مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

خرج من النهار ، اختاره والد الصدوق في الرسالة والعماني والسيّد والحلّي وابن زهرة وظاهر الإرشاد (١).

للعمومات ، وخصوص رواية عبد الأعلى : في الرجل يريد السفر في شهر رمضان ، قال : « يفطر وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل » (٢).

ومرسلة المقنع : « من خرج بعد الزوال فليفطر وليقض ذلك اليوم » (٣).

والرضويّ : « فإن خرجت في سفر وعليك بقيّة يوم فأفطر » (٤).

والرابع : اعتبار التبييت والخروج قبل الزوال معا ، وهو محتمل المبسوط بل ظاهره ، فإنّه قال فيه : ومن سافر عن بلده في شهر رمضان وكان خروجه قبل الزوال ، فإن كان بيّت نيّة السفر أفطر ، وعليه القضاء ، وإن كان بعد الزوال لم يفطر ، ومتى لم يبيّت النيّة للسفر وإنّما تجدّدت أتمّ ذلك اليوم ولا قضاء عليه (٥).

فإنّ قوله : لم يفطر ، ظاهر في صحّة الصوم ، ولكنّه يحتمل إرادة وجوب الإمساك وإن كان عليه القضاء ، كما صرّح به في النهاية ، وقال فيه : ومتى بيّت نيّة السفر من الليل ولم يتّفق له الخروج إلاّ بعد الزوال كان عليه أن يمسك بقيّة النهار ، وعليه القضاء (٦).

__________________

(١) حكاه عن والد الصدوق والعماني في المختلف : ٢٣٠ ، السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٥ ، الحلّي في السرائر ١ : ٣٩٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٧ ، الإرشاد ١ : ٣٠٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٩ ـ ٦٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٩ ـ ٣٢٤ ، الوسائل ١٠ : ١٨٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ١٤.

(٣) المقنع : ٦٢ ، الوسائل ١٠ : ١٨٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ١٥.

(٤) فقه الرضا «ع» : ٢٠٨.

(٥) المبسوط ١ : ٢٨٤.

(٦) النهاية : ١٦٢.

٣٦١

وحجّته ـ بعد رفع اليد عن أخبار القول الثالث ، للقطع والضعف ، أو تخصيصها بالأخبار المقيّدة بما قبل الزوال أو التبييت ، للأخصّية المطلقة ـ : الجمع بين أخبار القولين الأولين ، حيث إنّ التعارض بينهما بالعموم والخصوص من وجه ، فيقيّد عموم كلّ منهما بخصوص الآخر ، فإنّ الظاهر يحمل على النصّ.

ومثل هذا الجمع لا يحتاج إلى شاهد ، بخلاف الجمع بينهما بالاكتفاء بأحد الأمرين ـ كما اتّفق لبعض المتأخّرين (١) ـ فإنّه يحتاج إلى الشاهد.

والخامس : التخيير بين الصوم والإفطار إن خرج بعد الزوال ، وتحتّم الإفطار إن خرج قبله ، وهو المحكيّ عن التهذيبين (٢) والمختلف (٣).

لصحيحة رفاعة : عن الرجل يريد السفر في رمضان ، قال : « إذا أصبح في بلده ثمَّ خرج فإن شاء صام وإن شاء أفطر » (٤) ، بتقييدها بما بعد الزوال للمقيّدات.

والسادس : التخيير في تمام اليوم‌ ، نفى عنه البعد في المدارك (٥) ، لإطلاق هذه الصحيحة.

أقول ـ وبالله التوفيق ـ : إنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ الصحيحة الأخيرة تخالف الشهرة العظيمة القديمة والجديدة ، بل لم يعمل بإطلاقها أحد من القدماء والمتأخّرين ، وليس إلاّ نفي بعد من شاذّ عن العمل به ، ومثل ذلك‌

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ١٨٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٩٩.

(٣) المختلف : ٢٣٢.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٢٧ ـ ١٠١٩ ، الوسائل ١٠ : ١٨٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ٧.

(٥) المدارك ٦ : ٢٩٠.

٣٦٢

لا يصلح للحجّية ، فكيف إذا عارضة الروايات الكثيرة؟! ومع ذلك هو موافق لمذهب العامّة (١) ، فرفع اليد عن إطلاقه لازم.

وكذلك الأخبار الآمرة بالصوم مطلقا ما لم يسافر قبل الفجر ، كرواية الجعفري ، وفيها : « إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم إلاّ أن يدلج دلجة » (٢).

وسماعة : « إذا طلع الفجر ولم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم ، وإن خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر ولا صيام عليه » (٣).

وموثّقته : « من أراد السفر في رمضان فطلع الفجر وهو في أهله فعليه صيام ذلك اليوم » (٤) فإنّ إطلاق هذه الأخبار خلاف الإجماع ، معارض مع الأخبار الخاصّة.

فإذن القول الأخير ساقط عن الاعتبار ، وكذلك ما قبله ، لعدم دليل عليه ، والصحيحة لا تختصّ بما بعد الزوال ، والحكم بخروج ما قبله بالدليل ، فيبقى الباقي ليس بأولى من العكس ، لأنّ أدلّة وجوب الإفطار لو خرج قبل الزوال مطلقا ليس بأقوى من دليل وجوب الصوم لو خرج بعده كذلك ، فلا يظهر وجه لهذا الجمع.

بل وكذلك ما قبلهما أيضا ، لأنّه ـ بعد رفع اليد عن أخبار القول‌

__________________

(١) انظر المغني ٣ : ٩٠ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٩٦.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٧ ـ ٦٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٩٨ ـ ٣١٧ ، الوسائل ١٠ : ١٨٦ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ٦. وأدلج القوم : إذا ساروا من أول الليل. فإن ساروا من آخر الليل فقد ادّلجوا ، بتشديد الدال ـ الصحاح ١ : ٣١٥.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٢٧ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ١٠ : ١٨٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ٨.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٢٨ ـ ١٠٢١ ، الوسائل ١٠ : ١٨٧ أبواب من يصحّ منه الصوم ب ٥ ح ٩.

٣٦٣

الثالث ـ مبنيّ على تقييد كلّ من أخبار الأول والثاني بالآخر ، فيقال : إنّ المراد بأخبار الإفطار قبل الزوال : أنّه مع التبييت ، وبأخبار الإفطار مع التبييت : أنّه إن كان قبل الزوال ، ويبقى الجزء الآخر من الأخبار الاولى ـ وهي الصوم بعد الزوال مطلقا ـ بلا معارض ، فيعمل به.

وعلى هذا ، فيبقى حكم السفر قبل الزوال بدون التبييت خارجا عن الفريقين ، مسكوتا عنه فيهما ، وحينئذ فالحكم بوجوب الصوم فيه ـ لعمومات الصوم ، دون الإفطار ، لعمومات وجوب الإفطار في السفر ـ لا وجه له.

والحاصل : أنّ إيجاب الصوم على غير المبيّت إذا خرج قبل الزوال إن كان من جهة خروجه عنهما فيطالب بدليله على هذا الحكم فيه ، وإن كان من جهة ترجيح أخبار التبييت بالنسبة إليه فيطالب بوجه الترجيح ، وكلاهما مفقودان.

بل وكذلك ما قبل الثلاثة أيضا ، لضعف أدلّته جدّا.

أمّا الرضوي (١) ، فلضعفه بنفسه ، وخلوّه عن الجابر ، ومعارضته بمثله المذكور في كتاب الصلاة منه ، وهو قوله : « وإن خرجت بعد طلوع الفجر أتممت صوم ذلك اليوم وليس عليك القضاء ، لأنّه دخل عليك وقت الفرض على غير مسافر » (٢).

وأمّا مرسلة المقنع (٣) ، فللضعف الخالي عن الجابر أيضا ، سيّما مع عدم عمل صاحب المقنع بها أيضا ، وهو من مخرجات الخبر عن الحجّيّة.

__________________

(١) المتقدم في ص : ٣٦١.

(٢) فقه الرضا «ع» : ٢٠٨.

(٣) المتقدمة في ص : ٣٦١.

٣٦٤

وأمّا رواية عبد الأعلى (١) ، فلعدم استنادها إلى إمام ، وعدم دلالتها على الوجوب ـ الذي هو المطلوب ـ ومعارضة إطلاقها مع ما هو أكثر منها عددا وأصحّ سندا وأوضح دلالة وأشهر عملا وأخصّ مدلولا.

فبقي الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين ، ولا خفاء في حكم محلّ اجتماعهما ، وهو الخروج قبل الزوال مع التبييت ، أو بعده مع عدمه ، فيفطر في الأول ، ويصوم في الثاني قطعا ، ويبقى حكم القبل مع عدم التبييت والبعد مع التبييت محلا للتعارض.

وهو في الأول مع أخبار القول الأول ، لمخالفته لمعظم العامّة ، فإنّه نقل في المنتهى : إنّ الشافعي وأبا حنيفة والأوزاعي وأبا ثور والزهري والنخعي ومكحول ـ ونسب إلى مالك أيضا ـ قالوا : بأنّه إذا نوى المقيم الصوم قبل الفجر ثمَّ خرج بعده مسافرا لم يفطر يومه (٢). ومع ذلك هو موافق لعمومات وجوب الإفطار في السفر كتابا وسنّة ، فلا مناص على القول به في الأول ، والحكم بوجوب الإفطار مع الخروج قبل الزوال مطلقا.

وأمّا في الثاني ، فيشكل الحكم جدّا ، إذ لا يعلم مذهب العامّة هنا مع التبييت حتى يرجّح مخالفه ، وعمومات السفر وإن كانت مع الإفطار ، إلاّ أنّه ممّا لم يعلم قول أحد به مع القول بالصوم مع عدم التبييت والإفطار ما قبل الزوال مطلقا ، فالظاهر أنّ القول به خلاف الإجماع المركّب ، وبذلك الإجماع يمكن ترجيح إتمام الصوم مع الخروج ما بعد الزوال مطلقا بعد ترجيح أخبار ما قبل الزوال بمخالفة العامّة.

إلاّ أنّ الاحتياط هنا ممّا لا ينبغي أن يترك البتّة ، بأن مع التبييت يخرج‌

__________________

(١) المتقدمة في ص : ٣٦١.

(٢) المنتهى ٢ : ٥٩٩.

٣٦٥

قبل الزوال ولو إلى حدّ الترخّص خاصّة ، أو أخّر الخروج إلى الغروب ، ولو اضطرّ إلى الخروج بعد الزوال أتمّ الصوم وقضاه.

المسألة الرابعة : إذا جاء المسافر إلى بلده أو بلد الإقامة‌ ، فما لم يدخل فيه فله الإفطار ما دام خارجا وإن علم الدخول قبل الزوال ، وإن لم يفطر في الخارج : فإن دخل قبل الزوال يجب عليه الصوم ويجزئه ، وإن دخل بعده يجب عليه القضاء ولا صوم له وإن استحبّ الإمساك له ، كما إذا أفطر قبل الدخول أيضا.

فهذه أحكام أربعة ، لا خلاف على الظاهر في شي‌ء منها بين الأصحاب.

وتدلّ على الأول : صحيحة محمّد : عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان ، فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار ، قال : « إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل أهله فهو بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » (١).

والأخرى : « إذا وصل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم ، وإن دخل بعد الفجر فلا صيام عليه وإن شاء صام » (٢).

وصحيحة رفاعة : عن الرجل يقدم في شهر رمضان من سفر فيرى أنّه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار ، فقال : « إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل أهله فهو بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » (٣).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٥٦ ـ ٧٥٧ ، الوسائل ١٠ : ١٩٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٣١ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٩٢ ـ ٤١٣ ، التهذيب ٤ : ٢٢٩ ـ ٦٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٩٩ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ١٠ : ١٨٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٣ ـ ٤١٤ ، التهذيب ٤ : ٢٥٥ ـ ٧٥٦ ، الاستبصار ٢ : ٩٨ ـ ٣١٨ ، الوسائل ١٠ : ١٨٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٢.

٣٦٦

ومعنى تلك الأخبار : أنّ الذي يدخل بعد الفجر لا صيام عليه واجبا وله الخيار ، وهو كذلك ، فإنّ له الإفطار بأن يفطر قبل الدخول ، وله الصيام بأن يدخل بدون الإفطار.

ولا ينافي ذلك سقوط خياره بعد الدخول ، كما يقال : إنّه لا يجب عليك القضاء في هذا اليوم المعيّن وأنت فيه بالخيار.

ولا ينافيه الوجوب إذا نوى القضاء ولم يفطر إلى ما بعد الزوال.

ولو قلنا بدلالتها على العموم أيضا يجب تخصيص الخيار بما قبل الدخول قبل الزوال ـ بأن يفطر ويدخل ، أو يؤخّر التأخير إلى ما بعد زوال الشمس ـ بالأخبار الآتية.

وعلى الثاني : موثّقة أبي بصير : عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان ، فقال : « إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم ، ويعتدّ به » (١).

وخبر أحمد بن محمّد : عن رجل قدم من سفره في شهر رمضان ، ولم يطعم شيئا قبل الزوال ، قال : « يصومه » (٢).

ورواية يونس : في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل « فعليه أن يتمّ صومه ولا قضاء عليه » ، يعني : إذا كانت جنابته عن احتلام (٣).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥٥ ـ ٧٥٤ ، الوسائل ١٠ : ١٩١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٦.

(٢) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ٢٥٥ ـ ٧٥٥ ، الوسائل ١٠ : ١٩٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٤.

(٣) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ٩٣ ـ ٤١٥ ، التهذيب ٤ : ٢٥٤ ـ ٧٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١١٣ ـ ٣٦٩ ، الوسائل ١٠ : ١٩٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٥.

٣٦٧

وتدلّ عليه وعلى الثالث وبعض أفراد الرابع : موثّقة سماعة : « إن قدم بعد زوال الشمس أفطر ولا يأكل ظاهرا ، وإن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء » (١).

وتدل على الثالث أيضا موثّقة محمّد : عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان ، فيصيب امرأته [ حين ] طهرت من الحيض ، أيواقعها؟ قال : « لا بأس به » (٢).

وعلى البعض الآخر من الرابع : موثّقة سماعة : عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل ، قال : « لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا » (٣).

ورواية يونس : المسافر يدخل أهله في شهر رمضان وقد أكل قبل دخوله ، قال : « يكفّ عن الأكل بقيّة يومه ، وعليه القضاء » (٤).

وروايتا الزهري والرضوي : « وأمّا صوم التأديب » إلى أن قالا : « وكذلك المسافر إن أكل أول النهار ثمَّ قدم أهله أمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا ، وليس بفرض » (٥).

المسألة الخامسة : المراد بقدوم المسافر وخروجه المبنيّ عليهما‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٢٧ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ١٠ : ١٩١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٧.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٤٢ ـ ٧١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٠٦ ـ ٣٤٧ ، الوسائل ١٠ : ١٩٣ أبواب من يصح منه الصوم ب ٧ ح ٤. وما بين المعقوفتين من المصادر.

(٣) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٨ ، التهذيب ٤ : ٢٥٣ ـ ٧٥١ ، الاستبصار ٢ : ١١٣ ـ ٣٦٨ ، الوسائل ١٠ : ١٩١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٧ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ١٣٢ ـ ٩ ، التهذيب ٤ : ٢٥٤ ـ ٧٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١١٣ ـ ٣٦٩ ، الوسائل ١٠ : ١٩٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ٧ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٨٩٥ ، فقه الرضا «ع» : ٢٠٢ ، الوسائل ١٠ : ١٩٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ٧ ح ٣ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٤٨٧ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١ ح ١.

٣٦٨

الحكمان المذكوران : ما مرّ في بحث الصلاة ، من التجاوز عن حدّ الترخّص خارجا وداخلا ، لما مرّ من التلازم بين القصر والإفطار (١).

المسألة السادسة : الحقّ المشهور : جواز المسافرة في شهر رمضان والإفطار مطلقا ، ما لم يكن عاصيا بسفره ، ففي صحيحة محمّد : عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم ، وقد مضى منه أيّام ، قال : « لا بأس بأن يسافر ويفطر ولا يصوم » (٢) ، وتدلّ عليه الأخبار الآتية أيضا.

خلافا للمحكيّ عن الحلبي ، فقال : إذا دخل الشهر على حاضر لم يحلّ له السفر مختارا (٣) ، لبعض الأخبار الآتية القاصر عن إفادة الحرمة ، سيّما مع معارضته مع النافي لها.

والمحكيّ عن الإسكافي والعماني ، حيث قالا بعدم جواز الإفطار في سفره للتلذّذ والتنزّه وإن أوجبا القضاء أيضا (٤) ، ولعلّه لبعض الأخبار الآتية النافية للسفر في شهر رمضان. وهو ـ مع عدم دلالته على الحرمة ـ غير ناهض لتمام مطلوبهما.

ثمَّ إنّه بعد جواز السفر والإفطار قد اختلفت الأخبار في أنّ الأفضل هل هو الإقامة وترك السفر ، أم لا؟

فإنّ منها ما يدل على أفضليّة بعض الإسفار ، كصحيحة محمّد : في الرجل يشيّع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة ، قال : « إذا كان في شهر رمضان فليفطر » ، قلت : أيّهما أفضل أن يصوم أو يشيّعه؟ قال : « يشيّعه » (٥) ،

__________________

(١) راجع ص : ٣٥٨.

(٢) الفقيه ٢ : ٩٠ ـ ٤٠٠ ، الوسائل ١٠ : ١٨١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٢.

(٣) الكافي في الفقه : ١٨٢.

(٤) حكاه عنهما في المختلف : ٢٣٢.

(٥) الكافي ٤ : ١٢٩ ـ ٥ ، الوسائل ٨ : ٤٨٢ أبواب صلاة المسافر ب ١٠ ح ٣.

٣٦٩

وبمضمونها موثّقة زرارة (١) ، ومرسلة المقنع (٢).

وحسنة حمّاد : رجل من أصحابي جاء خبره من [ الأعوص ] وذلك في شهر رمضان أتلقّاه وأفطر؟ قال : « نعم » قلت : أتلقّاه وأفطر أو أقيم وأصوم؟ قال : « تلقّاه وأفطر » (٣).

ومنها ما يدلّ على أفضليّة الإقامة ـ إلاّ في بعض الإسفار ـ كصحيحة الحلبي : عن رجل يدخل في شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا ، ثمَّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر ، فسكت ، فسألته غير مرّة ، فقال : « يقيم أفضل ، إلاّ أن تكون له حاجة لا بدّ له من الخروج فيها أو يتخوّف على ماله » (٤).

ورواية أبي بصير : يدخل عليّ شهر رمضان فأصوم بعضه ، فتحضرني نيّة في زيارة قبر أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، فأزوره وأفطر ذاهبا وجائيا ، أو أقيم حتى أفطر فأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال : « أقم حتى تفطر » ، قلت : جعلت فداك ، هو أفضل؟ قال : « نعم » (٥) ، وقريبة منها مكاتبة محمّد بن الفضل البغدادي (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٩ ـ ٧ ، التهذيب ٣ : ٢١٨ ـ ٥٤٠ ، الوسائل ٨ : ٤٨٣ أبواب صلاة المسافر ب ١٠ ح ٤.

(٢) المقنع : ٦٢ ، الوسائل ٨ : ١٨٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٢٩ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٩٠ ـ ٤٠٢ ، الوسائل ٨ : ٤٨٢ أبواب من يصحّ منه الصوم ب ١٠ ح ٢ ، بدل ما بين المعقوفتين في النسخ : الأعوض ، وما أثبتناه من المصادر. وهو واد في ديار بأهله لبني حصن منهم. والأعوض : شعب لهذيل بتهامة ـ معجم البلدان ١ : ٢٢٣.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٦ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٨٩ ـ ٣٩٩ ، الوسائل ١٠ : ١٨١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٣١٦ ـ ٩٦١ ، الوسائل ١٠ : ١٨٣ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٧.

(٦) التهذيب ٦ : ١١٠ ـ ١٩٨ ، الوسائل ١٤ : ٥٧٣ أبواب المزار وما يناسبه ب ٩١ ح ١.

٣٧٠

ورواية الحسين بن المختار : « لا تخرج في رمضان إلاّ للحجّ ، أو للعمرة ، أو مال تخاف عليه الفوت ، أو لزرع يحين حصاده » (١).

ورواية أبي بصير : عن الخروج في شهر رمضان ، قال : « لا ، إلاّ فيما أخبرك به : خروج إلى مكّة ، أو غزوة في سبيل الله ، أو مال تخاف هلاكه ، أو أخ تريد وداعه » (٢).

وقريبة منهما مرسلة ابن أسباط ، وزاد في آخرها : « فإذا مضت ليلة ثلاثة وعشرين فليخرج حيث شاء » (٣).

والذي يظهر لي من ضمّ بعض هذه الأخبار مع بعض ـ بعد انتفاء الحرمة في سفر غير العاصي بسفره مطلقا ـ : أنّ السفر في شهر رمضان إمّا يكون لحاجة تفوت بتأخيرها إلى خروج الشهر ، أو لا يكون كذلك.

والأول : إمّا تكون الحاجة من الأمور الراجحة شرعا ـ كحجّ ، أو عمرة ، أو غزوة ، حيث إنّ الغالب فوات هذه الأمور بالتخلّف عن الرفقة ، أو مشايعة أخ ، أو وداعه ، أو ملاقاته لوروده من سفر ، أو نحو ذلك ـ أو تكون من الأمور المباحة.

فإن كان من الأول ، فالأفضل السفر ، لأخبار المشايعة والتلقّي المتقدّمة ، بضميمة عدم الفصل.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٢٧ ـ ١٠١٧ ، الوسائل ١٠ : ١٨٣ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٨.

(٢) الكافي ٤ : ١٢٦ ـ ١ ، وفي الفقيه ٢ : ٨٩ ـ ٣٩٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢٧ ـ ١٠١٨ بتفاوت ، الوسائل ١٠ : ١٨١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢١٦ ـ ٦٢٦ ، الوسائل ١٠ : ١٨٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٦.

٣٧١

وإن كان من الثالث ، فالأفضل الإقامة وإن كان السفر للأمور الراجحة شرعا ـ كزيارة الحسين عليه‌السلام ونحوها ـ للمستثنى منه في الأخبار السابقة ، وترجيح الإقامة على الزيارة.

وإن كان من الثاني ، فيتساوى الطرفان ، للتصريح في الأخبار السالفة بأفضلية الإقامة إلاّ للحاجة أو حصاد الزرع ، فليست الإقامة حينئذ أفضل ، ولا دليل على أفضليّة السفر حينئذ ، فيتساوى الأمران.

وأفضليّة الإقامة في مواردها إنّما هي قبل يوم الثلاثة والعشرين خاصّة ، لمرسلة ابن أسباط.

المسألة السابعة : يجوز الجماع في نهار شهر رمضان للمسافر الذي يفطر‌ ، بل لكلّ من يسوغ له الإفطار على الأظهر الأشهر ، للمستفيضة من الأخبار ، كصحيحتي عمر بن يزيد (١) وعليّ بن الحكم (٢) ، وموثّقة داود بن الحصين (٣) ، وروايات الهاشمي (٤) ، وسهل (٥) ، ومحمّد (٦) ، وأبي العبّاس (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٣٣ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤١ ـ ٧٠٨ ، الاستبصار ٢ : ١٠٦ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٥ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ١.

(٢) الاستبصار ٢ : ١٠٦ ـ ٣٤٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٧.

(٤) الكافي ٤ : ١٣٤ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٤٢ ـ ٧٠٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٥ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٣.

(٥) الكافي ٤ : ١٣٣ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٤١ ـ ٧٠٧ ، الاستبصار ٢ : ١٠٥ ـ ٣٤٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٥ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٢.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٤٢ ـ ٧١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٠٦ ـ ٣٤٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ١٠.

(٧) الكافي ٤ : ١٣٤ ـ ٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٦ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٤.

٣٧٢

خلافا للشيخ ، فذهب إلى التحريم (١) ، لصحيحة ابن سنان (٢) ، وروايته (٣) ، ورواية محمّد (٤) ، المصرّحة بالتحريم ، الواجب حملها على الكراهة بقرينة ما مرّ ، على أنّه لو قطع النظر عن ذلك لوجب طرحها ، للشذوذ المخرج لها عن الحجّيّة ، وعلى فرض التعارض يجب الرجوع إلى أصالة عدم التحريم.

السادس : الخلوّ من المرض.

بالكتاب (٥) ، والإجماع ، والنصوص المتواترة (٦).

وليس الشرط الخلوّ عن المرض مطلقا ، بل مرض يضرّ معه الصوم ، بالإجماع ، ومفهوم صحيحة حريز : « كلّما أضرّ به الصوم فالإفطار له واجب » (٧).

وربما يستدلّ له أيضا بصحيحة محمّد : ما حدّ المريض إذا نقه في الصيام؟ قال : « ذاك إليه ، هو أعلم بنفسه ، إذا قوي فليصم » (٨).

وقريبة منها موثّقة سماعة ، وزاد فيها : « فهو مؤتمن عليه ، مفوّض‌

__________________

(١) النهاية : ١٦٢.

(٢) الكافي ٤ : ١٣٤ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٣ ـ ٤١٦ ، التهذيب ٤ : ٢٤٠ ـ ٧٠٥ ، الاستبصار ٢ : ١٠٥ ـ ٣٤٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٦ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٣٤ ـ ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٤١ ـ ٧٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٠٥ ـ ٣٤٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٦ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٦.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٤٠ ـ ٧٠٤ ، الاستبصار ٢ : ١٠٥ ـ ٣٤١ ، العلل : ٣٨٦ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٣ ح ٨.

(٥) البقرة : ١٨٤.

(٦) الوسائل ١٠ : ٢١٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٨.

(٧) الفقيه ٢ : ٨٤ ـ ٣٧٤ ، الوسائل ١٠ : ٢١٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٢.

(٨) الكافي ٤ : ١١٩ ـ ٨ ، الوسائل ١٠ : ٢١٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٣.

٣٧٣

إليه ، فإن وجد ضعفا فليفطر ، وإن وجد قوّة فليصمه كان المرض ما كان » (١).

وصحيحة ابن أذينة : ما حدّ المرض الذي يفطر صاحبه ـ إلى أن قال ـ : ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) وقال : « ذاك إليه ، هو أعلم بنفسه » (٢) ، ومثلها موثّقة زرارة ، بتبديل : « بنفسه » بقوله : « بما يطيقه » (٣).

وفيه نظر ، لأنّ المستفاد من الأولين الإناطة بالقوّة والضعف دون الضرر ، وهو محتمل الآخرين.

وحكي عن قوم لا اعتداد بهم : إباحة الفطر بكلّ مرض ، لإطلاق الآية (٤). وما ذكرنا يقيّده.

ثمَّ الضرر المبيح لإفطار المريض يشمل زيادة المرض بسبب الصوم ، أو بطء برئه ، أو حدوث مرض آخر ، أو حصول مشقّة لا يتحمّل عادة مثلها ، بل يشقّ تحمّلها ، كلّ ذلك لصدق الضرر ، وإيجابه العسر والحرج المنفيّين.

فروع :

أ : مقتضى صحيحة حريز المتقدّمة وجوب الإفطار بإيجاب الصوم‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٨ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥٦ ـ ٧٥٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٤ ـ ٣٧٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ١١٨ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٥٦ ـ ٧٥٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٤ ـ ٣٧١ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٨٣ ـ ٣٦٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٥.

(٤) نقله القرطبي عن ابن سيرين في أحكام القرآن ٢ : ٢٧٦ ، وحكاه عن بعض السلف في المغني ٣ : ٨٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٨.

٣٧٤

لخوف حدوث مرض أيضا وإن لم يكن مريضا ، وتدلّ عليه أيضا أدلّة نفي الضرر والضرار (١) ، والعسر والحرج (٢) ، وصحيحة حريز : « الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر » (٣) ، فإنّها تشمل خوف حدوث الرمد أيضا ، ولا قول بالفرق.

وظاهر المنتهى التردّد ، لعدم دخوله تحت الآية (٤). وجوابه ظاهر.

ويظهر ممّا ذكر أيضا وجوب الإفطار إذا خاف مطلق الضرر وإن لم يسمّى مرضا عرفا ، كالرمد ونحوه.

ب : لا شكّ في وجوب الإفطار مع العلم بالضرر بأحد الوجوه‌ ، بل وكذا مع الظنّ ، بالإجماع ، سواء استند إلى أمارة أو تجربة أو قول عارف ولو غير عدل ولا مسلم ، لصدق الخوف معه ، بل يصدق مع احتماله أيضا لغة وعرفا ، فتتّجه كفايته أيضا ، كما رجّحه بعض المتأخّرين (٥) ، بل يحتمله إطلاق كلام الأكثر بذكر الخوف.

واقتصر في القواعد واللمعة والدروس على ذكر الظنّ (٦). ونصّ في الروضة على عدم كفاية الاحتمال (٧). ولو أخّر الإفطار حتى قوي الاحتمال كان أحوط.

ج : لا فرق بين أن يكون المؤدّي إلى الضرر هو الإمساكأو تأخير‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٤٢٨ و ٤٢٩ كتاب إحياء الموات ب ١٢ ح ٣ و ٤ و ٥.

(٢) الوسائل ١٠ : ٢٠٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ١١٨ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٨٤ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ١٠ : ٢١٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٩ ح ١.

(٤) المنتهى ٢ : ٥٩٦.

(٥) انظر المدارك ٦ : ١٥٨ ، والحدائق ١٣ : ١٧١ ، والرياض ١ : ٣٢٩.

(٦) القواعد ١ : ٦٨ ، واللمعة ( الروضة ٢ ) : ١٠٥ ، الدروس ١ : ٢٧١.

(٧) الروضة ٢ : ١٠٥.

٣٧٥

العشاء أو التسحّر ، عملا بالعموم ، ولرواية الحضرمي : ما حدّ المرض الذي يترك منه الصوم؟ قال : « إذا لم يستطع أن يتسحّر » (١).

ورواية سليمان بن عمر : « واشتكت أمّ سلمة عينها في شهر رمضان ، فأمرها رسول الله أن تفطر ، وقال : عشاء الليل لعينك رديّ » (٢).

د : وحيث يخاف الضرر لا يصحّ الصوم‌ ، فلو تكلّفه قضى وجوبا إجماعا محقّقا ومحكيّا (٣) ، لوجوب الإفطار ، كما صرّح به في صحيحة حريز ، الموجب للنهي عن ضدّه المفسد للعبادة ، ولانتفاء شرعيّة ما معه الضرر والعسر ، فلا يكون مأمورا به ، فلا يكون صحيحا.

وأمّا رواية عقبة : عن رجل صام رمضان وهو مريض ، قال : « يتمّ صومه ولا يعيد » (٤) ، فمحمولة على غير المتضرّر ، لوجوب التقييد. أو مطروحة ، لمخالفة الكتاب والسنّة.

هـ : لو صحّ من مرضه قبل الزوال ولم يتناول شيئا‌ ، قالوا : يجب عليه الصوم ، بلا خلاف ظاهر فيه كما في المفاتيح (٥) ، وبالإجماع كما في المدارك (٦) ، وحكاه في الذخيرة عن بعض الأصحاب (٧).

لتمكّنه من أداء الواجب على وجه تؤثّر النيّة في ابتدائه فوجب.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٨ ـ ٦ ، ١٠ : ٢٢١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٠ ح ٨.

(٢) الكافي ٤ : ١١٩ ـ ٧ ، الفقيه ٢ : ٨٤ ـ ٣٧٢ ، الوسائل ١٠ : ٢١٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٩ ح ٢.

(٣) الرياض ١ : ٣٢٩.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٥٧ ـ ٧٦٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٤ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٢ ح ٢.

(٥) المفاتيح ١ : ٢٤٠.

(٦) المدارك ٦ : ١٩٥.

(٧) الذخيرة : ٥٢٦.

٣٧٦

ولفحوى ما دلّ على ثبوت ذلك في المسافر ، فإنّ المريض أعذر منه.

وللإجماع المنقول.

ويضعف الأول : بمنع كونه واجبا أولا ، ومنع تأثير النيّة في الابتداء ثانيا ، فإنّه أمر مخالف للأصل ، لا يتعدّى منه إلى غير موضع الثبوت.

والثاني : بمنع الأولويّة بل المساواة ، لعدم معلوميّة العلّة ، وعدم تأثير أعذريّة المريض في هذه الجهة ، مع أنّه يمكن للمسافر العلم في بدو اليوم بالدخول في البلد قبل الزوال وعدمه ، فتتأتّى منه النيّة ابتداء الصوم ، بخلاف المريض ، فإنّه لا يعلم غالبا.

والثالث : بعدم الحجّيّة ، فلو ثبت الإجماع في المسألة ، وإلاّ كما هو الظاهر ـ حيث إنّ ابني زهرة وحمزة أطلقا القول باستحباب إمساك المريض بقيّة اليوم إذا برئ ، من غير تفصيل بين قبل الزوال وبعده (١) ـ فالحكم بالوجوب مشكل ، وأمر الاحتياط واضح.

وإن صحّ بعد الزوال فالمشهور استحباب الإمساك لو لم يتناول شيئا (٢).

وعن المفيد : الوجوب وإن وجب القضاء أيضا (٣) ، لأنّه وقت يجب فيه الإمساك.

وفيه : منع وجوبه على المريض إلى هذا الزمان ، وإنّما هو مع وجوب الصوم.

__________________

(١) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٣ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٤٧.

(٢) انظر الحدائق ١٣ : ١٧٢.

(٣) المقنعة : ٣٥٤.

٣٧٧

نعم ، لا بأس بالقول باستحبابه ، للشهرة ، بل ظاهر الإجماع ، ورواية الزهري : « وكذلك من أفطر لعلّة من أول النهار ثمَّ قوي [ بعد ذلك ] أمر بالإمساك عن الطعام بقيّة يومه تأديبا ، وليس بفرض » (١).

و : لو صام المريض ـ الذي لا يشرع له الصيام ـ جاهلا ، قالوا بوجوب القضاء عليه ، لأنّه آت بخلاف ما هو فرضه.

وقال في الحدائق : إنّ الأظهر صحّة صومه (٢) ، لأخبار معذوريّة الجاهل مطلقا (٣).

والحقّ : التفصيل بين الجاهل الساذج الغير المقصّر وغيره ، والصحّة في الأول ، والفساد والقضاء في الثاني.

ويلحق بهذا المقام مسائل ثلاث‌ :

المسألة الأولى : الشيخ والشيخة إذا عجزا عن الصيام أصلا ، أو إلاّ مع مشقّة شديدة ، جاز لهما الإفطار ، إجماعا محقّقا ، ومحكيّا (٤) ، له ، وللكتاب ، والسنّة المستفيضة.

فمن الأول : آيات نفي العسر (٥) ، والحرج (٦) ، ونفي التكليف فوق الوسع (٧) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٨٩٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٦٧ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١ ح ١ ، وما بين المعقوفتين أضفناه من المصادر.

(٢) الحدائق ١٣ : ٣٩٨.

(٣) انظر الوسائل ١٠ : ١٧٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢.

(٤) كما في المنتهى ٢ : ٦١٨ ، التذكرة ١ : ٢٨٠ ، الرياض ١ : ٣٣٠ ، غنائم الأيام : ٥١٠.

(٥) البقرة : ١٨٤.

(٦) الحج : ٧٨.

(٧) البقرة : ٢٨٦.

٣٧٨

وقوله سبحانه ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) (١).

ففي صحيحة محمّد : في قول الله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ) ، قال : « الشيخ الكبير ، والذي يأخذه العطاش » (٢).

وفي موثّقة ابن بكير : في قول الله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) ، قال : « الذين كانوا يطيقون الصوم فأصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك ، فعليهم لكلّ يوم مدّ » (٣).

وفي المرويّ في تفسير العيّاشي : عن قول الله عزّ وجلّ ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) ، قال : « هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع ، والمريض » (٤).

وفيه أيضا في قوله سبحانه ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) ، قال : « المرأة تخاف على ولدها ، والشيخ الكبير » (٥).

ومن الثاني : روايات نفي الضرر والعسر فوق الوسع ، وصحيحة محمّد : « والشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما ، فإن لم يقدرا فلا شي‌ء عليهما » (٦).

__________________

(١) البقرة : ١٨٤.

(٢) الكافي ٤ : ١١٦ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٣٧ ـ ٦٩٥ ، المقنع : ٦١ ، الوسائل ١٠ : ٢١٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ١١٦ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٨٤ ـ ٣٧٧ ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٦.

(٤) تفسير العياشي ١ : ٧٨ ـ ١٧٧ ، الوسائل ١٠ : ٢١٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٧.

(٥) تفسير العياشي ١ : ٧٩ ـ ١٨٠ ، الوسائل ١٠ : ٢١٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٨.

(٦) الكافي ٤ : ١١٦ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٨٤ ـ ٣٧٥ ، التهذيب ٤ : ٢٣٨ ـ ٦٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٠٤ ـ ٣٣٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١.

٣٧٩

ومثلها الأخرى ، إلاّ أنّه قال : « بمدّين من طعام » (١).

وصحيحة ابن سنان : عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان ، قال : « يتصدّق عن كلّ يوم بما يجزئ من طعام مسكين » (٢).

ورواية الهاشمي : عن الشيخ الكبير والعجوزة الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان ، قال : « تصدّق كلّ يوم بمدّ من حنطة » (٣).

والرضوي : « فإذا لم يتهيّأ للشيخ أو الشابّ المعلول أو المرأة الحامل أن تصوم من العطش أو الجوع ، أو تخاف المرأة أن تضرّ بولدها ، فعليهم جميعا الإفطار ، وتصدّق كلّ واحد من كلّ يوم بمدّ من طعام ، وليس عليه القضاء » (٤).

ورواية الكرخي : رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ـ إلى أن قال ـ : قلت : فالصيام؟ قال : « إذا كان في ذلك الحدّ فقد وضع الله عنه ، فإن كانت له مقدرة فصدقة مدّ من طعام بدل كلّ يوم أحبّ إليّ ، وإن لم يكن له يسار ذلك فلا شي‌ء عليه » (٥).

ورواية مفضّل : إنّ لنا فتيات وشبّانا لا يقدرون على صيام من شدّة ما يصيبهم من العطش ، قال : « فليشربوا بقدر ما تروى به نفوسهم وما‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٣٨ ـ ٦٩٨ ، الاستبصار ٢ : ١٠٤ ـ ٣٣٩ ، الوسائل ١٠ : ٢١٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ١١٦ ـ ٣ ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ١١٦ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٨٥ ـ ٣٧٩ ، التهذيب ٤ : ٢٣٨ ـ ٦٩٦ ، الاستبصار ٢ : ١٠٣ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ٤.

(٤) فقه الرضا «ع» : ٢١١ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٣٨٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٢ ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ ـ ٩٥١ ، الوسائل ١٠ : ٢١٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١٠.

٣٨٠