مستند الشّيعة - ج ٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٩١

لعمومات توظيف الأدعية ، وعدم ثبوت وجوب متابعة الإمام في المقام.

ب : مقتضى رواية القلانسي أنّه لو رفعت الجنازة وقبل الإتمام يمشي معها ، ويتمّ ، ومقتضى الروايتين المتعقّبتين لها أنّه يتمّها مستقبل القبلة. فلو أمكن الجمع بينهما فلا إشكال ، وإلاّ فالظاهر ترجيح المشي مع الجنازة مواجهتها.

المسألة الثالثة : لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة شيئا من التكبيرات ولا الأذكار‌ ، والظاهر الإجماع عليه كما قيل أيضا ، وهو أيضا مقتضى الأصل.

نعم تجب متابعته في التكبيرات ، اتّباعا لظاهر الإجماع ، وتحقيقا لمعنى الاقتداء.

ولو سبق بتكبيرة أو أزيد سهوا أو ظنا أنّ الإمام قد كبّر لم تبطل الصلاة ، للأصل ، والإجماع.

وقالوا باستحباب الإعادة مع الإمام (١).

ولا بأس بالقول به ، لقولهم ، وإلاّ فلا دليل عليه. والحمل على السبق في الركوع والسجود قياس باطل.

ولو سبق عمدا قيل : يأثم ويستمرّ حتى يلحقه الإمام (٢). واستجود في المدارك وجوب إعادة التكبير مع الإمام ، واحتمل بطلان الصلاة أيضا (٣). ولا وجه له ، إذ غايته النهي عنه ، ولم يثبت بطلان هذه الصلاة بمثله.

المسألة الرابعة : النقيصة في التكبيرات الخمس تبطل الصلاة ولو سهوا‌ ، لعدم صدق الامتثال. إلاّ أن يتداركها قبل بطلان الصورة.

والزيادة لا تبطلها مطلقا ، للخروج عن الصلاة بالخامسة.

ولو شكّ في عدد التكبيرات بنى على الأقلّ ، للأصل. ولو أتى به ثمَّ تذكّر‌

__________________

(١) كما في الشرائع ١ : ١٠٧ ، والتذكرة ١ : ٥٢.

(٢) الذكرى : ٦٣.

(٣) المدارك ٤ : ١٨٧.

٣٤١

سبقه لم يضرّ.

المسألة الخامسة : لو دفن من تجب الصلاة عليه بغير صلاة تجب الصلاة عليه في القبر‌ ، ما دام الميّت باقيا ولو استصحابا ، بحيث لو كان على تلك الحال خارجا يصلّى عليه ، فيصلّى على قبره كما كان يصلّى على جنازته ، وفاقا لجماعة منهم المحقّق الأردبيلي ، والفاضل السبزواري (١).

لاستصحاب الوجوب.

وأصالة عدم تقييده واشتراطه بما قبل الدفن.

وأصالة جواز التأخير عنه. ولا تعارضها أصالة عدم الوجوب بعده ، لمعارضتها مع أصالة عدم الوجوب قبله بخصوصه أيضا.

ولعمومات وجوب الصلاة عليه السالمة عن مكاوحة ما يصلح للمعارضة والاستثناء.

وأمّا بعض الأخبار التي يتوهّم منافاته لها ، كموثّقتي عمّار ويونس ، المتقدّمتين في المسألة الاولى (٢) ، وموثّقتي عمّار ومرسلة ابن أسلم ، المتقدّمة في المسألة الثامنة من البحث السابق (٣) ، ورواية ابن ظبيان : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصلّى على قبر ، أو يقعد عليه » (٤).

فليس كذلك ، لعدم التعارض.

أمّا الاولى ، فلأنّ مفهومها أنّه لا يصلّى عليه مطلقا أي حتى وإن كان قد صلّي عليه بعد الدفن ، لا أنّه لا يصلّى عليه أصلا. مع أنّه لا دلالة له على الحرمة في الأوّل أيضا ، لجواز إرادة انتفاء الرجحان المطلق ، حيث إنّه يكره تكرار‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٠ ، كفاية الأحكام : ٢٢.

(٢) راجع ص ٣٣١.

(٣) راجع ص ٣١٥.

(٤) التهذيب ١ : ٤٦١ ـ ١٥٠٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ـ ١٨٦٩ ، المقنع : ٢١ ، الوسائل ٣ : ١٠٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٦.

٣٤٢

الصلاة.

وأمّا الثانية ، فلظهور قوله فيها : « لم أدركها » في وقوع الصلاة عليها أوّلا ، ولذا علّق الصلاة ثانيا على المشيّة ، فهي أيضا كسابقتها تنفي تكرار الصلاة بعد الدفن. ومع ذلك فغايتها نفي ضرب من الاستحباب ، إذ المراد بقوله : « صلّ » ليس حقيقته ـ للتعليق المذكور ـ ومجازه كما يمكن أن يكون مطلق الاستحباب ، يمكن أن يكون تأكده.

وأمّا الثالثة ، فلدلالتها على كفاية الصلاة مقلوبا إذا علم بعد الدفن ، وهو لا يدلّ على عدم وجوبها لو لم يصلّ عليه أصلا.

وأمّا الرابعة ، فلأنّ غايتها رجحان كون الصلاة قبل الدفن ، وأين هو من سقوطها لو لم يصلّ عليه؟ بل وجوب التقدّم أيضا بدليل لا يدلّ على سقوطها لو لم يتقدّم.

ومنه يظهر عدم دلالة الخامسة أيضا.

وأمّا السادسة ، فلأنّها إنّما هي في إقامة الصلاة عند القبور لا صلاة الميّت.

نعم هنا روايتان ، ظاهرهما التعارض :

إحداهما : قوله في ذيل الخامسة : قلت : ولا يصلّون عليه وهو مدفون؟ إلى آخره.

والثانية : صحيحة زرارة ومحمّد : « الصلاة على الميّت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء » قلت : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبي؟ قال : « [ لا ] إنّما دعا له » (١).

وظاهر أنّهما لا تصلحان لمعارضة ما مرّ ، لشذوذهما جدّا ، لدلالتهما على المنع مطلقا ، ولا قائل به من الأصحاب ، وإن حكي عن بعضهم القول به محدودا بحدّ‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠٢ ـ ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ ـ ١٨٧٣ ، الوسائل ٣ : ١٠٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٥.

٣٤٣

يأتي ذكره.

ومع ذلك فهما موافقتان للمحكي عن أبي حنيفة (١) ، وعلى فتاواه أكثر العامّة ، ومعارضتان لأكثر منهما من المعتبرة الدالّة على جواز الصلاة بعد الدفن ، وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى بعده.

كرواية القلانسي المتقدّمة (٢).

وصحيحة هشام : « لا بأس أن يصلّي الرجل على الميّت بعد ما يدفن » (٣).

ورواية مالك : « إذا فاتتك الصلاة على الميّت حتى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن » (٤).

وعمرو بن جميع : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا فاتته الصلاة على الميّت صلّى على القبر » (٥).

وروي : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى على قبر مسكينة دفنت ليلا (٦).

والرضوي : « فإن لم يلحق الصلاة على الجنازة حتى يدفن الميّت فلا بأس أن يصلّي بعد ما دفن » (٧).

والترجيح لها ، للأشهريّة رواية ، والأبعديّة عن فتاوى العامّة ، والاعتضاد بعمل الطائفة ، وبه يثبت الجواز ، وهو أيضا دليل آخر على الوجوب بضميمة‌

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.

(٢) في ص ٣٣٦.

(٣) التهذيب ١ : ٤٧٧ ـ ١٥٣٠ ، التهذيب ٣ : ٢٠٠ ـ ٤٦٦ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ـ ١٨٦٦ ، الوسائل ٣ : ١٠٤ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٧٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٦٧ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ـ ١٨٦٧ ، الوسائل ٣ : ١٠٤ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٧٦ ، التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٦٨ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ـ ١٨٦٨ ، الوسائل ٣ : ١٠٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٣.

(٦) انظر : سنن النسائي ٤ : ٤٠.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٧٩ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٢٧٤ أبواب صلاة الجنازة ب ١٦ ح ١.

٣٤٤

الإجماع المركّب.

هذا مع احتمال حملهما على معنى آخر ، بأن يكون السؤال في ذيل الخامسة عن جواز تقديم دفن من ذكر على الصلاة اختيارا ، فيكون المراد أنّه هل يجوز أن يدفن أوّلا ذلك الشخص ، ثمَّ يصلّى عليه؟ فيكون المنع متعلّقا به ، ولا يثبت المنع عن الصلاة لو دفن أوّلا اضطرارا ، بل ولا اختيارا. ويجري ذلك المعنى في مرسلة أخرى لابن أسلم لا تتضمّن الصدر المذكور أيضا (١) ، إذ الظاهر اتّحاد الروايتين.

ويكون قوله : « بعد ما يدفن » في الصحيحة خبرا للصلاة ، ويكون قوله : « إنّما هو » علّة له ، يعنى : إنّ الصلاة تكون بعد الدفن ، لأنّ صلاة الميّت دعاء ، يجوز في كلّ وقت ، وصلاة النبي أيضا لم تكن إلاّ هذه الصلاة دون الصلاة الحقيقيّة.

والإيراد بأنّ اختصاص الصلاة بما بعد الدفن ممّا لم يقل به أحد ، مشترك ، إذ اختصاص ما بعد الدفن بالدعاء الخالي عن التكبير ، وعدم جواز غيره أيضا كذلك ، والتأويل يجري على المعنيين.

ومنه يظهر وجه ما ذكرنا من سلامة العمومات المذكورة عن المعارض ، مع أنّه لو سلّمت المعارضة ، فتكون بالعموم من وجه ، فلو لا ترجيح العمومات بما ذكرنا في مورد التعارض وهو : من لم يصلّ عليه حتى يدفن ، لوجب الرجوع إلى الاستصحاب ، ومقتضاه أيضا وجوب الصلاة على من لم يصلّ عليه ، وتخصيص الروايتين وما بمعناهما ـ لو كان ـ بمن صلّي عليه.

مع أنّهما فيه أيضا معارضتان بما مرّ ، والترجيح له كما عرفت. بل لو لا الترجيح أيضا لكان المرجع استصحاب الجواز ، وإن كان مع الكراهة كما مرّ. فالحقّ الجواز له أيضا مطلقا ، كما عن علي بن بابويه والعماني (٢). وقرّبه الشهيد في‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ ـ ١٨٧١ ، الوسائل ٣ : ١٠٦ أبواب صلاة ب ١٨ ح ٨.

(٢) حكاه عن علي بن بابويه في الذخيرة : ٣٣٣ ، وعن العماني في المختلف : ١٢٠.

٣٤٥

البيان (١) ، واختاره في الذخيرة (٢) ، بل هو ظاهر المحكي عن المعتبر والمنتهى (٣).

خلافا في الأوّل (٤) للأخيرين والمدارك ، فقالوا بعدم الوجوب (٥) ، وإن جوّزوها لوجه اعتباري لا وجه له.

وفي الثاني (٦) للمحكي عن المختلف ، فمنع عنه مطلقا (٧) ، ولعلّه للجمع بين أخبار الجواز وروايات المنع بتخصيص الثانية بمن صلّي عليه.

وهو كان حسنا ، لو كان له شاهد. مع أنّه غير جار في رواية القلانسي (٨) ، لتصريحها بصلاة الجماعة عليه. بل ـ كما قيل (٩) ـ في غيرها أيضا ، لتبادر صورة الصلاة عليه منها.

وعن الشيخين والقاضي والحلّي والكيدري وابني حمزة وزهرة والشرائع والإرشاد (١٠) ، وغيرها ، بل الأكثر كما في الذخيرة والمدارك ، وعن الذكرى والروضة (١١) ، فقيّدوا الجواز بيوم وليلة ، بل ظاهر بعض هؤلاء شمول التحديد لمن لم يصلّ عليه أيضا.

__________________

(١) البيان : ٧٧.

(٢) الذخيرة : ٣٣٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٣٥٨ ، المنتهى ١ : ٤٤٩.

(٤) أي : الصلاة بعد الدفن على من لم يصلّ عليه.

(٥) المنتهى ١ : ٤٥٠ ، المعتبر ٢ : ٣٥٨ ، المدارك ٤ : ١٨٨.

(٦) أي : الصلاة بعد الدفن على من صلّي عليه.

(٧) المختلف : ١٢٠.

(٨) المتقدمة في ص ٣٣٦.

(٩) الرياض ١ : ٢٠٧.

(١٠) المفيد في المقنعة ٢٣١ ، الطوسي في النهاية : ١٤٦ ، القاضي في المهذب ١ : ١٣٢ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٦٠ ، حكاه عن الكيدري في الذكرى : ٥٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٢٠ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ ، الشرائع ١ : ١٠٧ ، الإرشاد ١ : ٢٦٢.

(١١) الذخيرة : ٣٣٣ ، المدارك ٤ : ١٨٧ ، الذكرى : ٥٥ ، الروضة : ١ : ١٤٢ وفيها : على أشهر القولين.

٣٤٦

وعن الديلمي فقيّده بثلاثة أيّام (١).

وعن الإسكافي فيما لم تتغيّر صورته (٢).

وفي المدارك ، فنفى البعد عن التقدير بيوم الدفن (٣).

ولا مستند لشي‌ء منها كما اعترف به في المعتبر والمنتهى لغير الأخير (٤) ، مع أنّه يحتمل أن يكون مرادهم تحديد الجواز الخالي عن الكراهة ويكون بعده مكروها ، فلا يكون لهم خلاف في أصل الجواز.

إلاّ أنّ الظاهر من إثباتهم الكراهة للتكرار مطلقا أوّلا ، ثمَّ تحديدهم الجواز بذلك أنّهم يحرّمونه بعده.

ولذا نسب جماعة (٥) إليهم بعده الحرمة ، وأثبت بعضهم لأجل ذلك لها بعده الشهرة (٦).

وكيف كان فعدم المستند يردّه ، والجمع بين الأخبار به فرع شاهد عليه.

وقد يجمع بينها بحمل أخبار الجواز على مجرّد الدعاء بشهادة صحيحة زرارة المتقدّمة وغيرها.

وهو كان حسنا لو كانت مقاومة لما مرّ ، وقد عرفت عدمها ، فاللازم طرحها ، أو حملها على ما ذكرنا من المحامل ، أو على مرتبة من الكراهة.

المسألة السادسة : لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة على الأخرى‌ ، فعن‌

__________________

(١) المراسم : ٨٠.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ١٢٠.

(٣) المدارك ٤ : ١٨٨.

(٤) المعتبر ٢ : ٣٥٩ ، المنتهى ١ : ٤٥٠.

(٥) منهم صاحب المدارك ٤ : ١٨٧ ، والآقا جمال الخوانساري في الحواشي على الروضة : ١٢٣ ، وصاحب الحدائق ١٠ : ٤٥٩.

(٦) كما في الرياض ١ : ٢٠٨. ومرجع الضمير في « لها » الحرمة ، وفي « بعده » التحديد.

٣٤٧

الصدوقين والشيخ والفاضلين (١) ، بل ـ كما قال جماعة (٢) ـ هو المشهور : أنّه يتخيّر المصلّي بين إتمام الصلاة على الاولى واستينافها للثانية ، وبين قطع الاولى والصلاة عليهما معا.

وعن الإسكافي (٣) تخييره بين أن يجمع بينهما بأن يتمّ على الثانية خمسا مشتركا معها الاولى في الجميع فتزيد تكبيرات الاولى عن الخمس ، وبين أن يتم الخمس للأولى مشتركا للثانية معها فيما بقي ، ثمَّ يومئ برفع الاولى ، ويتمّ ما بقي إلى الخمس للثانية ، وهو المحكي عن ظاهر التهذيبين (٤) ، بل عن جماعة من المتأخرين (٥).

احتج للأوّل تارة بصحيحة علي : في قوم كبّروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين ، ووضعت معها اخرى ، قال : « إن شاؤوا تركوا الاولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة ، وإن شاؤوا رفعوا الاولى وأتمّوا التكبير على الأخيرة » (٦).

واخرى بالرضوي المنجبر ضعفه بدعوى الشهرة : « وإن كنت تصلّي على الجنازة وجاءت الأخرى ، فصلّ عليهما صلاة واحدة خمس تكبيرات ، وإن شئت استأنفت على الثانية » (٧).

وللثاني بالصحيحة.

وفي الكلّ نظر : أمّا الأخير فلأنّه إنّما يتم لو لم يتعيّن المصلّى عليه بالنيّة ،

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ٢١ ، وحكاه عن والده في الذكرى : ٦٣ ، الشيخ في النهاية : ١٤٧ ، المحقق في المعتبر ٢ : ٣٦٠ ، العلامة في المنتهى ١ : ٤٥٨.

(٢) كصاحب الحدائق ١٠ : ٤٦٧ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٠٩.

(٣) حكاه عنه في الذكرى : ٦٤.

(٤) التهذيب ٣ : ٣١٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤.

(٥) كالشهيد في الذكرى : ٦٣ ، والمجلسيّين في روضة المتقين ١ : ٤٣٢ ، والبحار ٧٨ : ٣٦٤ ، فراجع.

(٦) الكافي ٣ : ١٩٠ الجنائز ب ٥٩ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٣٢٧ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ٣ : ١٢٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٤ ح ١.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٧٩ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٢٨٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٩ ح ١.

٣٤٨

وإلاّ ـ كما هو الواقع ـ فيمكن أن يكون معنى الفقرة الاولى : إن شاؤوا تركوا الأولى باقية في مكانها بعد تمام الصلاة عليها حتى يصلّى على الأخيرة إمّا صلاة مستأنفة ، كما هو أحد الاحتمالين ، أو منضمّة بعضها مع ما بقي من الاولى فتشترك الثانية مع الاولى فيما بقي منها ، ولا تشترك الاولى مع الثانية فيما زيد لها ، كما هو الاحتمال الآخر.

ومع ذلك يمكن أن يكون المراد بإتمام التكبير على الأخيرة استئناف الصلاة لها ، لا ضمّ الباقي مع ما أدركته من الاولى ، فيكون المراد من الصحيحة التخيير بين رفع الاولى وتركها بعد إتمام صلاتها.

ومنه يظهر وجه النظر في الأوّل أيضا ، مضافا إلى احتمال مذهب الإسكافي في الصحيحة أيضا ، وعدم دلالتها على القطع بوجه.

وأمّا في الثاني فلاحتمال أن يكون المراد منه بيان تجويز التشريك والتفريق ، مع بيان أولوية تقديم المتقدّمة من الجنائز مع التفريق ، فيكون المعنى : إن كنت تريد الصلاة على جنازة حاضرة فجاءت الأخرى ، فأنت بالخيار بين التشريك ، وبين أن تصلّي بالأولى ثمَّ بالثانية. وهذا المعنى وإن احتاج إلى حمل قوله « تصلّي » على إرادتها ولكنّ المعنى الذي راموه أيضا يحتاج إلى إرادته عليه‌السلام ترك الصلاة بالأولى ، وإسقاط ما تقدّم من التكبير ، وهو خلاف الظاهر.

فالصواب أن يستدلّ للقول الأوّل بالأصل. فيقال بجواز القطع والصلاة عليهما معا ، لأصالة عدم حرمته. ودليل حرمة إبطال العمل ـ لو تمَّ ـ لم يجر هناك. وجواز الإتمام والاستيناف للثانية ، لأصالة عدم وجوب التعجيل لها ، ولا القطع ، ولا التشريك.

ولعلّ هذا مراد الفاضل في المنتهى حيث استدلّ بأنّ مع كلّ من شقّي التخيير تحصل الصلاة وهو المطلوب (١).

وأمّا احتمال جمعهما إلى أن يتمّ الخمس للثانية كما هو مذهب الإسكافي ،

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٥٨.

٣٤٩

فيردّه إيجاب زيادة صلاة الأولى عن خمس تكبيرات ، وهي باطلة بالأخبار المصرّحة بأنّ صلاة الميّت خمس تكبيرات. واحتمال جمعهما فيما بقي من تكبيرات الاولى وتفريد الثانية بالباقية ، فيردّه عدم القائل.

المسألة السابعة : إذا تعدّدت الجنائز يجوز تخصيص كلّ منها بصلاة.

ويجوز تشريك الجميع ، للأصل ، والإجماع ، والروايات الواردة في كيفيّة ترتيب الجنائز (١).

وحينئذ فينوي الجميع ، ويشرك بينهم في الأذكار فيما يتّحد لفظه ، ويراعي الجميع في المختلف ، فلو كان منهم مؤمن وطفل ومجهول ، راعى وظيفة كلّ واحد منهم ، ومع اتّحاد الصنف يراعي تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ، أو يذكر مطلقا مؤوّلا بالميّت ، أو يؤنّث كذلك مؤوّلا بالجنازة ، ولعلّ الأوّل أولى.

المسألة الثامنة : يشترط في وجوب الصلاة على الميّت وجوده إجماعا‌ ، وتدلّ عليه روايات انتفاء الصلاة على اللحم المجرّد ونحوه (٢). فلا يصلّى على الرميم لو لم يصلّ عليه أوّلا ، وما أكله السبع ، والغريق في البحر ونحوها.

المسألة التاسعة : يجوز إيقاع هذه الصلاة في كلّ وقت من غير كراهة‌ ، ولو كان من الأوقات المكروهة فيها الصلاة ، للأصل ، والإجماع المحقّق ، والمحكي عن الخلاف والمنتهى والتذكرة وغيرها (٣) ، والنصوص المستفيضة كصحيحتي الحلبي (٤) ،

__________________

(١) انظر : الوسائل ٣ : ١٢٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢.

(٢) انظر : الوسائل ٣ : ١٣٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨.

(٣) الخلاف ١ : ٧٢١ ، المنتهى ١ : ٤٥٨ ، التذكرة ١ : ٥١ ، وانظر المدارك ٤ : ١٨٨.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٢١ ـ ٩٩٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ ـ ١٨١٥ ، الوسائل ٣ : ١٠٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ١.

٣٥٠

ومحمّد (١) ، وروايته (٢) ، والمروي في العلل (٣) ، والعيون (٤) ، وغيرها.

وأمّا رواية الحلبي : « تكره الصلاة على الجنائز حتى تصفرّ الشمس وحين تطلع » (٥).

فلا تصلح معارضة لما مرّ ، لوجوه عديدة ، منها كونها موافقة للعامّة (٦).

ولو زاحمت هذه الصلاة فريضة حاضرة فمع ضيق وقت إحداهما ـ ولو بمثل الخوف على الجنازة ـ وسعة الأخرى يقدّم المضيّق وقتها بلا خلاف ، والوجه ظاهر.

ولو تضيّقتا معا : ففي وجوب تقديم الحاضرة ، كظاهر الحلّي والشرائع والنافع والمدارك (٧) ، وجماعة أخرى (٨) ، بل حكي عليه الشهرة (٩).

أو صلاة الجنازة ، كما عن ظاهر المبسوط (١٠).

قولان ، ولعلّ الأول أقرب ، لتقدّم الفريضة على السنّة ، وكون الصلاة في الدين هي العمدة.

ولو اتسعتا فلا تقديم لأحدهما وجوبا قطعا.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨٠ الجنائز ب ٥١ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢١ ـ ٩٩٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ ـ ١٨١٤ ، الوسائل ٣ : ١٠٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ١٨٠ الجنائز ب ٥١ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٣٢١ ـ ٩٩٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ ـ ١٨١٣ ، الوسائل ٣ : ١٠٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ٣.

(٣) العلل : ٢٦٨ ، الوسائل ٣ : ١٠٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ٤.

(٤) العيون ٢ : ١١٣ ، الوسائل ٣ : ١٠٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٢١ ـ ١٠٠٠ ، الاستبصار ١ : ٤٧٠ ـ ١٨١٦ ، الوسائل ٣ : ١٠٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٠ ح ٥.

(٦) انظر : بداية المجتهد ١ : ٢٤٢.

(٧) الحلي في السرائر ١ : ٣٦٠ ، الشرائع ١ : ١٠٧ ، النافع : ٤١ ، المدارك ٤ : ١٨٩.

(٨) منهم العلاّمة في المنتهى ١ : ٤٥٨ ، والشهيد في الدروس ١ : ١١٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٣٢.

(٩) الرياض ١ : ٢٠٨.

(١٠) المبسوط ١ : ١٨٥.

٣٥١

وفي أفضليّة تقديم الحاضرة أو الجنازة روايتان خاصّتان (١) ، أولاهما معتضدة بعمومات فضيلة أوّل الوقت ، وثانيتهما بعمومات استحباب تعجيل التجهيز.

والوجه التخيير ، وإن كان الأوّل أظهر ، لما مرّ من كون الحاضرة فريضة عمدة وصلاة الجنازة سنّة.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ١٢٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٣١.

٣٥٢

الباب الرابع

في الصلوات النوافل الغير اليوميّة‌

وهي كثيرة مضبوطة في كتب الأدعية لا حصر لها ، فإنّ الصلاة خير موضوع ، فمن شاء استقلّ ، ومن شاء استكثر ، إلاّ أنّا نذكر هنا ممّا ذكره الأصحاب أربع صلوات‌ :

٣٥٣
٣٥٤

الأولى

صلاة الاستسقاء‌

وهو : طلب السقي أو السقيا أو الإسقاء ، وهو كان مشروعا في الملل السابقة ، كما يستفاد من الكتاب (١) والسنة ، وإن لم يستفد منهما كونه بالصلاة أو مجرّد الدعاء بلا صلاة ، حيث إنّ الطريقين ثابت في ملّتنا. أمّا الأخير فبإجماع الفريقين ، وورود دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك في بعض أخبارنا (٢) ، وهو ـ كما قيل (٣) ـ أدنى الاستسقاء.

وأوسطه الدعاء عقيب صلاة أو في أثنائها ، حيث إنّه أقرب إلى الإجابة.

وأفضله الاستسقاء بالصلاة ، فتستحبّ عند غور الأنهار ، وفتور الأمطار وحبسها عرفا ، بإجماعنا المحقّق والمصرّح به في كلمات جماعة (٤) ، بل إجماع كلّ من يحفظ عنه العلم غير أبي حنيفة ، فإنّه قال بمجرّد الدعاء (٥) ، ومع ذلك النصوص به مستفيضة بل متواترة معنى.

والكلام إمّا في كيفيّتها ، أو مستحبّاتها.

أمّا الأولى : فهي ركعتان بالإجماع ، والنصوص ، ففي موثّقة ابن بكير : في الاستسقاء ، قال : « يصلّي ركعتين ، ويقلّب رداءه الذي على يمينه ، فيجعله على يساره ، والذي على يساره على يمينه ، ويدعو الله فيستسقي » (٦).

ورواية طلحة : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى للاستسقاء‌

__________________

(١) ( وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ ) .. البقرة : ٦٠.

(٢) انظر : الوسائل ٨ : ٧ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٤.

(٣) الروضة ١ : ٣١٩.

(٤) كالعلامة في التذكرة ١ : ١٦٧ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٠٩.

(٥) انظر : بداية المجتهد ١ : ٢١٥.

(٦) التهذيب ٣ : ١٤٨ ـ ٣٢١ ، الوسائل ٨ : ٩ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٣ ح ١.

٣٥٥

ركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، وكبّر سبعا وخمسا ، وجهر بالقراءة » (١).

ومرسلة الفقيه : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي للاستسقاء ركعتين ، ويستسقي وهو قاعد ، وقال ، بدأ بالصلاة قبل الخطبة ، وجهر بالقراءة » (٢).

وصحيحة هشام : عن صلاة الاستسقاء ، قال : « مثل صلاة العيدين ، يقرأ فيها ، ويكبّر فيها ، كما يقرأ ويكبّر فيهما ، يخرج الإمام ، فيبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة ، ويبرز معه الناس ، فيحمد الله ، ويمجّده ، ويثني عليه ، ويجتهد في الدعاء ، ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ، ويصلّي مثل صلاة العيدين بركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد ، فإذا سلّم الإمام ، قلّب ثوبه ، وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر ، والذي على الأيسر على الأيمن ، فإنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك صنع » (٣) إلى غير ذلك.

ويستفاد من صريح بعض هذه الأخبار ، ومن مماثلتها للعيدين في الأخيرة أنّه يكبّر فيها سبعا وخمسا كما في العيدين ، كما عليه إجماع علمائنا محقّقا ، ومحكيّا مستفيضا (٤) ، وتدلّ عليه روايات أخر أيضا ، منها رواية ابن المغيرة : يكبّر في صلاة الاستسقاء كما يكبّر في العيدين ، في الأوّل سبعا ، وفي الثانية خمسا ، ويصلّي قبل الخطبة ، ويجهر بالقراءة ، ويستسقي وهو قاعد (٥).

وكذا تظهر من المماثلة المذكورة المماثلة في القراءة وما يقرأ فيها من السورة استحبابا ، وإن جاز كلّ سورة. والقنوتات ، كما عليه الإجماع ، لأنّها ـ كالتكبيرات ـ

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٠ ـ ٣٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ ـ ١٧٤٨ ، الوسائل ٨ : ١٠ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٤ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٣٣٨ ـ ١٥٠٥ ، الوسائل ٨ : ٧ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٦ و ٧.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٢ الصلاة ب ٩٤ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٤٩ ـ ٣٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤٥٢ ـ ١٧٥٠ ، الوسائل ٨ : ٥ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ١.

(٤) الخلاف ١ : ٦٥٨ ، التذكرة ١ : ١٦٧ ، الذخيرة : ٣٤٦ ، الحدائق ١٠ : ٤٨٤.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٣ الصلاة ب ٩٤ ح ٤ ، الوسائل ٨ : ٦ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٣.

٣٥٦

من الأحكام الشائعة الظاهرة للعيدين المنصرفة إليها المماثلة المطلقة قطعا ، كما عليه الإجماع أيضا.

إلاّ أنّهم صرّحوا بأنّه ينبغي أن يكون القنوت هنا بطلب الرحمة وتوفير المياه ، ولا يتعيّن فيه دعاء خاصّ ، بل يدعو بما تيسّر له وأمكنه ، وإن كان أفضل ذلك الأدعية المأثورة عن أهل بيت العصمة ، فإنّهم أعرف بما يناجي به الربّ سبحانه.

وربّما يقال : إنّ مقتضى المماثلة شمولها للوقت أيضا ، فيخرج ما بين طلوع الشمس إلى الزوال ، كما نصّ عليه الشهيدان (١) ، وعن العماني والحلبي (٢) ، ونسبه في الذكرى إلى ظاهر الأصحاب (٣) ، وفي المختلف إلى ظاهر الشيخين (٤) ، حيث إنّهما لم يتعرّضا لوقتها ، إلاّ أنّهما حكما بمساواتها للعيد (٥).

وأنت خبير أنّه ليس بظاهر ، إذ المتبادر من المساواة والمماثلة المساواة في الكيفيّة لا الأمور الخارجيّة.

ومنه يحصل الخدش فيما استظهره في الذكرى أيضا ، إذا الظاهر ـ كما صرّح به بعض الأجلّة (٦) ـ أنّها وجهه ، وإلاّ فالأكثر ـ ومنهم : الصدوق والحلّي والديلمي والفاضلان ـ لم يتعرّضوا لوقتها.

وكذلك يحصل الخدش في استفادة المماثلة في الوقت من الصحيحة ، ومن رواية مرّة مولى خالد : « ثمَّ يخرج كما يخرج يوم العيدين » (٧).

ومنه بضميمة الأصل والإطلاق يظهر أنّ الأقوى عدم التوقيت فيها ، كما‌

__________________

(١) الشهيد الأوّل في البيان : ٢٢٠ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣١٩.

(٢) حكاه عن العماني في المختلف : ١٢٦ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٦٢.

(٣) الذكرى : ٢٥١.

(٤) المختلف : ١٢٦.

(٥) انظر : المقنعة ٢٠٧ ، الاشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ٢٩ ، المبسوط ١ : ١٣٤ ، الانتصار : ٢٧١.

(٦) كشف اللثام ١ : ٢٧٠.

(٧) الكافي ٣ : ٤٦٢ الصلاة ب ٩٤ ح ١ ، التهذيب ١٤٨ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ٨ : ٥ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٢.

٣٥٧

عن المعتبر والنهاية والتذكرة التحرير والدروس (١) وجمع آخر (٢) ، بل عن النهاية والتذكرة الإجماع عليه (٣).

إلاّ أنّ في الأخير : أنّ الأقرب عندي إيقاعها بعد الزوال ، لأنّ ما بعد العصر أشرف.

وضعفه ظاهر ، كما حكي عن الإسكافي والحلّي من التوقيت بما بعد الفجر (٤).

وأمّا مستحبّاتها وسننها ـ مضافة إلى ما استفيد مما مرّ ـ أمور :

منها : أن يصوم الناس ثلاثا متوالية ، والخروج يوم الثالث‌ ، بلا خلاف فيه ظاهر ، كما قيل (٥) ، له ، وللنصوص. منها : رواية حمّاد السراج وفيها : « ليس الاستسقاء هكذا فقل له : يخرج فيخطب الناس ، ويأمرهم بالصيام اليوم وغدا ، ويخرج بهم اليوم الثالث وهم صيام » (٦) الحديث.

ومنها : أن يكون الخروج يوم الاثنين‌ ، وفاقا للصدوق والشيخ والقاضي والحلّي وابن حمزة (٧) ، بل هو المشهور كما صرّح به جماعة (٨) ، بل قيل (٩) : إنّ الأصحاب لم يتعرّضوا لغير الاثنين ، إلاّ أبا الصلاح ومن بعده.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٦٤ ، نهاية الإحكام ٢ : ١٠٤ ، التذكرة ١ : ١٦٨ ، التحرير ١ : ٤٧ ، الدروس ١ : ١٩٦.

(٢) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٧٠ ، وصاحب الحدائق ١٠ : ٤٨٥.

(٣) نهاية الإحكام ٢ : ١٠٤ ، التذكرة ١ : ١٦٨.

(٤) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١٢٦ ، وأمّا الحلّي فلم يعيّن لها وقتا ، انظر : السرائر ١ : ٣٢٥.

(٥) انظر : التذكرة ١ : ١٦٧.

(٦) التهذيب ٣ : ١٤٨ ـ ٣٢٠ ، الوسائل ٨ : ٨ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٢ ح ١.

(٧) الصدوق في المقنع : ٤٧ ، الشيخ في النهاية : ١٣٨ ، القاضي في المهذب ١ : ١٤٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٢٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١١٣.

(٨) منهم صاحب الرياض ١ : ٢٠٩ ، وانظر : مفتاح الكرامة ٣ : ٢٤٩.

(٩) الرياض ١ : ٢٠٩.

٣٥٨

لرواية مرّة ، وفيها : قلت له : متى يخرج جعلت فداك؟ قال : « يوم الاثنين » (١).

والمروي في العيون : متى تفعل ذلك؟ وكان يوم الجمعة ، فقال : « يوم الاثنين ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني البارحة في منامي ، ومعه أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فقال : يا بنيّ ، انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء واستسق .. » (٢) الحديث.

وعن المفيد في المقنعة والحلبي : أنّهما لم يذكرا سوى الجمعة (٣) ، ولعلّه لشرفه ، وما ورد من تأخير قضاء الحوائج إليه (٤) ، وذمّ الاثنين ، والنهي عن طلب الحوائج فيه (٥).

وخيّر أكثر المتأخّرين بين اليومين (٦) ، لما ذكر ، وللنصّ ، وهما كانا حسنين لو لا النصّ الخاصّ الواجب تقديمه ـ سيّما مع الاعتضاد بعمل الأكثر ـ على العام.

وعن صريح الذكرى والدروس والبيان وظاهر التحرير والشرائع والنفلية : الترتيب بينهما بتقديم الاثنين (٧) ، فإن لم يتّفق فالجمعة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٢ الصلاة ب ٩٤ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٤٨ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ٨ : ٥ أبواب صلاة الاستسقاء ب ١ ح ٢.

(٢) عيون أخبار الرضا «ع» ٢ : ١٦٥ ـ ١ ، الوسائل ٨ : ٨ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٢ ح ٢.

(٣) لا يوجد في المقنعة : ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، بل صرّح الشهيد ره في الذكرى : ٢٥٠ ، بانّ المفيد ره لم يعيّن وقتا للخروج ، الحلبي في الكافي : ١٦٢.

(٤) انظر : الوسائل ٧ : ٣٨١ ، ٣٨٣ أبواب صلاة الجمعة ب ٤٠ و ٤١ ح ٢٠ و ١.

(٥) كما في الوسائل ١١ : ٣٥١ أبواب آداب السفر الى الحج ب ٤ ح ١ و ٢ و ٣.

(٦) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٣٦٢ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٤٠ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة ١ ) : ٣١٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٢٤ ، والعلامة المجلسي في البحار ٨٨ : ٣١٢ ، وصاحب الحدائق ١٠ : ٤٨٥.

(٧) الذكرى : ٢٥٠ ، الدروس ١ : ١٩٦ ، البيان : ٢١٨ ، التحرير ١ : ٤٧ ، الشرائع ١ : ١٠٩ ، النفلية : ٤٤.

٣٥٩

وعن العماني والإسكافي والديلمي : أنّهم لم يعيّنوا لها وقتا (١).

ومنها : الإصحار بها إجماعا‌ ، كما عن المعتبر والمنتهى والذكرى وغيرها (٢) ، للتأسي ، والأخبار ، كرواية العيون السابقة ، ورواية أبي البختري : « مضت السنّة أنّه لا يستسقى إلاّ بالبراري ، حيث ينظر الناس إلى السماء ، ولا يستسقى في المساجد إلاّ بمكّة » (٣).

وذكر بعضهم : أنّه لو حصل مانع من الصحراء كخوف وشبهه ، صلّيت في المساجد (٤). ولا بأس به.

ومنها : أن يخرجوا حفاة ، نعالهم بأيديهم‌ ، لأنّه أبلغ في التذلّل والانكسار ، وللأمر بالمشي كما يمشي في العيدين.

في ثياب بذلة ، للتذلّل ، والتأسي ، كما ذكره الفاضل في التذكرة والنهاية (٥).

في تواضع وتخشّع واستكانة وسكينة ووقار ، كما مرّ في بعض الأخبار.

مطرقين ، مكثرين لذكر الله والاستغفار من ذنوبهم وسيّئات أعمالهم ، قال الله سبحانه ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) .. ( يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ) (٦).

ومنها : أن يكون المؤذّنون بين يدي الإمام ، وفي أيديهم غيرهم‌ ، كما في رواية مرّة.

وأن يخرج المنبر بخلاف العيد ، لهذه الرواية أيضا ، وفي الرضوي : « يخرج‌

__________________

(١) حكاه عن العماني والإسكافي في المختلف : ١٢٥ ، الديلمي في المراسم : ٨٣.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٦٢ ، المنتهى ١ : ٣٥٥ ، الذكرى : ٢٥١ ، وانظر : الرياض ١ : ٢٠٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٥٠ ـ ٣٢٥ ، قرب الإسناد : ١٣٧ ـ ٤٨١ ، الوسائل ٨ : ١٠ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٤ ح ١.

(٤) كما في الذكرى : ٢٥١.

(٥) التذكرة ١ : ١٦٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ١٠٣.

(٦) هود : ٥٢.

٣٦٠