مستند الشّيعة - ج ٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٩١

الإمام ، ويبرز تحت السماء ، ويخرج المنبر والمؤذّنون أمامه » (١).

ومنها : أن يستصحبوا الشيوخ ، سيّما أبناء الثمانين ، والعجائز ، والأطفال ، والبهائم‌ ، لتصريح الأصحاب ، ولأنّهم أقرب إلى الرحمة ، ومظنّة الرقّة ، وأسرع إلى الإجابة.

وفي النبوي : « إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر » (٢).

وفي آخر : « لو لا أطفال رضّع ، وشيوخ ركّع ، وبهائم رتّع لصبّ عليكم العذاب صبّا » (٣).

وفي الرضوي في جملة الخطبة المذكورة فيه هنا : « اللهم ارحمنا بمشايخ ركّع ، وصبيان رضّع ، وبهائم رتّع ، وشبّان خضّع » (٤).

وفي بعض خطب الاستسقاء : « اللهم ارحم أنين الآنّة ، وحنين الحانّة ، اللهم ارحم تحيّرها في مراتعها ، وأنينها في مرابضها » (٥).

وفي بعض الروايات : خروج سليمان بن داود إلى الاستسقاء ، ورجوعه لدعاء النملة (٦).

وزاد بعضهم التفريق بين الأطفال وأمّهاتهم ، ليكثروا من الضجيج والبكاء ، وليكون ذلك سببا لإدراك الرحمة (٧).

__________________

(١) فقه الرضا «ع» : ١٥٣ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٤.

(٢) مسند أحمد ٢ : ٨٩.

(٣) سنن البيهقي ٣ : ٣٤٥ ، الجامع الصغير ٢ : ٤٤٣ ، باختلاف يسير.

(٤) فقه الرضا «ع» : ١٥٤ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٤.

(٥) الفقيه ١ : ٣٣٥ ـ ١٥٠٤ ، نهج البلاغة ( محمد عبده ) ١ : ٢٢٥ ح ١١١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٩٩ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١١ ح ٢.

(٦) كما في الفقيه ١ : ٣٣٣ ـ ١٤٩٣ ، الوسائل ٨ : ٧ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٥.

(٧) انظر : المختصر النافع : ٤١ ، والذخيرة : ٣٤٦.

٣٦١

ومنها : أن يكون الخارجون من المسلمين خاصّة‌ ، كما ذكره جماعة (١) ، فيمنع الكفّار بأصنافهم عن الحضور معهم.

وعن الحلّي زيادة المتظاهرين بالفسق والمكر والخداعة من أهل الإسلام أيضا (٢).

وعلّل في المنتهى بأنّهم أعداء الله ، ومغضوب عليهم ، وقد بدّلوا نعمة الله كفرا ، فهم بعيدون عن الإجابة ، وقال الله سبحانه ( وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ ) (٣).

ثمَّ ذكر ما ورد في دعاء فرعون حين غار النيل ، كما ورد في رواياتنا (٤) ، ورجّح عدم المنع (٥)

وفي الحدائق : ويعضده خروج المنافقين مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا خروج المنافقين مع الرضا عليه‌السلام (٦) ، ويعضده أيضا ما ورد من أنّ الله عزّ وجل ربّما حبس الإجابة عن المؤمن ، لحبّ سماع دعائه ، وعجّل الإجابة للكافر ، لبغض سماع صوته (٧) ، على أنّهم يطلبون ما ضمّنه الله تعالى لهم من رزقهم ، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد (٨).

ومنها : أن يصلّى جماعة‌ ، للتأسي وظواهر الأخبار ، بل قيل : إنّ ظواهرها‌

__________________

(١) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٣٥ ، والقاضي في المهذب ١ : ١٤٥ ، والمحقّق في النافع : ٤١ ، والشهيد في الذكرى : ٢٥١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٧٠.

(٢) السرائر ١ : ٣٢٥.

(٣) الرعد : ١٤.

(٤) الفقيه ١ : ٣٣٤ ـ ١٥٠٢.

(٥) المنتهى ١ : ٣٥٥.

(٦) انظر : الوسائل ٨ : أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ و ٢.

(٧) كما في الوسائل ٧ : ٦١ أبواب الدعاء ب ٢١.

(٨) الحدائق ١٠ : ٤٨٨.

٣٦٢

متّفقة على الجماعة ، وليس هناك خبر يدلّ على جوازها فرادى (١).

وهو وإن كان كذلك ، إلاّ أنّ إجماعنا ـ كما صرّح به جماعة (٢) ـ المؤيّد بقضيّة التشبيه بالعيدين كاف في إثباته.

ومنها : أن يقلّب رداءه بأن يجعل الذي على يمينه على يساره ، وبالعكس‌ ، للنصوص المستفيضة ، كموثّقة ابن بكير ، وصحيحة هشام المتقدّمتين (٣).

وفي رواية مرّة : « يصلّي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ، ثمَّ يصعد المنبر ، فيقلّب رداءه ، فيجعل الذي على يمينه على يساره ، والذي على يساره على يمينه ، ثمَّ يستقبل القبلة ، فيكبّر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ، ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يمينه ، فيسبّح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ، ثمَّ يلتفت إلى الناس عن يساره ، فيهلّل الله مائة تهليلة ، رافعا بها صوته ، ثمَّ يستقبل الناس ، فيحمد الله تعالى مائة تحميدة ، ثمَّ يرفع يديه ، فيدعو ثمَّ يدعون » (٤) الحديث.

ومرفوعة [ محمّد بن سفيان ] (٥) : عن تحويل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رداءه إذا استسقى ، فقال : « علامة بينه وبين أصحابه ، يحوّل الجدب خصبا » (٦).

وفي الرضوي : « ثمَّ يسلّم ، ويصعد المنبر ، فيقلّب رداءه » إلى أن قال : « ثمَّ يحوّل وجهه إلى القبلة » (٧) الحديث.

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٤٩٥.

(٢) انظر : المنتهى ١ : ٣٥٦ ، والمدارك ٤ : ٣١٤ ، والرياض ١ : ٢٢٨.

(٣) في ص : ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٢ الصلاة ب ٩٤ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ٨ : ٥ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٢.

(٥) في النسخ : محمد بن سنان ، والصحيح ما أثبتناه كما يظهر من المصادر وكتب الرجال.

(٦) التهذيب ٣ : ١٥٠ ـ ٣٢٤ ، الوسائل ٨ : ٩ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٣ ح ٢ ، ورواها في الفقيه ١ : ٣٣٨ ـ ١٥٠٦ مرسلة.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٥٣ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٤.

٣٦٣

ثمَّ إنّ التقليب على الوجه المذكور يتوقّف على أحد القلبين : إمّا جعل الأسفل الأعلى ، أو الظاهر الباطن ، فيتخيّر بينهما. وأمّا جمع الثلاثة ـ كما في بعض كتب أصحابنا (١) ـ فغير ممكن ، ولعلّ مراده الجمع بالإتيان بهما معا ولو في زمانين ، تحصيلا للاحتمالين ، لا في آن واحد.

ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق الموثّقة استحباب ذلك للإمام والمأموم كما نصّ عليه في الخلاف والمبسوط (٢) ، واختاره في الذكرى والبيان وروض الجنان والمسالك (٣).

خلافا لجماعة (٤) ، فخصّوه بالإمام ، وحكي عن الخلاف أيضا (٥) ، وهو خطأ (٦) ، لتقييد ما في الروايات به ، ووجوب حمل المطلق على المقيّد.

ويضعف : بأنّه إنّما هو مع التنافي ، ولا منافاة بين المطلق والمقيّد ، إلاّ على اعتبار مفهوم اللقب ، وهو ضعيف جدّا.

وهل يقلّب مرّة؟ كما هو ظاهر الأكثر ، للأصل والإطلاق.

أو مرّتين؟ كما احتمله بعضهم ، مرّة بعد السلام ، لصحيحة هشام (٧) ، واخرى بعد صعود المنبر ، لرواية مرّة ، والرضوي.

__________________

(١) الروضة ١ : ٣١٩.

(٢) الخلاف ١ : ٦٨٨ ، المبسوط ١ : ١٣٥ ، وانظر الهامش (٦).

(٣) الذكرى : ٢٥١ ، البيان : ٢١٩ ، روض الجنان : ٣٢٥ ، المسالك ١ : ٣٩.

(٤) كالمفيد في المقنعة : ٢٠٨ ، والديلمي في المراسم : ٨٣ ، والمحقق في الشرائع ١ : ١٠٩.

(٥) حكاه عنه في الحدائق ١٠ : ٤٨٩.

(٦) قال في الخلاف : تحويل الرداء يستحب للإمام ، سواء كان مقوّرا أو مربعا ، وبه قال مالك وأحمد.

وقال الشافعي : ان كان مقوّرا حوّله ، وإن كان مربّعا فيه قولان : أحدهما يحوّله والآخر يقلّبه.

ويفعل مثل ذلك المأموم. وقال محمّد : يقلّبه وحده دون المأموم. انتهى. والظاهر أنّ الماتن قد نظر إلى جملة : ويفعل مثل ذلك المأموم ، ولكنه من قول الشافعي ، ـ انظر : مغني المحتاج ١ : ٣٢٥ والامّ ١ : ٢٥١ ـ فتظهر صحّة ما حكي عن الخلاف من القول بالاختصاص.

(٧) المتقدمة في ص ٣٥٦.

٣٦٤

أو ثلاث مرّات؟ كما عن المفيد والديلمي (١) ، و [ القاضي ] (٢) ، ولا مستند لهم ظاهرا إن أرادوا متتالية ، كما هو ظاهر المحكي عنهم أنّهم يجعلونها بعد الخطبة (٣).

نعم إن أريد واحدة بعد السلام ، واخرى قبل الخطبة ، والثالثة بعدها ، أمكن الاحتجاج للأولين بما مرّ ، وللثالثة بالمرفوعة حيث إنّ معنى « إذا استسقى » : إذا فرغ منه. إلاّ أنّه يضعّف بأنّ الظاهر منه إذا أراد الاستسقاء ، وأو اشتغل به ، فيكون قبل الخطبة.

ومنه ـ مضافا إلى كون ذلك كلام السائل ـ يظهر ضعف زيادة الثالثة.

وكذا يظهر ضعف زيادة الاولى بعدم دلالة الصحيحة على أنّه كان بعد التسليم فورا ، مع أنّه لا يراخى محسوسا كثيرا بينه وبين صعود المنبر ، فيحمل المجمل على المبيّن ، فلا يستحبّ إلاّ مرّة بعد صعود المنبر قبل الاشتغال بالدعاء ، كما تدلّ عليه رواية مرّة والرضوي.

ومنها : أنّه إذا صعد الإمام المنبر وحوّل الرداء يستقبل القبلة ، ويكبّر الله‌ مائة مرّة ، ثمَّ يلتفت إلى يمينه ويسبّح مائة ، ثمَّ إلى يساره ويهلّل مائة ، ثمَّ يستقبل الناس ، ويحمد الله مائة ، رافعا صوته في الأذكار.

كلّ ذلك للشهرة المتأخّرة ، ورواية مرّة ، وإن لم يذكر فيها رفع الصوت في التحميد ، ولكن تكفي في إثباته فتاواهم.

ولبعض القدماء أقوال أخر في الأذكار (٤) ، لا مستند لها ، والمتّبع ما في الرواية.

قالوا : ويتابعه المأمومون في الأذكار (٥) ، وزاد بعضهم في رفع الصوت‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٢٠٨ ، الديلمي في المراسم : ٨٣.

(٢) في جميع النسخ : الحلي ، ولم نعثر عليه في السرائر ، والظاهر أنّه سهو ، كما يظهر من كشف اللثام ١ : ٢٦٩ ، والحدائق ١٠ : ٤٨٩ ، راجع المهذب ١ : ١٤٤.

(٣) انظر : الحدائق ١٠ : ٤٨٩.

(٤) كالقاضي في المهذّب ١ : ١٤٤ ، والديلمي في المراسم : ٨٣.

(٥) كما في الكافي في الفقه : ١٦٣.

٣٦٥

أيضا (١). ولا بأس به ، لأنّه مقام التسامح.

وأمّا التحويل إلى الجهات فلم أعثر على مصرّح بالمتابعة فيه ، والأصل ينفيه.

ثمَّ مقتضى الرواية المذكورة كون الأذكار قبل الدعاء. فإن كان المراد بالخطبة أيضا هو ذلك الدعاء كما صرّح به جماعة (٢) ، فثبت منه تقدّم الأذكار على الخطبة أيضا ، كما عن العماني والشيخ وابن حمزة (٣) ، وجمهور المتأخرين ، وإلاّ فثبت منها ومن مرسلة الفقيه الرواية لخطبة مولانا أمير المؤمنين (٤) ، حيث إنّه يعقّب الدعاء فيها للحمد والصلاة بلا فصل بضميمة أصالة عدم دعائه بغير بذلك ، فتأمّل.

ومنها : أن يخطب بالناس‌ ، بالإجماع والنصوص.

وهل المراد بالخطبة هنا هو الدعاء فقط ، وإن جاز أو استحبّ تصديره بالحمد والصلاة؟ كما صرّح به بعض مشايخنا (٥) ، ويدلّ عليه عدم ذكر خطبة في رواية مرّة ، بل ذكر أنّه بعد السلام يصعد المنبر ، ثمَّ يذكر ، ثمَّ يدعو ، وكذا في الرضوي المشتمل على عبارات الدعاء أيضا (٦).

أو ما يشمل على الحمد والصلاة والوعظ والدعاء؟.

أو مع خروج الدعاء عنها؟ كما عن الذكرى (٧).

كل محتمل ، لجواز استعمال الخطبة في الدعاء مجازا ، كما أنّها في الحمد‌

__________________

(١) كما في الكافي في الفقه : ١٦٣.

(٢) انظر : روض الجنان : ٣٢٥ ، والحدائق ١٠ : ٤٩١.

(٣) حكاه عن العماني في المختلف : ١٢٥ ، الشيخ في المبسوط ١ : ١٣٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١١٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٣٥ ـ ١٥٠٤ ، والمتقدمة في ص ٣٦١.

(٥) انظر : الحدائق ١٠ : ٤٩١ و ٤٩٣.

(٦) فقه الرضا «ع» : ١٥٣ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٤.

(٧) الذكرى : ٢٥٢.

٣٦٦

والصلاة والوعظ أيضا كذلك ، ولعدم دلالة عدم ذكرها في بعض الروايات بخصوصها على اتّحادها مع الدعاء.

والظاهر من رواية خطبة أمير المؤمنين عدم اشتراط تضمّنها الوعظ.

والأولى اشتمالها على الحمد والصلاة والوعظ والدعاء ، وتقديم الثلاثة الأولى على الأخير.

وهل تتعدّد الخطبة فيه كما في العيدين؟ كما في الذكرى (١) ، لقوله في الصحيحة : « يصلّي بمثل صلاة العيدين بركعتين » (٢).

أولا ، بل تكفي الخطبة الواحدة؟ كما ذكره بعض مشايخنا (٣) ، للإطلاق ، ووحدة الخطبة المرويّة.

وهو الأظهر ، لذلك ، والتشبيه إنّما هو في الصلاة ، والخطبة خارجة عنها.

ثمَّ الخطبة هنا بعد الصلاة بإجماعنا المحقّق ، والمحكي مستفيضا (٤) ، كالنصوص (٥). وما دلّ على أنّها قبل الصلاة شاذّة (٦) ، وللحمل على التقيّة ـ كما قيل (٧) ـ محتملة.

ومقتضى الأصل عدم شرطية الخطبة ولو كان المراد منها الدعاء في الصلاة ، فتجوز الصلاة بقصد الاستسقاء منها بلا دعاء.

وكذا تختصّ الخطبة والأذكار بما إذا صلّيت جماعة ، لأنّه الوارد في الأخبار ، فالمنفرد يصلّي وإن شاء يدعو.

ومنها : أن يبالغوا في الدعاء‌ ، وإن تأخّرت الإجابة أعادوا الخروج ، بالإجماع‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٥١.

(٢) راجع ص ٣٥٦.

(٣) انظر : الحدائق ١٠ : ٤٩٤.

(٤) الخلاف ١ : ٦٨٧ ، السرائر ١ : ٣٢٦ ، التذكرة ١ : ١٦٨ ، المفاتيح ١ : ٣٥ ، الرياض ١ : ٢١٠.

(٥) الوسائل ٨ : أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ و ٥.

(٦) وهي رواية إسحاق بن عمّار ، راجع الوسائل ٨ : ١١ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٥ ح ٢.

(٧) كما في الوسائل ٨ : ١٢ ذيل الحديث ٢ ، والرياض ١ : ٢١٠.

٣٦٧

كما عن المنتهى (١) ، لأنّ الله يحبّ الملحّين في الدعاء ، ولأنّ الحاجة باقية فكان طلبها مشروعا. ويبنون على الصوم الأول إن لم يفطروا بعده ، وإلاّ فيستأنفون الصوم استحبابا.

ومنها : قول المؤذّن قبل الصلاة : الصلاة ، ثلاثا ، كما في العيدين‌ ، لتصريحهم به. لا للتشبيه بصلاة العيد كما قيل ، لعدم دلالته عليه. ولا أذان فيها ولا إقامة بالإجماع والنص (٢).

ومنها : أن يجهر فيها بالقراءة‌ ، للنصوص المستفيضة (٣). وأضافوا إليها القنوتات أيضا ، ولا بأس به.

ومنها : أن يكون الدعاء والخطبة قاعدا‌ ، كما تدلّ عليه المرسلة المتقدّمة في صدر البحث (٤) ، ورواية ابن المغيرة السابقة (٥) ، وغيرها.

ولم أعثر على أحد من الأصحاب عدّ ذلك من المستحبّات ، بل ـ كما قيل (٦) ـ ظاهر كلامهم القيام حال الاستسقاء. ولم أر له وجها سوى التشبيه بالعيدين ، وفيه ما فيه. وحمل ما في الروايتين على العذر ينفيه إشعارهما بالاستمرار.

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٥٦.

(٢) كرواية مرّة ، السابقة في ص ٣٦٣.

(٣) الوسائل ٨ : أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ و ٥.

(٤) راجع ص ٣٥٦.

(٥) راجع ص ٣٥٦.

(٦) الحدائق ١٠ : ٤٩٥.

٣٦٨

الثانية

صلاة التسبيح

وتسمى بصلاة جعفر عليه‌السلام ، وصلاة الحباء‌

واستحباب هذه الصلاة ثابت بإجماع علماء الإسلام ، كما صرّح به جمع من الأعلام (١) ، واستفاضت به نصوص أئمّة الأنام ، وثوابها عظيم ، وأجرها جسيم ، كفّارة للآثام.

ففي الصحيح : « متى ما صلّيتهنّ غفر الله لك ما بينهنّ ، إن استطعت كلّ يوم ، وإلاّ فكلّ يومين ، أو كلّ جمعة ، أو كلّ شهر ، أو كلّ سنة ، فإنّه يغفر لك ما بينهما » (٢).

وفي صحيحة ابن أبي البلاد : أيّ شي‌ء لمن صلّى صلاة جعفر؟ قال : « لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له » قلت : فهذه لنا؟! قال : « فلمن هي إلاّ لكم خاصّة؟! » (٣).

وفي رواية أبي بصير : « إن أنت صنعته كلّ يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها ، وإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما ، أو كلّ جمعة ، أو كلّ شهر ، أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما » (٤).

وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد : قلت : فما ثوابها؟ قال : « لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوبا غفر له » (٥).

__________________

(١) كالعلامة في المنتهى ١ : ٣٥٩ ، والمجلسي في البحار ٨٨ : ٢١٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٨٦ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ٨ : ٥٠ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٣.

(٣) الفقيه ١ : ٣٤٨ ـ ١٥٣٩ ، التهذيب ٣ : ١٨٦ ـ ٤٢١ ، ثواب الأعمال : ٤٠ ، الوسائل ٨ : ٥٤ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٥ الصلاة ب ٩٦ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٤٩ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٦ الصلاة ب ٩٦ ذ. ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ـ ٤٢٣ ، المقنع : ٤٣ ، الوسائل ٨ : ٥٤ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ٣.

٣٦٩

وفي رواية الثمالي : « إذا أنت صلّيتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا غفرت لك ».

وفي آخرها : « ويكتب لك بها اثنتي عشرة ألف حسنة ، الحسنة منها مثل جبل احد وأعظم » (١).

وفي رواية إسحاق : من صلّى صلاة جعفر هل يكتب له من الأجر مثل ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجعفر؟ قال : « إي والله » (٢).

وفي الفقه الرضوي : « من صلّى صلاة جعفر كلّ يوم لا تكتب عليه السيّئات ، وتكتب له بكلّ تسبيحة فيها حسنة ، وترفع له درجة في الجنة » إلى أن قال : « فإنّك إن صلّيتها محي عنك ذنوبك ، ولو كانت مثل رمل عالج ، أو مثل زبد البحر » (٣) إلى غير ذلك.

وهي : أربع ركعات ، بالإجماع نصّا ، وفتوى.

بتسليمتين ، على الحق المشهور ، كما صرّح به في الذكرى وغيره (٤). بل الظاهر كونه إجماعيا ، إذ لم ينقل الخلاف فيه إلاّ عن المقنع (٥) ، مع أنّه قال في البحار بعد نقل كلام المقنع والذكرى : لا دلالة في عبارة المقنع ، إلاّ من حيث إنّه لم يذكر التسليم ، ولعلّه أحاله على الظهور ، كما في التشهّد والقنوت وغيرهما (٦). انتهى.

إلاّ أنّه قال في المقنع ـ على ما نقله في المختلف ـ : وروي أنّها بتسليمتين (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٧ ـ ١٥٣٦ ، الوسائل ٨ : ٥١ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٥.

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٧ الصلاة ب ٩٦ ح ٧ ، الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤٠ ، التهذيب ٣ : ١٨٨ ـ ٤٢٦ ، الوسائل ٨ : ٥٠ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٢.

(٣) فقه الرضا «ع» : ١٥٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٢٢٤ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٢.

(٤) الذكرى : ٢٤٩ ، وانظر : أيضا المختلف : ١٢٧.

(٥) لم نعثر عليه في المقنع ، والموجود فيه : صلّ أربع ركعات ( ص ٤٣ ) وقد حكى الخلاف عنه في المختلف : ١٢٧.

(٦) البحار ٨٨ : ٢١٢.

(٧) المختلف : ١٢٧.

٣٧٠

وهو يشعر بما في الذكرى.

وكيف كان فخلافه غير قادح في الإجماع ، فهو الدليل عليه.

مضافا إلى مرسلة المقنع المذكورة المنجبرة.

ورواية الثمالي ، وفيها بعد ذكر كيفيّة الركعتين الأوليين : « ثمَّ تتشهّد ، وتسلّم ، ثمَّ تصلّي ركعتين أخراوين ، تصنع فيهما مثل ذلك ، ثمَّ تسلّم » (١).

والرضوي وفيه بعد ذكر الركعتين : « ثمَّ تشهّد وتسلّم ، فقد مضى لك ركعتان ، ثمَّ تقوم ، وتصلّي ركعتين أخريين على ما وصفت لك » الحديث (٢).

يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة « الزلزلة » وفي الثانية « والعاديات » وفي الثالثة « النصر » وفي الرابعة « التوحيد ».

اختاره الصدوق والسيد والإسكافي والقاضي والحلبي والديلمي (٣) ، بل هو المشهور ، كما صرّح به جماعة ، وعليه كافّة المتأخّرين ، لروايتي إبراهيم بن عبد الحميد (٤) ، والمفضّل بن عمر (٥).

وعن عليّ بن بابويه العكس في الأوليين (٦) ، للرضوي : « يقرأ في أولاهما فاتحة الكتاب والعاديات ، وفي الثانية : إذا زلزلت ، وفي الثالثة : إذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة : قل هو الله أحد ، وإن شئت كلّها بقل هو الله أحد » (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٧ ـ ١٥٣٦ ، الوسائل ٨ : ٥١ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٥.

(٢) فقه الرضا «ع» : ١٥٦ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٢٢٤ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٢.

(٣) الصدوق في المقنع : ٤٣ ، السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٣ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١٢٧ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٤٩ ، الحلبي في الكافي : ١٦١ ، الديلمي في المراسم : ٨٥.

(٤) المتقدمة في ص ٣٦٩.

(٥) مصباح المتهجد : ٢٧٥.

(٦) حكاه عنه في المختلف : ١٢٧.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٥٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٢٢٨ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ١.

٣٧١

وعن العماني : العكس في الوسطيين (١). وعن المقنع : التوحيد في الجميع (٢).

ولم نقف لهما على مستند.

وفي صحيحة بسطام (٣) ، ورواية ابن المغيرة (٤) : أنّه يقرأ في كلّ ركعة بالتوحيد ، والجحد.

وفي صحيحة ابن أبي البلاد (٥) : الزلزلة ، والنصر ، والقدر ، والتوحيد.

والظاهر أنّ المراد الترتيب في هذه السور بالنسبة إلى الركعات.

والظاهر التخيير بين كلّ ما روي ، وإن كان المشهور أولى.

ويجوز التوحيد في الجميع ، للرضوي المتقدّم. بل كلّ سورة ، لإطلاق رواية الثمالي ، وعدم دلالة غيرها على الشرطيّة.

ثمَّ بعد الفراغ من القراءة في كلّ ركعة يقول قائما : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، خمس عشرة مرّة ، ثمَّ يركع ويقولها عشرا ، ثمَّ يرفع رأسه ويقولها عشرا قائما ، ثمَّ يسجد ويقولها عشرا في السجدة ، ثمَّ يرفع رأسه ويقولها كذلك جالسا ، ثمَّ يسجد ويقولها كذلك ساجدا ، ثمَّ يرفع رأسه ويقولها كذلك جالسا ، فيكون الجميع ثلاث مائة تسبيحات أربع ، في كلّ ركعة خمس وسبعون ، وألف ومائتا ذكر ، في كلّ ركعة ثلاث مائة.

بالإجماع نصّا وفتوى في ما عدا محلّ التسبيح الذي قبل الركوع ، وترتيب الأذكار الأربعة ، والتسبيح الذي بعد السجدة الثانية من الركعتين الاولى والثالثة. وعلى الحق المشهور قديما وحديثا ـ بل ظاهر الإجماع ـ فيها أيضا.

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ١٢٧.

(٢) المقنع : ٤٣.

(٣) التهذيب ٣ : ١٨٦ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ٨ : ٥٠ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٤٨ ـ ١٥٣٨ ، الوسائل ٨ : ٥٣ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ١.

(٥) المتقدمة في ص ٣٦٩.

٣٧٢

لصحيحة بسطام ، ورواية أبي بصير ، والرضوي في الجميع ، مضافة إلى رواية الثمالي في الأخير.

وظاهر الصدوق في الفقيه (١) : التخيير في الأوّلين (٢) ، بين ما ذكر وبين ما في رواية الثمالي : « تفتتح الصلاة ، ثمَّ تكبّر خمس عشر مرّة تقول : الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله. ثمَّ تقرأ الفاتحة ثمَّ سورة وتركع ، وكذا في سائر الركعات ».

وعن العماني : كون التسبيح بعد السجدة الثانية في الركعتين بعد القيام قبل القراءة (٣). ولا مستند له.

والعمل على المشهور ، لاشتهاره رواية وفتوى ، بل كونه مجمعا عليه.

فروع :

أ : الحق المشهور جواز احتساب هذه الصلاة من النوافل الليليّة والنهاريّة‌ الأدائيّة والقضائيّة ، لروايتي ذريح (٤) ، ورواية أبي بصير (٥) ، وفي العيون : إنّ مولانا الرضا عليه‌السلام كان يصلّي في آخر الليل أربع ركعات بصلاة جعفر ويسلّم في كلّ ركعتين ، ويقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح ، ويحتسب بها من صلاة الليل (٦).

وفي الذكرى عن بعض الأصحاب جواز جعلها من الفرائض أيضا (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٨.

(٢) أي : محلّ التسبيح الّذي قبل الركوع ، وترتيب الأذكار الأربعة.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ١٢٧.

(٤) الاولى : التهذيب ٣ : ١٨٧ ـ ٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٥٧ أبواب صلاة جعفر ب ٥ ح ١.

الثانية : الكافي ٣ : ٤٦٦ الصلاة ب ٩٦ ح ٢ ، الوسائل ٨ : ٥٨ أبواب صلاة جعفر ب ٥ ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤٢ ، الوسائل ٨ : ٥٨ أبواب صلاة جعفر ب ٥ ح ٥.

(٦) عيون أخبار الرضا «ع» ٢ : ١٧٨ ـ ٥ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٢٤.

(٧) الذكرى : ٢٥٠.

٣٧٣

وظاهره قبوله. وإليه مال بعض المحققين من متأخري المتأخرين.

وربّما يدلّ عليه إطلاق قضاء الصلاة في إحدى روايتي ذريح. ويثبته أيضا جواز هذه الأذكار في الصلاة قطعا.

وردّه بعض مشايخنا الأخباريين بإيجابه التغيير الفاحش في الفريضة ، مع أنّ العبادات توقيفية (١).

وفيه : منع التغيير ، وثبوت التوقيف بجواز كلّ ذكر ودعاء في الصلاة.

ب : يستحبّ القنوت فيها في الركعتين الثانية والرابعة قبل الركوع بعد القراءة والتسبيح إجماعا ، للعمومات ، وخصوص روايتي العيون (٢) ، والاحتجاج (٣).

إلاّ أنّ في الأخيرة : « والقنوت فيها مرّتان في الثانية قبل الركوع ، وفي الرابعة بعده ».

ولم أر قائلا به ، والعمل على الأول.

ج : إذا كانت له حاجة يستعجل بها يصلي الأربع ركعات مجرّدة عن التسبيح ، ثمَّ يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه ، كما صرّح به في روايتي أبي بصير (٤) ، وأبان (٥). ومقتضى إطلاقهما أنّه لا يشترط قصد تعيين المحل ممّا يقضي.

ولو عرضت الحاجة في الأثناء فهل يجوز تجريد الباقي وقضاء ما بقي؟

الظاهر نعم ، لفحوى الروايتين.

__________________

(١) انظر : الحدائق ١٠ : ٥٠٧.

(٢) عيون أخبار الرضا «ع» ٢ : ١٧٨ ـ ٥ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض نوافلها ب ١٣ ح ٢٤.

(٣) الاحتجاج : ٤٩١ ، الوسائل ٨ : ٥٦ أبواب صلاة جعفر ب ٤ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤٣ ، الوسائل ٨ : ٦٠ أبواب صلاة جعفر ب ٨ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٦ الصلاة ب ٩٦ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ـ ٤٢٤ ، الوسائل ٨ : ٥٩ أبواب صلاة جعفر ب ٦ ح ١.

٣٧٤

د : لو صلّى ركعتين فعرضت له حاجة جاز ان يذهب إلى حاجته ، ثمَّ يصلّي الباقيتن ، كما صرّحت به صحيحة ابن الريّان (١). ومقتضى مفهومها أنّه لو لم يكن هاهنا أمر لا بدّ منه يصلّي الأربع في مقام واحد ، وهو الأحوط.

هـ : لو سها عن بعض التسبيحات أو كلّها في محلّ ، وتذكّر في محل آخر من هذه الصلاة قضاه فيه ، رواه الشيخ في كتاب الغيبة ، والطبرسي في الاحتجاج ، عن مولانا الصاحب عليه‌السلام ، وفيه بعد السؤال عن سهو التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود ، وتذكّره في حالة اخرى من هذه الصلاة : « إذا سها في حالة من ذلك ، ثمَّ ذكر في حالة اخرى ، قضى ما فاته في الحالة التي ذكره » (٢).

ومقتضى إطلاق الجواب القضاء لو تذكّر بعد الصلاة أيضا.

و : قد تكرّر في الأخبار أنّه يجوز فعلها في أيّ وقت شاء من ليل أو نهار ، سفر أو حضر ، إلاّ أنّه ورد في التوقيع المروي في كتاب الاحتجاج : أنّ أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة (٣).

ز : يستحبّ أن يقول في آخر سجدة من صلاة جعفر بعد التسبيح ما في مرفوعة السراد : يا من لبس العزّ والوقار ، يا من تعطّف بالمجد ، وتكرّم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلاّ له ، يا من أحصى كلّ شي‌ء علمه ، يا ذا النعمة والطول ، يا ذا المنّ والفضل ، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العزّ من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم الأعلى ، وكلماتك التامّات ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفعل بي كذا وكذا (٤).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤١ ، التهذيب ٣ : ٣٠٩ ـ ٩٥٧ ، الوسائل ٨ : ٥٩ أبواب صلاة جعفر ب ٦ ح ١.

(٢) الغيبة : ٢٣٠ ، الاحتجاج : ٤٨٢ ، الوسائل ٨ : ٦١ أبواب صلاة جعفر ب ٩ ح ١.

(٣) الاحتجاج : ٤٩١ ، الوسائل ٨ : ٥٦ أبواب صلاة جعفر ب ٤ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٦ الصلاة ب ٩٦ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤٤ ، الوسائل ٨ : ٥٦ أبواب صلاة جعفر ب ٣ ح ٢.

٣٧٥

أو بما في رواية المدائني (١) ، وهو أيضا قريب ممّا ذكر.

ويتخيّر بينهما ، ويجوز الجمع أيضا.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٧ الصلاة ب ٩٦ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ١٨٧ ـ ٤٢٥ ، الوسائل ٨ : ٥٥ أبواب صلاة جعفر ب ٣ ح ١.

٣٧٦

الثالثة

ألف ركعة نافلة شهر رمضان

زيادة على النوافل المرتّبة‌

فإنّها مستحبّة على الأشهر رواية وفتوى ، بل عليه الإجماع عن السيد والحلّي والديلمي (١).

خلافا للمحكيّ عن الصدوق (٢) ، وفي الخلاف عن قوم من أصحابنا (٣) ، ولطائفة من الأخبار (٤).

وهما مردودان بالشذوذ ، مع أنّ ظاهر الصدوق في الفقيه الجواز المستلزم للاستحباب (٥) ، فيكون الجواز إجماعيّا ، وبه ينتفي اعتضاد الأخبار المانعة بأدلّة الاحتياط ، مع أنّه لا تستفاد منها الحرمة أيضا ، وتبقى روايات الاستحباب (٦) الراجحة بالاشتهار والانجبار بعمومات مرغّبات الصلاة (٧) خالية عن المعارض ، مع إمكان التأويل في المانعة بوجوه عديدة.

ثمَّ في كيفيّة توزيع الألف على الشهر صورتان قال بكلّ منهما طائفة ، ونسب في المنتهى واحدة منهما ، وفي الذكرى الأخرى ـ كما حكي ـ إلى أكثر الأصحاب (٨).

__________________

(١) السيد في الانتصار : ٥٦ ، الحلي في السرائر ١ : ٣١٠ ، الديلمي في المراسم : ٨٢.

(٢) حكاه عنه في الرياض ١ : ٢١٠.

(٣) الخلاف ١ : ٣٥١.

(٤) انظر الفقيه ٢ : ٨٨ ـ ٣٩٥ و ٣٩٦ ، الوسائل ٨ : ٤٢ ، ٤٣ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٩ ح ١ و ٢ ،

(٥) الفقيه ٢ : ٨٩.

(٦) انظر : الوسائل ٨ : ٢٨ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧.

(٧) انظر : الوسائل ٤ : ٣٨ أبواب أعداد الفرائض ب ١٠ ، وأيضا : دعائم الإسلام ١ : ١٣٣.

(٨) المنتهى ١ : ٣٥٨ ، الذكرى ، ٢٥٥.

٣٧٧

إحداهما : أن يصلّي في كلّ ليلة من الشهر عشرين ركعة ، ثمان بعد المغرب ، واثنتي عشرة بعد العشاء ، أو بالعكس ، ويزيد في العشر الآخر في كلّ ليلة عشر ركعات بعد العشاء ، وفي الليالي الثلاثة القدريّة مائة زائدة على وظيفتها.

ثانيتهما : ما ذكر ، إلاّ أنّه يقتصر في الليالي الثلاثة على المائة ، فيبقى ثمانون ركعة يوزّعها على الجمعات الأربع فيصلّي في كلّ يوم جمعة عشرا ، أربعا بصلاة علي عليه‌السلام ، يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التوحيد خمسين مرّة ، وأربعا بصلاة جعفر ـ كما مرّت ـ وركعتين بصلاة فاطمة عليها‌السلام ، يقرأ بعد الحمد في الأولى القدر مائة مرّة ، وفي الثانية التوحيد كذلك ، وعشرين في ليلة الجمعة الأخيرة بصلاة علي ، وعشرين في عشيّتها ليلة السبت بصلاة فاطمة عليها‌السلام.

وعلى الطريقتين دلّت الروايات (١) ، والتخيير طريق الجمع بينهما.

ولو اتّفقت عشيّة الجمعة الأخيرة ليلة العيد قال الشهيد الثاني : يصلّي وظيفتها في آخر ليلة ست منها (٢). ويدلّ عليه إطلاق رواية مفضّل (٣) ، فما قيل : إنّ دليله غير معلوم (٤) ، ليس بجيّد.

ولو اتّفق في الشهر خمس جمعات ففي كيفية التقسيط احتمالات ، بل أقوال ، أظهرها سقوط وظيفة الجمعة الأخيرة ، لإعطاء كلّ جمعة حقّها. ويحتمل تخييره في تعيين الجمعة المسقطة حقّها.

ولو نقص الشهر سقطت وظيفة ليلة الثلاثين ، ولا يشرع قضاؤها وإن نقصت الألف ، إذ لا تكليف بعبادة موقّتة لم يخلق وقتها.

ولا يصلّي ليلة الشك أوّل شهر رمضان. وهل يقضيها إذا ثبتت الرؤية؟

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٨ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧.

(٢) المسالك ١ : ٣٩.

(٣) التهذيب ٣ : ٦٦ ـ ٢١٨ ، المقنعة : ١٧٠ ، الوسائل ٨ : ٢٨ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ١.

(٤) انظر : مجمع الفائدة ٣ : ٢٦.

٣٧٨

الظاهر ذلك ، لعمومات قضاء النوافل (١) ، ومنه يظهر استحباب قضاء كلّ ما فات منها.

ولا فرق في استحباب هذه النوافل بين الصائم وغيره ، للعمومات.

وعن الحلبي التخصيص بالأوّل (٢). ومستنده غير ظاهر.

__________________

(١) كما في الوسائل ٤ : ٢٧٤ أبواب المواقيت ب ٥٧.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٩.

٣٧٩

الرابعة

صلاة يوم الغدير‌

واستحبابها مشهور بين الأصحاب قديما وحديثا ، وتدلّ عليه رواية العبدي وغيرها.

وكيفيّتها على ما في هذه الرواية قال بعد ذكر فضائل هذا اليوم المبارك : « ومن صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل الله عزّ وجلّ ، يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد ، وعشر مرّات قل هو الله أحد ، وعشر مرّات آية الكرسي ، وعشر مرّات إنّا أنزلناه ، عدلت عند الله عزّ وجل مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة ، وما سأل الله عزّ وجل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ قضيت له كائنة ما كانت الحاجة » إلى أن قال : « وليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين أن تقول : ربّنا إنّنا سمعنا » إلى آخر الدعاء.

وهو طويل مذكور في التهذيب ، والمصباح (١).

وأنكرها الصدوق حاكيا له عن شيخه ابن الوليد أيضا ، لضعف الرواية (٢).

ويضعف : بأنّه مقام المسامحة ، مع أنّها بما ذكرنا منجبرة ، وبروايات أخر معتضدة ، فهو ضعيف ، كما حكي عن الحلبي من استحباب الجماعة والخطبتين والخروج إلى الصحراء فيها (٣) ، كما يأتي في بحث الجماعة.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٤٣ ـ ٣١٧ ، مصباح المتهجّد : ٦٨٠ ، الوسائل ٨ : ٨٩ ، ٩٠ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٣ ح ١ و ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٥٥.

(٣) الكافي في الفقه : ١٦٠.

٣٨٠