مستند الشّيعة - ج ٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٩١

أحوط (١) ، واختاره في الحدائق (٢) ، لما مرّ بجوابه.

فروع :

أ : إذا اتّسع الوقتان ، فهل المستحبّ تقديم صلاة الآية؟ كما هو محتمل المبسوط أوّلا (٣) ، وظاهر صحيحة محمّد والعجليّ.

أو الحاضرة؟ كما عن الفاضل (٤) وغيره (٥) ، بل لعلّه المشهور.

الظاهر : الثاني ، لأهميّة الحاضرة ، وكثرة النصوص التي هي بتقديمها آمرة ، مع احتمال كون مجاز الجملة الخبريّة في الصحيحة هو الجواز الخالي عن الرجحان.

ب : لو اجتمعت الآية مع فريضة أخرى ، فمع تضيّق إحداهما قدّم ، والوجه ظاهر. ومع تضيّقهما أو اتّساعهما تخيّر من غير ترجيح ما لم يكن موجب ولا مرجّح خارجيّ ، ويجب أو يرجّح تقديم ما يوجد مقتضية مع وجوده.

وعن المبسوط والتحرير : رجحان تقديم صلاة الجنازة عليها (٦) ، كما عن الأخير تقديمها على صلاة العيد مع تساوي الوقتين (٧) ، ولا يحضرني وجهه.

ج : لو دخل في الآتية بظنّ سعة وقت الحاضرة ، ثمَّ تبيّن ضيقها في الأثناء قطعها وصلّى الحاضرة ، إجماعا كما صرّح به جماعة (٨) ، ودلّت عليه أكثر الأخبار السالفة.

ثمَّ بنى على ما قطع ، وفاقا للصدوق والسيّد ونهاية الشيخ والمنتهى والتحرير‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٢.

(٢) الحدائق ١٠ : ٣٤٧.

(٣) المبسوط ١ : ١٧٢.

(٤) التذكرة ١ : ١٦٤ ، نهاية الإحكام ٢ : ٧٩.

(٥) كالفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٢٤٣.

(٦) المبسوط ١ : ١٧٢ ، التحرير ١ : ٤٧.

(٧) التحرير ١ : ٤٧.

(٨) كالمعتبر ٢ : ٣٤١ ، والتذكرة ١ : ١٦٤ ، والذخيرة : ٣٢٦.

٢٦١

والبيان والدروس (١) ، بل الأكثر كما صرّح به جمع ممّن تأخّر (٢) ، بل علمائنا كما في المنتهى (٣) مؤذنا بإجماعهم عليه.

لا لصحيحتي الخزّاز ومحمّد ـ كما في الذخيرة (٤) ـ لاحتمال إرادة العود إلى أصل الصلاة.

بل لصحيحة محمّد والعجليّ ، والرضويّ المنجبر بما مرّ.

خلافا للمحكيّ عن المبسوط والتذكرة ونهاية الإحكام والذكرى فيستأنف (٥) ، والمعتبر فتردّد (٦) ، لأنّ البناء بعد تخلّل صلاة لم يعهد من الشرع ، ولعمومات إبطال الفعل الكثير.

ويضعّف : بأنّ ما ذكر عهد من الشرع ، ومخصّص للعمومات. مع أنّه لا عموم يدلّ على إبطال الفعل الكثير بحيث يشمل المقام.

ولا فرق في وجوب إتمام الآتية بعد الحاضرة بالبناء بين ما إذا خرج وقتها بعد الحاضرة أولا ، لإطلاق دليله ، مضافا إلى ما مرّ من وجوب إتمام صلاة الكسوف لو خرج وقتها في الأثناء.

ثمَّ مدلول ما ذكر وجوب البناء ، ومقتضاه تحريم فعل ما يبطل الصلاة عمدا قبل الاشتغال بالحاضرة أو بعده قبل إتمام الآتية. ولو فعله ، أو فعل سهوا ما يبطلها مطلقا يجب الاستئناف قطعا.

وهل الحكم يختصّ باليوميّة ، أو يعمّ غيرها من الفرائض أيضا؟.

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ٤٤ ، السيد في جمل العلم ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٥ ، المنتهى ١ : ٣٥٣ ، التحرير ١ : ٤٧ ، البيان : ٢٠٩ ، الدروس ١ : ١٩٥.

(٢) كالشهيد في البيان : ٢٠٩ ، والسبزواري في الذخيرة : ٣٢٦.

(٣) المنتهى ١ : ٣٥٣.

(٤) الذخيرة : ٣٢٦.

(٥) المبسوط ١ : ١٧٢ ، التذكرة ١ : ١٦٤ ، نهاية الإحكام ٢ : ٨٠ ، الذكرى : ٢٤٧.

(٦) المعتبر ٢ : ٣٤١.

٢٦٢

الظاهر : الأوّل ، كما صرّح به بعض الأجلّة (١) ، لأنّ المتبادر من الصحيحة والرضويّ اليوميّة فيستأنف في غيرها الآتية.

بل قد يتردّد في جواز القطع في غيرها أيضا ، لعموم حرمة إبطال العمل ، فيعارض عموم وجوب الفريضة.

ويضعّف : بمنع عموم الأوّل.

د : لو ضاق الوقتان فصلّى الحاضرة وخرج وقت الآتية ، فهل يجب عليه قضاؤها أم لا؟.

فعن ظاهر إطلاق المفيد عدمه مطلقا (٢) ، وعن بعضهم وجوبه كذلك (٣) ، وعن المعتبر والمنتهى والتحرير والروضة التفصيل (٤) : فالأوّل مع عدم تفريط في تأخير إحدى الصلاتين ، والثاني مع التفريط في تأخير إحداهما.

ومنهم من فرق بين التفريط في صلاة الكسوف والحاضرة (٥).

ومنهم من تعرّض لتفريط إحداهما دون الأخرى (٦).

والوجه عندي القضاء مطلقا فيما يجب فيه القضاء ، فيجب مع العلم بالكسوف مطلقا ، وبدونه إن كان كليّا ، لجريان أدلّة هذا التفصيل في المقام بعينه. فسبب الوجوب موجود ، والعارض لا ينافيه ، إذ ليس إلاّ عدم التقصير في التأخير ، بل عدم تحقّق الوجوب أداء في بعض الصور ، وهو لا ينافي وجوب القضاء لدليل آخر ، كما في صلاة النائم تمام الوقت ، وصوم الحائض. فتدبّر.

هـ : لو كانت الحاضرة نافلة قدّم الآتية وجوبا مع ضيقها ، بلا خلاف‌

__________________

(١) انظر : كشف اللثام ١ : ٢٦٧.

(٢) المقنعة : ٢١١.

(٣) انظر : الذكرى : ٢٤٧.

(٤) المعتبر ٢ : ٣٤١ ، المنتهى ١ : ٣٥٤ ، التحرير ١ : ٤٧ ، الروضة ١ : ٣١٤.

(٥) كما في الذخيرة : ٣٢٧.

(٦) كالمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٤٧٣.

٢٦٣

ظاهرا كما قيل (١) ، وعن المنتهى أنّ عليه علماءنا أجمع (٢).

وتدلّ عليه صحيحة محمّد : فإذا كان الكسوف آخر الليل فصلّينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل ، فبأيّهما نبدأ؟ فقال : « صلّ صلاة الكسوف واقض صلاة اللّيل » (٣).

واختصاصها بصلاة الليل غير ضائر ، لعدم القائل بالفرق ، وتنقيح المناط القطعيّ ، بل طريق الأولويّة ، لأفضليّة صلاة الليل عن سائر النوافل.

وكذا مع سعتها على ما يقتضيه إطلاق كلام جماعة (٤) ، ويدلّ عليه إطلاق صحيحة أخرى لمحمّد : عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة ، فقال : « ابدأ بالفريضة » فقيل له : في وقت صلاة الليل ، فقال : « صلّ صلاة الكسوف قبل صلاة الليل » (٥).

ولا إشكال فيه على القول بالمنع من النافلة في وقت الفريضة ، وأمّا على القول بالجواز ففيه إشكال ، سيّما مع ضيق وقت النافلة وسعة الآتية. ولا بعد في العمل بالإطلاق المذكور حينئذ أيضا ، إذ غايته تعارض إطلاق النافلة مع ذلك الإطلاق ، ورجوع النافلة إلى أصل عدم المطلوبيّة ، والآتية إلى الإجماع على جواز فعلها.

المسألة الثالثة : لا يجوز أن يصلي الآتية ماشيا أو راكبا ، اختيارا‌ ، كما مرّ مشروحا في مسألة الصلاة كذلك.

ويجوز في حال الاضطرار إجماعا ، له ، ولمكاتبة الواسطي : إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول ، فكتب : صلّ على مركبك الذي‌

__________________

(١) الرياض ١ : ٢٠٢.

(٢) المنتهى ١ : ٤٥٤.

(٣) التهذيب ٣ : ١٥٥ ـ ٣٣٢ ، الوسائل ٧ : ٤٩٠ أبواب صلاة الكسوف ب ٥ ح ٢.

(٤) انظر : الذكرى : ٢٤٧ ، والرياض ١ : ٢٠٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٤ الصلاة ب ٩٥ ح ٥ ، الوسائل ٧ : ٤٩٠ أبواب صلاة الكسوف ب ٥ ح ١.

٢٦٤

أنت عليه » (١).

المسألة الرابعة : يشترط في وجوب هذه الصلاة العلم بوجود سببها‌ ، فلا تجب بدونه وإن ظنّ قويّا بالقواعد الرصديّة ، للأصل.

وكذا لا اعتبار بشهادة واحد أو أكثر بالعلم بحصوله من القواعد.

ولو شهد بمشاهدته فالأقرب عدم الكفاية ما لم يحصل العلم ، والاكتفاء مع تعدّد العدل أحوط.

وتجب بحصول العلم بالمشاهدة ، أو إخبار جماعة عنها ، أو غير ذلك ، كأن يظنّ بالقواعد وضمّ معها حصول الظلمة حال كون الشمس تحت غيم لا يوجب بنفسه هذه الظلمة ، بل وكذا لو حصل العلم بمحض القواعد المجربة مرارا لأهلها.

ولكن في حصوله بمجردها إشكال ، لتخلّف القواعد كثيرا ، لاختلاف الآلات الرصديّة ، واحتمال اختلالها.

وكذا الحكم في خروج وقت هذه الصلاة بالانجلاء لو غاب القرص قبله تحت غيم أو غرب ، فيستصحب البقاء إلى أن يحصل العلم بالانجلاء.

المسألة الخامسة : لو اجتمعت آئيّتان ـ من الآتية الموقتة ـ في وقت واحد‌ ، فمع اتّساعه لهما يفعلهما مخيّرا في تقديم أيتّهما شاء ، ولو وسع لإحداهما لا غير فالظاهر التخيير ، للأصل.

وقيل بوجوب تقديم صلاة الكسوف ، لكون وجوبها إجماعيا (٢).

وفي إيجاب ذلك للحكم بالوجوب نظر ظاهر.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٥ الصلاة ب ٩٥ ح ٧ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ ـ ١٥٣١ ، التهذيب ٣ : ٢٩١ ـ ٨٧٨ ، قرب الإسناد : ٣٩٣ ـ ١٣٧٧ ، الوسائل ٧ : ٥٠٢ أبواب صلاة الكسوف ب ١١ ح ١.

(٢) الذكرى : ٢٤٧.

٢٦٥

ولا يدلّ عليه أيضا قوله في صحيحة الرهط : « وروي أن الصلاة في هذه الآيات كلها سواء ، وأشدّها وأطولها كسوف الشمس » (١).

لجواز أن يكون المراد الأشدية في المشقة باعتبار طولها.

ويحتمل قريبا جواز التداخل ، فيكتفي بصلاة واحدة للجميع ، لما ثبت عندنا من أصالة تداخل الأسباب.

المسألة السادسة : لو شك في عدد الركوعات‌ فيأتي حكمه في بحث الخلل الواقع في الصلاة. إن شاء الله سبحانه تعالى.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٥ ـ ٣٣٣ ، الوسائل ٧ : ٤٩٢ أبواب صلاة الكسوف ب ٧ ح ١.

٢٦٦

المطلب الرابع

في الصلاة على الأموات‌

والكلام فيها : إمّا في من يصلّى عليه ، أو في من يصلّي عليه ، أو في كيفيتها ، أو في أحكامها ، فهنا أربعة أبحاث.

٢٦٧
٢٦٨

البحث الأول

في من يصلّى عليه‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : لا تجب الصلاة على غير المسلمين من جميع طوائف الكفار‌ إجماعا ، له ، وللأصل.

بل لا تجوز ، للأول ، ولقوله سبحانه بعد ذكر الكفار والمنافقين ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ ) (١).

إلاّ أنّ في دلالتها نظرا ، لاحتمال إرادة الدعاء ـ الذي هو معنى الصلاة ـ عنها. وتعديتها بـ « على » لتضمنها معنى الترحّم ، كما في قوله سبحانه ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ ) (٢).

بل تتعين إرادة ذلك بملاحظة خبر محمد بن مهاجر : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى على ميت كبّر فتشهّد ، ثمَّ كبّر فصلّى على الأنبياء ودعا ، ثمَّ كبّر ودعا للمؤمنين ، ثمَّ كبّر الرابعة ودعا للميت ، ثمَّ كبّر وانصرف ، فلما نهاه الله تعالى عن الصلاة على المنافقين كبّر فتشهد ، ثمَّ كبّر فصلّى على النبيين ، ثمَّ كبّر ودعا للمؤمنين ، ثمَّ كبّر الرابعة وانصراف » (٣).

ويدل على عدم الجواز أيضا أنّه نوع مودّة نهي عنها مع الكفار.

__________________

(١) التوبة : ٨٤.

(٢) الأحزاب : ٥٦.

(٣) الكافي ٣ : ١٨١ الجنائز ب ٥٢ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٠ ـ ٤٦٩ ، التهذيب ٤ : ١٨٩ ـ ٤٣١ ، العلل : ٣٠٣ ـ ٣ ، الوسائل ٣ : ٦٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ١.

٢٦٩

ومنه يظهر أنه لا تجوز الصلاة على المرتدّ الخارج بارتداده عن الإسلام ، والمنكر لضروري الدين من دون شبهة محتملة في حقه لصدق الكفر بالرسول.

وكذا لا تجوز الصلاة على النواصب ، والخوارج ، والغلاة ، وإن كانوا من المنتحلين للإسلام ، بالإجماع ، وقول الحسين بن علي عليهما‌السلام ، المروي في الاحتجاج (١) ، المتقدم في بحث غسل الميت ، وبهما يخرجون عمّا يأتي مما دلّ على وجوب الصلاة على أهل القبلة أو الأمّة (٢) ، مع أن صدقهما على الغلاة غير معلوم.

المسألة الثانية : تجب الصلاة على كلّ مسلم‌ ـ عدا من ذكر ـ سواء كان شيعة إماميّة ، أو غير إمامية ، أو غير الشيعة ، بالإجماع بل الضرورة في الأول ، وعلى الأظهر الأشهر ـ كما صرّح به جمع ممّن تأخر (٣) ـ في البواقي ، بل عن المنتهى نفي الخلاف (٤) ، وعن التذكرة الإجماع على وجوبها على كلّ مسلم (٥).

لعموم النبوي المشهور : « صلّوا على من قال : لا إله إلاّ الله » (٦).

ورواية طلحة بن زيد : « صلّ على من مات من أهل القبلة ، وحسابه على الله » (٧).

والسكوني : « صلّوا على المرجوم من أمّتي ، وعلى القاتل نفسه من أمّتي ، ولا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة » (٨).

__________________

(١) قال عليه‌السلام لمعاوية : « لو قتلنا شيعتك ، ما كفّناهم ولا صلّينا عليهم ولا قبرناهم » ـ الاحتجاج : ٢٩٧.

(٢) انظر : الوسائل ٣ : ١٣٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٧.

(٣) منهم السبزواري في كفاية الاحكام : ٢٢ ، وصاحب الرياض ١ : ٢٠٢.

(٤) المنتهى ١ : ٤٤٧.

(٥) التذكرة ١ : ٤٤.

(٦) الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠.

(٧) التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٥ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ١٨٠٩ ، الوسائل ٣ : ١٣٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٧ ح ٢.

(٨) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ١٨١٠ ، الوسائل ٣ : ١٣٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٧ ح ٣.

٢٧٠

وضعفها ـ لو كان ـ منجبر بالعمل ، مع أنّ ثانيتها صحّت عن ابن محبوب الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، فلا يضرّ وقوع طلحة قبله ، مضافا إلى أنّ الشيخ ذكر في فهرسته أنّ كتابه معتمد (١).

خلافا للمحكي عن المفيد وظاهر التهذيب والحلبي ، فمنعوا عن الصلاة على غير أهل الحق (٢). والحلّي فلم يوجبها (٣). ويعزى إلى الديلمي أيضا (٤) ، لاشتراطه في الغسل اعتقاد الحق.

للأصل.

واستفاضة النصوص بل تواترها على كفرهم (٥) ، المستلزم لعدم جواز الصلاة عليهم بالإجماع والآية المتقدمة وما بمعناها من الأخبار (٦) ، وعلى نصبهم (٧) ، الموجب له بالأوّل.

ويردّ الأول : بما مرّ.

والثاني : بمنع الصغرى أولا. وأخبار كفرهم معارضة بروايات إسلامهم ، كما مرّ شطر منها في كتاب الطهارة.

وكلّية الكبرى ثانيا. وإثباتها بالإجماع والآية فاسد : أمّا الأوّل فلوضوح انعقاده على نوع خاصّ من الكفار دون الكلّية. وأمّا الثاني فلما مرّ في معنى الآية ، مع دلالة العلة على أنّ المنهي عن الصلاة عليهم هم الكافرون بالله ورسوله ، وكون المتنازع فيه كذلك ممنوع جدّا ، وإن كانوا كفّارا ببعض الحق.

والتوضيح : أنّه لا شك أنّ المراد بالكفر في المقدمتين ليس حقيقته اللغوية ،

__________________

(١) الفهرست : ٨٦.

(٢) المفيد في المقنعة : ٨٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٥ ، الحلبي في الكافي في الفقه ١٥٧.

(٣) السرائر ١ : ٣٥٦.

(٤) المراسم : ٤٥.

(٥) الوسائل ١ : ١٣ أبواب مقدمة العبادات ب ١ وأيضا ج ٢٨ : ٣٣٩ أبواب حدّ المرتد ب ١٠.

(٦) الوسائل ٣ : ٦٩ أبواب صلاة الجنازة ب ٤.

(٧) الوسائل ٩ : ٤٨٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢.

٢٧١

وأما الحقيقة الشرعية فلو سلمناها فإنّما هي في غير أهل القبلة ، فالمراد في دليل الصغرى الذي هو الأخبار أحد مجازاته ، وفي دليل الكبرى الذي هو الإجماع والآية هو حقيقته الشرعية إن ثبتت ، وإلاّ فمعناه المجازي أيضا ، واختلاف المعنيين على ثبوت الحقيقة الشرعية معلوم ، وعلى تقدير عدم ثبوتها محتمل ، فلا يثبت الاستلزام المدّعى. بل ـ لظهور مورد الإجماع ، ومقتضى التعليل المذكور في الآية ـ الاختلاف معلوم على التقديرين.

فإن قيل : استعمل في دليل الصغرى الكافر في المتنازع فيه ، والأصل في الاستعمال الحقيقة.

قلنا : بل الاستعمال أعمّ منها.

فإن قيل : يكفي التجوز أيضا ، لأنّ حرمة الصلاة أحد وجوه الشبه ، فيثبت المطلوب بعموم التشبيه.

قلنا : عمومه ممنوع جدا كما بيّنا في موضعه ، سيّما مع تبادر بعض أحكام أخر كما في المورد.

سلّمنا أصالة الحقيقة ، ولكن الثابت له الحكم في دليل الكبرى غير هذا المعنى بالتقريب المتقدم ، فلا يفيد.

وممّا ذكر يظهر الجواب عن أخبار نصبهم أيضا.

وقد يجاب عن الآية وما بمعناها : بوجوب تخصيصها بما مرّ من الأخبار الموجبة.

ويضعّف : بأنّ المعارضة لو سلّمت فبالعموم من وجه ، والترجيح للآية لو دلّت قطعا ، إذ كلّ خبر لم يوافق كتاب الله فهو زخرف ، سيّما مع موافقته للعامة ، بل التقية بل الأصل.

هذا كله مع عدم التقية ، وأما معها فتجب قولا واحدا بكيفية يأتي ذكرها إن شاء الله.

٢٧٢

فرعان :

أ : لا خلاف بين الأصحاب ظاهرا ـ كما في الذخيرة (١) وغيرها ـ في وجوب الصلاة على مرتكبي الكبائر من أهل الحق ، وتدل عليه العمومات السالفة ، وخصوص صحيحة هشام بن سالم شارب الخمر والزاني والسارق يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : نعم » (٢).

ب : في حكم المسلم من يلحق به من المجانين ، إجماعا.

المسألة الثالثة : لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين ما لم يبلغوا ستّ سنين‌ ، وتجب إذا بلغوا هذا الحدّ ، على الأظهر الأشهر في الحكمين ، بل عن السيد والمنتهى الإجماع عليه (٣) ، ويشعر به كلام الدروس (٤).

أما الأوّل فللأصل ، وصحيحة زرارة الواردة في صلاة أبي جعفر عليه‌السلام على ابن له مات ، حيث قال : « ألا إنّه لم يكن يصلّى على مثل هذا » وكان ابن ثلاث سنين « كان علي عليه‌السلام يأمر به ، فيدفن ولا يصلّى عليه ، ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله » قلت : فمتى تجب عليه الصلاة؟ فقال : « إذا عقل الصلاة وكان ابن ستّ سنين » (٥).

دلّت بالمفهوم على عدم الوجوب بانتفاء الوصفين المتحقق بانتفاء أحدهما.

ونحوها مرسلة الفقيه : متى تجب الصلاة عليه؟ قال : « إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين » (٦).

__________________

(١) الذخيرة : ٣٢٨.

(٢) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨١ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٤ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ١٨٠٨ وفيه : عن هشام بن الحكم ، الوسائل ٣ : ١٣٢ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٧ ح ١.

(٣) السيّد في الانتصار : ٥٩ ، المنتهى ١ : ٤٤٨.

(٤) الدروس ١ : ١١١.

(٥) الكافي ٣ : ٢٠٧ الجنائز ب ٧٣ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٩٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ٣.

(٦) الفقيه ١ : ١٠٥ ـ ٤٨٨ ، الوسائل ٣ : ٩٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ٢.

٢٧٣

إلاّ أنّه يخدشها احتمال إرادة الثبوت من الوجوب ، والتمرينية من الصلاة كما ذكروه في سائر أخبار الباب. ولا يحتمل ذلك في الصحيحة بقرينة التفريع في قوله : « فمتى .. ».

وقد يستدل أيضا بصحيحة الحلبي : عن الصلاة على الصبي متى يصلّى عليه؟ فقال : « إذا عقل » (١).

وعلي : عن الصبي يصلّى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين؟ قال : « إذا عقل الصلاة صلّي عليه » (٢).

والرضويّ : « واعلم أنّ الطفل لا يصلّى عليه حتى يعقل الصلاة » (٣).

بضميمة صحيحة محمد : في الصبي متى يصلّى عليه؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى يعقل الصلاة وتجب عليه؟ قال : « لستّ سنين » (٤).

فإنّ الثلاثة المتقدمة على هذه الصحيحة دلّت على عدم وجوب الصلاة قبل عقل الصلاة ، ودلّت هذه على أنّ عقل الصلاة إنّما هو لستّ سنين ، فلا تجب قبل الست.

أقول : يرد عليه أنّه لا شكّ أنّ من الأطفال من يعقلها قبل الستّ ، ومن لا يعقلها إلاّ بعدها ، فالصحيحة واردة مورد الغالب.

وأيضا : من البديهيات أنّه لا يتفاوت الحال في عقلها في يوم أو يومين أو عشرة ونحوها ، فلا يكون غير عاقل لها قبل الستّ بأيام يسيرة ويصير عاقلا بكمال الستّ ، فالمراد من الصحيحة التقريب ، فلا يثبت المطلوب الذي هو عدم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٦ الجنائز ب ٧٣ ح ٢ ، الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٦ ، التهذيب ٣ : ١٩٨ ـ ٤٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ ـ ١٨٥٥ ، الوسائل ٣ : ٩٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٣ : ١٩٩ ـ ٤٥٨ ، قرب الاسناد : ٢١٨ ـ ٨٥٥ ، الوسائل ٣ : ٩٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ٤.

(٣) فقه الرضا «ع» : ١٧٨ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٢٧٢ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٨١ ـ ١٥٨٩ ، الاستبصار ١ : ٤٠٨ ـ ١٥٦٢ ، الوسائل ٤ : ١٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٣ ح ٢.

٢٧٤

الوجوب قبل الستّ في كلّ أحد ولو بنحو يوم.

على أنّه يمكن أن يكون المراد من الصحيحة ثبوت العقل والوجوب معا ، أي : وجوب الصلاة التمرينية بمعنى ثبوتها كما ذكروه في الستّ ، فلا ينافي ثبوت العقل المعلّق عليه صلاة الجنازة قبل الست.

خلافا فيه (١) للمحكي عن الإسكافي ، فأوجب الصلاة على الصبي مطلقا بعد أن يكون خرج حيّا مستهلاّ (٢).

للنصوص المستفيضة : كصحيحة ابن سنان ، وفيها : « وإذا استهلّ فصلّ عليه وورثه » (٣).

وعلي : كم يصلّى على الصبي إذا بلغ السنين والشهور؟ قال : « يصلّى عليه على كلّ حال ، إلاّ أن يسقط لغير تمام » (٤).

ونحوها مرسلة أحمد (٥).

ورواية السكوني : « يورّث الصبي ويصلّى عليه إذا سقط عن بطن امّه ما استهلّ صارخا » (٦).

ويجاب عنها ـ مع عدم دلالة غير الاولى على الوجوب ـ : بأنّها أعمّ مطلقا ممّا مرّ بأجمعها حتى روايات التعليق بالعقل ، فيجب تخصيصها به ، سيّما مع اعتضاده بالشهرة القوية ـ التي كادت أن تكون في نفي ذلك إجماعا ـ وبالأصل ،

__________________

(١) أي في الحكم الأول ، وهو : عدم وجوب الصلاة على الطفل ما لم يبلغ ستّ سنين.

(٢) حكاه عنه في المختلف ١ : ١١٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٩٩ ـ ٤٥٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠ ـ ١٨٥٧ ، الوسائل ٣ : ٩٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٣١ ـ ١٠٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤٨١ ـ ١٨٦١ ، الوسائل ٣ : ٩٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ٢.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٣١ ـ ١٠٣٦ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠ ـ ١٨٥٩ ، الوسائل ٣ : ٩٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٣٣١ ـ ١٠٣٥ ، الوسائل ٣ : ٩٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ٣.

٢٧٥

وبمخالفته العامة ـ التي هي مرجّحة له لو تحقق التعارض أيضا ـ كما صرّح بها جماعة من الأصحاب (١) ، وتشهد لها جملة من الأخبار ، منها صحيحة زرارة السابقة ، وفي صحيحة أخرى له ـ بعد صلاته عليه‌السلام على طفل له ـ : « لم يكن يصلّي على الأطفال ، وإنّما كان أمير المؤمنين يأمرهم فيدفنون ، ولا يصلّي عليهم ، وإنّما صلّيت عليه من أجل أهل المدينة كراهة أن يقولوا : لا يصلّون على أطفالهم » (٢).

وفي رواية هشام : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ الناس يكلّمونا ويردّون علينا قولنا : إنّه لا يصلّى على الطفل (٣) الحديث.

وعن المفيد والجعفي والمقنع ، فأوجبوا الصلاة على من يعقل الصلاة (٤) ، وهو بإطلاقه يشمل من لم يبلغ الست أيضا ، وإرجاعه إلى المشهور إنّما يصحّ إذا كان دليل على تلازم عقلها وبلوغ الست ، وليس كذلك كما عرفت ، فهو قول مخالف على الظاهر للمشهور.

لروايات التعليق على العقل المتقدمة.

ويجاب عنها : بعدم دلالتها على الوجوب بالعقل ، غايتها الرجحان ، وهو غير المطلوب. سلّمنا ولكنها أعمّ مطلقا من صحيحة زرارة السالفة ، فتختص بها قطعا.

وأمّا الثاني (٥) ، فللإجماع ، لعدم قدح مخالفة شاذ ـ يأتي ـ فيه أصلا ، ولهذه‌

__________________

(١) كالشيخ في الاستبصار ١ : ٤٨٠ ، والعلامة في المختلف ١ : ١١٩ ، وصاحب الحدائق ١٠ : ٣٧١.

(٢) الكافي ٣ : ٢٠٦ الجنائز ب ٧٣ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٩٨ ـ ٤٥٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ ـ ١٨٥٦ ، الوسائل ٣ : ٩٨ أبواب صلاة الجنازة ب ١٥ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٢٠٩ الجنائز ب ٧٣ ح ٨ ، التهذيب ٣ : ٣٣٢ ـ ١٠٣٩ ، الوسائل ٣ : ١٠٠ أبواب صلاة الجنازة ب ١٥ ح ٣.

(٤) المفيد في المقنعة : ٢٢٩ ، حكاه عن الجعفي في الذكرى : ٥٤ ، المقنع : ٢١.

(٥) أي وجوب الصلاة على الطفل إذا بلغ ست سنين.

٢٧٦

الصحيحة (١) بضميمة الإجماع المركّب ، حيث إنّ بها ثبت الوجوب ببلوغ الست مع عقل الصلاة ، وكلّ من يقول بذلك يقول بوجوبها به مطلقا ، فإنّ المفيد وتابعيه وإن لم يقولوا بوجوبها به من دون العقل ، ولكنّهم لا يقولون بوجوبها به مطلقا ، بل بالعقل وإن كان قبل الست.

مضافا إلى أنّ الظاهر عدم انفكاك بلوغ الست عن عقل الصلاة ، لثبوت الخطاب التمريني بها فيها ، كما ورد في صحيحة الحلبي وفيها : قلت : متى تجب الصلاة عليه؟ قال : « إذا كان ابن ستّ سنين ، والصيام إذا أطاقه » (٢).

وظاهر أنّه لا تمرين بدون عقلها.

وبذلك تظهر دلالة موثّقة الساباطي أيضا على المطلوب : عن المولود ما لم يجر عليه القلم ، هل يصلّى عليه؟ قال : « لا ، إنّما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم » (٣).

حيث إنّ الخطاب التمريني أيضا قلم لا محالة. بل لا فرق في صدقه بينه وبين التكليفي أصلا ، لثبوته من الشرع.

ولا ينافيه حصر الصلاة في الرجل والمرأة الظاهرين في البالغ ، لانتفاء الظهور مع شرطية جري القلم ، فإنّ المتبادر منها عدم استفادة جري القلم من السابق ، وحمل الجملة الشرطية على التأكيد خلاف الظاهر جدّا ، فهي قرينة على إرادة المعنى الأعم من الرجل والمرأة.

نعم ، الموثّقة مثبتة للرّجحان ، وأمّا دلالتها على الوجوب فغير ظاهرة.

خلافا للعماني ، فاشترط في الوجوب البلوغ (٤) ، وتبعه بعض متأخّري‌

__________________

(١) أي : صحيحة زرارة المذكورة في صدر المسألة.

(٢) الكافي ٣ : ٢٠٦ الجنائز ب ٧٣ ح ٢ ، الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٦ ، التهذيب ٣ : ١٩٨ ـ ٤٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ ـ ١٨٥٥ ، الوسائل ٣ : ٩٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ١٩٩ ـ ٤٦٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠ ـ ١٨٥٨ ، الوسائل ٣ : ٩٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٤ ح ٥.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ١١٩.

٢٧٧

المتأخّرين (١) ، فقال بوجوبها بالبلوغ ، واستحبابها بالعقل للصلاة ، وعدم مشروعيّتها قبله.

للموثّقة المذكورة.

والأصل.

وعدم احتياجه إليها قبله.

ورواية هشام ، وفيها : « إنّما يجب أن يصلّى على من وجبت عليه الصلاة والحدود ، ولا يصلّى على من لا تجب عليه الحدود » (٢).

ويجاب عن الاولى : بما مرّ.

وعن الثاني : باندفاعه بما ذكر.

وعن الثالث : بالمنع ، وانتقاضه بالصّلاة على النبيّ والأئمّة عليهم‌السلام ، مع أنّه اجتهاد في مقابلة الدليل.

وعن الرابع : بالضعف بالشذوذ ، ومخالفة شهرة القدماء وعمل صاحب الأصل.

فرع :

مقتضى طائفة من الأخبار المتقدّمة عدم استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة ، كما حكي القول به عن جماعة منهم : المفيد والكليني والصدوق والمبسوط (٣) ، ومال إليه جمع من متأخري المتأخرين (٤) ، بل ظاهر الأول انتفاؤه عند آل محمّد عليهم‌السلام.

__________________

(١) كالفيض الكاشاني في الوافي ٣ : ٧٥ أبواب التجهيز ب ٩١ بالطبع الحجري.

(٢) الكافي ٣ : ٢٠٩ الجنائز ب ٧٣ ح ٨ ، التهذيب ٣ : ٣٣٢ ـ ١٠٣٩ ، الوسائل ٣ : ١٠٠ أبواب صلاة الجنازة ب ١٥ ح ٣.

(٣) المفيد في المقنعة : ٢٣١ ، حكاه عن الكليني في كفاية الأحكام : ٢٢ ، الصدوق في المقنع : ٢١ ، المبسوط ١ : ١٨٠ ، لكن عبارته ـ كما قال المحقق السبزواري ( ره ) في الذخيرة : ٣٢٨ ـ مشعرة بنفي استحباب الصلاة عمّن لم يبلغ ستّ سنين ، فراجع.

(٤) كالمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٢٨ ، والعلاّمة المجلسي في البحار ٧٨ : ٣٥٩ ، والآقا جمال

٢٧٨

وظاهر طائفة أخرى ـ مرّت مستندة للإسكافي (١) ـ رجحانها واستحبابها ، كما حكي عن الأكثر (٢).

ومقتضى قاعدة ترجيح المخالف للعامّة من الأخبار العمل بالأولى ، فعلى مضمونها الفتوى. ولا تفيد حكاية الشهرة وأدلّة الاحتياط للخروج عن الخلاف ، وإن كان المقام متحمّلا للتسامح ، لأنّه إنّما هو إذا لم يكن دليل على انتفاء الاستحباب ، وهذه الأخبار الراجحة على معارضتها أدلّة عليه.

وفعل الحجّة ـ الوارد في بعض ما مرّ من الأخبار ـ للتقيّة ورفع التهمة ، كما يستفاد من الرواية.

واستبعاد ذلك لإمكان الاعتذار لترك الصلاة بأعذار وعدم ارتكاب المحرّم.

مدفوع : بأنّ في العذر أيضا مظنّة التهمة ، والحرمة مع عدم قصد المشروعيّة ممنوعة.

المسألة الرابعة : لو وجد بعض الميّت‌ فإن كان صدرا أو ما فيه الصدر يصلّى عليه وجوبا ، وفاقا للمحكي عن النهاية والمبسوط والخلاف والمقنعة والمراسم والوسيلة والسرائر والمعتبر والشرائع والنافع (٣) ، وجملة من كتب الفاضل (٤) ، وغيرها ، بل هو المشهور ، كما هو في طائفة من الكلمات مذكور (٥) ، بل الظاهر كونه إجماعيّا.

__________________

الخوانساري في شرحه على الروضة : ١١٣ ، لكن ظاهر عباراتهم نفي الاستحباب أو الميل اليه فيمن لم يبلغ ستّ سنين.

(١) راجع ص ٢٧٥.

(٢) انظر : الذخيرة : ٣٢٨.

(٣) النهاية : ٤٠ ، المبسوط ١ : ١٨٢ ، الخلاف ١ : ٧١٥ ، المقنعة : ٨٥ ، المراسم : ٤٦ ، الوسيلة : ٦٣ ، السرائر ١ : ١٦٧ ، المعتبر ١ : ٣١٦ ، الشرائع ١ : ٣٧ ، النافع : ١٥.

(٤) كما في المنتهى ١ : ٤٣٤ ، والتذكرة ١ : ٤٦ ، والقواعد ١ : ١٩.

(٥) المختلف : ٤٦ ، الحدائق ١٠ : ٣٧٤ ، الرياض ١ : ٦٨.

٢٧٩

فهو الحجّة فيه ، لا الأخبار الواردة في المقام ، لخلوّها طرّا عن الدالّ على الوجوب ، بل غايتها الرجحان.

نعم في رواية طلحة بن زيد : « لا تصلّ على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفردا ، وإن كان البدن فصلّ عليه وإن كان ناقصا من الرأس واليد والرجل » (١).

ولكنها أخصّ من المدّعى ، إلاّ أن يتمّ بالإجماع المركّب.

وظاهر بعض المعتبرة رجحان الصلاة على كلّ عضو تامّ (٢) ، وقيل بوجوبها (٣) ، والاستحباب أظهر.

بل الظاهر من بعض الأخبار الاستحباب في كلّ عظم (٤) ، ولا بأس به.

ويشترط في الصلاة على العضو المنفرد موت صاحبه ، إجماعا كما في الذكرى (٥) ، فلو كان الباقي حيّا لا يصلّى عليه.

المسألة الخامسة : لو اشتبه ميّت المسلم بغيره : فإمّا لا يكون الميّتان حاضرين ، كأن يفقد أحدهما ، وكان الموجود مشتبها ، فالظاهر عدم وجوب الصلاة على الحاضر ، للأصل ، فإنّه لا تجب الصلاة على المسلم إلاّ مع حضوره.

وإن كانا حاضرين يصلّى عليهما بنيّة الصلاة على المسلم ، بمعنى أنّه يتوجّه إليهما ، وينوي المسلم منهما بالصلاة ، لإمكان الصلاة عليه بهذا الوجه ، فتجب ، ولا دليل على اشتراط تعيينه بخصوص شخصه الخارجي في النيّة أيضا ، سيّما في مثل ذلك المقام.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٢٩ ـ ١٠٢٩ ، الوسائل ٣ : ١٣٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٧.

(٢) انظر : الوسائل ٣ : ١٣٧ ، ١٣٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٩ و ١٣.

(٣) كما عن الإسكافي في المختلف : ٤٦.

(٤) انظر : الوسائل ٣ : ١٣٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٨.

(٥) الذكرى : ٥٤.

٢٨٠