أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٩١
اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد » (١).
قيل : دلّت على الفوات بعد الزوال ، وإلاّ لما كان للتأخير إلى الغد وجه.
وعلى الامتداد إليه ؛ لظهور الشرطيّتين فيها في سقوط قوله : وصلّى بهم بعد قوله « في ذلك اليوم » في الشرطيّة الاولى ، وإلاّ للغتا طرّا ، فلا وجه للتفصيل بهما بعد اشتراكهما في الحكم بالإفطار (٢).
ويرد على الأوّل : أنّ المراد بالفوات بعد الزوال فوات وقتها مطلقا ، لا وقتها في ذلك اليوم فقط ، فالصحيح دالّ على خلاف المطلوب. مع أنّ الصلاة في الغد غير معمول به عند المستدلّ ، فهذا الجزء في حكم السقوط عنده ، فلا يصلح دليلا لشيء ، ودلالته التبعيّة على ترك الصلاة بعد الزوال فرع بقاء متبوعه.
وعلى الثاني : أنّ مقتضى ذكر الشرطيّتين سقوط شيء في الشرطيّة الاولى ، وأمّا أنّه هو : وصلّى بهم فلا دليل عليه ، فلعلّه : وصلّى بهم بعد الزوال ، أو : وسقطت الصلاة ، أو : وقضى الصلاة (٣). ودعوى الإجماع المركّب هنا باطلة جدّا.
ويحتمل أن يكون قوله : « وأخّر الصلاة » مستأنفة ، وكان حكما للصورتين ، لا معطوفة على الجزائيّة الثانية ، وتكون فائدة التفصيل أمرا غير معلوم لنا سقط من البين.
وعليهما : أنّه لأحد أن يقول : إنّ غاية ما يدلّ عليه ، الامتداد إلى الزوال والفوات به في الصورة المذكورة فيها ، فيجوز أن ينتهي بما قبل الزوال ، أو يبقى بعد الزوال في غير هذه الصورة ، فلا يثبت بها الحكم كليّا. فتأمّل.
خلافا لبعض مشايخنا ، فقال بعدم امتداد وقتها إلى الزوال ، بل اختصاصه
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٦٩ الصيام ب ٢٧ ح ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٩ ـ ٢٦٧ ، الوسائل ٧ : ٤٣٢ أبواب صلاة العيد ب ٩ ح ١.
(٢) انظر : الرياض ١ : ١٩٤.
(٣) قد ذكرنا أنّ في الكافي زيادة « وصلّى » في الشرطية الاولى ، فلا وجه لهذه الاحتمالات.
بصدر النهار (١) ، وعزاه إلى ظاهر الشيخين (٢).
للأخبار المشار إليها المتضمّنة لأنّه إذا طلعت الشمس خرجوا (٣) ، وأنّ الغدوّ إلى الصلاة بعد الطلوع (٤) ، وأنّ الحجج خرجوا بعده (٥).
وإطلاق المرفوعة : « إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال ، وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أوّل النهار إلى عيدهم » (٦) خرج عنه أوّل النهار بالإجماع ، فيبقى الباقي.
والمرويّ في الدعائم : في القوم لا يرون الهلال ، فيصبحون صياما ، حتى مضى وقت صلاة العيد من أوّل النهار ، فيشهد شهود عدول أنّهم رأوه من ليلتهم الماضية ، قال : « يفطرون ويخرجون من غد ، فيصلّون صلاة العيد من أوّل النهار » (٧).
ويردّ الأوّلان : بأنّ مقتضاهما دخول الوقت بالطلوع ، لا انحصار وقته بالزمان المتّصل به أو القريب منه.
والثانيان : بعدم الحجيّة ؛ لمخالفتهما الشهرة العظيمة الجديدة والقديمة ، مضافا إلى ضعف ثانيهما في نفسه ، واحتمال أوّل النهار فيه نصفه الأوّل لا جزأه الأوّل.
المسألة الثانية : من فاتته صلاة العيد في وقتها فليس عليه قضاء ، سواء كان ممّن وجبت عليه الصلاة أو استحبّت ؛ لصحيحتي زرارة المتقدّمتين في البحث
__________________
(١) الحدائق ١٠ : ٢٢٧.
(٢) المفيد في المقنعة : ١٩٤ ، والطوسي في المبسوط ١ : ١٦٩.
(٣) راجع ص ١٨٠.
(٤) انظر : الوسائل ٧ : ٤٥٢ و ٤٧٣ ب : ١٨ و ٢٩ أبواب صلاة العيد.
(٥) انظر : الوسائل ٧ : ٤٥٢ و ٤٥٣ ب : ١٨ و ١٩ أبواب صلاة العيد.
(٦) الكافي ٤ : ١٦٩ الصيام ب ٢٧ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ١١٠ ـ ٤٦٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٣ أبواب صلاة العيد ب ٩ ح ٢.
(٧) الدعائم ١ : ١٨٧ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٦ ح ١.
الأوّل (١) ، وبهما تخصّص عمومات موجبات قضاء الصلوات الفائتة ، مضافا في صورة الاستحباب إلى اختصاصها بالصلوات الواجبة ، وعدم تعقّل وجوب قضاء المستحبّ.
وأمّا رواية أبي البختريّ : « من فاتته صلاة العيد فليصلّ أربعا » (٢).
فشاذّة ؛ إذ لم يعمل بها إلاّ شاذّ في صورة مخصوصة ، ومع ذلك بما مرّ معارضة ، ولقول جمع من العامّة موافقة (٣) ، ولإرادة الظهر محتملة وإن كانت بعيدة.
ومن لا يجب القضاء عليه لا يستحبّ أيضا ؛ للأصل السالم عن المعارض حتّى فتوى الحلّي (٤) ، وإن نسب استحباب القضاء إليه (٥) ، ولكن كلامه ليس صريحا فيه ، كما يظهر للمتأمّل فيه (٦). وعمومات قضاء النوافل بين ظاهرة وصريحة في اليوميّة ، فلا تفيد فيمن تستحبّ له الصلاة.
إلاّ إذا كان الفوات لأجل عدم ثبوت العيد إلاّ بعد خروج الوقت ، فيستحبّ القضاء في الغد ، سواء كان ممّن تجب عليه الصلاة أو تستحبّ ؛ لصحيحة محمّد بن قيس والمرفوعة والدعائميّ ، المتقدّمة (٧) ، وفاقا للمحكيّ عن الصدوق والكلينيّ والإسكافيّ (٨).
__________________
(١) في ص ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٥ ، الوسائل ٧ : ٤٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٥ ح ٢.
(٣) انظر : بداية المجتهد ١ : ٢٢٤ ، ومغني المحتاج ٢ : ٢٤٤ ، والإنصاف ٢ : ٤٣٣.
(٤) السرائر ١ : ٣١٨.
(٥) كما في الحدائق ١٠ : ٢٣١.
(٦) قال في السرائر : وليس على من فاتته صلاة العيدين قضاء واجب وإن استحبّ له أن يأتي بها منفردا.
(٧) في ص ١٨١ ـ ١٨٢.
(٨) الصدوق في الفقيه ٢ : ١٠٩ ، الكليني في الكافي ٤ : ١٦٩ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١١٤.
ومال إليه جماعة من متأخّري المتأخّرين ، بل ظاهرهم الوجوب (١).
ولكن الروايات عن إفادته قاصرة : أمّا غير المرفوعة فظاهر ؛ لمكان الجملة الخبريّة ، مع ضعف الدعائميّ. وأمّا هي فلأنّها وإن تضمّنت الأمر ، ولكن الخروج ليس بواجب إجماعا ، فيتردّد بين التجوّز في المادة أو الهيئة ، ولا ترجيح.
ولكن الظاهر اختصاص ذلك بعيد الفطر ؛ لاختصاص الروايات. ولا يلزم خرق إجماع ؛ إذ ظاهر الشيخين الكلينيّ والصدوق أيضا الاختصاص (٢).
وإلاّ إذا كان ممّن تجب عليه ولحق خطبة الإمام ، فيستحبّ له الجلوس حتّى يسمع الخطبة ، ثمَّ يقوم فيصلّي وإن كان بعد الزوال ؛ لإطلاق صحيحة زرارة : أدركت الإمام على الخطبة ، قال : « تجلس حتّى يفرغ من خطبته ، ثمَّ تقوم فتصلّي » (٣).
والتخصيص بمن تجب عليه للفظ الإمام ، والحكم بالاستحباب لمقام الجملة الخبريّة.
خلافا في الأوّل في صورة وجوب الصلاة لمحتمل المحكيّ في الروضة عن بعضهم ، فحكم بالقضاء (٤). وقائله كمستنده غير معلوم ، إلاّ أن يستند إلى عمومات القضاء. ويجاب بما مرّ.
وللمحكيّ عن عليّ بن بابويه ، والإسكافي والمقنعة والوسيلة ، فحكموا بوجوب القضاء إذا لحق الخطبتين (٥) ؛ للصحيح المتقدّم. وهو على الوجوب غير دالّ ، كما أنّ كلام هؤلاء في القضاء غير صريح.
__________________
(١) انظر : الذخيرة : ٣٢٠ ، والحدائق ١٠ : ٢٣١ ، والرياض ١ : ١٩٤.
(٢) الكليني في الكافي ٤ : ١٦٩ ، الصدوق في الفقيه ٢ : ١٠٩.
(٣) التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٧ : ٤٢٥ أبواب صلاة العيد ب ٤ ح ١.
(٤) الروضة ١ : ٣٠٧.
(٥) حكاه عن علي بن بابويه في الحدائق ١٠ : ٢٣١ ، وعن الإسكافي في المختلف : ١١٤ ، المقنعة : ٢٠٠ ، الوسيلة : ١١١.
وفي الثاني للمحكيّ عن الحليّ (١). ولا مستند له مع أنّ فتواه ليست صريحة في ذلك.
وفي الثالث للأكثر ، فلم يثبتوا الصلاة في الغد ؛ للأصل ، ومخالفة الصحيح والروايات الثلاث لنقل الإجماع على انتفاء القضاء مطلقا ، والشهرة المحقّقة.
ويردّ : بعدم صلاحيّة الإجماع المنقول لمعارضة الخبر سيّما الصحيح منه ، وعدم ثبوت تحقّق الشهرة القديمة الموجبة لدخول الخبر في حيّز الشذوذ.
وفي الرابع للمشهور ، فلم يثبتوا الصلاة إذا كان فراغ الإمام عن الخطبة بعد الزوال.
لاحتمال كون المراد من الصحيح إن لم تزل الشمس.
وعدم صراحته في القضاء.
وعموم نافيات القضاء هنا.
ويردّ الأوّل : بأنّ الاحتمال لا يدفع الإطلاق بل العموم المستفاد من ترك الاستفصال.
والثاني : بأنّ مرادنا من القضاء ما يفعل بعد الوقت استدراكا له ، سواء ينوي القضاء أم لا.
والثالث : بأنّها تنفي وجوبه دون استحبابه.
__________________
(١) السرائر ١ : ٣١٨.
البحث الرابع
في كيفيّتها
وهي : ركعتان مطلقا ، جماعة صلّيت أو فرادى ، يكبّر تكبيرة الإحرام لهما ثمَّ يقرأ الحمد وسورة وجوبا ، ثمَّ يكبّر خمسا بعد القراءة استحبابا على الأقوى ، ويقنت عقيب كلّ منها كذلك ، ثمَّ يكبّر ويركع ويسجد ، ويقوم للثانية فيقرأ الحمد والسورة وجوبا ، ثمَّ يكبّر أربعا استحبابا ، ويقنت عقيب كلّ منها كذلك ، ثمَّ يكبّر خامسة للركوع ، ويتمّ الصلاة.
أمّا كونها ركعتين مطلقا فعلى الأشهر الأقوى ؛ لمرسلة ابن المغيرة السابقة (١) ، وصحيحة ابن سنان : « صلاة العيدين ركعتان بلا أذان وإقامة ، وليس قبلهما ولا بعدهما شيء » (٢) وسائر ما يأتي من الأخبار.
خلافا للإسكافي وعليّ بن بابويه (٣) ، والتهذيب (٤) ، فيما إذا لحق خطبتي الإمام ، فقالوا : إمّا أربع ركعات بعد استماع الخطبة أمّا بتسليمتين كالأوّل ، أو تسليمة كالثاني ، أو مخيّرا بينها وبين الركعتين كالثالث ، لرواية أبي البختريّ المتقدّمة بردّها (٥).
وأمّا النيّة وتكبيرة الإحرام والقراءة وجوبا ، فبالإجماع بل الضرورة.
وأمّا زيادة التكبير ، فبالأوّل والأخبار.
__________________
(١) في ص ١٦٤.
(٢) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٢ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٧.
(٣) حكاه عنهما في المختلف : ١١٤.
(٤) التهذيب ٣ : ١٣٤.
(٥) راجع ص ١٨٣.
وأمّا كون الزائد خمسا في الاولى وأربعا في الثانية ، فعلى المشهور المنصور ، بل عليه الإجماع عن الانتصار والاستبصار والناصريّات والخلاف والسرائر والمختلف (١) ؛ للمعتبرة المستفيضة كمرسلة ابن المغيرة السابقة ، وصحيحة الشحّام : عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس » (٢).
وجميل : عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة » وسألته : ما يقرأ فيهما؟ قال : « والشمس وضحاها ، وهل أتاك حديث الغاشية ، وأشباههما » (٣).
ومعاوية : عن صلاة العيدين ، فقال : ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء ، وليس فيهما أذان ولا إقامة ، يكبّر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة يبدأ بتكبير ويفتتح الصلاة ، ثمَّ يقرأ فاتحة الكتاب ، ثمَّ يقرأ والشمس وضحاها ، ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات ، ثمَّ يكبّر فيركع فيكون يركع بالسابعة ، ثمَّ يسجد سجدتين ، ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتاك حديث الغاشية ، ثمَّ يكبّر أربع تكبيرات ويسجد سجدتين ويتشهّد ويسلّم » قال : « وكذلك صنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والخطبة بعد الصلاة » (٤).
والكنانيّ : عن التكبير في العيدين ، قال : « اثنتي عشرة تكبيرة ، سبع في الاولى وخمس في الأخيرة » (٥).
__________________
(١) الانتصار : ٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ، الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣ ، الخلاف ١ : ٦٥٨ ، السرائر ١ : ٣١٦ ، المختلف ١ : ١١٢.
(٢) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٠ ، الوسائل ٧ : ٤٣٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٢.
(٣) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.
(٤) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٣ ، الوسائل ٧ : ٤٣٤ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٤ ـ ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٦.
ورواية عليّ بن أبي حمزة : في صلاة العيدين ، قال : « يكبّر ثمَّ يقرأ ، ثمَّ يكبّر خمسا ويقنت بين كلّ تكبيرتين ، ثمَّ يكبّر السابعة ويركع بها ، ثمَّ يسجد ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ ، ثمَّ يكبّر أربعا يقنت بين كلّ تكبيرتين ، ثمَّ يكبّر ويركع بها » (١).
وسليمان بن خالد : في صلاة العيدين : « كبّر ستّ تكبيرات واركع بالسابعة ، ثمَّ قم في الثانية فاقرأ ، ثمَّ كبّر أربعا واركع بالخامسة ، والخطبة بعد الصلاة » (٢).
وأبي بصير : « التكبير في الفطر والأضحى اثنتا عشرة تكبيرة ، يكبّر في الأولى واحدة ، ثمَّ يقرأ ، ثمَّ يكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات ، والسابعة يركع بها ، ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ ، ثمَّ يكبر أربعا والخامسة يركع بها » (٣).
ويعقوب بن يقطين بل صحيحته : التكبير في العيدين أقبل القراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الاولى وفي الثانية والدعاء بينهما؟ وهل فيهما قنوت أم لا؟ فقال : « تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة ، يكبّر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ، ثمَّ يقرأ ويكبّر خمسا ويدعو بينها ، ثمَّ يكبّر اخرى يركع بها ، فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح بها ، ثمَّ يكبّر في الثانية خمسا ، يقوم فيقرأ ثمَّ يكبّر أربعا ويدعو بينهنّ ، ثمَّ يكبّر التكبيرة الخامسة » (٤).
وإسماعيل الجعفيّ : في صلاة العيدين ، قال : « يكبّر واحدة يفتتح بها الصلاة ، ثمَّ يقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمَّ يكبّر خمسا يقنت بينهنّ ، ثمَّ يكبّر واحدة
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٤ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير.
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٥ ، الوسائل ٧ : ٤٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٩.
(٣) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٦ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٧.
(٤) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٧ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨.
ويركع بها ، ثمَّ يقوم فيقرأ أمّ القرآن وسورة ، يقرأ في الأولى سبّح اسم ربّك الأعلى ، وفي الثانية والشمس وضحاها ، ثمَّ يكبّر أربعا ويقنت بينهنّ ، ثمَّ يركع بالخامسة » (١).
ومحمّد : عن التكبير في الفطر والأضحى ، فقال : « ابدأ فكبّر تكبيرة ، ثمَّ تقرأ ، ثمَّ يكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات ، ثمَّ تركع بالسابعة ، ثمَّ تقوم فتقرأ ، ثمَّ تكبّر أربع تكبيرات ، ثمَّ تركع بالخامسة » (٢) إلى غير ذلك.
ولا تنافيه صحيحة محمّد : « الصلاة قبل الخطبتين والتكبير بعد القراءة سبع في الاولى وخمس في الثانية » (٣) حيث يستفاد منها أنّ التكبير في الأولى ثمانية ، التكبيرة للإحرام والسبع بعد القراءة.
لأنّه إنّما هو إذا جعل « سبع » خبرا للتكبير وليس كذلك ، بل خبره قوله : « بعد القراءة » وما بعده جملة مستأنفة تشمل تكبيرة الإحرام أيضا.
خلافا للمحكيّ عن الصدوقين والعمانيّ (٤) ، فجعلوا التكبير الزائد سبع تكبيرات.
وعن محتمل السيّد والمفيد (٥) ، بل الديلميّ والحلبيّ والقاضي وابن زهرة (٦) ، فجعلوه ثمان تكبيرات خمسا للأولى وثلاثا للثانية حيث قالوا : إنّه إذا نهض للثانية
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٨ وفيه : إسماعيل الجبلي ، الوسائل ٧ : ٤٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠.
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٩ ، الوسائل ٧ : ٤٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١١.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٩ ، الوسائل ٧ : ٤٤١ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.
(٤) نسب ذلك إلى ابن بابويه والعماني في المنتهى ١ : ٣٤٠. وفي المختلف : ١١٢ أنّ العماني قائل بالمشهور ، ونسب إلى ابني بابويه ثمان تكبيرات ، ولكن المستفاد من عبارات الفقيه ١ : ٣٢٤ ، والمقنع : ٤٦ ، والهداية : ٥٣ الطريق المشهور أيضا ، فراجع.
(٥) السيد في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣ ، والانتصار : ٥٦ ، المفيد في المقنعة : ١٩٥.
(٦) الديلمي في المراسم : ٧٨ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٣ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٢٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.
كبّر وقرأ ثمَّ كبّر أربعا يركع بالأخيرة منها ، فإن جعلت الأولى تكبيرة القيام يكون الزائد في الثانية ثلاثا ، وإن جعلت تكبيرة صلاة العيد يكون موافقا للمشهور.
ومستندهما ـ كما قيل (١) ـ غير ظاهر ، إلاّ أن يستند للثاني إلى ثبوت الخمس للثانية بالأخبار ، ولاستحباب التكبير للقيام والركوع لم يبق إلاّ ثلاثا.
والى موثّقة سماعة وفيها : « ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ ، فإذا فرغ من القراءة كبّر أربعا ويركع بها » (٢).
ورواية علي بن أبي حمزة المتقدّمة (٣) ، على ما في بعض نسخ التهذيب ، فإنّ فيه في الثانية « ثمَّ يركع بها » بإسقاط قوله « يكبّر ».
ويردّ الأوّل : بعدم ثبوت التكبير للقيام ، وبدلالة الأخبار على كون الخمس بعد القراءة.
والثانيتان باحتمال إرادة الأربع الزائدة الواجبة ، ولم يذكر الخامسة لعدم وجوبها ، فلا ينافي ثبوت استحبابها بدليل آخر.
وأمّا كون التكبيرات الزائدة في الركعتين بعد القراءة فعلى الحقّ الموافق للأكثر ، بل عن الانتصار والخلاف : الإجماع عليه (٤) ؛ لأكثر ما مرّ من الأخبار.
خلافا للمحكيّ عن الإسكافي وهداية الصدوق ، فجعلاه في الأولى قبل القراءة (٥) ؛ لروايات كثيرة كصحاح ابن سنان (٦) ، وإسماعيل بن سعد (٧) ، وهشام
__________________
(١) الرياض ١ : ١٩٥
(٢) التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٢ ، الوسائل ٧ : ٤٣٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٩.
(٣) في ص ١٨٨
(٤) الانتصار : ٥٦ ، الخلاف ١ : ٦٥٨.
(٥) حكاه عن الإسكافي في المختلف ١ : ١١١ ، الهداية : ٥٣.
(٦) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٠ ، الوسائل ٧ : ٤٣٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٨.
(٧) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤١ ، الوسائل ٧ : ٤٣٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢٠.
ابن الحكم (١) ، والكنانيّ (٢) ، وموثّقة سماعة (٣).
ويجاب عنها بمرجوحيتها عن الأخبار المتقدّمة ؛ لموافقتها لمذهب العامّة ، لأنّهم بين قائل بالتقديم في الركعتين ، ونقله في المنتهى عن الشافعيّ ، وأبي هريرة ، والفقهاء السبعة ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهريّ ، ومالك ، والليث ، وأحمد في إحدى الروايتين ، وقائل بالتقديم في الأولى خاصّة ، ونقله عن ابن مسعود ، وحذيفة ، وأبي موسى ، والحسن ، وابن سيرين ، والثوريّ ، وأصحاب الرأي ، أي أبي حنيفة وأتباعه (٤).
مضافا إلى أنّ في الثلاثة الأولى جعل السبع قبل القراءة وهو ممّا لم يقل به أحد ؛ لأنّ تكبيرة الركوع بعدها قطعا ، فإمّا تحمل هذه السبع على السبع الافتتاحيّة ، وأهمل فيها ذكر تكبيرات العيد تقيّة ، أو المعنى : بعض السبع قبل القراءة ، وحينئذ فيمكن أن تكون هي تكبيرة الافتتاح.
وللمنقول عن علي بن بابويه ، فجعلها قبلها في الركعتين (٥). ولم أعثر على مستنده.
وعن السيّد والمفيد والصدوق والديلميّ والحلبيّ والقاضي وابن زهرة ، ففرّقوها في الثانية ، فجعلوا واحدة منها قبل القراءة والباقية بعدها (٦).
وهذا إنّما هو على جعلهم الأربعة التي غير تكبيرة الركوع من خصائص هذه
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٨ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٦.
(٢) الفقيه ١ : ٣٢٤ ـ ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٦.
(٣) تقدّمت في الصفحة السابقة.
(٤) انظر : المنتهى ١ : ٣٤٢.
(٥) حكاه عنه في مفتاح الكرامة ٣ : ١٧٢.
(٦) السيّد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٤ ، المفيد في المقنعة : ١٩٥ ، الصدوق في الفقيه ١ : ٣٢٤ ، الديلمي في المراسم : ٧٨ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٤ ، القاضي في شرح جمل العلم والعمل : ١٣١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.
الصلاة ؛ وحينئذ فيردّ قولهم بعدم الدليل والمخالفة لما مرّ.
وأمّا لو جعلت الاولى للقيام ، والثلاثة لصلاة العيد فليست لهم مخالفة مع المشهور في ذلك المقام ، وإنّما يكون خلافهم في المقام السابق خاصّة ، وقد مرّ جوابه.
وأمّا كون التكبيرات الزائدة على سبيل الاستحباب دون الوجوب ، فوفاقا للمحكيّ عن المفيد والتهذيب والخلاف وفي المعتبر والشرائع والنافع والمنتهى والتحرير والذكرى (١) ، وطائفة من متأخّري المتأخّرين (٢).
للأصل السالم عن معارضة الدالّ على الوجوب ؛ لورود أكثر الأخبار بالجملة الخبريّة الغير الدالّة عليه سوى مرسلة ابن المغيرة ورواية سليمان بن خالد المتقدّمتين (٣).
والواردة فيهما وإن كانت بلفظ الأمر إلاّ أنّهما تعارضان صحيحة زرارة : عن الصلاة في العيدين فقال : « الصلاة فيهما سواء يكبّر الإمام تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ، ثمَّ يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ، إن شاء ثلاثا وخمسا ، وإن شاء خمسا وسبعا ، بعد أن يلحق ذلك إلى وتر » (٤).
__________________
(١) حكاه عن المفيد في المقنعة في الحدائق ١٠ : ٢٤٢ ، ولم نجده فيها ، التهذيب ٣ : ١٣٤ ، حكاه عن الخلاف في الذخيرة : ٣٢١ ، المعتبر ٢ : ٣١٢ ، الشرائع ١ : ١٠١ ، النافع : ٣٨ ، المنتهى ١ ٣٤١ ، التحرير ١ : ٤٦ ، الذكرى : ٢٤١.
(٢) لم نجد فيهم من صرّح بالاستحباب وقال في المدارك ٤ : ١٠٤ إنّ الوجوب أصحّ ، وفي البحار ٧٨ : ٣٥١ : الاحتياط في الإتيان بهما ، وفي الكفاية : ٢١ ، وكشف اللثام ١ : ٢٦٣ ، والحدائق ١٠ : ٢٤٣ : الأقرب الوجوب.
(٣) في ص ١٦٤ ، ١٨٨.
(٤) التهذيب ٣ : ١٣٤ ـ ٢٩١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٣٢ ، الوسائل ٧ : ٤٣٨ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٧.
المؤيّدة برواية الغنويّ : عن التكبير في الفطر والأضحى ، قال : « خمس وأربع ، فلا يضرّك إذا انصرفت على وتر » (١).
والرضويّ : « روي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صلّى بالناس صلاة العيد فكبّر في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات ، وقرأ فيهما سبّح اسم ربّك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية » (٢).
فإنّ التعليق في الأولى على المشيّة ، ونفي الضرر إذا انصرف على الوتر مطلقا في الثانية ، وفعل عليّ عليهالسلام في الثالثة ، قرائن على عدم إرادة الحقيقة من الأمر في الخبرين ، ولولاها لكان التعارض موجبا للرجوع إلى الأصل.
وترجيح الدالّ على الوجوب لكون الروايات الأخيرة موافقة لمذهب كثير من العامّة ـ على ما في الاستبصار (٣) ـ غير جيّد ؛ إذ لا يعلم هذا الكثير هل كانوا في زمان صدور الرواية أو بعده ، وهل كان المخالفون لهم أكثر أم لا.
مضافا إلى عدم إمكان حمل الأمر في المرسلة على حقيقته ؛ لقوله : « وغير جماعة » مع عدم وجوب الصلاة فرادى إجماعا فلا يكون تكبيرها واجبا ، والوجوب الشرطيّ مجاز كالندب. وأيضا : أمر بالسبع والخمس ، وفيهما تكبير الركوع الغير الواجب قطعا.
خلافا للسيّد والإسكافي والحلّي والحلبي والاستبصار والقواعد وشرحه (٤) ، بل الأكثر كما في المختلف والذكرى والنكت وروض الجنان وشرح الألفية
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ـ ٨٥٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٧ أبواب صلاة ب ١٠ ح ١٤.
(٢) فقه الرضا «ع» : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٤.
(٣) الاستبصار ١ : ٤٤٨.
(٤) السيد في الانتصار : ٥٦ ، وجمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٤ ـ ٤٥ ، والناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ١١٢ ، الحلي في السرائر ١ : ٣١٦ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ، القواعد ١ : ٣٩ ، جامع المقاصد ٢ : ٤٥٥.
وغيرها (١) ، بل ظاهر الاستبصار الإجماع عليه (٢) ، فأوجبوها لما أشير إليه بجوابه.
وأمّا القنوت فبالإجماع والأخبار ، وأمّا استحبابه فوفاقا لكلّ من قال باستحباب التكبيرات وبعض من قال بوجوبها ؛ للأصل السالم عن معارضة غير الجمل الخبريّة الغير المفيدة للوجوب ، مضافا إلى كونه لازم استحباب التكبيرات.
خلافا للمحكيّ عن الأكثر (٣) ، وعن الانتصار الإجماع عليه (٤) ؛ لما ذكر بجوابه.
وقد يستدلّ له ولوجوب بعض ما مرّ أيضا بالتأسي وأصل الاشتغال ، وجوابهما ظاهر.
وأمّا كونه خمسة في الاولى وأربعة في الثانية ، فلصحيحة الكنانيّ المفصّلة (٥) ، وموثّقة سماعة (٦) ، وروايتي جابر (٧) ، ومحمّد بن عيسى بن أبي منصور (٨) ، المصرّحة بأنّ بين كلّ تكبيرتين في صلاة العيد الدعاء ، خرج ما بين تكبيرة الافتتاح وغيره بالإجماع ، فيبقى الباقي.
وأمّا ما تضمّن ذكر الدعاء بين كلّ تكبيرتين من الخمس والأربع فلا ينافي ذلك ؛ إذ لا منافاة بين استحبابه بين كلّ اثنتين منها وبين استحباب غيره أيضا ، مع أنّ إرادة بين كلّ تكبيرتين من الخمس والأربع وتكبيرة الركوع أيضا ممكنة.
__________________
(١) المختلف : ١١٢ ، الذكرى : ٢٤١ ، روض الجنان : ٣٠١ ، وانظر : جامع المقاصد ٢ : ٤٥٥ ، والمدارك ٤ : ١٠٤.
(٢) الاستبصار ١ : ٤٤٨.
(٣) كما في التنقيح ١ : ٢٣٧ ، والروض : ٣٠١ ، والمفاتيح ١ : ١٤٩ ، والرياض ١ : ١٩٧.
(٤) الانتصار : ٥٧.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٤ ـ ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٣ ، الوسائل ٧ : ٤٦٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٥.
(٦) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٢ ، الوسائل ٧ : ٤٣٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٩.
(٧) التهذيب ٣ : ١٤٠ ـ ٣١٥ ، الوسائل ٧ : ٤٦٨ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٣.
(٨) التهذيب ٣ : ١٣٩ ـ ٣١٤ ، الوسائل ٧ : ٤٦٨ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٢.
فروع :
أ : يستحبّ التوجّه بالتكبيرات المستحبّة الافتتاحيّة في الصلوات اليوميّة هنا أيضا ، كما صرّح به في الذكرى (١) ؛ لعمومات استحبابها وإطلاقاتها كما تقدّمت في موضعه.
وقال بعض مشايخنا الأخباريّين بعدم استحبابها ؛ للأصل ، حيث إنّ المتبادر من الإطلاقات الفرائض اليوميّة.
واتّفاق أخبار صلاة العيد على عدم ذكر هذه التكبيرات.
والمرويّ في العلل والعيون : فلم جعل سبع في الاولى وخمس في الأخيرة ولم يسوّ بينهما؟ قيل : « لأنّ السنّة في صلاة الفريضة أن يستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدئ هنا بسبع تكبيرات ، وجعل في الثانية خمس تكبيرات لأنّ التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات » (٢) قال : وقضيّة ذلك عدم الإتيان بالسبع الافتتاحيّة وإلاّ للزم الجمع بين العوض والمعوّض عنه (٣).
ويردّ : بأنّ الأصل بالإطلاقات مدفوع ، والتبادر الذي ادّعاه ممنوع.
وعدم ذكرها في هذه الأخبار لا يدلّ على عدم الاستحباب بعد ذكرها في أخبار أخر ، ولذا لا ينكر استحباب تكبيرات السجود ولا بعض مستحبّات أخر ، ولا وجوب ذكر الركوع والسجود ونحوها ، مع عدم ذكرها في هذه الأخبار.
ورواية العلل لا تدلّ على أنّ السبع عوض عن هذه السبع وإلاّ لزم كونها ثمانا ؛ لاستحباب تكبيرة الركوع في كلّ صلاة. بل يمكن أن يكون المراد أنّه لمّا كان افتتاح الصلوات بسبع كان المناسب أن تكون التكبيرة الأولى التي هي أيضا
__________________
(١) الذكرى : ٢٤٣.
(٢) العلل : ٢٧٠ ، العيون ٢ : ١١٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١.
(٣) الحدائق ١٠ : ٢٥٨.
كالافتتاح سبعا حتّى يتوافق الافتتاحان.
ب : لا خلاف في وجوب السورة في الركعتين ، ولا في عدم تعيّن سورة ، ولا في أفضليّة السور الثلاث : الأعلى والشمس والغاشية.
وإنّما الخلاف في الأفضل منها في كلّ من الركعتين.
فعن الخلاف والسيّد والمفيد والحلبيّ والقاضي وابن زهرة والمدارك وغيرهم : أنّه الشمس في الاولى والغاشية في الثانية (١) ؛ لصحيحتي معاوية وجميل المتقدمتين (٢). إلاّ أنّ في الثانية زاد « وأشباههما » فليست صريحة في أفضليّتهما ، ومع ذلك لم تعيّن فيها وظيفة كلّ ركعة إلاّ بترتيب الذكر الضعيف دلالته.
وعن المبسوط والنهاية والمقنع والفقيه والنافع والقواعد والإرشاد وجمع آخر : أنّه الأعلى في الاولى والشمس في الثانية (٣) ؛ لرواية الجعفيّ السابقة (٤) ، وصحيحة الكناني وفيها : « وتقرأ الحمد وسبّح اسم ربك الأعلى ، وتكبّر السابعة ، وتركع وتسجد ، وتقوم ، وتقرأ الحمد وو الشمس وضحاها » (٥) الحديث.
وعن عليّ بن بابويه : أنّه الغاشية في الاولى والأعلى في الثانية (٦) ، وعن العمانيّ : نحوه في الاولى والشمس في الثانية (٧) ؛ للرضويّ : « واقرأ في الركعة الأولى
__________________
(١) الخلاف ١ : ٦٦٢ ، السيّد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٤ ، المفيد في المقنعة : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٣ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٢٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦١ ، المدارك ٤ : ١٠٨ ، وانظر كشف اللثام ١ : ٢٥٨.
(٢) في ص ١٨٧.
(٣) المبسوط ١ : ١٧٠ ، النهاية : ١٣٥ ، الهداية : ٥٢ ، الفقيه ١ : ٣٢٤ ، النافع : ٣٧ ، القواعد ١ : ٣٨ ، الإرشاد ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ؛ وانظر السرائر ١ : ٣١٦ ، والمراسم : ٧٨ ، والجوامع للشرائع : ١٠٧.
(٤) في ص ١٨٨.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٤ ـ ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٩٠ ، الوسائل ٧ : ٤٦٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٥.
(٦) حكاه عنه في المختلف : ١١٢.
(٧) حكاه عنه في المختلف : ١١٢.
هل أتاك حديث الغاشية ، وفي الثانية والشمس أو سبّح اسم » (١).
ولا يخفى أنّه لا يوافق تعينّهما في الثانية ، نعم المرويّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام في الرضويّ السابق يعيّن الأعلى فيها (٢).
أقول : الظاهر التخيير بين مفاد هذه الأخبار وإن كان القولان الأوّلان أولاها ؛ لأشهريتهما وأصحيّة أخبارهما. وكان الأولى منهما ثانيهما ؛ لأكثريّة أخباره ، فتأمّل.
ج : لا يتعيّن في القنوت لفظ مخصوص وجوبا ؛ للأصل وعدم صراحة ما تضمنّه في الوجوب ، وصحيحة محمّد : عن الكلام الذي يتكلّم به فيما بين التكبيرتين في العيدين ، فقال : « ما شئت من الكلام الحسن » (٣).
ويعضده اختلاف الروايات في القنوت المرسوم بينهم.
وربّما ظهر من عبارة الحلبي وجوب « اللهم أهل الكبرياء والعظمة » إلى آخره (٤) ، وهو شاذّ.
ويستحبّ القنوت بالمأثورات ويتخيّر بينها (٥).
د : يستحبّ رفع اليدين مع كلّ تكبيرة ، كما صرّح به جملة من الأصحاب ؛ لرواية يونس : عن تكبير العيدين أيرفع يده مع كلّ تكبيرة أم يجزيه أن يرفع في أوّل تكبيرة؟ فقال : « يرفع يده مع كلّ تكبيرة » (٦).
__________________
(١) فقه الرضا «ع» : ١٣١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٤.
(٢) راجع ص ١٩٣ وفيه : « وقرأ فيهما سبّح اسم ربّك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية ». ومقتضى الترتيب في الذكر تعيّن الغاشية في الثانية.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٣ ، الوسائل ٧ : ٤٦٧ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ١.
(٤) الكافي في الفقه : ١٥٤.
(٥) القنوت المشهور مذكور في مصباح المتهجّد : ٥٩٨ ، وذكره ابن طاوس أيضا في الإقبال : ٢٨٩. منه رحمهالله.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٦ ، الوسائل ٧ : ٤٧٤ أبواب صلاة العيد ب ٣٠ ح ١.
هـ : يستحبّ رفع اليدين عند كلّ قنوت تلقاء وجهه ؛ لبعض ما مرّ في بحث القنوت.
و : يستحبّ الجهر بالقراءة فيها للإمام والمنفرد ؛ لصحيحة ابن سنان وفيها : « ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة » (١).
ز : تستحبّ الخطبة لها في الجماعة بالإجماع ، كما صرّح به في المعتبر (٢) ، وهو الحجّة فيه مضافا إلى الأخبار المصرّحة بثبوت الخطبة لها مطلقا القاصرة عن إفادة الوجوب.
منها : المرويّ في العلل والعيون : وإنّما جعلت الخطبة يوم الجمعة في أوّل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأنّ الجمعة أمر دائم ـ إلى أن قال ـ : والعيد إنّما هو في السنة مرتين والناس إليه أرغب ، وإن تفرّق بعض الناس بقي عامّتهم (٣).
وفيه إشعار باختصاصها بصلاة الجماعة ، فلا تستحبّ للمنفرد ، والظاهر أنّه إجماعيّ.
والخطبة فيهما كما في صلاة الجمعة حتّى في التعدّد ، إلاّ أنّهما هنا بعد الصلاة بالإجماع المحقّق والمحكيّ في طائفة من كلماتهم (٤). والنصوص به وبأنّ تقديمهما على الصلاة من بدع عثمان مستفيضة (٥).
ويستحبّ للحاضرين استماعهما ؛ للنصّ (٦).
ح : لو نسي التكبيرات أو القنوت ـ كلاّ أو بعضا ـ حتّى يدخل في الركوع مضى في صلاته.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨٢ ، الوسائل ٧ : ٤٧٦ أبواب صلاة العيد ب ٣٢ ح ١.
(٢) المعتبر ٢ : ٣٢٤.
(٣) العلل : ٢٦٥ ، العيون ٢ : ١١٠ ، الوسائل ٧ : ٤٤٣ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١٢.
(٤) كما في الخلاف ١ : ٦٦٢ ، والتذكرة ١ : ١٥٩.
(٥) الوسائل ٧ : ٤٤٠ أبواب صلاة العيد ب ١١.
(٦) الدعائم ١ : ١٨٦ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٤٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٥ ح ١.
أمّا على المختار من استحبابها فظاهر.
وأمّا على القول بالوجوب فلأنّه لا يمكن تداركه في الصلاة ؛ إذ بالرجوع إلى موضعه يزيد الركن وهو مبطل ، وفعله بعد الركوع موقوف على الدليل ، وإعادة الصلاة منفيّة بعموم صحيحة زرارة : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (١).
وهل يقضي المنسيّ بعد الصلاة على الوجوب؟.
قيل : نعم (٢) ؛ لصحيحة ابن سنان : « إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثمَّ ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا » (٣).
وقيل : لا (٤) ، وهو الحقّ ؛ للأصل ، وضعف دلالة الصحيحة ، للزوم تخصيصها إمّا بالتذكّر في الصلاة قبل فوات المحلّ ، أو بغير الركوع والسجودين وتكبيرات الصلوات اليوميّة ، لأنّها بين مستحبّة وبين مبطل تركها للصلاة. والأول أولى بل متعيّن ؛ لكون الثاني تخصيصا للأكثر.
ولو زاد التكبير فلا يضرّ على المختار. وعلى الآخر يبطل مع العمد ؛ لأصالة بطلان الصلاة بالزيادة فيها كما مرّ. دون السهو ؛ للإجماع على عدم إبطال زيادة غير الركن سهوا.
ط : لو شكّ في عدد التكبير بنى على الأقلّ ؛ للأصل. ولو ذكر الإتيان به بعد فعله لم يضرّ على القولين.
ى : لا يتحمل الإمام غير القراءة ؛ لأصالة عدم السقوط ، فيأتي المأموم
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، الوسائل ٦ : ٩١ أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ٥.
(٢) نسبه في المعتبر ٢ : ٣١٥ وفي المدارك ٤ : ١١٠ إلى الشيخ ، ولكن لم نجده فيها بأيدينا من كتب الشيخ ، وقال في مفتاح الكرامة ٣ : ٢٠٥ : وليس لذلك في الخلاف عين ولا أثر.
(٣) الفقيه ١ : ٢٢٨ ـ ١٠٠٧ ، التهذيب ٢ : ٣٥٠ ـ ١٤٥٠ ، الوسائل ٦ : ٣١٦ أبواب الركوع ب ١٢ ح ٣.
(٤) كما في المعتبر ٢ : ٣١٥.
بالتكبيرات والقنوتات.
يا : لو أدرك المأموم بعض التكبيرات مع الإمام دخل معه ، فإذا ركع الإمام أتى بالتكبير والقنوت مخففا ، ولحق به في الركوع ، وإن لم يمكن ذلك ترك من التكبير والقنوت ما يمنعه من اللحوق ، على المختار ، وعلى القول بالوجوب فيحتمل تركه مطلقا أو مع قضائه بعد التسليم ، وترك المتابعة ونيّة الانفراد ، وترك القنوت خاصّة ، وبطلان الصلاة. والله أعلم.