مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

والمرويّ في قرب الإسناد : عن الرجل هل يصلح له أن يقبّل أو يلمس وهو يقضي شهر رمضان؟ قال : « لا » (١) ، ومثله المرويّ في كتاب عليّ بن جعفر (٢).

ودليل الثاني : صحيحة الحلبي : عن الرجل يمسّ من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال : « إنّ ذلك ليكره للرجل الشابّ مخافة أن يسبقه المني » (٣).

ومرسلة الفقيه : روى عبد الله بن سنان عنه رخصة للشيخ في المباشرة (٤).

وصحيحة منصور : ما تقول في الصائم يقبّل الجارية والمرأة؟ فقال : « أمّا الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس ، وأمّا الشاب الشبق فلا ، فإنّه لا يؤمن » الحديث (٥).

حجّة الثالث : قوله : « وأمّا الشاب الشبق » في الأخيرة ، والعلّتان المنصوصتان في الصحيحين من جهة تحقّق المخافة وعدم الأمن في ذي الشهوة.

وصحيحة زرارة ومحمّد : هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟ فقال : « إنّي أخاف عليه ، فليتنزّه عن ذلك ، إلاّ أن يثق أن لا يسبقه منيّه » (٦) ، حيث إنّ ذي الشهوة لا يكون واثقا ، وغيره واثق البتّة.

والمرويّ في كتاب عليّ : عن المرأة هل يحلّ لها أن تعتنق الرجل في‌

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٣٢ ـ ٩٠٩ ، الوسائل ١٠ : ٩٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١١.

(٢) مسائل علي بن جعفر : ١٥٠ ـ ١٩٥ ، الوسائل ١٠ : ١٠١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٢٠.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٩٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٦ ، الوسائل ١٠ : ٩٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٨.

(٥) الكافي ٤ : ١٠٤ ـ ٣ ، الوسائل ١٠ : ٩٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٣.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٧١ ـ ٨٢١ ، الاستبصار ٢ : ٨٢ ـ ٢٥١ ، الوسائل ١٠ : ١٠٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١٣.

٣٠١

شهر رمضان وهي صائمة ، فتقبّل بعض جسده من غير شهوة؟ قال : « لا بأس » (١).

وعن الرجل هل يصلح له وهو صائم في رمضان أن يقلب الجارية فيضرب على بطنها وفخذها وعجزها؟ قال : « إن لم يفعله ذلك بشهوة فلا بأس ، وأمّا الشهوة فلا يصلح » (٢).

ورواية رفاعة : عن رجل لامس جاريته في شهر رمضان فأمذى؟

قال : « إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود أبدا ويصوم يوما مكان يوم ، وإن كان من حلال فليستغفر الله ، ولا يعود ، ويصوم يوما مكان يوم » (٣) ، فإنّ ترتّب الإمذاء عليه ليس إلاّ لحركة الشهوة.

أقول : لا يخفى أنّ شيئا من روايات القولين الأخيرين لا يصلح لإثبات الكراهة في فرد ، ولا لنفيها عنه.

أمّا الأولى ، فلأعمّية لفظ الكراهة عن الحرمة ، وإنّما ثبتت الكراهة المصطلحة بها فيما ثبتت بضميمة الأصل ، وهو هنا غير جار ، لما يأتي من حرمة المباشرة لمن يخاف على نفسه.

وأمّا الثانية ، فظاهرة ، لأعميّة الرخصة من الكراهة والإباحة.

وأمّا الثالثة ، فلمثل ما مرّ في الأولى ، فإنّ قوله : « فلا » يحتمل الحرمة أيضا ، ونفي البأس عن مثلهما يستلزم نفي الحرمة ، لأنّ البأس هو العذاب والشدّة.

وأمّا الرابعة ، فلأنّ مقتضى الأمر فيها إثبات الحرمة في غير الواثق ،

__________________

(١) مسائل علي بن جعفر : ١١٠ ـ ٢١ ، الوسائل ١٠ : ١٠١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١٨.

(٢) مسائل علي بن جعفر : ١١٦ ـ ٤٨ ، الوسائل ١٠ : ١٠٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١٩.

(٣) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٢٩٩ ، التهذيب ٤ : ٢٧٢ ـ ٨٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٣ ـ ٢٥٥ ، الوسائل ١٠ : ١٢٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٥ ح ٣.

٣٠٢

ومقتضى الاستثناء انتفاؤها في الواثق.

وأمّا الخامسة ، فلأنّ نفي البأس عمّن لم يفعل بشهوة ينفي الحرمة ، وإثبات عدم الصلاح لمن فعل بشهوة يثبتها ، لأنّ ضدّ الصلاح الفساد.

وأمّا السادسة ، فظاهرة.

وعلى هذا ، فيظهر عدم دليل للقولين الأخيرين ، ووجوب رفع اليد عنهما ، فيبقى الأول ، ولكن يجب تقييده بما لم تثبت فيه الحرمة ، ولكنّها ثابتة فيما خاف من الإنزال ولم يكن واثقا بنفسه ، فإنّه يحرم حينئذ على الأظهر ، كما هو أحد القولين على ما ذكره في المنتهى (١) ، للأمر بالتنزّه في صحيحة محمّد وزرارة ، ومرسلة الفقيه : عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟

قال : « ما لم يخف على نفسه فلا بأس » (٢) ، دلّت بالمفهوم على البأس ـ الذي هو العذاب ـ مع الخوف ولا ينافيه قوله : « يكره » في صحيحة الحلبي ، لأنّه أعمّ من الحرمة ، وعلى ذلك يحمل الأمر بالاستغفار في رواية رفاعة ، حيث إنّ الإمذاء لا ينفكّ عن عدم الوثوق.

ومنها : جلوس المرأة في الماء على الأظهر الأشهر ، للشهرة ، وموثّقة حنّان : عن الصائم يستنقع في الماء؟ قال : « لا بأس ، ولكن لا يغمس فيه ، والمرأة لا تستنقع في الماء ، لأنّها تحمل الماء بفرجها » (٣).

خلافا للمحكيّ عن الديلمي والحلّي وابن زهرة والقاضي (٤) ، وظاهر‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٥٨١.

(٢) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٠ ، الوسائل ١٠ : ٩٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٦.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٦ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٧ بتفاوت يسير ، التهذيب ٤ : ٢٦٣ ـ ٧٨٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٦.

(٤) الديلمي في المراسم : ٩٨ ، لم نعثر عليه في السرائر وهو موجود في الكافي للحلبي : ١٨٣ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، القاضي في المهذب ١ : ١٩٢.

٣٠٣

الفقيه (١) ، ومحتمل المقنعة (٢) ، فحرّموه ، إمّا مع القضاء كالأولين ، أو مع الكفّارة كالمتعقّبين لهما ، أو بدونهما كالباقين ، للموثّقة في الحرمة ، ولعدم اتّجاه التعليل المذكور فيها لو لا الإفساد الموجب للقضاء أوله وللكفّارة فيهما ، بل تصريحه بأنّه يوصل الجوف وهو مفسد ، مضافا في الثلاثة إلى الإجماع المدّعى في الغنية.

ويضعّف الكلّ بضعف دلالة الموثّقة ـ لمكان الجملة الخبريّة ـ على الحرمة ، وكفاية الكراهة في توجيه التعليل ، حيث إنّه موجب لرفع العطش المطلوب في الصوم ، ومنع كلّ إيصال إلى الجوف ولو مع عدم صدق الأكل والشرب مفسدا ، وعدم حجّيّة الإجماع المنقول.

ولا يكره ذلك من الرجل ولا من الخنثى والمجبوب ، للأصل الخالي عن المعارض ، بل المقارن للمؤيّد كما مرّ.

ومنها : السواك بالرطب‌ ، وفاقا للمحكيّ عن الشيخ والعماني وابن زهرة والمدارك (٣) ، بل جماعة من متأخّري المتأخّرين كما قيل (٤) ، للمعتبرة :

كصحيحة الحلبي : عن الصائم يستاك بالماء؟ قال : « لا بأس به » ، وقال : « لا يستاك بسواك رطب » (٥).

وابن سنان : « كره للصائم أن يستاك بسواك رطب » (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٧.

(٢) المقنعة : ٣٥٦.

(٣) الشيخ في النهاية : ١٥٦ ، حكاه عن العماني في المختلف : ٢٢٣ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، المدارك ٦ : ٧٤.

(٤) الرياض ١ : ٣٠٨.

(٥) الكافي ٤ : ١١٢ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٣٢٣ ـ ٩٩٢ ، الوسائل ١٠ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١٠.

(٦) الكافي ٤ : ١١٢ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٦٣ ـ ٧٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٩٢ ـ ٢٩٤ ، الوسائل ١٠ : ٨٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١١.

٣٠٤

وموثّقة الساباطي : في الصائم ينزع ضرسه؟ قال : « لا ، ولا يدمي فاه ، ولا يستاك بعود رطب » (١).

ومحمّد : « يستاك الصائم أيّ النهار شاء ، ولا يستاك بعود رطب » (٢).

ورواية أبي بصير : « لا يستاك الصائم بعود رطب » (٣).

خلافا للمشهور ، فلا يكره ، بل يستحبّ ، وعن المنتهى : أنّه مذهب علمائنا أجمع إلاّ العماني (٤) ، للأصل ، والحصر ، وعمومات السواك (٥) ، وخصوص المستفيضة المجوّزة للسواك بقول مطلق للصائم بقوله : « يستاك » ، كصحيحة ابن سنان (٦) ، وموثّقة محمّد (٧) ، وروايتي أبي بصير (٨) وأبي الجارود (٩). أو النافية للبأس عن السواك بالعود الرطب ، كصحيحة الحلبي (١٠) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٢ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٧٠ ـ ٢٩٤ وفيه بنقص ، الوسائل ١٠ : ٨٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨٥ ، الاستبصار ٢ : ٩١ ـ ٢٩٢ ، الوسائل ١٠ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٨.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٩٢ ـ ٢٩٣ ، الوسائل ١٠ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٧.

(٤) المنتهى ٢ : ٥٦٨.

(٥) الوسائل ٢ : أبواب السواك ب ١ و ٢ و ٣.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٦١ ـ ٧٨٠ ، الوسائل ١٠ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨٤ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٦.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨١ ، الوسائل ١٠ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٢.

(٩) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨٣ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٥.

(١٠) التهذيب ٤ : ٢٦٢ ـ ٧٨٢ ، الاستبصار ٢ : ٩١ ـ ٢٩١ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٣.

٣٠٥

وخصوص رواية الرازي : عن السواك في شهر رمضان؟ قال : « جائز » ـ إلى أن قال ـ : فقال : ما تقول في السواك الرطب يدخل رطوبته في الحلق؟ فقال : « الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب » (١).

ونحوها المرويّ في قرب الإسناد عن عليّ عليه‌السلام ، وفي آخره : « فقال علي عليه‌السلام : فإن قال قائل : لا بدّ من المضمضة لسنّة الوضوء ، قيل له : فإنّه لا بدّ من السواك للسنّة التي جاء بها جبرئيل » (٢).

وبما مرّ يدفع الأصل ، ويقيّد الحصر ، ويخصّص العموم ، كما أنّ به تخصّص أيضا بغير الرطب مطلقات مجوّزات السواك للصائم ، مع أنّها غير دالّة إلاّ على الجواز الغير المنافي للكراهة ، كما أنّ نفي البأس ـ الذي هو العذاب ـ في صحيحة الحلبي الأخيرة لا ينافيها أيضا.

وممّا ذكر يعلم عدم منافاة إثبات الجواز في الروايتين الأخيرتين لها أيضا ، بل وكذا قوله فيهما : « الماء للمضمضة أرطب » ، لأنّ القائل استدرك دخول الرطوبة في الحلق ، فتوهّم منه نفي الجواز الثابت أولا ، فردّ عليه‌السلام عليه بما ردّ ، وقال : إنّ دخول الرطوبة لا ينفي الجواز ، لوجوده في المضمضة.

نعم ، في قوله في الذيل : « فإن قال قائل » إلى آخره ، دلالة على انتفاء الكراهة ، بل ثبوت الاستحباب ، إلاّ أنّه لا يثبته إلاّ في مطلق السواك ، فإنّه الذي سنّه جبرئيل ، ولذا أطلق الإمام عليه‌السلام أيضا ، فيجب التخصيص ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٦٣ ـ ٧٨٨ بتفاوت يسير ، الاستبصار ٢ : ٩٢ ـ ٢٩٥ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٤.

(٢) قرب الإسناد : ٨٩ ـ ٢٩٧ ، الوسائل ١٠ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١٥.

٣٠٦

فتأمّل ، مع أنّه على الدلالة أيضا لا يقاوم ما مرّ ، لأكثريّته وأصحيته وأصرحيّته. ونقل الكراهة عن أحمد (١) لا يجعله موافقا للعامّة فتدبّر.

ومنها : الاكتحال‌ ، فيكره مطلقا وإن اشتدّت فيما فيه مسك أو طعم يجده في الحلق ، ولا يحرم.

أمّا عدم الحرمة ، فبالإجماع ، والأصل ، والحصر ، والأخبار النافية للبأس عن مطلق الاكتحال ، كصحيحتي محمّد (٢) وعبد الحميد (٣) ، ومرسلة سليم (٤) ، وروايات عبد الله بن ميمون (٥) وابن أبي يعفور (٦) وغياث بن إبراهيم (٧).

وأمّا الكراهة مطلقا ، فللأخبار الناهية عن مطلقه ، كصحيحتي الأشعري (٨) والحلبي (٩) ، ورواية الحسن بن عليّ (١٠) ، وهي واردة بالجملة‌

__________________

(١) انظر المغني لابن قدامة ٣ : ٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ١١١ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٨ ـ ٧٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٩ ـ ٢٧٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥٩ ـ ٧٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٨٩ ـ ٢٨٠ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٧.

(٤) الكافي ٤ : ١١١ ـ ذ. ح ١ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٥٨ ـ ٧٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٨٩ ـ ٢٧٩ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٦.

(٧) التهذيب ٤ : ٢١٤ ـ ٦٢٢ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١٠.

(٨) الكافي ٤ : ١١١ ـ ٢ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٣.

(٩) التهذيب ٤ : ٢٥٩ ـ ٧٦٩ ، الاستبصار ٢ : ٨٩ ـ ٢٨٢ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٩.

(١٠) التهذيب ٤ : ٢٥٩ ـ ٧٦٨ ، الاستبصار ٢ : ٨٩ ـ ٢٨١ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٨.

٣٠٧

الخبريّة فلا تفيد أزيد من الكراهة.

وأمّا شدّتها مع أحد الوصفين ، فلصحيحة محمّد : عن المرأة تكتحل وهي صائمة؟ فقال : « إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس » (١).

وموثّقته : عن الكحل للصائم؟ فقال : « إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس » (٢).

والمرويّ في قرب الإسناد « إنّ عليّا عليه‌السلام كان لا يرى بأسا بالكحل للصائم إذا لم يجد طعمه » (٣).

والرضويّ : « لا بأس بالكحل إذا لم يكن [ ممسّكا ] » (٤).

ومفهوم تلك الأخبار وإن اقتضى الحرمة مع أحد الوصفين ، إلاّ أنّ الإجماع على عدم الحرمة أوجب الحمل على نوع من الكراهة ، ولثبوت أصلها لمطلقه يفهم العرف من التخصيص بالذكر شدّة فيه.

مضافا إلى رواية ابن أبي غندر : أكتحل بكحل فيه مسك وأنا صائم؟ فقال : « لا بأس به » (٥).

والمشهور اختصاص الكراهة بما فيه أحد الوصفين ، كجماعة (٦) ، أو‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥٩ ـ ٧٧١ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٤ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٥.

(٢) الكافي ٤ : ١١١ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥٩ ـ ٧٧٠ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٢.

(٣) قرب الإسناد : ٨٩ ـ ٢٩٥ ، الوسائل ١٠ : ٧٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١٢.

(٤) فقه الرضا «ع» : ٢١٢ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ٢. بدل ما بين المعقوفتين في النسخ : مسكا ، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٥ ، الوسائل ١٠ : ٧٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١١.

(٦) انظر الكفاية : ٤٧ ، والرياض ١ : ٣٠٨.

٣٠٨

الأول خاصّة ، كالمحقّق والشهيد (١) ، أو مع ما فيه صبر ، كما في الروضة (٢) ، أو مع ما فيه رائحة حادّة ، كبعضهم (٣) ، للجمع بين الصنفين المطلقين من الأخبار بالصنف المفصّل ، وهو كان حسنا لو تنافيا الصنفان ، وكان نفي البأس نفيا للكراهة أيضا ، وليس كذلك.

ومنها : إخراج الدم مع خوف الضعف‌ ، للصحاح المستفيضة ، كصحاح الأعرج (٤) ، والحلبي (٥) ، وابن سنان (٦) ، والحسين بن أبي العلاء (٧) ، وغيرها (٨) ، وهي وان كانت مختصّة بالاحتجام ظاهرة في الحرمة مع خوف الضعف ، إلاّ أنّه يستفاد العموم من السياق ـ وقيل : من تنقيح المناط (٩) ، وفيه تأمّل ـ ويصرف عن الظاهر ، للإجماع على عدم الحرمة ، ورواية عبد الله بن ميمون : « ثلاثة لا يفطرن الصائم : القي‌ء والاحتلام والحجامة ، وقد احتجم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صائم » (١٠).

__________________

(١) المحقق في المعتبر ٢ : ٦٦٤ ، الشهيد في الدروس ١ : ٢٧٩.

(٢) الروضة ٢ : ١٣٢.

(٣) كما في التهذيب ٤ : ٢٥٩.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٧ ، الوسائل ١٠ : ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١٠.

(٥) الكافي ٤ : ١٠٩ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٦٨ ـ ٢٨٧ ، التهذيب ٤ : ٢٦١ ـ ٧٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٩١ ـ ٢٩٠ ، الوسائل ١٠ : ٧٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٦ ، الاستبصار ٢ : ٩١ ـ ٢٨٩ ، الوسائل ١٠ : ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١٢.

(٧) الكافي ٤ : ١٠٩ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٦ ، الوسائل ١٠ : ٧٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ٢.

(٨) كما في الوسائل ١٠ : ٧٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦.

(٩) انظر الحدائق ١٣ : ١٥٨.

(١٠) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١١.

٣٠٩

وأمّا النبويّ : « أفطر الحاجم والمحجوم » (١) فمع أنّه عامّي ، روي أنّه كان لمكان اغتيابهما مسلما وتسابّا وكذبا في سبّهما على نبي الله (٢).

واحتمل الصدوق في معاني الأخبار أن يكون المعنى : المحتجم عرّض نفسه للاحتياج إلى الإفطار ، والحاجم عرّض المحتجم إليه ، وقال أيضا : سمعت بعض المشايخ بنيشابور يذكر في معناه : أنّهما دخلا بذلك في فطرتي وسنّتي (٣).

ومنها : دخول الحمّام إذا خيف منه الضعف‌ ، لصحيحة محمّد (٤).

ومنها : شمّ الريحان عموما ـ وهو كلّ نبت طيّب الريح ، كما ذكره أهل اللغة (٥) ـ للإجماع المنقول في المنتهى والتذكرة (٦) ، والأخبار المستفيضة ، كروايتي الحسن بن راشد (٧) ، ورواية الصيقل (٨) ، ومراسيل الكافي (٩) والفقيه (١٠) ، معلّلا في بعضها : بأنّه لذّة ويكره للصائم أن يتلذّذ ،

__________________

(١) كما في سنن أبي داود ٢ : ١٤ ، ومسند أحمد : ٣٦٤.

(٢) انظر معاني الأخبار : ٣١٩ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٧٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ٩.

(٣) معاني الأخبار : ٣١٩.

(٤) الكافي ٤ : ١٠٩ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٧٠ ـ ٢٩٦ ، التهذيب ٤ : ٢٦١ ـ ٧٧٩ ، الوسائل ١٠ : ٨١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٧ ح ١.

(٥) كما في القاموس ١ : ٢٣٢ ، والمصباح المنير : ٢٤٣ ، ولسان العرب ٢ : ٤٥٨.

(٦) المنتهى ٢ : ٥٨٣ ، التذكرة ١ : ٢٦٦.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٦٧ ـ ٨٠٥ و ٨٠٧ ، الاستبصار ٢ : ٩٣ ـ ٢٩٩ و ٣٠١ ، الوسائل ١٠ : ٩٣ و ٩٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٧ و ١٢.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٦٧ ـ ٨٠٦ ، الاستبصار ٢ : ٩٣ ـ ٣٠٠ ، الوسائل ١٠ : ٩٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١٣.

(٩) الكافي ٤ : ١١٣ ـ ذ. ح ٤ ، الوسائل ١٠ : ٩٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٢.

(١٠) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٩٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١٤.

٣١٠

وفي بعضها : أنّ الريحان بدعة للصائم ، وهو وإن كان مشعرا بالحرمة ، إلاّ أنّ الإجماع والأخبار النافية للبأس عنه ـ كصحيحتي محمد (١) ، والبجلي (٢) ، وروايتي سعد (٣) ، وأبي بصير (٤) ـ أوجبت الحمل على الكراهة.

وقيل : تتأكّد الكراهة في النرجس (٥) ، لرواية ابن رئاب : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ينهى عن النرجس ، فقلت : جعلت فداك لم ذلك؟ قال : « لأنّه ريحان الأعاجم » (٦).

ولا يخفى أنّها لا تدلّ على الأشدّية ، بل ولا على الاختصاص بالصائم ، بل غايتها كراهة شمّ النرجس مطلقا ، فهي الأظهر.

والتعليل ـ للشدّة بفتوى الأكثر مع التسامح في أدلّة الكراهة ـ غير جيّد ، لأنّ الشدّة غير نفس الكراهة ، ولم تثبت فيها المسامحة ، إلاّ أن تثبت الشدّة بثبوت الكراهة من جهتين : إحداهما : من جهة كراهة شمّ مطلق الريحان للصائم. وثانيتهما : من جهة كراهة شمّ النرجس مطلقا ، فتجتمع الجهتان في شمّ الصائم للنرجس ، فتشتدّ الكراهة.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٣ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٦٦ ـ ٨٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٩٢ ـ ٢٩٦ ، الوسائل ١٠ : ٩١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٦٦ ـ ٨٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٩٣ ـ ٢٩٧ ، الوسائل ١٠ : ٩٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٨.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٦ ـ ٨٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٩٣ ـ ٢٩٨ ، الوسائل ١٠ : ٩٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٦٥ ـ ٧٩٨ ، الوسائل ١٠ : ٩٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٩.

(٥) كما في الشرائع ١ : ١٩٥ ، والمختصر النافع : ٦٦ ، والذخيرة : ٥٠٥ ، والحدائق ١٣ : ١٥٩ ، والرياض ١ : ٣٠٨ وغنائم الأيام : ٤٢٧.

(٦) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠١ وفيه : النرجس للصائم .. ، العلل : ٣٨٣ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٩٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٤.

٣١١

وهل يشمل الريحان مثل : التفّاح والسفرجل والأترج ، لصدق النبت؟

فيه نظر ، بل الظاهر العدم ، لأن المتبادر من النبت مثل الحشائش والأوراق ، فلا يشمل الفواكه وأصول النباتات وأغصانها الطيّبة.

وكذا يكره التطيّب بالمسك ، لرواية غياث (١). ولا يكره غيره من أصناف الطيب والغالية ، للأصل ، والمستفيضة ، كمرسلة الفقيه (٢) ، ورواية الحسن بن راشد (٣) ، وغيرها (٤) ، وفي بعضها : « إنّ الطيب تحفة الصائم ».

ومنهم من ألحق بالمسك ما يجري مجراه ممّا يوجد طعمه في الحلق (٥) ، ومنهم من ألحق به الزعفران (٦) ، ولا وجه له إلاّ فتوى الفقيه ، وتعارضها عمومات الطيب ، فعدم الكراهة فيهما أشبه.

ومنها : الاحتقان بالجامد ، لنقل الإجماع عن الغنية والكشف (٧) ، وقد مرّ.

ومنها : لبس الثوب المبلول‌ ، لروايات الصيقل (٨) ، وابن سنان (٩) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٢ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٦٦ ـ ٨٠١ ، الوسائل ١٠ : ٩٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٦.

(٢) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٩٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١٤.

(٣) الكافي ٤ : ١١٣ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٧٠ ـ ٢٩٥ ، التهذيب ٤ : ٢٦٥ ـ ٧٩٩ ، الوسائل ١٠ : ٩٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٣.

(٤) كما في الوسائل ١٠ : ٩١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢.

(٥) كالشيخ في النهاية : ١٥٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٤٤ ، ٦٨٣ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٣٨٨.

(٦) كالمفيد في المقنعة : ٣٥٦ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، كشف الرموز ١ : ٢٨١.

(٨) المتقدم ذكر مصادرها في ص : ٣١٠.

(٩) الكافي ٤ : ١٠٦ ـ ٤ ، الوسائل ١٠ : ٣٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٣.

٣١٢

وابن راشد (١) ، ولخلّوها عن الدالّ على الحرمة استدلّ بها للكراهة.

لا لصحيحة محمّد : « الصائم يستنقع في الماء ، ويصبّ على رأسه ، ويتبرّد بالثوب ، وينضح بالمروحة وينضح البوريا تحته » (٢) ، لجواز أن يراد بالتبرّد بالثوب : جعله مروحة لا بلّه على الجسد ، أو يراد به : التبرّد به بعد عصره ، كما صرّح به في رواية ابن سنان المشار إليها ، حيث قال : « لا تلزق ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره ».

ومنها : إنشاد الشعر على ما ذكره بعض الأصحاب (٣) ، ولكن لم يذكره الأكثر كما صرّح به في الحدائق (٤).

ووجه الكراهة : صحيحة حمّاد : « تكره رواية الشعر للصائم والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجمعة وأن يروى بالليل ، ولا ينشد في شهر رمضان بليل ونهار » فقال له إسماعيل : يا أبتاه ، وإن كان فينا؟ قال : « وإن كان فينا » (٥).

والأخرى : « تكره رواية الشعر للصائم والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجمعة وأن يروى بالليل » قال : قلت : وإن كان شعر حقّ؟ قال : « وإن كان شعر حقّ » (٦).

__________________

(١) المتقدم ذكر مصادرها في ص : ٣١٠.

(٢) الكافي ٤ : ١٠٦ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٠٤ ـ ٥٩١ ، الاستبصار ٢ : ٨٤ ـ ٢٦٠ ، الوسائل ١٠ : ٣٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٢.

(٣) كما في المفاتيح ١ : ٢٥٠.

(٤) الحدائق ١٣ : ١٦٢.

(٥) الكافي ٤ : ٨٨ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٦٨ ـ ٢٨٢ ، التهذيب ٤ : ١٩٥ ـ ٥٥٦ ، الوسائل ١٠ : ١٦٩ أبواب آداب الصائم ب ١٣ ح ٢.

(٦) التهذيب ٤ : ١٩٥ ـ ٥٥٨ ، الوسائل ١٠ : ١٦٩ أبواب آداب الصائم ب ١٣ ح ١.

٣١٣

وخصّ في الحدائق كلّ ما ورد من كراهة إنشاد الشعر في مكان أو زمان شريف بالأشعار الدنيويّة وغير الحقّة ممّا كان متضمّنا لحكمة أو موعظة أو مدح أهل البيت أو رثائهم ، بل نسبه إلى أصحابنا وقال : إنّ أصحابنا قد خصّوا الكراهة بالنسبة إلى إنشاد الشعر في المسجد أو يوم الجمعة أو نحو ذلك من الأزمنة الشريفة والبقاع المنيفة بما كان من الإشعار الدنيويّة الخارجة عمّا ذكرناه.

قال : وممّن صرّح بذلك الشهيد في الذكرى والشهيد الثاني في جملة من شروحه والمحقّق الشيخ عليّ والسيّد السند في المدارك (١). انتهى.

واستدلّ لذلك بصحيحه عليّ بن يقطين النافية للبأس عن الشعر الذي لا بأس به في الطواف ، المستلزم لكونه في الحرم (٢).

وبالأخبار الغير العديدة ، الواردة في مدح الشعر في أهل البيت وفي مراثيهم (٣).

وبالمرويّ في إكمال الدين : عن أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتح مكّة وفد بكر بن وائل حين أقبلوا إليه وهو بفناء الكعبة بإنشاد شعر قيس بن ساعدة وترحّمه عليه (٤).

وبالمرويّ في كتاب الآداب الدينيّة لأمين الإسلام الشيخ أبي عليّ الطبرسي بإسناده عن خلف بن حمّاد : قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إنّ أصحابنا يروون عن آبائك أنّ الشعر ليلة الجمعة ويوم الجمعة وفي شهر رمضان وفي‌

__________________

(١) الحدائق ١٣ : ١٦٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٧ ـ ٤١٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ ـ ٧٨٤ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٢ أبواب الطواف ب ٥٤ ح ١.

(٣) كما في الوسائل ١٤ : ٥٩٧ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٠٥.

(٤) إكمال الدين : ١٦٦ ـ ٢٢ ، وفيه : قسّ بن ساعدة ، بدل : قيس بن ساعدة.

٣١٤

الليل مكروه ، وقد هممت أن أرثي أبا الحسن عليه‌السلام وهذا شهر رمضان ، فقال : « ارث أبا الحسن عليه‌السلام في ليالي الجمع وفي شهر رمضان وفي الليل وفي سائر الأيّام ، فإنّ الله عزّ وجلّ يكافئك على ذلك » (١).

وفي دلالة غير الأخيرة على مطلوبه نظر ، إذ نفي البأس أعمّ من نفي الكراهة ، والعمومات لا تجدي في مقابل الأخبار الخاصّة ، وأمر النبيّ لعلّه كان قبل ورود الحكم بالكراهة.

نعم ، تتمّ دلالة الأخيرة ، ولا يضرّ اختصاصها بالرثى ، لعدم القول بالتفرقة.

ثمَّ يعارض بذلك ما مرّ ، فإمّا يرجّح ذلك ، لاحتمال حمل ما مرّ على التقيّة كما في الحدائق (٢) ، أو يرجع إلى العمومات المذكورة (٣) ، ولا يضرّ ضعف الأخيرة ، لأنّ المقام مقام المسامحة.

فالحقّ : عدم الكراهة في الأشعار الحقّة ـ والمتضمّنة للحكمة والموعظة ، ونحوها ـ في الأوقات المذكورة.

بل ها هنا كلام آخر متقن ذكره في الوافي ، قال : والشعر غلب على المنظوم من القول ، وأصله : الكلام التخييلي ، الذي هو أحد الصناعات الخمس نظما كان أو نثرا ، ولعلّ المنظوم المشتمل على الحكمة والموعظة ، أو المناجاة مع الله سبحانه ، ممّا لم يكن فيه تخييل شعري ، مستثنى من هذا الحكم ، أو غير داخل فيه.

وقال في بيان قوله : « وإن كان شعر حقّ » : وذلك لأنّ كون موضوعه‌

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٤٩٩ أبواب المزار وما يناسبه ب ١٠٥ ح ٨.

(٢) الحدائق ١٣ : ١٦٤.

(٣) في ص : ٣١٣ ـ ٣١٤.

٣١٥

حقّا ـ كحكمة أو موعظة ـ لا يخرجه عن التخييل الشعري ، فأمّا إذا لم يكن كلاما شعريّا بل كان موزونا فقط فلا بأس (١). انتهى.

وما ذكره جيد ، فإنّ الحقيقة الشرعيّة للشعر في المنظوم من الكلام غير ثابت ، بل لم يكن كذلك أولا البتّة ، ولذا سمّوا الكفّار القرآن شعرا ورسول الله شاعرا ، فالمنظوم الخالي عن الخيالات الشعريّة ليس شعرا مكروها ، والشعر منها أيضا إذا كان حقّا يكون بما مرّ مستثنى أيضا.

ومنها : التنازع والتحاسد‌ ، والسبّ والمراء ، وأذى الخادم ، والجدال ، والمسارعة إلى الحلف والأيمان ، والقول الفاحش ، كلّ ذلك للأخبار (٢). والمقصود كراهيّة هذه الأمور من حيث الصيام ، وإلاّ فأكثرها حرام في نفسه.

__________________

(١) الوافي ١١ : ٢٢٠.

(٢) الوسائل ١٠ : ١٦١ ، ١٦٧ أبواب آداب الصائم ب ١١ و ١٢.

٣١٦

الفصل الثالث‌

في بيان أنّ وجوب الإمساك عمّا ذكر من الأمور ـ وإيجابها لارتكاب المحرّم أو الفساد أو مع القضاء أو مع الكفّارة أيضا ـ إنّما هو إذا كان عمدا.

فنقول : إنّ كلّما ذكرنا أنّه محرّم في الصوم ومبطل له وموجب للقضاء والكفّارة ، فهو كذلك إذا كان ذاكرا للصوم ، عامدا في الإفطار ، مختارا فيه ، عالما بالحكم ، وأمّا إذا لم يكن كذلك فليس كذلك إجماعا في بعض الصور ، ومع الخلاف في بعض آخر.

وتفصيل المقال : أنّ من لم يكن كذلك فإمّا ناس للصوم ، أو غير عامد في فعل المفطر ، أو مكره ، أو جاهل ، فهذه أربع أصناف يذكر حكمها في أربع مقامات.

المقام الأول : في الناسي للصوم‌ ، ولا يفسد صومه بفعل شي‌ء من المفطرات ، بلا خلاف بين علمائنا كما في المنتهى (١) وغيره (٢) ، بل بالإجماع كما صرّح به بعضهم (٣) ، بل بالإجماع المحقّق ، فهو الحجّة ، مضافا إلى الأخبار المستفيضة ، كصحيحتي الحلبي (٤) ومحمّد بن قيس (٥) ، وموثّقتي سماعة (٦)

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٥٧٧.

(٢) كالذخيرة : ٥٠٧ ، والحدائق ١٣ : ٦٦ ، والرياض ١ : ٣٠٧.

(٣) كما في المفاتيح ١ : ٢٥٢ ، ومشارق الشموس : ٣٩٦ ، وغنائم الأيام : ٤١٠.

(٤) الكافي ٤ : ١٠١ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٧٤ ـ ٣١٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ ـ ٨٣٨ ، الوسائل ١٠ : ٥٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٨ ـ ٨٠٩ ، الوسائل ١٠ : ٥٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٩.

(٦) الكافي ٤ : ١٠١ ـ ٢ ، الوسائل ١٠ : ٥١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٥.

٣١٧

وعمّار (١) ، وروايتي الزهري (٢) وداود بن سرحان (٣).

وأخصّيتها من المدّعى ـ باختصاصها بالأكل والشرب والجماع ـ غير قادح ، لعدم قائل بالفرق بينها وبين سائر المفطرات ، مع ظهور التعميم من رواية الهروي : « متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفّارات » إلى أن قال : « وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفّارة واحدة وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان ناسيا فلا شي‌ء عليه » (٤).

وإطلاق بعض تلك الروايات يثبت الحكم في جميع أنواع الصيام الواجب المعيّن ، وغير المعيّن ، والمندوب ، وتزيد في المندوب رواية أبي بصير : عن رجل صام يوما نافلة فأكل وشرب ناسيا؟ قال : « يتمّ صومه ذلك وليس عليه شي‌ء » (٥).

وعن التذكرة : تقييد عدم البطلان بتعيّن الزمان (٦) ، وعن المدنيّات الاولى : عدم صحّة الصيام إذا كان ندبا أو واجبا غير معيّن ، استنادا إلى الرواية عن الصادق عليه‌السلام. وكذا في قضاء رمضان بعد الزوال ، لأنّ الصوم‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٧٤ ـ ٣١٩ ، التهذيب ٤ : ٢٠٨ ـ ٦٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٨١ ـ ٢٤٨ ، الوسائل ١٠ : ٥٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١١.

(٢) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٨٩٥ ، الوسائل ١٠ : ٥٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٧.

(٣) الكافي ٤ : ١٠١ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٦٨ ـ ٨١٠ ، الوسائل ١٠ : ٥١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٦.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٣٨ ـ ١١٢٨ ، التهذيب ٤ : ٢٠٩ ـ ٦٠٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٧ ـ ٣١٦ ، الوسائل ١٠ : ٥٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٠ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٧ ـ ٨٤٠ ، الوسائل ١٠ : ٥٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١٠.

(٦) التذكرة ١ : ٢٦١.

٣١٨

عبارة عن الإمساك ، ولم يتحقّق.

قال الشهيد في حواشي القواعد في بيان الرواية : ولعلّها ما رواه العلاء في كتابه عن محمّد : قال سألته فيمن شرب بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم ، قال : « يتمّ صومه في شهر رمضان وقضائه ، وإن كان متطوّعا فليفطر » انتهى.

والرواية غير ثابتة ، ومع ذلك عمّا ادّعاه أخصّ ، ومع ذلك غير دالّة على الناسي ، والتعليل المذكور اجتهاد في مقابلة النصّ ، مع [ عدم ] (١) كون الصوم الشرعي إمساكا مطلقا ، وإنّما هو الإمساك مع العمد.

المقام الثاني : في غير القاصد للفعل‌ ، كالذباب يطير إلى الحلق ، والغبار يدخل فيه بلا قصد واختيار ، ولا ريب في عدم إفساده للصوم ولا خلاف ، والأصل يدلّ عليه ، لأنّه ليس أكلا ولا شربا ولا إفطارا ، لأنّ كلّ ذلك لا بدّ أن يكون من فعل المكلّف ، وفي بعض الأخبار تصريح به (٢).

المقام الثالث : في المكره‌ ، والإكراه إمّا بنحو الإيجار (٣) في الحلق والوضع فيه بغير مباشرة بنفسه ، فلا إشكال ولا خلاف ـ كما قيل (٤) ـ في عدم حصول الإفطار به ، وما مرّ سابقا يدلّ عليه أيضا.

أو يكون بالتوعّد بما يوجب الضرر من القادر المظنون فعله مع ترك الإفطار ، فباشر بنفسه مع القصد ، فلا خلاف أيضا في جواز الإفطار حينئذ وعدم ترتّب إثم عليه ، بل بطلانه لو صام ، للنهي عن التهلكة (٥) ، ونفي الضرر ، ورفع ما استكرهوا عليه ، والأمر بالتقيّة ، وإفطار الإمام تقيّة عن‌

__________________

(١) ما بين المعقوفتين أضفناه لاستقامة المعنى.

(٢) كما في الوسائل ١٠ : ١٠٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٩.

(٣) الرجل إذا شرب الماء كارها فهو التوجّر والتكاره ـ لسان العرب ٥ : ٢٧٩.

(٤) انظر الحدائق ١٣ : ٦٨.

(٥) البقرة : ١٩٥.

٣١٩

السفّاح كما في مرسلتي رفاعة (١) وداود بن الحصين (٢) وروايتي خلاّد (٣) وعيسى (٤) ، وفي الاولى : « إنّ إفطاري يوما وقضاءه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله ».

وهل يكون معه الصوم صحيحا أيضا ، أم يبطل ويوجب القضاء أو مع الكفّارة أيضا؟

فاختار الشيخ في الخلاف والشرائع والمعتبر والنافع والمنتهى والتحرير والمختلف والإرشاد والدروس والروضة (٥) بل الأكثر ـ كما قيل (٦) ـ : الأول ، لجميع ما ذكر ، مضافا إلى الأصل والاستصحاب ـ الخاليين عن معارضة عموم ما دلّ على وجوب القضاء ، لاختصاصه بحكم التبادر بغير المكره ـ وما دلّ من الأخبار على وجوب الكفّارة على المكره زوجته دونها (٧).

وذهب في المبسوط والتذكرة والمسالك والحدائق إلى الثاني (٨) ، لأنّه فعل المفطر اختيارا فيدخل تحت إطلاقات فساد الصوم به ، ووجوب‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨٢ ـ ٧ ، الوسائل ١٠ : ١٣٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٥.

(٢) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ٩ ، الوسائل ١٠ : ١٣١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٣١٧ ـ ٩٦٥ ، الوسائل ١٠ : ١٣٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٦.

(٤) الفقيه ٩ : ٧٩ ـ ٣٥٢ ، الوسائل ١٠ : ١٣١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ١.

(٥) الخلاف ٢ : ١٩٥ ، الشرائع ١ : ١٩٠ ، المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، النافع : ٦٦ ، المنتهى ٢ : ٥٧٧ ، التحرير ١ : ٨٠ ، المختلف : ٢٢٣ ، الإرشاد ١ : ٢٩٨ ، الدروس ١ : ٢٧٣ ، الروضة ٢ : ٩٠.

(٦) انظر المدارك ٦ : ٦٩ ، والذخيرة ٥٠٨.

(٧) انظر الوسائل ١٠ : ٥٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٢.

(٨) المبسوط ١ : ٢٧٣ ، التذكرة ١ : ٢١٢ ، المسالك ١ : ٧١ ، الحدائق ١٣ : ٦٩.

٣٢٠