مستند الشّيعة - ج ٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-80-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٥

أقول : ما ردّ به الأخيرتان وإن كان صحيحا ولكن شذوذ روايات التخيير عندنا غير معلوم ، وثبوته بقول بعض الآحاد غير واضح.

وصيرورة التسليم حقيقة في السلام عليكم غير ثابت ، فحمله على حقيقته المعلومة متعيّن ، ويلزمه جواز تركه بجميع أفراده لمكان النفي في قوله « وإن شئت لم تسلّم » فيدلّ على جواز التسليم.

إلاّ أنّ هنا احتمالا آخر ، وهو وجوب الفصل بقصد الخروج ثمَّ التكبير لمفردة الوتر على حدة وإن لم يجب التسليم بناء على عدم كونه جزءا من الصلاة مطلقا ، بل كونه خارجا واجبا في الفريضة مستحبّا في النافلة ، فلا يلزم من التخيير فيه التخيير في الفصل أيضا. وعلى هذا يكون الفصل متعيّنا ، لانحصار التوقيف فيه.

المسألة الخامسة : قد ورد فيما يقرأ في ثلاث ركعات الوتر روايات.

إحداها : التوحيد في الثلاث ، كما في صحيحة ابن سنان : عن الوتر ما يقرأ فيهنّ جميعا؟ قال : « بقل هو الله أحد » قلت : ثلاثتهنّ؟ قال : « نعم » (١).

والحارث بن المغيرة : « كان أبي يقول : قل هو الله أحد ثلث القرآن ، وكان يحبّ أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كلّه » (٢).

والبجلي : « كان بيني وبين أبي باب ، فكان إذا صلّى يقرأ في الوتر في ثلاثتهنّ بقل هو الله أحد » (٣).

والحسين عن ابن أبي عمير عن أبي مسعود الطائيّ : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجمع قل هو الله أحد في الوتر لكي يجمع القرآن كلّه » (٤).

الثانية : المعوّذتين في الأوليين والتوحيد في الثالثة ، كما في مرسلة الفقيه : « من قرأ في الوتر بالمعوّذتين وقل هو الله أحد قيل له : أبشر يا عبد الله فقد قبل الله‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٤٩ الصلاة ب ٨٩ ح ٣٠ ، الوسائل ٦ : ١٣١ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٧ ـ ٤٨٢ ، الوسائل ٦ : ١٣١ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٣.

(٣) التهذيب ٢ : ١٢٦ ـ ٤٨١ ، الوسائل ٦ : ١٣١ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٢٤ ـ ٤٦٩ ، الوسائل ٦ : ١٢٩ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٣ ح ١.

٤٢١

وترك » (١).

وصحيحة يعقوب بن يقطين : عن القراءة في الوتر وقلت : إنّ بعضا روى قل هو الله أحد في الثلاث ، وبعضا روى المعوّذتين وفي الثالثة قل هو الله أحد ، فقال : « اعمل بالمعوّذتين وقل هو الله أحد » (٢) الحديث.

الثالثة : ما رواه أبو الجارود : « كان عليّ عليه‌السلام يوتر بتسع سور » (٣).

قيل : لعلّه كان يقرأ في كلّ من الثلاث بكلّ من الثلاث ، ويحتمل تثليث التوحيد في كلّ منها.

الرابعة : ما رواه الشيخ في المصباح : « إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلّي في الثلاث ركعات بتسع سور ، في الأولى : ألهاكم التكاثر وإنّا أنزلناه وإذا زلزلت ، وفي الثانية : العصر وإذا جاء نصر الله وإنّا أعطيناك ، وفي المفردة من الوتر : قل يا أيّها الكافرون وتبّت وقل هو الله أحد » (٤).

ويمكن حمل رواية أبي الجارود على ذلك.

والخامسة : ما ورد في فقه الرضا عليه‌السلام : « وتقرأ في ركعتي الشفع سبّح اسم ربّك ، وفي الثانية قل يا أيّها الكافرون ، وفي الوتر قل هو الله أحد » (٥).

والسادسة : قراءة التوحيد ثلاثا في كلّ من الثلاث ، والمعوّذتين أيضا في الثالثة ، رواه في العيون ، كما يأتي في المسألة الآتية (٦).

وذكر الشيخ في النهاية ، والحلّي في السرائر استحباب قراءة الملك وهل أتى على الإنسان في ركعتي الشفع (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٠٧ ـ ١٤٠٤ ، الوسائل ٦ : ١٣٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٧ ـ ٤٨٣ ، الوسائل ٦ : ١٣٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٣٧ ـ ١٣٩٠ ، الوسائل ٦ : ٥٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٨ ح ٨.

(٤) مصباح المتهجد : ١٣٢ ، الوسائل ٦ : ١٣٣ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ١٠.

(٥) فقه الرضا « ع » : ١٣٨.

(٦) انظر : ص ٤٢٥.

(٧) النهاية : ١٢٠ ، السرائر ١ : ٣٠٨.

٤٢٢

أقول : لا ريب في جواز العمل بالكلّ ، بل قراءة غير هذه السور ، للإجماع على عدم التعيّن ، وإنّما الكلام في الأفضل.

ولا ينبغي الريب في أفضليّة الاولى من غير الثانية ، لأشهريّتها رواية وفتوى ، وأصحيّة رواياتها ، وأصرحيّتها ، والتصريح في صحيحة الحارث بحبّ الإمام لها.

ولا في أفضليّة الثانية من الاولى ، للتصريح بالأفضليّة في صحيحة ابن يقطين. فهي أفضل من الجميع ، ثمَّ الاولى ، ثمَّ البواقي من قراءة غير هذه السور.

والأفضل الجمع بين الثانية والسادسة ، لتضمّنه العمل بهما وبالأولى ، ومراعاة الاحتياط فيما يسمّى وترا.

ثمَّ المستحبّ في الأوليين قراءة سورة الناس في الاولى والفلق في الثانية ، لأنّ الشيخ نسب ذلك في المصباح إلى الرواية ، وذكر في مفتاح الفلاح (١) عكس ذلك. والعمل بالرواية أولى. ولا يستحبّ جمعهما في كلّ من الركعتين بخصوصه ، للأصل. ولا في ركعة واحدة دون الأخرى ، له وللإجماع.

المسألة السادسة : الظاهر عدم الخلاف في استحباب القنوت في ثالثة الوتر ، وذكره في كلام الأصحاب مشهور (٢) ، والروايات به مستفيضة ، عموما كصحيحة البجلي : عن القنوت ، فقال : « في كلّ صلاة فريضة ونافلة » (٣).

ورواية محمّد : « القنوت في كلّ صلاة في الفريضة والتطوّع » (٤).

ومرسلة الفقيه : « القنوت في كلّ الصلوات » (٥).

__________________

(١) مصباح المتهجد : ١٣٢ ومفتاح الفلاح : ٢٥٢.

(٢) كما في الخلاف ١ : ٥٣٢ ، المعتبر ٢ : ٢٥ ، المدارك ٣ : ١٩.

(٣) الكافي ٣ : ٣٣٩ الصلاة ب ٣١ ح ٥ ، الوسائل ٦ : ٢٦٣ أبواب القنوت ب ١ ح ٨.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٠ الصلاة ب ٣١ ح ١٥ ، الوسائل ٦ : ٢٦٤ أبواب القنوت ب ١ ح ١٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٥ ، الوسائل ٦ : ٢٦١ أبواب القنوت ب ١ ح ١.

٤٢٣

وخصوصا كصحيحة ابن سنان : « القنوت في المغرب في الركعة الثانية ، وفي العشاء والغداة مثل ذلك ، وفي الوتر في الركعة الثالثة » (١).

ولا في استحبابه فيها قبل الركوع بعد القراءة ، وهو أيضا مدلول عليه بالأخبار العامّة كصحيحة ابن عمّار : « ما أعرف قنوتا إلاّ قبل الركوع » (٢).

وموثّقة سماعة : « والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة » (٣).

والخاصّة كصحيحة يعقوب بن يقطين : عن القنوت في الوتر والفجر وما يجهر فيه قبل الركوع أو بعده ، فقال : « قبل الركوع حين تفرغ من قراءتك » (٤).

ومرسلة الفقيه : عن القنوت في الوتر ، قال : « قبل الركوع » قال : فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال : « لا » (٥).

وإنّما الخلاف في موضعين :

أحدهما : في ثانية الشفع ، فالمشهور ـ كما يستفاد من كلام شيخنا البهائيّ في حواشي مفتاح الفلاح وبعض شرّاح المفاتيح ـ استحبابه فيها أيضا ، للعمومات الاولى ، مضافة إلى صحيحة الحارث بن المغيرة : « اقنت في كلّ ركعتين فريضة أو نافلة قبل الركوع » (٦).

وزرارة : « القنوت في كلّ صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧٣ ، الوسائل ٦ : ٢٦٧ أبواب القنوت ب ٣ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٠ الصلاة ب ٣١ ح ١٣ ، الوسائل ٦ : ٢٦٨ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ـ ١٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٢٦٧ أبواب القنوت ب ٣ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٠ الصلاة ب ٣١ ح ١٤ ، الوسائل ٦ : ٢٦٨ أبواب القنوت ب ٣ ح ٥.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٢ ـ ١٤٢١ ، الوسائل ٦ : ٢٨٨ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٥.

(٦) الكافي ٣ : ٣٣٩ الصلاة ب ٣١ ح ٤ ، الوسائل ٦ : ٢٦٣ أبواب القنوت ب ١ ح ٩.

(٧) الكافي ٣ : ٣٤٠ الصلاة ب ٣١ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٠ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧١ ، الوسائل ٦ : ٢٦٦ أبواب القنوت ب ٣ ح ١.

٤٢٤

وموثقة سماعة : عن القنوت في أيّ صلاة؟ فقال : « كلّ شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت » (١).

ومحمّد : « القنوت في كلّ ركعتين في التطوّع والفريضة » (٢).

والمرويّ في العيون : « يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة وقل هو الله أحد ثلاث مرّات ، ويقنت في الثانية بعد القراءة ، ثمَّ يقوم فيصلّي ركعة الوتر يقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد ثلاث مرّات وقل أعوذ بربّ الفلق مرّة ، ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة » (٣).

وفي بعض النسخ : « والمعوّذتان مرّة » ولعلّه الأصحّ.

وقيل بسقوطه فيها ، وهو المصرّح به في كلام شيخنا البهائيّ في حواشي مفتاح الفلاح ، ويظهر من المدارك والذخيرة أيضا (٤) ، واختاره في الحدائق (٥).

لأنّ القنوت لكونه عبادة يجب توظيفها ، والتوظيف في الصحيحة إنّما هو في المفردة.

ولصحيحة ابن سنان المتقدّمة ، بتقريب أنّ تعريف المبتدأ يفيد الحصر ، فيستفاد منها أنّ القنوت منحصر في الأربعة المذكورة فيها ، على كون قوله : « في المغرب وفي العشاء وفي الوتر » خبرا.

أو أنّ القنوت في المغرب والعشاء منحصر في الثانية ، وفي الوتر ـ الذي هو اسم للثلاث ـ في الثالثة ، على كون قوله : « في المغرب » وما عطف عليه ظرفا لغوا ، وكون قوله : « في الركعة الثانية وفي الركعة الثالثة » خبرا.

ويؤيّده ما ورد في الأخبار المتكثّرة من أنّه عليه‌السلام كان يدعو في قنوت‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ـ ١٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٢٦٧ أبواب القنوت ب ٣ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٢ ـ ١٤١٦ ، الوسائل ٦ : ٢٦١ أبواب القنوت ب ١ ح ٢.

(٣) عيون أخبار الرضا « ع » ٢ : ١٨٠ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٢٤.

(٤) المدارك ٣ : ١٨ و ١٩ ، الذخيرة : ١٨٤.

(٥) الحدائق ٦ : ٣٩.

٤٢٥

الوتر بكذا ، ويستغفر كذا ، ويستحبّ فيه كذا (١). ولو كان في الثانية قنوت لم يحسن هذا الإطلاق ، لأنّ الوتر اسم للثلاث ، بل كان ينبغي التقييد ولو في بعضها بالقنوت الثاني.

ويرد على الأوّل : أنّ عدم التوظيف في الصحيحة بعد التوظيف في غيرها غير ضائر.

وعلى الثاني بتقريره الأوّل : أنّ المفهوم حينئذ يكون عامّا فيخصّص بما مرّ من النوافل ، كما خصّ سائر النوافل والفرائض.

وبتقريره الثاني : أنّ المفهوم حينئذ وإن كان خاصّا ، حيث إنّه حينئذ أن لا قنوت في الوتر في غير الثالثة ، ولكنّه يعارض خبر العيون المنجبر ضعفه لو كان بالعمل ـ مع كونه غير ضائر ، لمقام التسامح ـ والترجيح لرواية العيون ، لمخالفتها العامّة. ولولاه أيضا لتساقطا ويرجع إلى العمومات المتقدّمة.

وأمّا ما أيّده ففيه : أنّه يمكن أن يكون استحباب الأمور المذكورة ثابتا في مطلق قنوت الوتر ، فلذا أطلق.

وثانيهما : فيما بعد الركوع من الثالثة ، فإنّه صرّح جماعة منهم : المعتبر ، والمنتهى ، والتذكرة ، والتحرير ، والروضة باستحباب القنوت فيه أيضا (٢). وفي الثاني : لا أعرف فيه خلافا (٣).

ولكن يظهر من بعض هذه الكتب (٤) أنّ المراد به الدعاء المأثور الذي أوّله : « هذا مقام من حسناته نعمة منك » (٥) إلى آخره ، وصرّح بذلك في الذكرى ، قال : سمّى في المعتبر الدعاء بعد الركوع قنوتا (٦).

__________________

(١) انظر : الوسائل ٦ : ٢٧٩ أبواب القنوت ب ١٠.

(٢) المعتبر ٢ : ٢٤١ ، المنتهى ١ : ٢٩٩ ، التذكرة ١ : ١٢٧ ، التحرير ١ : ٤٢ ، الروضة ١ : ٢٨٤.

(٣) المنتهى ١ : ٢٩٩.

(٤) كالمعتبر والمنتهى والتذكرة.

(٥) الكافي ٣ : ٣٢٥ الصلاة ب ٢٥ ح ١٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤١٤ أبواب القنوت ب ١٦ ح ٢.

(٦) الذكرى : ١٨٤.

٤٢٦

وعلى هذا فمن أثبته هناك إن أراد مجرّد هذا الدعاء فلا كلام معه. وإن أراد معه غيره أيضا من رفع اليد إلى حيال الوجه ، أو توظيف كلّ ما ورد في قنوت الوتر فلا دليل له ، فإنّ المتيقّن من الأخبار أنّ ما قبل الركوع قنوت ، فيكون كلّ ما ورد في القنوت فيه موظّفا ، وأمّا شمول القنوت الوارد في الأخبار لذلك أيضا فغير ثابت.

المسألة السابعة : قالوا : يستحبّ في قنوت الوتر الدعاء للإخوان بأسمائهم ، وأقلّهم أربعون.

ذكره الشيخ في المصباح (١) ، والشهيد في البيان والذكرى (٢) ، والكفعميّ (٣) ، والمدارك (٤) ، وغيرهم. ونقل في الذكرى عن ابن حمزة وبعض المصريّين من الشيعة أنّه يذكرهم من أصحاب النبيّ والأئمة ويزيدهم ما شاء (٥).

والظاهر كفاية نقل هؤلاء الأعلام في إثبات الاستحباب وإن لم يذكروا عليه رواية.

ويستحبّ فيه الاستغفار سبعون مرّة ، كما في الروايات المعتبرة ، منها : الصحاح الأربع لأبناء حازم (٦) ، وعمّار (٧) ، ويزيد (٨) ، وأبي يعفور (٩). بل الزائد إلى‌

__________________

(١) مصباح المتهجد : ١٣٦.

(٢) البيان : ١٨٠ ، الذكرى : ١١٥.

(٣) مصباح الكفعمي : ٥٣.

(٤) المدارك ٣ : ٢٠.

(٥) الذكرى : ١١٥.

(٦) الكافي ٣ : ٤٥٠ الصلاة ب ٨٩ ح ٣٣ ، التهذيب ٢ : ١٣٠ ـ ٥٠٠ ، الوسائل ٦ : ٢٨٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٨.

(٧) التهذيب ٢ : ١٣٠ ـ ٤٩٨ ، علل الشرائع : ٣٦٤ ـ ١ ، الوسائل ٦ : ٢٨٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٧.

(٨) الفقيه ١ : ٣٠٩ ـ ١٤٠٨ ، المحاسن : ٥٣ ، الوسائل ٦ : ٢٧٩ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٢ ، ٣.

(٩) الفقيه ١ : ٣٠٩ ـ ١٤٠٩ ، علل الشرائع : ٣٦٤ ـ ٢ ، الوسائل ٦ : ٢٧٩ أبواب القنوت ب ١٠ ح‌

٤٢٧

مائة : للمرويّ في المصباح (١). وذكر العفو ثلاثمائة مرّة ، لمرسلة الفقيه (٢).

وظاهر الشيخين ـ الطوسيّ والكفعميّ ـ تقديم الدعاء للإخوان ثمَّ الاستغفار ثمَّ العفو (٣).

ولا بأس بالقول بهذا الترتيب ، لقولهما ، مع ما ورد في الأوّل من أنّ تقديمه على الدعاء معين على استجابته.

وورد في صحيحة ابن أبي يعفور في الاستغفار نصب اليد اليسرى والعدّ باليمنى (٤).

وقد يقال بذلك في غيره من الدعاء والعفو أيضا.

وفيه إشكال ، سيّما مع ما ورد في مطلق القنوت وخصوص قنوت الوتر من استحباب رفع اليدين. والظاهر أنّه الباعث على اقتصار شيخنا البهائي في مفتاح الفلاح في ذلك بالاستغفار.

ولو فعل ذلك في غيره أيضا لا بقصد استحبابه فلا محذور فيه.

المسألة الثامنة : قد صرّح جملة من الأصحاب بترك النافلة لعذر‌ (٥) ، ومنه الهمّ والغمّ.

وليس مرادهم عدم استحبابها حينئذ ، للإجماع على أنّ فاعلها مع ذلك آت بالمستحبّ مثاب. ولا أنّ بدون العذر لا يجوز تركها ، للإجماع على الجواز أيضا.

بل المراد نقصان التأكيد الوارد في حقّها ـ حتّى إنّه جعل تركها معصية ، تأكيدا في فعلها ـ وأقليّة المطلوبيّة حينئذ.

وهو كذلك ، لما في الرواية : « إنّ للقلوب إقبالا وإدبارا ، فإذا أقبلت‌

__________________

(١) مصباح المتهجد : ١٣٦.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٠ ـ ١٤١١ ، الوسائل ٦ : ٢٨٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٥.

(٣) مصباح المتهجد : ١٣٦ ، مصباح الكفعمي : ٥٣.

(٤) راجع الهامش (٩) من الصفحة السابقة.

(٥) كما في الذكرى : ١١٦ ، والحدائق ٦ : ٥٠.

٤٢٨

فتنفّلوا ، وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة » (١).

والمرويّ في النهج : « إنّ للقلوب إقبالا وإدبارا ، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل ، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض » (٢).

وفي رواية عليّ بن أسباط : إنّ أبا الحسن عليه‌السلام إذا اغتمّ ترك النافلة (٣).

ونحوه روي عن الرضا عليه‌السلام (٤).

المسألة التاسعة : صرّح جماعة من الأصحاب (٥) باستحباب ركعتين بين المغرب والعشاء وتسمى ركعتي الغفيلة ، يقرأ بعد الحمد في الأولى ( وَذَا النُّونِ ) الآيتين (٦) ، وفي الثانية ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) الآية (٧) ، ويقنت فيها بما يأتي.

ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في المصباح : « من صلّى بين العشاءين بركعتين يقرأ في الأولى الحمد وقوله تعالى ( وَذَا النُّونِ ) ، إلى ( وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) ، وفي الثانية الحمد وقوله ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) ـ الآية ـ فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال : اللهم إنّي أسألك بمفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلاّ أنت أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا ، ويقول : اللهم أنت وليّ نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بمحمّد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي ، وسأل الله حاجته ، أعطاه الله ما سأل » (٨).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٥٤ الصلاة ب ٩٠ ح ١٦ ، الوسائل ٤ : ٦٩ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٦ ح ٨.

(٢) نهج البلاغة ٣ : ٢٢٨ ـ ٣١٢ ، الوسائل ٤ : ٧٠ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٦ ح ١١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٤ الصلاة ب ٩٠ ح ١٥ ، التهذيب ٢ : ١١ ـ ٢٤ ، الوسائل ٤ : ٦٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٦ ح ٥ ، وفي الجميع « إذا اهتمّ ».

(٤) التهذيب ٢ : ١١ ـ ٢٣ ، الوسائل ٤ : ٦٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٦ ح ٤.

(٥) كالشهيد في الذكرى : ١١٦ ، وصاحب الحدائق ٦ : ٦٨.

(٦) سورة الأنبياء ٢١ : ٨٧ ـ ٨٨.

(٧) سورة الأنعام ٦ : ٥٩.

(٨) مصباح المتهجد : ٩٤ ، الوسائل ٨ : ١٢١ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٢٠ ح ٢.

٤٢٩

وروى مثله السيد ابن طاوس في فلاح السائل وزاد : « فإنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تتركوا ركعتي الغفيلة وهما ما بين العشاءين » (١).

وروي في الفقيه مرسلا ، وفي العلل مسندا موثّقا أنّه « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تنفّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين ، فإنّهما تورثان دار الكرامة ».

قال : وفي خبر آخر : « دار السلام وهي الجنة ، وساعة الغفلة ما بين المغرب والعشاء الآخرة » (٢).

ومثله في التهذيب وزاد : « قيل : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما ساعة الغفلة؟ قال : ما بين المغرب والعشاء » (٣).

ورواها في فلاح السائل أيضا وزاد : « وقيل : يا رسول الله وما معنى خفيفتين؟ قال : تقرأ فيهما الحمد وحدها ، قيل : يا رسول الله متى أصلّيهما؟ قال : ما بين المغرب والعشاء » (٤).

ولا يخفى أنّ المستفاد من رواية الفقيه وما بعدها استحباب التنفّل في ساعة الغفلة ، وأنّ فرده الأدنى ما يقتصر فيه على الحمد ، ولا يثبت منها استحباب الزائد عن أربع المغرب. وكما يستفاد من الذكرى جواز الاقتصار في ركعتي الغفيلة على الحمد أيضا وهو فرده الأدنى (٥). وهذا لا خفاء فيه.

وكذا في جواز جعل ركعتي الغفيلة ركعتين من الأربع ، لجواز الإتيان بالأربع بهذه الكيفية إجماعا ، ويصدق على الفاعل حينئذ أنّه صلّى بين العشاءين كذا.

__________________

(١) فلاح السائل : ٢٤٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٣٠٣ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٥ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣٥٧ ـ ١٥٦٤ ، العلل : ٣٤٣ ـ ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٤٣ ـ ٩٦٣ ، الوسائل ٨ : ١٢٠ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٢٠ ح ١.

(٤) فلاح السائل : ٢٤٥ ، ٢٤٨ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٣٠٢ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٥ ح ٢.

(٥) الذكرى : ١١٦.

٤٣٠

وأمّا تقييده بالزائد على الأربع فلا دليل عليه ، وثبوت نوع من الثواب لكيفيّة في الأربع كقراءة التوحيد لا ينافي ثبوت نوع آخر منه لكيفيّة أخرى ، كما في قراءة السور في فريضة خاصّة.

وإنّما الخفاء في وجوب جعلهما منها ـ ولو على القول بجواز الإتيان بغير الرواتب في وقت الفرائض ـ بناء على توقيفيّة العبادة وعدم دلالة على كونهما غير الأربع ، فيقتصر في التوقيف على المتيقن ، وعدمه.

والثاني هو الأظهر ، لقوله : « من صلّى بين العشاءين » إلى آخره ، فإنّه يشمل بعمومه من صلّى الأربع أيضا ، ويجزي في غيره بالإجماع المركّب.

المسألة العاشرة : يجوز الجلوس في النوافل كلّها ولو اختيارا ، بالإجماع المحقّق والمحكيّ في المعتبر والمنتهى والتذكرة والإيضاح والبيان والمدارك (١) ، وغيرها. وهو الحجّة في المقام ، مضافا إلى الأصل والمستفيضة كروايتي سدير (٢) ، وابن ميسرة (٣) ، وحسنة سهل (٤) ، وغيرها.

وخلاف الحلّي شاذّ (٥) ، وتخصيصه المجوّز بالنهاية غريب.

والأفضل أن يصلّي قائما ، لظواهر المستفيضة وصريح المرويّ في العلل والعيون : « صلاة القاعد على نصف صلاة القائم » (٦).

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٢٣ ، المنتهى ١ : ١٩٧ ، التذكرة ١ : ٧٥ ، الإيضاح ١ : ١٠٠ ، البيان : ١٥٢ ، المدارك ٣ : ٢٥.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٠ الصلاة ب ٦٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٦٩ ـ ٦٧٤ ، الوسائل ٥ : ٤٩١ أبواب القيام ب ٤ ح ١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٥٠ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ ـ ٦٧٨ ، الوسائل ٥ : ٥٠٢ أبواب القيام ب ١١ ح ٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٤٧ ، التهذيب ٣ : ٢٣٢ ـ ٦٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٩١ أبواب القيام ب ٤ ح ٢.

(٥) السرائر ١ : ٣٠٩.

(٦) العلل : ٢٦٢ ، العيون ٢ : ١٠٧ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب القيام ب ٥ ح ٢.

٤٣١

أو يقوم في آخر السورة ويتمّها ويركع ، لصحيحتي الحمّادين (١) ، وموثّقة زرارة (٢).

أو يضعّف الركعات ، فإنّه أيضا من المستحبّ ، كما صرّح به المفيد (٣) ، والفاضلان في المعتبر والتذكرة والقواعد (٤) ، والشهيد في البيان (٥) ، لروايتي الصيقل (٦) ، ومحمّد (٧) ، والمرويّ في كتاب عليّ : عن المريض إذا كان لا يستطيع القيام كيف يصلّي؟ قال : « يصلّي النافلة وهو جالس ويحسب كلّ ركعتين بركعة ، وأمّا الفريضة فيحسب كلّ ركعة بركعة وهو جالس إذا كان لا يستطيع القيام » (٨).

وفي قرب الإسناد : عن رجل يصلّي نافلة وهو جالس من غير علّة كيف تحسب صلاته؟ قال : « ركعتين بركعة » (٩).

ووروده في الاولى وإن كان بالأمر الدالّ على الوجوب ، إلاّ أنّ الإجماع على عدم وجوب الإتيان بتمام العدد في النوافل ينفيه ، مضافا إلى صحيحة أبي بصير : إنّا نتحدّث نقول : من صلّى وهو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة‌

__________________

(١) الأولى : التهذيب ٢ : ١٧٠ ـ ٦٧٦ ، الوسائل ٥ : ٤٩٨ أبواب القيام ب ٩ ح ٣.

الثانية : الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٤٦ ، التهذيب ٢ : ٢٩٥ ـ ١١٨٨ ، الوسائل ٥ : ٤٩٨ أبواب القيام ب ٩ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤١١ الصلاة ب ٦٩ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ ـ ٦٧٥ ، الوسائل ٥ : ٤٩٨ أبواب القيام ب ٩ ح ١.

(٣) المقنعة : ١٤٢.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٣ ، التذكرة ١ : ٧٥ ، القواعد ١ : ٣١.

(٥) البيان : ١٥٢.

(٦) التهذيب ٢ : ١٦٦ ـ ٦٥٦ ، الاستبصار ١ : ٢٩٣ ـ ١٠٨١ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب القيام ب ٥ ح ٤.

(٧) التهذيب ٢ : ١٦٦ ـ ٦٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٣ ـ ١٠٨٠ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب القيام ب ٥ ح ٣.

(٨) مسائل علي بن جعفر : ١٧١ ـ ٢٩٤ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب القيام ب ٥ ح ٥.

(٩) قرب الاسناد : ٢٠٩ ـ ٨١٨ ، الوسائل ٥ : ٤٩٤ أبواب القيام ب ٥ ح ٦.

٤٣٢

وسجدتين بسجدة ، فقال : « ليس هو هكذا ، هي تامّة لكم » (١).

وظاهرها كون التمام للشيعة تفضّليا ، فلا ينافي أفضليّة القيام ـ الثابتة مع النصوص بالإجماع ـ وكونه أكثر ثوابا بالاستحقاق ، ونريد ذلك بالتفضيل.

فرعان :

أ : يستحبّ التربّع للمصلّي جالسا حال القراءة ، وثني الرجلين حال الركوع ، بالإجماع كما في المنتهى (٢) ، وتدلّ عليه أيضا موثّقة حمران : « كان أبي إذا صلّى جالسا تربّع فإذا ركع ثنى رجليه » (٣).

وقد مضى تفسيرهما (٤).

ب : لا يجوز الاضطجاع ولا الاستلقاء ، على الأصحّ الأشهر ، لتوقيفيّة العبادة ، وعدم النقل ، ولا معلومية صدق الصلاة عليه حينئذ وإن صدق في الجملة معه.

خلافا للإيضاح (٥) ، لدليل عليل.

المسألة الحادية عشرة : سقوط نوافل الظهرين في السفر‌ كعدم سقوط نوافل المغرب والفجر وإحدى عشرة ركعة الليل والوتر إجماعي ، مدلول عليه بالمعتبرة المستفيضة التي يأتي ذكر بعضها.

وفي ركعتي الوتيرة قولان :

السقوط ، وهو للأكثر ، بل في السرائر ، والمنتهى ، وعن الغنية : الإجماع‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤١٠ الصلاة ب ٦٩ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٤٨ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ ـ ٦٧٧ ، الوسائل ٥ : ٤٩٢ أبواب القيام ب ٥ ح ١.

(٢) المنتهى ١ : ١٩٧.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٤٩ ، التهذيب ٢ : ١٧١ ـ ٦٧٩ ، الوسائل ٥ : ٥٠٢ أبواب القيام ب ١١ ح ٤.

(٤) راجع ص ٦٥.

(٥) إيضاح الفوائد ١ : ١٠٠.

٤٣٣

عليه (١) ، للعمومات المستفيضة كصحاح حذيفة ، وابن سنان ، وأبي بصير : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » (٢).

وزاد في الثانية : « إلاّ المغرب » (٣).

وفي الثالثة مع ذلك : « فإنّ بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في حضر ولا سفر ، وليس عليك قضاء صلاة النهار ، وصلّ صلاة الليل واقضه » (٤).

وموثّقة سماعة : عن الصلاة في السفر ، فقال : « ركعتين ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ، إلاّ أنّه ينبغي للمسافر أن يصلّي بعد المغرب أربع ركعات ، وليتطوّع بالليل ما شاء » (٥) الحديث.

ورواية التمّار : « إنّما فرض الله على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ، إلاّ صلاة الليل على بعيرك حيث توجّه بك » (٦).

وتدلّ عليه أيضا العلة المصرّحة بها في رواية أبي يحيى : عن صلاة النافلة بالنهار في السفر ، فقال : « يا بنيّ لو صلحت النافلة في السفر لتمّت الفريضة » (٧).

وعدمه ، وهو للشيخ في النهاية (٨) ، وظاهر الصدوق في الفقيه والعلل‌

__________________

(١) السرائر ١ : ١٩٤ ، المنتهى ١ : ١٩٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤ ـ ٣٤ ، المحاسن : ٣٧١ ، الوسائل ٤ : ٨١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ١٣ ـ ٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٢٠ ـ ٧٧٨ ، الوسائل ٤ : ٨٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١ ح ٣. وفي الجميع : « إلاّ المغرب ثلاث ».

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٩ الصلاة ب ٨٧ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤ ـ ٣٦ ، الوسائل ٤ : ٨٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١ ح ٧.

(٥) الكافي ٣ : ٤٣٩ الصلاة ب ٨٧ ح ١ ، الوسائل ٤ : ٨٧ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٤ ح ٤.

(٦) الفقيه ١ : ٢٨٤ ـ ١٢٩٢ ، التهذيب ٢ : ١٦ ـ ٤٣ ، الوسائل ٤ : ٨٤ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٢ ح ٣.

(٧) الفقيه ١ : ٢٨٥ ـ ١٢٩٣ ، تهذيب ٢ : ١٦ ـ ٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٢١ ـ ٧٨٠ ، الوسائل ٤ : ٨٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١ ح ٤.

(٨) النهاية : ٥٧.

٤٣٤

والأمالي (١) ، بل في الأخير أنّه من دين الإماميّة. وهو صريح الفضل بن شاذان ، كما يظهر من باب الثالث والثلاثين من العيون (٢) ، وقوّاه في الذكرى والروضة (٣) ، واستجوده في المدارك (٤) ، واختاره في الحدائق (٥) ، وهو الظاهر من بعض مشايخ والدي رحمه‌الله (٦).

وهو الحقّ ، للأصل ، وما رواه في الفقيه والعلل والعيون : « وإنّما ترك تطوّع النهار ولم يترك تطوّع الليل لأنّ كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر في تطوعها ، وذلك أنّ المغرب لا يقصر فيها فلا يقصر فيما بعدها من التطوّع ، وكذلك الغداة لا يقصر فيما قبلها من التطوّع ، وإنّما صارت العتمة مقصورة وليس يترك ركعتيها لأنّ الركعتين ليستا من الخمسين ، وإنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا ليتمّ بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوّع » (٧).

وفي الفقه الرضويّ : « والنوافل في السفر أربع ركعات » إلى أن قال : « وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس » (٨).

وضعف سند الاولى ـ كما قيل (٩) ـ ممنوع ، إذ ليس فيه من يتوقّف فيه إلاّ عبد الواحد بن عبدوس وعليّ بن محمّد بن قتيبة ، وهما من مشايخ الإجازة فلا يضرّ عدم توثيقهما. ولو سلّم فبعد وجوده في الأصول المذكورة غير ضائر.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٩٠ ، العلل : ٢٦٧ ، الأمالي : ٥١٤.

(٢) العيون ٢ : ١١٢ قد ذكر علل الفضل بن شاذان في الباب الرابع والثلاثين من العيون ، فراجع.

(٣) الذكرى : ١١٣ ، الروضة ١ : ١٧١.

(٤) المدارك ٣ : ٢٧.

(٥) الحدائق ٦ : ٤٦.

(٦) الظاهر أنّه الوحيد البهبهاني ، انظر : حاشية المدارك ( المدارك بالطبع الحجري ) : ١١٥.

(٧) الفقيه ١ : ٢٩٠ ـ ١٣٢٠ ، العلل : ٢٦٧ ، العيون ٢ : ١١٢ ، الوسائل ٤ : ٨٧ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٤ ح ٥.

(٨) فقه الرضا « ع » : ١٠٠ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٦٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٢ ح ١.

(٩) انظر : المدارك ٣ : ٢٧.

٤٣٥

ولو قطع النظر عنه أيضا فللتسامح في أدلّة السنن لا ضير فيه.

والقول بأنّه إنّما هو حيث لا يحتمل التحريم ـ كما في المقام ـ للزوم التشريع ، وإلاّ فلا تسامح قولا واحدا (١).

كلام خال عن التحصيل ، كيف؟! وجميع أدلّة التسامح جارية فيه ، ولولاه لما كان تسامح في شي‌ء من العبادات إذ كلّها ممّا يستلزم التشريع ، مع أنّ هذا ممّا أورده النافون للتسامح على مثبتية ، وأجابوا عنه بأنّ بعد دلالة الأدلّة على التسامح لا يلزم التشريع المحرّم. فدعوى الإجماع على عدم التسامح في مثله من أغرب الدعاوي. كدعوى شذوذ الأخبار الدالّة على عدم السقوط لندرة القائل ، فإنّ بعد فتوى مثل الفضل والصدوق والشيخ من قدماء الأصحاب ، ودعوى أنّه من دين الإمامية الظاهرة في اشتهاره في الصدر الأوّل ، وذهاب جمع من المتأخّرين إليه ، وتردّد طائفة منهم في المسألة كالفاضلين في النافع والتحرير (٢) ، والمقداد (٣) ، والصيمريّ (٤) ، بل نسب إلى التذكرة والجامع أيضا (٥) ، كيف ينسب الخبر إلى الشذوذ؟!

فلا تأمّل في حجيّته في المقام.

سيّما مع تأيّده بصحيحة محمّد : عن الصلاة تطوّعا في السفر ، قال : « لا تصلّ قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا » (٦).

بل هي أيضا تدلّ على عدم السقوط ، لأنّ الظاهر كون القيد بعد الإطلاق في السؤال احترازيّا.

ويتأيّد أيضا بما مرّ من الأخبار الدالّة على كون الوتيرة عوض الوتر يقدم‌

__________________

(١) انظر : الرياض ١ : ١٠٠.

(٢) المختصر النافع : ٢١ ، التحرير ١ : ٢٦.

(٣) التنقيح الرائع ١ : ١٦٣.

(٤) حكاه عنه في الرياض ١ : ١٠٠.

(٥) التذكرة ١ : ٧١ ، الجامع للشرائع : ٥٩.

(٦) التهذيب ٢ : ١٤ ـ ٣٢ ، الوسائل ٤ : ٨١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١ ح ١.

٤٣٦

عليها من يخاف فوتها (١) ، والوتر لا تترك في السفر فكذا عوضها.

فلم يبق إلاّ تعارض هذه الأخبار مع ما سبق من أخبار السقوط ، ولا شكّ في ترجيح هذه ، لكونها خاصّة وأخبار السقوط عامّة.

وترجيح الثانية باعتضادها بالشهرة والإجماع المنقول لا يكافئ الخصوصيّة ، سيّما مع معارضة نقل الإجماع مع مثله ، بل أقوى منه ، لكونه أقرب إلى المعصوم وأظهر في الدلالة ، واعتضاد الأولى أيضا بالاستصحاب ، وبعمومات المستفيضة المثبتة لهاتين الركعتين مطلقا ، مع أنّها أيضا بنفسها معارضة لعمومات السقوط بالعموم من وجه موجبة للرجوع إلى الاستصحاب لو لا الترجيح.

هذا كله مع ما في كثير من أخبار السقوط من ضعف الدلالة ، فإنّ قوله : « الصلاة في السفر » في صحيحة أبي بصير وموثّقة سماعة (٢) وإن كان عامّا ، إلاّ أنّ قوله في الاولى : « وصلّ صلاة الليل » الظاهر فيما يقابل صلاة النهار بقرينة قوله : « وليس عليك قضاء صلاة النهار » وفي الثانية : « وليتطوّع بالليل ما شاء » ممّا يعارض هذا العموم ويصلح قرينة للتخصيص ، والحمل على العموم في مثل ذلك غير ثابت ، وكذا في رواية التمّار.

مع أنّ هاهنا كلاما آخر وهو : أنّ الظاهر من الأخبار والفتاوي أنّ الساقط هو نافلة الصلاة فإنّ المراد من قوله « ليس قبلهما ولا بعدهما » أنّه ليس من نافلتهما لا من مطلق النافلة ، وإلاّ فقبل العشاء لا تسقط ركعات المغرب ، والوتيرة ليست نافلة لصلاة العشاء ـ وإن أضيفت إليها في بعض الأحاديث حيث يكفي أدنى ملابسة فيها ـ وتدلّ عليه رواية الفقيه والعلل المتقدّمة (٣) ، وما دلّ على كونها عوضا للوتر ، وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان لا يفعلها لذلك ، والأخبار المصرّحة بأنّها لا تعدّ‌

__________________

(١) انظر : الوسائل ٤ : ٤٥ و ٩٦ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٢ وب ٢٩ ح ٨.

(٢) المتقدمة ص ٤٣٤.

(٣) في ص ٤٣٥.

٤٣٧

من الخمسين (١). وعلى هذا فلا تعارض بين أخبار عدم السقوط وبين ما سبق أيضا.

فروع :

أ : سقوط ما يسقط من النوافل في السفر عزيمة ، كما يدلّ عليه نفي صلاحيتها في رواية الحنّاط المرادف للفساد (٢) ، ونفي أصلها الدالّ على انتفاء التوقيف في العمومات (٣).

وليس في النصوص الدالّة على جواز قضاء النوافل النهاريّة في الليل (٤) ـ لو تمّت دلالتها عليه ـ دلالة على مشروعيّتها نهارا ، حتّى يجعل دليلا على أنّ المراد بالسقوط الرخصة ورفع (٥) تأكّد الاستحباب.

ب : من صلّى العشاء في وطنه وسافر بعده فهل يجوز له أن يصلّي الوتيرة في السفر على القول بسقوطها أم لا؟ ومن صلاّها في السفر ثمَّ دخل الوطن هل يجوز له الوتيرة في الوطن أم لا؟

وكذا من دخل عليه [ الوقت ] (٦) في الوطن وأراد السفر والإتيان بصلاة الظهر في السفر هل يجوز له الإتيان بنافلة الظهر في الوطن أم لا؟ ولو أخّر المسافر الذي صلّى الظهر في السفر صلاة عصره إلى دخول الوطن فهل يجوز له أن يصلّي نوافل العصر في السفر؟.

ظاهر عمومات : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » (٧) أنّ كلّ ما يقصر ليس قبله ولا بعده شي‌ء سواء كان وقت النافلة حاضرا أو مسافرا ،

__________________

(١) انظر : الوسائل ٤ : ٩٤ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٩.

(٢) راجع ص ٤٣٤ ، رواية أبي يحيى.

(٣) انظر : الوسائل ٤ : ٨١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١.

(٤) انظر : الوسائل ٤ : ٨٤ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٢.

(٥) في « س » و « ح » : دفع.

(٦) أضفناه لاستقامة المتن.

(٧) انظر : الوسائل ٤ : ٨١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢١.

٤٣٨

وأنّ كلّ ما لا يقصر يجوز نافلته وإن كان وقت النافلة في السفر.

إلاّ أنّ موثّقة عمّار تدلّ على غير ذلك وهي أنّه : سئل : إذا زالت الشمس وهو في منزله ثمَّ يخرج في سفر؟ قال : « يبدأ بالزوال فيصلّيها ثمَّ يصلّي الاولى بتقصير ركعتين ، لأنّه خرج من منزله قبل أن تحضر الاولى » وسئل : فإن خرج بعد ما حضرت الاولى؟ قال : « يصلّي أربع ركعات ثمَّ يصلّي بعده النوافل ثماني ركعات ، لأنّه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى ، فإذا حضرت العصر صلّى العصر بتقصير » (١).

ومضمونها هو المشهور ، بل نسبه بعض مشايخنا إلى الأصحاب ، وعليه الفتوى. فيجوز لمن أدرك وقت النافلة في الحضر فعلها أداء وقضاء ولو أخّر الفريضة إلى السفر أو قدّمها في السفر.

ج : ظاهر الأخبار عدم سقوط النوافل في الأماكن الأربعة الشريفة ، لاختصاص قوله : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » بغيرها قطعا.

فتبقى عمومات النوافل سليمة عن المعارض ، بل معاضدة بغيرها أيضا كصحيحة عليّ بن مهزيار : « قد علمت ـ يرحمك الله ـ فضل الصلاة في الحرمين على غيرها ، فأنا أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة » (٢).

ورواية عليّ بن حديد : عن الصلاة في الحرمين ، قال : « صلّ النوافل ما شئت » (٣).

والمرويّ في كامل الزيارة في المسافر قال : « صلّ في المسجد الحرام ما شئت‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٨ ـ ٤٩ ، الاستبصار ١ : ٢٢٢ ـ ٧٨٥ ، الوسائل ٤ : ٨٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٣ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٥٢٥ الحج ب ٩٥ ح ٨ ، التهذيب ٥ : ٤٢٨ ـ ١٤٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٣ ـ ١١٨٣ ، الوسائل ٨ : ٥٢٥ أبواب صلاة المسافر ٢٥ ح ٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٢٦ ـ ١٤٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٣٣١ ـ ١١٧٩ ، الوسائل ٨ : ٥٣٣ أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٣٣.

٤٣٩

تطوّعا ، وفي مسجد الرسول ما شئت تطوّعا ، وعند قبر الحسين عليه‌السلام ، فإنّي أحبّ ذلك » وعن الصلاة عند قبر الحسين عليه‌السلام تطوّعا ، قال : « نعم ، ما قدرت عليه » (١).

وينبّه على الجواز أيضا ما مرّ من قوله : « لو صلحت النافلة لتمّت الفريضة » (٢).

المسألة الثانية عشرة : لا يجوز نقص النوافل عن الركعتين ولا زيادتها عنهما في غير الوتر وصلاة الأعرابيّ ، بل لا بدّ في كلّ ركعتين منها عن تسليمة ، لأنّه المعروف من صاحب الشريعة ، فيجب الاقتصار عليه ، لتوقيفيّة العبادة ، ولقوله : « صلّوا كما رأيتموني أصلّي » (٣).

ولخصوص المستفيضة من طرق الفريقين ، ففي النبويّ : « صلاة الليل والنهار مثنى مثنى » (٤).

وفي آخر : « بين كلّ ركعتين تسليمة » (٥).

وفي المرويّ في قرب الإسناد : عن الرجل يصلّي النافلة أيصلح له أن يصلّي أربع ركعات لا يسلّم بينهنّ؟ قال : « لا ، إلاّ أن يسلّم بين كلّ ركعتين » (٦).

وفي مستطرفات السرائر : « وافصل بين كلّ ركعتين من نوافلك بالتسليم » (٧).

وظاهر هذه الأخبار ـ المنجبر ضعفها بالشهرة وكلمات الأصحاب ـ حرمة‌

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٤٦ ، الوسائل ٨ : ٥٣٥ أبواب صلاة المسافر ب ٢٦ ح ١.

(٢) راجع ص ٤٣٤ رواية أبي يحيى.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢.

(٤) سنن ابن ماجه ١ : ٤١٩ ـ ١٣٢٢.

(٥) سنن ابن ماجه ١ : ٤١٩ ـ ١٣٢٤.

(٦) قرب الإسناد : ١٩٤ ـ ٧٣٦ ، الوسائل ٤ : ٦٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ٢.

(٧) مستطرفات السرائر : ٧١ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٦٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ٣.

٤٤٠