مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

هذا كلّه ، مع أنّه علّل فيه التحليل بطيب الولادة ، وهو في غير المناكح ـ التي جمهور الأصحاب فيها على الحلّية ـ لا يصلح للعلّية ، فتصلح العلّة قرينة لإرادة هذا النوع خاصّة.

ومنه يظهر جواب آخر لجميع ما يتضمّن تلك العلّية ، وهو أكثر أخبار الحلّية.

هذا كلّه ، مضافا إلى قصور دلالة كلّ واحد واحد من الروايات التسع الاولى بخصوصها على إباحة مطلق الخمس أو نصف الإمام في هذه الأزمان من وجوه أخر أيضا.

أمّا الأول ـ وهو صحيحة النصري (١) ـ فلظهور قوله : « ممّا في أيديهم » في الفعلية ، بل حقيقة منحصرة فيها ، وكذا جملة : « فهو في حلّ ممّا في أيديهم » وكذا : « كلّ من والى آبائي » ، فلا يشمل من سيأتي ، بل « الشاهد والغائب » حقيقتان في الموجود ، ولا يطلق الغائب على المعدوم.

وأمّا الثاني ، فلأنّ المشار إليه في قوله : « ذلك » هو الحرام الذي ظلم فيه أهل البيت ، ومدلوله أنّ ما ظلموا فيه من الخمس وصفو المال والأنفال التي بيد المخالفين إذا أخذه الشيعة بشراء أو عطيّة فهو لهم حلال ، لا أنّ الخمس الذي بيد الشيعة ولم يظلموا فيه بعد فهو أيضا لهم حلال ، وجعل الإشارة للخمس مطلقا لا دليل عليه ، بل لا وجه.

وأمّا الثالث ، فلأنّ السؤال وقع فيه عمّا في أيدي السائل ، والجواب مقصور في عدم التكليف في ذلك اليوم بخصوصه ، فلا دلالة له لغيره أصلا ، ولا عموم فيه ولا إطلاق أبدا.

وأمّا الرابع ، ففيه أوّلا : أنّه لا يشمل الحقّ للخمس إلاّ بالعموم ،

__________________

(١) المتقدمة في ص : ١١١.

١٢١

وأخبار وجوب الخمس خاصّ مطلق بالنسبة إليه ، فيجب التخصيص ، وذلك يجري في الثلاثة الأولى أيضا.

وثانيا : أنّ عدم أداء الحقّ يتحقّق مع حبس بعض منه أيضا ، وإذا لم تؤدّ جميع الحقوق يصدق عدم أداء الحقّ ، ولا يعلم الحقّ المحبوس المحلّل المشار إليه بقوله : « من ذلك » ، فلا يفيد.

وثالثا : أنّ « آباءهم » مطلق شامل للمخالف وغيره ، وظاهر أنّ المحلّل لآبائهم المخالفين ليس إلاّ المناكح حتى تطيب ولادة الشيعة لا مطلقا ، وليس تخصيص الآباء بالشيعة منهم أولى من تخصيص الحقّ ـ لو كان عامّا ـ بالمناكح.

وأمّا الخامس ، فلما ذكر أولا في الرابع ، مضافا إلى اختصاصه بالإعواز ـ وهو غير محلّ النزاع ـ وبحقّ الصادق عليه‌السلام خاصّة.

وأمّا السادس ، فلأنّ مرجع الضمير في قوله : « فإنّه محلّل » كما يمكن أن يكون خمسا يمكن أن يكون الموضع الذي دخل منه الزنا ـ أي المناكح ـ كما يعاضده قوله : « لميلادهم ». مع أنّ فيمن جعل في حلّ إجمالا ، لتقييد الشيعة بالأطيبين ، فلا تعلم الحلّية لغيرهم ، وجعل الوصف توضيحيّا مساويا خلاف الظاهر.

وأمّا السابع ، فلاختصاصه بالفي‌ء ـ وهو غير الخمس ـ وأمّهات الشيعة ، وهنّ من المناكح.

وأمّا الثامن ، فلعموم فضل المظلمة بالنسبة إلى الخمس أولا.

واختصاص قوله : « يعيشون » بالفعليّة ، وعدم صدقه على من يأتي ، فتختصّ الإشارة بما تحقّق ، ثانيا.

وكون الإشارة لفضل المظلمة ، فتختصّ بالمأخوذ عن المخالف كما‌

١٢٢

مرّ في الثاني ، ثالثا.

وأمّا التاسع ، فلصراحته في أنّ المحلّل هو ما يشتري من المخالف الجابر ، وهو غير محلّ النزاع.

ومن جميع ذلك يظهر عدم انتهاض تلك الأخبار لإثبات حلّية نصف الإمام في زمان الغيبة أيضا ، بل ولا دلالة بالنسبة إلى جميع النصف ومن جميع الأئمّة في زمن الحضور أيضا.

الثالث من أدلّة القول بالسقوط في زمن الغيبة : ما يستفاد من الذخيرة (١) ، وهو الأصل ، فإنّ الأصل عدم وجوب شي‌ء على أحد حتى يدلّ عليه دليل ، ولا دليل على ثبوت الخمس في زمن الغيبة ، فإنّه منحصر بالآية والأخبار ، ولا دلالة لشي‌ء منها.

أمّا الآية ، فلاختصاصها بغنائم دار الحرب المختصّة بحال الحضور دون الغيبة ، مع أنّها خطاب شفاهيّ متوجّه إلى الحاضرين خاصّة ، والتعدية إلى غيرهم بالإجماع إنّما يتمّ مع التوافق في الشرائط جميعا ، وهو ممنوع في محلّ البحث ، فلا ينهض حجّة في زمان الغيبة.

ولو سلّم فلا بدّ من صرفها إلى خلاف ظاهرها ، إمّا بالحمل على بيان المصرف ، أو بالتخصيص ، جمعا بينها وبين الأخبار الدالّة على الإباحة.

وأمّا الأخبار ، فلأنّها ـ مع ضعف أسانيدها ـ غير دالّة على تعلّق النصف بالأصناف على وجه الملكيّة أو الاختصاص مطلقا ، بل دلّت على أنّ الإمام يقسّمه كذلك ، فيجوز أن يكون هذا واجبا عليه من غير أن يكون شي‌ء من الخمس ملكا لهم أو مختصّا بهم.

__________________

(١) الذخيرة : ٤٩١ و ٤٩٢.

١٢٣

سلّمنا ، لكنّها تدلّ على ثبوت الحكم في زمان الحضور لا مطلقا ، فيجوز اختلاف الحكم باختلاف الأزمنة.

سلّمنا ، لكن لا بدّ من التخصيص فيها وصرفها عن ظاهرها ، جمعا بين الأدلّة.

والجواب : أنّ تخصيص الآية بغنائم دار الحرب مخالف للعرف واللغة والأخبار المستفيضة ، بل ـ كما قيل (١) ـ لإجماع الإماميّة ، وبالمشافهين حقيقة غير ضائر ، لما أثبتنا في الأصول من شمول الخطابات للمعدومين أيضا ـ ولو مجازا ـ بالأخبار ، من غير افتقار إلى الإجماع حتى يناقش فيه بانتفائه في محلّ النزاع مع أنّ الإجماع ثابت على الشركة في جميع الأحكام ، إلاّ ما ثبت اشتراطه بشرط أو تقييده بقيد غير متحقّق للغائب.

وما نحن فيه كذلك ، لعدم دليل على اشتراط الحضور ، ولا حاجة لنا إلى تحقّق الإجماع في كلّ مسألة.

مضافا إلى أنّ دعوى اشتراط الحضور فاسدة ، وللإجماع ـ بل الضرورة ـ مخالفة ، لأنّ المبيح في زمن الغيبة ـ مع ندرته ـ يقول به من جهة التحليل لا من عدم عموم الدليل.

وأيضا استشهاد الأئمّة واستدلالهم بالآية في كثير من الأخبار كاشف عن شمولها لزمانهم المتأخّر عن زمان نزولها أيضا ، بل أخبار التحليل والإباحة كاشفة عن الشمول ، وإلاّ فلا معنى للتحليل.

وأمّا صرف الآية عن ظاهرها جمعا ، فهو موقوف على وجود المعارض الأقوى ، وهو منتف ، لما عرفت من عدم وضوح دلالة أخبار‌

__________________

(١) انظر الرياض ١ : ٣٠٠.

١٢٤

التحليل على ما يوجب صرفها عن ظاهرها.

مع أنّ القاعدة الشرعيّة الثابتة بالأحاديث الكثيرة : عرض الأخبار على القرآن وردّ ما يخالفه ، لا صرف الآية عن ظاهرها مع اختلاف روايات الواقعة ، سيّما مع أنّ الآية أرجح بوجوه عديدة مرّ ذكرها.

هذا كلّه ، مع أنّ الجمع غير منحصر في ذلك ، لإمكانه بوجوه :

منها : ما عليه جمهور أصحابنا (١) من تخصيص التحليل بالمناكح والمساكن ، كما يأتي ذكره.

ومنها : تخصيص التحليل بحقوقهم لبعض شيعتهم أو جميعهم في زمانهم ، أي في زمان المحلّل خاصّة.

ومنها : تخصيصه بما يصل إليهم من ظالمي حقوق أهل البيت من الغنائم والأخماس.

ومنها : تخصيصه بما يختلط مع الأخماس أو يشتبه وجودها فيه. إلى غير ذلك.

ولا وجه لترجيح الأول لو لم نقل بكون هذه الوجوه كلاّ أو بعضا أرجح.

مضافا إلى أنّ حمل الآية على بيان المصرف خلاف الظاهر جدّا ، كما صرّح هو به حيث قال ـ بعد نقل حملها عليه من المحقّق ـ : وفيه نظر ، لأنّ حمل الآية على أنّ المراد بيان مصارف الاستحقاق عدول عن الظاهر ، بل الظاهر من الآية الملك أو الاختصاص ، والعدول عنه محتاج إلى دليل ، ولو كان كذلك لاقتضى جواز صرف الخمس كلّه في أحد الأصناف الستّة. انتهى.

__________________

(١) انظر ص : ١٢١.

١٢٥

وأمّا ما ذكره في الأخبار ـ من ضعف الإسناد ـ فهو غير صالح للاستناد ، لوجودها في كتب عليها المدار والاعتماد ، ومع ذلك ففيها الصحيح والموثّق وموافق للشهرة العظيمة ، وهي لضعف الأخبار عند الأصحاب جابرة.

مضافا إلى استناده إلى تلك الأخبار في كثير من أحكام الخمس.

وأمّا إنكار دلالتها على تعلق النصف بالأصناف على وجه الملكية والاختصاص فهو مكابرة محضة ، كيف؟! وفي بعضها : « والنصف له ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين لا يحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة ، عوّضهم الله تعالى مكان ذلك الخمس » (١).

ولا ريب أنّ اللامين هنا بمعنى واحد ، فكما أنّها في نصف الإمام للتملّك أو الاختصاص (٢) فكذا في نصف الأصناف ، سيّما مع ذكر التعويض لهم عن الصدقة.

وفي آخر : « يثب أحدهم على أموال آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذها » الحديث (٣).

وفي ثالث : « وإنّما جعل الله هذا الخمس لهم خاصّة دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس » إلى أن قال : « وجعل لفقراء قرابة الرسول نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس » (٤).

وأمّا احتمال اختصاص الحكم بزمان الحضور ففساده أوضح من أن يذكر ، فإنّه لا جهة لهذا التوهّم ولا منشأ لذلك الاحتمال في الأخبار.

وأمّا تخصيصها وصرفها عن ظاهرها جمعا ، ففيه ما مرّ في تخصيص‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥٢١ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ٢.

(٢) في « ح » : للتمليك والاختصاص ، والأولى : الملكية أو الاختصاص.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٧ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥٣٨ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

١٢٦

الآية.

ودليل الموجبين للدفن : دليل وجوب دفن حصّة الإمام ـ كما يأتي (١) مع ردّه ـ بضميمة ما مرّ (٢) من أنّ صرف هذا النصف منصب الإمام وموكول إليه ، وقد عرفت ضعفه.

وكذا حجّة الموجبين للوصيّة.

وحجّة القول الآخر : الجمع بين أدلّة ملكيّة النصف للأصناف ودليل وجوب الدفع إلى الإمام ليصرفه فيهم.

ويردّ باختصاص وجوب الدفع ـ لو سلّم ـ بحال الحضور.

وممّا ذكر ظهر أنّ وجوب قسمة نصف الأصناف بينهم ـ كما اختاره من أصحابنا الجمهور (٣) ـ في غاية الظهور.

المقام الثاني : في نصف الإمام عليه‌السلام.

وفيه تسعة أقوال :

الأول : سقوطه وتحليله‌ ، ذهب إليه من ذهب إليه في نصف الأصناف (٤) ، واختاره أيضا صاحب المدارك والمحدّث الكاشاني في المفاتيح والوافي وصاحب الحدائق (٥) ، ونسبه في كشف الرموز إلى قوم من المتقدّمين وقال : إنّه متروك ولا فتوى عليه (٦).

__________________

(١) في ص : ١٢٩.

(٢) في ص : ١١١.

(٣) راجع ص : ١١٠.

(٤) كما في المراسم : ١٤٠ ، والذخيرة : ٤٩٢.

(٥) المدارك ٥ : ٤٢٤ ، المفاتيح ١ : ٢٢٩ ، الوافي ١٠ : ٣٤٤ ، الحدائق ١٢ : ٤٤٣.

(٦) كشف الرموز ١ : ٢٧٢.

١٢٧

الثاني : عزله وإيداعه والوصيّة به من ثقة إلى وقت ظهوره ، اختاره المفيد في المقنعة والقاضي والحلبي والحلّي (١) ، واستحسنه في المنتهى (٢) ، وهو مذهب السيّد في المسائل الحائريّة.

الثالث : دفنه‌ ، نقل عمّن نقل عنه الدفن في النصف الأول.

الرابع : قسمته بين المحاويج من الذريّة‌ ، حكاه في المختلف عن جماعة من علمائنا (٣) ، وهو اختيار المفيد في الرسالة العزّية والمحقّق في الشرائع والشيخ عليّ في حاشيته وابن فهد في المهذّب (٤) ، ونسبه في الروضة إلى المشهور بين المتأخّرين (٥) ، وذهب إليه الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني ، والشيخ الحرّ في الوسائل إلاّ أنّه قال : مع عدم حاجة الأصناف تباح للشيعة (٦).

الخامس : التخيير بين التحليل والدفن والإيداع‌ ، يظهر من الشيخ في النهاية (٧).

السادس : التخيير بين الأخيرين‌ ، اختاره في المبسوط (٨).

السابع : التخيير بين الأخيرين والقسمة بين الأصناف‌ ، حكي عن الدروس (٩).

__________________

(١) المقنعة : ٢٨٦ ، القاضي في المهذب ١ : ١٨١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٣ ، الحلي في السرائر ١ : ٤٩٩.

(٢) المنتهى ١ : ٥٥٥.

(٣) المختلف : ٢١٠.

(٤) الشرائع ١ : ١٨٤ ، المهذب البارع ١ : ٥٧١.

(٥) الروضة ٢ : ٨٠.

(٦) الوسائل ٩ : ٥٤٣.

(٧) النهاية : ٢٠١.

(٨) المبسوط ١ : ٢٦٤.

(٩) الدروس ١ : ٢٦٢.

١٢٨

الثامن : التخيير بين الأخير والقسمة‌ ، اختاره في المختلف (١) ، وهو الظاهر من النافع (٢) ، ونسب إلى البيان (٣) ، وإليه ذهب المحقّق الخوانساري في رسالته بزيادة رجحان القسمة.

التاسع : قسمته بين موالي الإمام وشيعته من أهل الفقر والصلاح من غير تخصيص بالذرّية‌ ، نقله في المقنعة عن بعضهم ، وجعله قريبا من الصواب (٤) ، وإليه ذهب ابن حمزة في الوسيلة (٥).

دليل الأول : ما مرّ (٦) من أخبار التحليل بحملها على حقّه عليه‌السلام. وجوابه قد ظهر.

ودليل الثاني : أنّه مال الإمام ـ لأخبار وجوبه مطلقا أو مستمرّا ، واستصحاب بقائه ـ فلا يجوز التصرّف فيه ، ولا يمكن إيصاله إلى ذي الحقّ ، فيجب حفظه إلى زمان إمكان الإيصال.

وفيه : أنّه إنّما يتمّ لو لم يعلم عدم رضاه بذلك ورضاه بغيره ، وقد يدّعى العلم بذلك كما يأتي (٧).

ودليل الثالث : دليل الثاني ، بضميمة أنّ الدفن أحفظ الوجوه ، مع ما روي من أنّ الأرض تخرج كنوزها للقائم (٨).

__________________

(١) المختلف : ٢١٠.

(٢) النافع : ٦٤.

(٣) البيان : ٣٥١.

(٤) المقنعة : ٢٨٦.

(٥) الوسيلة : ١٣٧.

(٦) راجع ص : ١١١ وما بعدها.

(٧) في ص : ١٣١.

(٨) انظر البحار ٥٢ : ٢٨٠ ـ ٦ نقلا عن الاحتجاج ، وص : ٣٢٢ ـ ٣١ نقلا عن كمال الدين.

١٢٩

وفيه ـ مع ما مرّ ـ : منع كون الدفن أحفظ ، بل هو أيضا في معرض الظهور والتلف ، والرواية لا دلالة لها على المورد أصلا.

وحجّة الرابع : أنّ الإمام كان يفعل ذلك ، أي يتمّ للسادات ما يحتاجون إليه من نصيبه وجوبا لا تفضّلا ، فهو حقّ لهم إذا لم تف أنصبائهم. بمؤنهم ، فثبت ذلك لهم في الغيبة ، لأنّ الحقّ الواجب لا يسقط بغيبة من ثبت في حقّه.

وزاد في المهذّب : كونه أحوط ، لاشتماله على إخراج الواجب وتفريغ الذمّة ، واشتماله على نفع المحاويج من الذرّية ، وكونه صلة لهم ، وكونه أسلم عاقبة من الوصيّة والدفن (١).

وضعف الجميع ظاهر : أمّا الأول ، فلمنع وجوب الإتمام عليه من حصّته كما مرّ ، وغاية ما ثبت أنّه كان يتمّ من عنده ـ كما في تقسيم الزكاة أيضا ـ فيمكن أن يكون من الأوقاف والنذور أو غيرها.

سلّمنا أنّه كان عليه الإتمام من حصّته ، ولكن لم يعلم أنّ هذا الوجوب من باب حقّ الذرّية ، فلعلّه كان أمرا واجبا عليه نفسه ، ومثل هذا ليس ممّا يجب الإتيان به من غيره أيضا.

وأمّا البواقي ، فظاهر ، لعدم وجوب الاحتياط ، مع أنّ الاحتياط إخراج الواجب من الحقّ إلى ذي الحقّ ، وأمّا إلى غيره فلا احتياط فيه أصلا ، بل خلاف الاحتياط.

ولعدم استلزام رجحان نفع المحاويج وصلة الذرّية رجحانه بالتصرّف في مال الغير.

__________________

(١) المهذب البارع ١ : ٥٧٢.

١٣٠

وأسلميّة عاقبته من الدفن والوصيّة يفيد لو ثبت الإذن فيه ، وإلاّ فذلك إتلاف معلوم معجّل.

نعم ، يمكن أن يستدلّ لذلك بأنّ الإذن في ذلك التصرّف معلوم بشاهد الحال ، فإنّه لا حاجة للمالك إليه ولا ضرر فيه بوجه ، وأهل الاضطرار من أهل التقوى من الذرّية في غاية الكثرة ، والدفن والوصيّة حبس بلا منفعة ومعرض للتلف والهلكة ، بل يعلم التلف بالوصيّة غالبا في مثل ذلك الزمان ، فيعلم رضا المالك بصلة الذرّية ورفع حاجتهم ومسكنتهم بذلك قطعا ، وليس القطع به بأدون من الظنّ الحاصل من الألفاظ الدالّة على الإذن الواجب اتّباعه البتّة.

وهذا دليل تامّ حسن ، إلاّ أنّه لكونه تابعا للعلم الحاصل بشهادة الحال لا يكون مخصوصا بصلة الذرّية ، فإنّه قد يكون هنا محتاج معيل من خيار الشيعة من غير السادة ، سيّما إذا كان ممّن كان لوجوده مصلحة عامّة ، وكان عياله في غاية الضيق والشدّة ، ولم يكن فقير الذرّية بهذه المثابة ، بل كان من رعاع الناس ، وله قوت نصف السنة مثلا ، فالحكم بالقطع برضا الإمام دفع حصّته إلى الثاني دون الأول مكابرة صرفة.

وكذا إذا كان في إعطاء صاحب المال الخمس عليه حيف وشدّة.

فهذا الدليل يصلح للمطلوب في الجملة ، بل التحقيق : أنّه لا مدخليّة فيه للسيادة من حيث هي.

حجّة الخامس : الجمع بين أدلّة التحليل والحفظ ، وتحقّق الحفظ بكلّ من الدفن والوصيّة.

وبعد ضعف الدليلين يظهر ضعف الجمع أيضا.

ودليل السادس : وجوب الحفظ وتحقّقه بكلّ منهما.

١٣١

وهو حسن لو قلنا بوجوبه.

وحجّة السابع والثامن : وجوب حفظ مال الغير ، ودلالة شاهد الحال على جواز التقسيم أيضا.

وهو كان حسنا لو لم يعلم بشاهد الحال عدم رضاه بالحفظ ، حيث إنّه في معرض التلف ، وأقرباؤه ومواليه محتاجون.

ودليل التاسع : أخبار التحليل للشيعة مطلقا ، والأخبار الواردة في حصول تركهم حقّهم من الخمس لبعض مواليهم.

ومرسلة حمّاد الناطقة بأنّه : « إذا قسّم الزكاة فيهم كان على الإمام الإتمام لهم إذا أعوزت » (١).

ورواية محمّد بن يزيد : « من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا » (٢).

ومرسلة الفقيه : « من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شيعتنا » (٣).

ومرسلة يوسف ، وفيها : « أنا أحبّ أن أتصدّق بأحبّ الأشياء إليّ » (١) ، وإذا كان كذلك فيجب البتّة بتصدّق حقّه.

أقول : أكثر هذه الوجوه وإن كانت مدخولة ، إلاّ أنّه يدلّ على الحكم‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٢٦٦ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٨ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٥٩ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ١١١ ـ ٣٢٤ ، الوسائل ٩ : ٤٧٥ أبواب الصدقة ب ٥٠ ح ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٤٣ ـ ٣ ، الوسائل ٩ : ٤٧٦ أبواب الصدقة ب ٥٠ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٦١ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٣١ ـ ١٠٣٦ ، الوسائل ٩ : ٤٧١ أبواب الصدقة ب ٤٨ ح ٢ ، إلاّ أنه في الكافي عن يونس ، وفي التهذيب عن الحسين بن عاصم بن يونس ، وما في المستند هو الموافق للوافي وبعض نسخ الكافي على ما جاء في هامشه.

١٣٢

ما مرّ من الإذن المعلوم بشاهد الحال ، فإنّا نعلم قطعا ـ بحيث لا يداخله شوب شكّ ـ أنّ الإمام الغائب ـ الذي هو صاحب الحقّ في حال غيبته ، وعدم احتياجه ، وعدم تمكّن ذي الخمس من إيصاله حقّه إليه ، وكونه في معرض الضياع والتلف ، بل كان هو المظنون ، وكان مواليه وأولياؤه المتّقون في غاية المسكنة والشدّة والاحتياج والفاقة ـ راض بسدّ خلّتهم ورفع حاجتهم من ماله وحقّه.

كيف؟! وهم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، فما الحال إذا لم تكن لهم حاجة وخصاصة؟! وكيف لا يرضى؟! وهو خليفة الله في أرضه والمؤمنون عياله ، كما صرّح به في مرسلة حمّاد ، وفيها : « وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له ».

وهو منبع الجود والكرد ، سيّما مع ما ورد منهم وتواتر من الترغيب إلى التصدّق وإطعام المؤمن وكسوته والسعي في حاجته وتفريج كربته (١) ، والأمر بالاهتمام بأمور المسلمين ، حتى قالوا : « من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم » (٢).

وقالوا في حقّ المسلم على المسلم : « إنّ له سبع حقوق واجبات ، إن ضيّع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ، ولم يكن لله فيه من نصيب » إلى أن قال : « أيسر حقّ منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك » إلى أن قال : « والحقّ الثالث : أن تغنيه بنفسك ومالك » إلى أن قال : « والحقّ الخامس : أن لا تشبع ويجوع » الحديث (٣).

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٤٧٥ أبواب الصدقة ب ٥٠.

(٢) الكافي ٢ : ١٦٤ ـ ٤ ، الوسائل ١٦ : ٣٣٦ أبواب فعل المعروف ب ١٨ ح ١.

(٣) الكافي ٢ : ١٦٩ ـ ٢.

١٣٣

وجعلوا من حقوق المسلم : مواساته بالمال.

ومع ذلك يدلّ عليه إطلاق رواية محمّد بن يزيد ومرسلة الفقيه المتقدّمتين (١) ، فإنّ إعطاء الخمس صلة.

ولا يتوهّم أنّ بمثل ذلك يمكن إثبات التحليل لذي الخمس أيضا وإن لم يكن فقيرا ، لأنّ أداء الخمس فريضة من فرائض الله ، واجب من جانب الله ، وإعطاؤه امتثال لأمر الله ، وفيه إظهار لولايتهم وتعظيم لشأنهم وسدّ لحاجة مواليهم ، ومنه تطهيرهم وتمحيص ذنوبهم.

ومع ذلك ، ترى ما وصل إلينا من الأخبار المؤكّدة في أدائه والتشدّد عليه ، وأنّ الله يسأل عنه يوم القيامة سؤالا حثيثا ، وتراهم قد يقولون في الخمس : « لا نجعل لأحد منكم في حلّ » ، وأمثال ذلك (٢).

ومع هذا ، لا يشهد الحال برضاه عليه‌السلام لصاحب المال أن لا يؤدّي خمسة ، فيجب عليه أداؤه ، لأوامر الخمس وإطلاقاته واستصحاب وجوبه ، ومعه لم يبق إلاّ الحفظ بالدفن أو الوصيّة أو التقسيم بين الفقراء.

والأولان ممّا لا دليل عليهما ، فإنّ الدفن والإيداع نوعا تصرّف في مال الغير لا يجوز إلاّ مع إذنه ، ولا إذن هناك ، بل يمكن استنباط عدم رضائه بهما من كونهما معرّضين للتلف ، ومن حاجة مواليه ورعيّته.

فلم يبق إلاّ الثالث الذي علمنا رضاه به ، فيتعيّن ويكون هو الواجب في نصفه.

ولمّا كان المناط الإذن المعلوم بشاهد الحال والروايتين (٣) ونسبتهما‌

__________________

(١) في ص : ١٣٢.

(٢) الوسائل ٩ : ٥٣٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣.

(٣) المتقدّمتين في ص : ١٣٢.

١٣٤

إلى السادات وغيرهم من فقراء الشيعة على السواء ، فيكون الحقّ هو المذهب الأخير ، والأحوط اختيار السادة من بين الفقراء.

ولكن قد يعكس الاحتياط ، كما إذا كان هناك شيعة وليّ ورع معيل في ضيق وشدّة ولم يكن السادة بهذا المثابة.

وعلى المعطي ملاحظة الأحوال.

فرع : لا تشترط مباشرة النائب العام ـ وهو الفقيه العدل ـ ولا إذنه في تقسيم نصف الأصناف على الحقّ ، للأصل.

خلافا لبعضهم (١) ، فاشتراطه ، ونسبه بعض الأجلّة إلى المشهور.

ولعلّ وجهه : أنّ مع حضور الإمام يجب دفع تمام الخمس إليه ، وكان التقسيم منصبه ، فيجب الدفع إلى نائبه في زمن الغيبة بحكم النيابة.

وفيه : منع ثبوت وجوب الدفع إليه مع الحضور ، ولو سلّم فلا نسلّم ثبوته بالنسبة إلى النائب.

وهل تشترط مباشرته في تقسيم نصف الإمام ، كما هو صريح جماعة ، منهم : الفاضلان والشهيدان ، بل أكثر المتأخّرين (٢) ، وصرّح جماعة بضمان غيره من المباشرين (٣) ، وعن الشهيد الثاني : اتّفاق القائلين بوجوب التقسيم على ذلك (٤) ، والظاهر أنّه كذلك؟

أم لا ، فيجوز تولّي غيره ، كما عن ظاهر إطلاق العزّية؟

والحقّ : هو الأول ، إذ قد عرفت أنّ المناط في الحكم بالتقسيم هو‌

__________________

(١) انظر زاد المعاد : ٥٨٦.

(٢) المحقق في المعتبر ٢ : ٦٤١ ، العلامة في التحرير ١ : ٧٥ ، والقواعد ١ : ٦٣ ، الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢٦٢ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٧٩.

(٣) كما في الروضة ٢ : ٧٩ ، والذخيرة : ٤٩٢.

(٤) كما في المسالك ١ : ٦٩.

١٣٥

الإذن المعلوم بشاهد الحال ، وثبوته عند من يجوّز التقسيم إجماعيّ ولغيره غير معلوم ، سيّما مع اشتهار عدم جواز تولّي الغير ، بل الإجماع على عدم جواز تولية التصرّف في المال الغائب ، الذي هذا أيضا منه ، خصوصا مع وجود النائب العام ، الذي هو أعرف بأحكام التقسيم وأبصر بمواقعة.

ووقع التصريح في رواية إسماعيل بن جابر : « إنّ العلماء أمناء » (١).

وفي مرسلة الفقيه : « أنّه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ارحم خلفائي ، قيل : يا رسول الله ، ومن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون بعدي ويروون حديثي وسنّتي » (٢).

وفي روايات كثيرة : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء » (٣).

وفي مقبولة ابن حنظلة : « إنّه الحاكم من جانبهم » (٤).

وفي التوقيع الرفيع : « إنّه حجّة من جانبهم » (٥).

ولا شكّ أنّ مع وجود أمين الشخص وخليفته وحجّته والحاكم من جانبه ووارثه الأعلم بمصالح أمواله والأبصر بمواقع صرفه الأبعد عن الأغراض الأعدل في التقسيم ولو ظنّا ، لا يعلم الإذن في تصرّف الغير ومباشرته ، فلا يكون جائزا.

نعم ، لو تعذّر الوصول إليه جاز تولّي المالك ، كما استظهره بعض المتأخّرين وزاد : أو تعسّر (٦).

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٣ ـ ٥.

(٢) الفقيه ٤ : ٣٠٢ ـ ٩١٥ ، الوسائل ٢٧ : ٩١ أبواب صفات القاضي ب ٨ ح ٥٠.

(٣) كما في الكافي ١ : ٣٢ ـ ٢.

(٤) الكافي ١ : ٦٧ ـ ١٠ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.

(٥) كمال الدين : ٤٨٤ ـ ٤ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٠ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٩.

(٦) كما في مجمع الفائدة ٤ : ٣٥٩.

١٣٦

ولا بأس به إذا تعسّر الاستئذان منه أيضا ولو بالكتابة والرسالة وكان هناك أرباب فقر وحاجة ، والأحوط حينئذ مباشرة المالك باطلاع عدول المؤمنين.

وهل تجب مباشرة الفقيه بنفسه للتقسيم ، كما هو ظاهر الأكثر (١)؟

أم يجوز له الإذن لغيره وتولّي الغير بإذنه ، كما عن الدروس (٢) وبعض مشايخ والدي قدس‌سره؟

والأول أحوط ، والثاني أظهر إذا كان الغير أمينا عدلا عارفا بمواقع التقسيم وأحكامه ، سيّما إذا كان مجبورا بنظر النائب نفسه واطلاعه.

المسألة الرابعة عشرة : ظاهر الأكثر أنّه لا يعطى فقير من الخمس أزيد من كفاية مئونة السنة على وجه الاقتصاد ولو دفعة واحدة ، ونظرهم إلى ما روي في المرسلة : أنّ الإمام كان يفعل كذلك وجوبا (٣) ، فكذا غيره ، سيّما في نصف الإمام إذا صرف على وجه التتمّة ، إذ لم يثبت فيه إلاّ جواز إتمام المؤنة.

والحقّ : أنّ حكم نصف الأصناف حكم الزكاة ، ويجوز إعطاء الزائد عن المؤنة دفعة واحدة ـ أي قبل خروجه عن الفقر ـ لإطلاق الأدلّة.

وأمّا نصف الإمام ، فلا يجوز إعطاء الزائد من مئونة السنة على وجه الاقتصاد قطعا ، لأنّه القدر المعلوم إذنه فيه ، بل يعلم عدم رضاه بغير ذلك مع وجود المحتاج غيره ، بل يشكل إعطاء قدر مئونة السنة كاملة لواحد مع وجود محتاج بالفعل. واللازم فيه مراعاة المواساة في الجملة وملاحظة الحاجة.

__________________

(١) انظر الشرائع ١ : ١٨٤ ، والمنتهى ١ : ٥٥٥ ، والروضة ٢ : ٧٩.

(٢) الدروس ١ : ٢٦٢.

(٣) تقدّمت مصادرها في ص : ١٣٢.

١٣٧

المسألة الخامسة عشرة : مقتضى الآية والأخبار تعلّق الخمس بالعين ، فيجب أداؤه منها ، ولا يجوز العدول إلى القيمة ، إلاّ إذا أعطى العين إلى أهلها ثمَّ اشتراها منه.

نعم ، الظاهر جواز تولّي النائب العام للمبادلة ، سيّما في نصف الإمام ، فإنّه يجوز له قطعا.

ولربّ المال القسمة ، بالإجماع ، وظواهر الأخبار (١) المتضمّنة لإفراز ربّ المال خمسه وعرضه على الإمام وتقريره عليه.

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٥٣٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣.

١٣٨

تتميم

في الأنفال

جمع نفل ـ بسكون الفاء وفتحها ـ وهو : الغنيمة أو العطيّة والزيادة ، ومنه سمّيت النافلة ، لزيادتها على الفريضة.

والمراد هنا : المال الزائد للنّبيّ والإمام بعده على قبيلتهما من بني هاشم ، فالمطلوب ما يختصّ بالنبيّ عليه‌السلام ثمَّ الإمام.

وها هنا مسألتان :

المسألة الأولى : الأنفال ـ أي الأموال المختصّة بالنبيّ ثمَّ بعده بالإمام ـ أشياء :

الأول : كلّ أرض أخذت من الكفّار من غير قتال ـ سواء جلا أهلها وتركوها للمسلمين ، أو سلّموها طوعا وبقوا فيها ومكّنوا المسلمين منها ـ بلا خلاف فيها يوجد ، للإجماع ، والمستفيضة من الأخبار :

كحسنة البختري : « الأنفال : ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صولحوا ، أو قوم أعطوا بأيديهم ، وكلّ أرض خربة وبطون الأودية ، فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وللإمام من بعده » (١) وقريبة منها حسنة محمّد (٢) وموثّقته (٣).

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٣ ، الوسائل ٩ : ٥٢٣ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ١.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧٠ ، الوسائل ٩ : ٥٢٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ١٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧٢ ، الوسائل ٩ : ٥٢٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ٧.

١٣٩

ومرسلة حمّاد ، وفيها : « وله بعد الخمس الأنفال ، والأنفال : كلّ أرض خربة قد باد أهلها ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكلّ أرض ميتة لا ربّ لها ، وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب ، لأنّ الغصب كلّه مردود ، وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له » الحديث (١).

وموثّقة زرارة ، وفيها ـ بعد السؤال عن الأنفال ـ : « وهي كلّ أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل ولا رجل ولا ركاب ، فهي نفل لله وللرسول » (٢).

ورواية الحلبي : عن الأنفال؟ فقال : « ما كان من الأرضين باد أهلها » (٣).

وموثّقة سماعة : عن الأنفال؟ فقال : « كلّ أرض خربة أو شي‌ء كان يكون للملوك فهو خالص للإمام ليس للناس فيها سهم » قال : « ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب » (٤).

وموثّقة إسحاق بن عمّار المرويّة في تفسير القمّي : عن الأنفال؟ فقال : « هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها ، فهي لله وللرسول ، وما كان‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٩ : ٥٢٤ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ٤.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٢ ـ ٣٦٨ ، الوسائل ٩ : ٥٢٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ٩ ، وفي المصدر : .. ولا رجال.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧١ ، الوسائل ٩ : ٥٢٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ١١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ٩ : ٥٢٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ٨.

١٤٠