مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

وموثّقة سماعة : عن رجل لزق بأهله فأنزل ، قال : « عليه إطعام ستّين مسكينا » (١).

ورواية أبي بصير : عن رجل وضع يده على شي‌ء من جسد امرأته فأدفق ، فقال : « كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستّين مسكينا أو يعتق رقبة » (٢).

والرضوي : « ولو أنّ رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة » (٣).

وتؤيده ـ بل تدلّ [ عليه ] (٤) ـ صحيحة محمّد وزرارة : هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟ فقال : « إنّي أخاف عليه فليتنزّه عن ذلك ، إلاّ أن يثق أن لا يسبقه مني » (٥).

وصحيحة الحلبي : عن رجل يمسّ من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال : « إنّ ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني » (٦).

وموثّقة سماعة : عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان ، قال : « ما لم يخف على نفسه فلا بأس » (٧) ، إلى غير ذلك.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٢٠ ـ ٩٨٠ ، الوسائل ١٠ : ٤٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ ح ٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٢٠ ـ ٩٨١ ، الوسائل ١٠ : ٤٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ ح ٥.

(٣) فقه الرضا «ع» : ٢١٢ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٣٢٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ ح ٣.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٧١ ـ ٨٢١ ، الاستبصار ٢ : ٨٢ ـ ٢٥١ ، الوسائل ١٠ : ١٠٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١٣.

(٦) الكافي ٤ : ١٠٤ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ١٠٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ١.

(٧) الفقيه ٢ : ٧١ ـ ٣٠٠ ، الوسائل ١٠ : ٩٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٦.

٢٤١

وبوجوب الكفّارة في تلك الأخبار ثبت الفساد والقضاء بالإجماع المركّب.

واختصاص الأكثر باستمناء خاصّ غير ضائر ، لعدم القول بالفصل.

وفي حكم الطلب عمدا التسبّب بمسّ المرأة بالملاعبة أو الملامسة أو التقبيل لمن يعتاد الإنزال مع أحدها ، أو يكرّر ذلك حتى ينزل مع اعتياده بالتكرّر ، لصدق الإنزال عمدا ، فيكون بطلان صومه ووجوب القضاء والكفّارة مجمعا عليه (١).

ويدلّ على الحكم إطلاق طائفة من الأخبار المتقدّمة.

وكذا إن لم يكن معتادا به ، ولكن كرّره قاصدا للإنزال حتى يتّفق ، لما ذكر ، وكذا في القضاء والكفّارة ، بل لو لم يكن معتادا ولم يقصده أيضا واتّفق معه الإنزال ، وفاقا للمشهور كما عن المختلف والمهذّب (٢) ، بل المجمع عليه كما عن المعتبر بل الخلاف (٣) ، للإطلاقات المذكورة.

خلافا لبعض المتأخّرين ، فلم يوجب مع عدم التعمّد شيئا ، لضعف غير الصحيحة الأولى سندا ، وضعفها دلالة ، لاحتمال كون لفظة « حتى » تعليليّة (٤).

وللمرسل المروي في المقنع : « لو أنّ رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأمنى لم يكن عليه شي‌ء » (٥).

ويجاب بانجبار الضعف ـ لو كان ـ بما مرّ من الشهرة المحكيّة‌

__________________

(١) في « ح » زيادة : كما عن الكتب الثلاثة وغيرها.

(٢) المختلف : ٢٢٤ ، المهذب البارع ٢ : ٤٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٦٥٤ ، الخلاف ٢ : ١٩٠.

(٤) انظر المدارك ٦ : ٦٢.

(٥) المقنع : ٦٠ ، الوسائل ١٠ : ٩٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣ ح ٥.

٢٤٢

والإجماع المنقول ، مع أنّ منها الموثّق الذي هو في نفسه حجّة.

وبضعف المرسل أولا ، ومرجوحيّته بالنسبة إلى معارضاته ثانيا ، لأنّ القول بمضمونه مذهب فقهاء العامة ، كما عن الانتصار (١).

نعم ، الثابت حينئذ هو القضاء والكفّارة ، وأمّا حرمة العمل فلا ، إذ لا وجه له مع عدم الاعتياد ولا القصد.

وفي حصول الإمناء بالنظر أقوال : عدم الإفساد مطلقا ، حكي عن الشيخ في الخلاف والحلّي (٢).

والإفساد إن كان إلى من لا يحلّ بشهوة ، وعدمه إن كان إلى من يحلّ ، نسب إلى المفيد والمبسوط والديلمي وابن حمزة والتحرير (٣).

والإفساد إن قصد به الإنزال ، أو كرّر النظر حتى ينزل من غير قصده ، وعدمه بدونهما ، استقربه في المختلف (٤).

والإفساد إن اعتاد الإنزال عقيب النظر ، وعدمه بدونه ، اختاره بعضهم (٥).

والإفساد إن كان من عادته ذلك وقصده ، وعدمه بدونه ، اختاره في المدارك (٦).

والظاهر اتّحاد القولين الأخيرين.

__________________

(١) الانتصار : ٦٤.

(٢) الخلاف ٢ : ١٩٨ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٨٩.

(٣) المفيد في المقنعة : ٣٥٩ ، المبسوط ١ : ٢٧٢ ، الديلمي في المراسم : ٩٨ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٤٣ ، وفيه من غير تفصيل ، التحرير ١ : ٧٧.

(٤) المختلف : ٢٢٠.

(٥) كصاحب الحدائق ١٣ : ١٣٣.

(٦) المدارك ٦ : ٦٣.

٢٤٣

وكيف كان ، فالحق : أنّه يفسد بتعمّد النظر مع الاعتياد الإنزال معه ، أو مع قصده ، لصدق تعمّد الإنزال معه ، وهو موجب للفساد ، لظاهر الإجماع ، وإشعار بعض الأخبار المذكورة (١) به. ولا يفسد بدونه ، للأصل.

احتجّ لسائر الأقوال بأدلّة بيّنة الوهن.

ومثل النظر : التخيّل واستماع الصوت في الحرمة والقضاء والكفّارة.

الخامس : البقاء على الجنابة عمدا حتى يطلع الفجر الثاني.

على الأظهر الأشهر في الحرمة والقضاء والكفّارة ، بل بالإجماع كما عن الانتصار والخلاف والسرائر والغنية والوسيلة والتذكرة والمنتهى (٢) ، بل بالإجماع المحقّق ، لعدم قدح مخالفة الشاذّ الآتي ذكره فيه ، وهو الدليل عليه.

مضافا إلى صحيحة البزنطي : عن الرجل أصاب من أهله في شهر رمضان ، أو أصابته جنابة ، ثمَّ ينام حتى يصبح متعمّدا ، قال : « يتمّ ذلك اليوم وعليه قضاؤه » (٣).

ورواية المروزي : « إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ، ولم يغتسل حتى يصبح ، فعليه صوم شهرين متتابعين ، مع صوم ذلك اليوم ، ولا يدرك فضل يومه » (٤).

__________________

(١) راجع ص : ٢٤٠ ، ٢٤١.

(٢) الانتصار : ٦٣ ، الخلاف ٢ : ١٧٤ ، السرائر ١ : ٣٧٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، الوسيلة : ١٤٢ ، التذكرة ١ : ٢٦٠ ، المنتهى ٢ : ٥٧٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢١١ ـ ٦١٤ ، الاستبصار ٢ : ٨٦ ـ ٢٦٨ ، الوسائل ١٠ : ٦٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٥ ح ٤.

(٤) التهذيب ٤ : ٢١٢ ـ ٦١٧ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ ـ ٢٧٣ ، الوسائل ١٠ : ٦٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ٣.

٢٤٤

ورواية إبراهيم بن عبد الحميد ، وفيها : « فمن أجنب في شهر رمضان ، فنام حتى يصبح ، فعليه عتق رقبة ، أو إطعام ستّين مسكينا ، وقضاء ذلك اليوم ، ويتمّ صيامه ، ولن يدركه أبدا » (١).

وفحوى الصحاح الموجبة للقضاء في النومة الثانية أو الثالثة (٢) ، أو الموجبة له مع نسيان الغسل (٣).

وتؤيّده المستفيضة المثبتة للقضاء أو الكفّارة بالجملة الخبريّة.

خلافا في الثلاثة للمحكيّ عن المقنع للصدوق (٤) والمحقّق الأردبيلي (٥) والسيّد الداماد في رسالته الرضاعيّة.

إلاّ أنّ كلام الأول غير صريح في المخالفة ، لنقله فيه رواية بذلك ، وهو ليس صريحا في الإفتاء بمضمونها ، وإن كان الغالب فيه ـ على ما قيل ـ فقواه بمتون الأخبار (٦).

وكذا الثاني ، فإنّ ظاهره في شرح الإرشاد الاستشكال في المسألة ، وإن كان [ في ] (٧) ظاهر كلامه نوع ميل إليه.

للأصل ، والآيتين ، والمستفيضة من الأخبار (٨).

والأول : مدفوع بما مرّ.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢١٢ ـ ٦١٨ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ ـ ٢٧٤ ، الوسائل ١٠ : ٦٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ٤.

(٢) انظر الوسائل ١٠ : ٦١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٥.

(٣) الوسائل ١٠ : ٦٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٧.

(٤) المقنع : ٦٠.

(٥) في زبدة البيان : ١٧٤.

(٦) انظر الحدائق ١٣ : ١١٣ ، والذخيرة : ٤٩٧.

(٧) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ٣٥.

٢٤٥

والثاني : بأنّ غاية الآيتين العموم المطلق بالنسبة إلى ما مرّ ، فيجب تخصيصهما ، مضافا إلى ضعف دلالتهما ، إذ لا كلام في جوار المجامعة ما لم يحصل العلم بعدم وسعة الزمان للاغتسال قبل الفجر ، وحصول مثل ذلك العلم في غاية الندرة ، فانصراف المطلق إلى مثله مشكل جدّا ، مع أنّ رجوع قيد ( حَتّى يَتَبَيَّنَ ) في إحدى الآيتين إلى غير الجملة الأخيرة غير معلوم ، بل مقتضي الأصل العدم.

والثالث : بعدم حجّية الأخبار المذكورة ، لمخالفتها الإجماع ، ولا أقلّ من الشهرة العظيمة القديمة والجديدة المخرجة للرواية عن الحجّية ، سيّما مع موافقتها للعامّة في مقام المعارضة لروايات أخر لها مخالفة.

مضافا إلى كون كثير من هذه الأخبار أعمّ مطلقا من الأخبار المتقدّمة ، إمّا من جهة شمولها للعمد والنسيان ، أو النومة الأولى الشاملة للنوم بقصد الاستيقاظ والاغتسال ، كصحيحتي العيص ، وصحيحة القمّاط ، ورواية سليمان بن أبي زينبة ، ورواية إسماعيل بن عيسى :

الاولى : عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل وأخّر الغسل حتى يطلع الفجر ، قال : « يتمّ صومه لا قضاء عليه » (١).

والثانية : عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثمَّ يستيقظ ثمَّ ينام قبل أن يغتسل ، قال : « لا بأس » (٢).

والثالثة : عمّن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢١٠ ـ ٦٠٨ ، الاستبصار ٢ : ٨٥ ـ ٢٦٤ ، الوسائل ١٠ : ٥٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ح ٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٧٥ ـ ٣٢٥ ، الوسائل ١٠ : ٥٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ح ٢.

٢٤٦

قال : « لا شي‌ء عليه » (١).

والرابعة : عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل فأخّر الغسل حتى طلع الفجر ، فكتب بخطّه ـ إلى أن قال ـ : « ولا شي‌ء عليه » (٢).

والخامسة : سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام حتى يصبح ، أي شي‌ء عليه؟ قال : « لا يضرّه ولا يفطر ولا يبالي » الحديث (٣).

وإن أمكن أن تعارض الموافقة للعامّة بالموافقة لإطلاق الكتاب ، التي هي أيضا من المرجّحات المنصوصة.

وبمنع الأعمّية المطلقة للأخبار الأخيرة ، لأنّ الأخبار الأولة أيضا ليست في العمد صريحة ولا ظاهرة حتى تكون أخصّ مطلقا ، بل الظاهر في الأكثر التعارض بالتساوي ، فالمناط في الردّ هو الشذوذ المخرج عن الحجّية ، مع أنّ إحدى صحيحتي العيص لا تدلّ إلاّ على جواز النوم ، وبعضها ممّا يلوح منه آثار التقيّة من جهة نسبة الحكاية إلى عائشة.

وفي الثالث خاصّة للمحكيّ عن المعاني والسيّد في أحد قوليه (٤) ، وبعض متأخّري المتأخّرين (٥) ، ومال إليه في التحرير (٦) ، للأصل ، وصحيحة‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٧٤ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ١٠ : ٥٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢١٠ ـ ٦٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٨٥ ـ ٢٦٥ ، قرب الإسناد : ٣٤٠ ، الوسائل ١٠ : ٥٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ح ٥.

(٣) التهذيب ٤ : ٢١٠ ـ ٦١٠ ، الاستبصار ٢ : ٨٥ ـ ٢٦٦ ، الوسائل ١٠ : ٥٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٣ ح ٦.

(٤) حكاه عن العماني في المختلف : ٢٢٠ ، السيد في الانتصار : ٦٣.

(٥) كالكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٤٧.

(٦) التحرير ١ : ٧٩.

٢٤٧

الحلبي : في رجل احتلم في أول الليل أو أصاب من أهله ثمَّ نام متعمّدا في شهر رمضان حتى يصبح ، قال : « يتمّ صومه ذلك ، ثمَّ يقضيه إذا أفطر شهر رمضان ويستغفر ربّه » (١) ، حيث إنّ إتباع القضاء بالاستغفار ظاهر في عدم لزوم كفّارة غيره.

والأصل مدفوع بما مرّ ، وضعفه غير ضائر ، لأنّ ما مرّ له جابر بما مرّ.

والصحيحة غير دالّة على انتفاء الكفّارة ، لأنّ الاستغفار ثابت معها أيضا.

وقد يستدلّ أيضا بالأخبار المجوّزة له ، وفساده ظاهر ، لاستلزامها نفي القضاء أيضا.

فروع :

أ : ما مرّ إنّما هو حكم صيام شهر رمضان‌ ، حيث إنّه مورد الأخبار ومحلّ الإجماع ، ومثله في الفساد : قضاؤه على الحقّ المشهور ، لصحيحة ابن سنان : كتب أبي إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ـ وهو يقضي شهر رمضان ـ : إنّي أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم أغتسل حتى طلع الفجر ، فأجابه : « لا تصم اليوم وصم غدا » (٢) ، والنهي يدلّ على الفساد ، وقرينة منها صحيحته الأخرى (٣).

وموثقة سماعة الواردة في النومة الاولى ، وفيها : إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضي رمضان؟ قال : « فليأكل يومه ذلك وليقض ، فإنّه لا يشبه‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٠٥ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٦٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ١٠٥ ـ ٤ ، الوسائل ١٠ : ٦٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٩ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٧٥ ـ ٣٢٤ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ ـ ٨٣٧ ، الوسائل ١٠ : ٦٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٩ ح ١.

٢٤٨

رمضان شي‌ء من الشهور » (١) ، والمراد من آخر الحديث : أنّ حرمة رمضان أوجبت ذلك الحكم في قضائه أيضا. أو المراد : أنّ القضاء ليس كصوم رمضان في وجوب الصوم والقضاء معا.

وبخصوص هذه الأخبار يقيّد إطلاق رواية ابن بكير : عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب ، ثمَّ أراد الصيام بعد ما اغتسل ومضى من النهار ما مضى ، قال : « يصوم إن شاء ، وهو بالخيار إلى نصف النهار » (٢).

ولا ينافي الحكم قوله : « إذا أفطر شهر رمضان » في صحيحة الحلبي المتقدّمة ، لأنّ المنافاة إنّما هي إذا كان المعنى : أنّ هذا الحكم إنّما هو إذا أفطر شهر رمضان فينتفي عن غيره بمفهوم الشرط ، ولكن المعنى : أنّه يقضي إذا فرغ من صيام الشهر.

بل لا منافاة على الأول أيضا ، لأنّ الحكم هو مجموع تمام الصوم والقضاء ، ولا شكّ أنّه مخصوص بصيام شهر رمضان.

وكذا لا ينافيه اختصاص سائر النصوص مع كثرتها بصيام شهر رمضان ، لأنّ الاختصاص فيها إنّما هو من جهة السؤال عنه.

وأمّا غير الصومين من الواجبات المعيّنة وغير المعيّنة والندب فليس كذلك ، فلا يفسد بالبقاء على الجنابة ولو عمدا على الأقوى ، وفاقا للدروس (٣) ، وجملة من المتأخّرين (٤) ، وعن المعتبر : الميل إليه أيضا (٥) ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢١١ ـ ٦١١ ، الاستبصار ٢ : ٨٦ ـ ٢٦٧ ، الوسائل ١٠ : ٦٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٩ ح ٣.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٢٢ ـ ٩٨٩ ، الوسائل ١٠ : ٦٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٠ ح ٣.

(٣) الدروس ١ : ٢٧١.

(٤) كما في التذكرة ١ : ٢٦٠ : والحدائق ١٣ : ١٢٢ ، والرياض ١ : ٣٠٥.

(٥) المعتبر ٢ : ٦٥٧.

٢٤٩

بل هو ظاهر من قيّد الحكم برمضان ، كالشيخ في الخلاف وابن زهرة (١) ، وتردّد في المنتهى (٢).

لنا : الأصل الخالي عن المعارض مطلقا ، لاختصاص أخبار الفساد بالصومين.

مضافا في التطوّع إلى رواية ابن بكير المتقدّمة ، وإلى رواية الخثعمي : عن التطوّع ، وعن صوم هذه الثلاثة الأيام إذا أجنبت من أول الليل ، فأعلم أنّي قد أجنبت ، فأنام متعمّدا حتى ينفجر الفجر ، أصوم أو لا أصوم؟ : قال : « صم » (٣).

وموثّقة ابن بكير : عن الرجل يجنب ثمَّ ينام حتى يصبح ، أيصوم ذلك اليوم تطوّعا؟ قال : « أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار؟! » (٤).

ب : لا يبطل الصيام بالاحتلام نهارا في شهر رمضان ولا في غيره بلا خلاف‌ ، للأصل ، والمستفيضة من الأخبار (٥).

ويجوز له النوم بعده ، للأصل ، وصحيحة العيص.

وأمّا ما في بعض الروايات : عن احتلام الصائم ، قال : « إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتى يغتسل » (٦) ، فمحمول على الكراهة بقرينة الصحيحة ، مع أنّه لا يفيد أزيد منها.

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١٧٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٢) المنتهى ٢ : ٥٦٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٤٩ ـ ٢١٢ ، الوسائل ١٠ : ٦٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٠ ح ١.

(٤) الكافي ٤ : ١٠٥ ـ ٣ ، الوسائل ١٠ : ٦٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٠ ح ٢.

(٥) الوسائل ١٠ : ١٠٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٥.

(٦) التهذيب ٤ : ٢١٢ ـ ٦١٨ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ ـ ٢٧٤ ، الوسائل ١٠ : ٦٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ٤ ، وفيه وفي التهذيب : فلا ينم.

٢٥٠

ج : يجوز الجماع في ليلة الصيام حتى يبقى لطلوع الفجر مقداره والغسل‌ ، ومع تبيّن ضيق الوقت لا يجوز ، ولو فعل فسد صومه ، ولو فعل ذلك ظانّا سعة الوقت قالوا : فإن كان مع المراعاة لم يكن عليه شي‌ء وإن كان لا معها فعليه القضاء ، ويأتي تحقيقه.

السادس : الكذب على الله سبحانه ، أو على رسوله ، أو على أحد من الأئمّة عليهم‌السلام.

وهو محرّم مفسد للصوم ، وموجب للقضاء على الحقّ الموافق للشيخين (١) والقاضي والحلبي ووالد الصدوق والانتصار والغنية والمنتهى (٢) ، وجملة من مشايخنا (٣) ، بل للمشهور كما صرّح به في الخلاف والدروس (٤) ويظهر من المبسوط (٥) ، بل للإجماع كما عن الانتصار والغنية (٦).

للمستفيضة ، كرواية أبي بصير : « الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم » قال : قلت له : هلكنا ، قال : « ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمّة » (٧).

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٣٤٤ ، الطوسي في النهاية : ١٥٣.

(٢) القاضي في شرح جمل العلم والعمل : ١٨٥ ، الحلبي في الكافي : ١٧٩ ، حكاه عن والد الصدوق في المختلف : ٢١٨ ، الانتصار : ٦٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، المنتهى ٢ : ٥٧٣.

(٣) منهم صاحب الرياض ١ : ٣٠٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٢١ ونسبه فيه إلى الأكثر ، الدروس ١ : ٢٧٤.

(٥) المبسوط ١ : ٢٧٠.

(٦) الانتصار : ٦٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٧) الكافي ٤ : ٨٩ ـ ١٠ ، التهذيب ٤ : ٢٠٣ ـ ٥٨٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ٢.

٢٥١

والأخرى : « إنّ الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمّة يفطر الصائم » (١).

والثالثة : « من كذب على الله وعلى رسوله وهو صائم نقض صومه ووضوءه إذا تعمّد » (٢) وموثّقة سماعة : عن رجل كذب في رمضان ، قال : « قد أفطر وعليه قضاؤه » ، فقلت : وما كذبته؟ قال : « يكذب على الله وعلى رسوله » (٣).

والأخرى : عن رجل كذب في شهر رمضان ، قال : « قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضي صومه ووضوءه إذا تعمّد » (٤).

والمروي في الخصال : « خمسة أشياء تفطر الصائم : الأكل ، والشرب ، والجماع ، والارتماس في الماء ، والكذب على الله ورسوله والأئمة » (٥).

والرضوي : « واتّق في صومك خمسة أشياء تفطرك : الأكل ، والشرب والجماع ، والارتماس في الماء ، والكذب على الله ورسوله والأئمّة » (٦) ، وبمفاده آخر أيضا (٧).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٦٧ ـ ٢٧٧ ، الوسائل ١٠ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ٤.

(٢) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : ٢٤ ـ ١٤ ، الوسائل ١٠ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ٧.

(٣) التهذيب ٤ : ١٨٩ ـ ٥٣٦ ، الوسائل ١٠ : ٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٠٣ ـ ٥٨٦ ، الوسائل ١٠ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ح ٢ ح ٣.

(٥) الخصال ١ : ٢٨٦ ـ ٣٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ٦.

(٦) فقه الرضا «ع» : ٢٠٧ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٣٢١ ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١ ح ١.

(٧) فقه الرضا «ع» : ٢٠٣ ، المستدرك ٧ : ٣٢٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢ ح ١.

٢٥٢

وضعف سند بعضها عندنا غير ضائر ، ولو سلّم فما مرّ من دعوى الإجماع والشهرة له جابر.

وللكفّارة ، وفاقا لأكثر من ذكر أيضا ، للأخبار المذكورة المثبتة للإفطار به ، الموجب للكفّارة بما مرّ من العمومات المتقدّمة في الأمر الأول.

ودعوى تبادر الأكل والشرب من الإفطار ممنوعة ، والمعنى اللغوي له صادق على كلّ ما يفسد الصوم.

خلافا في الجميع للمحكي عن جمل السيّد والحلّي والعماني والمحقّق (١) والفاضل في أكثر كتبه (٢) ، وأكثر المتأخّرين (٣) ، للأصل ، والصحيحة الحاصرة للمفطرات في أشياء ليس ذلك منها (٤) ، وضعف تلك الأخبار سندا ، وتضمّن جملة منها على ما لا يقول به أحد من نقض الوضوء به أيضا ، وبعض منها على ما هو خلاف المشهور من الإفطار بالارتماس أيضا.

والأصل مندفع بما مرّ ، والصحيحة مخصّصة به ، والضعف في الجميع ممنوع ، ولو كان فمجبور ، والتضمّن لما لا يقول به أحد ـ أو لا يفتي به جماعة ـ غير مخرج لتتمّة الخبر عن الحجّية ، مع أنّ الحجّة غير منحصرة فيما يتضمّن ذلك ، بل فيما لا يتضمّنه غناء عنه.

__________________

(١) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٤ ، الحلّي في السرائر ١ : ٣٧٦ ، حكاه عن العماني في المختلف : ٢١٨ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٦٧١.

(٢) كما في التذكرة ١ : ٢٥٨ ، القواعد ١ : ٦٤ ، المختلف : ٢١٨.

(٣) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٠ ، والسيوري في التنقيح ١ : ٣٦٣ ، وصاحب المدارك ٦ : ٤٦.

(٤) الفقيه ٢ : ٦٧ ـ ٢٧٦ ، التهذيب ٤ : ٢٠٢ ـ ٥٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ـ ٢٤٤ ، الوسائل ١٠ : ٣١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١ ح ١.

٢٥٣

وتجويز حمل قوله : « وهو صائم » في الموثقة الثانية على صحّة صومه ـ فالمراد من الإفطار فيها نقص كمال الصوم ـ حمل بعيد ، بل المعنى : يتمّ صومه.

نعم ، لو كان الاحتجاج بقوله : « يقضي صومه ووضوءه » فقط لما تمَّ الدلالة ، لأنّ حمل : « يقضي » على مجاز متعيّن ، لمكان قوله : « ووضوءه » ، وحذف فعل آخر للوضوء ليس بأولى ممّا ذكر.

ومنه يظهر عدم تماميّة الاستدلال بالرواية الثالثة أيضا ، بل يظهر تطرّق الخدش في الخصالي والرضوي أيضا على القول بعدم كون الارتماس مبطلا ، ولكن مع ذلك كلّه لا يضرّ في المطلوب ، لكفاية البواقي فيه.

وفي الثالث خاصّة للنافع ومحتمل القواعد (١) ، ولعله للأصل ، وخلو النصوص منها ، سيّما ما يتضمّن منها لإيجابه القضاء ، لورودها في مقام الحاجة.

والأصل يدفعه ما ذكر ، وخلوّ النصوص عن ذكرها بالخصوص ـ مع تضمّنها لما يستلزمها ـ غير ضائر ، وكون ما يتضمّن القضاء في مقام الحاجة ممنوع.

فروع :

أ : لا يختصّ الفساد بذلك بصيام شهر رمضان‌ ، لإطلاق أكثر الروايات.

ب : لا اختصاص للكذب عليهم بحكاية قول عنهم عليهم‌السلام‌ كما قد يتوهّم ، بل يشملها وحكاية الفعل والتقرير أيضا ، لصدق الكذب عليهم.

__________________

(١) النافع ١ : ٦٦ ، القواعد ١ : ٦٤.

٢٥٤

ج : لا خفاء في أنّ حكاية فعل أو قول يعلم عدم مطابقته للواقع كذب على الله وإن كان مطابقا في الواقع‌ ، لأنّ المناط في موارد التكاليف علم المكلّف.

وكذا ما لا يظنّ مطابقته ولا عليه أمارة ، إمّا لقيام عدم الصدور بالأصل والاستصحاب مقام عدم الصدور الواقعي ، أو لثبوت إرادة مثل ذلك أيضا من الكذب على الله ولو تجوّزا بالإجماع.

د : لو ورّى في النسبة ـ كأن يقول : قال عليّ كذا‌ ، وأراد شخصا مسمّى بعليّ ، أو كتب نفسه حديثا مجعولا في صحيفة وقال : رأيت منسوبا إلى الإمام كذا ـ فالظاهر كونه كذبا على الإمام ، لأنّ المقصود إفهام الإمام وكتاب الغير ، وكذا يفهمه السامع ، والقرينة قائمة ، فهو المستعمل فيه حقيقة ، فيكون كذبا.

هـ : لو ذكر حديثا كذبا ثمَّ ظهر صدقه قبل القضاء ، فهل يسقط ، أم لا؟

الظاهر : لا ، لبطلان صومه أولا ، واستقرار القضاء في ذمّته.

و : إن ظنّ قوله به بأمارة يعتبر مثلها في العرف أو مطلقا‌ ، فالظاهر عدم كونه كذبا عليه ، سيّما إذا كان الظنّ ممّا ثبتت حجّيته في مثل ذلك القول.

والأحوط : عدم النسبة مطلقة ، بل نسبته إلى تلك الأمارة أو الظنّ أو نحوهما ممّا لا يستفاد منه القطع بالصدور.

ز : الكذب عليهم أعمّ من أن يكون في أمر الدين أو الدنيا ، كما عن المنتهى التصريح به (١) ، لإطلاق الأخبار.

ح : قيل : الظاهر دخول الحكم والفتوى من غير من بلغ درجة‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٥٦٥.

٢٥٥

الاجتهاد في هذا الكذب ، إن لم يكن ذلك عنه بطريق النقل من مجتهد ، أو إسناده إلى الوقوع في خبر (١).

وهو كذلك ، لأنّه إمّا يكون كذبا صريحا ، أو التزاما ، لدلالته على أنّه حكم الله سبحانه ، وليس كذلك.

وقيل : تفسير القرآن والحديث بما ليس ظاهرا ولا مدلولا عليه بقرينة أو رواية من الكذب على الله.

وفيه تأمّل ، إلاّ أن ينسبه إلى الله بقوله : قال الله سبحانه : كذا وكذا.

ط : ما ينسب إليهم من الأقوال في أشعار المراثي ونحوها ممّا نقطع بعدم صدوره عنهم ، فإن كان ممّا يعلم أنّه من مبالغات الشعر وإغراقاته المتعارفة فيها المستحسنة فيها فالظاهر أنّه لا بأس به ، وإن لم يكن كذلك فيبطل به الصوم ، والأحوط الاجتناب عن الجميع.

السابع : القي‌ء اختيارا.

فإنّه حرام ومفسد على الحقّ المشهور كما صرّح به جماعة (٢) ، بل بالإجماع كما عن الخلاف والغنية والمنتهى (٣) ، للمستفيضة :

كصحيحة الحلبي : « إذا تقيّأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم ، فإن ذرعه القي‌ء من غير أن يتقيّأ فليتمّ صومه » (٤) ، وقريبة منها الأخرى (٥).

__________________

(١) مشارق الشموس : ٤١٣.

(٢) انظر مشارق الشموس : ٤١٠ ، والحدائق ١٣ : ١٤٧.

(٣) الخلاف ٢ : ١٧٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، المنتهى ٢ : ٥٦٧.

(٤) الكافي ٤ : ١٠٨ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٩٠ ، الوسائل ١٠ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٣. وذرعه القي‌ء ، أي سبقه وغلبه ـ الصحاح ٣ : ١٢١٠.

(٥) الكافي ٤ : ١٠٨ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٩١ ، الوسائل ١٠ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ١.

٢٥٦

وموثّقة مسعدة : « من تقيّأ متعمّدا وهو صائم فقد أفطر وعليه الإعادة ، فإن شاء الله عذّبه ، وإن شاء غفر له ، ومن تقيّأ وهو صائم فعليه القضاء » (١).

وبمعناها موثّقة سماعة (٢) ، ومرسلة ابن بكير (٣) ، والمرويّ في كتاب عليّ بن جعفر (٤).

وموجب للكفّارة على الأظهر ، لكونه مفطرا كما في الأخبار (٥) ، والإفطار يوجب الكفّارة كما مرّ.

خلافا في الأولين للسيّد والحلّي (٦) ، للأصل ، والصحيح الحاصر.

وصحيحة ابن ميمون : « ثلاثة لا يفطرن الصائم : القي‌ء ، والاحتلام ، والحجامة » (٧).

ورواية ابن سنان : عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي‌ء من الطعام ، أيفطره ذلك؟ قال : « لا » ، قلت : فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه قال : « لا يفطره ذلك » (٨).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ١٠ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٦.

(٢) الفقيه ٢ : ٦٩ ـ ٢٩١ ، التهذيب ٤ : ٣٢٢ ـ ٩٩١ ، الوسائل ١٠ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٥.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٩٣ ، الوسائل ١٠ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٧.

(٤) مسائل علي بن جعفر : ١١٧ ـ ٥٥ ، الوسائل ١٠ : ٨٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ١٠.

(٥) الوسائل ١٠ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩.

(٦) السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٤ ، والحلّي في السرائر ١ : ٣٨٧.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٦٠ ـ ٧٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٠ ـ ٢٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١١.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٦٥ ـ ٧٩٦ ، الوسائل ١٠ : ٨٨ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٩.

٢٥٧

والأول : مندفع بما مرّ.

والثاني : مخصّص به.

والثالث : مقيّد به ، لإطلاقه بالنسبة إلى العمد وغيره ، وهو أولى من حمل أخبارنا على الاستحباب ، لتقدّم التخصيص على التجوّز ، مضافا إلى منافاة قوله : « فإن شاء عذّبه الله ».

وكذا الرابع ، على أنّ القلس لا يتعيّن أن يكون بمعنى القي‌ء ، لاحتمال الجشأ ، كما نصّ عليه في رواية سماعة : عن القلس ـ وهي الجشأة ـ يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يتقيّأ ـ إلى قال ـ : « ولا يفطر صيامه » (١) ، بل في الخلاص والمهذّب تفسيره بها خاصّة.

ولو تقيّأ لا عن اختيار لم يبطل إجماعا ، كما صرّح به غير واحد (٢) ، للأصل ، والنصوص المتقدّمة ، وغيرها ، كصحيحة معاوية : في الذي يذرعه القي‌ء وهو صائم ، قال : « يتمّ صومه ولا يقضي » (٣).

خلافا للإسكافي ، إذا كان القي‌ء عن محرّم ، فيكفّر أيضا (٤).

وهو ـ مع ندرته ومخالفته للإطلاقات ـ غير معلوم المستند.

وفي الثالث للأكثر (٥) ، للأصل ، وتبادر الأكل والشرب من الإفطار ، وجوابه قد مرّ.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٠٨ ـ ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ ـ ٧٩٤ ، الوسائل ١٠ : ٩٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٠ ح ٣.

(٢) كما في الحدائق ١٣ : ١٤٩ ، والرياض ١ : ٣١٤.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٨ ـ ٣ ، الوسائل ١٠ : ٨٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٩ ح ٤.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٢٢٢.

(٥) كما في الخلاف ١ : ٣٨٢ ، المهذّب ١ : ١٩٢ ، الحدائق ١٣ : ١٤٧.

٢٥٨

القسم الثاني

ما يجب اجتنابه ويوجب القضاء خاصّة

وهو أمور ثلاثة :

الأول : نيّة الإفطار‌ ، فإنّها حرام في الواجب من الصوم ، ومفسدة له كما مرّ ، وموجبة للقضاء ، لوجوبه على كلّ من فسد صومه ـ غير ما استثنى كالمغمى عليه ـ إجماعا.

ولا تجب عليه كفّارة ، للأصل ، وعدم صدق الإفطار.

الثاني : ترك غسل الحيض أو النفاس والبقاء على تلك الحالة إذا انقطع دمها قبل الفجر إلى الفجر ، وفاقا للمشهور ، لموثّقة أبي بصير : « إن طهرت بليل من حيضتها وتوانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت ، عليها قضاء ذلك اليوم » (١) ، والرواية مختصّة بصوم رمضان فلا يبعد التخصيص به.

الثالث : ترك المستحاضة ما يجب عليها من الأغسال على الحقّ المشهور‌ ، بل قيل : الظاهر أنّه لا خلاف فيه (٢).

لصحيحة ابن مهزيار : امرأة طهرت من حيضها أو من نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ، ثمَّ استحاضت فصلّت وصامت من غير أن تعمل‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٩٣ ـ ١٢١٣ ، الوسائل ١٠ : ٦٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢١ ح ١.

(٢) كما في الحدائق ١٣ : ١٢٥.

٢٥٩

تعمله المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين ، هل يصحّ صومها وصلاتها ، أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : « تقضي صومها ولا تقضي صلاتها ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك » (١).

ولا ضرّ تضمّنها لما لا يقول به الأصحاب ، ولا كونها مكاتبة ، ولا عدم صحّة الرواية ، ولا الحكم بالقضاء بالجملة الخبريّة ، التي هي في [ الوجوب ] (٢) غير صريحة ، لعدم خروج الرواية ـ باشتمالها على ما لا يقول به أحد ـ عن الحجّيّة ، وحجيّة المكاتبة والموثّقة ، سيّما مع كونها بالشهرة مجبورة ، وإرادة [ الوجوب ] (٣) من الجملة بقرينة قوله في الذيل : « يأمر فاطمة » إلى آخره ، مع أنّ لفظة « يأمر » كافية في ذلك.

والمحرّم للصائم المبطل للصوم : هو ترك واحد من الأغسال التي عليها في يوم الصوم أو قبله ليلا أو نهارا ، ولا يبطل صوم يوم بترك غسل المغرب الذي يتأخّر عن ذلك اليوم.

والحكم مختصّ بالاستحاضة الكثيرة ـ لأنّها المرادة من الموثّقة ، فيبقى الباقي تحت الأصل ـ وبصوم رمضان ، للأصل.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٦ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٩٤ ـ ٤١٩ ، التهذيب ٤ : ٣١٠ ـ ٩٣٧ ، الوسائل ١٠ : ٦٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٨ ح ١.

(٢) في النسخ : الحرمة ، والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ : الحرمة ، والصحيح ما أثبتناه.

٢٦٠