ولا بأس به. وكذلك لو اختلفا في جهة الحدبة أو موضع الهلال ، لاختلاف المشهود به. وقال : ولا كذلك لو اختلفا في زمان الرؤية مع اتّحاد الليلة. وهو كذلك.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٤١ ـ ١٣٥ ، الوسائل ٢٧ : ٤٠٤ أبواب الشهادات ب ٤٤ ح ٥.

(٢) الوسائل ٢٧ : ٤٠٢ أبواب الشهادات ب ٤٤.

(٣) الذخيرة : ٥٣١.

(٤) التذكرة ١ : ٢٧٠.

(٥) كما في المدارك ٦ : ١٧٠ ، والحدائق ١٣ : ٢٦٢.

(٦) التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٣.

(٧) المدارك ٦ : ١٧٠.

٤٠٢

هـ : لو شهد أحدهما برؤية شعبان الاثنين مثلا والآخر برؤية رمضان الأربعاء‌ ، لم يقبل على الأظهر ، لتغاير ما شهد به كلّ واحد مع الآخر ، فلا يثبت شي‌ء منهما ، ولوجوب الاقتصار في إثبات أمر مخالف للأصل على موضع اليقين ، ولا يعلم من الأخبار قبول مثل ذلك.

وفي المدارك احتمل القبول ، لاتّفاقهما في المعنى (١). وهو غير مفيد.

و : لا يكفي قول الشاهد : اليوم الصوم أو الفطر‌ ، بل يجب على السامع الاستفصال ، لاختلاف الأقوال ، وإمكان الاستناد إلى أمر غير مقبول ، وللأصل المذكور.

وفي المدارك : نعم ، لو علمت الموافقة أجزأ الإطلاق (٢).

وفيه : أنّ الموافقة في القول لا تنفي الاشتباه في المستند. وبالجملة مقتضى الأصل : عدم القبول.

ولا يثبت الهلال بغير ما ذكر.

وها هنا أمور أخر اعتمد إلى كلّ منها بعضهم :

منها : العدل الواحد‌ ، فإنّه لا يقبل في ثبوت الهلال مطلقا على الحقّ المشهور ، بل عن الخلاف والغنية : الإجماع عليه (٣) ، للأصل ، والاستصحاب ، والمستفيضة المصرّحة بأنّه لا يقبل في الهلال غير العدلين (٤).

خلافا للديلمي ، فقبله في هلال شهر رمضان بالنسبة إلى الصوم خاصّة دون غيره من أجل ومدّة (٥) ، للاحتياط.

__________________

(١) المدارك ٦ : ١٧٠.

(٢) المدارك ٦ : ١٧٠.

(٣) الخلاف ٢ : ١٧٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٠.

(٤) انظر الوسائل ١٠ : ٢٨٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١١.

(٥) المراسم : ٩٦.

٤٠٣

وصحيحة محمّد بن قيس : « إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه عدل من المسلمين » الحديث (١).

وفحوى رواية داود بن الحصين : « ولا بأس بالصوم بشهادة النساء ولو امرأة واحدة » (٢).

ورواية يونس بن يعقوب : قال له غلام : إنّي رأيت الهلال ، قال : « اذهب فأعلمهم » (٣) ، وبعض الروايات العامّية (٤) ، والوجوه الاستحسانيّة.

ويردّ الأول : بأنّه على تقدير تسليمه ليس دليلا شرعيّا ، مع أنّه إنّما يتمّ على القول بجواز صوم يوم الشكّ بنيّة رمضان ، وأمّا على القول الأقرب فلا يمكن الاحتياط بصومه بنيّته ، ونيّة شعبان ليس فيها عمل بشهادة الواحد ، بل عدول عنها.

والثاني أولا : بأنّه مخالف للمطلوب ، لوروده بالقبول في أول شوّال.

وثانيا : بأنّ لفظ العدل كما يطلق على الواحد يطلق على الزائد ، لأنّه مصدر يصدق على القليل والكثير ، تقول : رجل عدل ، ورجلان عدل ، ورجال عدل.

وثالثا : باختلاف النسخ ، فبعضها كما ذكر ، وآخر مكان « أو شهد عدل » : « واشهدوا عليه عدولا » ، وفي ثالث مكانه : « أو يشهد عليه بيّنة عدل من المسلمين » ، وعلى هذا فلا تكون حجّة.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٧٧ ـ ٣٣٧ ، التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ ـ ٢٠٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٦٩ ـ ٧٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٣٠ ـ ٩٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٩١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١١ ح ١٥.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦١ ـ ٤٥٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٥.

(٤) انظر سنن النسائي ٤ : ١٣١ ، وسنن أبي داود ٢ : ٣٠٢ ، وسنن الترمذي ٢ : ٩٩.

٤٠٤

ورابعا : بعدم الحجّية ، لمخالفة الشهرة العظيمة ، الموجبة لدخوله في حيّز الشذوذ.

وخامسا : بعدم معارضته للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

والثالث : بالأخيرين ، مضافا إلى معارضته مع ما نصّ على عدم قبول شهادة النساء ، وهو كثير ، وعليه الإجماع عن الانتصار والغنية (١). وإلى أنّ الديلمي لا يقبل الامرأة الواحدة ، فالأصل عنده مردود ، فكيف يبقى الفرع؟! والرابع : بأنّه لا دلالة فيه على الإجزاء بشهادته ، بل أمره بالشهادة ، لجواز أن يكون رآه غيره أيضا.

ومنها : الجدول‌ ، والمراد منه : التقويم المتعارف ، الموضوع لضبط بعض الأحوال المتعلّقة ببعض الكواكب في السنة ، كما هو الظاهر.

أو جدول أهل الحساب المتضمّن لثبت شهر تامّا وشهر ناقصا سوى الكبيسة ، كما صرّح به في الروضة (٢).

أو جدول كان وضعه عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، ونسبه إلى الصادق عليه‌السلام ، كما صرّح به في الغنية (٣) :.

والعدد ، سواء كان بمعنى عدّ شعبان ناقصا ورمضان تامّا أبدا ، أو عدّ شهر تامّا وآخر ناقصا مطلقا في جميع السنة مبتدأ من المحرّم ، أو عدّ خمسة أيّام من هلال رمضان الماضي وجعل الخامس أول الحاضر ، أو عدّ تسعة وخمسين من هلال رجب ، أو عدّ كلّ شهر ثلاثين.

والتطوّق بظهور النور في جرمه مستديرا.

__________________

(١) الانتصار : ٦٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٠.

(٢) الروضة ٢ : ١١٠.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

٤٠٥

وغيبوبة الهلال بعد الشفق.

ورؤية ظلّ الرأس في ظلّ القمر.

فإنّه لا عبرة بشي‌ء منها في ثبوت أول الشهر على الحقّ المشهور بين قدماء أصحابنا (١) ، ومتأخريهم (٢) ، بل على نفي بعضها الإجماع ، أو عدم الخلاف في بعض عبارات الأصحاب (٣) ، بل على عدم اعتبار كثير منها الإجماع المعلوم ، فهو فيه الحجّة.

مضافا في الجميع إلى الأصل ، والاستصحاب ، ومفهوم الشرط في المستفيضة ، المصرّحة باشتراط الصوم والفطر بالرؤية ، كما في صحيحتي الحلبي (٤) ومحمّد (٥) ، ورواية عبد السلام (٦) ، وقوله في صحيحة البصري : « لا تصم إلاّ أن تراه » (٧) ، والتحذير في المستفيضة عن متابعة الشكّ والظنّ في أمر الهلال ، وشي‌ء من المذكورات لا يتجاوز عن الظنّ.

وفي خصوص الأول إلى صحيحة محمّد بن عيسى : ربّما أشكل علينا هلال شهر رمضان ، فلا نراه ونرى السماء ليست فيها علّة ، فيفطر الناس ونفطر معهم ، ويقول قوم من الحسّاب قبلنا : إنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقية والأندلس ، فهل يجوز ـ يا مولاي ـ ما قال الحسّاب في هذا‌

__________________

(١) انظر المبسوط ١ : ٢٦٧.

(٢) انظر القواعد ١ : ٦٩ ، واللمعة ( الروضة ٢ ) : ١١٠ ، والمدارك ٦ : ١٧٥.

(٣) كما في التنقيح الرائع ١ : ٣٧٦ ، والذخيرة : ٥٣٤ ، والحدائق ١٣ : ٢٩١.

(٤) الكافي ٤ : ٧٦ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١.

(٥) الفقيه ٦ : ٧٦ ـ ٣٣٤ ، التهذيب ٤ : ١٥٦ ـ ٤٣٣ ، الاستبصار ٢ : ٦٣ ـ ٢٠٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١١ ح ١١.

(٦) التهذيب ٤ : ١٦٤ ـ ٤٦٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ٢٠.

(٧) التهذيب ٤ : ١٥٧ ـ ٤٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ ـ ٢٠٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ٩.

٤٠٦

الباب ، حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار ، فيكون صومهم خلاف صومنا وفطرهم خلاف فطرنا؟ فوقّع عليه‌السلام : « لا تصومنّ بالشكّ ، أفطر لرؤيته وصم لرؤيته » (١) ، بناء على أن يكون المراد : لا يحصل من قول الحسّاب سوى الشكّ ، فلا تصومنّ به.

ويمكن أن يكون المعنى : أنّه لا يحصل من الرؤية في مصر وأخويه سوى الشكّ بالنسبة إلى بلدكم ، فلا تصومنّ لأجله ، ولا يدلّ على المطلوب حينئذ.

وقد يردّ ذلك أيضا بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من صدّق كاهنا أو منجّما فهو كافر بما انزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢).

وفيه : أنّ علم النجوم هو العلم بآثار حلول الكواكب في البروج والدرجات وآثار مقارناتها وسائر أنظارها ونحوه. والتنجيم هو الحكم بمقتضى تلك الآثار. وبناء الجدول على حساب سير القمر والشمس ، وهو غير التنجيم ، ويقال لأهله : الحسّاب ، كما مرّ في الصحيحة المتقدّمة ، وليس هو إلاّ مثل حساب حركة الشمس والإخبار عن أوائل الشهور الروميّة والفرسيّة ، وذلك ليس من التنجيم أصلا.

وفي الثاني ـ بمعانيه الثلاثة الاولى ـ إلى المستفيضة من الصحاح وغيرها ـ بل المتواترة معنى ـ الدالّة على أنّ شهر رمضان كسائر الشهور يزيد وينقص ، وقد يكون تسعة وعشرين يوما ، كأخبار الحلبي (٣) ، والشحّام (٤) ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٥٩ ـ ٤٤٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٩٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٥ ح ١.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٩٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٥ ح ٢.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦١ ـ ٤٥٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٧.

(٤) التهذيب ٤ : ١٥٥ ـ ٤٣٠ ، الاستبصار ٢ : ٦٢ ـ ٢٠٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٤.

٤٠٧

وابن سنان (١) ، وأبي أحمد (٢) ، والغنوي (٣) ، وعبد الأعلى (٤) ، وصبّار (٥) ، وهشام بن الحكم (٦) ، والواسطي (٧) ، وجابر (٨) ، وإسحاق بن حريز (٩) ، ومحمّد (١٠) ، وقطر بن عبد الملك (١١) ، والرضوي (١٢) ، والأحمر (١٣) ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٦٣ ـ ٤٥٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٩.

(٢) التهذيب ٤ : ١٦٣ ـ ٤٦٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦٠ ـ ٤٤٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١٥.

(٤) التهذيب ٤ : ١٦٤ ـ ٤٦٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ٢٤.

(٥) التهذيب ٤ : ١٦٥ ـ ٤٦٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢١.

(٦) التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٣.

(٧) التهذيب ٤ : ١٦١ ـ ٤٥٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٦.

(٨) التهذيب ٤ : ١٦٢ ـ ٤٥٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٨.

(٩) التهذيب ٤ : ١٦٢ ـ ٤٥٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢ ، وفيه : عن إسحاق بن جرير.

(١٠) التهذيب ٤ : ١٥٥ ـ ٤٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٦٢ ـ ١٩٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٦١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١.

(١١) التهذيب ٤ : ١٦٦ ـ ٤٧١ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢٣.

(١٢) فقه الرضا «ع» : ٢٠٣ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٤٠٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٤ ح ٢.

(١٣) التهذيب ٤ : ١٦٥ ـ ٤٧٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢٢.

٤٠٨

ورفاعة (١) ، وعبيد بن زرارة (٢) ، وحمّاد (٣) ، ويونس بن يعقوب (٤) ، وأبي بصير (٥) ، ومحمّد بن الفضيل (٦).

وبجميع معانيه إلى المخالفة للرؤية كثيرا ، فإنّه قد تحقّقت الرؤية منافية لجميعها في كثير من الأوقات ، إلاّ أن يكون بناء المخالف على عدم الاعتبار بالرؤية أصلا ، كما هو المصرّح به في عبارات بعض القدماء ، الرادّ له ، كالناصرية والخلاف والتهذيب والغنية (٧).

ولكن صرّح في الحدائق : بأنّ الصدوق ـ مع تصلّبه ومبالغته في العدد ـ صرّح بوجوب الصيام للرؤية ، والإفطار للرؤية وعقد لذلك بابا (٨). وهو كذلك.

وفي الثالث : إلى رواية أبي عليّ بن راشد : كتب إليّ أبو الحسن العسكري عليه‌السلام كتابا ، وأرخه يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان ، وذلك في‌

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٦٣ ـ ٢٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٦.

(٢) التهذيب ٤ : ١٥٧ ـ ٤٣٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٦٠ ـ ٤٥٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣.

(٤) التهذيب ٤ : ١٦٠ ـ ٤٥٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٤.

(٥) المقنعة : ٢٦٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ٢٧.

(٦) التهذيب ٤ : ١٦٦ ـ ٤٧٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٧.

(٧) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٦ ، الخلاف ٢ : ١٦٩ ، التهذيب ٤ : ١٥٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٨) الحدائق ١٣ : ٢٧٩.

٤٠٩

سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، وكان يوم الأربعاء يوم شكّ وصام أهل بغداد يوم الخميس ، وأخبروني أنّهم رأوا الهلال ليلة الخميس ولم يغب إلاّ بعد الشفق بزمان طويل ، قال : فاعتقدت أنّ الصوم يوم الخميس وأنّ الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء ، قال : فكتب إليّ : « زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا » ، قال : ثمَّ لقيته بعد ذلك فسألته عمّا كتبته به إليه ، فقال لي : « أولم أكتب إليك إنّما صمت الخميس ، ولا تصم إلاّ للرؤية؟! » (١).

والتقريب : أنّه وإن كان ما كتبه إلى الإمام عليه‌السلام غير مصرّح به ، إلاّ أنّ ظاهر السياق يدلّ على أنّه كتب إليه بما ذكره من وقوع الشك في بغداد يوم الأربعاء ، إلى آخر ما في الخبر.

ثمَّ مع قطع النظر عن معلوميّة ما كتب إليه وأنّ المنقول عنه ما هو ، فإنّ أخباره في صدر الخبر بكونه عليه‌السلام كتب إليه كتابا أرّخه بالتاريخ المشعر بكون أربعاء من شهر شعبان ـ وكذا جوابه بقوله « صمت بصيامنا » وكان صيامه يوم الخميس ، كما يدلّ عليه قوله : « أولم أكتب إليك إنّما صمت الخميس » مع إخبار الراوي بأنّ الهلال ليلة الخميس لم يغب إلاّ بعد الشفق بزمان طويل ـ ظاهر الدلالة على أنّ مغيب الهلال بعد الشفق لا يستلزم أن يكون لليلتين.

خلافا في الأول للمحكيّ في الخلاف عن شاذّ منّا (٢) ، وفي المنتهى عن بعض الجمهور ، لإيجابه الظن (٣) ، وقوله عزّ شأنه ( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (٤) ، والرجوع إلى النجوم في القبلة.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٦٧ ـ ٤٧٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٨١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٩ ح ١.

(٢) الخلاف ٢ : ١٦٩.

(٣) المنتهى ٢ : ٥٨٨.

(٤) النحل : ١٦.

٤١٠

وضعف الكلّ ظاهر.

وقيل : مع أنّ أهل الجدول لا يثبتون فيه أول الشهر بمعنى جواز الرؤية ، بل بمعنى تأخّر القمر عن محاذاة الشمس ، مع اعترافهم بأنّه قد لا يمكن الرؤية (١).

وهو خطأ ناشئ عن عدم الاطّلاع عن طريقة الجداول ، فإنّ فيها لا يثبت تأخّر القمر عن المحاذاة المذكورة ، بل خروجه عن تحت الشعاع وكيفيّة بعده عنها وعرضه ، ثمَّ بواسطتها يثبتون إمكان الرؤية ، بل وقوعها.

وفي الثاني للمحكيّ عن المفيد في بعض كتبه (٢) والصدوق في الفقيه (٣) ، وحكاه في المعتبر عن قوم من الحشويّة (٤).

لقوله سبحانه ( أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) (٥) ، وقوله ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) (٦).

والروايات الكثيرة الدالّة على تماميّة شهر رمضان أبدا خاصّة ، أو عليها وعلى تماميّة شهر ونقصان شهر ، كروايتي حذيفة بن منصور (٧) ، والروايات الثلاث لمعاذ بن كثير (٨) ، وروايتي شعيب (٩) ، ورواية ابن‌

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٣١٩.

(٢) حكاه عن لمح البرهان للمفيد في إقبال الأعمال : ٥.

(٣) الفقيه ٢ : ١١١.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٨٨.

(٥) البقرة : ١٨٤.

(٦) البقرة : ١٨٥.

(٧) التهذيب ٤ : ١٦٨ ـ ٤٧٩ و ٤٨١ ، الاستبصار ٢ : ٦٥ ـ ٢١٣ و ٢١٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٩ و ٢٧٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢٦ و ٢٩.

(٨) التهذيب ٤ : ١٦٧ ـ ٤٧٧ و ٤٧٨ و ٤٨٠ ، الاستبصار ٢ : ٦٥ ـ ٢١١ و ٢١٢ ، ٢١٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٨ و ٢٦٩ و ٢٧٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٢٤ و ٢٥ و ٢٨.

(٩) التهذيب ٤ : ١٧١ ـ ٤٨٣ و ٤٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٦٧ ـ ٢١٦ ، ٢١٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٧١ و ٢٧٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣٢ و ٣٣.

٤١١

عمّار (١) ، ومراسيل محمّد بن إسماعيل (٢) وأبي بصير (٣) وياسر الخادم (٤).

وضعف دلالة الأولين ظاهر.

وأمّا الروايات ، وهي وإن كانت مخالفة للعامّة ـ كما صرّح به في الفقيه (٥) ، وهي من المرجّحات ـ إلاّ أنّها مخالفة للظواهر والعمومات القرآنية ـ كما في الوافي (٦) ـ وهي من الموهنات ، ومع ذلك فهي شاذّة ـ كما صرّح به في الخلاف والغنية (٧) ، ويستفاد من الناصريّات والمعتبر (٨) ـ ومخالفة للشهرة القديمة والجديدة ، بل الإجماع المحقّق ، فهي خارجة عن حيّز الحجية مطروحة بالكلية.

هذا ، مع أنّه على ما صرّح به في الحدائق لا يظهر لهذا الخلاف كثير ثمرة ، لأنّه نقل عن الصدوق ـ الذي هو أهل ذلك القول ، إذ لم يثبت من غيره ـ أنّه أوجب الصوم للرؤية والفطر لها ، ومع تغيّم ليلة الثلاثين من شعبان قال باستحباب صومه من شعبان وإجزائه عن رمضان لو ظهر أنّه منه (٩).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٧٦ ـ ٤٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٢ ـ ٢٢٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٧١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣١.

(٢) الكافي ٤ : ٧٨ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ١٧٢ ـ ٤٨٥ ، الاستبصار ٢ : ٦٢ ـ ٢١٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٧٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣٤.

(٣) الفقيه ٢ : ١١١ ـ ٤٧٣ ، الخصال : ٥٣١ ـ ٧ ، الوسائل ٥ : ٢٧٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣٥.

(٤) الفقيه ٢ : ١١١ ـ ٤٧٤ ، الخصال : ٥٣٠ ـ ٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٧٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ٣٦.

(٥) الفقيه ٢ : ١١١.

(٦) الوافي ١١ : ١٤٦.

(٧) الخلاف ٢ : ١٦٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٨) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٦ ، المعتبر ٢ : ٦٨٨.

(٩) الحدائق ١٣ : ٢٧٩.

٤١٢

ثمَّ إن كان خلافهما مختصّا بشهري شعبان ورمضان ـ أي يقولان بالنقصان والتمام الأبديّين فيهما خاصّتين ـ يكونان مخالفين في العدد بالمعنى الأول خاصّة ، وإن كانا يقولان بالعدد بالمعنى الثاني ـ كما هو الظاهر ، ويدلّ عليه كثير من أخبارهما المتقدّمة ـ فيكونان مخالفين في العدد بجميع معانيه ، إذ المعنى الثاني منه يستلزم جميع معانيه وإن لم يكن بالعكس كما لا يخفى ، ويكون لهما موافق من الأصحاب في الجملة أيضا.

فإنّه ذهب في المراسم والإرشاد والقواعد بالبناء على العدد إذا غمّت الشهور أجمع من غير تفسير (١). ولكن الظاهر أنّ مرادهما عدّ الخمسة الآتية.

وفي تمهيد القواعد بالبناء على عدّ شهر تامّا وشهر ناقصا ، أو عدّ خمسة من هلال رمضان السنة الماضية حينئذ (٢).

وفي المبسوط والمختلف والتحرير والمنتهى والتذكرة بالبناء على عدّ الخمسة حينئذ (٣).

والإسكافي بنى على عدّ الخمسة في غير السنة الكبيسة والستّة فيها حينئذ كما قيل (٤). أو مطلقا ، كما عن التنقيح (٥) وغيره (٦).

والعماني بنى على عدّ تسعة وخمسين من رجب (٧).

__________________

(١) المراسم : ٩٦ ، الإرشاد ١ : ٣٠٣ ، القواعد ١ : ٦٩.

(٢) تمهيد القواعد ( الذكرى ) : ٤٤.

(٣) المبسوط ١ : ٢٦٨ ، المختلف : ٢٣٦ ، التحرير ١ : ٨٢ ، المنتهى ٢ : ٥٩٢ ، التذكرة ١ : ٢٧١.

(٤) في المختلف : ٢٣٦.

(٥) التنقيح ١ : ٣٧٧.

(٦) كالمعتبر ٢ : ٦٨٨ ، والجامع للشرائع : ١٥٤.

(٧) حكاه عنه في المختلف : ٢٣٦.

٤١٣

ويستدل لعدّ الخمسة مطلقا بالمستفيضة ، كرواية الزعفراني : إنّ السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة فأيّ يوم نصوم؟ قال : « أفطر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وصم يوم الخامس » (١) ، وقريبة منها روايته الأخرى (٢).

ورواية الخدري : « صم في العام المستقبل يوم الخامس من يوم صمت فيه عام أول » (٣) ، وقريبة منها مرسلة الفقيه (٤) ، والمرويّ في الإقبال عن عاصم بن حميد (٥) ، وكذا الرضوي (٦).

ولعدّها في غير السنة الكبيسة برواية السيّاري : عمّا روي من الحساب في الصوم عن آبائك في عدّ خمسة أيّام بين أول السنة الماضية والسنة الثانية التي تأتي؟ فكتب : « صحيح ، ولكن عدّ في كلّ أربع سنين خمسا ، وفي السنة الخامسة ستّا فيما بين الاولى والحادث ، وفيما سوى ذلك فإنّما هو خمسة خمسة » ، قال السيّاري : وهذه من جهة الكبيسة ، الحديث (٧).

مضافا إلى موافقته للعادة ، كما صرّح به جماعة (٨) ، قال القزويني في‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨٠ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ ـ ٤٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ ـ ٢٣٠ ، المقنع : ٥٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٣ ، بتفاوت.

(٢) الكافي ٤ : ٨١ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ ـ ٤٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ ـ ٢٣١ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٨١ ـ ٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٨ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٤.

(٥) الإقبال : ١٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٨.

(٦) فقه الرضا «ع» : ٢٠٩ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٤١٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٧ ح ٢.

(٧) الكافي ٤ : ٨١ ـ ٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٢.

(٨) انظر التذكرة ١ : ٢٧١ ، والإيضاح ١ : ٢٥٠.

٤١٤

عجائب المخلوقات : وقد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا.

ولعدّ تسعة وخمسين بمرفوعة إلى أبي خالد : « إذا صحّ هلال رجب فعدّ تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستّين » (١).

وتضعّف الروايات بأجمعها بمعارضتها مع ما مرّ من الأخبار المشترطة للصوم والفطر بالرؤية (٢) ، والدالّة على أنّه مع الغيم يعدّ الشهر السابق ثلاثين ، كموثقتي البصري (٣) وابن عمّار : سألته عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال : « لا تصم إلاّ أن تراه » الحديث (٤).

ورواية محمّد بن قيس ، وفيها : « وإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة ثمَّ أفطروا » (٥).

وموثّقة إسحاق ، وفيها : « فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين » (٦).

مضافا إلى أنّ في شي‌ء منها ليس التقييد بتغيّم الشهور كلّه ، والتقييد للجمع فرع الشاهد.

وأمّا موافقة العادة ، ففيها : أنّها إن كانت مفيدة للمظنّة فما وجه حجّيتها؟! وإن كانت مفيدة للقطع فما وجه التخصيص بصورة التغيّم؟! بل يجب العمل بها مع الصحو أيضا وهم لا يقولون به.

__________________

(١) انظر الوسائل ١٠ : ٢٨٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٠ ح ٧.

(٢) الوسائل ١٠ : ٢٥٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣.

(٣) المتقدمة في ص : ٤٠٦.

(٤) التهذيب ٤ : ١٧٨ ـ ٤٩٣ ، الاستبصار ٢ : ٧٣ ـ ٢٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٧٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٨ ح ٣.

(٥) الفقيه ٢ : ٧٧ ـ ٣٣٧ ، التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ ـ ٢٠٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١١.

(٦) التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤١ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ ـ ٢٠٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١١.

٤١٥

مضافا إلى أنّ المسلّم من العادة لو كانت إنّما هي عدم تماميّة جميع شهور السنة ، وأمّا كون شهر تامّا وشهر ناقصا ـ حتى يقع أول المستقبل مضيّ الخمس من الماضي ـ فلم تثبت فيه عادة أصلا ، بل يمكن أن يكون الرابع أو الثالث.

فإن قيل : العادة المقطوعة بها وإن لم تكن حاصلة بالنسبة إلى عدد الخمسة ، إلاّ أنّا نعلم قطعا عاديّا أنّ جميع شهور السنة لا تكون تامّة ، فمع تغيّم الشهور كلّها يعلم قطعا أنّ عدّ الكل ثلاثين مخالف للواقع ، فكيف يعدّ كذلك؟! قلنا : هذا إنّما يرد لو كان العمل بالثلاثين للأصل والاستصحاب ، فإنّهما لا يجريان مع القطع المذكور ، وأمّا لو كان لأجل الروايات فلا يرد ذلك ، لأنّ مدلولها أنّ الشهر حينئذ ثلاثين ، سواء كان الهلال قبله في الواقع أو لا ، فيكون اعتبار الهلال مع إمكان رؤيته ، وبدونه يكون الاعتبار بالثلاثين ، وإن أمر بالقضاء لو ظهر الخطأ قبله فإنّه إنّما هو للأمر الجديد.

وخلافا في الثالث للمحكيّ عن ظاهر الفقيه (١).

وفي الرابع له (٢) وللمحكيّ عن المقنع (٣) ، ومال إليه في الذخيرة ونسبه إلى ظاهر بعض المتأخّرين ، فجعلوه فيهما لليلتين (٤).

وفي الخامس للمقنع ورسالة والد الصدوق ، فجعلاه لثلاث ليال (٥).

كلّ ذلك لدليل الاعتبار والأخبار ، كصحيحة مرازم : « إذا تطوّق الهلال‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٨٠.

(٢) الفقيه ٢ : ٧٨.

(٣) المقنع : ٥٨.

(٤) الذخيرة : ٥٣٣.

(٥) المقنع : ٥٨ ، نقله عن والد الصدوق في المختلف : ٢٣٥.

٤١٦

فهو الليلتين ، وإذا رأيت ظلّ نفسك فيه فهو لثلاث ليال » (١).

ورواية الصلت : « إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين » (٢) ، ونحوها رواية إسماعيل بن الحرّ (٣).

والرضوي : « وقد روي : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظلّ رأسك فهو لثلاث ليال » (٤).

وأجيب عنها ـ مضافا إلى مخالفتها للشهرة العظيمة الموجبة للشذوذ المخرج عن الحجّيّة ـ : بأنّها لا تعارض ما مرّ من تعلّق الفطر والصوم على الرؤية وبدونها على عدّ الثلاثين فيهما ، إذ لا [ منافاة ] (٥) بين كون الهلال في الواقع وترتّب الصوم والفطر على غيره.

وغاية ما يدلّ عليه الاعتبار وهذه الأخبار : أنّ هذه الأحوال تدلّ على أنّ الليلة السابقة كانت ذات هلال وأول الشهر ، وذلك لا ينافي ما دلّ على عدم وجوب الصوم أو الفطر ، إذ يمكن أن يكونان مترتّبين على رؤية الهلال الصائم والمفطر بنفسه أو شهوده ، لا تحقّق الهلال.

مع أنّه على فرض المعارضة لا يقاوم ما مرّ ، فيرجع إلى الأصل.

ويضعف الأول : بأنّ الأخبار وإن كانت كذلك ، ولكن الاعتبار ممّا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٧٨ ـ ١١ ، الفقيه ٢ : ٧٨ ـ ٣٤٢ ، التهذيب ٤ : ١٧٨ ـ ٤٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٧٥ ـ ٢٢٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٨١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٩ ح ٢ ، وفي الجميع : ظل رأسك.

(٢) الكافي ٤ : ٧٧ ـ ٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٩ ح ٣.

(٣) الفقيه ٢ : ٧٨ ـ ٣٤٣ ، التهذيب ٤ : ١٧٨ ـ ٤٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٧٥ ـ ٢٢٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٨٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٩ ح ٣.

(٤) فقه الرضا «ع» : ٢٠٩ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٤١٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٦ ح ١.

(٥) في النسخ : لا ملازمة ، ولعل الصحيح ما أثبتناه.

٤١٧

لا يقبل الإنكار ، وترانا ويحصل لنا القطع بتقدّم أول الشهر مع واحد من تلك الحالات ، سيّما التطوّق ورؤية الظلّ.

والثاني : بأنّه لو سلّم ما ذكر لم يفد في عدّ الثلاثين ، لأنّه إذا كان حينئذ الليلة الثانية أو الثالثة يجب البناء عليه في عدّ الثلاثين من أول الشهر ، ويتمّ الكلام بعدم القول بالفصل.

والثالث : بمنع عدم التقاوم ، سيّما مع التعارض بالعموم المطلق ، الموجب لتقديم الخاصّ.

والإنصاف : أنّا لو رفعنا اليد عن الأخبار ـ للشذوذ ـ فلا يمكن ترك المعلوم بالاعتبار ، سيّما بالنسبة إلى الأمرين.

إلاّ أن يقال : إنّه إذا قطع النظر عن الأخبار لا يحصل من الاعتبار إلاّ وجود الهلال في الليلة السابقة ، أمّا كونها أول الشهر شرعا وكون تلك الليلة ثانيتها أو ثالثتها فلا دليل عليه ، بل تردّه الأخبار المعارضة لتلك الأخبار ، ولا يشهد الاعتبار بالأمور الشرعيّة.

فإذن الأظهر عدم اعتبار تلك الأمور في تعيين مبدأ الشهر الشرعي.

وها هنا مسائل :

المسألة الأولى : هل يجب قبول حكم الحاكم في ثبوت الهلال ، أم لا؟

وهو إمّا يكون بحكمه بعد ثبوته عنده بشاهدين أو الشياع ، أو بعد رؤيته بنفسه.

فعلى الأول ، ففي الحدائق : أنّ ظاهر الأصحاب وجوب القبول ، ونقل عن بعض أفاضل متأخّري المتأخّرين : العدم ، ومال هو إليه أيضا (١).

دليل الأول : الأخبار الدالّة بعمومها أو إطلاقها على وجوب الرجوع‌

__________________

(١) الحدائق ١٣ : ٢٥٩.

٤١٨

إلى حكم الفقيه (١).

وقوله عليه‌السلام في مقبولة ابن حنظلة : « فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخف بحكم الله وعلينا ردّه » (٢).

والتوقيع الرفيع : « وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه أحاديثنا » (٣).

وخصوص صحيحة محمّد بن قيس : « إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار » (٤).

ويرد على الأول : أنّ كلّها واردة فيما يتعلّق بالدعاوي والقضاء بين الخصوم والفتوى في الأحكام الشرعيّة ، ووجوب القبول فيها ممّا لا نزاع فيه.

وكذا المقبولة ، مع أنّ صدق قوله : « حكمنا » على مثل ثبوت الهلال ورؤيته محل الكلام.

وأمّا التوقيع ، فالمتبادر منه الرجوع إلى رواه الأحاديث لأجل رواية الحديث ، مع أنّ الثابت منه وجوب الرجوع إليهم وهو مسلّم ، والكلام فيما يحكم به الفقيه حينئذ ، فإنّه لا شكّ في أنّه إذا ثبت عند الفقيه الهلال وأفتى بوجوب قبول قوله فيه أيضا ـ لكون فتواه كذلك ـ يجب القبول ، وإنّما الكلام في ما يفتي به. ولا يدلّ الرجوع إليهم أنّهم إذا قالوا : ثبت عندنا الهلال ، يجب الصوم أو الفطر ، بل هذا أيضا واقعة حادثة ، فيجب الرجوع‌

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١٣٦ أبواب صفات القاضي ب ١١.

(٢) الكافي ٧ : ٤١٢ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٢١٨ ـ ٥١٤ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٦ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١.

(٣) الاحتجاج ٢ : ٤٧٠ ، كمال الدين : ٤٨٤ ـ ٤ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٠ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٩.

(٤) الكافي ٤ : ١٦٩ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٩ ـ ٢٦٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٧٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٦ ح ١.

٤١٩

فيها بأن يسأل عنه : إذا ثبت عندك فما حكمنا؟

وأمّا الصحيحة ، فهي واردة في حقّ الإمام ، وهو الظاهر في إمام الأصل ، وأصالة ثبوت كلّ حكم ثبت له لنائبه العامّ أيضا غير معلومة بدليل (١).

ودليل الثاني ـ وهو الأقوى ـ : الأصل ، والأخبار المعلّقة للصوم والفطر على الرؤية أو مضي الثلاثين ، والناهية عن اتّباع الشكّ والظنّ في أمر الهلال ، وقول الحاكم لا يفيد أزيد من الظنّ.

وعلى الثاني ، فعن الدروس والذخيرة (٢) وغيرهما (٣) أيضا الأول ، لبعض ما مرّ. والأقوى فيه أيضا الثاني ، لما ذكر.

المسألة الثانية : إذا رؤي الهلال في أحد البلدين المتقاربين ثبت حكمه لأهل البلد الآخر أيضا إجماعا ، ولقوله عليه‌السلام في موثّقة البصري : « فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه » (٤).

وفي صحيحة هشام : « إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية قضي يوما » (٥).

وإن كان البلدان متباعدين ، فقال جماعة : لم يثبت حكم بلد الآخر (٦).

__________________

(١) ليست في « س ».

(٢) الدروس ١ : ٢٨٦ ، الذخيرة : ٥٣١.

(٣) كما في الكفاية : ٥٢.

(٤) التهذيب ٤ : ١٥٧ ـ ٤٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٦٤ ـ ٢٠٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٤ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ٩ ، وقد عبّر الماتن عن هذه الموثقة بالصحيحة في ص ٤٧٩ فلاحظ.

(٥) التهذيب ٤ : ١٥٨ ـ ٤٤٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٦٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٣.

(٦) كما في المعتبر ٢ : ٦٨٩ ، والإرشاد ١ : ٣٠٣ ، والمسالك ١ : ٧٦ ، والمفاتيح ١ : ٢٥٧.

٤٢٠