مستند الشّيعة - ج ٧

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٧

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-82-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٢

فالحقّ المشهور وجوبهما عليه أيضا ، لعموماتهما ، ورواية القصّاب : أسهو في الصلاة وأنا خلف الإمام ، فقال : « إذا سلّم فاسجد سجدتين ولا تهب » (١).

وصحيحة عبد الرحمن : عن رجل يتكلّم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم ، قال : « يتمّ صلاته ثمَّ يسجد سجدتين » (٢).

فإنّ قوله : « أقيموا صفوفكم » يقرب كون المتكلّم مأموما ، ولو منع فتكون من العمومات أيضا ، وتدلّ على المطلوب بالعموم.

وتؤيده المستفيضة النافية لضمان الإمام كصحيحتي زرارة ، إحداهما : عن الإمام يضمن صلاة القوم؟ قال : « لا » (٣).

وفي الأخرى : « ليس على الإمام ضمان » (٤).

وصحيحة أبي بصير : أيضمن الإمام للصلاة؟ قال : « لا ليس بضامن » (٥).

وصحيحة ابن وهب : أيضمن الإمام صلاة الفريضة؟ فإنّ هؤلاء يزعمون أنّه يضمن ، فقال : « لا يضمن ، أيّ شي‌ء يضمن » (٦).

ورواية ابن كثير وفيها : « ليس يضمن الإمام صلاة من خلفه ، إنّما يضمن‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٤ ، الوسائل ٨ : ٢٤١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٦.

قال في الحدائق ٩ : ٢٨٦ : « ولا تهب » يحتمل أن يكون من المضاعف أي : لا تقم من مكانك حتى تأتي بهما .. ويحتمل أن يكون على بناء الأجوف ، وعلى هذا فيحتمل أن يكون المراد به عدم الخوف عليه من تشنيع الناس عليه بالسهو في الصلاة ، أو عدم الخوف من المخالفين للخلاف بينهم في ذلك. والله العالم.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٦ الصلاة ب ٤٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٩١ ـ ٧٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٨ ـ ١٤٣٣ ، الوسائل ٨ : ٢٠٦ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٤ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٧٧ الصلاة ب ٥٨ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ ـ ٧٦٩ ، الوسائل ٨ : ٣٥٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٠ ح ٤.

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٨ الصلاة ب ٥٩ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ ـ ٧٧٢ ، الوسائل ٨ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٦ ، التهذيب ٣ : ٢٧٩ ـ ٨١٩ ، الوسائل ٨ : ٣٥٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٠ ح ٢.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٧٧ ـ ٨١٣ ، الوسائل ٨ : ٣٧٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٦ ح ٦.

٢٢١

القراءة » (١).

خلافا في سجود السهو للمحكيّ عن السيّد والخلاف والمبسوط والمعتبر والذكرى (٢) ، فنفوها عن المأموم مطلقا ، ونقل الأول في المصباح ، والثاني عليه إجماع العلماء إلاّ مكحولا في القيام مع قعود الإمام (٣) ، له ، ولصحيحة حفص المتقدّمة (٤) ، حيث صرّح فيها بأنّه ليس على الإمام سهو ، ولا على من خلف الإمام سهو ، وسائر ما تضمّن ذلك المعنى.

ولما دلّ على أنّ الإمام ضامن.

ولرواية سهل السابقة (٥).

ولموثقتي عمار : إحداهما : عن الرجل سها خلف الإمام بعد ما افتتح الصلاة ، فلم يقل شيئا ولم يكبّر ولم يسبّح ولم يتشهد حتى يسلّم ، فقال : « قد جازت صلاته ، وليس عليه شي‌ء إذا سها خلف الإمام ولا سجدتا السهو ، لأنّ الإمام ضامن لصلاة من خلفه » (٦).

والأخرى : عن الرجل ينسى وهو خلف الإمام أن يسبّح في السجود أو في الركوع ، أو ينسى أن يقول بين السجدتين شيئا ، فقال عليه‌السلام : « ليس عليه شي‌ء » (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٤٧ ـ ١١٠٤ ، التهذيب ٢ : ٢٧٩ ـ ٨٢٠ ، الوسائل ٨ : ٣٥٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٠ ح ١.

(٢) حكاه عن السيد في المعتبر ٢ : ٣٩٥ ، الخلاف ١ : ٤٦٣ ، المبسوط ١ : ١٢٣ ، المعتبر ٢ : ٣٩٥ ، الذكرى : ٢٢٣.

(٣) الخلاف ١ : ٤٦٤.

(٤) في ص ٢٠٤.

(٥) كذا في النسخ ، ولكن لم يسبق منه (ره) ذكر الرواية المشار إليها ، والظاهر وقوع سهو من قلمه الشريف أو من النساخ ، ويشهد له أنّه (ره) لم يتعرّض لها في مقام الجواب.

(٦) الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٤ ، التهذيب ٣ : ٢٧٨ ـ ٨١٧ ، الوسائل ٨ : ٢٤٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٥.

(٧) الفقيه ١ : ٢٦٣ ـ ١٢٠٢ ، التهذيب ٣ : ٢٧٨ ـ ٨١٦ ، الوسائل ٨ : ٢٤٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٤.

٢٢٢

والجواب عن الأوّل : بعدم الحجية ، مع أنّ إرادة علماء العامة عنه محتملة ، بل هو الظاهر حيث عبّروا بالفقهاء ، المتعارف عندهم إرادة فقهاء العامة منها.

وعن الثاني : بعدم إمكان حمله على نفي سجدة السهو أو القضاء ، لنفي السهو عن الإمام أيضا. مع أنّهما ليس منفيين عنه قطعا ولا يقول المخالف بهما جزما. فيحتمل أن يكون المراد منه الشك أو معنى آخر ، بل قيل : إنّه مراد منه قطعا (١) ، فلا يمكن حمله على السهو أيضا لاستلزامه استعمال اللفظ في المعنيين ، إلاّ بعموم المجاز الذي هو مرجوح لندرته ، وإن كان راجحا لأقربيته ، إلاّ أنّ في إرادته منه قطعا تأملا ، وانتفاء الشك عنه لا يدلّ على أنه المراد هنا أيضا.

وعن الثالث : بمعارضته مع ما هو أكثر منه وأصحّ كما مرّ ، مع رجحان ما مرّ بمخالفة العامة كما تدلّ عليه صحيحة ابن وهب المتقدمة ، وصرّح به جمع من الخاصة (٢).

مضافا إلى أنّ المراد من ضمان الإمام غير معلوم ، وقد ذكروا فيه وجوها منها : ضمان القراءة كما يدلّ عليه بعض تلك الأخبار ، ومنها : ضمان الإخلال بالشرائط والأفعال ، فلو أخلّ الإمام كان ضامنا ، ومنها : ضمان الثواب والعقاب ، ومنها غير ذلك.

وعن الرابع : بمعارضته مع رواية القصّاب ، ورجحانها عليه بموافقة الأصحاب ومخالفة أكثر ذوي الأذناب ، فيحمل على التقية ، ويشهد لها التعليل بضمان الإمام الذي هو مذهب العامة.

وعن الخامس : بالقول بمضمونه ، لعدم وجوب سجدة السهو لما تضمنه.

وللمعتبر ، فنفى مع سجود السهو قضاء الأجزاء المنسية (٣) ، لبعض ما مرّ بجوابه.

__________________

(١) الرياض ١ : ٢٢١.

(٢) انظر : الذخيرة : ٣٧٠ ، والبحار ٨٥ : ٢٥٦ ، والحدائق ٩ : ٢٨٣ ، والرياض ١ : ٢٢١.

(٣) المعتبر ٢ : ٣٩٤.

٢٢٣

ولو اختصّ الإمام به ، فلا شكّ في تداركه مع بقاء المحلّ ، وقضائه ما يقضى منه بعده ، وإتيانه بسجدتي السهو فيما فيه سجدة.

وهل يتبعه المأموم فيها ، أم لا؟.

المشهور العدم ، للأصل.

وخلافا لصريح المبسوط وظاهر الخلاف (١) ، فيما إذا سها الإمام فيما اقتدى به المأموم ، دون ما لم يقتد به كما في الإمام السابق إذا سها في أول صلاته قبل لحوق المأموم.

ونقل ذلك القول عن جملة من أتباع الشيخ (٢) ، وجعله في الروضة الأحوط (٣). وظاهر الذخيرة التردّد (٤).

لما دلّ على وجوب المتابعة.

وموثّقة عمّار : عن الرجل يدخل مع الإمام وقد سبقه الإمام بركعة أو أكثر فسها الإمام ، كيف يصنع؟ فقال : « إذا سلّم الإمام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه ، وإذا قام وبنى على صلاته وأتّمها وسلّم سجد الرجل سجدتي السهو » (٥).

وأجيب عن الأول : بمنع ثبوت وجوبها إلاّ في نفس الصلاة ، وسجدة السهو خارجة عنها.

وعن الثاني : بالحمل على التقية ـ فإنّه مذهب أكثر العامّة (٦) ـ وعلى اشتراكهما في السهو.

والجواب عن الأوّل تام.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٢٤ ، الخلاف ١ : ٤٦٢.

(٢) انظر : البحار ٨٥ : ٢٥٣ ، والحدائق ٩ : ٢٨٥.

(٣) الروضة ١ : ٣٤٢.

(٤) الذخيرة : ٣٧٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٨ : ٢٤١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٧.

(٦) انظر : المغني ١ : ٧٣١ ، وبداية المجتهد ١ : ١٩٧ ، والام ١ : ١٣١ و ١٣٢.

٢٢٤

ويرد على الثاني أنّ موافقة العامّة تؤثّر مع وجود المعارض ، وأمّا بدونه فلا وجه للحمل على التقية. والحمل على الاشتراك بعيد في الغاية.

نعم ، هي على الوجوب غير دالّة فغاية ما يثبت منها الرجحان ، إلاّ أن يضمّ معها الإجماع المركّب حيث لا قول بالجواز بدون الوجوب في المسألة. فالقول بالوجوب لا يخلو عن قوّة.

ثمَّ الواجب متابعته هو فيما إذا كان السهو فيما أدركه المأموم ، فلو كان مسبوقا وسها الإمام قبل لحوقه لم تجب المتابعة ، كما صرّح به الشيخ في الكتابين.

وتدلّ عليه الموثقة ، لمكان لفظة الفاء في قوله « فسها » فإنّها تدلّ على أنّ السهو بعد دخول المأموم.

وكذا فيما علم المأموم أنّه سجد لسهو في تلك الصلاة وجوبا ، فلو احتمل كونها لصلاة أخرى وقد نسيها سابقا ، أو لأمر يوجبها في هذه الصلاة استحبابا لم تجب.

المسألة الثانية عشرة :

إن كانت الصلاة الواقع فيها الخلل نافلة ، فإن كان من عمد أو جهل ، فحكمها حكم الفريضة‌ إن كان نقصا أو زيادة غير مبطلة ، لموافقته الأصل الجاري في النافلة أيضا.

وأمّا إن كان زيادة مبطلة في الفريضة فلا دليل على إبطالها النافلة أيضا ، لاختصاص أخبار البطلان بالزيادة بالمكتوبة ، إمّا بصريحها أو لإيجاب الإعادة المنتفي في النافلة ، إلاّ أن يثبت الإجماع على البطلان كما هو المحتمل بل المظنون ، سيّما إن كان الزائد من الأركان.

وإن كان سهوا أو شكّا فقال في المدارك : لا فرق في مسائل السهو والشك بين الفريضة والنافلة إلاّ في الشك في الأعداد ، فإنّ الثنائية من الفريضة تبطل بذلك بخلاف النافلة ، وفي لزوم سجود السهو ، فإنّ النافلة لا سجود فيها بفعل‌

٢٢٥

ما يوجبه في الفريضة (١). انتهى.

واستجوده بعض آخر أيضا (٢).

أقول : تفصيل الكلام في المقام أن يقال : إنّ مقتضى أكثر عمومات أحكام السهو والشك المتقدمة في الفريضة أو إطلاقاتها ثبوت جميع ما مرّ من الأحكام ـ حتى قضاء الأجزاء المنسيّة وسجدة السهو ـ في النافلة أيضا وإن وردت بالألفاظ الدالّة على الوجوب ، إذ على ما اخترنا من حرمة قطع النافلة يتمشّى وجوب جميع هذه الأحكام سوى ما كان يوجب الإعادة من زيادة الأركان أو نقصها ، فإنّ الإعادة في النوافل لا تجب قطعا.

ومع ذلك روى الصيقل : في الرجل يصلّي الركعتين من الوتر يقوم فينسى التشهّد حتى يركع فتذكّر وهو راكع ، قال : « يجلس من ركوعه فيتشهّد ثمَّ يقوم فيتم » قال ، قلت : [ أليس قلت ] في الفريضة إذا ذكر بعد ما ركع مضى ثمَّ سجد سجدتين بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال : « ليس النافلة مثل الفريضة » (٣).

وهي صريحة في عدم البطلان بالزيادة سهوا ولو ركنا.

وتدلّ عليه أيضا صحيحة الحلبي : عن رجل سها في ركعتين من النافلة ولم يجلس بينهما حتى قام فركع في الثالثة ، قال : « يدع ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم ، ثمَّ يستأنف الصلاة بعد » (٤).

ومعنى قوله « ثمَّ يستأنف الصلاة » أي : يستأنف الركعتين الأخريين ، فإنّ المستفاد من قول السائل : ولم يجلس بينهما ، أنّه يريد فعل النافلة بعد هاتين الركعتين أيضا يبني على الركعة الزائدة ، لا أنه يستأنف الركعتين الأوليين.

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٧٤.

(٢) كما في الحدائق ٩ : ٣٤٦.

(٣) الكافي ٣ : ٤٤٨ ـ ٢٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٩ ـ ٧٥١ ، الوسائل ٦ : ٤٠٤ أبواب التشهد ب ٨ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

(٤) التهذيب ٢ : ١٨٩ ـ ٧٥٠ ، الوسائل ٨ : ٢٣١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٨ ح ٤.

٢٢٦

وتؤيده رواية زرارة : « لا تقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإنّ السجود زيادة في المكتوبة » (١).

فهذا هو الأصل في المسألة أي : شمول أحكام السهو والشك مطلقا للنوافل سوى البطلان بالزيادة سهوا ولو كان الزائد ركنا.

ولا يتوهم أنّ مقتضى رواية الصيقل وصحيحة الحلبي الرجوع إلى المسهوّ عنه ولو بعد دخول ركن آخر ، لأنّهما إنّما يختصان بمورد خاص نسلّمهما فيه ، ولا دليل على التعدّي إلى غيره.

إلاّ أنه خرج من الأصل حكمان في السهو وحكمان في الشك.

أما الأوّلان فوجوب قضاء الأجزاء المنسية وسجود السهو ، فلا يثبتان للنوافل ، لصحيحة محمّد : عن السهو في النافلة ، قال : « ليس عليك شي‌ء » (٢).

فإنّ معناها أنه لا يجب عليك شي‌ء باعتبار السهو ، والواجب لأجله القضاء وسجدة السهو ، فيكونان منفيين. ولو عورضت بها عموماتهما أيضا لرجعنا الى الأصل. ولا يتوهّم شمولها لغير الأمرين من أحكام السهو ، إذ ليس شي‌ء منها غيرهما مما وجب لأجل السهو.

ويؤيد المطلوب نفي السهو في النافلة في الصحيحة وغيرها (٣) ، الشامل للأمرين أو المختصّ بسجدة السهو. فلا وجه لما عن روض الجنان من إثبات سجدة السهو في النوافل أيضا (٤) ، مع أنّ ظاهر المنتهى والمدارك عدم الخلاف فيه (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٣ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ ـ ٣٦١ ، الوسائل ٦ : ١٠٥ أبواب القراءة ب ٤٠ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٩ الصلاة ب ٤٣ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٤٣ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٣٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٨ ح ١.

(٣) انظر : الوسائل ٨ : ٢٤١ أبواب الخلل ب ٢٤ ح ٨.

(٤) إنّ الموجود في الروض مخالف لما نسب إليه ، راجع ص ٣٥٣.

(٥) المنتهى ١ : ٤١٧ ، المدارك ٤ : ٢٧٤.

٢٢٧

وأما الثانيان فوجوب البناء على الأكثر في الشك في الركعات وصلاة الاحتياط فلا يثبتان في النافلة ، بل لا احتياط فيها ، ويتخيّر بين البناء على الأقلّ والأكثر.

أمّا الأول فللأصل ، واختصاص أكثر موجباته بالفرائض ، وإيجاب سقوط موجب السهو لسقوطه إمّا باعتبار شمول السهو له ، أو اختصاصه به ، أو بالطريق الأولى.

وأما الثاني فللإجماع المصرّح به في كلام جمع من الأصحاب (١).

مضافا في البناء على الأقلّ إلى الأصل ، ومرسلة الكافي : « إذا سها في النافلة بنى على الأقل » (٢).

وفي البناء على الأكثر إلى عدم وجوب النافلة بالشروع ، فله فيها ما أراد ، ونفي السهو في النافلة في الأخبار ، وعدم وجوب شي‌ء بالسهو الشامل للشك أو المختص به فيها ، كما في صحيحة محمد السابقة ، وعمومات البناء على الأكثر الشاملة للنوافل أيضا. ولا يضرّ تضمّنها لصلاة الاحتياط الغير الواجبة هنا ، لأنّ عدم وجوب جزء لا ينفي عموم جزء آخر.

أقول : أمّا الأصل في الأول مندفع بإيجابه في الموثقات الموجبة له عموما.

ومنه يظهر جواب الاختصاص المدّعى.

وإيجاب سقوط موجب السهو لسقوطه ممنوع ، لمنع شمول السهو له أو إرادته منه فيما لا قرينة فيه.

والأولويّة ممنوعة.

وعدم وجوب النافلة بالشروع الذي جعلوه دليلا للبناء على الأكثر في الثاني‌

__________________

(١) انظر : المعتبر ٢ : ٣٩٥ ، والتذكرة ١ : ١٣٨ ، والذخيرة : ٣٧٩ ، والحدائق ٩ : ٣٤٥ ، والرياض ١ : ٢٢٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٩ الصلاة ب ٤٣ ح ٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٨ ح ٢.

٢٢٨

ممنوع. ولو سلّم لا يفيد ، لأنّ الكلام في تحقق الامتثال وتحصيل ثواب النافلة بذلك لا في جواز قطعها.

ونفي السهو لا يدلّ على نفي الشك بدون قرينة على التجوّز فيه. ولو سلّم فلا يثبت منه جواز البناء على الأكثر أصلا.

ومنه يظهر عدم شمول عدم وجوب شي‌ء بالسهو للشك أيضا.

وعمومات البناء على الأكثر دالّة على الوجوب المنتفي هنا بالمرسل ، واستعمال اللفظ في المعنيين غير جائز ، وعموم المجاز فيها غير ثابت.

نعم ، الظاهر انعقاد الإجماع على الحكمين ، مضافا في جواز البناء على الأقلّ إلى المرسل المتقدم المنجبر بالعمل. ولا يثبت منه التعيين ، لعدم صراحته في الوجوب فيه.

وبالإجماع المذكور يخرج في الحكمين عن الأصل المتقدّم ، ويبقى سائر الأحكام باقية تحته. إلاّ أنّ البناء على الأقل هو الأحوط في تحصيل امتثال الأمر الندبي.

وبذلك يظهر ضعف ما قيل من انتفاء جميع أحكام الشك حتّى في الأفعال في النوافل ، استنادا إلى عموم روايات نفي السهو فيها ، لمنع الشمول.

وهل جواز البناء على الأكثر يعمّ ما لو استلزم فساد النافلة كما إذا شكّ في الزائد عن الركعتين ، أو يختص بما لم يستلزمه وإلاّ فيبني على الأقلّ؟.

الظاهر الثاني ، لما عرفت من انحصار دليل البناء على الأكثر في الإجماع ، الغير المعلوم ثبوته هنا البتة ، بضميمة حرمة إفساد النافلة.

٢٢٩

الفصل الخامس

في بقية مواضع سجدتي السهو

وفي بيان كيفيتهما ، وصلاة الاحتياط ، وحكم الشاكّ المتذكّر بعد الفراغ. وفيه أربع مسائل :

المسألة الأولى :

قد تقدم وجوب سجدتي السهو في موضعين : أحدهما : في نسيان التشهد الأول. والثاني : في الشك بين الأربع والخمس ، بل كلّما تعلّق الشك بالزائد عن الأربع.

وتجب في مواضع أخر أيضا :

منها : التكلم في أثناء الصلاة ناسيا ، وفاقا للعماني وعلي بن بابويه والمقنعة والعزّية والكافي (١) ، والمبسوط والنهاية والجمل والخلاف والاقتصاد (٢) ، وجمل السيد والفقيه (٣) ، والديلمي والحلبي والقاضي وابني حمزة وزهرة والحلّي (٤) ، والمعتبر‌

__________________

(١) حكاه عن العماني في المختلف : ١٤٠ ، المقنعة : ١٤٨ ، حكاه عن العزية في المختلف : ١٤٠ ، الكافي ٣ : ٣٦٠.

(٢) المبسوط ١ : ١٢٣ ، النهاية : ٩٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨٩ ، الخلاف ١ : ٤٥٩ ، الاقتصاد : ٢٦٧.

(٣) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٧ ، الفقيه ١ : ٢٣٢.

(٤) الديلمي في المراسم : ٩٠ ، الحلبي في الكافي : ١٤٨ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٥٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٠٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، الحلّي في السرائر : ٢٥٧.

٢٣٠

والجامع والنافع والشرائع (١) ، والمنتهى والمختلف والإرشاد والتبصرة بل سائر كتبه (٢) ، وشرحي القواعد والإرشاد لفخر المحققين (٣) ، والدروس والبيان والروضة (٤) ، وغير ذلك ، بل هو المشهور ، بل عن العماني نسبته الى آل الرسول (٥) ، وعن الغنية والمنتهى الإجماع عليه (٦).

لصحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة في مسألة الشك بين الاثنتين والأربع (٧).

( ولا يضرّ احتمالها إرادة التكلم في صلاة الاحتياط أو بينها وبين الأصل ، لإيجابه وجوبها للتكلم في الأصل بالطريق الأولى.

ولموثقة الساباطي : عن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ، ثمَّ ذكر من قبل أن يقدّم شيئا أو يحدث شيئا ، قال : « ليس عليه سجدة السهو حتى يتكلم بشي‌ء » (٨).

دلّت بمفهوم الغاية ـ الذي هو أقوى المفاهيم ـ على وجوب سجدة السهو بعد التكلم.

ولا يضرّ كون مورده القائم في محل القعود ، لعدم الفصل ، مع أنه يمكن أن يكون مرجع المجرور الرجل فيكون عاما. وتخصيص التكلم بشي‌ء بالفاتحة أو التسبيح ـ كما في الوافي (٩) ـ لا وجه له ) (١٠).

وصحيحة ابن الحجاج ، المتقدمة في مسألة اشتراك الإمام والمأموم في‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٩٦ ، الجامع للشرائع : ٨٦ ، النافع : ٤٥ ، الشرائع ١ : ١١٩.

(٢) المنتهى ١ : ٤١٧ ، المختلف : ١٤٠ ، الإرشاد ١ : ٢٧٠ ، التبصرة : ٣٧.

(٣) الإيضاح ١ : ١٤٢.

(٤) الدروس ١ : ٢٠٦ ، البيان : ٢٥١ ، الروضة ١ : ٣٢٧.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ١٤٠.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، المنتهى ١ : ٤١٧.

(٧) راجع ص ١٤٢.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٨ : ٢٥٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٢ ح ٢.

(٩) الوافي ٨ : ٩٩٣.

(١٠) ما بين القوسين لا توجد في « ق ».

٢٣١

السهو (١) ، وصحيحة الأعرج (٢) ، وموثقة سماعة (٣) ، الواردتين في سهو النبي وتكلّمه وسجوده سجدتين. إلاّ أنّ الثلاثة الأخيرة عن الصريح في الوجوب خالية ، فإنّما هي مؤيدة.

خلافا للمحكي عن الصدوقين (٤) ، فلم يوجباهما هنا ، ومال إليه في الذخيرة (٥) ، لصحيحة زرارة : في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم ، قال : « يتمّ ما بقي من صلاته ، تكلّم أم لم يتكلّم ، ولا شي‌ء عليه » (٦).

ومحمد : في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة ، فسلّم وهو يرى أنه قد أتمّ الصلاة وتكلّم ، ثمَّ ذكر أنه لم يصلّ ركعتين ، فقال : « يتمّ ما بقي من صلاته ولا شي‌ء عليه » (٧).

وصحيحة الفضيل وفيها : « وإن تكلّمت ناسيا فلا شي‌ء عليك » (٨).

ويردّ : بأنّ الشي‌ء أعمّ من الإثم والإعادة وسجدة السهو ، وما ذكرنا يختص بالأخير ، والخاصّ يقدّم على العام عند التعارض ، سيما مع موافقة الخاص لعمل الأكثر بل الإجماع المحقّق عند المحقّق ، لعدم قدح مخالفة من ذكر فيه ، مع أنّ مخالفة الصدوق غير واضحة.

__________________

(١) راجع ص : ١٢٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٧ الصلاة ب ٤٢ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٤٥ ـ ١٤٣٣ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٥ الصلاة ب ٤٢ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٣٤٦ ـ ١٤٣٨ ، الوسائل ٨ : ٢٠١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١١.

(٤) حكاه عنهما في المختلف : ١٤٠.

(٥) الذخيرة : ٣٧٩.

(٦) التهذيب ٢ : ١٩١ ـ ٧٥٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٨ ـ ١٤٣٤ ، الوسائل ٨ : ٢٠٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ٥.

(٧) التهذيب ٢ : ١٩١ ـ ٧٥٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٩ ـ ١٤٣٦ ، الوسائل ٨ : ٢٠٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ٩.

(٨) الفقيه ١ : ٢٤٠ ـ ١٠٦٠ ، التهذيب ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٠١ ـ ١٥٣٣ ، الوسائل ٧ : ٢٨٢ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٥ ح ٥.

٢٣٢

ثمَّ الظاهر عدم الفرق عندهم بين التكلم ناسيا أو ظانّا لخروجه عن الصلاة وإن تكلّم حينئذ عمدا ، وهو موافق لظاهر إطلاق الصحيحة والموثقة.

إلاّ أنّ صحيحة محمد النافية للشي‌ء عليه مختصة بالظانّ للخروج ، فيصير التعارض فيه بالعموم من وجه ، والأصل يرجّح العدم. فلو ثبت الإجماع المركب ـ كما يشعر به كلام الذخيرة (١) ـ فهو ، وإلاّ فللتوقف في وجوبها على الظانّ للخروج مجال واسع ، وأمر الاحتياط واضح.

ومنها : السلام في غير موضعه ، فأوجب المشهور فيه سجدتي السهو ، بل عن الغنية والمنتهى وظاهر المعتبر : الإجماع عليه (٢).

لأنّه كلام زيادة أو نقصان.

ولأنّه كلام غير مشروع في غير موضعه ، فتجب له السجدة لما مرّ.

ولموثّقة سماعة وصحيحة الأعرج ، الواردتين في تسليم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير موضعه وسجدته سجدة السهو.

وموثقة عمار : عن رجل صلّى ثلاث ركعات وظنّ أنها أربع فسلّم ، ثمَّ ذكر أنّها ثلاث ، قال : « يبني على صلاته ويصلي ركعة ويتشهد ويسلّم ويسجد سجدتي السهو » (٣).

وصحيحة العيص : عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ، ثمَّ ذكر أنه لم يركع ، قال : « يقوم فيركع ويسجد سجدتين » (٤).

ويرد على الأول : منع وجوب السجدة لكل زيادة ونقصان كما يأتي.

__________________

(١) الذخيرة : ٣٧٩.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، المنتهى ١ : ٤١٧ ، المعتبر ٢ : ٣٨١.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٥٠ ـ ١٤٥١ ، الوسائل ٦ : ٣١٥ أبواب الركوع ب ١١ ح ٣.

٢٣٣

[ وعلى الثاني ] (١) : أنّ المتبادر من التكلّم المأمور فيه بسجدة السهو غير ذلك.

وعلى البواقي : بعدم الدلالة على الوجوب ، مضافا إلى معارضة الموثقة الاولى والصحيحة بما دلّ على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يسجد سجدة السهو أصلا (٢) ، مع احتمال أن تكون سجدته ـ لو سجد ـ للتكلّم. واحتمال الموثقة الثانية أن يكون السجود للجلوس في غير موضعه أو زيادة التشهد ، والصحيحة أن يكون لأجل ذلك أيضا أو لنسيان الركوع.

إلاّ أنه يمكن أن يستدلّ للمطلوب برواية إسحاق بن عمار : « إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدأ في كلّ صلاة ، فاسجد سجدتين بغير ركوع » (٣).

فإنّ معناها : ذهب وهمك إلى التمام مطلقا ، خرج ما إذا لم يظهر خلافه ولم يحتمل الخلاف بالإجماع ، وبقي الباقي ، فيشمل المطلوب أيضا. وتخصيصها بمن غلب على ظنّه التمام واحتمل النقص لا وجه له.

والرضوي المنجبر ضعفه بما مرّ : عن رجل سها في الركعتين من المكتوبة ، ثمَّ ذكر أنه لم يتمّ صلاته ، قال : « فليتمّها وليسجد سجدتي السهو » (٤).

فإنّ الظاهر من قوله : « فليتمّها » التسليم في غير موضعه ، ولو سلّم عدم الاختصاص فيشمله قطعا. ولم يزد هنا جلوس ولا تشهد ، لوجوبهما في الركعتين.

فاحتمال كون السجدة لهما ـ كما قيل (٥) ـ باطل. والجلوس للتسليم لو كان موجبا لها لكان المطلوب ثابتا بالكلية ، غاية الأمر أنّك تقول إنّ السجدة لجلوس التسليم لا نفسه ، وهو سهل.

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.

(٢) انظر : الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١٧.

(٣) التهذيب ٢ : ١٨٣ ـ ٧٣٠ ، الوسائل ٨ : ٢١١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٧ ح ٢.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٢٠ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٤٠٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١.

(٥) الحدائق ٩ : ٣١٧ ، لكنه اختار ظهور الرواية في المطلوب ، فراجع.

٢٣٤

وبهاتين الروايتين يخصّص عموم صحيحة محمد المتقدمة ، وبعض الإطلاقات الأخر ، والروايات المتضمنة لبعض أحكام من سلّم في غير موضعه من غير تعرض لسجدة السهو.

فالخلاف في المسألة ، كصريح الكليني وعن علي بن بابويه وولده في المقنع (١) ، وهو ظاهر العماني والمفيد والسيد والديلمي وابني زهرة وحمزة (٢) ، ومال إليه بعض المتأخّرين (٣) ، غير جيّد. والله سبحانه هو المؤيّد.

ومنها : القيام في موضع القعود أو بالعكس ، أوجبها لهما الصدوق والسيّد والديلمي والحلبي والحلي والقاضي وابني حمزة وزهرة والفاضل في التبصرة والشهيد في اللمعة (٤) ، لأنه زيادة في الصلاة ، ولرواية القصاب المتقدمة في مسألة سهو المأموم (٥) ، حيث دلّت على وجوب سجدة السهو لمطلق السهو ، والمورد منه.

وموثقة الساباطي : عن السهو ، ما تجب فيه سجدة السهو؟ قال : « إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبّحت ، أو أردت أن تسبح فقرأت ، فعليك سجدتا السهو » (٦) الحديث.

__________________

(١) الكليني في الكافي ٣ : ٣٦٠ ، حكاه عن علي بن بابويه في المختلف : ١٤٠ ، وولده في المقنع : ٣١ ـ ٣٣.

(٢) حكاه عن العماني في المختلف : ١٤٠ ، المفيد في المقنعة : ١٤٧ ـ ١٤٨ ، السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٣٧ ، الديلمي في المراسم : ٩٠ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٠٢.

(٣) كالسبزواري في الذخيرة : ٣٧٩.

(٤) الصدوق في الأمالي : ٥١٣ ، السيد في الجمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٣٧ ، الديلمي في المراسم : ٩٠ ، الحلبي في الكافي : ١٤٨ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٥٧ ، القاضي في المهذب ١ : ١٥٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٠٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٦ ، التبصرة : ٣٧ ، اللمعة ( الروضة ١ ) : ٣٢٧.

(٥) راجع ص ٢٢٠.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٨ : ٢٥٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٢ ح ٢.

٢٣٥

ولا يضادّها قوله في هذه الرواية : عن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ، ثمَّ ذكر من قبل أن يقدّم شيئا أو يحدث شيئا ، قال : « ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم ».

لأنّ المراد منه قبل استتمام القيام وحصوله.

وصحيحة معاوية بن عمار : عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود ، أو يقعد في حال قيام ، قال : « يسجد سجدتين بعد التسليم ، وهما المرغمتان يرغمان الشيطان » (١).

خلافا للمنقول عن العماني والإسكافي وعلي بن بابويه والكليني والشيخين والمحقق وصاحب الجامع (٢) ، والفاضل في جملة من كتبه منها المنتهى (٣) ، وغيرهم ، للأصل ، وموثقة سماعة : « من حفظ سهوه فأتمّه فليس عليه سجدتا السهو ، إنما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها » (٤).

ورواية محمد بن علي الحلبي : عن الرجل يسهو في الصلاة فنسي التشهد ، فقال : « يرجع ويتشهد » قلت : أيسجد سجدتي السهو؟ فقال : « ليس في هذا سجدتا السهو » (٥).

وصحيحة أبي بصير : عن رجل نسي أن يسجد واحدة فذكرها وهو قائم ، قال : « يسجدها إذا ذكرها ولم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٧ الصلاة ب ٤٢ ح ٩ ، الوسائل ٨ : ٢٥٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٢ ح ١.

(٢) حكاه عن العماني والإسكافي وعلي بن بابويه في المختلف : ١٤٠ ، الكليني في الكافي ٣ : ٣٦٠ ، المفيد في المقنعة : ١٤٧ ـ ١٤٨ ، الطوسي في المبسوط ١ : ١٢٣ ، والخلاف ١ : ٤٥٩ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٣٩٩ ، الجامع للشرائع : ٨٦.

(٣) المنتهى ١ : ٤١٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٥ الصلاة ب ٤١ ح ٤ ، الوسائل ٨ : ٢٣٩ أبواب الخلل ب ٢٣ ح ٨.

(٥) التهذيب ٢ : ١٥٨ ـ ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ـ ١٣٧٦ ، الوسائل ٦ : ٤٠٦ أبواب التشهد ب ٩ ح ٤.

٢٣٦

انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو » (١).

والصحاح وغيرها المتكثرة الواردة في نسيان السجدة الواحدة أو التشهد قبل تجاوز المحلّ وبعده ، الخالية عن ذكر سجدتي السهو الظاهرة في عدم وجوبهما ، مع أنّ في بعضها الأمر بهما في التشهد أو السجدة بعد تجاوز المحلّ ، ولم يتعرض لهما قبله ، والتفصيل قاطع للشركة.

أقول : عدم ذكر السجدة للسهو في مقام السؤال عن حكم سهو السجدة ، أو التشهد ـ لو دلّ على عدم وجوبهما ـ لدلّ عليه لأجل سهو السجدة أو التشهد ، وهو لا ينافي وجوبهما لأمر آخر مقارن له.

ومنه يظهر ضعف الاستناد إلى التفصيل ، فإنّه إنّما هو في بيان حكم نسيان السجدة والتشهد. وكذا ضعف الاستناد إلى صحيحة أبي بصير ورواية الحلبي.

كما يظهر ضعف الاستناد إلى الدليل الأول (٢) بما يأتي من عدم وجوبهما لكل زيادة.

فما يصلح مستندا لنفي الوجوب ليس إلاّ الأصل وعموم الموثقة. وهما كافيان في المسألة ، إذ ليس فيها شي‌ء يصلح لمعارضتهما سوى إطلاق رواية القصاب ، إذ ليس إلاّ ما مرّ. والصحيحة الأخيرة منه غير دالّة على الوجوب ، وكذا الموثّقة المتقدّمة عليها ، لاشتمالها على القراءة في موضع التسبيح التي لا تجب لها سجدة سهو قطعا ، فإخراج الدالّ عليه عنه لازم ، واستعمال اللفظ في معنييه غير جائز.

والإطلاق المذكور وإن عارض العموم المتقدم إلاّ أنّ العموم أرجح ، لمخالفته العامة حيث إنّ القول بالوجوب هنا منقول عن أبي حنيفة والشافعي‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٨ ـ ١٠٠٨ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ـ ٥٩٨ ، الوسائل ٦ : ٣٦٥ أبواب السجود ب ١٤ ح ٤.

(٢) أي : الدليل الأوّل لوجوب السجدتين ، وهو الزيادة في الصلاة.

٢٣٧

وأتباعهما (١). ولو لا الترجيح لكان يرجع إلى الأصل أو التخيير ، وهما أيضا كافيان لنفي الوجوب.

ومنها : كلّ زيادة ونقصان غير مبطل ، نقله في الخلاف عن بعض الأصحاب (٢) ، ونسب إلى ظاهري التهذيب والاستبصار (٣) ، واختاره الفاضل في جملة من كتبه منها التحرير (٤) ، وولده في شرحي القواعد والإرشاد (٥) ، والشهيد الأوّل في اللمعة والذكرى (٦) ، مع أنّه قال في الدروس : ولم أظفر بقائله ولا بمأخذه (٧) ، والثاني في روض الجنان (٨) ، وحكاه في التحرير والروضة عن الصدوق (٩) ، وكأنه ـ كما قيل ـ لإيجابه إياها في صورة الشك في الزيادة والنقصان (١٠) ، فيقول به مع اليقين بالطريق الأولى أيضا.

لرواية سفيان السمط : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك ونقصان » (١١).

ولما دلّ على وجوبهما بالشّك في الزيادة أو النقصان ففي اليقين أولى.

ويردّ الأوّل : بعدم الدلالة على الوجوب.

والثاني : بمنع الأولوية لو ثبت الحكم في الأصل.

__________________

(١) انظر : بدائع الصنائع ١ : ١٦٤ ، والامّ ١ : ١٢٨ ، والمحلّى ٤ : ١٦٠.

(٢) الخلاف ١ : ٤٥٩.

(٣) انظر : التهذيب ٢ : ١٥٥ ، والاستبصار ١ : ٣٦١.

(٤) التحرير ١ : ٥٠.

(٥) الإيضاح ١ : ١٤٢.

(٦) اللمعة ( الروضة ١ ) : ٣٢٧ ، الذكرى : ٢٢٩.

(٧) الدروس ١ : ٢٠٧.

(٨) الروض : ٣٥٤.

(٩) التحرير ١ : ٥٠ ، الروضة ١ : ٣٢٧.

(١٠) الرياض ١ : ٢٢٢.

(١١) التهذيب ٢ : ١٥٥ ـ ٦٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ ـ ١٣٦٧ ، الوسائل ٨ : ٢٥١ أبواب الخلل ب ٣٢ ح ٣.

٢٣٨

ولذا ذهب الأكثر ـ كما صرّح به جماعة (١) ـ إلى عدم الوجوب. وهو الأقوى ، للأصل المؤيّد بل المدلول عليه بجملة من الأخبار النافية لسجدة السهو في مواضع تحقق فيها أحد الأمرين ، منها موثقة الساباطي : عن الرجل ينسى الركوع أو ينسى سجدة ، هل عليه سجدتا السهو؟ قال : « لا » (٢).

ويتمّ المطلوب بعدم الفصل.

فرع :

لو جلس بعد السجدة الثانية في الاولى والثالثة ولم يتشهد ، قيل : صرف إلى جلسة الاستراحة‌

ولا سجود له واجبا أو مستحبا (٣).

وقيل : إن جلس بقدر التشهد يسجد (٤).

وقيل : إن جلس بقصد التشهد يسجد وإن جلس بقصد الاستراحة لا يسجد وإن طال (٥). وهو أجود الأقوال. وإن جلس لا عن قصد يصرف إلى الاستراحة.

ومنها : الشك في أنّه زاد أو نقص ، نسب إلى الخلاف والمختلف (٦) ، ومال إليه في روض الجنان (٧) ، واختار المفيد في العزيّة وجوبهما إن لم يدر زاد سجدة أو نقص سجدة ، أو نقص ركوعا أو زاد ركوعا.

__________________

(١) منهم السبزواري في الذخيرة : ٣٨١ ، والكفاية : ٢٧ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١٥٢ ، وصاحبا الحدائق ٩ : ٣٢٦ والرياض ١ : ٢٢٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٨ أبواب الخلل ب ٢٣ ح ٥.

(٣) انظر : الذكرى : ٢٣٠.

(٤) نسبه الشيخ (ره) في الخلاف ١ : ٤٥٩ ، الى من قال من أصحابنا بوجوب سجدتي السهو في كلّ زيادة ونقصان.

(٥) انظر : الحدائق ٩ : ٣٣٩.

(٦) الخلاف ١ : ٤٦٠ ، المختلف : ١٤١.

(٧) الروض : ٣٥٤.

٢٣٩

لصحيحة الفضيل المتقدمة (١) ، وصحيحة زرارة : « إذا شكّ أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أم نقص ، فليسجد سجدتين وهو جالس » (٢).

وصحيحة الحلبي : « إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا ، أم نقصت أم زدت ، فتشهد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، يتشهد فيهما تشهّدا خفيفا » (٣).

ولا يخفى أنّ تلك الأخبار يحتمل أحد المعاني الثلاثة :

أحدها : أن يكون المعنى إذا شكّ في الزيادة وعدمها أو في النقيصة وعدمها فتجب سجدة السهو لكل منهما.

وثانيها : أن يكون المراد إذا شكّ في أنّ الواقع هل هو زيادة أو نقص مع القطع بوقوع أحدهما فتجب السجدة.

وثالثها : أن يكون المراد إذا شكّ في أنّه هل وقع زيادة أو نقص أو لم يقع شي‌ء منهما تجب السجدة ، فيشترط على هذا اجتماع احتمال الزيادة والنقص.

وظهورها في بعض هذه المعاني وإن ادّعي ولكنه ليس ظهورا يليق للاتّكال ويتمّم الاستدلال ، فلذلك يحصل فيها الإجمال المانع عن الاحتجاج.

ولعلّه لأجل ذلك لم يذهب إلى مدلولها غير شاذّ نادر ، وهو أيضا أحد وجوه ضعفها المسقط لحجّيتها ، سيّما مع خلوّ أخبار أحكام الشكّ عن ذكرها ، فعدم الوجوب هو الأقوى.

وقد وردت سجدة السهو في بعض مواضع أخر في بعض الروايات ، ولكنّها لعدم القول بها أو شذوذه لا تصلح لإثبات الحكم المخالف للأصل بل لإطلاق‌

__________________

(١) لا يخفى أنّه لم تتقدم صحيحة الفضيل وقد تقدمت موثقة سماعة في ص : ٢٣٦ ، ومتنها موافق للصحيحة ، انظر : الوسائل ٨ : ٢٣٨ أبواب الخلل ب ٢٣ ح ٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٤ الصلاة ب ٤١ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ ـ ١٠١٩ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ ـ ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ ـ ١٤٤١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٤.

٢٤٠