مستند الشّيعة - ج ٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-013-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٢

يملك سوى النصاب ، للعمومات الخالية عن المخصّص.

وكذا السفه لا يمنع منه ، كما صرّح به في البيان ، للعمومات المذكورة.

قال في البيان : [ يتولى ] (١) إخراجه الحاكم ، وتجب على السفيه النيّة عند أخذ الحاكم (٢).

ولا يمنعه المرض وإن قلنا بكون المريض محجورا عليه في الزائد عن الثلث ، لما ذكر من العمومات.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البيان : ٢٨٢.

٦١

الباب الثاني

في ما تجب فيه الزكاة‌

والشروط المتعلّقة بمحلّ الوجوب ، والقدر الواجب إخراجه ، وما يتعلّق بذلك من الأحكام.

واعلم أولا : أنّ ما تجب فيه الزكاة تسعة : النقدان ، والأنعام الثلاثة ، والغلاّت الأربع.

أمّا وجوب الزكاة فيها فبإجماع المسلمين ، بل الضرورة من الدين ، والمتواترة من أخبار العترة الطاهرة ، كما تأتي إلى بعضها الإشارة.

وأمّا عدم وجوبها في غيرها فهو المشهور بين الأصحاب ، بل عن الناصريّات والانتصار والخلاف والغنية والمنتهى (١) وغيرها (٢) : الإجماع عليه ، للأصل والأخبار.

ففي صحيحة ابن سنان : « إن الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض الله عليهم من الذهب والفضّة ، وفرض عليهم الصدقة من الإبل والبقر والغنم ، ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، ونادى فيهم بذلك في رمضان ، وعفا لهم عمّا سوى ذلك » (٣).

وصحيحة الفضلاء الخمسة : « فرض الله الزكاة مع الصلاة في الأموال ، وسنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تسعة أشياء وعفا عمّا سواهن : في الذهب والفضّة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وعفا‌

__________________

(١) المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٤ ، والانتصار : ٧٥ ، والخلاف ٢ : ٥٤ و ٦١ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، والمنتهى ١ : ٤٧٣.

(٢) كالدروس ١ : ٢٢٨.

(٣) الكافي ٣ : ٤٩٧ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٨ ـ ٢٦ ، الوسائل ٩ : ٥٣ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ١.

٦٢

رسول الله عمّا سوى ذلك » (١).

وقريبة منها رواية الحضرمي (٢) ، ورواية زرارة (٣) ، ورواية الطيّار (٤) ، وموثّقة الحسن بن شهاب (٥).

وفي موثّقة زرارة : عن صدقات الأموال ، فقال : « في تسعة أشياء ليس في غيرها شي‌ء : في الذهب والفضّة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم السائمة ، وهي الراعية ، وليس في شي‌ء من الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شي‌ء ، وكلّ شي‌ء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شي‌ء حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج » (٦) ، إلى غير ذلك من الأخبار التي يأتي ذكرها في مواضعها.

خلافا لشاذّ ، فأوجبها في كلّ ما تنبته الأرض ممّا يكال أو يوزن (٧) ، ولآخر مثله ، فأوجبها في مال التجارة (٨). وسيأتي الكلام مع الفريقين في‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٠٩ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٣ ـ ٥ ، الاستبصار ٢ : ٣ ـ ٥ ، الوسائل ٩ : ٥٥ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٣ ـ ٦ ، الاستبصار ٢ : ٣ ـ ٦ ، الوسائل ٩ : ٥٥ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ٥.

(٣) التهذيب ٤ : ٢ ـ ١ ، الاستبصار ٢ : ٢ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٥٧ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ٨.

(٤) التهذيب ٤ : ٤ ـ ٩ ، الاستبصار ٢ : ٤ ـ ٩ ، الوسائل ٩ : ٥٨ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ١٢.

(٥) التهذيب ٤ : ٣ ـ ٣ ، الاستبصار ٢ : ٢ ـ ٣ ، الوسائل ٩ : ٥٧ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ١٠.

(٦) التهذيب ٤ : ٢ ـ ٢ ، الاستبصار ٢ : ٢ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ٥٧ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٨ ح ٩.

(٧) نقله عن ابن الجنيد في المختلف : ١٨٠.

(٨) نسبه إلى ابني بابويه في المختلف : ١٧٩. والموجود في المقنع : ٥٢ : إذا كان

٦٣

بحث ما تستحبّ فيه الزكاة.

ثمَّ إنّ في هذا الباب فصولا :

__________________

مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا حال عليه الحول.

٦٤

الفصل الأول

في زكاة الأنعام الثلاثة‌

وفيه بحثان :

البحث الأول

في شرائط وجوبها وقدرها‌

والشرائط أمور :

الشرط الأول : أن يحول عليها الحول في ملكه ، فما لم يحلّ عليه الحول ولو بنقص ساعة ليس فيه شي‌ء إجماعا محقّقا ، ومحكيّا مستفيضا (١) ، له ، وللمستفيضة من الأخبار :

منها : الموثّقات الأربع ، وحسنة زرارة ، المتقدّمة جميعا في الفرع الثاني من الشرط الأول من الباب الأول (٢) ، وموثّقة زرارة المتقدّمة في صدر الباب الثاني.

وفي صحيحة ابن سنان المتقدّمة في صدر الباب الثاني بعد قوله : « وعفا لهم عمّا سوى ذلك » قال : « ثمَّ لم يتعرّض (٣) لشي‌ء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا ، فأمر مناديه ، فنادى في‌

__________________

(١) كما في المعتبر ٢ : ٥٠٧ ، والمنتهى ١ : ٤٨٦ ، والإيضاح ١ : ١٧٢.

(٢) راجع ص ١٧ ، ١٨.

(٣) في الكافي : لم يفرض.

٦٥

المسلمين : أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم » قال : « ثمَّ وجّه عمّال الصدقة وعمّال الطسوق » (١).

وفي رواية زرارة : « وليس في شي‌ء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة التي سمّيناها ، وكلّ شي‌ء كان من هذه الأصناف من الدواجن (٢) والعوامل (٣) فليس فيها شي‌ء ، وما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل والبقر والغنم فليس فيها شي‌ء حتى يحول عليها الحول من يوم ينتج » (٤).

وفي صحيحة الفضلاء الخمسة : « إنّما الصدقة على السائمة الراعية ، وكلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه حتى يحول عليه الحول ، فإذا حال عليه الحول وجبت عليه » (٥).

وفي رواية زرارة : « ليس في صغار الإبل والبقر والغنم شي‌ء إلاّ ما حال عليه الحول عند الرجل ، وليس في أولادها شي‌ء حتى يحول عليها الحول » (٦).

وفي أخرى : « لا يزكّى من الإبل والبقر والغنم إلاّ ما حال عليه‌

__________________

(١) الطسوق : جمع الطسق ، وهو الوظيفة من خراج الأرض ـ الصحاح ٤ : ١٥١٧.

(٢) الدواجن : جمع الداجن. دجن بالمكان : أقام به ، وشاة داجن : إذا ألفت البيوت واسنأنست ـ الصحاح ٥ : ٢١١١.

(٣) العوامل : جمع عاملة ، وهي التي يستقى عليها وتحرث وتستعمل في الاشتغال ـ مجمع البحرين ٥ : ٤٣٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٢١ ـ ٥٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ ـ ٥٨ ، الوسائل ٩ : ٧٩ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ١٧ ح ٣.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ ـ ٥٧ ، الوسائل ٩ : ١١٩ أبواب زكاة الأنعام ب ٧ ح ٢ وص ١٢١ ب ٨ ح ١.

(٦) التهذيب ٤ : ٤٢ ـ ١٠٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ ـ ٦٣ ، الوسائل ٩ : ١٢٣ أبواب زكاة الأنعام ب ٩ ح ٥.

٦٦

الحول ، وما لم يحل عليه الحول فكأنّه لم يكن » (١).

وفي صحيحة زرارة في الزكاة : « وكذلك الرجل لا يؤدّي عن ماله إلاّ ما حلّ عليه الحول » (٢).

وفي صحيحة محمّد الحلبي : عن الرجل يفيد المال ، قال : « لا يزكّيه حتى يحول عليه الحول » (٣).

وفي صحيحة زرارة ومحمّد : « أيّما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنّه يزكّيه » ، قيل : فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال : « ليس عليه شي‌ء إذن » (٤).

وحسنة عمر بن يزيد : الرجل يكون عنده المال ، أيزكّيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : « لا ، ولكن حتى يحول عليه الحول ويحلّ عليه » (٥).

وصحيحة زرارة : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : « لا ، أيصلّي أحدكم قبل الزوال؟! » (٦).

وهاهنا مسائل :

المسألة الأولى : حدّ الأصحاب الحول المعتبر في الزكاة بتمام

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٤٣ ـ ١٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ ـ ٦٤ ، الوسائل ٩ : ١٢١ أبواب زكاة الأنعام ب ٨ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٥ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٥ ـ ٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٨ ـ ٨ ، الوسائل ٩ : ١٦١ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ٥ ، وفيها : حال عليه الحول.

(٣) الكافي ٣ : ٥٢٥ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٣٥ ـ ٩١ ، الوسائل ٩ : ١٦٩ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٥ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٥٢٥ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ١٧ ـ ٥٤ ، التهذيب ٤ : ٣٥ ـ ٩٢ ، الوسائل ٩ : ١٦٣ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٢٣ ـ ٨ ، التهذيب ٤ : ٤٣ ـ ١١٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١ ـ ٩ ، الوسائل ٩ : ٣٠٥ أبواب المستحقين للزكاة ب ٥١ ح ٢.

(٦) الكافي ٣ : ٥٢٤ ـ ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٣ ـ ١١١ ، الوسائل ٤ : ١٦٦ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

٦٧

أحد عشر شهرا ودخول الثاني عشر ، بل عن المعتبر والمنتهى والتذكرة والإيضاح الإجماع عليه (١) ، وفي الذخيرة : لا أعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب (٢) ، وفي الحدائق : والظاهر أنّه لا خلاف فيه (٣).

واستدلّ له ـ مع الإجماع المنقول ـ بقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « إنّه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة » إلى أن قال : « إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة » ، واختصاصها بالنقد غير ضائر ، لعدم الفاصل.

والمستفاد من تحديدهم والمتبادر من الصحيحة : أنّ الحول الذي اعتبره الشارع في وجوب الزكاة هو حولان اثني عشر هلالا ، وبعبارة أخرى : هو دخول الثاني عشر.

ومقتضى ذلك أنّه بدخول الثاني عشر مستجمعا للشرائط تجب الزكاة ، ولا يضرّ اختلال بعض الشروط بعده ، ولا يجوز التأخير على القول بالفوريّة ، ولو أخّر كان ضامنا ، إلى غير ذلك من آثار الوجوب.

وهذا هو معنى الوجوب المستقرّ ، الذي ذكروه.

ومنهم من قال : إنّ الوجوب بذلك المعنى إنّما يتحقّق بتمام الثاني عشر ، والمتحقّق بدخوله إنّما هو الوجوب المتزلزل ـ وهو الذي اختاره في المسالك (٤) ـ لأنّ الثابت من الإجماع ليس إلاّ تحقّق الوجوب بدخول الثاني عشر ، وهو أعمّ من المستقرّ وإن كان ظاهرا فيه. ومقتضى المعنى الحقيقي للحول المصرّح به في الروايات عدم تحقّق الوجوب المستقرّ إلاّ بتمام الثاني عشر.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٥٠٧ ، والمنتهى ١ : ٤٨٧ ، والتذكرة ١ : ٢٠٥ ، والإيضاح ١ : ١٧٢.

(٢) الذخيرة : ٤٢٨.

(٣) الحدائق ١٢ : ٧٣.

(٤) المسالك ١ : ٥٣.

٦٨

وأمّا صحيحة زرارة ، ففي سندها كلام يضعّف الاعتماد عليها (١) ، بل قيل : في بعض مواضع متنها أيضا تشابه يوجب تضعيفها (٢).

مع أنّا لو قلنا بصحّة الخبر ـ كما هو الأصحّ ـ وبعدم ضير تشابه بعض أجزائه في العمل بما لا تشابه فيه ـ كما هو الوجه ـ لم يستفد منه مع ملاحظة سائر الأخبار أيضا أعمّ من مطلق الوجوب المحتمل للمتزلزل.

وذلك لأنّ الظاهر من الوجوب المذكور فيه وإن كان المستقرّ ، إلاّ أنّ ما دلّ على اشتراط سائر الشروط طول الحول أوجب صرفه عنه ، لأنّه مقتضى العمل بهما. كما أنّه ورد وجوب الصلاة بدلوك الشمس ، ولكنّه لا ينفي اشتراط سائر الشروط الواجبة بأدلّة أخرى ، وكما أنّ ذات العادة تجب عليها العبادة بمجرّد انقطاع الدم على العادة ، ولكنه لا ينافي اشتراط عدم رؤية الدم إلى العاشر.

فإن قيل : الخبر كما يدلّ على تحقّق الوجوب بدخول الثاني عشر ، كذلك يدلّ على حولان الحول به أيضا ، حيث قال : « فقد حال الحول » ولازمه حمل الحول المعتبر لسائر الشروط على ذلك أيضا ، فلا يبقى معارض لظهور الوجوب في المستقرّ أصلا.

قلنا : الحول حقيقة ـ لغة وشرعا كتابا وسنّة ـ في تمام الاثني عشر ، وحمله على الأحد عشر مجاز لا يصار إليه إلاّ بقرينة ، والخبر إنّما يصلح قرينة لو لا احتمال المجاز فيه بحمل قوله : « حال الحول » على المقرب (٣) منه أو غيره ، فإنّ باب المجاز واسع.

__________________

(١) لعلّ منشأه : أنّ من جملة رجالها إبراهيم بن هاشم ، قال العلاّمة في الخلاصة ص ٤ : لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ، ولا على تعديله بالتنصيص. والروايات عنه كثيرة ، والأرجح قبول قوله.

(٢) قد عبّر عنها الفيض الكاشاني بالحسن المتشابه. المفاتيح ١ : ١٩٦.

(٣) في « ق » ، « س » : المقرر.

٦٩

وهذا الاحتمال قائم ، بل راجح ، لأنّ ارتكاب التجوّز في خبر أولى من ارتكابه في السنّة المتواترة والكتاب.

ولو سلّم التساوي فالأمر دائر بين مجازين متساويين ، فيرجع إلى حكم الأصل ، وهو عدم استقرار الوجوب.

قيل : يرد عليه أنّ مقتضى حقيقة أدلّة سائر الشروط عدم تحقّق وجوب أصلا قبل تمام الاثنى عشر وعدم وجوب شي‌ء قبله ، فالقول بتحقّق وجوب قبله صرف لها عن حقائقها أيضا ، فهذا القول يوجب ارتكاب التجوّز فيها وفي الخبر ، بخلاف حمل الخبر على المستقرّ.

مع أنّه لو سلّمنا تعارض المجازين ، وفقدان المرجّح من البين ، فالجمع ـ بحمل أحدهما على الوجوب المتزلزل ، والآخر على المستقرّ ـ جمع بلا دليل ، إذ لا شاهد عليه ولا سبيل.

والقياس على دلوك الشمس وانقطاع دم ذات العادة باطل ، لوجود الشواهد فيهما.

فيجب إمّا نفي مطلق الوجوب بدخول الثاني عشر ، أو القول بالوجوب المستقرّ به ، والأول باطل إجماعا ، فبقي الثاني.

أقول : يمكن أن يقال : إنّ تحقّق مطلق الوجوب ـ الذي أقلّه المتزلزل بدخول الثاني عشر ـ إجماعي ، فالتعارض إنّما هو في الوجوب المستقرّ ، وإذ لا مرجّح لأحد المجازين يجب الرجوع إلى أصالة عدم الاستقرار.

والترجيح الذي ذكر ـ من إيجاب القول بالمستقرّ ارتكاب التجوز في أحدهما ، وبالمتزلزل أيضا ـ لا يصلح للترجيح ، لأنّ المجاز خلاف الأصل ، واحدا كان أو متعدّدا ، فلا يصار إلى شي‌ء منهما ما لم يتضمّن الأكثر للأقلّ إلاّ بدليل.

إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الوجوب في كلّ من الخبر وأدلّة سائر‌

٧٠

الشروط حقيقة في المستقرّ ، ولكن الخبر أخصّ مطلقا من أدلّة سائر الشروط ؛ لدلالتها على عدم تحقق الوجوب قبل حولان الحول مطلقا ، سواء دخل الثاني عشر أو الحادي عشر أو العاشر إلى آخر الشهور ، أم لا ، والخبر يدلّ على تحقّقه بدخول الثاني عشر خاصّة ، حيث قال : « وجبت الزكاة » ، والخاصّ مقدّم على العامّ قطعا ، والخبر معتبر سندا لصحّته ، ومعتضد بعمل الطائفة.

ولا يضرّ قوله في الخبر : « فقد حال الحول » لو سلّم احتمال تجوّز فيه ؛ لأنّ الاستناد على قوله : « فقد وجبت الزكاة » ، مع أنّ المفهوم من هذا عرفا : التجوّز في حول سائر الأدلّة ، فإنّ المتبادر منه أنّ الحول الذي اشترط هو أحد عشر شهرا ، ولا يلتفت في العرف إلى احتمال التجوّز فيه.

هذا ، مضافا إلى أنّه على فرض الاحتمال وتكافؤ المجازين ترتفع أخبار الحول من البين ، وتبقى عمومات وجوب الزكاة مطلقا خالية من المقيّد ، خرج ما دون أحد عشر شهرا بالإجماع ، فيبقى الباقي.

وعلى هذا ، فالحقّ ما هو المشهور من استقرار وجوب الزكاة بدخول الثاني عشر.

ولا تنافيه صحيحة ابن سنان المتقدّمة في صدر المقام (١) ؛ لاحتمال كون الوجوب المتحقّق بدخول الثاني عشر موسّعا إلى تمامه ، فإنّ الوجوب حقيقة في المطلق.

المسألة الثانية : هل يحتسب الشهر الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني.

ذهب العلاّمة (٢) والشهيدان (٣) إلى الأول. واختاره المحقّق الأردبيلي‌

__________________

(١) في ص ٦٥.

(٢) نهاية الإحكام ٢ : ٣١٢.

(٣) الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢٣٢ ، والبيان : ٢٨٤ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٣ ، والمسالك ١ : ٥٣.

٧١

مع حكمه بالاستقرار بدخول الثاني عشر (١).

واستدلّ بأنّ الحول حقيقة لغة وشرعا في تمام الاثني عشر ، وغاية ما دلّت عليه الصحيحة هي أنّه يكفي في وجوب الزكاة واستقراره دخول الثاني عشر ، وذلك لا يدلّ على أنّ الحول الذي يجب جريانه على الأموال هو أحد عشر شهرا.

واعترض عليه بأنّه ليس مقتضى أدلّة حولان الحول ، إلاّ أنّه لا تجب الزكاة قبله ، وأنّ تمامه شرط في وجوبها ، ولا معنى لها إلاّ ذلك. فإذا قلنا بالوجوب قبله ، وخصصنا أدلة حولان الحول بالصحيحة ، لا يبقى دليل آخر على اشتراط الحول الحقيقي.

والحاصل : أنّ مقتضى عمومات وجوب الزكاة وجوبها بمجرّد تملّك النصاب من غير اشتراط حول ، ولكن ثبت اشتراط الحول في وجوبها بأدلّته. ثمَّ ثبت بالصحيحة عدم اشتراط تمام الحول ، بل يشترط مضيّ أحد عشر شهرا ، وبها تخصّص أدلّة اشتراط الحول.

فلا يبقى دليل على اشتراط مضيّ الثاني عشر ، فلا يكون وجه لاحتسابه من الحول الأول ، بل تجب زكاة كلّ حول بمضيّ أحد عشر شهرا.

أقول : القائل باحتسابه من الأول لعلّه لا ينكر كون كلّ حول للزكاة أحد عشر شهرا ، ولا يقول باشتراط مضيّ الثاني عشر في تعلّق الوجوب أو استقراره. بل مراده من احتسابه من الأول : أنّ مبدأ الحول الثاني تمام اثني عشر شهرا من الأول ، ومبدأ الثالث تمام اثني عشر من الثاني وهكذا. فمرجع النزاع حقيقة في مبدأ الأحوال اللاحقة ، ولا دلالة لاستقرار الوجوب‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٤ : ٣١.

٧٢

بدخول الثاني عشر على أن مبدأ الثاني دخول هذا الشهر ، بل لا دليل أصلا يدلّ على ذلك.

ولو سلّمنا كون حول الزكاة مطلقا أحد عشر ، وأنّ أخبار الحول تدلّ على وجوب حولان أحد عشر في كلّ عام ، فلا يثبت أنّ مبدأ الاثني عشر في أيّ وقت ، وليس قوله في الخبر « إذا رأى الهلال الثاني عشر فقد حال الحول » أنّ الثاني عشر مبتدئ من أيّ وقت.

فعلى هذا يجب الرجوع إلى الأصل ، وهو ابتداء الحول الثاني من تمام الثاني عشر من الأول ؛ لأصالة عدم وجوب الزكاة إلاّ بعد مضيّ أحد عشر من ذلك المبدأ.

بل لو لا الإجماع على اتّحاد جميع الأعوام لكان مقتضى الأصل عدم الوجوب إلاّ بمضيّ اثني عشر شهرا من ذلك المبدأ ؛ إذ الخبر لا يدلّ على أزيد من أنّ الحول الأول يحول بمضيّ أحد عشر. إذ (١) يمكن أن يكون المراد إذا رأى الهلال الثاني عشر من حين التملّك أو استجماع الشرائط فقد حال الحول ، فلا يدلّ على ما بعده.

هذا ، مضافا إلى رواية الكرخي : عن الزكاة « انظر شهرا من السنة فانو أن تؤدّي زكاتك فيه ، فإذا دخل ذلك الشهر فانظر ما نض ـ يعني ما حصل في يدك من مالك ـ فزكّه ، فإذا حال الحول والشهر الذي زكّيت فيه فاستقبل مثل ما صنعت ، ليس عليك أكثر منه » (٢) ، فإنّ انتظار مثل الشهر يجتمع مع احتساب الثاني عشر مع الأول.

هذا غاية ما يمكن أن يستدلّ به لذلك القول.

ولكن يرد عليه : أنّ التمسّك بالأصل إنّما كان يتمّ لو كان دليل تكرار‌

__________________

(١) في « س » : أو ، وفي « ح » : و.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٢ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ١٦٦ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٣ ح ٢.

٧٣

الزكاة بتكرّر السنين مجرّد الإجماع ، فيقال : لم يثبت أزيد من ذلك.

ولكن قد دلّت عليه الأخبار :

ففي موثّقة زرارة : « وإن كان يدعه متعمّدا وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكلّ ما مرّ به [ من ] السنين » (١).

وفي رواية عبد الحميد بن سعد (٢) : قلت : لكم يزكّيه إذا أخذه؟ قال : « لثلاث سنين » (٣).

وفي صحيحة ابن يقطين : « تلزمه الزكاة في كلّ سنة إلاّ أن يسبك » (٤).

وعلى هذا فنقول : إنّه وإن لم يتعيّن مبدأ الأحوال ، ولكن ظاهر أنّ بعد اشتراط الحول والسنة في الزكاة بالأخبار وجعله أحد عشر شهرا بالخبر المتقدّم (٥) يفهم أن كلّ حول في الزكاة هو ذلك.

ثمَّ إذا قال (٦) : ما مرّ به أحوال أو سنون ، فكذا يتفاهم منه عرفا : أنّ مبدأ كلّ حول لا حق تمام الحول السابق ، فإنّه المتفاهم من مرور الأحوال المصطلحة على شي‌ء.

ولذا لو قيل : حول الآخرة خمسون عاما ويفرغ من الحساب بعد ثلاث أحوال ، يفهم منه أنّ مبدأ كلّ حول لا حق بعد تمام الحول السابق ، الذي هو خمسون عاما من أعوام الدنيا.

__________________

(١) تقدّمت في ص ٣٤ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) في « س » : عبد الحميد بن سعيد.

(٣) تقدّمت في ص ٥٠.

(٤) الكافي ٣ : ٥١٨ ـ ٥ ، التهذيب ٤ : ٧ ـ ١٧ ، الاستبصار ٢ : ٧ ـ ١٥ ، الوسائل ٩ : ١٦٦ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٣ ح ١.

(٥) أي صحيحة زرارة المتقدمة في ص ٦٨.

(٦) في « ح » : حال.

٧٤

وأمّا رواية الكرخي فهي متشابهة غير صالحة للاستدلال ؛ لأنّ المراد بقوله : « فإذا حال الحول والشهر الذي زكّيت فيه » إن كان تمام الحول والشهر ، يلزم لزوم مرور ثلاثة عشر شهرا ، وهو خلاف الإجماع.

وإن كان المراد بقوله : « حال » : دخل ، لم يكن معنى لدخول الحول والشهر معا ؛ لأنّ هذا الشهر آخر الحول.

وحمله على « تمَّ » ـ بالنسبة إلى الحول ودخل بالنسبة إلى الشهر ـ يوجب استعمال اللفظ في معنييه.

والظاهر أنّه نوع إرشاد لم يلاحظ فيه التحقيق ، بل اكتفي بالتقريب.

ومن ذلك يظهر أنّ الحقّ : احتساب الثاني عشر من الثاني ، كما هو مذهب القطب الراوندي (١) ، وفخر المحقّقين في حواشي القواعد (٢) ، والفاضل الهندي في شرح الروضة.

المسألة الثالثة :المراد من اشتراط حولان الحول على الجنس الزكوي : اشتراط حولانه عليه مستجمعا ( طول الحول ) (٣) لجميع شرائط وجوب الزكاة المعتبرة في المالك ، من البلوغ ، والعقل ، والحرّية ، والملكيّة ، والتمكّن من التصرّف. وفي المال ، من النصاب ، والسوم ، وعدم كونه عوامل في الأنعام .. والمسكوكيّة ونحوها في النقدين.

فلو اختلّ أحد هذه الشروط في أثناء الحول سقطت الزكاة.

أمّا اشتراط تحقّق شرائط المالك طول الحول فقد مرّ.

وأمّا اشتراط النصاب وسقوطها بنقصان النصاب بعض الحول فهو إجماعي ، بل هو ممّا لا خفاء فيه ؛ إذ لو كان نصابا أولا ونقص في أثناء‌

__________________

(١) فقه القرآن ١ : ٢٣٧.

(٢) الإيضاح ١ : ١٧٢.

(٣) ليست في « س ».

٧٥

الحول فليس عليه الزكاة قبل تمام الحول ؛ لما صرّح : بأنّ ما لم يحلّ عليه الحول فليس فيه شي‌ء. ولا بعد تمام الحول ؛ لما صرّح : بأنّ ما نقص عن النصاب ليس فيه شي‌ء.

ولو كان ناقصا أولا وبلغ النصاب في أثناء الحول فلا تجب على المجموع بعد تمام الحول ؛ إذ بعضه لم يحلّ عليه الحول ، وما لم يحلّ عليه الحول لا زكاة فيه ، ولا على القدر الناقص الذي حال عليه الحول ؛ لمثل قوله : « ليس في ما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‌ء » (١) وقوله : « ليس في ما دون الأربعين شاة شي‌ء » (٢) ، إلى غير ذلك.

وتدلّ عليه أيضا حسنة رفاعة ، وفيها : « إذا اجتمع مائتا درهم ، فحال عليها الحول ، فإنّ عليها الزكاة » (٣).

وأمّا اشتراط سائر الشرائط من السوم ونحوه طول الحول فسيأتي في طيّ ذكر الشرائط إن شاء الله.

المسألة الرابعة : لو عاوض الجنس الزكوي في أثناء الحول بغيره سقطت الزكاة مطلقا ، سواء عاوضه بجنسه كالشاة بالشاة ، أو بغير جنسه كالشاة بالبقر مطلقا.

بلا خلاف معتبر إذا لم تكن المعاوضة بقصد الفرار ، سواء كان العوض مستجمعا لجميع الشرائط غير الحول ـ كمعاوضة السائمة بالسائمة ـ أو لا.

للأصل ، وقوله عليه‌السلام في المستفيضة : كلّ ما لا يحول عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه » (٤) ، فإنّ العوض لم يحلّ عليه الحول عنده‌

__________________

(١) الوسائل ٩ : ١٣٧ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١.

(٢) الوسائل ٩ : ١١٦ أبواب زكاة الأنعام ب ٦.

(٣) الكافي ٣ : ٥١٥ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ١٤٣ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٢ ح ٢.

(٤) راجع ص ٦٦.

٧٦

مطلقا ، جنسا كان أو غيره ، بقصد الفرار كان أو لا.

خلافا للمحكيّ عن المبسوط فيما إذا عاوضه بجنسه ، فيبنى على حوله (١).

واختاره فخر المحقّقين في شرح الإرشاد ، وقال : إذا عاوض أربعين سائمة في ستّة أشهر بأربعين أخرى كذلك يبنى على الحول الأول ، لا إذا عاوضها بأربعين معلوفة ، أو أربعين سائمة في أربعة أشهر.

ودليلهما صدق الاسم ، فيصدق أنّ عنده أربعين شاة ـ مثلا ـ طول حول.

وهو ضعيف ؛ لأنّ المراد بالموصول في مثل قوله : « ما لم يحل عليه الحول » الأعيان.

المسألة الخامسة : لو عاوض في أثناء الحول أو جعل النصاب ناقصا بقصد الفرار من الزكاة سقطت الزكاة أيضا على الأقوى ، وفاقا للمحكيّ عن العماني (٢) والإسكافي (٣) والمفيد (٤) والنهاية والتهذيب والاستبصار (٥) والقاضي (٦) والحلّي (٧) واحتمله في الناصريات (٨).

وكلام أكثرهم وإن كان في سبك الذهب والفضة بقصد الفرار ، إلاّ أنّ الظاهر عموم الحكم ، وهو مختار الفاضلين (٩) ، بل هو المشهور مطلقا ،

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٠٦.

(٢) حكاه عنه في الرياض ١ : ٢٧١.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ١٧٣.

(٤) المقنعة : ٣٨.

(٥) النهاية : ١٧٥ ، التهذيب ٤ : ٩ ، الاستبصار ٢ : ٨.

(٦) حكاه عنه في الرياض ١ : ٢٧١.

(٧) السرائر ١ : ٤٤٢.

(٨) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢١٨.

(٩) المحقق في المعتبر ٢ : ٥١١ ، والشرائع ١ : ١٤٥ ، والعلاّمة في المختلف : ١٧٩ ، والمنتهى ١ : ٤٩٥ ، والقواعد ١ : ٥٣.

٧٧

كما في المدارك والذخيرة (١) ، أو بين المتأخّرين خاصّة ، كما في الحدائق (٢).

للأصل ، وعدم حولان الحول ، وإطلاق صحيحة زرارة ومحمّد : « أيّما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنّه يزكّيه » ، قيل له : فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال : « ليس عليه شي‌ء » (٣).

ونحوه في حسنته ، وفيها أيضا : رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة ، فعل ذلك قبل حلّها بشهر ، فقال : « إذا حلّ الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة » ، قلت : فإن أحدث فيها قبل الحول؟ قال : « جاز له ذلك » ، قلت : إنّه فرّ بها من الزكاة ، قال : « ما أدخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها » (٤) الحديث.

وصحيحة عمر بن يزيد : رجل فرّ بماله من الزكاة فاشترى به أرضا أو دارا ، أعليه فيه شي‌ء؟ فقال : « لا ، ولو جعله حليّا أو نقرا (٥) فلا شي‌ء عليه ، وما يمنع نفسه من فضله أكثر ممّا منع من حقّ الله [ الذي ] يكون فيه » (٦). وحسنة هارون : إنّ أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة ، وإنّه جعل ذلك حليّا أراد به أن يفرّ من الزكاة ، أعليه الزكاة؟

__________________

(١) المدارك ٥ : ٧٤ ، والذخيرة : ٤٣١.

(٢) الحدائق ١٢ : ٩٦.

(٣) راجع ص ٦٧.

(٤) راجع ص ٦٨.

(٥) النقرة ، والجمع : النقر والنقار : القطعة المذابة من الفضة ـ المصباح المنير : ٦٢١.

(٦) الكافي ٣ : ٥٥٩ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ١٧ ـ ٥١ ، الوسائل ٩ : ١٥٩ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ١ ، وما بين المعقوفين من الوسائل.

٧٨

قال : « ليس على الحليّ زكاة » (١).

وحسنة ابن يقطين ، وفيه : « إذا أردت ذلك فاسبكه ، فإنّه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضّة شي‌ء من الزكاة » (٢).

والمرويّ في العلل والمحاسن : « لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا من الزكاة » (٣).

وتدلّ عليه أيضا عمومات نفي الزكاة عن الحليّ والسبائك (٤).

وصحيحة ابن يقطين : عن المال الذي لا يعمل به ولا يقلب ، قال : « تلزمه الزكاة في كلّ سنة إلاّ أن يسبك » (٥).

خلافا للمحكيّ عن المقنع والفقيه ورسالة والده والانتصار والمسائل المصريّة الثالثة والجمل والاقتصاد والخلاف والمبسوط وموضع من التهذيب والوسيلة والغنية والإشارة (٦) ، فأوجبوا الزكاة في سبك الذهب والفضّة بقصد الفرار ، وزاد في الانتصار والخلاف والمبسوط : إذا ناول‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥١٨ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ٩ ـ ٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٨ ـ ٢٣ ، علل الشرائع : ٣٧٠ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ١٦٠ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ٤.

(٢) الكافي ٣ : ٥١٨ ـ ٨ ، التهذيب ٤ : ٨ ـ ١٩ ، الاستبصار ٢ : ٦ ـ ١٣ ، الوسائل ٩ : ١٥٤ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٨ ح ٢.

(٣) علل الشرائع : ٣٧٠ ـ ٣ ، المحاسن : ٣١٩ ـ ٥٢ بتفاوت يسير ، الوسائل ٩ : ١٦٠ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ٢ ، ٣.

(٤) الوسائل ٩ : ١٥٤ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٨ وص ١٥٦ ب ٩.

(٥) الكافي ٣ : ٥١٨ ـ ٥ ، التهذيب ٤ : ٧ ـ ١٧ ، الاستبصار ٢ : ٧ ـ ١٥ ، الوسائل ٩ : ١٥٥ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٨ ح ٤.

(٦) المقنع : ٥١ ، والفقيه ٢ : ٩ ، وحكاه عن والده في المختلف : ١٧٣ ، الانتصار : ٨٣ ، وحكاه عن المسائل المصرية في المختلف : ١٧٣ ، وجمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٧٥ ، الاقتصاد : ٢٧٨ ، والخلاف ٢ : ٧٧ ، والمبسوط ١ : ٢١٠ ، والتهذيب ٤ : ٩ ، الوسيلة : ١٢٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٧ ، والإشارة : ١٠٩.

٧٩

جنسا بغيره أيضا ، وفي الأولين الإجماع عليه كما في المسائل المصريّة ، ونسبه بعضهم إلى أكثر المتقدّمين (١) ، وقوّاه بعض مشايخنا الأخباريّين (٢).

للإجماع المذكور ، والروايات :

كموثّقة محمّد : عن الحلّي فيه زكاة؟ قال : « لا ، إلاّ ما فرّ به من الزكاة » (٢).

وموثّقي معاوية وإسحاق ، إحداهما : الرجل يجعل لأهله الحليّ من مائة دينار والمائتي دينار وأراني قد قلت ثلاثمائة ، فعليه الزكاة؟ قال : « ليس عليه زكاة » قال : قلت : فإنّه فرّ به من الزكاة ، فقال : « إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة » (٣).

ورواه الحلّي في مستطرفات السرائر عن معاوية بن عمّار (٤) ، فتكون الرواية صحيحة.

والأخرى : عن رجل له مائة درهم وعشرة دنانير أعليه زكاة؟ قال : « إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة ، وإن كان إنّما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة » (٥).

والرضويّ : « ليس في السبائك زكاة إلاّ أن يكون فرّ به من الزكاة ،

__________________

(١) كصاحب الرياض ١ : ٢٧١.

(٢) كصاحب الحدائق ١٢ : ١٠٥.

(٣) التهذيب ٤ : ١٩ ـ ٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٨ ـ ٢١ ، الوسائل ٩ : ١٦٢ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ح ٧.

(٤) التهذيب ٤ : ١٩ ـ ٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٨ ـ ٢٢ ، الوسائل ٩ : ١٥٧ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٩ ح ٦.

(٥) مستطرفات السرائر : ٢١ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ١٦٢ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١١ ذيل الحديث ٦.

(٦) التهذيب ٤ : ٩٤ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٠ ـ ١٢٢ ، الوسائل ٩ : ١٥١ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ٥ ح ٣.

٨٠