مستند الشّيعة - ج ٩

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٩

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-013-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٢

ولا تعارضها أصالة براءة الذمّة ؛ لكون الأولى مزيلة للأصل الثاني ، كما بيّن تحقيقه في موضعه.

وله أمرهم بإخراج الفطرة ، كما صرّح به في رواية جميل (١).

نعم ، لو كان الغائب غير منفق عليه منه ـ كالعبد الآبق ـ أو المغصوب ـ لم تجب فطرته على المختار. وعلى القول بوجوب فطرة المملوك مطلقا يتعيّن القول بالوجوب هنا أيضا ؛ للأصل المذكور.

ب : من تجب فطرته على عائلة تسقط عنه ولو كان غنيّا ؛ بالإجماع كما صرّح به فخر المحقّقين في شرح الإرشاد وبعض مشايخنا المحقّقين ، بل بالإجماع المحقّق حقيقة ، لشذوذ المخالف ؛ وهو الدليل عليه.

مضافا إلى النبويّ المنجبر : « لا يثنا في صدقة » ، وفي لفظ آخر : « لا يثنى » (٢) : كـ‍ : إلى.

وإلى الأخبار المصرّحة بأنّها عن كلّ إنسان صاع (٣) ، فلا يتعدّد الصاع.

ويشعر به أيضا ما في الأخبار من ذكر الأداء أو الوجوب عمّن يعول (٤) ، فإنّ لفظة : « عن » ظاهرة في أنّها نيابة عنه.

خلافا للمحكيّ عن الحلّي ، فأوجبها على المضيف والضيف الغني (٥) ؛ لإطلاق الوجوب على [ كلّ ] (٦) أحد. وجوابه ظاهر.

ج : لو كان العائل فقيرا والمعال غنيّا تسقط عن الأول ؛ لإعساره ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ٣٣١ ـ ١٠٣٨ ، الوسائل ٩ : ٣٦٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٩ ح ١.

(٢) النهاية الأثيرية ١ : ٢٢٤.

(٣) الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦.

(٤) الوسائل ٩ : ٣٢٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٥.

(٥) السرائر ١ : ٤٦٨.

(٦) أضفناه لاستقامة المعنى.

٤٠١

وتجب على الثاني على الحقّ ، وفاقا للحلّي والمعتبر (١) ؛ للعمومات السالمة عن المعارض.

وخلافا للمبسوط في الزوج والزوجة ، فأسقطها عنهما (٢) ؛ أمّا عن العائل فلإعساره ، وأمّا عن المعال فلعيلولته للغير.

ويردّ : بأنّه لا دليل على الإسقاط بعيلولة الغير ، إلاّ مع وجوب أداء الغير ، وهو هنا منفيّ ، وظاهره عدم الفرق بين إنفاق الزوج عليها وعدمه.

وفصل في المختلف بين إنفاقه عليها ، فأسقطها عنهما ؛ لما مرّ ، وبين عدمه فأوجبها عليها ؛ لانتفاء العيلولة الموجبة للسقوط عنها ، فتبقى العمومات الدالّة على وجوبها على كلّ مكلّف سالمة عن المعارض (٣).

وجوابه ظهر ممّا ذكر.

د : لو لم يخرج العائل مع وجوبها عليه لم تجب على المعال وإن كان غنيّا ؛ لتعلّق الخطاب بالعائل فلا يتعلّق بالمعال.

وكذا الحكم إذا كان العائل كافرا ؛ لتوجّه الخطاب إليه.

هـ : لو أخرجها المعال عن نفسه تبرّعا بغير إذن العائل لم تبرأ ذمّة العائل ، كما نصّ عليه في الخلاف والتحرير والروضة (٤) ، وغيرها ؛ لأصالة اشتغال ذمّته ، وتوجّه الخطاب إليه ، وتوقّف الإخراج على النيّة الغير المتصوّرة في حقّ المعال.

واستشكل في القواعد من الأصالة والتحمّل (٥) ، ولا محصّل له ، كما‌

__________________

(١) السرائر ١ : ٤٦٨ ، المعتبر ٢ : ٢٨٧.

(٢) المبسوط ١ : ٢٤١.

(٣) المختلف : ١٩٦.

(٤) الخلاف ٢ : ١٣٨ ، التحرير ١ : ٧١ ، الروضة ٢ : ٥٨.

(٥) القواعد ١ : ٦٠.

٤٠٢

ذكره المحقّق الشيخ عليّ (١).

وهل تسقط عن العائل لو أخرجها المعال بإذنه؟

صرّح جماعة بالسقوط (٢) ، وعن الخلاف : نفي الخلاف عنه (٣) ؛ واستدلّ له بأنّه مع الإذن يكون كالمخرج.

واستشكل بأنّه عبادة ، فلا تصحّ عن غير من وجبت عليه ، إلاّ إذا كان بالوكالة في الأداء من مال الموكّل.

وهو في محلّه ، بل الظاهر عدم السقوط إلاّ أن يوكّله بقبول قدر الفطرة له ثمَّ إخراجه عنه.

ولا دلالة في رواية جميل بالسقوط ؛ لأنّ الظاهر من أمر العيال بالإخراج : إخراجهم من مال المعيل.

و : لو كان العبيد بين شركاء ، فإن كان لكلّ منهم رأس وجبت على كلّ منهم فطرة ، وكذا لو كان لواحد منهم رأس ، ولو كانت حصّة كلّ أو بعضهم أقلّ من رأس فلا فطرة عليه ، وفاقا للصدوق والمدارك والذخيرة (٤).

لرواية زرارة المصرّحة بذلك (٥) ، وللأصل أيضا ، فإنّه لم يثبت من الأخبار وجوب فطرة أقلّ من رأس على شخص.

خلافا للأكثر ، فأوجبوها مطلقا على كلّ بقدر حصّته ؛ للعمومات. وشمولها لذلك ممنوع.

هذا إذا عاله الجميع بقدر الحصّة ، وإن عاله واحد فتجب فطرته عليه.

المسألة الخامسة : لا شكّ في وجوب فطرة الرضيع ؛ للإجماع ،

__________________

(١) جامع المقاصد ٣ : ٤٥.

(٢) منهم العلاّمة في المنتهى ١ : ٥٣٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٥.

(٣) الخلاف ٢ : ١٣٨.

(٤) الفقيه ٢ : ١١٩ ، المدارك ٥ : ٣٢٩ ، الذخيرة : ٤٧٤.

(٥) الفقيه ٢ : ١١٩ ـ ٥١٢ ، الوسائل ٩ : ٣٦٥ أبواب زكاة الفطرة ب ١٨ ح ١.

٤٠٣

وإطلاقات الصغير المتقدّمة ، ورواية إبراهيم بن محمّد الهمداني ، وفيها : « والفطرة عليك وعلى الناس كلّهم ، ومن تعول من ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، حرّ أو عبد ، فطيم أو رضيع » (١) الحديث.

ولا في عدم وجوبها على أبيه أو جدّه لو تكفّل مئونة إرضاعه ؛ لصدق العول ، بل وكذا كلّ من يكفلها.

ولا في وجوبها إذا كانت مئونة إرضاعه من ماله.

وإنّما الإشكال فيما لو تبرّعت امّه بالإرضاع ، كما هو الشائع في تلك الأزمان ، فهل تجب فطرته على امّه ، أو على أبيه المنفق على امّه؟

وأشكل منه لو لم ينفق أبوه على امّه أيضا.

والأحوط : إخراجهما معا.

المسألة السادسة : لا تجب فطرة الجنين‌ إجماعا ؛ له ، وللأصل .. إلاّ إذا تولّد قبل الغروب ، فتجب حينئذ ؛ لدخوله تحت الصغير والرضيع.

ولو تولّد بعده وقبل الزوال لم تجب على الأظهر الأشهر ؛ لصحيحة ابن عمّار : عن مولود ولد ليلة الفطر عليه الفطرة؟ قال : « لا ، قد خرج الشهر » (٢) ، ونحوها روايته (٣).

نعم ، يستحبّ إخراج فطرته ؛ للمرويّ في التهذيب مرسلا : « إن ولد قبل الزوال تخرج عنه الفطرة » (٤).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٩ : ٣٤٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ١٧٢ ـ ١٢ ، التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٧ ، الوسائل ٩ : ٣٥٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١١ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ١١٦ ـ ٥٠٠ ، الوسائل ٩ : ٣٥٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١١ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٩ : ٣٥٣ أبواب زكاة الفطرة ب ١١ ح ٣.

٤٠٤

البحث الثالث

في جنسها وقدرها‌

وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : اختلف الأصحاب في الجنس الواجب إخراجه عن الفطرة :

فمنهم من اقتصر على الأربعة الزكويّة ، كعليّ بن بابويه في رسالته ، وولده في مقنعة وهدايته (١) ، والعماني في متمسّكه (٢).

ومنهم من خصّ بخمسة : الأربعة مع الذرة ، كما عن الإسكافي والحلبي والحلّي (٣) (٤) ، أو مع الأقط ، كصاحب المدارك (٥).

ومنهم من جعله ستّة : الخمسة الاولى مع الأقط ، كما مال إليه في الذخيرة (٦) ، أو الخمسة الثانية مع اللبن ، كالسيّد (٧).

ومنهم من حصره في سبعة : الستّة الأخيرة مع الأرز ، كما في الخلاف والمبسوط (٨) وجماعة (٩).

ومنهم من جعله من القوت الغالب ، إمّا من الأجناس السبعة ،

__________________

(١) نقله عن علي بن بابويه في المختلف : ١٩٧ ، المقنع : ٦٦ ، الهداية : ٥١.

(٢) نقله عنه في المختلف : ١٩٧.

(٣) نقله عنهم في المدارك ٥ : ٣٣٢.

(٤) في « ق » زيادة : وهؤلاء وإن ذكروا السلت أيضا ، إلاّ أنه شعير أيضا.

(٥) المدارك ٥ : ٣٣٣.

(٦) الذخيرة : ٤٧٠.

(٧) كما في الجمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٨٠.

(٨) الخلاف ٢ : ١٥٠ ، المبسوط ١ : ٢٤١.

(٩) كابن حمزة في الوسيلة : ١٣١.

٤٠٥

كطائفة (١) ، أو مطلقا ، كاخرى (٢).

ومنهم من اعتبر غلبة القوت في غير الأجناس المذكورة ، وأمّا فيها فاكتفى بالإطلاق ، ومرجعه التخيير بين الأمرين ، وهو الأشهر ، سيّما بين المتأخرين.

وبالجملة : فلهم اختلاف شديد في المقام ، بل اختلفت كلمات الحاكين للأقوال أيضا.

ومنشأ الاختلاف في المسألة : اختلاف أخبارها ، فإنّها بين مكتف بذكر اثنين : الحنطة والتمر ، كصحيحة الحلبي (٣).

أو ثلاثة : الحنطة والتمر والزبيب مطلقا ، كصحيحة صفوان (٤).

أو الأولين مع الشعير ، كصحيحتي الفضلاء السبعة (٥) وابن سنان (٦) ورواية منصور بن خارجة (٧).

والأول والثالث مع الشعير ، كصحيحة ابن وهب (٨) ورواية سلمة (٩).

__________________

(١) منهم الشيخ في النهاية : ١٩٠ ، والقاضي في المهذب ١ : ١٧٤ ، والديلمي في المراسم : ١٣٥.

(٢) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦٠٥ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٣٦.

(٣) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٣ ، الاستبصار ٢ : ٤٧ ـ ١٥٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٢.

(٤) التهذيب ٤ : ٧١ ـ ١٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٤٩ ، الوسائل ٩ : ٣٢٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٥ ، الاستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٧ ، الوسائل ٩ : ٣٣٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٢.

(٧) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٦ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٣.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٣ ـ ٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٩ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٨.

(٩) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٧ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٧ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٩.

٤٠٦

أو الأول والرابع مع الأقط ، كرواية ابن المغيرة (١).

أو أربعة ، هي الأربعة الأولى ، كصحيحتي البجلي (٢) وسعد بن سعد (٣) ورواية ابن سنان (٤).

أو الأخيرة ، كصحيحة القدّاح (٥).

أو غير الأول من الأربعة الاولى مع الذرة ، كصحيحة الحذّاء (٦).

أو خمسة : هي الأربعة الاولى مع الذرة ، كرواية الفضلاء الثلاثة (٧).

ومتضمّن لإيجاب ما اقتاته المزكّي وتغذّى به عياله ، أو ما اقتاته أهل بلده ، كصحيحة ابن مسكان (٨) ومرسلة يونس (٩) ورواية الهمداني (١٠) ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٥٠ ، الوسائل ٩ : ٣٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٣.

(٢) الرواية بهذا النص عن الحلبي ، ولم نعثر على هكذا رواية للبجلي ، لا حظ التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١١.

(٣) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٢ ، التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٤٨ ، الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٨٦ ـ ٢٥٠ ، الوسائل ٩ : ٣٣٠ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١٢.

(٥) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣١ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٥ ، الوسائل ٩ : ٣٣٠ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١١.

(٦) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٨ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٠.

(٧) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٤٣ ـ ١٣٩ ، الوسائل ٩ : ٣٣٨ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٧.

(٨) التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢١ ، الاستبصار ٢ : ٤٣ ـ ١٣٧ ، الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ١.

(٩) التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٦ ، الوسائل ٩ : ٣٤٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ٤.

(١٠) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ٢.

٤٠٧

وتعضدهما صحيحة ابن عمّار المثبتة للأقط لأصحاب الإبل والبقر والغنم (١).

وجميع تلك الأقسام ـ غير الأخير ؛ لعدم دلالتها على وجوب ما تضمّنته ، بل على كفايته وإجزائه ، كما لا يخفى على الفقيه الخبير ـ لا تعارض بعضها بعضا.

نعم ، تتعارض هذه الأقسام مع القسم الأخير بالعموم من وجه ؛ لدلالتها على إجزاء ما تضمّنته مطلقا ، سواء كان قوتا غالبا أو لا ، ودلالته على تعيّن القوت الغالب ، سواء كان أحد الأجناس أو لا.

وتوهّم عدم التعارض ؛ لأنّ ورود خصوص الأجناس لأنّ الغالب عدم خروج القوت الغالب عنها.

فاسد ؛ إذ القوت الغالب للغالب لا يخرج عن الجميع ، وأمّا عن كلّ واحد فالعيان يشهد بخلافه ، فإنّ أهل عراق العجم والري ليس قوتهم تمرا ، كما أنّ أهل النجد ليس زبيبا ، مع أنّها تدلّ على إجزاء كلّ واحد مطلقا ، فالتعارض متحقّق ، فاللازم المحاكمة ، ومقتضاها الحكم بالتخيير في موضع التعارض ، فيه الحكم وعليه الفتوى ، فيتخيّر المكلّف بين إخراج أحد الأجناس الخمسة ، وبين إخراج قوته الغالب لو كان غيرها.

لا يقال : مقتضى مفهوم الشرط في صحيحة محمّد : « الصدقة لمن لا يجد الحنطة والشعير يجزئ عنه القمح والعدس والذرة نصف صاع من ذلك كلّه ، أو صاع من تمر أو زبيب » (٢) ، ومرسلة الفقيه : « من لم يجد الحنطة والشعير أجزأ عنه القمح والسلت والعدس والذرة » (٣) عدم إجزاء‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٣٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٥١ ، الوسائل ٩ : ٣٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٥ ، الاستبصار ٢ : ٤٧ ـ ١٥٦ ، الوسائل ٩ : ٣٣٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٣.

(٣) الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٤ ، الوسائل ٩ : ٣٤٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ٥.

٤٠٨

الذرة إلاّ مع عدم وجدان الحنطة والشعير.

لأنّا نقول : مقتضاه عدم إجزاء كلّ واحد من المذكورات ، وهو لا ينافي أجزاء واحد منها.

فروع :

أ : هل المعتبر في القوت الغالب قوت المزكّي ، أو بلده الذي فيه ليلة الفطر ، أو وطنه؟

مقتضى الخبرين الأولين من القسم الأخير : الأول ، ومقتضى الثالث : أحد الأخيرين ، بل الأخير.

وحمل الأولين على الغالب ـ لتلازم الغلبتين في الأغلب ـ ليس أولى من العكس لذلك ، وإذ لا ترجيح فالوجه التخيير في ذلك أيضا.

ب : لا يعتبر في القوت الغالب أن يكون من أحد الأجناس الخمسة ، ولا فيها أن يكون من القوت الغالب ؛ للإطلاق.

ج : لا يجوز إخراج قدر الفطرة من الدقيق أو الخبز عوضا للجنس ، ولكنّه يجوز من القوت الغالب.

والحاصل : أنّه على الاقتصار على الأجناس لا يكفي الدقيق والخبز ؛ لعدم صدق الجنس.

وأمّا على ما اخترناه من كفاية القوت الغالب يكفيان من جهته ؛ للصدق.

ولا يضرّ في الدقيق افتقاره إلى العجن والطبخ ؛ لأنّ الحاجة على هذا القدر من العمل لا تخرجه عن القوت الغالب عرفا.

د : أفضل ما يخرج : التمر والزبيب ، وفاقا لكثير ، منهم : الشيخان والقاضي في الكامل والحلّي وابن حمزة والشرائع والنافع والتذكرة والإرشاد‌

٤٠٩

والقواعد والتبصرة والدروس والبيان واللمعة والروضة (١).

للشهرة ، وصحيحة هشام : « التمر في الفطرة أفضل ؛ لأنّه أسرع منفعة ، وذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه » (٢) ، وهي دالّة على الأول بالصراحة ، وعلى الثاني بعموم العلّة.

مضافا في الأول إلى غيرها من المستفيضة ، كصحيحة الحلبي المتقدّمة في المسألة الثالثة من البحث الثاني (٣) ، ورواية ابن سنان السالفة في الفرع الأول من المسألة الأولى منه (٤) ، وموثّقة إسحاق بن عمّار (٥) ، وروايتي منصور (٦) والشحّام (٧) ، وفيها : « لأن أعطي صاعا من تمر أحبّ إليّ من أن اعطي صاعا من ذهب في الفطرة » ، ومرسلة الفقيه ، وفيها قريب ممّا ذكر أيضا (٨).

والأول أفضل من الثاني ، وفاقا لجميع من ذكر ، وجمع آخر ، منهم : العماني والصدوقان (٩) ؛ لأكثريّة رواياته وصراحتها ، ولقوله في صحيحة‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٢٥١ ، والطوسي في النهاية : ١٩٠ ، والحلي في السرائر ١ : ٤٦٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٣١ ، الشرائع ١ : ١٧٤ ، النافع ١ : ٦١ ، التذكرة ١ : ٢٤٩ ، الإرشاد ١ : ٢٩١ ، القواعد ١ : ٦١ ، التبصرة : ٤٩ ، الدروس ١ : ٢٥١ ، البيان : ٣٣٥ ، اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٥٩.

(٢) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٥ ، التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٨ ، الوسائل ٩ : ٣٥١ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٨.

(٣) انظر ص : ٣٩٨.

(٤) انظر ص : ٣٩٤.

(٥) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٧ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٦ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٣.

(٧) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٩ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٦.

(٨) الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٤ ، الوسائل ٩ : ٣٥١ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٧.

(٩) اختاره الصدوق في المقنع : ٦٦ ، ونقله عن الصدوقين والعماني في المختلف : ١٩٧.

٤١٠

الحلبي ـ بعد ذكر الأجناس الأربعة ـ : « التمر أحبّ ذلك إليّ » ، وكذا في رواية ابن سنان بدون لفظة ذلك.

خلافا في الأول للمحكيّ عن الديلمي ، فجعل الأفضل الأعلى قيمة ؛ لكونه أنفع للفقير (١).

ويردّه : منع إيجابه للأفضليّة ؛ لصريح ما جعل التمر أفضل من الذهب.

وعن الخلاف ، فجعله القوت الغالب (٢) ؛ لرواية الهمداني المعيّنة لأهل كلّ قطر ما يقتاتونه (٣) ، وما بمعناها من الروايات (٤) ، بحملها على الاستحباب ؛ إمّا للإجماع على عدم الوجوب كما قيل (٥) ، أو للجمع بين الروايات.

وفيه ـ مع أنّ الوجهين لا يعيّنان الحمل المذكور لإمكان التخيير كما قلنا ، وأنّه لا يكافئ ما صرّح بأفضليّة ما ذكر ـ : أنّه يحصل الجمع بالحمل على الفضيلة بالنسبة دون الأفضليّة من الجميع ، بأن يكون أفضل من غيرهما كما فعله جماعة ، فجعلوا القوت الغالب أفضل بعدهما (٦). وهو كان حسنا لو لا إمكان الجمع بالتخيير.

وفي الثاني للمحكيّ عن القاضي في المهذّب ، فجعل الزبيب مساويا‌

__________________

(١) المراسم : ١٣٥.

(٢) الخلاف ٢ : ١٥٠.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ٢.

(٤) الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٨.

(٥) المدارك ٥ : ٣٣٩.

(٦) منهم المحقق في الشرائع ١ : ١٧٤ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٦١ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة ٢ ) : ٥٩.

٤١١

للتمر ؛ لمساواته العلّة (١).

ويردّه التصريح في التمر بالأفضليّة ، كما مرّ.

هـ : يجوز إخراج القيمة من أحد هذه الأجناس ، بلا خلاف يعرف كما في الذخيرة (٢) ، بل مطلقا كما في المنتهى (٣) ، بل بالإجماع كما في السرائر والمدارك والمفاتيح (٤) ، وعن الخلاف والغنية والتذكرة والمختلف (٥) ، بل هو إجماع محقّقا ؛ له ، وللمستفيضة ، كالموثّقات الأربعة لإسحاق بن عمّار وروايته.

وفي إحداها : « لا بأس بالقيمة في الفطرة » (٦).

وفي الأخرى : « ولا بأس أن يعطى قيمة ذلك فضّة » (٧).

وفي الثالثة : ما تقول في الفطرة ، يجوز أن أؤدّيها فضّة بقيمة هذه الأشياء التي سمّيتها؟ قال : « نعم ، إنّ ذلك أنفع له ، يشتري ما يريده » (٨).

وفي الرابعة : فما ترى أن نجمعها ونجعل قيمتها ورقا ونعطيها رجلا واحدا مسلما؟ قال : « لا بأس » (٩).

__________________

(١) المهذب ١ : ١٧٥.

(٢) الذخيرة : ٤٧٥.

(٣) المنتهى ١ : ٥٣٨.

(٤) السرائر ١ : ٤٦٩ ، المدارك ٥ : ٣٣٦ ، المفاتيح ١ : ٢١٧.

(٥) الخلاف ٢ : ١٥٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٠٧ ، التذكرة ١ : ٢٤٩ ، المختلف : ١٩٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٨٦ ـ ٢٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٧ ، الوسائل ٩ : ٣٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٩.

(٧) الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٤ ، الوسائل ٩ : ٣٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ١٠.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٦ ـ ٢٥١ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٦ ، الوسائل ٩ : ٣٤٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٦.

(٩) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٦ ، الوسائل ٩ : ٣٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٤ بتفاوت.

٤١٢

وفي الخامسة : « لا بأس أن تعطيه قيمتها درهما » (١).

وصحيحتي عمر بن يزيد ، الأولى : يعطى الرجل الفطرة دراهم ثمن التمر والحنطة يكون أنفع لأهل بيت المؤمن؟ قال : « لا بأس ».

والثانية : تعطى الفطرة دقيقا مكان الحنطة ، قال : « لا بأس ، يكون أجر طحنه بقدر ما بين الحنطة والدقيق » (٢).

وظاهر أنّ المراد الإعطاء بالقيمة لا أصالة ، كما يدلّ عليه قوله : « يكون أجر طحنه » إلى آخره ، فإنّه لو كان أصالة للزم الإتمام صاعا ، وزيادة ما نقص باعتبار الطحن.

وصحيحة ابن بزيع : بعثت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام بدراهم لي ولغيري ، وكتبت إليه أخبره أنّها من فطرة العيال ، فكتب عليه‌السلام بخطّه : « قبضت » (٣).

ورواية المروزي : « إن لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة ، والصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم » (٤).

ورواية [ أبي ] (٥) عليّ بن راشد : عن الفطرة ـ إلى أن قال ـ : « لا بأس بأن يعطي ويحمل ثمن ذلك ورقا » (٦).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٨ ، الوسائل ٩ : ٣٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٣٢ ـ ١٠٤١ ، الوسائل ٩ : ٣٤٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٤ ـ ٢٢ ، التهذيب ٤ : ٩١ ـ ٢٦٦ ، بزيادة : وقبلت ، الفقيه ٢ : ١١٩ ـ ٥١٣ ، الوسائل ٩ : ٣٤٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٨٧ ـ ٢٥٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٩ ، الوسائل ٩ : ٣٤٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٧.

(٥) أثبتناه من المصدر ، لأن الرواية عن محمّد بن عيسى ، ولم تثبت روايته عن علي ابن راشد.

(٦) الكافي ٤ : ١٧٤ ـ ٢٣ ، التهذيب ٤ : ٩١ ـ ٢٦٤ ، الوسائل ٩ : ٣٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٢.

٤١٣

والمرويّ في المقنعة مرسلا : عن القيمة مع وجود النوع ، قال : « لا بأس » (١).

ثمَّ إنّه لا فرق في جواز إخراج القيمة بين إمكان إخراج عين الأجناس وعدمه ، على الأظهر الموافق لصريح جماعة (٢) ؛ للإطلاقات ، وخصوص رواية المقنعة.

وظاهر الشيخ في النهاية والديلمي وابن حمزة الاقتصار على عدم الإمكان (٣). وهو محجوج بما مرّ.

ولا في القيمة بين النقدين وغيرهما من الأجناس ، وفاقا لصريح المبسوط والمختلف (٤) ، بل الأكثر ، كما تنادي به تصريحاتهم بجواز إخراج ما عدا الأجناس المخصوصة بالقيمة ؛ لصحيحة عمر بن يزيد الثانية .. ونفي دلالتها ـ كما في الحدائق (٥) ـ غير جيّد ؛ إذ قيام الأجر مقام الكسر لا يكون إلاّ بالقيمة.

خلافا للمحكيّ عن ظاهر الحلّي والأردبيلي (٦) ويميل إليه كلام بعض المتأخّرين ، فخصّوا بالنقدين أو خصوص الفضّة (٧) ؛ لأنّ النقدين هو المتبادر من القيمة ، ولا أقلّ من احتمال الخصوصيّة ، فلا تحصل بغيره البراءة ؛ وللتقييد في سائر الأخبار ، الموجب لتقييد المطلق إن كان.

ويجاب : بعدم دلالة شي‌ء من الأخبار على لزوم الانحصار ، غايتها‌

__________________

(١) المقنعة : ٢٥١.

(٢) منهم الحلّي في السرائر ١ : ٤٦٨ ، وصاحبي الحدائق ١٢ : ٢٨٨ ، والرياض ١ : ٢٩١.

(٣) النهاية : ١٩١ ، المراسم : ١٣٥ ، الوسيلة : ١٣١.

(٤) المبسوط ١ : ٢٤١ ، المختلف : ١٩٨.

(٥) الحدائق ١٢ : ٢٩٠.

(٦) السرائر ١ : ٤٦٨ ، مجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٢٥٩.

(٧) كصاحب الرياض ١ : ٢٩١.

٤١٤

ذكر المقيّد ، وهو لا يدلّ على لزوم التقييد ، فتبقى الصحيحة بلا معارض.

ثمَّ على ما اخترناه من عدم اختصاص القيمة بالنقد ، هل يجوز إخراج أقلّ من صاع من أحد الأجناس المذكورة بعوض صاع من آخر أرخص منه ، أم لا؟

المحكيّ عن المختلف : الأول (١).

وعن البيان : الثاني (٢) ، واختاره في الذخيرة والمفاتيح (٣). وهو لأقرب ؛ لأنّ أخبار القيمة متضمّنة للنقد ، سوى صحيحة عمر بن يزيد ، وهي أيضا مخصوصة بغير هذه الأجناس ، والقول بالفصل متحقّق ، فليس على إجزاء مثل تلك القيمة دليل ؛ مع أنّه ورد في روايات كثيرة أنّ ذلك من عمل عثمان أو معاوية (٤) ، مؤذنا بكونه بدعة.

ولا تقدير في القيمة على الأصحّ ، كما ذهب إليه الأكثر ، بل المرجع القيمة السوقيّة ؛ للأصل ، وظاهر الأخبار.

وأمّا رواية إسحاق (٥) ، فلا دلالة فيها على التقدير بالدرهم الواحد ؛ إذ المراد بالدرهم جنسه ، ولو سلّم فيمكن حملها على اختلاف الأسعار ، فينزّل على أنّ قيمتها وقت السؤال ذلك.

وأمّا ما رواه في المقنعة : عن قدر القيمة ، فقال : « درهم في الغلاء والرخص » (٦) فلضعفه لا يدفع ما مرّ. ولذا صرّح جماعة بأنّ القول‌

__________________

(١) حكاه عنه في الدروس ١ : ٢٥١ ، المدارك ٥ : ٣٣٧ ، وهو في المختلف : ١٩٩.

(٢) البيان : ٣٣٧.

(٣) الذخيرة : ٤٧٥ ، المفاتيح ١ : ٢١٨.

(٤) الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٥ ، الاستبصار ١ : ٥٠ ـ ١٦٨ ، الوسائل ٩ : ٣٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ١١.

(٦) المقنعة : ٢٥١.

٤١٥

بتقديرها درهما أو أربعة دوانيق مجهول القائل والمستند (١).

المسألة الثانية : القدر الواجب من الأجناس المذكورة في زكاة الفطرة : صاع ، بالإجماع المحقّق ، والمحكيّ في كلام جماعة (٢) ؛ له ، وللروايات المستفيضة من الصحاح وغيرها ، كالصحاح السبع : للجمّال (٣) ، والحذّاء (٤) ، والقدّاح (٥) ، والأشعري (٦) ، والحلبي (٧) ، وابن وهب (٨) ، ومحمّد بن عيسى (٩) ، والروايات العشر : للهمداني (١٠) ، والمروزي (١١) ،

__________________

(١) منهم العلاّمة في المختلف : ١٩٨ ، والشهيد في المسالك ١ : ٦٥ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٩١.

(٢) منهم صاحب المدارك ٥ : ٣٣٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢١٨ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٩١.

(٣) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ١١٤ ـ ٤٩١ ، التهذيب ٤ : ٧١ ـ ١٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٤٩ ، الوسائل ٩ : ٣٢٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٨ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٠.

(٥) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣١ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٥ ، الوسائل ٩ : ٣٣٠ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١١.

(٦) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٢ ، التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٤٨ ، الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١.

(٧) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٣ ، الاستبصار ٢ : ٤٧ ـ ١٥٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٢.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٣ ـ ٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٩ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٨.

(٩) التهذيب ٤ : ٨٧ ـ ٢٥٧ ، الاستبصار ٢ : ٥١ ـ ١٧٠ ، الوسائل ٩ : ٣٣٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٦.

(١٠) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٨ ح ٢.

(١١) التهذيب ٤ : ٨٧ ـ ٢٥٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٩ ، الوسائل ٩ : ٣٤٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٧.

٤١٦

والشحّام (١) ، وسلمة (٢) ، وابن المغيرة (٣) ، وجعفر بن معروف (٤) ، وياسر (٥) ، وإبراهيم بن أبي يحيى (٦) ، وابن سنان (٧) ، ومنصور (٨).

وأمّا الأخبار (٩) المتضمّنة لنصف الصاع من الحنطة أو غيرها فهي موافقة للعامّة ، محمولة على التقيّة ، كما صرّح به طائفة من الأجلّة (١٠) ، ونطقت به المستفيضة ، بأنّه من بدع عثمان أو معاوية (١١) ؛ ومع ذلك كلّه مخالفة لأصالة بقاء شغل الذمّة.

ولا فرق في ذلك بين سائر الأجناس واللبن على الأظهر ، وفاقا لإطلاق أكثر القدماء ، كالمفيد والسيّد والخلاف والإسكافي والقاضي والحلبي وابن زهرة (١٢) ، وجمهور‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٩ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٦.

(٢) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٧ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٥٧ ، الوسائل ٩ : ٣٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٥٠ ، الوسائل ٩ : ٣٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٣.

(٤) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٢ ، الاستبصار ٢ : ٤٧ ـ ١٥٣ ، الوسائل ٩ : ٣٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٤.

(٥) التهذيب ٤ : ٨٣ ـ ٢٤١ ، الاستبصار ٢ : ٤٩ ـ ١٦١ ، الوسائل ٩ : ٣٣٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٥.

(٦) التهذيب ٤ : ٨٣ ـ ٢٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٨ ـ ١٦٠ ، الوسائل ٩ : ٣٣٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٧.

(٧) التهذيب ٤ : ٨١ ـ ٢٣٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١٢.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٦ ، الوسائل ٩ : ٣٥٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٠ ح ٣.

(٩) الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦.

(١٠) منهم الشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٦ ، والفيض في المفاتيح ١ : ٢١٨ ، وصاحب الوسائل ٩ : ٣٣٦.

(١١) الوسائل ٩ : ٣٣٢ أبواب زكاة الفطرة ب ٦.

(١٢) المفيد في المقنعة : ٢٥٠ ، السيد في الجمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٨٠ ، الخلاف ٢ : ١٤٨ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١٩٨ ، القاضي في شرح جمل العلم والعمل : ٢٦٧ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٦٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٨.

٤١٧

المتأخّرين (١) ، بل قيل : من غير خلاف يعرف بينهم عدا شاذّ (٢) ؛ لعموم بعض الأخبار المتقدّمة أو إطلاقه ، واستصحاب شغل الذمّة.

وخلافا للمحكيّ عن المبسوط والمصباح ومختصره والاقتصاد والجمل والنهاية والتهذيب والاستبصار ظاهرا والحلّي وابن حمزة والشرائع والنافع والتذكرة والتبصرة والهداية والإرشاد والتلخيص ونسبه في الإيضاح إلى كثير من الأصحاب ، فاكتفوا في اللبن بأربعة أرطال ، أو ستّة (٣) ؛ لمرسلة القاسم بن الحسن : رجل بالبادية لا يمكنه الفطرة ، فقال : « يتصدّق بأربعة أرطال من لبن » (٤).

وفيه : أنّ مورد الخبر من لا يتمكّن من الفطرة ، وهو ظاهر في الفقير أو محتمل له ، فالتصدّق المذكور من باب الاستحباب.

وكون المورد من لا يتمكّن لأجل كونه في البادية غير معلوم ، غايته الاحتمال ، وهو غير مفيد ، ولو سلّم فيمكن أن يكون هذا إخراجا بالقيمة دون الأصالة ، وتكون قيمة أربعة أرطال من اللبن في ذلك الوقت مساوية لصاع من بعض الأجناس المذكورة.

__________________

(١) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٦٠٨ ، والشهيد في المسالك ١ : ٦٥.

(٢) الرياض ١ : ٢٩١.

(٣) المبسوط ١ : ٢٤١ ، المصباح : ٦١٠ ، الاقتصاد : ٢٨٤ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٨ ، النهاية : ١٩١ ، التهذيب ٤ : ٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٤٩ ، الحلي في السرائر ١ : ٤٦٩ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٣١ ، الشرائع ١ : ١٧٤ ، النافع : ٦١ ، التذكرة ١ : ٢٥٠ ، التبصرة : ٤٩ ، الهداية : ٥٢ ، الإرشاد ١ : ٢٩١ ، الإيضاح ١ : ٢١٤.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٤٣ ـ ١٣٨ ، الوسائل ٩ : ٣٤١ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ذيل ح ٣.

٤١٨

ثمَّ إنّ تحقيق الصاع قد مرّ في باب الزكاة.

فرع : لا يجوز إخراج صاع واحد من جنسين ، وفاقا للشيخ (١) وجماعة (٢) ، لا أصالة ولا قيمة.

أمّا الأول ، فلعدم ثبوت ذلك شرعا ، وإنّما الثابت أصالة صاع من جنس.

وأمّا الثاني ، فلما مرّ من عدم ثبوت هذا النوع من القيمة ، ووجود القول بالفصل.

خلافا في الأول للمختلف (٣) ، وفي الثاني للكيدري والمحقّق على ما حكي عنهما (٤) ؛ لوجوه ضعيفة.

__________________

(١) في المبسوط ١ : ٢٤١.

(٢) كالشهيد في الدروس ١ : ٢٥١ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٤ : ٢٥٦.

(٣) المختلف : ١٩٩.

(٤) حكاه عن الكيدري في المختلف : ١٩٩ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٦٠٨.

٤١٩

البحث الرابع

في وقتها‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : اختلفوا في مبدأ وجوبها ، فذهب الشيخان في المقنعة والعزّية والخلاف والنهاية والمبسوط والسيّد في الجمل والإسكافي والديلمي والحلبي والقاضي وابن زهرة : أنّه طلوع فجر يوم العيد ، واختاره صاحب المدارك من المتأخّرين (١).

واختار الشيخ في الجمل والاقتصاد والمصباح ومختصره والحلّي وابن حمزة والفاضلان والشهيدان ومعظم المتأخّرين : أنّه غروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان (٢).

دليل الأولين : أصالة عدم الوجوب ، واستصحابه إلى أن يحصل اليقين ، وهو ما بعد الفجر.

وصحيحة العيص : عن الفطرة متى هي؟ فقال : « قبل الصلاة يوم‌

__________________

(١) المقنعة : ٢٤٩ ، حكاه عن العزّية في الحدائق ١٢ : ٢٩٧ ، الخلاف ٢ : ١٥٥ ، النهاية : ١٩١ ، المبسوط ١ : ٢٤٢ ، الجمل : ١٢٦ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١٩٩ ، الديلمي في المراسم : ١٣٤ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٦٩ ، القاضي في شرح الجمل : ٢٦٧ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، المدارك ٥ : ٣٤٤.

(٢) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٩ ، الاقتصاد : ٢٨٤ ، المصباح : ٦١٠ ، الحلي في السرائر ١ : ٤٦٩ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٣١ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٦١١ ، العلاّمة في المنتهى ١ : ٥٣٩ ، الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢٥٠ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٥.

٤٢٠