مستند الشّيعة - ج ٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٩١

المطلب الثاني

في صلاة العيدين : الفطر والأضحى‌

والكلام إمّا في حكمها ، أو شرائطها ، أو وقتها ، أو كيفيّتها ، أو لواحقها ، فهاهنا خمسة أبحاث.

١٦١
١٦٢

البحث الأول

في حكمها‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : صلاة العيدين مشروعة ضرورة وكتابا وسنّة‌ ، قال الله سبحانه ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (١).

وقال ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٢).

قال في الوافي : قد ورد في الأخبار أنّ الآية الأولى نزلت في زكاة الفطر وصلاة عيد الفطر ، والثانية نزلت في صلاة عيد الأضحى ونحر الهدي والأضحيّة (٣) ، انتهى.

وفي مرسلة الفقيه : عن قول الله عز وجلّ ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى ) قال : من أخرج الفطرة » فقيل له ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) قال : « خرج إلى الجبّانة فصلّى » (٤).

واستفاضت الأخبار بمشروعيّتها ، بل كونها فريضة كما يأتي.

المسألة الثانية : وهي واجبة في الجملة‌ ، بإجماعنا المحقق والمحكيّ مستفيضا (٥) ، وأخبارنا المرويّة مستفيضة ، بل في المعنى متواترة :

__________________

(١) الأعلى : ١٤ و ١٥.

(٢) الكوثر : ٢.

(٣) الوافي ٩ : ١٢٨٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٥٠ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٤ والجبّان والجبّانة ، بالتشديد : الصحراء ـ الصحاح ٥ : ٢٠٩١.

(٥) كما في المعتبر ٢ : ٣٠٨ ، والمنتهى ١ : ٣٣٩ ، والتذكرة ١ : ١٥٧ ، والذكرى : ٢٣٨.

١٦٣

ففي صحيحة جميل : « صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة » (١).

وفي الأخرى : عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة » (٢).

ونحوها رواية الشحّام (٣).

ومرسلة ابن المغيرة : عن صلاة الفطر والأضحى ، فقال : « صلّها ركعتين في جماعة وغير جماعة ، وكبّر سبعا وخمسا » (٤).

وفي الفقه الرضويّ : « وصلاة العيدين فريضة واجبة مثل صلاة يوم الجمعة » (٥).

صحيحة سعد : عن المسافر إلى مكّة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال : « نعم إلاّ بمنى يوم النحر » (٦).

وابن سنان : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيّب بما وجد وليصلّ في بيته وحده كما يصلّي في الجماعة » (٧)

وإن كان في الاستدلال ببعض هذه الأخبار نظر يظهر وجهه ممّا يأتي ، إلى‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١١ ، الوسائل ٧ : ٤٨٣ أبواب صلاة الكسوف ب ١ ح ٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.

(٣) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٠ ، الوسائل ٧ : ٤٢٠ صلاة العيد ب ١ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦١ ، التهذيب ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٤ ، الوسائل ٧ : ٤٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٥ ح ١.

(٥) فقه الرضا «ع» : ١٣٢ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٥ ح ٢.

(٦) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٨١ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٧ ، الوسائل ٧ : ٤٣٢ أبواب صلاة العيد ب ٨ ح ٣.

(٧) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٢٩٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ١.

١٦٤

غير ذلك.

وأمّا ما في صحيحة زرارة : « صلاة العيدين مع الإمام سنّة » (١).

فالمراد بها مقابل الفرض الثابت بالكتاب ، والمعنى أنّ كونها مع الإمام سنّة ، فلا ينافي ما مرّ من ثبوتها بالكتاب أيضا.

وهل يختصّ وجوبها بحال حضور الإمام أو من ينصبه ، أو يعمّ حال الغيبة أيضا؟

الأوّل مذهب الأكثر ، وفي الذخيرة : عدم ظهور مصرّح بالوجوب في زمن الغيبة (٢) ، بل في روض الجنان وشرح الألفيّة الإجماع على انتفائه (٣) ، وعن الانتصار والناصريّات والخلاف والمعتبر والمنتهى والنهاية والتذكرة وغيرها : الإجماع ، أو عدم الخلاف في اشتراط وجوبها بشروط الجمعة التي منها السلطان العادل عندهم (٤).

للمعتبرة المستفيضة المصرّحة باعتبار الإمام ، الظاهر في إمام الأصل ، أو المحتمل له الموجب لخروج عمومات وجوبها عن الحجيّة في موضع الإجمال كما مرّ ، كصحيحة زرارة في صلاة العيدين : « ومن لم يصلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له ، ولا قضاء عليه » (٥).

والأخرى : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّ مع إمام » (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٤ ـ ٢٩٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٢ ، الوسائل ٧ : ٤١٩ أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٢.

(٢) الذخيرة : ٣١٨.

(٣) روض الجنان : ٢٩٩.

(٤) الانتصار : ٥٦ ، الناصريات ( الجوامع الفقيه ) : ٢٠٣ ، الخلاف ١ : ٢٥١ ، المعتبر ٢ : ٣٠٨ ، المنتهى ١ : ٣٤٢ ، نهاية الإحكام ٢ : ٥٥ ـ ٥٦ ، التذكرة ١ : ١٥٧ ، وانظر : الغنية ( الجوامع الفقيه ) : ٥٦١ ، والتنقيح ١ : ٢٣٤ ، الرياض ١ : ١٩٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٥٩ الصلاة ب ٩٣ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، ثواب الأعمال ٧٩ ، الوسائل ٧ : ٤٢٣ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ١٠.

(٦) ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢١ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٢.

١٦٥

والثالثة : « من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه » (١).

وصحيحة محمّد : عن الصلاة يوم الفطر والأضحى ، فقال : « ليس صلاة إلاّ مع إمام » (٢).

وأبان : « إنّما صلاة العيدين على المقيم ، ولا صلاة إلاّ مع إمام » (٣).

وموثّقة سماعة : « لا صلاة في العيدين إلاّ مع إمام ، فإن صلّيت وحدك فلا بأس » (٤).

وفي الفقه الرضويّ : « فإنّ صلاة العيدين مع الإمام مفروضة ولا تكون إلاّ بإمام وخطبة » (٥) إلى غير ذلك.

ولا دلالة بل ولا إشعار في تنكير الإمام ولا في مقابلة الجماعة بالوحدة في جملة منها على كون المراد من الإمام فيها مطلق إمام الجماعة ، مع أنّه في بعض منها عرّف باللام.

ومع ذلك معارض بموثّقة سماعة : متى يذبح؟ قال : « إذا انصرف الإمام » قلت : فإن كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلّي بهم جماعة؟ فقال : « إذا استقلّت الشمس » وقال : « لا بأس أن تصلّي وحدك ولا صلاة إلاّ مع إمام » (٦). حيث أثبتت الجماعة مع نفي الإمام.

مضافا إلى بعض ما مرّ في اشتراط وجوب صلاة الجمعة بهذا الشرط من‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٤ ، ثواب الأعمال ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢١ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٣.

(٢) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٥ ، الوسائل ٧ : ٤٢١ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٤.

(٣) التهذيب ٣ : ٣٨٧ ـ ٨٦٢ ، الوسائل ٧ : ٤٢٢ أبواب العيد ب ٢ ح ٧.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٩ ، التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٧١٩ ، ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢١ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٥.

(٥) فقه الرضا «ع» : ١٣١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٢ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ١.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٦١ ، الوسائل ٧ : ٤٢٢ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٦.

١٦٦

الأصول ، وعبارة الصحيفة (١) ، ورواية عبد الله بن دينار : « ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلاّ وهو يجدّد لآل محمّد فيه حزنا » قلت : ولم ذلك؟ قال : « لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم » (٢).

ويمكن القدح : أمّا في روايات اعتبار الإمام ، فبأنّها ظاهرة في نفي المشروعيّة بدونه وهم لا يقولون به ، والأخبار ـ كما تأتي ـ مصرّحة بخلافه ، بل الإجماع منعقد على المشروعيّة. والحمل على نفي الوجوب تجوّز ليس بأولى عن الحمل على نفي الكمال. وأقربيّته عن نفي الحقيقة ووجوب الحمل على الأقرب ممنوع.

وأمّا في عبارة الصحيفة فبعدم الصراحة.

وأمّا في رواية ابن دينار ، فبأنّ الحقّ كما يمكن أن يكون اختصاص الوجوب بالحضور بجماعة الإمام ، يمكن أن يكون اختصاص الكمال به ، فإنّهم إذا رأوا حضور الناس بصلاة المخالف معتقدا أنّه الأكمل يرون حقّهم في يد غيرهم.

والثاني ـ كما قيل (٣) ـ لجماعة من متأخّري المتأخرين ، ومال إليه في البحار (٤) ، واستظهره في الكفاية (٥) ، واختاره شيخنا صاحب الحدائق ، وعزاه الى كل من يقول بوجوب صلاة الجمعة عينا في زمن الغيبة (٦) وفيه نظر.

واستدلّوا بالإطلاقات المتقدّمة.

والمروي في ثواب الأعمال : في صلاة العيد : « فأمّا من كان إمامه موافقا لمذهبه وإن لم يكن مفروض الطاعة لم يكن له أن يصلّي بعد ذلك حتّى تزول‌

__________________

(١) راجع ص ٣٠.

(٢) الكافي ٤ : ١٦٩ الصيام ب ٢٨ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٣٢٤ ـ ١٤٨٤ رواها مرسلة ، التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٨٧٠ وفيه عن عبد الله بن ذبيان ، الوسائل ٧ : ٤٧٥ أبواب صلاة العيد ب ٣١ ح ١.

(٣) في الحدائق ١٠ : ٢٠٣ ، والرياض ١ : ١٩٣.

(٤) البحار ٨٧ : ٣٥٤.

(٥) الكفاية : ٢١.

(٦) الحدائق ١٠ : ٢٠٥.

١٦٧

الشمس » (١).

وأجابوا عن أخبار اعتبار الإمام : بشمولها لإمام الجماعة.

ويردّ : بمنع الإطلاق ، فإنّ غاية ما دلّت عليه الأخبار كون صلاة العيد فريضة ، ولا كلام فيه ، وأمّا وجوبها على كلّ أحد في كلّ حال فلا. ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال : الجهاد فريضة ، مع أنّه ليس بواجب على الإطلاق ، وكذا الزكاة مع أنّها مشروطة بشروط.

واقتران صلاة العيد في بعضها بصلاة الكسوف ـ الواجبة مطلقا ـ لا يفيد ؛ لأنّ وجوبها مطلقا أيضا بدليل خارج.

والقول بأنّ حمل الطبيعة الكليّة يقتضي اتّصاف كلّ فرد منها بالوجوب ـ كما في الذخيرة (٢) ـ فاسد جدّا بوجوه شتّى.

نعم ظاهر روايات ابن المغيرة وسعد وابن سنان (٣) الإطلاق ، ولكنّها ليست للوجوب قطعا ؛ لعدم وجوبها على المنفرد والمسافر إجماعا.

وأمّا المنقول عن ثواب الأعمال فهو من كلام الصدوق لا جزء الرواية ، ومع ذلك لا دلالة له على الوجوب مع إمام غير مفترض الطاعة ، فيمكن أن يكون الإتيان بها معه من باب الاستحباب ، مضافا إلى أنّه يمكن أن يكون ذلك الإمام منصوب السلطان لصلاة العيد والجمعة.

أقول : وبما ذكرنا ظهر ضعف مستند الفريقين ، وإن كان الحقّ مع الأوّل ، لا لما ذكروه ، بل للأصل السالم عن المعارض المعلوم في غير موضع الإجماع ، فلا تجب إلاّ مع الإمام أو منصوبه الخاصّ.

ويؤيّده بل يدلّ عليه : استئذان الناس عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في أن يخلّف رجلا أو يأمره بأن يصلّي لبقيّة الناس وعدم قبوله كما في صحيحة‌

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٧٨.

(٢) الذخيرة : ٣١٨.

(٣) راجع ص ١٦٤.

١٦٨

محمّد (١) ، والمرويّات عن دعائم الإسلام (٢) ، و [ المحاسن ] (٣) وكتاب عاصم بن حميد (٤).

المسألة الثالثة : وإذا عرفت عدم وجوبها في زمان الغيبة ، فهل تستحبّ مطلقا جماعة أو فرادى كما عن الأكثر؟.

أو الأوّل خاصّة؟ كما هو ظاهر الحلّي ، بل عليه حمل كلام الأصحاب (٥).

أو الثاني كذلك؟ كما عن المقنعة والمبسوط والتهذيب والناصريّات وجمل العلم والعمل والاقتصاد والمصباح ومختصره والجمل والعقود والخلاف والحلبيّ (٦) ، وجماعة من متأخّري المتأخّرين (٧) ، وإن جوّز بعض المتأخّرين إرادة هؤلاء جميعا غير الحلبيّ الوحدة عن الإمام (٨) ، كما قيل في بعض أخبار الجمعة فيشمل الجماعة أيضا. وقيل : مرادهم الفرق بينها وبين الجمعة باستحباب صلاتها منفردة بخلاف الجمعة ، كما نصّ به في المراسم (٩).

أو لا تستحبّ مطلقا؟ كما عن المقنع والعمانيّ (١٠).

الحقّ هو الأوّل.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٢ ، الوسائل ٧ : ٤٥١ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٩.

(٢) دعائم الإسلام ١ : ١٨٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٤ ح ٢.

(٣) في النسخ : المجالس ، والظاهر هو سهو من النساخ ، انظر : المحاسن : ٢٢٢.

(٤) حكاه عنه في البحار ٨٧ : ٣٧٣ ـ ٢٦.

(٥) السرائر ١ : ٣١٥.

(٦) المقنعة : ١٩٤ ، المبسوط ١ : ١٧١ ، التهذيب ٣ : ١٣٥ ، الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٤ ، الاقتصاد : ٢٧٠ ، المصباح : ٥٩٨ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٧٤ ، الخلاف ١ : ٦٦٤ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٤.

(٧) كصاحبي المدارك ٤ : ٩٧ ، والحدائق ١٠ : ٢٢٠.

(٨) الرياض ١ : ١٩٣.

(٩) المراسم : ٧٨.

(١٠) المقنع : ٤٦ ، حكاه عن العماني في المختلف ١ : ١١٣.

١٦٩

أمّا استحباب الجماعة ، فلعمل الأكثر ، ودعوى الإجماع صريحا من الحليّ (١) ، وظاهرا من الراونديّ والمختلف (٢) ، وهما كافيان في مقام الاستحباب. وتقرير الإمام في موثّقة سماعة الثانية (٣) ، وعموم رواية الحلبيّ : « في صلاة العيدين ، إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنّهم يجمّعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة » (٤).

وقد يستدلّ أيضا بمرسلة ابن المغيرة السابقة (٥).

وفيه : أنّه إنّما يتمّ إذا علم أنّ المقصود بالذات فيها قيد في جماعة وغير جماعة ، لا قيد ركعتين. مع أنّه لو لم يحمل على ذلك لكان إطلاقها مخالفا للإجماع ؛ لأنّ التخيير المستفاد منه حينئذ مخصوص بصورة فقد الشرائط ، وإلاّ فمع اجتماعها تجب الجماعة إجماعا ، فلا بدّ فيه من مخالفة للظاهر ، وهي كما تحتمل أن تكون ما ذكر ، تحتمل أن تكون ما مرّ.

وأمّا استحباب الانفراد فللشهرة ، والمرسلة ، وصحيحة ابن سنان ، وموثّقتي سماعة المتقدّمة (٦) ، وموثّقة الحلبيّ : عن الإمام لا يخرج يوم الفطر والأضحى ، أعليه صلاة وحده؟ فقال : « نعم » (٧).

احتجّ للثاني : بصحيحتي زرارة المتقدّمتين النافيتين للصلاة بدون الإمام في جماعة (٨) ، بل ما ينفيها بدون الإمام مطلقا.

__________________

(١) السرائر ١ : ٣١٦.

(٢) المختلف : ١١٣ ، وحكاه عن الراوندي أيضا.

(٣) المتقدّمة في ص ١٦٦.

(٤) الفقيه ١ : ٣٣١ ـ ١٤٨٩ ، الوسائل ٧ : ٤٨٢ أبواب صلاة العيد ب ٣٩ ح ١.

(٥) في ص ١٦٤.

(٦) في ص ١٦٤ ـ ١٦٦.

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٧ ، الوسائل ٧ : ٤٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ٢.

(٨) راجع ص ١٦٥.

١٧٠

ورواية ابن قيس : « إنّما الصلاة يوم العيدين على من خرج إلى الجبّانة ، ومن لم يخرج فليس عليه صلاة » (١).

والغنويّ وفيها : أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أيصلّي في بيته؟ قال : « لا » (٢).

والجواب عن الأوّل بما يأتي ، مع أنّه لو حمل الإمام على المعصوم نفي الجماعة أيضا.

وعن الثاني : بأنّه يدلّ على نفي الوجوب عن المنفرد وهو مسلّم ، مع أنه نفى الصلاة عن غير الخارج إلى الجبّانة وإن كانت جماعة ، وهو لا يقول به ، فالحمل على ما ذكرنا متعيّن.

وعن الثالث : بأنّه محتمل لإرادة نفي الوجوب ، حيث إنّه ليس سؤالا عن الوقوع الذي هو حقيقته ، ومجازه كما يمكن أن يكون جواز الصلاة يمكن أن يكون وجوبها ، مع أنّ المسؤول عنه أعمّ من الجماعة والانفراد ، والتخصيص بالأخير ليس بأولى ممّا ذكرنا.

وللثالث (٣) : بروايات نفي الصلاة بدون إمام الأصل ، خرج الانفراد بأدلّته فيبقى الباقي.

وبأصالة عدم جواز الجماعة في النوافل لأخبار المنع (٤).

وبمفهوم قوله « فإن صلّيت وحدك » في موثّقة سماعة الاولى (٥).

وبعدم جوابه بقوله : نعم ، والاكتفاء ببيان وقت الذبح بعد ما سئل فيها‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ـ ٨٥١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٧٢٠ ، الوسائل ٧ : ٤٢٣ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٩.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٤ ، الوسائل ٧ : ٤٢٢ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٨.

(٣) أي : احتجّ للقول الثالث ، وهو استحباب صلاة العيدين فرادى خاصّة.

(٤) انظر : الوسائل ٨ : ٤٥ أبواب نافلة شهر رمضان ب ١٠ وص ٣٣٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠.

(٥) المتقدّمة في ص ١٦٦.

١٧١

عن فعلها جماعة حيث لم يكن إمام الأصل [ في موثّقة الثانية ] (١).

والاقتصار على الأمر بالانفراد في صورة عدم شهود جماعة الناس في صحيحة ابن سنان المتقدّمة (٢).

والنهي في موثّقة الساباطي : هل يؤمّ الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو بيت؟ قال : « لا يؤمّ بهنّ ولا يخرجن وليس على النساء خروج » (٣). ولا قائل بالفرق بين الإمامة للأهل وغيرهم.

والجواب عن الأوّل : بخروج الجماعة أيضا بأدلّتها السابقة.

فإن قلت : لو خرج معه الانفراد أيضا ، لزم خروج جميع الأفراد ، وإلاّ لزم ترجيح المرجوح ؛ لأظهريّة أدلّة خروج الانفراد وأكثريّتها وأصرحيّتها.

قلت‌ ـ مع أنّه يمكن أن يكون المراد بالصلاة وحده صلاتها مع غير الإمام ولو في جماعة ، كما مرّ في توجيه قول القائلين بهذا القول ، فتشمل أدلّة الانفراد للجماعة أيضا ، وتزيد الجماعة بأدلّتها ، ولا يلزم ترجيح المرجوح ـ :

إنّ على تقدير إخراج الانفراد خاصّة أيضا يلزم خروج الأكثر ؛ لخروجه وخروج الجماعة مع منصوب الإمام ، ولا شكّ أنّهما أكثر بكثير من الصلاة مع إمام الأصل ، وهو أيضا غير جائز ، فيتعيّن إخراج الكلام عن الحقيقة الّتي هي نفي الصلاة ، بل عن حمله على نفي الصحّة أيضا والحمل على نفي الوجوب أو الكمال ، فلا ينافي استحباب شي‌ء من الجماعة أو الانفراد.

وعن الثاني : بأنّ أدلّة المنع عن الجماعة في النوافل ـ لو سلّم شمولها لهذه أيضا ـ لكانت عامّة بالنسبة إلى ما ذكرنا ، فتخصّص به ، كما خصّصت صلاة الاستسقاء أيضا.

وعن الثالث : مع ما ذكر من احتمال شموله للجماعة أيضا ، بأنّه مفهوم‌

__________________

(١) أضفناه لاقتضاء السياق ، راجع ص ١٦٦.

(٢) في ص ١٦٤.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٨٧٢ ، الوسائل ٧ : ٤٧١ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٢.

١٧٢

وصف لا حجيّة فيه. وإن كان نظره إلى عموم مفهوم « إن صلّيت » فلا يمكن إبقاء البأس حينئذ على معناه ؛ لأنّه لا يقول بثبوت العذاب مع عدم الصلاة.

وعن الرابع : بمنع كونه سؤالا عن فعلها جماعة ، بل هو إخبار عنه كما هو حقيقته. مع أنّه على ما ذكرنا من احتمال شموله للجماعة المنفردة عن الإمام أيضا لما كان اكتفاء ببيان وقت الذبح خاصّة.

وعن الخامس : مع ما ذكر من احتمال الشمول ، بعدم منافاة استحباب أمر لاستحباب غيره ، وعدم وجوب التعرض لكلّ مستحبّ في كلّ خبر ، مع أنّ جماعة الناس أعمّ من الواجب والمستحبّ ، فيدلّ على استحباب الجماعة أيضا.

وعن السادس : بجواز أن يكون المراد نفي الجماعة بهنّ إذا اجتمعت الشرائط الموجبة على الرجل ، فإنّه يجب حينئذ عليه حضور الجماعة. أو يكون المراد المرجوحيّة الإضافية التي هي أحد مجازات الجملة المنفيّة ؛ لجواز أن يكون الخروج إلى الصحراء وشهود عيد الناس أرجح من ذلك. أو نفي تأكّد الجماعة في حقّ النسوة كما عن الذكرى (١) ، ويشعر به التعرض في ذيله لخروجهنّ أيضا.

وللرابع (٢) : بالنصوص المتقدّمة المتضمّنة لأنّه لا صلاة إلاّ مع إمام (٣) ، ورواية الغنويّ السابقة (٤) ، وقد مرّ جوابهما.

فرع :

المستفاد من إطلاق الأخبار ومقتضى ظواهر كلمات كثير من الأصحاب التخيير بين الجماعة المستحبّة والانفراد.

وقال في الذخيرة : المشهور بين الأصحاب استحباب هذه الصلاة منفردا مع تعذّر الجماعة (٥).

__________________

(١) الذكرى : ٢٣٨.

(٢) أي : احتجّ للقول الرابع ، وهو عدم استحباب صلاة العيدين مطلقا.

(٣) راجع ص ١٦٦.

(٤) في ص ١٧١.

(٥) الذخيرة : ٣١٩.

١٧٣

فإن أراد الجماعة الواجبة كما هو الظاهر ، فلا كلام فيه ، وإلاّ فلا دليل على هذا التقييد.

ثمَّ من أراد الاحتياط في زمن الغيبة فهل هو في فعلها جماعة كما في الذخيرة (١) ، أو فرادى كما قيل (٢) ، أو في تركها؟

الظاهر هو الأوّل ، ويظهر وجهه ممّا في صلاة الجمعة قد مرّ.

__________________

(١) الذخيرة : ٣١٩.

(٢) الرياض ١ : ١٩٤.

١٧٤

البحث الثاني

في بيان شرائطها ، ومن تجب عليه أو تستحبّ‌

اعلم أنّه لا شكّ في اشتراطها عند وجوبها بشرائط ، وإن اختلفوا فيها ، فمنهم من صرّح باشتراطها بشرائط الجمعة (١) ، ومنهم من نقص عنها (٢).

وكذا لا شكّ في عدم وجوبها ـ على القول به ـ على من لا تجب عليه الجمعة كلا أو بعضا.

ولسقوط القول بوجوبها في هذه الأزمان عندنا لا فائدة مهمّة في التعرض لذلك.

وأمّا استحبابها جماعة أو فرادى ، فظاهر الأكثر عدم اشتراطها صحّة أو استحبابا بهذه الشروط ، بل تستحبّ بلا قيد ، وعلى كلّ مكلّف تصحّ منه الصلاة.

ويدلّ عليه الأصل ، لا أصل العدم ـ كما قيل ـ لأنّه مع الاشتراط ، بل الأصل الإطلاقي. وهو في الانفراد ظاهر ؛ لإطلاق أخباره.

وأمّا الجماعة وإن لم يكن ما يدلّ عليها من الأخبار مطلقة إلاّ أنّ فتوى الأكثر والإجماع المنقول مطلقان ، بل وكذا رواية الحلبيّ (٣) بالنسبة إلى غير العدد.

فلا ينبغي الريب في عدم اشتراط غير العدد ، لا في الصحة ولا في الاستحباب. بل في عدم اشتراطه أيضا ؛ لإطلاق الأوّلين وإن كان ظاهر بعض المتأخّرين اشتراطه مع الاستحباب في الجماعة أيضا.

__________________

(١) كالشيخ في المبسوط ١ : ١٦٩ ، والخلاف ١ : ٦٦٤ ، والحلي في السرائر ١ : ٣١٥ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٠٠ ، والمعتبر ٢ : ٣٠٩.

(٢) كالعلامة في القواعد ١ : ٣٩ ، والتذكرة ١ : ١٥٧.

(٣) انظر : ص ١٧٠.

١٧٥

ولا يضرّ مفهوم الرواية ؛ لاحتمال كون الجملة الخبريّة للوجوب ، فيكون المنفيّ في المفهوم عند انتفاء العدد الوجوب. ولا التشبيه بالجمعة فيها ؛ لعدم ثبوت عمومه حتّى بالنسبة إلى الشرائط الخارجيّة.

كما لا يضرّ في المسافر : صحيحة أبان المتقدّمة (١) ، والفضيل : « ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى » (٢).

ولا في المرأة : موثّقة الساباطيّ السابقة (٣) ، وصحيحة ابن سنان : « إنّما رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرّض للرزق » (٤).

ورواية محمّد بن شريح : عن خروج النساء في العيدين ، فقال : « لا ، إلاّ عجوز عليها منقلاها » يعني الخفّين (٥).

ولا في المريض : رواية الغنويّ المذكورة (٦).

ولا في الخمسة : الرضويّ : « وصلاة العيدين واجبة مثل صلاة الجمعة إلاّ على خمسة : المريض ، والمملوك ، والمرأة ، والصبيّ ، والمسافر » (٧).

لظهور بعضها في نفي الوجوب ، واحتمال بعض آخر له.

ولا في تعدّدها فيما دون الفرسخ : عدم نصب أمير المؤمنين عليه‌السلام من يصلّي بمن بقي في البلد من الضعفاء ، معتذرا بأنّي لا أخالف السنّة (٨) ؛ لعدم صراحته في الحرمة مع كون الصلاة حينئذ واجبة.

__________________

(١) في ص ١٦٦.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٨٦٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٦ ، الوسائل ٧ : ٤٣٢ أبواب صلاة العيد ب ٨ ح ٤.

(٣) في ص ١٧٢.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٨ ، الوسائل ٧ : ٤٧١ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ١.

(٥) الكافي ٥ : ٥٣٨ النكاح ب ٨٦ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٤٧٢ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٣.

(٦) في ص : ١٧١.

(٧) فقه الرضا «ع» : ١٣٢ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٥ ح ٢.

(٨) راجع ص ١٦٩. الرقم (١).

١٧٦

ولا بالنسبة إلى الخطبة : المرويّ في العلل والعيون : « إنّما جعلت الخطبة يوم الجمعة في أوّل الصلاة ، وجعلت في العيدين بعد الصلاة » (١).

والرضويّ : « صلاة العيد مع الإمام فريضة ، ولا تكون إلاّ بإمام وخطبة » (٢).

وذكرهم الخطبتين في بيان كيفيّة الصلاة ، حيث إنّ ظاهر ذكر شي‌ء في بيان كيفيّة شي‌ء جزئيته له أو شرطيته.

لأنّ الجعل في الأولى أعمّ من الشرطيّة ، فيصحّ أن يقال : جعل التعقيب بعد الصلاة والأذان قبلها.

والنفي في الثاني راجع إلى الوجوب أو الكمال ، كما مرّ.

ومنع ذكر الخطبتين في بيان كيفيّة الصلاة ، بل أكثر الأخبار المثبتة لها خالية عنها ، وما تعرّض فيه لها لم يزد على أن قال : الخطبة بعد الصلاة.

هذا كلّه مضافا إلى التصريح بالثبوت ـ مع انتفاء بعض الشروط ـ في الأخبار ، كصحيحة سعد المتقدّمة المصرّحة بثبوتها للمسافر (٣).

والمرويّ في قرب الإسناد : عن النساء هل عليهنّ صلاة العيد؟ قال : « نعم » (٤).

وفي الذكرى ، عن كتاب إبراهيم بن محمّد الثقفيّ ، بإسناده إلى عليّ عليه‌السلام : أنّه قال : « لا تحبسوا النساء عن الخروج في العيدين ، فهو عليهنّ واجب » (٥).

الدالّين على ثبوتها للمرأة.

وصحيحة منصور : « مرض أبي يوم الأضحى ، فصلّى في بيته ركعتين ثمَّ‌

__________________

(١) العلل : ٢٦٥ ، العيون ٢ : ١١٠ ، الوسائل ٧ : ٤٤٣ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١٢.

(٢) فقه الرضا «ع» : ١٣١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٢٢ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ١.

(٣) راجع ص ١٦٤.

(٤) قرب الإسناد : ٢٢٤ ـ ٨٧١ بتفاوت يسير ، الوسائل ٧ : ٤٧٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٦.

(٥) الذكرى : ٢٣٩.

١٧٧

ضحّى » (١).

ودلالة بعض هذه الأخبار على الوجوب غير مفيد للقائل به ؛ لأنّه بين معارض بمثله المانع عن إثباته الحكم ، وضعيف غير صالح لدفع الأصل.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٢ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٣٠٠ و ٢٨٨ ـ ٨٦٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٧١٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢٥ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ٣.

١٧٨

البحث الثالث

في وقتها‌

وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : مبدأ وقتها طلوع الشمس من يوم العيد ، ومنتهاه زوالها فيه‌ ، وفاقا للمشهور ، بل في الذخيرة : أنّ الظاهر أنّه اتّفاقيّ (١) ؛ ونقل فيه اتّفاقهم عليه عن النهاية أيضا (٢) ، بل في شرح القواعد وعن التذكرة : الإجماع عليهما (٣) ، وعن المنتهى علي الثاني (٤).

أمّا الأوّل ، فللإطلاقات المقتضية لصحّة فعلها في أيّ وقت كان ، خرج قبل الطلوع بالإجماع فبقي الباقي. أو لأنّ مقتضى إضافة الصلاة إلى يوم العيد في الأخبار المتضمّنة لانتسابها إليه ـ وليس المراد إلاّ نسبة الفعل فيه ـ وقوعها فيه ، والأصل عدم توقيت آخر ، خرج ما بين الطلوعين إمّا بالإجماع ، أو لعدم صدق المبدأ عرفا إلاّ بطلوع الشمس.

خلافا للمحكيّ عن النهاية والمبسوط والاقتصاد والكافي والغنية والوسيلة والإصباح والسرائر ، فقالوا : وقتها انبساط الشمس وارتفاعها (٥) ؛ للأصل ، والاستصحاب.

ويندفعان بالإطلاق.

__________________

(١) الذخيرة : ٣٢٠.

(٢) نهاية الإحكام ٢ : ٥٦.

(٣) جامع المقاصد ٢ : ٤٥١ ، التذكرة ١ : ١٥٧.

(٤) المنتهى ١ : ٣٤٣.

(٥) النهاية : ١٣٤ ، المبسوط ١ : ١٦٩ ، الاقتصاد : ٢٧٠ ، الكافي في الفقه : ١٥٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦١ ، الوسيلة ( : ١١١ ) ، السرائر ١ : ٣٢٠.

١٧٩

وأمّا الأخبار المستفيضة الدالّة على أنّ الطلوع وقت الخروج إليها (١) ، فلا تصلح دليلا لشي‌ء من القولين ، وإن تمسّك بعضهم (٢) بها للأوّل ، سيّما بما تضمّن أنّ « أذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا » (٣) حيث إنّ الأذان إعلام بدخول الوقت.

وفيه : منع كون الأذان حقيقة فيما ذكر ، وإنّما هو إعلام فيمكن أن يكون إعلاما لدخول وقت مقدّماتهما المستحبّة ، ويكفي أدنى ملابسة في الإضافة.

وآخر (٤) للثاني ، حيث إنّه إذا كان وقت الخروج الطلوع يتأخّر وقت الصلاة عنه.

وفيه ـ مع كونه أخصّ من المدّعى ، إذ قد لا يمتدّ زمان الخروج إلى وقت الانبساط ـ : أنّها لا تدلّ على عدم جواز الصلاة أوّل الطلوع لمن لا يخرج بوجه.

وأمّا الثاني (٥) ، فلمثل ما مرّ أيضا ، مضافا إلى الاستصحاب ، بإخراج ما بعد الزوال وقطع الاستصحاب فيه بالإجماع. بل إلى الإجماع (٦) ؛ لعدم قدح مخالفة من سيأتي فيه.

وقد يستدلّ لذلك بصحيحة محمّد بن قيس : « إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار (٧) في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل الزوال ، وإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بالإفطار في ذلك‌

__________________

(١) انظر : الوسائل ٧ : ٤٥٢ أبواب صلاة العيد ب ١٨ وص ٤٧٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٩.

(٢) كصاحب الرياض ١ : ١٩٤.

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٩ الصلاة ب ٩٣ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٥.

(٤) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٦١ ، فتمسّك هو بالأخبار الدالة على أنّ الطلوع وقت الخروج إلى الصلاة ، للقول الثاني ، وهو : أول وقتها انبساط الشمس‌

(٥) أي : الجزء الثاني من أصل المسألة ، وهو : آخر وقتها زوال الشمس في يوم العيد.

(٦) أي : بل مضافا إلى الإجماع.

(٧) زاد في الكافي : « وصلّى ».

١٨٠