مستند الشّيعة - ج ٧

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٧

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-82-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٦٢

مقام البيان ـ عن ذكر القضاء.

ويجاب عنه : بكفاية صحيحة ابن سنان لدفع الأصل.

ولا يضرّ عدم القائل بعمومها ، إذ يخرج منها ما خرج بالدليل.

ولا الإيراد بخروج الأكثر منها ، لمنعه. مع أنّه لو كان لم يضرّ ، لكون العموم فيها إطلاقيا.

وبعدم دلالة خلوّ بعض الأخبار عنه على العدم ، إذ لعلّه كان معلوما.

فالحقّ مع المشهور.

وأمّا وجوب سجدتي السهو له ، فهو أيضا الحقّ المشهور بين الأصحاب ، وعن الخلاف الإجماع عليه (١) ، ونفى بعض الأصحاب الخلاف فيه (٢).

وتدلّ عليه صحيحة الحلبي المتقدّمة (٣) ، المتأيّدة بصحاح أخر.

ولا ينافيها حديث محمّد الحلبي السابقة (٤) ، لأنّها إمّا فيما إذا تذكّر قبل الركوع بدليل قوله : « يرجع فيتشهّد » أو في التشهّد الأخير.

وقد ينسب الخلاف فيه إلى العماني والجمل والاقتصاد وأبي الصلاح (٥) ، ولعلّه لبعض العمومات الواجب تخصيصه بما مرّ.

والظاهر اختصاص سجدة السهو بالتشهّد الأوّل ، لأنّه مورد الأخبار. وأمّا الأخير فلا دليل عليه ، وعدم الفصل غير ثابت. كيف؟! وقد قيّد المفيد في العزيّة والشيخ في المبسوط والخلاف (٦) التشهّد ـ الواجب لنسيانه السجدة ـ بالأوّل. وهو ظاهر المقنعة والكافي وجمل السيّد (٧) ، بل كلّ من قيّد نسيانه بقوله : حتى يركع.

__________________

(١) الخلاف ١ : ٤٥٣.

(٢) كما في المدارك ٤ : ٢٤٢.

(٣) في ص : ١٠٤.

(٤) في ص : ١١١.

(٥) حكاه عن العماني في المختلف : ١٤٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨٨ ، الاقتصاد : ٢٦٧ ، أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٤٩.

(٦) حكاه عن المفيد في المختلف : ١٤٠ ، المبسوط ١ : ١٢٢ ، الخلاف ١ : ٤٥٣.

(٧) المقنعة : ١٤٨ ، الكافي ٣ : ٣٦١ ، حكاه عن جمل السيّد في شرحه للقاضي : ١٠٧.

١٢١

وصرّح بعضهم بأنّ محلّ البحث هو الأوّل ، قال في الحدائق : أمّا صحيحة محمّد فموردها التشهّد الأخير ، ومحلّ البحث في الأخبار وكلام الأصحاب هو الأوّل (١).

وأمر الاحتياط ظاهر.

فروع :

أ : تقضى أبعاض التشهّد أيضا‌ ، لإطلاق الصحيحين.

ومن المتأخّرين من فرّق بين إحدى الشهادتين وبين أبعاضها ، فحكم بالقضاء في الأوّل ، إذ تصدق عليه الشهادة ، دون الأخير ، للأصل (٢).

وضعفهما ظاهر.

وإذا قضى البعض لا يضمّ إليه غيره إلاّ ما توقّف تمام المعنى عليه.

ب : لا يضرّ تخلّل الحدث ونحوه بين السلام وبين شي‌ء ممّا يقضى ، للأصل.

ج : المراد بالقضاء في الأجزاء المنسيّة الإتيان بها بعد الصلاة‌ ، سواء كان في وقتها أو في خارجه. ولا تعتبر فيه نيّة القضاء ، ولا وقت الصلاة ، ولا الفوريّة ، جميع ذلك للأصل.

د : لا يجب الترتيب بين الأجزاء المنسيّة ولا بينها وبين سجود السهو لها ، أو لغيرها‌ ، لإطلاق الأدلّة ، والأصل الخالي عن المعارض.

ومنهم من أوجبه في بعض ما ذكر (٣). ولا دليل عليه.

__________________

(١) الحدائق ٩ : ١٥٤.

(٢) كما في الروضة ١ : ٣٢٥.

(٣) انظر : الذكرى : ٢٢٩.

١٢٢

الفصل الثاني

في الخلل الواقع بالزيادة سهوا

وفيه مسائل :

المسألة الاولى :

من زاد تكبيرة الإحرام ، أو الركوع ، أو السجدتين بطلت صلاته‌ ، بلا خلاف أجده ، وبه صرّح جماعة (١) ، بل هو إجماعي ، له ، وللقاعدة المتقدّمة.

ومنه ظهر البطلان بزيادة الركعة أيضا ، بأن يزيدها قبل التسليم مطلقا ، بعد التشهّد أو قبله ، كما هو المتّفق عليه ـ على ما حكاه جماعة منهم الفاضلان والشهيد (٢) ، وغيرهم (٣) ـ إذا لم يجلس عقيب الرابعة بقدر التشهّد ، وعلى المشهور إذا جلس أيضا وإن قلنا بعدم جزئيّة التسليم.

لصدق الزيادة عرفا ما لم يتمّ الصلاة ، مضافا إلى رواية الشحام : « عن الرجل صلّى العصر ستّ ركعات ، أو خمس ركعات ، قال : إن استيقن أنّه صلّى خمسا أو ستّا فليعد » (٤).

خلافا للمحكي عن الإسكافي والمعتبر والتحرير والمختلف ، بل المنتهى (٥) ، فلا إعادة إن جلس في الرباعيّة بقدر التشهّد وإن لم يتشهّد.

__________________

(١) كصاحب المدارك ٤ : ٢٢٣ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٥ ، وصاحب الرياض ١ : ٢١٢.

(٢) المحقق في المعتبر ٢ : ٣٨٠ ، العلامة في التحرير ١ : ٤٩ ، الشهيد في الذكرى : ٢١٩.

(٣) كالسبزواري في الذخيرة : ٣٥٩.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٥٢ ـ ١٤٦١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٥.

(٥) حكاه عن الإسكافي في الذكرى : ٢١٩ ، المعتبر ٢ : ٣٨٠ ، التحرير ١ : ٤٩ ، المختلف : ١٣٥ ، المنتهى ١ : ٤٠٩.

١٢٣

وجعله المحقق أحد قولي الشيخ (١) ، ونسبه في المنتهى إلى التهذيب (٢) ، وفيه تأمّل واضح.

دليلهم : أنّ نسيان التشهّد غير مبطل ، فإذا جلس بقدره فقد فصل بين الفرض والزيادة ، ولصحيحتي زرارة (٣) ، وجميل (٤) ، ورواية محمّد (٥).

ويضعّف الأوّل : بأنّ الفصل بالجلوس لا يقتضي عدم وقوع الزيادة.

والخبران : بمرجوحيّتهما عمّا مرّ ، لمخالفته العامّة ، فإنّ أكثرهم ، بل جميعهم على الصحّة مع زيادة الركعة سهوا ، ورواياتهم بها ناطقة متضافرة ، وإن اختلفوا في اشتراط الجلوس بقدر التشهّد وعدمه ، وأبو حنيفة وأتباعه على الأوّل (٦) ، والباقون على الثاني ، والموافقته شهرة الأصحاب.

وبأنّ المراد فيهما من الجلوس بقدر التشهّد التشهّد ، لشيوع مثل ذلك ، وندور تحقّق الجلوس بهذا القدر من دون الإتيان به.

أقول : تضعيف الأوّل وإن كان قويّا ، إلاّ أنّه يرد على أوّل التضعيفين للخبرين : بأنّ التعارض إنّما هو بالعموم والخصوص المطلقين ، وتلك الأخبار أخصّ مطلقا. وليس بناؤهم حينئذ على الرجوع إلى المرجّحات ، لعدم التعارض حقيقة ، بل الخاص قرينة معيّنة لمعنى العام ، فلا تفيد مخالفة أحدهما للعامة ، أو موافقته للشهرة ، إلاّ أنّ تصل الشهرة إلى حدّ شذوذ خلافها ، وهو في ذلك المقام غير معلوم.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٨٠.

(٢) المنتهى ١ : ٤٠٩.

(٣) التهذيب ٢ : ١٩٤ ـ ٧٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ ـ ١٤٣١ ، الوسائل ٨ : ٢٣٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٩ ـ ١٠١٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ٦.

(٥) التهذيب ٢ : ١٩٤ ـ ٧٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ ـ ١٤٣٠ ، ورواها في المقنع : ٣١ مرسلة ، الوسائل ٨ : ٢٣٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ٥.

(٦) انظر : المغني ١ : ٧٢١.

١٢٤

والثاني : بأنّه مجاز لا يصار إليه إلاّ بقرينة ، والندرة المدّعاة حتى في صورة السهو ، وكونها واصلة حدّ صلاحية القرينة ممنوعة ، والاستعمال في خبر أو خبرين ـ كما قيل ـ لا يوجب ثبوت الشيوع.

مع أنّ مقتضى ذلك الجواب الصحّة بالزيادة بعد التشهّد قبل التسليم وإن قلنا بوجوبه وجزئيّته ، ولا يقول به بعض المجيبين بهذا الجواب ، وإن حكي عن بعض آخر.

فهو على ذلك خلاف آخر في المسألة مستندا إلى هذا الحمل.

ويردّ : بأنّ حمله على ذلك خلاف ظاهر اللفظ وإن عبّر عن التشهّد بالجلوس في بعض الأخبار (١). فإنّ كان الاستناد إليه فهو غير صالح له ، وإن كان إلى شمول الجلوس بقدر التشهّد للتشهّد أيضا ، فيثبت الحكم فيه أيضا ، فالعمل به فرع العمل بأصله ، وهو القول بالصحّة مع الجلوس مطلقا ، فيكون صحيحا على ذلك القول ، وإلاّ فهو دلالة تبعيّة تنتفي بانتفاء متبوعها.

نعم يكون لذلك القول وجه على المختار من عدم جزئيّة التسليم ، حيث إنّه تتمّ الصلاة بالتشهّد.

مع أنّ فيه أيضا نظرا ، لصدق زيادة الركعة عرفا ما لم يتحقّق الانصراف عن الصلاة بالتسليم أو صارف آخر ، فلو لا الأخبار المذكورة لكان الحكم بالبطلان حينئذ أيضا متّجها ، إلاّ أنّ معها يثبت اغتفار الزيادة. هذا.

ثمَّ إنّ ما ذكرناه إنّما هو إذا تذكّر بعد الركوع الخامس ، أمّا لو تذكّر قبله فلا تبطل الصلاة أصلا ، بل يجلس ويتمّها.

وعلى القول بالصحّة إذا جلس بقدر التشهّد مطلقا هل ينسحب حكمه إلى زيادة أكثر من ركعة وإلى زيادة الركعة في غير الرباعيّة؟.

فيه وجهان ، أظهرهما العدم إن اختصّ المستند بالصحيحتين. والانسحاب إن استند إلى تماميّة الصلاة وعدم صدق الزيادة.

__________________

(١) انظر : الوسائل ٦ : ٤٠٢ أبواب التشهد ب ٧ ح ٣ و ٤.

١٢٥

المسألة الثانية :

قالوا : تبطل الصلاة بزيادة القيام المتّصل بتكبيرة الإحرام ، أو الركوع ، لكونه ركنا.

وفيه : أنّه لا دليل على البطلان بزيادة خصوص الركن ، إلاّ أن يوجّه بأنّ سبب الإبطال القاعدة المتقدّمة ، خرج منها غير الركن بالإجماع ، فيبقى الباقي.

ولكن المسألة قليلة الجدوى جدّا ، إذ لو لم يجتمع مع التكبير ، أو الركوع لم يكن مقارنا له ، فلا يكون ركنا ، ولو اجتمع تفسد بزيادة التكبير أو الركوع.

المسألة الثالثة :

لا تبطل الصلاة بزيادة غير ما ذكر سهوا‌ ، بالإجماع ، فهو الحجّة فيه ، مضافا في النيّة إلى عدم ثبوت جزئيّتها ، وعدم صدق الزيادة في الصلاة بزيادتها ، وفي غيرها إلى الأخبار الواردة في الموارد الخاصّة ، كأخبار سهو النبي الدالّة على عدم البطلان بزيادة التشهّد والتسليم (١) ، وأخبار أخر دالّة عليه أيضا (٢) ، والأخبار الواردة في حكم التسليم في غير موضعه ، الدالّة على عدم البطلان بزيادته (٣) ، وأخبار سجدة السهو لمن قام أو قعد في غير موضعهما ، الدالّة على عدم البطلان بزيادة القيام والقعود (٤) وما صرّح بأنّه لا تعاد الصلاة من سجدة (٥) إلى غير ذلك.

فائدة :

إذا سها الإمام أو المأموم ، أو كلاهما ، فيأتي حكمه‌ في الفصل الرابع من المبحث الآتي ، بعد بيان حكم شكّ الإمام والمأموم.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ٤ و ٧ و ١١.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ٢ و ٩ و ١٤.

(٣) الوسائل ٨ : ١٩٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣.

(٤) الوسائل ٨ : ٢٤٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٦.

(٥) الوسائل ٦ : ٣١٩ أبواب الركوع ب ١٤.

١٢٦

المبحث الرابع

في الشك والظنّ ، وبيان سائر مواضع سجدة السهو ، وكيفيّتها ، وكيفيّة صلاة الاحتياط ، وحكم الشاكّ المتذكّر بعد الفراغ من الصلاة. ثمَّ الشك إمّا يتعلّق بأعداد الركعات ، أو بغيرها ، فهاهنا فصول :

الفصل الأوّل

في حكم الشك في أعداد الركعات

وفيه مسائل :

المسألة الاولى :

من شكّ في عدد الفريضة الثنائيّة‌ يوميّة كانت ، أو غيرها بطلت صلاته ، وكذا الثلاثيّة ، بلا خلاف ، كما قيل (١) ، بل بإجماع غير الصدوق ، كما في المنتهى (٢) ، بل مطلقا ، كما عن الخلاف والاستبصار والانتصار والسرائر (٣) ، وجعله في الأمالي من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به (٤) ، فهو الدليل في المسألة.

مضافا إلى المستفيضة كصحيحة الحلبي (٥) ، وروايتي عنبسة (٦) ،

__________________

(١) الحدائق ٩ : ١٦٢.

(٢) المنتهى ١ : ٤١٠.

(٣) الخلاف ١ : ٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٢ ، الانتصار : ٤٨ ، السرائر ١ : ٢٤٥.

(٤) الأمالي : ٥١٣.

(٥) التهذيب ٢ : ١٨٠ ـ ٧٢٣ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ـ ١٣٩٦ ، الوسائل ٨ : ١٩٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٥.

(٦) التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ـ ١٣٩٣ ، الوسائل ٨ : ١٩٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ملحق بالحديث ٥.

١٢٧

وحفص (١) : « إذا شككت في المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد ».

ورواية موسى بن بكر : « في صلاة المغرب إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك » (٢).

وموثّقة سماعة : في صلاة الغداة ، قال : « إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين فأعد الصلاة من أوّلها ، والجمعة أيضا إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة ، لأنّها ركعتان ، والمغرب إذا سها فيها ، فلم يدر كم ركعة صلّى فعليه أن يعيد الصلاة » (٣).

وعموم التعليل فيها يثبت الحكم في جميع الثنائيّات ، بل يدلّ عليه عموم قوله : « إذا لم تدر .. » وخصوص السؤال لا يخصّص الجواب.

ويدلّ على عمومه أيضا ما دلّ على وجوب الإعادة إذا شكّ بين الواحدة والاثنتين ، كحسنة محمّد (٤) ، ورواية الجعفي وابن أبي يعفور (٥) ، وغيرهما.

وأمّا موثّقتا عمّار ، الواردتان في المغرب والفجر (٦) ، الدالّتان على صحّة الصلاة ، فيسلّم ويضيف إليها ركعة ، فلا تعارضان ما مرّ ، لعدم فتوى أحد من‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٠ الصلاة ب ٣٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٧٨ ـ ٧١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ـ ١٣٩٠ ، الوسائل ٨ : ١٩٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٩ ، الوسائل ٨ : ١٩٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٩.

(٣) التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧٢٠ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ـ ١٣٩٤ ، الوسائل ٨ : ١٩٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٨.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥١ الصلاة ب ٣٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ـ ١٣٩١ ، الوسائل ٨ : ١٨٩ أبواب الخلل ب ١ ح ٧.

(٥) التهذيب ٢ : ١٧٦ ـ ٧٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ـ ١٣٧٩ ، الوسائل ٨ : ١٩١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٦.

(٦) الاولى : التهذيب ٢ : ١٨٢ ـ ٧٢٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧١ ـ ١٤١٢ ، الوسائل ٨ : ١٩٦ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ١١.

الثانية : التهذيب ٢ : ١٨٢ ـ ٧٢٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ ـ ١٣٩٧ ، الوسائل ٨ : ١٩٦ أبواب الخلل ب ٢ ح ١٢.

١٢٨

الطائفة بمضمونهما ، مع أنّهما موافقتان لجمع من العامّة ، كما عن الوسائل (١).

خلافا للمحكي عن الصدوق ، فخيّر بين الإعادة ، والبناء على الأقلّ في الموضعين ، كما قيل (٢) ، أو في الثلاثيّة فقط مع الرباعيّة مطلقا كما ذكره بعض آخر (٣) ، وإن أنكر بعض المتأخّرين النسبتين (٤).

جمعا بين ما مرّ وبين ما دلّ على وجوب البناء على الأقلّ مطلقا ، كرواية إسحاق بن عمّار (٥) ، وصحيحتي عبد الرحمن بن الحجاج (٦) ، وزرارة (٧) ، أو إذا لم يدر واحدة صلّى أم ثنتين أو ثلاثة ، كصحيحة ابن يقطين (٨) ، أو إذا لم يدر واحدة صلّى أم ركعتين ، كصحيحتي ابن أبي العلاء (٩) ، ورواية ابن أبي يعفور (١٠).

ويجاب عنها : بأنّ الجمع فرع حجيّة الطرفين. وليس هنا كذلك ، لضعف أخبار المخالف بالشذوذ جدّا.

مع أنّه على التعارض تتعارض أخبارنا بالأشهرية رواية والموافقة للخاصّة والمخالفة للعامّة ، وكلّ ذلك من المرجّحات المنصوصة ، بخلاف أخبار المخالف ، فإنّها في طرف الضدّ من الجميع.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٧ أبواب الخلل ب ٢ ذيل الحديث ١٢. وفيه : لجميع العامة.

(٢) حكاه عنه في المنتهى ١ : ٤١٠.

(٣) حكاه عنه في الذكرى : ٢٢٤.

(٤) الحدائق ٩ : ١٦٢ و ١٩٣ و ٢١٠.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣١ ـ ١٠٢٥ ، الوسائل ٨ : ٢١٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ح ٢.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٧ ، الوسائل ٨ : ٢١٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ح ٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣٥٨ الصلاة ب ٤٣ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ـ ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٢.

(٨) التهذيب ٢ : ١٨٧ ـ ٧٤٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢٠ ، الوسائل ٨ : ٢٢٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٦.

(٩) التهذيب ٢ : ١٧٧ ـ ٧١٠ و ٧١٣ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨٧ ، الوسائل ٨ : ١٩٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٠ و ٢١.

(١٠) التهذيب ٢ : ١٧٨ ـ ٧١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ـ ١٣٨٩ ، الوسائل ٨ : ١٩٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٢.

١٢٩

ومع هذا كلّه فما ذكرناه مقتضى وجوب تحصيل البراءة اليقينيّة ، مضافا إلى كون القسم الأوّل من هذه الأخبار أعمّ مطلقا من حيث شموله الركعتين الأخيرتين ، والكلّ كذلك من حيث شموله للنوافل أيضا ، سوى صحيحة ابن يقطين الظاهرة في الفرائض حيث تضمّنت سجدة السهو ، إلاّ أنّها غير صالحة لمعارضة ما مرّ جدّا ، ومع ذلك يمكن أن يكون لفظ الجزم فيها بالحاء المهملة ، ويكون المراد تحصيل اليقين بالإعادة.

ولوالده ، فحكم بالإعادة في الشكّ في الركعة الاولى والثانية مرّة واحدة ، وبالبناء على الأقلّ ، وصلاة الاحتياط إن شكّ مرّة أخرى (١). ولا أعرف له مستندا ، وأمّا الرضوي فهو لا يفيد ذلك الحكم (٢).

فروع :

أ : لا فرق في الشك بين أن يكون في النقصان ، أو في الزيادة‌ ، لإطلاق الفتاوى ، وأكثر الأخبار.

قيل (٣) : وبه صرّحت رواية موسى بن بكر في المغرب : قال : « إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع ، فأعد صلاتك » (٤).

وفي كونها صريحة نظر. مع أنّها مختلفة ، وقد رواها في الاستبصار بنوع آخر (٥).

خلافا للمحكي عن المقنع فيها إذا تعلّق بالزيادة ، فيضيف إليها ركعة أخرى (٦).

__________________

(١) حكاه عنه في الذكرى : ٢٢٤.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ١١٧.

(٣) انظر : الرياض ١ : ٢١٥.

(٤) التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٩ ، الوسائل ٨ : ١٩٥ أبواب الخلل ب ٢ ح ٩.

(٥) الاستبصار ١ : ٣٧٠ ـ ١٤٠٧.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ١٣٤ ، والموجود فيما عندنا من نسخة المقنع هكذا : فاذا شككت في المغرب

١٣٠

وهو قول نادر جدّا غير واضح المستند.

ب : الحكم يعمّ صلاة السفر والمنذورة ثنائية ، وصلاة الجمعة والعيدين‌ ـ على وجوبهما ـ لما تقدّم من دليل التعميم ، مضافا إلى حسنة محمّد المصرّحة به في الجمعة وصلاة السفر (١).

ج : قد ذكر كثير من المتأخّرين أنّ حكم صلاة الآيات في الشكّ المتعلّق بالركعتين حكم الثنائيّة‌ ، لكونها ركعتين ، فيشملها حكمها. وفي المتعلّق بالركوعات البناء على الأقلّ إن لم يتجاوز المحلّ ولم يوجب الشك في الركعة (٢).

وعن الراوندي وابن طاوس قولان آخران مبنيّان على كونها عشر ركعات (٣) ، كما ورد في الصحاح (٤).

وردّ بأنّ المراد منها الركوع لا الركعة المصطلحة بقرينة قوله في الصحاح المذكورة : « عشر ركعات ، وأربع سجدات » وإلاّ قال : بأربع سجدات ، ولذا ورد في أخبار أخر أنّها ركعتان في أربع سجدات ، ولأنّه قد ورد في خبرين آخرين أنّها ركعتان. والحكم بالإعادة في الأخبار إنّما هو للركعات المصطلحة ، كما هو ظاهر من سياق أكثرها ، ويشعر به قوله فيها : « إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين » فإنّه لا يقال للركوع : صلّيته ، فيعمل في الشكّ في الركوعات بالأصل.

أقول : لا شكّ في أنّ الركعة لغة هي الركوع.

وأمّا في عرف الشارع فيستعمل فيه ، وفي الركعة المصطلحة التي هي مجموع الركوع وما قبله من القراءة وما بعده من السجود والتشهّد. والاستعمالان في‌

__________________

فأعد ، وروي : وإذا شككت في المغرب ولم تدر واحدة صليت أم اثنتين فسلّم ثمَّ قم فصلّ ركعة ، وإن شككت في المغرب فلم تدر في ثلاثة أنت أم أربع وقد أحرزت الاثنتين في نفسك وأنت في شك من الثلاث والأربع فسلّم وصلّ ركعتين وأربع سجدات. ( المقنع : ٣٠ ).

(١) راجع ص ١٢٨.

(٢) انظر : الذكرى : ٢٢٥ ، والمسالك ١ : ٤١ ، والمدارك ٤ : ٢٤٦ ، والرياض ١ : ٢١٥.

(٣) حكاه عنهما في الذكرى : ٢٢٥.

(٤) انظر : الوسائل ٧ : ٤٩٢ أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧.

١٣١

الأحاديث ذائعان. بل يمكن في كثير منها أن يكون المستعمل فيه الركوع ، وما قبله من القراءة.

وقد تحقّق الاستعمالان الأوّلان ، أو الأخيران في صلاة الآيات في الروايات.

وأمّا أخبار حكم الشك المتضمّنة للركعة ومثلها ـ الممكن شمولها لصلاة الآيات ـ فمنها ما يتضمّن الركعة ، ومنها ما يتضمّن الواحدة والثلاث ، والظاهر منها عدم إرادة المعنى اللغوي. ولكن إرادة ما تضمّن السجود أيضا غير معلوم. فيمكن أن يكون المراد منها مجموع القراءة والقنوت والركوع ، فيشمل العشر أيضا ، كما يمكن أن يكون مجموع ما مرّ مع السجود. ولا دليل صحيحا على تعيين أحدهما.

وعلى هذا وإن كان ما ذكروه في أحكام الشك في الركوعات من الرجوع إلى الأصل تامّا ، إلاّ أنّه لا يكون الحكم بالبطلان في الشك في الركعتين في موضعه. مع أنّ شمول الركعتين لمثل ذلك الفرد المشتمل على خمس ركوعات أيضا خفيّ جدّا.

بل في البناء في الشك في الركوعات على الأقلّ مع استفاضة النصوص على وجوب البناء على الأكثر في الشك في الصلاة ـ كما يأتي ـ نظر.

والقول بعدم انصرافها إلى هذا الفرد مناف لإجراء أحكام أخبار الإعادة هنا.

وتضمّنها لصلاة الاحتياط لا يصرفها عنه ، لإمكان الإتيان بصلاة الاحتياط هنا أيضا ، كما ذكره الراوندي وابن طاوس.

ومعارضة أخبار أخر دالة على البناء على اليقين لا تضرّ ، إذ سيأتي أنّ المراد بالبناء على اليقين يمكن أن يكون الأكثر.

فهو الوجه في المسألة سواء كان الشك في الركوعات أو الركعتين. ولا يترك الاحتياط بالإعادة في شي‌ء من الأحوال.

المسألة الثانية :

من شكّ في الأوليين من الرباعيّة تجب عليه الإعادة‌ ، على الأظهر الأشهر ،

١٣٢

سواء كان المشكوك فيه أنّ الركعة التي فيها هل هي الأولى أو الثانية ، أو أنّ التي صلاّها وأتمّها هل هي الأولى أو الثانية.

أمّا الأوّل فيدلّ عليه رواية عنبسة : « إذا شككت في الركعتين الأوليين فأعد » (١).

وصحيحة البقباق : « إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين فأعد صلاتك » (٢).

وصحيح زرارة ، ورواية العامري ، وصحيح ابن أذينة الآتية (٣).

وصحيح محمّد : « عن رجل شكّ في الركعة الأولى ، قال : يستأنف » (٤) وغيرها.

وأمّا الثاني فيدلّ عليه ما تقدّم من أوامر الإعادة إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين (٥).

وموثّقة سماعة : « إذا سها الرجل في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والعتمة ، ولم يدر واحدة صلّى أم ثنتين ، فعليه أن يعيد الصلاة » (٦).

وصحيحة زرارة : « رجل لا يدري واحدة صلّى أم ثنتين ، قال : يعيد » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٧٦ ـ ٧٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٦٣ ـ ١٣٧٨ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٧٧ ـ ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨٤ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٣.

(٣) في ص ١٣٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٧٦ ـ ٧٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ـ ١٣٧٧ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١١.

(٥) راجع ص ١٢٨.

(٦) الكافي ٣ : ٣٥٠ الصلاة ب ٣٨ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٧٦ ـ ٧٠٤ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨١ ، الوسائل ٨ : ١٩١ أبواب الخلل ب ١ ح ١٧.

(٧) الكافي ٣ : ٣٥٠ الصلاة ب ٣٨ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٩٢ ـ ٧٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨٥ ، الوسائل ٨ : ١٨٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٦.

١٣٣

ونحوها صحيحة محمّد ، إلاّ أنّ فيها : « يستقبل » مكان « يعيد » (١).

وفي رواية الجعفي وابن أبي يعفور : « إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين فاستقبل » (٢) إلى غير ذلك.

والخلاف في المسألة محكيّ عن الصدوقين ، كما مرّ مع بيان ضعفه (٣).

المسألة الثالثة :

المستفاد من صحيحة البقباق ، ورواية العامري ، وابن أذينة وصحيحة محمّد بطلان الصلاة كلّما تعلّق الشك بالواحدة‌ ، كالشّك بين الواحدة والثلاث ، والواحدة والأربع ، وغير ذلك. ويستلزمه البطلان بالشك في الثانية أيضا ، لاستلزامه الشك فيها وعدم حفظها.

المسألة الرابعة :

من شكّ في جميع ركعات الرباعية ، ولم يدر كم صلّى من ركعة واحدة أو ثنتين أو ثلاث أو أربع ، تجب عليه إعادة الصلاة‌ ، بالإجماع ، صرّح به بعضهم (٤).

لصحيحة ابن أبي يعفور : « إذا شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في ثنتين أم في واحدة أم في أربع ، فأعد ولا تمض على الشكّ » (٥).

وصفوان : « إن كنت لا تدري كم صلّيت ، ولم يقع وهمك على شي‌ء ، فأعد‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥١ الصلاة ب ٣٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٧٩ ـ ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ ـ ١٣٩١ ، الوسائل ٨ : ١٨٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٧.

(٢) التهذيب ٢ : ١٧٦ ـ ٧٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ـ ١٣٧٩ ، الوسائل ٨ : ١٩١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٦.

(٣) راجع ص ١٢٩.

(٤) كصاحب الرياض ١ : ٢١٥.

(٥) الكافي ٣ : ٣٥٨ الصلاة ب ٤٣ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ ـ ٧٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ـ ١٤١٨ ، الوسائل ٨ : ٢٢٦ أبواب الخلل ب ١٥ ح ٢.

١٣٤

الصلاة (١).

وتؤيّده صحيحة علي : عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلّى شيئا أم لا ، قال : « يعيد الصلاة » (٢).

وصحيحة زرارة وأبي بصير : الرجل يشكّ كثيرا في الصلاة حتى لا يدري كم صلّى ، ولا ما بقي عليه ، قال : « يعيد » (٣).

وصحيحة الرازي : « إنما يعيد من لم يدر ما صلّى » (٤).

والأخبار الكثيرة الدالّة على بطلان الصلاة مع عدم سلامة الأوليين.

وأمّا رواية ابن أبي حمزة : عن الرجل يشكّ ، فلا يدري واحدة صلّى أم ثنتين أم ثلاثا أم أربعا تلتبس عليه ، قال : « كلّ ذلك؟ » قلت : نعم ، قال : « فليمض على صلاته » (٥) إلى آخره.

فهو محمول على ما بعد الفراغ ، لعمومه له ، أو على كثير الشك بقرينة قوله بعد ما ذكر : « ويتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ، فإنّه يوشك أن يدعه ».

وعن علي بن بابويه : أنّه إن شككت فلم تدر واحدة صلّيت أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، صليت ركعتين من قيام ، وركعتين من جلوس (٦). لمرسلة الفقيه فيمن تلبس عليه الأعداد كلها ، قال : وروي « أنّه يصلّي ركعة من قيام وركعتين‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ الصلاة ب ٤٣ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٨٩ ـ ٧٤٨ ، قرب الإسناد : ١٩٧ ـ ٧٥١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٨ الصلاة ب ٤٣ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ـ ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٨١ ـ ٧٢٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧١ ـ ١٤١١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٦ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٤.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٠ ـ ١٠٢٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ـ ٧٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٤.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ١٣٢ ، والذكرى : ٢٢٥ ، وفيه : ركعة من قيام ، بدل : ركعتين.

١٣٥

من جلوس » (١).

وجوابها ـ مع شذوذها ـ عدم تكافئها لما مرّ ، لأصحّيته ، وأشهريته رواية وفتوى ، وأصرحيته دلالة ، حيث إنه لا تصريح أصلا في الرواية بعدم الإعادة ، فلعلّ ما فيها حكم تعبّدي مستحب.

واستدلّ له بصحيحة ابن يقطين : عن الرجل لا يدري كم صلّى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ، قال : « يبني علي الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهّد تشهّدا خفيفا » (٢).

وبعموم صحيحة زرارة : « لا تعتدّ بالشك في حال » (٣).

ورواية عمّار : « إذا سهوت فابن على الأكثر » (٤).

ورواية عنبسة : عن الرجل لا يدري أركعتين ركع ، أم واحدة أم ثلاثا ، قال : « يبني صلاته على ركعة واحدة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، ويسجد سجدتي السهو » (٥).

على أن يكون المراد بالبناء على ركعة أنّه يبني على الأكثر ، ويضيف ركعة واحدة ، كما أنّه قد فهم منها الشيخ ذلك.

ويضعّف : بأنّها بين غير دالّ على مذهبه ، بل على حكم لم يقل به أحد ، وبين مجمل ، وبين عامّ للنوافل ، يجب تخصيصه بما مرّ.

مع أنّ إرادة البناء على الأقلّ من الجزم في الصحيحة الأولى ـ كما عن‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٣١ ـ ١٠٢٤ ، الوسائل ٨ : ٢٢٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٣ ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١٨٧ ـ ٧٤٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢٠ ، الوسائل ٨ : ٢٢٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥١ الصلاة ب ٤٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ـ ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ـ ١٤١٦ ، الوسائل ٨ : ٢١٦ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٠ ح ٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤٩ ـ ١٤٤٨ ، الوسائل ٨ : ٢١٣ أبواب الخلل ب ٨ ح ٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٣ ـ ١٤٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ ـ ١٤٢٧ ، الوسائل ٨ : ١٩٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٤.

١٣٦

الشيخ (١) ـ ممكنة ، ومع ذلك فمدلولها موافق للعامّة (٢) ، فيحمل على التقيّة.

ونسب الخلاف في المسألة هنا إلى الصدوق أيضا بتجويزه البناء على الأقلّ (٣).

وكلامه في الفقيه صريح في موافقة المشهور ، قال : ومن لم يدر كم صلّى ، ولم يقع وهمه على شي‌ء ، فليعد الصلاة (٤).

وكيف كان فدليله الجمع بين ما مرّ ، وبين صحيحة ابن يقطين السابقة ، ومثل رواية ابن اليسع فيما إذا تلبس عليه الأعداد كلّها « أنّه يبني على يقينه ، ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهّد تشهّدا خفيفا » (٥).

وجوابه ما مرّ من الشذوذ ، وموافقة العامّة ، وجواز كون المراد من البناء على اليقين والجزم البناء على الأكثر ، كما قيل ، ويأتي (٦) ، فيحصل الإجمال في الحديث.

المسألة الخامسة :

الظاهر عدم الخلاف في بطلان الصلاة بالشك بين الركعة الثانية وغيرها قبل تمام الثانية‌ ، لعموم قوله في صحيحة زرارة : « من شكّ في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين » (٧).

وفي الأخرى : « عشر ركعات ـ إلى أن قال ـ : لا يجوز الوهم فيهنّ ، ومن‌

__________________

(١) لم نعثر على هذا الحمل في كتب الشيخ (ره) الموجودة عندنا ، بل حمل في التهذيب ٢ : ١٨٨ والاستبصار ١ : ٣٧٤ على استئناف الصلاة واستحباب سجدتي السهو.

(٢) انظر : بداية المجتهد ١ : ٢٠٢.

(٣) انظر : المدارك ٤ : ٢٥٣ ، والذخيرة : ٣٦٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٣.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٠ ـ ١٠٢٣ ، الوسائل ٨ : ٢٢٣ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٣ ح ٢.

(٦) في ص ١٤٥.

(٧) الفقيه ١ : ١٢٨ ـ ٦٠٥ ، مستطرفات السرائر : ٧٤ ـ ١٨ ، الوسائل ٨ : ١٨٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١.

١٣٧

وهم في شي‌ء منهنّ استقبل الصلاة » (١).

وفي رواية العامري : « من شكّ في أصل الفرض في الركعتين الأوليين استقبل صلاته » (٢).

وفي صحيحة ابن أذينة : « ومن أجل ذلك صارت الركعتان كلّما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما » (٣).

ولا ريب أنّ حصول الشك حدث.

وفي صحيحة البقباق : « إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين فأعد صلاتك » (٤).

ولا ريب أنّه لو شكّ في الركعة ما لم يتمّ الثانية يصدق عدم حفظ الأوليين والشك فيهما ، فإنّ المراد به الشك في إحداهما.

بل ـ كما قيل ـ يدلّ عليه أيضا جميع الأخبار المتقدّمة المصرّحة بوجوب إعادة الصلاة إذا لم يدر واحدة صلّى أم ثنتين ، إذ معناها أنّه لم يدر هل ما صلاّها وأتمّها الركعة الاولى وما دخل فيه هو الثانية ، أو أنّ ما دخل فيه الثالثة أو غيرها ، فإنّ قبل تمام الركعة لا يصحّ أن يقال لها صلاّها. ولذا استدلّ بعض الأجلّة على البطلان في المسألة بأنّه قبل تمام الثانية يكون في الحقيقة شكّا بين الاولى والثانية.

وقد يستدلّ له أيضا بصحيحة عبيد : عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا ، قال : « يعيد » ، قلت : أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه؟ فقال : « إنّما ذلك في الثلاث والأربع » (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧٣ الصلاة ب ٣ ح ٧ ، الوسائل ٤ : ٤٩ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ١٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤٨٧ الصلاة ب ٢٤ ح ٢ ، الوسائل ٨ : ١٨٩ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٩.

(٣) الكافي ٣ : ٤٨٢ الصلاة ب ٢٤ ح ١ ، علل الشرائع : ٣١٢ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٤) التهذيب ٢ : ١٧٧ ـ ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ ـ ١٣٨٤ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٣.

(٥) التهذيب ٢ : ١٩٣ ـ ٧٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ـ ١٤٢٤ ، الوسائل ٨ : ٢١٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٩ ح ٣.

١٣٨

فحمل صدرها على ما قبل تمام الثانية ، وذيلها على ما بعده والدخول في الثالثة ، حتى يكون الشك في أنّه هل دخل في الثالثة أم الرابعة.

وبصحيحة زرارة : رجل لم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا ، فقال : « إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ، ثمَّ يصلّي الأخرى ولا شي‌ء عليه ، ويسلّم » قلت : فإنّه لم يدر في ثنتين هو أم في أربع ، قال : « يسلّم ويقوم ، فيصلّي ركعتين ، ثمَّ يسلّم » (١).

فإنّ معنى قوله : « بعد دخوله » أي بعد أن يعلم ذلك ، المجامع مع العلم بعدم الزيادة ومع الشك فيها ، وهو لا يتحقق إلاّ مع العلم بتمام الثانية ، فيدلّ بالعموم على المسألة ويخرج عنها ما خرج بالدليل.

ولا يخفى أنّ تمامية الاستدلال بالصحيحة الأولى تتوقّف على ارتكاب التجوّز في قوله : « صلّى » بحمله على ما قبل تمام الركعة. وهو ليس بأولى من التخصيص بالثنائية والثلاثية ، كما فعله الشيخ طاب ثراه (٢).

وتماميته في الثانية تتوقّف على كون الحكم في المفهوم إعادة الصلاة ، وهو أمر غير معلوم. إلاّ أن يتمّم بالإجماع المركّب ، وهو كذلك.

ولا ينافي حكم المسألة بعض العمومات الآمرة بالبناء على الأكثر في بعض صور الشك بين الاثنتين وغيرها ، لأنّه ظاهر في إتمام الاثنتين بالتقريب المذكور.

ولا الآمرة به مطلقا ، لأعمّيته مطلقا ، فيجب التخصيص.

ثمَّ إنّه هل تتمّ الثانية بتمام ركوعه ، أو بدخوله في السجدة الثانية مطلقا ، أو في إكمال ذكرها وإن لم يرفع رأسه ، أو في رفع الرأس منها؟ كما قال بكلّ منها طائفة. ويستدلّ للأخير بأنّ رفع الرأس من السجدة الأخيرة من متممات الركعة وأجزائها ، فلا يصدق تمام الركعة بدونه.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٠ الصلاة ب ٣٨ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٩٢ ـ ٧٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ـ ١٤٢٣ ، الوسائل ٨ : ٢١٤ أبواب الخلل ب ٩ ح ١.

(٢) الاستبصار ١ : ٣٧٥ ـ ذ ح ١٤٢٤.

١٣٩

ولا يخفى ما فيه بعد ما عرفت ما حقّقناه في بيان الركعة في بيان شك صلاة الآيات (١).

ومقتضاه الحكم بالبطلان قبل تمام الركوع ، والشك في جميع ما بينه وبين رفع الرأس من السجدة الأخيرة.

ولا يفيد استصحاب الركعة ، إذ الركعة بمعنى الركوع ، وما قبله قد تمَّ يقينا ، ومع ما بعده لا يعلم إرادته. واستصحاب بقاء ما أراده الإمام بعد ، يعارض استصحاب عدم إرادة الزائد.

ولا أخبار حفظ الأوليين واعتبار اليقين فيهما ، حيث لا حفظ هنا ، إذ مراد الإمام عليه‌السلام الحفظ من جهة الشك بين الركعات ، وعدم العلم هنا لأجل الجهل بمعنى الركعة ، وهذا غير مراد قطعا.

وعلى هذا ، فكان الحكم في موضع الشك في تمام الركعة الرجوع إلى عمومات البناء على الأكثر لو لا صحيحة زرارة الأخيرة ، إلاّ أنّ مقتضى مفهومها بضميمة الإجماع المركّب المتقدم البطلان إلاّ في صورة رفع الرأس عن السجدة الأخيرة ، فهو الأظهر.

المسألة السادسة :

لو شكّ بعد إتمام الثانية‌ وقطعه بإحرازها بينها وبين الثالثة ، أو الرابعة ، أو الثالثة والرابعة ، أو بين الثالثة والرابعة ، بنى في الجميع على الأكثر ، على الأظهر الأشهر بين من تقدّم وتأخّر ، بل عليه الإجماع عن صريح الانتصار ، والخلاف ، وظاهر السرائر (٢) ، وغيره (٣) ، وعن أمالي الصدوق أنّه جعله من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به (٤).

__________________

(١) راجع ص ١٣١.

(٢) الانتصار : ٤٩ ، الخلاف ١ : ٤٤٥ ، السرائر ١ : ٢٥٤.

(٣) كالتذكرة ١ : ١٣٩.

(٤) الأمالي : ٥١٣.

١٤٠