مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

ورواية أبي بصير : « من وجد شيئا فهو له ، فليتمتّع به حتى يأتي طالبه ، فإذا جاء طالبه ردّه إليه » (١).

والفرق بين المعمورة وغيرها في الأوليين لا يفيد هنا ، للإجماع على عدم تملّك الحربي.

نعم ، لو كان في دار الحرب بيت مسلم ووجد فيه ، يجب الحكم بكونه له بمقتضاهما ، وهو كذلك ، وشمول الفتاوى لمثل ذلك غير معلوم.

وقد يستدلّ على ملكيّة الواجد بإطلاقات وجوب الخمس في الكنز ، حيث إنّه لا معنى لإيجاب الخمس على أحد في غير ملكه.

وفيه : أنّه لم يصرّح فيهما بوجوب الخمس على الواجد ، فإنّه يدلّ على ثبوت الخمس في الكنز ، مع أنّه يمكن أن يجب عليه ، لأنّه أول متصرّف.

وإن وجده في دار الإسلام ، فإن كان في غير ملك له أهل معلوم ، فهو أيضا ـ كسابقه ـ لواجده مطلقا على الأقوى ، وفاقا للخلاف والسرائر ولقطة الشرائع والمدارك (٢) ، ونقله فيه عن جماعة ، للأصل المذكور في غير ما علم بالقرائن سبق يد المسلم عليه ، والروايات المذكورة.

وخلافا للمبسوط (٣) ، وأكثر المتأخّرين (٤) ، فجعلوه لقطة ، لأنّه مال ضائع عليه أثر ملك ووجد في دار الإسلام ، فيصدق عليه حدّ اللقطة ، ولأنّه مال مسلم ، فلا يحلّ لغيره إلاّ بإذن شرعيّ.

__________________

(١) الكافي ٥ : ١٣٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٩٢ ـ ١١٧٥ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٧ كتاب اللقطة ب ٤ ح ٢.

(٢) الخلاف ٢ : ١٢٢ ، السرائر ١ : ٤٨٧ ، الشرائع ٣ : ٢٩٣ ، المدارك ٥ : ٣٧٠.

(٣) المبسوط ١ : ٢٣٦.

(٤) كالمحقق في الشرائع ١ : ١٨٠ ، والعلاّمة في المختلف : ٢٠٣ ، والفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٣٣٧.

٢١

أمّا الثاني ، فظاهر.

وأمّا الأول ، فلأثر الإسلام ، ولرواية محمّد بن قيس : « في رجل وجد ورقا في خربة : أن يعرّفها ، فإن وجد من يعرفها وإلاّ تمتّع بها » (١).

ويردّ الأول : بمنع كونه ضائعا ، بل هو مذخور ، ولو سلّم فيمنع كون مطلق الضائع لقطة ، وإنّما هي ما وجد فوق الأرض.

والثاني : بمنع كونه مال مسلم ، وأثر الإسلام أعمّ منه ، وظهوره فيه ـ لو سلّم ـ لا يدفع الأصل ، ولو سلّم فالإطلاقات إذن شرعيّ.

والثالث : بعدم الدلالة على الوجوب ، بل غايته الرجحان ، وهو مسلّم.

وإن وجده في أرض مملوكة لها أهل معروف ، فإن كانت للواجد ، فإن كانت مملوكة له بالإحياء أو التوارث مع الانحصار ، فهو له ، والوجه معلوم.

وإن كانت منتقلة إليه من غيره ، فالمصرّح به في كلماتهم : أنّه يجب تعريف الناقل ، فإن عرفه دفع إليه ، وإلاّ فهو للواجد (٢).

ولعلّه لصحيحة عبد الله بن جعفر : عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي ، فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة ، لمن يكون ذلك؟ فوقّع عليه‌السلام : « عرّفها البائع ، فإن لم يعرفها فالشي‌ء لك ، رزقك الله إيّاه » (٣).

بضميمة عدم القول بالفرق بين الأرض والحيوان ، فإن ثبت فهو ، وإلاّ‌

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٩٨ ـ ١١٩٩ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٨ كتاب اللقطة ب ٥ ح ٥.

(٢) انظر الشرائع ١ : ١٧٩.

(٣) الكافي ٥ : ١٣٩ ـ ٩ ، التهذيب ٦ : ٣٩٢ ـ ١١٧٤ ، الوسائل ٢٥ : ٤٥٢ كتاب اللقطة ب ٩ ح ١.

٢٢

فمقتضى الإطلاقات كونه للواجد من غير تعريف ، كما مال إليه في المدارك والذخيرة (١) ، وهو قوي.

وكيف كان ، فلا يجب تعريف ما فوق الناقل لو لم يعرفه الناقل على الأظهر ، وفاقا لصريح بعضهم (٢) ، وظاهر الأكثر ، كما صرّح به بعض من تأخّر ، لعدم المقتضي وإن قلنا بكون البائع في الصحيحة جنسا ، لعدم ثبوت الإجماع المركّب هنا قطعا.

وإن كانت لغيره ، فالأكثر أنّه كالموجود في الأرض المبتاعة ، فيعرّف صاحب الأرض ، فإن لم يعرفها فهو للواجد ، وهو كذلك ، لفحوى ما دلّ على التعريف في المبتاعة.

ولموثّقة ابن عمّار : رجل نزل في بعض بيوت مكّة ، فوجد فيها نحوا من سبعين درهما مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة ، كيف يصنع؟ قال : « فاسأل عنها أهل المنزل لعلّهم يعرفونها » قلت : فإن لم يعرفوها؟ قال : « يتصدّق بها » (٣).

وبهذه يقيّد إطلاق الصحيحين المتقدّمين (٤) ، الدالّين على أنّه لأهل المنزل مطلقا.

وكما يقيّد بالمجموع إطلاق : « من وجد شيئا فهو له ».

ولا ينافيه قوله في الموثّقة : « وإلاّ فتصدّق بها » (٥) ، لعدم دلالته على‌

__________________

(١) المدارك ٥ : ٣٧٣ ، الذخيرة : ٤٧٥.

(٢) كيحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ١٤٩.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٩١ ـ ١١٧١ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٨ كتاب اللقطة ب ٥ ح ٣.

(٤) في ص : ٢٠.

(٥) الكافي ٥ : ٣٠٨ ـ ٢١ ، الفقيه ٣ : ١٩٠ ـ ٨٥٦ ، التهذيب ٦ : ٣٩٦ ـ ١١٩١ ، الاستبصار ٣ : ١٢٤ ـ ٤٤٠ ، الوسائل ٢٥ : ٤٦٣ كتاب اللقطة ب ١٨ ح ١.

٢٣

الأزيد من الرجحان.

فروع :

أ : ما مرّ من حكم الموجود في الأراضي المملوكة هل يختصّ بالدار المعمورة لاختصاص أخباره بها ، ويكون الموجود في غيرها من الضياع وأراضي الزرع والدور الخربة والعقار ونحوها للواجد ، لإطلاق : « من وجد شيئا فهو له »؟

أو يعمّ الجميع ، كما هو ظاهر إطلاق الفتاوى؟

فيه إشكال ، لما ذكر ، والأظهر : الأول ، والأحوط : الثاني.

ب : لا يختصّ الحكم المذكور بالذهب والفضّة ، بل يعمّ كلّ مال ، للإطلاق المذكور.

ج : وجوب التعريف فيما يجب يختصّ بما إذا لم يعلم عدم معرفة المالك أو البائع واحتمل ملكيّته ، ولو علم ولو بالقرائن سقط قولا واحدا ، ولو ادّعى حينئذ لم يسمع ، والوجه واضح ، وقوله : « فإن لم يعرفها » فيما مرّ يدلّ عليه.

د : قال جماعة : بأنّه لو اعترف به وطلبه المالك فيما وجد في المملوك للغير أو البائع في المملوك للواجد ، يسلّم إليه بلا بيّنة ولا يمين ولا وصف (١). وفي الدروس : إنّ الظاهر أنّه كذلك (٢).

واستدلّ له تارة : باعتبار اليد الحاليّة في الأول والسابقة في الثاني على‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٦٨ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٤ : ٣٠٠ ، والسبزواري في الكفاية : ٤٣.

(٢) الدروس ١ : ٢٦٠.

٢٤

الأرض.

واخرى : بأنّه مقتضى القاعدة الثابتة من أنّ من ادّعى شيئا ولا منازع له دفع إليه (١).

وفي الأول : منع صدق اليد على المال في المفروض ، وعدم دليل على كفاية اليد على الأرض.

وفي الثاني : منع ثبوت القاعدة بإطلاقها ، ولو سلّم فيعارض دليلها الإطلاقات المتقدّمة ، مع أنّه لو تمَّ ذلك لزم دفع كلّ ما وجد في كلّ مكان إلى كلّ مدّع بلا بيّنة ولا وصف ، بل لو لم يعلم الوصف ، ولا أظنّ أن يقبلوه.

نعم ، يمكن أن يستدلّ له بقوله في رواية أبي بصير المتقدّمة (٢) وفي بعض روايات أخر أيضا (٣) : « فإذا جاء طالبه » فإنّه أعمّ من العارف بالوصف وغيره ، إلاّ أنّ قوله : « فإن لم يعرفها » و : « لم يعرفوها » ونحوهما في الروايات المتقدّمة يخصّص الطالب بمن لم يكن غير عارف.

والظاهر أنّ المراد بالعارف ليس من يدّعيه فقط ، بل المتبادر منه من يعرفه ببعض أوصافه ، فيجب التخصيص بذلك.

ويدلّ عليه قوله في صحيحة البزنطي الواردة في الطير الذي يؤخذ : « فإن جاءك طالب لا تتّهمه ، ردّه إليه » (٤) فإنّ من لا بيّنة له ولا يعرف الوصف يكون متّهما غالبا.

وتؤيده رواية الجعفي (٥) الواردة في الكيس الذي وجده ، حيث سئل‌

__________________

(١) كما في الحدائق ١٢ : ٣٣٨.

(٢) في ص : ٢١.

(٣) الوسائل ٢٥ : ٤٤١ كتاب اللقطة ب ٢ ح ١ و ٢ و ٣ و ١٠ و ١٣ ..

(٤) التهذيب ٦ : ٣٩٤ ـ ١١٨٦ ، الوسائل ٢٥ : ٤٦١ أبواب اللقطة ب ١٥ ح ١.

(٥) الكافي ٥ : ١٣٨ ـ ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٩٠ ـ ١١٧٠ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٩ كتاب اللقطة ب ٦ ح ١.

٢٥

[ الطالب عن العلامة ] (١).

ثمَّ لو اطّلع الطالب على جميع الأوصاف من الخارج ثمَّ ادّعاه فيشكل الأمر ، لعدم إمكان معرفة أنّه ممّن يعرف أو لا يعرف.

والظاهر أنّه لا يدفع إليه إن لم يكن متّهما ، يعني احتمل أن يكون كاذبا أو ظنّ ذلك ، ويدفع إليه إن لم يكن متّهما ولو لأجل وثاقته.

ثمَّ الظاهر اختصاص هذا الحكم ـ أي وجوب الردّ بادّعاء غير المتّهم ، أو العارف الذي لا تفيد معرفته أزيد من الظنّ ـ بالموجود في المملوك.

وأمّا الموجود في المباح ، فلا يجب الدفع إلاّ بعد العلم بالصدق ، لأصالة الإباحة ، الّتي هي المرجع بعد تعارض صحيحتي محمّد ـ المخصوصة بالموجود في الخربة ـ مع رواية أبي بصير المخصوصة بما إذا كان له طالب (٢).

هـ : لو وجد في دار مستأجرة ، فإن وجده المالك يستعرف المستأجر ، لموثّقة ابن عمّار (٣) ، لأنّه أهل المنزل عرفا ، فإن لم يعرفه فهو له.

وإن وجده المستأجر يعرّف المالك ، لفحوى ما دلّ على التعريف في المبتاعة.

ولو وجده غيرهما يعرّف المستأجر ، لما مرّ ، بل المالك أيضا ، لأنّه أيضا أهل للمنزل ، فيردّه إلى من يعرف منهما ، ولو لم يعرف أحدهما فيكون له.

هذا حكم المسألة من حيث إنّ المال كنز.

وأمّا لو ادّعى كلّ من المالك والمستأجر الملكيّة السابقة ، فهي دعوى‌

__________________

(١) بدل ما بين المعقوفتين في « س » : عن الطالب للعلامة ، في « ق » و « ج » : عن الطالب لعلامة ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) راجع ص : ٢٠.

(٣) المتقدمة في ص : ٢٣.

٢٦

كسائر الدعاوي ، ولا مدخليّة للوجدان حينئذ.

فقيل : يقدّم قول المالك (١) ، ليده السابقة.

وقيل : قول المستأجر (٢) ، ليده الحالية ، وموافقة الظاهر ، لأنّ الظاهر عدم إجارة الملك مع الدفين ، ولأصالة تأخّر الدفن.

وتضعّف اليد : بعدم معلوميّة ثبوت حكم اليد للمال المدفون تحت أرض شخص لذلك الشخص ما لم يثبت تصرّف آخر له فيه ، وعلى الظاهر منعه كليّا ، إذ قد يكون المال مدفونا في أعماق الأرض ومدّة الإجارة قليلة ، سيّما إذا أجّره المالك لسفر.

وأصل التأخّر : بأنّه قد تكون الدعوى بعد زمان الإجارة وتصرّف المالك ، أو يدّعى المالك الدفن في زمان الإجارة مع تردّده في الدار كثيرا.

ومقام تحقيق المسألة كتاب القضاء.

البحث الثاني

يجب في الكنز الخمس بلا خلاف يعرف ، بل ادّعى عليه جماعة الإجماع (٣).

ويدلّ عليه الأصل المتقدّم ، وخصوص المستفيضة ، كصحيحتي الحلبي : عن الكنز كم فيه؟ قال : « الخمس » (٤).

وصحيحة البزنطي : عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ، فقال :

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٣٧.

(٢) الخلاف ٢ : ١٢٣.

(٣) كالشيخ في الخلاف ٢ : ١٢١ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ٢٥٢.

(٤) الكافي ١ : ٥٤٦ ـ ١٩ ، الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٣ ، التهذيب ٤ : ١٢١ ـ ٣٤٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥ ح ١.

٢٧

« ما يجب فيه الزكاة في مثله ففيه الخمس » (١).

ووصيّة النبيّ المرويّة في الفقيه والخصال : « إنّ عبد المطّلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها الله تعالى في الإسلام » إلى أن قال : « ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدّق به ، فأنزل الله سبحانه ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) الاية » (٢).

فرع : ظاهر إطلاق جماعة وصريح المحكيّ عن الاقتصاد والوسيلة والتحرير والمنتهى والتذكرة والبيان والدروس (٣) : عدم الفرق في وجوب الخمس بين أنواع الكنز من ذهب وفضّة وجوهر وصفر ونحاس وغيرها ، لعموم الأخبار (٤).

وظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط والجمل والحلّي في السرائر وابن سعيد في الجامع (٥) : الاختصاص بكنوز الذهب والفضّة ، ونسبه بعض من تأخّر إلى ظاهر الأكثر.

وهو الأظهر ، لمفهوم صحيحة البزنطي المتقدّمة.

وحمل : « مثله » فيها على الأعمّ من العين والقيمة تجوّز لا دليل عليه. وبه يخصّص عموم الأخبار ، مع أنّه قد يتأمّل في إطلاق الكنز على غير الذهب والفضّة أيضا.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٥ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥ ح ٢.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٢٣ ، الخصال : ٣١٢ ـ ٩٠ ، الوسائل ٩ : ٤٩٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥ ح ٣.

(٣) الاقتصاد : ٢٨٣ ، الوسيلة : ١٣٦ ، التحرير ١ : ٧٣ ، المنتهى ١ : ٥٤٧ ، التذكرة ١ : ٢٥٢ ، البيان : ٣٤٤ ، الدروس ١ : ٢٦٠.

(٤) الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥.

(٥) النهاية : ١٩٨ ، المبسوط ١ : ٢٣٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٧ ، السرائر ١ : ٤٨٦ ، الجامع : ١٤٨.

٢٨

القسم الرابع

ما يخرج من البحر

ووجوب الخمس فيه إجماعيّ ، وعليه دعواه في الانتصار والغنية والمنتهى (١) ، وغيرها (٢).

ويدلّ عليه ـ مع الأصل المتقدّم ـ خصوص المستفيضة ، ففي صحيحة الحلبي : عن العنبر وغوص اللؤلؤ ، فقال : « عليه الخمس » (٣) ، ومرسلتي حمّاد وأحمد المتقدّمتين في الغنائم (٤) ، ورواية محمّد بن عليّ الآتية (٥) في نصاب المعادن (٦).

وصحيحة ابن أبي عمير المروية في الخصال : « فيما يخرج من المعادن (٧) ، والبحر ، والغنيمة ، والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه ، والكنوز : الخمس » (٨).

والظاهر جريان الحكم في كلّ ما يخرج من البحر بالغوص ولو كان حيوانا ، كما حكاه في البيان عن بعض من عاصره (٩) ، لإطلاق المرسلتين‌

__________________

(١) الانتصار : ٨٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، المنتهى ١ : ٥٤٧.

(٢) كالمعتبر ١ : ٢٩٢.

(٣) الكافي ١ : ٥٤٨ ـ ٢٨ ، التهذيب ٤ : ١٢١ ـ ٣٤٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٧ ح ١.

(٤) راجع ص : ١١ و ١٤.

(٥) في ص : ٥٨.

(٦) في « ق » زيادة : في بعض الكتب.

(٧) في « ح » زيادة : في بعض الكتب.

(٨) الخصال : ٢٩٠ ـ ٥١ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٦ ، وفيهما : عن عمّار بن مروان.

(٩) البيان : ٣٤٥ و ٣٤٦.

٢٩

ورواية الخصال.

وفي المدارك وعن المعتبر : عدم تعلّق الحكم بالحيوان إلاّ من باب الأرباح والفوائد ، لاختصاص الرواية المعتبرة (١) بغوص اللؤلؤ (٢). وهو ممنوع.

وتظهر الفائدة في اعتبار مئونة السنة ، فلا يعتبر على ما ذكرناه.

نعم ، الظاهر عدم اعتبار النصاب في مثل الحيوان ، لاختصاص روايته بغوص اللؤلؤ.

و (٣) لو أخذ منه شي‌ء من غير غوص فلا شكّ في وجوب الخمس فيه.

وهل هو من جهة الإخراج من البحر ، كما استقر به الشهيدان (٤)؟ لإطلاق روايتي محمّد بن عليّ والخصال ، وتضعيفهما ضعيف ، مع أنّ الأولى صحّت عمّن أجمعوا على صحّة ما صحّ عنه وعمّن لا يروي إلاّ عن ثقة ، والثانية صحيحة.

أو من جهة الأرباح ، كما في الشرائع (٥)؟

الظاهر : الثاني ، لمعارضة الإطلاق مع الحصر المستفاد من المرسلتين بالعموم من وجه ، فيرجع إلى الأصل.

كما لا يجب من هذه الجهة فيما يوجد مطروحا في الساحل ، للأصل.

وتوهّم دخوله فيما يخرج مدفوع باحتمال كونه بصفة المجهول ، فتأمّل.

__________________

(١) وهي صحيحة الحلبي المتقدمة في ص ٢٧.

(٢) المدارك ٥ : ٣٧٦ ، المعتبر ٢ : ٦٢٢.

(٣) في النسخ : أو ، والأنسب ما أثبتناه.

(٤) الشهيد الأول في البيان : ٣٤٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٧ ، حيث ألحق ما يخرج من داخل الماء بآلة مع عدم دخول المخرج بالغوص.

(٥) الشرائع ١ : ١٨٠.

٣٠

القسم الخامس‌

أرباح التجارات ، والزراعات ، والغرس ، والضرع ، والصناعات ، وجميع أنواع الاكتسابات من الصيد ، والاحتطاب ، والاحتشاش ، والاستقاء ، وغير ذلك.

ووجوب الخمس في هذا النوع هو المشهور بين الأصحاب ، وعن الخلاف والانتصار والتبيان ومجمع البيان والغنية والمنتهى والتذكرة والشهيد : الإجماع عليه (١). بل الظاهر إجماعيّته في الجملة ، لعدم وجود مخالف صريح ، إلاّ ما حكي عن القديمين أنّهما قالا بالعفو عن هذا النوع (٢) ، وفي استفادته من كلامهما خفاء ، بل ظاهره التوقّف.

وكيف كان ، فلا ينبغي الريب في وجوبه فيه ، للأصل المتقدّم في المسألة الاولى ، وخصوص الروايات الواردة في بعض أنواع هذا القسم :

كرواية ابن الصلت : ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى في أرض قطيعة لي ، وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب : « يجب عليك فيه الخمس » (٣).

ورواية النيشابوري : عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١١٦ ، الانتصار : ٨٦ ، التبيان ٥ : ١٢٣ ، مجمع البيان ٢ : ٥٤٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، المنتهى ١ : ٥٤٨ ، التذكرة ١ : ٢٥٣ ، والشهيد في البيان : ٣٤٨.

(٢) حكاه عنهما في البيان : ٣٤٨ ، وهما العماني والإسكافي.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٩ ـ ٣٩٤ ، الوسائل ٩ : ٥٠٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٩. والأجمة : الشجر الملتفّ ـ مجمع البحرين ٦ : ٦.

٣١

ما يزكّى ، وأخذ منه العشر عشرة أكرار ، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّا ، وبقي في يده ستّون كرّا ، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي‌ء؟ فوقّع عليه‌السلام : « لي منه الخمس ممّا يفضل عن مئونته » (١).

ورواية عليّ بن مهزيار : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك ذلك ، فقال بعضهم : أيّ شي‌ء حقّه؟ فلم أدر ما أجيبه ، فقال : « يجب عليهم الخمس » ، فقلت : من أيّ شي‌ء؟ فقال : « في أمتعتهم وضياعهم » ، قلت : فالتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال : « ذلك إذا أمكنهم بعد مئونتهم » (٢).

وفي الرضوي : « إنّ الخمس على الخيّاط من إبرته ، والصانع من صناعته (٣) ، فعلى كلّ من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس » (٤).

إلى غير ذلك من المستفيضة (٥) ، بل المتواترة كما عن التذكرة (٦).

ودلالة بعضها على اختصاص بعض أنواع الخمس بالإمام ـ وهو حكم غير معروف ، فتوهن به الرواية ـ مدفوع بمنع الدلالة أولا ، ومنع مخالفة الإجماع ثانيا كما يأتي.

ولا يضرّ اقتصار بعض كلمات القوم في ذلك القسم ببعض أنواعه‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٦ ـ ٣٩ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٢ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٣ ، بتفاوت يسير.

(٣) في « ق » : والصائغ من صياغته.

(٤) فقه الرضا «ع» : ٢٩٤ ، المستدرك ٧ : ٢٨٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٦ ح ١.

(٥) الوسائل ٩ : ٤٩٩ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨.

(٦) التذكرة : ٢٥٣.

٣٢

ـ كمجرّد الأرباح أو مع الغلاّت أو مع الصنائع ـ لأنّه إمّا من باب التمثيل ، أو عدم الالتفات إلى التعميم.

تتميم : مورد الخمس في ذلك القسم : الأرباح والمنافع‌ ، وبعبارة أخرى : الفوائد المكتسبة غير الأربعة المتقدّمة ، والمراد بها جميع مداخل الشخص ومنافعه الحاصلة من الأملاك والأراضي والأشجار والبساتين والمستقلاّت ، ومن المواشي ، ومن الشغل والعمل ، ومن التجارة والزراعة والغرس والصناعة والاستئجار والصيد.

وبالجملة : كلّ فائدة ومنفعة حاصلة من الاكتساب عرفا ، ومنها : نماء الشجر المغروس للنماء ، ونتاج الحيوان المستفاد بالقصد ، ونمو الحيوانات والأشجار كذلك ، بخلاف ما لم يستفده المالك ، كحيوان غائب حصل له ولد ، أو أمة حصل لها حمل ولم يعلم به المولى.

وزيادة القيمة السوقيّة قبل البيع ليست فائدة مكتسبة ، كما ذكره في المنتهى والتحرير (١) ، لعدم حصول زيادة له بعد ، والزيادة إنّما هي فرضية ، أي لو باع السلعة تحصل له الفائدة ، ولاستصحاب عدم وجوب الخمس فيه.

نعم ، لو باعه بنقد أو جنس وجب الخمس في القدر الزائد ولو كان الجنس المأخوذ بإزاء القيمة أيضا ممّا زادت قيمته ، لصدق حصول الفائدة.

ومنهم من أوجب في زيادة القيمة أيضا ، كما حكي في الذخيرة (٢). وليس بشي‌ء.

ومنه يعلم عدم كفاية ظهور الربح في أمتعة التجارة ، بل يحتاج إلى‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٥٤٨ ، التحرير ١ : ٧٤.

(٢) الذخيرة : ٤٨٤.

٣٣

الانقباض والبيع.

المسألة الثالثة : اعلم أنّه كما يجب الخمس في الفوائد المكتسبة بأقسامها الخمسة ، قالوا : يجب في موضعين آخرين أيضا :

الأول : الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم.

ووجوب الخمس فيها مذهب الشيخ (١) وأتباعه (٢) ، وهو المشهور بين المتأخّرين (٣) ، وعن الغنية والمنتهى : الإجماع عليه (٤).

وهو كذلك ، لصحيحة الحذّاء : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس » (٥).

خلافا لظاهر كثير من القدماء ، حيث لم يذكروا هذا النوع ، ومال إليه الشهيد الثاني في بعض فوائده.

لتضعيف الرواية. وهو ضعيف.

أو لمعارضتها مع ما مرّ من الأخبار الحاصرة للخمس في خمسة ، أو في الغنائم خاصّة.

ويضعّف بأنّ التعارض بالعموم والخصوص المطلق ، فيقدّم الخاصّ ، فلا إشكال في المسألة ، وإن كان إشكال ففي مصرف هذا الخمس.

والأظهر ـ موافقا لظاهر الأصحاب ـ أنّه كسائر الأخماس ، لمرسلتي‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٣٧.

(٢) كابن البراج في المهذّب ١ : ١٧٧ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٣٧.

(٣) كالشهيد في الدروس ١ : ٢٥٩ ، وصاحب المدارك ٥ : ٣٨٦ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٣٥٩.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، المنتهى ١ : ٥٤٩.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢ ـ ٨١ ، التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٥ ، الوسائل ٩ : ٥٠٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٩ ح ١.

٣٤

أحمد (١) وحمّاد (٢) الآتيتين في بيان مصرف السائر ، وللإجماع المركّب.

خلافا لجماعة من متأخّري المتأخّرين (٣) ، فجوّزوا أن يكون المراد تضعيف العشر على الذمّي إذا كانت الأراضي عشريّة كما هو مذهب مالك.

وهو بعيد ، مع أنّه لم يقل به أحد من أصحابنا الإماميّة ، ولا يوافقه عموم الأرض في الرواية (٤) ، ويأتي بيانه.

ولا فرق في الأرض بين أرض السكنى والزراعة والبستان والعقار ، وفاقا لظاهر عبارات جماعة (٥) ، وتصريح بعضهم منه الروضة (٦) ، لإطلاق الرواية.

وعن المعتبر والمنتهى : التخصيص بأرض الزراعة (٧) ، واستجوده بعض المتأخّرين (٨) ، استنادا إلى أنّها المتبادر. وفيه منع ظاهر.

ومورد الخبر ـ كما عرفت ـ الشراء ، كما وقع التعبير به في كثير من كلمات الأصحاب ، وظاهر جملة من عباراتهم ترتّب الحكم على مجرّد الانتقال كيف ما كان ، صرّح به في البيان والروضة (٩) ، والوقوف على مورد‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٩ ـ ٣٩٣ ، الوسائل ٩ : ٥٠٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٩ ح ١.

(٢) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٤.

(٣) منهم صاحب المدارك ٥ : ٣٨٦ ، وصاحب الذخيرة ١ : ٤٨٤ ، والكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٦.

(٤) أي في صحيحة الحذّاء المتقدّمة في ص : ٣٤.

(٥) كما في البيان : ٣٤٦ ، والمسالك ١ : ٦٧ ، والرياض ١ : ٢٩٥ ، وغنائم الأيام : ٣٧١.

(٦) الروضة ٢ : ٧٢.

(٧) المعتبر ٢ : ٦٢٤ ، المنتهى ١ : ٥٤٩.

(٨) كصاحب المدارك ٥ : ٣٨٦.

(٩) البيان : ٣٤٦ ، الروضة ٢ : ٧٢.

٣٥

النصّ في الحكم المخالف للأصل يقوّي الأول ، فلا خمس فيما انتقل بهبة أو صلح أو نحوهما.

ولو كانت الأرض مشغولة بشجر أو بناء فالخمس واجب في الأرض لا فيهما ، للأصل.

ثمَّ المأخوذ هو خمس رقبة الأرض ، لأنّه حقيقة خمس الشي‌ء.

وبعد أخذه يتخيّر الحاكم بين بيعه مع المصلحة وتقسيم ثمنه بين أرباب الخمس ، وبين إعطاء الرقبة لأربابه ، فإن باعه من المسلم فهو ، وإن باعه من الذمّي يأخذ خمس المبيع ، وإن باع هذا الخمس أيضا يأخذ خمسه وهكذا.

وإن أعطى الرقبة ، فربّ الخمس يتخيّر بين البيع ـ فإن باعه من الذمّي يؤخذ الخمس أيضا ـ وبين التصرّف فيه بالإجارة ونحوها ، فإن أجّره وكانت الأرض مشغولة ببناء أو شجر يأخذ أجرة الأرض المشغولة أبدا بحيث لم يقدر ربّها على الإزالة ، ويحتمل أخذ أجرة الأرض بياضا وإن كانت مشغولة.

وأمّا أخذ قيمة خمس الأرض من غير نفع (١) كما يتداول في هذه الأزمان فلم يذكره أحد من العلماء ، ولا دليل عليه ، كما لا دليل على ما ذكره جماعة من التخيير بين أخذ الأرض أو ارتفاعها وأجرتها في كلّ سنة.

ولو نقل الذمّي الأرض إلى غيره قبل أخذ الخمس لم يسقط الخمس ، بل لا يصحّ النقل في قدره ، ويكون للمشتري الخيار إن كان النقل بالبيع ، وكذا لا يسقط لو فسخ الذمّي البيع ، ولو كان ذلك بخيار لأحدهما يشكل الحكم. ويحتمل انتقال الخمس أيضا متزلزلا.

__________________

(١) في « س » : بيع ..

٣٦

ولو أخذ المبيع من الذمّي بشفعة فالظاهر تقسيط الثمن أخماسا.

الثاني : المال المختلط.

وهو على أربعة أقسام ، لأنّه إمّا لا يعرف قدر الحرام ـ بالنسبة إلى الجميع لا تفصيلا ولا إجمالا ـ ولا صاحبه ، أو يعرفان معا ، أو يعرف الأول خاصّة ، أو الثاني كذلك.

فإن كان الأول فيجب إخراج خمسه ويطهر الباقي على الأشهر كما صرّح به جمع ممّن تأخّر (١) ، بل عن الغنية الإجماع عليه (٢) ، للمستفيضة ، منها : صحيحة ابن أبي عمير المرويّة في الخصال ، المتقدّمة في الغوص (٣).

ورواية الحسن بن زياد : إنّي أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه ، فقال له : « أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعلم » (٤).

ومرسلة الفقيه : أصبت مالا أغمضت فيه أفلي توبة؟ قال : « ائتني بخمسه » فأتاه بخمسه ، فقال : « هو لك ، إنّ الرجل إذا تاب تاب ماله معه » (٥).

ورواية السكوني : « إنّي اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما ، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليّ ،

__________________

(١) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٦٢٤ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٤٨ ، والكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٦.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٣) الخصال : ٢٩١ ـ ٥٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٧.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ١.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢ ـ ٨٣ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٣.

٣٧

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : تصدّق بخمس مالك ، فإنّ الله رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك » (١).

وموثّقة الساباطي : عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل ، قال : « لا ، إلاّ أن لا يقدر على شي‌ء ولا يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شي‌ء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت » (٢).

قيل : وقصور سند بعضها ـ إن كان ـ فبما مرّ منجبر (٣).

وقال جمهور من أوجبه : إنّ مصرف هذا الخمس أيضا مصرف سائر الأخماس المتقدّمة ، ونسبه في البيان إلى ظاهر الأصحاب (٤) ، لما مرّ من الإجماع المركّب ، وللمرسلتين الآتيتين (٥).

مضافا إلى انضمام الصحيحة المرويّة في الخصال (٦) ، حيث إنّ خمس سائر ما ذكر فيها يصرف إلى الذرّية الطيّبة قطعا.

وإلى التعليل بأنّ الله تعالى رضي من الأموال ، إلى آخره ، إذ لا خمس رضي الله به إلاّ ما يكون مصرفه الذرّية.

__________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٥ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٦٨ ـ ١٠٦٥ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٠ ـ ٩١٥ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

(٣) كما في الرياض ١ : ٢٩٥.

(٤) البيان : ٣٤٨.

(٥) الاولى في : التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

الثانية في : التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥١٤ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٩.

(٦) الخصال : ٢٩٠ ـ ٥١ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٦.

٣٨

وإلى الأمر بإتيان الخمس إليه عليه‌السلام في المرسلة ، وبالبعث إلى أهل البيت في الموثقة (١).

ولا ينافيه لفظ التصدّق في الرواية (٢) ، لجواز استعماله في إخراج الخمس أيضا ، بل قيل بشيوعه (٣) ، مع أنّ منافاته إنّما هو لو قلنا بحرمة كلّ تصدّق واجب على الذرّية ، وهي ليست كذلك ، بل تختصّ بالزكاة.

خلافا في الأول للمحكيّ عن جماعة من القدماء ـ كالقديمين والمفيد والديلمي ـ فلم يوجبوا ذلك الخمس (٤) ، وهو ظاهر المدارك والذخيرة (٥) ، وبعض الأجلّة (٦) ، للأصل ، وضعف الروايات.

وفي الثاني لجمع من متأخّري المتأخّرين ، فقالوا : إنّ مصرف ذلك الخمس الفقراء (٧).

أقول : أمّا الخمس بالمعنى المعهود فالظاهر عدم ثبوته ، لأنّ الأصل ينفيه ، والروايات المذكورة غير ناهضة لإثباته.

أمّا رواية الخصال ، فلأنّ الرواية على النحو المذكور إنّما هو ما نقله عنه بعض المتأخّرين (٨).

وقال بعض مشايخنا المحقّقين : وذكر الصدوق في الخصال ـ في باب ما يجب فيه الخمس ـ رواية كالصحيحة إلى ابن أبي عمير ، عن غير واحد ،

__________________

(١) وهما مرسلة الفقيه وموثقة الساباطي المتقدمتين في ص : ٣٧ و ٣٨.

(٢) وهي رواية السكوني المتقدمة في ص : ٣٧.

(٣) كما في الرياض ١ : ٢٩٥.

(٤) حكاه عنهم في المختلف : ٢٠٣.

(٥) المدارك ٥ : ٣٨٨ ، والذخيرة : ٤٨٤.

(٦) كالكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٧.

(٧) كصاحب المدارك ٥ : ٣٨٨ ، وصاحب الذخيرة : ٤٨٤.

(٨) كما في الحدائق ١٢ : ٣٦٤.

٣٩

عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « الخمس على خمسة أشياء : على الكنوز ، والمعادن ، والغوص ، والغنيمة » ونسي ابن أبي عمير الخامس (١).

وقال مصنّف هذا الكتاب : الخامس الذي نسيه : مال يرثه الرجل ، وهو يعلم أنّ فيه من الحلال والحرام ، ولا يعرف أصحاب الحرام فيؤدّيه إليهم ، ولا يعرف الحرام بجنسه ، فيخرج منه الخمس (٢). انتهى.

وأنا تفحّصت الخصال فوجدت الرواية فيه في باب ما فيه الخمس من بعض نسخه هكذا : « الخمس في المعادن والبحر والكنوز » ، ولم أجد الرواية بالطريقين المذكورين فيه مع التفحّص عن أكثر أبوابه ، وفي بعض آخر كما نقله بعض مشايخنا ، ولعلّ نسخ الكتاب مختلفة ، ومع ذلك لا تبقى فيه حجّة ، مضافا إلى عدم صراحتها في الوجوب.

وأمّا الموثقة (٣) ، فلعدم دلالتها على أنّ الخمس للمال المختلط بالحرام ، فإنّ الشي‌ء فيه مطلق شامل للحلال محضا والحرام كذلك ، والمشتبه ، والحرام والحلال المختلطين ، فالحمل على الأخير لا وجه له ، بل الظاهر أنّه من باب خمس المكاسب.

وأمّا النهي عن عمل السلطان ، فهو لأجل عمله لا لحرمة ما يأخذ ، فمراده عليه‌السلام : أنّه لا تدخل في عمل السلطان ، وإن اضطررت إليه ودخلت واكتسبت مالا فأدّ خمسنا.

مع أنّ أكثر ما يستفاد من عملهم الغنائم التي يجب أداء خمسها إلى الإمام ، أو من مكاسبهم التي لا يؤدّون خمسها ، فيمكن أن يكون ذلك وجه‌

__________________

(١) الخصال ١ : ٢٩١ ـ ٥٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٧.

(٢) انظر غنائم الأيام : ٣٧٣.

(٣) المتقدمة في ص : ٣٨.

٤٠