مستند الشّيعة - ج ٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٩١

وأمّا الصلاة على كلّ واحد واحد بشرط إسلامه ـ كما قيل (١) ـ فصحّته غير معلومة ، لأجل التعليق في القصد.

ويشكل الأمر فيما لو كثر الموتى بحيث يوجب الجمع تباعد البعض بالحدّ الخارج عن القدر المجوّز ، ولا يبعد العفو عن هذا التباعد حينئذ.

المسألة السادسة : الحقّ المشهور وجوب الصلاة على ولد الزنا إذا كان بالغا مسلما‌ ، بل عن الخلاف الإجماع عليه (٢) ، للعمومات المتقدّمة.

خلافا للمحكي عن الحلّي فمنع عنها (٣) ، لكفره المانع منها.

وفي كلّ من الموصوف والوصف نظر ، يظهر وجهه ممّا مرّ.

ولو كان صبيّا فعن الذكرى الاستشكال فيه (٤) ، لعدم لحوقه بالأبوين حتى يتبعهما أو أحدهما في الإسلام.

وهو كان في موقعه لو كان دليل الصلاة عليه مجرّد الإجماع ، أو اللحوق ، ولكن العمومات المتقدّمة في الصبي وإطلاقاته تشمل كلّ ما لم يخرج بالإجماع ، فتجب الصلاة عليه.

ومنه يظهر وجوب الصلاة على لقيط دار الإسلام ، بل دار الكفّار إذا احتمل كون الطفل متولّدا من المسلم. نعم ، لا تجب على المتولّد من الكافرين ، لأنّ الإجماع أخرجه.

__________________

(١) انظر : المبسوط ١ : ١٨٢.

(٢) الخلاف ١ : ٧١٣.

(٣) السرائر ١ : ٣٥٧.

(٤) الذكرى : ٥٤.

٢٨١

البحث الثاني

في من يصلّي على الميّت‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : صلاة الميّت واجبة كفاية على كلّ من علم بموته.

أمّا وجوبها فقد مرّ.

وأما عدم وجوبها على الجميع ، فللإجماع بل الضرورة ، وللعلم بأنّ المطلوب ليس إلاّ إدخال واحدة في الوجود.

وأمّا عدم تعيّنها على أحد بخصوصه ، فللأصل ، وإطلاقات الأمر بالصلاة المتقدّمة ، ونحو صحيحة عليّ ـ في أكيل السبع إذا بقي عظامه ـ : « يغسّل ويصلّى عليها ويدفن » (١).

فتكون واجبة كفائية.

ولا ينافيه توجّه الخطاب في بعض الأخبار إلى الولي ، لأنّه إمّا على سبيل الأفضليّة العينيّة الغير المنافية للوجوب الكفائي ، أو مخصوص بالإمامة فيها ، كما يأتي.

مع أنّ الخطاب فيها إلى الولي أو من يأمره ، فلو كان للوجوب لكانت واجبة كفاية أيضا على الولي أو مأذونه. ولو عصى ولم يفعل ولم يأذن ، تجب حينئذ على سائر الناس كفاية أيضا. فالواجب الكفائي هو الصلاة بإذن الولي سواء فعلها بنفسه ، أو بنصب الغير. وإن لم يفعلها ولم يأذن للغير ، يكون الواجب الكفائي هو‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢١٢ الجنائز ب ٧٦ ح ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ ـ ٤٤٤ ، الوسائل ٣ : ١٣٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١.

٢٨٢

الصلاة مطلقا ، فيصدق على الصلاة أنّها واجبة كفاية.

فإن قيل : حاصله الوجوب الكفائي على الولي ، أو من يأذن له ، فما الوجه في الإطلاق؟.

قلنا : الوجه ما ذكر من الوجوب على غيرهما أيضا لو لم يأذن لأحد ، فلا يختصّ الوجوب بهما ، فإنّ لازم ذلك عدم براءة أحد علم بموته إلاّ بالعلم بصلاة الولي أو مأذونه ، أو بصلاته ، فلو لم يصلّ عليه يكون الكلّ معاقبا ، ولو فعله أحد يسقط عن الكلّ ، وهو معنى الواجب الكفائي ولو لزم أوّلا مراعاة إذن الولي. مع أنّه لا منافاة بين الوجوب الكفائي والإناطة برأي بعض المكلّفين.

المسألة الثانية : أحقّ الناس بالصلاة على الميّت وأولاهم بها ، أحقّهم وأولاهم به‌ ، بلا خلاف صريح أجده ، وفي المدارك : أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب ، وأنّ ظاهرهم أنّه مجمع عليه (١) ، وفي الذخيرة : أنّه في الجملة ممّا لا خلاف فيه (٢) ، وفي الحدائق : نفي الخلاف صريحا في الحكم (٣) ، ونسبه في المنتهى إلى علمائنا (٤) ، مؤذنا بالإجماع عليه ، والظاهر أنّه كذلك ، وإن لم يذكره في الكافي ، ولكنّه غير قادح في الإجماع ، فهو الحجّة فيه.

مضافا إلى مرسلتي ابن أبي عمير والبزنطي : « يصلّي على الجنازة أولى الناس بها ، أو يأمر من يحبّ » (٥).

__________________

(١) المدارك ٤ : ١٥٥.

(٢) الذخيرة : ٣٣٤.

(٣) الحدائق ١٠ : ٣٨٢.

(٤) المنتهى ١ : ٤٥٠.

(٥) الاولى : الكافي ٣ : ١٧٧ الجنائز ب ٤٨ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٤٨٣ ، الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ١.

الثانية : الكافي ٣ : ١٧٧ الجنائز ب ٤٨ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ١١٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ٢.

٢٨٣

والرضوي : « ويصلّي عليه أولى الناس به » (١).

والآخر : « أولى الناس بالصلاة على الميّت الولي أو من قدّمه الولي ، فإن كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحقّ بالصلاة إذا قدّمه الولي ، فإن تقدّم من غير أن يقدّمه الولي فهو غاصب » (٢).

وقصور السند مجبور بما مرّ ، مع أنّ كلا من المرسلتين بنفسه معتبر ، ومنهما ما عن المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه قد صحّ.

واستدلوا أيضا بالآية الكريمة (٣).

وردّه جماعة من المتأخّرين بعدم الدلالة (٤). وهو كذلك ، لعدم ثبوت إرادة الأولويّة في مثل ذلك أيضا ، سيّما مع أنّه لا يبيّن الأولى منهم. وإجراء دليل تعميم المطلقات هنا ـ كما قيل (٥) ـ باطل ، لأنّه الإطلاق المنتفي هنا.

نعم لو تمسّك في أمثالها بالتعميم بالحكمة لجرى هنا أيضا ، ولكنّه غير تامّ بلا شبهة ، كما بينّاه في موضعه ، سيّما إذا كان بعض الموارد أشيع وأظهر ، فإنّ الميراث والتربية والتصرف في الأمر والنيابة ونحوها أظهر من نحو الصلاة والتجهيز.

واحتجاج الحجج بالآية في أولوية اولي الأرحام في الميراث والإمامة لا يدلّ على التعميم أصلا ، إذ لعلّه مستند إلى قرينة مخفيّة علينا ، أو لأجل ظهورها في الأولويّة فيما للميّت حقّ التصرف فيه وتوليته من الحقوق المالية وغيرها ، فلا يتعدّى إلى ما لا ظهور لها فيه كالمورد.

مع أنّ الظاهر إجماع الفريقين على إرادة الأولويّة فيما ذكر منها ، كما يظهر من‌

__________________

(١) فقه الرضا «ع» : ١٨٤.

(٢) فقه الرضا «ع» : ١٧٧ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٢٧٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٢١ ح ١.

(٣) ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) ـ الأنفال : ٧٦.

(٤) كصاحب المدارك ٤ : ١٥٦ ، والسبزواري في الذخيرة : ٣٣٤.

(٥) انظر : الرياض ١ : ٢٠٣.

٢٨٤

تتبّع كتبهم ، فلذا استدلّ بها الإمام ، ولا أقلّ من احتمال كون ذلك مسلّما عند الكلّ مصحّحا لاستدلالهم بها ، فالتجاوز عنه باطل.

مع أنّه ورد في بعض الأخبار ما ينافي العموم : روى العيّاشي في تفسيره عن مولانا الباقر عليه‌السلام : في قول الله سبحانه ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) : « إنّ بعضهم أولى ببعض في الميراث ، لأنّ أقربهم رحما إليه أولى به » (١).

وفي [ كتاب ] (٢) ابن الحجّام : عن قول الله عزّ وجل ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) ، قال : « نزلت في ولد الحسين عليه‌السلام » قلت : جعلت فداك ، نزلت في الفرائض؟ قال : « لا » قلت : في المواريث؟ قال : « لا » قال : « نزلت في الإمرة ».

ثمَّ هذه الأحقيّة والأولوية هل هي على سبيل التعيين واللزوم؟ كما هو محتمل أكثر الكلمات ، وظاهر كثير منها وصريح بعضها ، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه في الإمامة ، ويشعر به استدلالهم بالآية هنا كاستدلالهم بها في المواريث المراد منها فيها التعيّن قطعا.

أو لا ، بل على سبيل الأفضليّة والاستحباب؟ كما هو محتمل بعض من العبارات أيضا.

الظاهر في بادئ النظر هو : الثاني ، للأصل ، والإطلاقات ، وعدم دليل على الأحقيّة بمعنى الوجوب ، إذ لا دليل عليها سوى :

الآية المردودة دلالتها رأسا ، مضافا إلى قصورها عن إفادة الوجوب لو دلّت‌

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٧٢ ـ ٨٦ ، الوسائل ٢٦ : ٨٩ أبواب موجبات الإرث ب ٨ ح ١١.

(٢) في النسخ : مكاتبة ولكنّا لم نعثر على مكاتبة منه بذلك المضمون ، والرواية موجودة في البحار ٢٣ : ٢٥٧ ـ ٣ عن كنز جامع الفوائد ، عن محمّد بن العبّاس. ومحمّد بن العبّاس هو ابن الحجّام ، له كتب منها : تأويل ما نزل في النبي وآله عليهم‌السلام ، كما قاله الشيخ في الفهرست : ١٤٩.

فالصحيح هو كتاب ابن الحجّام ، ويشهد له أنّ المصنّف سيذكر الرواية في كتاب الإرث باب مواريث ذوي الأنساب ، عن كتاب ابن الحجّام.

٢٨٥

أيضا.

والأخبار الأربعة الغير الناهضة لإثبات اللزوم ، لمكان الجملة الخبرية في ثلاثة منها ، وعدم الزيادة على التصريح بالأولوية الغير الصريحة في الوجوب في الأخيرة.

والإجماع الغير المعلوم تحقّقه على اللزوم جدّا ، كيف؟! مع أنّه لا دلالة صريحة في أكثر العبارات على إرادة اللزوم ، ومع ذلك لم يذكر بعضهم أصل الأولوية (١) كما مرّ ، ومنهم من نصّ على إشكال إثبات الوجوب : قال المحقق الأردبيلي ـ بعد تضعيفه الأدلّة ـ : وبالجملة الحكم بعدم جوازها مطلقا أو جماعة إلاّ بإذن الولي ، سيّما مع مقابلة هذه الرواية فقط مع الأوامر العامّة في الصلاة على الأموات ، وعدم نقل الاستئذان من الخلف ، والأصل الدال على العدم ، مع الصعوبة في الجملة ، لا يخلو عن صعوبة ، إلاّ أن يكون اتّفاقيا (٢). انتهى. وظاهر المدارك التردّد (٣) ، وصرّح بعضهم بأنّ مراد الأصحاب إنّما هو في الجماعة (٤) ، وخصّه بعضهم بالإمامة (٥).

فلا يثبت الإجماع على اللزوم في مطلق الصلاة ، بل الجماعة أو الإمامة البتة.

وتقديم الولي على من أوصى الميّت إليه بالصلاة لا يدلّ على ثبوت اللزوم ، حيث إنّ المقدّم على الواجب لا يكون إلاّ واجبا ، لعدم دليل على وجوب العمل بمثل هذه الوصية أيضا ، مع أنّ أصل التقديم خلافي كما يأتي.

إلاّ أنّ في قوله في الرضوي الأخير : « فهو غاصب » دلالة على الأوّل. وضعفه غير ضائر ، لتحقّق الجابر كما مرّ. إلاّ أنّه مخصوص بالجماعة ، لمكان لفظ التقديم.

__________________

(١) راجع الكافي في الفقه ١٥٦.

(٢) مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٦.

(٣) المدارك ٤ : ١٥٦.

(٤) كما في الذخيرة : ٣٣٤.

(٥) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٦.

٢٨٦

فالأظهر الأوّل في إمامة الجماعة ، وعدم التقدم بدون إذن الولي ، والثاني في غيرها.

فروع :

أ : صرّح الأكثر بأنّ المراد بأولى الناس بالميّت أولاهم بميراثه ، وعزاه في الذخيرة إلى فهم الأصحاب وعملهم (١) ، ونسبه بعض متأخري المتأخّرين إلى الأصحاب (٢) ، وفي المنتهى : أنّه قول علمائنا (٣) ، مؤذنين بالإجماع عليه ، وفي الحدائق : أنّه لا خلاف فيه (٤).

وهو كذلك ، أمّا على استحباب التقديم ، فلما ذكر ، فإنّ مثله كاف في المقام حينئذ.

وأمّا على اللزوم ، فللتعليل المذكور في المروي في تفسير العيّاشي المتقدّم ، المنجبر بما ذكر ، وصحيحة الكناسي ، المشهورة ، الواردة في تفضيل الأولى من ذوي الأرحام بقوله : « ابنك أولى بك من أمّك (٥) وابن ابنك أولى بك من أخيك » (٦) الحديث.

فإنّه قد أثبت فيها الأولويّة المطلقة ـ المعلّقة عليها الصلاة في الأخبار المتقدمة ـ للأكثر من المقدّمين في الميراث ، ويتمّ المطلوب في الباقي بعدم الفصل.

مع أنّ الأولى بالميراث هو الأولى بالميّت بأيّ معنى أخذ قطعا ، إلاّ في نادر ، كما في الوصي للأب أو الحاكم الشرعي ، مع المعتق بل مثل ابن العم ، فإنّ كونه أولى منهما به بجميع المعاني غير معلوم.

__________________

(١) الذخيرة : ٣٣٤.

(٢) كصاحب الرياض ١ : ٢٠٣.

(٣) المنتهى ١ : ٤٥٠.

(٤) الحدائق ١٠ : ٣٨٢.

(٥) كذا في النسخ ، وفي المصادر : « ابن ابنك ».

(٦) الكافي ٧ : ٧٦ المواريث ب ٣ ح ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ ـ ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٢.

٢٨٧

فلا يضرّ عدم استفادة المراد من الأولى من الأخبار المتقدّمة. بل قيل باستفادته منها أيضا (١) ، لدلالة تتبّع النصوص على أنّ المراد بالأولى مطلقا المستحق للميراث ، كما في المرسل : في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ، قال : « يقضيه أولى الناس به » (٢).

فقد أطلق الأولى وأراد الأولى بالميراث.

ولذا ورد في الصحيح مثله مبدلا لفظة « به » بقوله « بميراثه » (٣).

وكما في صحيحة الكناسي المتقدّمة.

ولكن فيه نظر ، إذ قد ورد في النصوص الأولى مطلقا بمعنى آخر أيضا ، قال الله سبحانه ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٤).

وفي الخبر : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألست أولى بكم من أنفسكم » (٥).

وكون المراد به في المرسل ذلك ممنوع ، فإنّه لا يقضيه الأب والجدّ والام وباقي المستحقين للميراث غير الابن الأكبر ، عند الأكثر ، وظاهر أنّه ليس بالأولى بالميراث مطلقا. ومنه يعلم أنّ وروده في الصحيح أيضا لا يخلو عن تجوّز. وكذا لا نسلّم أنّ المراد منها في صحيحة الكناسي الأولى بالميراث خاصّة وإن كان كذلك واقعا.

ب : قد ظهر ممّا ذكر أولويّة كلّ طبقة مقدّمة في الإرث على المتأخرة فيها.

وأمّا أهل كلّ طبقة واحدة فقالوا فيهم : الأب أولى من الابن ، والجدّ للأب‌

__________________

(١) الرياض ١ : ٢٠٣.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٧٨ أبواب قضاء الصلاة ب ١٢ ح ٦ ، نقله عن كتاب غياث سلطان الورى للسيّد ابن طاوس.

(٣) الكافي ٤ : ١٢٣ الصيام ب ٤٤ ح ١ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٥.

(٤) الأحزاب : ٦.

(٥) تفسير القمي ١ : ١٧٤.

٢٨٨

من الأخ ، والمتقرّب بالأبوين من المتقرّب بأحدهما ، وبالأب خاصّة من المتقرب بالأم ، والعم من الخال. وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب ، بل تكرّر نفي الخلاف ، بل دعوى الوفاق على الأوّل (١).

فعلى كون الحكم على سبيل الاستحباب يكفي ما ذكر في ثبوته ، مضافا ـ في بعض أفراد المتقرب بالأبوين ـ إلى التصريح بأولويّته في صحيحة الكناسي ، بل في مطلقه إلى عموم تعليل المروي في تفسير العيّاشي.

وأمّا لو بني الحكم على الوجوب فإثبات الحكم بذلك وببعض التعليلات التي ذكروها في المقام ـ ممّا لا يقبلونها في غير المقام ـ مشكل ، ولذا استشكل بعض المتأخّرين في الحكم (٢).

والحكم بكون الأكثر نصيبا أولى من الأقلّ مطلقا ـ لصحيحة الكناسي ـ فاسد ، لأنّ تقديم بعض من هو أكثر نصيبا فيه لا يدلّ على الكليّة ، إلاّ بالقياس المردود.

إلاّ أنّه يمكن إثباته في جميع أفراد المتقرّب بالأبوين بضمّ الإجماع المركّب إلى الصحيحة. وفي الجميع بأصل الاشتغال ، لثبوت ولاية من ذكروه إجماعا دون غيره. واحتمال ولاية غيره إنّما يضرّ في هذا الأصل لو أوجبنا اجتماع الأولياء المتعدّدة في الصلاة ، وليس كذلك كما يأتي.

ج : يظهر من بعضهم أنّ مع تعدّد الولي من طبقة يقدّم الأكبر سنّا (٣).

فإن ثبت الحكم بشهرة أو نحوها ، فيحكم به على استحباب تقديم الولي ، وإلاّ فلا دليل عليه ، كما لا دليل أصلا على المختار من وجوب التقديم.

وقد يستدلّ بصحيحة الصفّار : رجل مات ، وعليه قضاء شهر رمضان عشرة أيّام ، وله وليّان ، هل يجوز لهما أن يقضيا جميعا ، أحد الوليّين خمسة أيّام‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٧ ، المدارك ٤ : ١٥٧ ، الذخيرة : ٣٣٤.

(٢) كما في المدارك ٤ : ١٥٨.

(٣) كما في الحدائق ١٠ : ٣٩٠.

٢٨٩

والآخر خمسة؟ فوقّع عليه‌السلام : « يقضي عنه أكبر وليّيه عشرة أيّام » (١).

ودلالتها ممنوعة ، بل هي تدلّ على ثبوت الولاية لكلّ منهما ، وإن كان القضاء على أكبرهما.

د : لا ريب في ثبوت الولاية للأنثى أيضا ، لعموم التعليل المتقدّم ، وتصريح الأصحاب ، وصحيحة زرارة : المرأة تؤم النساء؟ قال : « لا ، إلاّ على الميّت إذا لم يكن أحد أولى منها » (٢) الحديث.

وصحيحة الصفّار وفيها : « وإن لم يكن له وليّ من الرجال ، قضاه وليّه من النساء » (٣).

وإذا اجتمع الذكور والأنثى في طبقة فحكموا بتقديم الذكر ، ونفى عنه الريب بعض من تأخّر (٤) ، والحكم به في كلماتهم قد تكرّر ، بل عن المنتهى نفي الخلاف عنه (٥).

وهو يكفي في المقام ـ على الاستحباب ـ مضافا إلى تقديم صحيحة الكناسي الا بن على الأم (٦) ، بضميمة عدم الفصل.

وأمّا على القول بالوجوب ، فدليله الصحيحة مع الضميمة ، والأصل المتقدّم.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٤ الصيام ب ٤٤ ح ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٨ ـ ٤٤١ ، التهذيب ٤ : ٢٤٧ ـ ٧٣٢ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ ـ ٣٥٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٢٥٩ ـ ١١٧٧ ، الوسائل ٣ : ١١٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٥ ح ١.

(٣) لا توجد إلاّ في فقه الرضا «ع» : ٢١٢ ، ورواها عنه في الحدائق ١٠ : ٣٩٠ ، والمستدرك ٧ : ٤٤٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٦ ح ١ ، فالظاهر وقوع السهو في التعبير عنها بصحيحة الصفار.

(٤) انظر : المدارك ٤ : ١٥٩.

(٥) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٦) هذا بناء على ما ورد في المتن من الصحيحة « ابنك أولى بك من أمّك » ـ تبعا للرياض ـ ولكنّ الموجود في المصادر : « ابنك أولى بك من ابن ابنك » كما أشرنا إليه سابقا.

٢٩٠

وحكي القول بمشاركتها مع الورثة (١) ، وهو ضعيف.

وقد يظهر من بعضهم تقدّم الذكر ولو تأخّر طبقة ، على الأنثى ولو تقدّمت.

وعموم رواية العيّاشي بضميمة الإجماع المركّب يضعّفه.

وتقويته بمفهوم صحيحة الصفّار السابقة ، وصحيحة حفص الواردة في القضاء : قلت : إن كان أولى الناس به امرأة؟ فقال : « لا ، إلاّ الرجل » (٢).

ضعيفة جدّا ، لدلالة الأولى على عدم قضاء المرأة مع وجود الولي من الرجال ، ويمنع ولايتهم مع وجود المرأة الأقرب. وعدم دلالة الثانية إلاّ على اختصاص القضاء بالرجل ، وهو لا يدلّ على تقديمه مطلقا ، بل يدلّ على أنّه قد تكون المرأة أولى بالميّت مع وجود الرجل ، وإن كان القضاء عليه.

هـ : الزوج أولى بالزوجة من سائر أقاربها ، وإن كانت متمتّعة أو مملوكة ، كما مرّ بدليله في بحث غسل الميّت.

ولا تلحق به الزوجة ، للأصل.

و : لو تعدّدت الأولياء فقد يحصل التأمّل في ثبوت ولاية الصلاة لهم ، إذ ليس المراد بالأولى الذي له تولية الصلاة جميعهم ، إذ ليس المطلوب إلاّ صلاة واحدة ، ولا واحدا منهم ، لأنّه ليس بأولى من جميع من هو غيره ، لوجود المساوي له في الولاية ، وإرادة الأولى في الجملة غير معلومة.

وهو كان في موقعه لو انحصر الدليل على أولويّة الأولى بالمرسلين المتضمّنتين للفظ الأولى (٣).

وأمّا الرضوي الأخير (٤) فهو يثبت الأولويّة للولي الصادق على كلّ واحد.

__________________

(١) حكاه صاحب المدارك ٤ : ١٦٠.

(٢) الكافي ٤ : ١٢٣ الصيام ب ٤٤ ح ١ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٥.

(٣) راجع ص ٢٨٣ ـ ٢٨٤.

(٤) راجع ص ٢٨٤.

٢٩١

وضعفه منجبر باشتهار عدم جواز التقدّم إلاّ بإذن الولي ، ودعوى الإجماع عليه في كلام بعض المتأخّرين ، فيثبت تولية الصلاة لكلّ من المتعدّد.

وعلى هذا فلو لم يكن بينهم اختلاف بأن لا ينازع بعضهم بعضا في الصلاة ، أو المأذون فيها ، فلا إشكال.

ولو خالفوا فيها فأراد كلّ منهم الصلاة بنفسه ، أو في من يصلّي ، فأراد كلّ منهم صلاة شخص ، فقالوا : يقدّم الهاشمي ، ثمَّ الأفقه ، ثمَّ الأقرأ ، ثمَّ الأسنّ ، ثمَّ الأصبح (١) ، بمعنى أنّه ينبغي للأولياء الاجتماع على تقديمه.

فإن أرادوا بذلك الأفضليّة كما هو الظاهر ، بل صريح الأكثر ، فهو كذلك ، لاشتهار الحكم الكافي في إثبات الأفضليّة ، مضافا في الأوّل إلى الرضوي المتقدّم ، والعامي : « قدّموا قريشا ولا تقدّموهم » (٢).

وإن أرادوا اللزوم ، فلا دليل عليه ، لقصور الروايتين عن إثباته سندا ودلالة ، والخلو عن الجابر المعلوم في المقام.

والمناط في الترجيح إنّما هو الصلاة دون الإذن ، فلو اختلفت الأولياء في هذه الصفات وأرادوا نصب الغير لم تعتبر هذه الصفات فيهم ، بل تعتبر في المصلّي.

ثمَّ إن اجتمعوا على الأفضل فهو ، وإن لم يتّفقوا عليه ، وتساووا في الصفات ، فقيل : يقرع (٣). والحقّ جواز تقدّم كلّ من الأولياء ، أو من أذن له أحدهم ، وكفاية صلاته ، ويظهر وجهه ممّا مرّ.

ز : لو انحصر الأولى بالميّت في الصغير أو المجنون ، فالظاهر أنّه لا ولاية للصلاة حينئذ لأحد ، بل يجوز تقدّم من شاء ، إذ المذكور في الأخبار أنّه يصلّي الأولى بالميّت ، أو الولي ، أو يأمر من يحب ، وظاهر أنّ الصغير والمجنون لا‌

__________________

(١) كما في الشرائع ١ : ١٠٥ ، والتذكرة ١ : ٤٧ ، والمسالك ١ : ٣٧.

(٢) الجامع الصغير ٢ : ٢٥٣ ـ ٦١٠٨ و ٦١٠٩ و ٦١١٠.

(٣) كما في المبسوط ١ : ١٨٤.

٢٩٢

يصلحان لتعلّق هذا الحكم ، فهما خارجان من الأخبار ، وغيرهما ليس مصداقا للأولى والولي حتى يتعلّق به الحكم.

فهما وإن كانا أولى بالميّت ـ ولذا يقدّمان في الإرث لذلك ـ ولكن لا يصلحان للحكم ، وغيرهما وإن كان صالحا له ، ولكن ليس بأولى إلى الميّت ، وإن كان أولى إلى الصغير والمجنون ، لعدم دليل عليه.

ومنه يظهر أنّ الحكم كذلك لو كان الأولى بالميّت غائبا لا يمكن الاستيذان منه قبل فوات الصلاة.

ولو كان مع أحدهما أنثى في مرتبته تقدّم في الصلاة أو الإذن ، لأنّها أيضا من الأولياء ، وإن كانت تؤخّر عن الذكور لأدلّة غير جارية هنا.

ح : لو مات أحد ، ولم يعلم له قريب ولا وليّ غير الحاكم ، فهو أولى الناس به مع وجوده ، وعدول المسلمين مع عدمه ، فلا تجوز لأحد الصلاة عليه إمامة بدون إذنه ، ولو اطّلع الحاكم تجب عليه المبادرة في الصلاة أو الإذن.

ط : لا شكّ في جواز تقدّم من يعلم إذن الولي بالفحوى ، لصدق الأمر والتقديم.

وهل يكفي في تحقق الإذن شاهد الحال؟.

فيه نظر ، لأنّ المذكور في الأخبار أمر الولي أو تقديمه ، وصدقهما في المورد غير معلوم.

إلاّ أن يقال : إنّ عدم جواز تقدّم غير الولي أو المأذون منه كان بالرضوي بتوسط الانجبار بما ذكر ، وتحقّق الانجبار في المورد غير معلوم ، فيجوز له التقدّم.

ولا بأس به.

ي : ظاهر الشرائع والنافع والذكرى وغيرها : اختصاص التوقّف على إذن الولي بالجماعة (١) ، ونسبه في روض الجنان إلى الأصحاب كافّة (٢) ، ونحوه في‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٠٥ ، النافع : ٤٠ ، الذكرى : ٥٧ ، وانظر : الرياض ١ : ٢٠٤.

(٢) روض الجنان : ٣١١.

٢٩٣

الذخيرة (١) ، بل صرّح بعضهم بأنّ ذلك في الإمام دون المأموم (٢) ، ولعلّه أيضا مرادهم من الجماعة.

وهو كذلك ، لما عرفت من انحصار الدليل على التوقّف بالرضوي المشتمل على لفظ التقدّم ، الظاهر أو المحتمل للإمامة ، فينحصر بها. مع أنّ العلم بانجباره أيضا منحصر فيها.

يا : لو تقدّم أحد بدون إذن الولي ، فهل فعل حراما فقط ، أو تبطل معه صلاته؟.

قد يقال بالأوّل ، لأنّ الواجب الذي هو الاستئذان من الولي أمر خارج عن حقيقة الفعل ، فلا يبطل بانتفائه.

وفيه : أنّ الواجب هو الاستيذان قبل الصلاة فصلاته قبله ضدّه ، والأمر بالشي‌ء نهي عن ضده ، والنهي يوجب فساد العبادة.

مع أنّ المصرّح به في الرضوي أنّه غاصب ، وفي كلام كثير من الأصحاب أنّه لا يجوز ، وادّعى عليه بعض مشايخنا الإجماع (٣) ، فيكون التقدّم والإمامة حراما البتّة ، وليس المراد منهما إلاّ الصلاة مقدّما ـ إذ ليست الإمامة غير ذلك ـ فتكون باطلة.

وهل تبطل صلاة المأمومين حينئذ أيضا أم لا؟.

مقتضى الأصل : الثاني ، إذ ليست المأموميّة هنا إلاّ التأخّر في تكبيرة الإحرام والمتابعة في الأفعال والأقوال ، ولا يتحمل الإمام عن المأموم واجبا تبطل ببطلانه صلاته ، غايته متابعته قولا وفعلا مشروعا لمن ليس له قوله وفعله كذلك ، وهو لا يوجب البطلان.

__________________

(١) الذخيرة : ٣٣٤.

(٢) مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٦.

(٣) الرياض ١ : ٢٠٤.

٢٩٤

وأمّا ما دلّ على بطلان صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ، فلا يفيد هنا ، لمنع كونها صلاة.

ومنه يظهر سقوط الصلاة عن الغير بوقوع صلاة على الميّت ولو بدون إذن الولي ، لأنّها إن كانت فرادى لم يشترط فيها الإذن ، وإن كانت جماعة لا ينفك عن مأموم لا يشترط له الإذن أيضا.

يب : إطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق في أحقيّة الولي بالصلاة‌

بين ما لو أوصى الميّت بها إلى غيره أم لا. قيل : ولعلّه المشهور (١) ، بل عن المختلف نسبته إلى علمائنا (٢) ، مؤذنا بدعوى إجماعهم عليه.

خلافا للمحكي عن الإسكافي في صورة الوصيّة (٣) ، لعموم آية النهي عن تبديل الوصيّة (٤).

وردّ : بأنّه معارض بعمومات الآية والأخبار المتقدّمة. والترجيح معها ، للشهرة.

ويضعّف : بأنّ الآية الثانية ـ كما مرّ (٥) ـ غير دالّة ، والشهرة للترجيح غير قابلة ، والأخبار مع الكتاب غير مكافئة ، فلو تمّت دلالة الآية على لزوم مطلق الوصيّة حتى مثل المسألة لكان الترجيح مع الوصيّة. ويتمّ تحقيقه في بحث الوصايا.

المسألة الثالثة : لا تشترط في المصلّي على الميت وحده العدالة إجماعا‌ ، للأصل والعمومات.

والمشهور اشتراطها في إمام الجماعة فيها وإن كان وليّا ، وقيل : بلا خلاف‌

__________________

(١) الرياض ١ : ٢٠٣.

(٢) المختلف : ١٢٠.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ١٢٠.

(٤) البقرة : ١٨١.

(٥) في ص ٢٨٤.

٢٩٥

أجده (١) ، وعن المنتهى : أنّه اتّفاق علمائنا (٢) ، له ، ولأصالة عدم مشروعيّة الاقتداء بغير ما اتّفقوا عليه ، وإطلاق ما دلّ على اعتبارها في إمام الجماعة.

ويمكن القدح في الأوّل : بعدم الحجيّة.

وفي الثاني : بأنّ عمومات مشروعيّة الجماعة هنا من غير تقييد ـ كما يأتي ـ تثبت الشرعيّة ، وتدفع الأصالة.

وفي الثالث : بمنع إطلاق يشمل المسألة ، لأنّه بين متضمّن للفظ الصلاة الغير الصادقة هنا على الحقيقة ، ومطلق لا يعلم صدقه على إمام الصلاة مطلقا ، بل تحتمل إرادة إمام الملّة.

ولذا ناقش في اعتبارها المحقّق الأردبيلي في شرح الإرشاد ، قال بعد ذكر اشتراط العدالة وأنّه محلّ تأمّل : إذ لا دليل على الاشتراط هنا ، مع أنّه لا يتحمل شيئا وليس إلاّ تقدّم صورة ، إلاّ أن يكون إجماعا (٣).

وكذا في الذخيرة ، فقال : إنّ للمنازعة فيه مجالا ، لعموم النص ، وعدم كونها صلاة حقيقة (٤).

ومراده من النصّ ليس نصوص صلاة الميّت ، لأنّ عمومها لا يكفي في تعميم الإمام ، فإنّ جواز صلاة كلّ أحد لا يثبت مشروعيّة الائتمام به ومطلوبيّة متابعته. إلاّ أن يقال : إنّ الصلاة تشمل الجماعة أيضا ، ومشروعية الصلاة لكلّ أحد ولو جماعة تستلزم مشروعية الاقتداء به. ولكن فيه تأمل.

بل المراد النصّ الدال على الجماعة هنا ، كالرضوي الأخير في الهاشمي ، حيث يشمل غير العادل منه أيضا (٥) ، وصحيحة زرارة : المرأة تؤم النساء؟ قال :

__________________

(١) الرياض ١ : ٢٠٤.

(٢) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٣) مجمع الفائدة ٢ : ٤٥٩.

(٤) الذخيرة : ٣٣٥.

(٥) راجع ص ٢٨٤.

٢٩٦

« لا ، إلاّ على الميّت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطهن في الصفّ ، تكبّر ويكبّرن » (١).

وإذا ثبت الحكم في المرأة يثبت في الرجل بالإجماع المركّب ، والفحوى.

ومنه تظهر قوّة جانب عدم اعتبارها ، وإن كان الاعتبار أحوط.

وعلى هذا فالاحتياط للولي الغير العادل استنابة غيره من العدول ، كما أنّ على لزوم اعتبارها يجب عليه ذلك لو أراد الجماعة.

المسألة الرابعة : يستحب للولي ولو كان عادلا تقديم الأكمل منه‌ ـ لو وجد ـ بالهاشمية ، للرضويّ المتقدّم.

أو الأعلميّة ، للمرسل : « من أمّ قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة » (٢).

أو الأسنّية ، لبعض الأخبار (٣).

بل في مطلق الكمال إذا كان الأكمل في تلك الصفات عادلا.

وفي الذخيرة احتمال ترجيح الولي مع اجتماعه الشرائط مطلقا ، لاختصاصه بمزيد الرقّة التي هي مظنّة الإجابة من الله سبحانه (٤).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٩ ـ ١١٧٧ ، التهذيب ٣ : ٢٠٦ ـ ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٢٦ ـ ١٦٤٨ ، الوسائل ٣ : ١١٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٥ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٤٧ ـ ١١٠٢ ، الوسائل ٨ : ٣٤٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٦ ح ١.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٥١ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٨ ح ١.

(٤) الذخيرة : ٣٣٥.

٢٩٧

البحث الثالث

في كيفيّة الصلاة عليه‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يجب أن ينوي أوّلا صلاة الميّت تقرّبا إلى الله تعالى‌ ، لأنّها عبادة ، فتفتقر إلى النيّة.

ولا تجب نيّة الوجوب أو الندب ، على ما مرّ في كتاب الطهارة.

ويشترط تعيين الميّت ، بأن يقصد الصلاة على هذا الميّت أو هذه الأموات ، إذا لم يتعيّن المصلّى عليه من الخارج ، حتى يصدق الامتثال وينصرف الأمر إليه.

ولا تشترط معرفة الميّت ، للأصل. وهل يكفي منويّ الإمام للمأموم إذا لم يتعيّن من الخارج؟ فيه احتمال قوي.

وتجب استدامة النيّة حكما إلى الفراغ.

وعلى المأموم عند إرادة الائتمام نيّة الاقتداء كغيرها من الصلوات ، على احتمال. وفي شرح الإرشاد : أنّه ليس بمعلوم الوجوب ، لعدم سقوط شي‌ء (١) ، وهو كذلك.

ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات ، أولاها تكبيرة الإحرام ، بالإجماع ، والنصوص المستفيضة بل المتواترة معنى من طرقنا كصحيحتي ابن سنان (٢) ، وصحيحة‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٢ : ٤٣٢.

(٢) الأولى : التهذيب ٣ : ٣١٥ ـ ٩٧٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٢ ، الوسائل ٧ : ٧٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٦.

الثانية : الفقيه ١ : ١٠٠ ـ ٤٦٨ ، التهذيب ٣ : ٣٣٠ ـ ١٠٣٣ ، الوسائل ٧ : ٧٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٣.

٢٩٨

إسماعيل بن سعد (١) ، وحسنة أبي ولاّد (٢) ، وروايتي أبي بصير (٣) ، وروايات الحضرمي (٤) ، والجعفري (٥) ، وابن زائدة (٦) ، وغير ذلك مما يأتي بعضها.

وفي الرضويّ : « إذا أردت أن تصلي على الميّت ، فكبّر عليه خمس تكبيرات » (٧).

وإن كان في دلالة بعضها على الوجوب تأمّل ، ولكنّه غير ضائر ، لكفاية ثبوت مطلق الرجحان في إثبات الإيجاب بالإجماع المركّب.

وأمّا ما يدلّ على الأربع فلما مرّ غير مكافئة ، وعلى التقيّة محمولة ، لأنّه مذهب جميع العامّة كما صرّح به عظماء الطائفة (٨) ، واستفاضت به أحاديث العترة ، منها المروي في العلل : لأيّ علّة تكبّر على الميّت خمس تكبيرات ، ويكبّر مخالفونا أربع تكبيرات؟ (٩) الحديث.

وفي العيون : « فمن قبل الولاية يكبّر خمسا ، ومن لم يقبل الولاية يكبّر أربعا ،

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٩٢ ـ ٤٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٧ ـ ١٨٤٨ ، الوسائل ٣ : ٧٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٥.

(٢) التهذيب ٣ : ٣١٦ ـ ٩٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٦ ، الوسائل ٣ : ٧٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٩.

(٣) الاولى : التهذيب ٣ : ٣١٥ ـ ٩٧٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٣ ، الوسائل ٣ : ٧٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٨.

الثانية : التهذيب ٣ : ٣١٥ ـ ٩٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٤ ، الوسائل ٣ : ٧٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٠.

(٤) الكافي ٣ : ١٨١ الجنائز ب ٥٢ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ١٨٩ ـ ٤٣٠ ، الخصال : ٢٨٠ ـ ٢٦ ، المحاسن : ٣١٦ ـ ٣٦ ، العلل : ٣٠٢ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٧٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٤.

(٥) العلل : ٣٠٢ ـ ٢ ، الوسائل ٣ : ٧٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٣.

(٦) التهذيب ٣ : ٣١٦ ـ ٩٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٤ ـ ١٨٣٥ ، الوسائل ٣ : ٧٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١١.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٨٣ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٢٥٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٢.

(٨) كالسيّد في الانتصار : ٥٩ ، والعلامة في التذكرة ١ : ٥٠ ، والشهيد في الذكرى : ٥٨.

(٩) العلل : ٣٠٣ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٧٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٧.

٢٩٩

فمن أجل ذلك تكبّرون خمسا ومن خالفكم يكبّر أربعا » (١).

بل به اعترف علماء العامّة. قال بعض شرّاح صحيح مسلم : إنّما ترك القول بالتكبيرات الخمس في صلاة الجنازة ، لأنّه صار علما للتشيّع ، وقال عبد الله المالكي في كتابه المسمى بفوائد مسلم : إنّ يزيدا كبّر خمسا ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبّرها ، وهذا المذهب الآن متروك ، لأنّه صار علما على القول بالرفض.

مع أنّه يحتمل حملين آخرين :

أحدهما : الحمل على الصلاة على المنافقين والمتّهمين بالنفاق ، كما مرّ في رواية محمّد بن مهاجر (٢) ، وفي صحيحة إسماعيل بن سعد : عن الصلاة على الميّت ، فقال : « أمّا المؤمن فخمس تكبيرات ، وأمّا المنافق فأربع ، ولا سلام فيها » (٣).

وفي صحيحة هشام بن سالم : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبّر على قوم خمسا ، وعلى آخرين أربعا ، فإذا كبّر على رجل أربعا فاتّهم بالنفاق » (٤).

وفي رواية إسماعيل بن همّام : « فأمّا الذي كبّر عليه خمسا فحمد الله تعالى ومجّده في التكبيرة الاولى ، ودعا في الثانية للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودعا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ، ودعا في الرابعة للميّت ، وانصرف في الخامسة ، وأمّا الذي كبّر عليه أربعا ، فحمد الله تعالى ومجّده في التكبيرة الاولى ، ودعا لنفسه وأهل بيته في الثانية ، ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة ، وانصرف في الرابعة فلم يدع‌

__________________

(١) عيون أخبار الرضا «ع» ٢ : ٨١ ـ ٢٠ ، الوسائل ٣ : ٧٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٦.

(٢) راجع ص ٢٦٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٩٢ ـ ٤٣٩ ، الاستبصار ١ : ٤٧٧ ـ ١٨٤٨ ، الوسائل ٣ : ٧٤ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ٥.

(٤) الكافي ٣ : ١٨١ الجنائز ب ٥٢ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٩٧ ـ ٤٥٤ و ٣١٧ ـ ٩٨٢ ، الاستبصار ١ : ٤٧٥ ـ ١٨٣٩ ، العلل : ٣٠٣ ـ ٢ ، الوسائل ٣ : ٧٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١.

٣٠٠