مستند الشّيعة - ج ٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-80-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٥

باسم ربّك الذي خلق ، أو شيئا من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد ، فأوم إيماء » (١).

فإنّه لو لا فوريّة السجدة لم يكن وجه لإيجاب الإيماء.

ومنه تظهر دلالة موثّقة سماعة : « من قرأ اقرأ باسم ربّك فإذا ختمها فليسجد ، فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع » قال : « وإن ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزئك الإيماء والركوع » (٢).

مع أنّ الأمر بالسجدة بعد الختم قبل الركوع فيها صريح في فوريّتها.

ثمَّ لو نسيها ، أو منعه عذر عنها ، أو تركها عمدا ، يأتي بها إذا ذكرها أو ارتفع العذر ، إجماعا ، له ، وصحيحة محمّد : عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتّى يركع ويسجد ، قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم » (٣).

واختصاصها بالنسيان يجبر بالإجماع المركّب.

وهل يجب حينئذ فورا؟ فيه نظر.

ز : لو تعدّدت قراءة موضع السجدة فلو تخلّل بينها السجود يتكرر السجود قطعا.

ولو لم يتخلل فهل تكفي سجدة واحدة للجميع أم لا؟.

الظاهر : نعم ، لما بيّنّا في موضعه من تداخل الأسباب.

وقيل : لا ، لأصالة عدم التداخل (٤) ، وهي ممنوعة. ولصحيحة محمّد المتقدمة في صدر المسألة (٥) ، وهي غير دالّة.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٢ ، الوسائل ٦ : ١٠٣ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٨ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩١ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٧ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٩ ح ١.

(٤) كما في الذكرى : ٢١٥.

(٥) راجع ص ٣١١.

٣٢١

ح : الواجب إنّما هو السجود عند تلاوة هذه الآيات أو سماعها ، فلا يجب بتصويرها وتخيّلها ولا بكتابتها ولا بمشاهدتها مكتوبة ، للأصل.

ط : يستحب الذكر فيها إجماعا ، له ، وللنصوص.

ويكفي فيها كلّ ذكر كما في المروي في الدعائم : « ويدعو في سجوده ما تيسّر من الدعاء » (١).

وأفضله المأثور ، وهو ما رواه في السرائر كما تقدّم حيث قال : « قلت ما تقول في السجود » (٢).

أو ما في مرسلة الفقيه المتقدّمة (٣).

أو ما في صحيحة الحذّاء : « إذا قرأ أحدكم السورة من العزائم فليقل في سجوده : سجدت لك يا ربّ تعبّدا ورقّا ، لا مستكبرا عن عبادتك ولا مستنكفا ولا متعظّما ، بل أنا عبد ذليل مستجير » (٤).

وفي مرسلة الغوالي : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عند نزول ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (٥) : « أعوذ برضاك عن سخطك وبمعافاتك عن عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، ولا احصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » (٦).

وفي الفقيه : « فليقل : إلهي آمنّا بما كفروا ، وعرفنا منك ما أنكروا ، وأجبناك إلى ما دعوا ، إلهي فالعفو العفو » (٧).

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ : ٢١٥ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٣١٨ أبواب القراءة في غير الصلاة ب ٣٥ ح ٢.

(٢) راجع ص ٣١٧.

(٣) في ص ٣١٦.

(٤) الكافي ٣ : ٣٢٨ الصلاة ب ٢٥ ح ٢٣ ، الوسائل ٦ : ٢٤٥ أبواب قراءة القرآن ب ٤٦ ح ١.

(٥) العلق : ١٩.

(٦) عوالي اللئالي ٤ : ١١٣ ـ ١٧٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٣٢١ أبواب القراءة في غير الصلاة ب ٣٩ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ٢٠١.

٣٢٢

البحث السابع

في التشهد‌

وهو واجب ـ بإجماعنا بل الضرورة من مذهبنا ـ في كلّ صلاة ثنائية مرّة بعد السجدة الأخيرة وقبل التسليم ، وفي الثلاثية والرباعية مرّتين : مرّة كما مرّ ، والأخرى بعد السجدة الرابعة.

والأخبار به مستفيضة (١) ، كما تأتي في بحث نسيان التشهد ، وأخبار الشك بين الأربع والخمس (٢) ، ومن الاولى يظهر عدم ركنيته.

وأمّا صحيحة الفضلاء الثلاثة : « إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته ، فإن كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرف أجزأه » (٣).

فلا تنافيه ، لعدم تعيّن المرجع في قوله : « فرغ » فلعلّه المأموم وكان الغرض عدم وجوب متابعته في السلام مع الاستعجال ، بل اللازم حمل الرواية عليه وإلاّ لم يكن لها معنى صحيح إلاّ بتكلّف.

ولا الأخبار المصرّحة بأنّ التشهد سنّة (٤) ، لأنّها في مقابلة الفريضة بمعنى ما لم يثبت وجوبه من الكتاب.

ولا الأخبار الكثيرة المتضمنة لعدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التشهد وإعادة الطهارة والتشهد (٥) ، لاحتمال إرادة التشهد بأن يصلّي متشهدا ، مع أنّ غايتها ـ لو تمّت ـ نفي الجزئيّة أو تجويز البناء على الصلاة لو أحدث في أثنائها ،

__________________

(١) انظر : الوسائل ٦ : ٤٠١ أبواب التشهد ب ٧.

(٢) انظر : الوسائل ٨ : ٢٢٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٧ ـ ١٢٩٨ ، الوسائل ٦ : ٣٩٧ أبواب التشهد ب ٤ ح ٢.

(٤) انظر : الوسائل ٦ : ٤٠١ أبواب التشهد ب ٧.

(٥) انظر : الوسائل ٦ : ٤١٠ أبواب التشهد ب ١٣.

٣٢٣

وهما لا ينفيان الوجوب ، ويأتي تحقيقهما.

وهاهنا مسائل :

المسألة الأولى : يجب فيه الجلوس بقدر ذكره الواجب‌ إجماعا محقّقا ومحكيّا في المنتهى والتذكرة وتهذيب النفس للفاضل وشرح القواعد والمدارك (١) ، وغيرها (٢) ، وهو الحجة فيه.

مضافا إلى صحيحة محمّد : التشهد في الصلاة ، قال : « مرّتين » قال ، قلت : وكيف مرّتين؟ قال : « إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، ثمَّ تنصرف » الحديث (٣).

ورواية عليّ بن أبي حمزة : « إذا قمت في الركعتين الأوليين ولم تتشهد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهّد » (٤).

وفي حسنة الحلبي : « فاجلس وتشهّد وقم » (٥).

وفي صحيحة الفضيل في من نسي التشهد : « فليجلس ما لم يركع » (٦).

وغير ذلك من المستفيضة من الصحاح وغيرها.

وعلى هذا فلو شرع في التشهد حين الرفع من السجود أو نهض قائما قبل‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٩٤ ، التذكرة ١ : ١٢٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٢٠ ، المدارك ٣ : ٤٢٥.

(٢) كالمفاتيح ١ : ١٥٠ ، وكشف اللثام ١ : ٢٣١ ، والرياض ١ : ١٧١ ، وغنائم الأيام : ٢١٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٠١ ـ ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ ـ ١٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٣٩٧ أبواب التشهد ب ٤ ح ٤.

(٤) الكافي ٣ : ٣٥٧ الصلاة ب ٤٢ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٣٠ ، الوسائل ٨ : ٢٤٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣٥٧ الصلاة ب ٤٢ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٩ ، الوسائل ٦ : ٤٠٦ أبواب التشهد ب ٩ ح ٣.

(٦) الكافي ٣ : ٣٥٦ الصلاة ب ٤٢ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٣٤٥ ـ ١٤٣١ ، الوسائل ٦ : ٤٠٥ أبواب التشهد ب ٩ ح ١.

٣٢٤

إكماله عمدا بطلت صلاته ، وإن كان ناسيا تداركه ما دام محلّه باقيا ، كما يأتي بيانه.

المسألة الثانية : تجب فيه مطلقا الشهادتان بالإجماع المحقّق ، والمحكي في التذكرة (١) ، وعن الخلاف والغنية والذكرى (٢) ، وفي شرح القواعد نفي الخلاف فيه بين أصحابنا ، قال : إنّ عليه عمل الأصحاب كافة (٣).

وتدلّ عليه مع الإجماع صحيحة محمّد المتقدّمة.

ورواية ابن كليب : أدنى ما يجزئ من التشهد ، فقال : « الشهادتان » (٤). ونحوه الرضوي (٥).

صرّح فيهما بأنّهما أدنى ما يجزئ من التشهد الذي هو واجب فيكون الإجزاء عن الواجب ، ولا يرد احتمال كون الإجزاء عن الأمر المستحب.

ويؤيّده سائر المعتبرة المستفيضة الآمرة بالشهادتين فيه على اختلاف كيفيتهما (٦).

وأمّا رواية الخثعمي : « إذا جلس الرجل للتشهّد فحمد الله أجزأه » (٧).

وما في رواية بكر : « إذا حمدت الله أجزأ عنك » (٨).

فلا ينافي ما مرّ ، لإجمال المجزئ عنه فيحتمل أن يكون الأمر الندبي.

__________________

(١) التذكرة ١ : ١٢٥.

(٢) الخلاف ١ : ٣٧٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨ ، الذكرى : ٢٠٤.

(٣) جامع المقاصد ٢ : ٣١٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٠١ ـ ٣٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ ـ ١٢٨٥ ، الوسائل ٦ : ٣٩٨ أبواب التشهد ب ٤ ح ٦.

(٥) فقه الرضا (ع) : ١١١ ، مستدرك الوسائل ٥ : ١٠ أبواب التشهد ب ٣ ح ١.

(٦) الوسائل ٦ : أبواب التشهد ب ٣ و ٤.

(٧) التهذيب ٢ : ١٠١ ـ ٣٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ ـ ١٢٨٦ ، الوسائل ٦ : ٣٩٩ أبواب التشهد ب ٥ ح ٢.

(٨) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٠١ ـ ٣٧٨ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ ـ ١٢٨٨ وفيهما : أجزأك ، الوسائل ٦ : ٣٩٩ أبواب التشهد ب ٥ ح ٣.

٣٢٥

وكذا روايته الأخرى : أيّ شي‌ء أقول في التشهّد والقنوت؟ قال : « قل بأحسن ما علمت فإنّه لو كان مؤقّتا لهلك الناس » (١).

فإنّه يمكن أن يراد المقول استحبابا.

خلافا للمحكي عن المقنع ، فأدنى ما يجزئ في التشهد الشهادتان ، أو قول : بسم الله وبالله (٢).

وعن صاحب الفاخر فتجزئ شهادة واحدة في التشهد الأوّل (٣).

ولعلّ مستند الأول موثقة الساباطي : في رجل نسي التشهد في الصلاة ، قال : « إن ذكر أنّه قال : بسم الله وبالله فقط فقد جازت صلاته ، وإن لم يذكر شيئا من التشهّد أعاد الصلاة » (٤) ونحوها روايته (٥) إلاّ أنّه ليس فيها : « وبالله ».

والمروي في قرب الإسناد بعد السؤال عن رجل ترك التشهد حتى سلّم : « فإن ذكر أنّه قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أو بسم الله وبالله أجزأ في صلاته ، وإن لم يتكلم بقليل أو كثير حتى سلّم أعاد الصلاة » (٦).

ومستند الثاني صحيحة زرارة : ما يجزئ من القول في التشهد في الركعتين الأوليين؟ قال : « أن يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له » قال ، قلت : فما يجزئ من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ قال : « الشهادتان » (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٠٢ ـ ٣٨١ ، الوسائل ٦ : ٣٩٩ أبواب التشهد ب ٥ ح ١.

(٢) حكاه عنه في الذكرى : ٢٠٤ والمدارك ٣ : ٤٢٦.

(٣) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٢٣١.

(٤) التهذيب ٢ : ١٩٢ ـ ٧٥٨ ، الاستبصار ١ : ٣٧٩ ـ ١٤٣٧ بتفاوت ، الوسائل ٦ : ٤٠٣ أبواب التشهد ب ٧ ح ٧ ، لم يذكر « وبالله » فيها وقد ذكر في الوافي ٨ : ٩٤٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٩ ـ ١٣٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٤٣ ـ ١٢٩٣ ، الوسائل ٦ : ٤٠٣ أبواب التشهد ب ٧ ح ٧.

(٦) قرب الاسناد : ١٩٥ ـ ٧٤١ ، الوسائل ٦ : ٤٠٤ أبواب التشهد ب ٧ ح ٨ ، وفيهما بتفاوت يسير.

(٧) التهذيب ٢ : ١٠٠ ـ ٣٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ ـ ١٢٨٤ ، الوسائل ٦ : ٣٩٦ أبواب التشهد ب ٤ ح ١.

٣٢٦

ويضعّف الكل بعدم الحجية ، للشذوذ ، ومخالفة الأصحاب ، بل إجماعهم.

مضافا إلى قصور مستند الأوّل دلالة ، بل انتفاء الدلالة فيه رأسا ، إذ إمضاء الصلاة إذا نسي التشهد مع تذكّر قول : بسم الله وبالله ، أو أشهد أن لا إله إلاّ الله لا يدلّ على كفاية أحدهما في التشهد ، كيف؟! والصلاة ممضاة لو لم يتذكّر شيئا منهما أيضا بل تذكّر عدمه أصلا ، وأمّا الجزء الأخير الآمر بالإعادة مع عدم تذكّر شي‌ء ، فهو مردود بمخالفة الإجماع ، مع أنّ الإعادة لو ثبتت لكانت بأمر جديد ، فلا دلالة فيها على جواز الاكتفاء بما لا إعادة مع تذكره في صورة العمد.

وتعارض مستند الثاني مع صحيحة البزنطي : التشهد الذي في الثانية يجزئ أن أقول في الرابعة؟ قال : « نعم » (١).

دلّت على كفاية ما للثانية للرابعة ، ولا يمكن أن يكون هو الشهادة الواحدة باتفاق الخصم ، فيجب الاثنتان في الأولى أيضا ، وبعد تعارضهما تبقى المطلقات المتقدّمة خالية عن المعارض.

ثمَّ أقلّ الواجب من الشهادتين : « أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله » على الأظهر ، وفاقا لظاهر النافع والدروس واللمعة (٢).

لصحيحة محمّد المتقدمة ، المؤيّدة بالرضوي : « فإذا حضر التشهد جلست تجاه القبلة بمقدار ما تقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، فإذا فعلت ذلك فقد تمّت صلاتك » (٣).

وبصحيحة زرارة السابقة المنضمّة مع الإجماع المركّب.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٠١ ـ ٣٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ ـ ١٢٨٧ ، الوسائل ٦ : ٣٩٧ أبواب التشهد ب ٤ ح ٣.

(٢) المختصر النافع : ٣٢ ، الدروس ١ : ١٨٢ ، اللمعة ( الروضة ١ ) : ٢٧٦.

(٣) فقه الرضا (ع) : ١٥٠ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٥١٩ أبواب صلاة الخوف والمطاردة ب ٣ ح ٢.

٣٢٧

وبموثقة عبد الملك (١) ، والمروي في الخصال (٢).

وجعلهما دليلين باطل ، لتضمنهما ما لا يجب بالإجماع. والقول بأنّ خروج البعض عن الوجوب بدليل لا يضرّ في وجوب الباقي ، إنّما يصح في العمومات دون مثل ذلك.

واحتمال كون المراد من المرّتين في الصحيحة التشهدين دون الشهادتين ، غير ضائر في دلالتها على الوجوب ، كما أنّ عدم تعرضها لذكر الصلاة على النبي لا يوهن في دلالتها على وجوب الشهادتين.

ثمَّ بهذه الصحيحة ـ لكونها مقيدة ـ تقيّد المطلقات المتقدمة.

فالقول بمقتضاها ، وكفاية الشهادتين ولو بدون قوله : وحده لا شريك له ، وقوله : عبده كما في نهاية الشيخ والسرائر والشرائع والمنتهى والقواعد وشرح القواعد (٣) ، والمعتمد لوالدي قدس‌سره ، بل كثير من الأصحاب كما في شرح القواعد (٤) ، بل المشهور كما في الحدائق (٥) والمعتمد ، بل ظاهر الأصحاب كما في الذكرى (٦) ، أو التردد بين كفاية المطلق ولزوم المقيّد كما في التذكرة (٧) ، وعن نهاية الإحكام (٨) وتهذيب النفس للفاضل.

غير جيّد ، لوجوب حمل المطلق على المقيّد والمجمل على المفصّل.

والقول بصراحة المطلق لتصريحه بأنّه أدنى ما يجزئ وهو صريح في العدم ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٢ ـ ٩٤٤ ، الوسائل ٦ : ٣٩٣ أبواب التشهد ب ٣ ح ١.

(٢) الخصال : ٦٢٩ ، الوسائل ٦ : ٤١٢ أبواب التشهد ب ١٣ ح ٥.

(٣) النهاية : ٨٣ ، السرائر ١ : ٢٤١ ، الشرائع ١ : ٨٨ ، المنتهى ١ : ٢٩٢ ، القواعد ١ : ٣٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٣١٨.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٣١٨.

(٥) الحدائق ٨ : ٤٤٤.

(٦) الذكرى : ٢٠٤.

(٧) التذكرة ١ : ١٢٦.

(٨) نهاية الإحكام ١ : ٥٠٠.

٣٢٨

وظهور المقيّد ، لأنّ غايته الأمر الظاهر في الوجوب ، والظاهر لا يقاوم الصريح.

باطل ، لمنع الصراحة ، فإنّ الشهادتين فيها لا يزيد على الظهور في الإطلاق ، بل ليس ظاهرا في عدم وجوب فرد مخصوص من الشهادة أيضا وإنما هو بالأصل الغير المقاوم لظاهر أصلا.

ومن ذلك يظهر عدم معارضة موثقة أبي بصير (١) ـ الفاقدة للفظ : « أشهد » الثاني في التشهد الأول ـ للصحيحة أيضا ، إذ غايتها عدم التعرض وهو لما تعرض له غير معارض ، مع أنّ الرواية متضمّنة لزيادات وللفظ أشهد في موضع آخر فيمكن أن يكون هو المجزئ عن لفظ : « أشهد » الثاني في أوّل الشهادة الثانية ، فيكون مخيّرا بين ما في الصحيحة والموثّقة.

وأمّا رواية الحسن بن الجهم : عن رجل صلّى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة ، فقال : « إن كان قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله فلا يعيد ، وإن كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد » (٢).

فهي وإن كانت معارضة لها إلاّ أنّها أعمّ منها باعتبار شمولها لما إذا اقتصر على ما فيها ، أو زاد عليها ما في الصحيحة أيضا ، فلتخصّص بالصحيحة ، كما تخصّص بالنسبة إلى الصلوات أيضا على القول ببطلان الصلاة بالحدث قبلها.

على أنّ غايتها عدم وجوب الإعادة لو قال الشهادتين بدون الزيادة ، وهو لا ينفي وجوب الزيادة ، لجواز أن يجب أن يتلفّظ في التشهد بها وإن لم تجب إعادة الصلاة إذا سبقها الحدث بعد حصول ماهية الشهادتين ، فتأمّل.

المسألة الثالثة : وتجب فيه الصلاة على النبي وآله‌ في كلّ من التشهدين على الأظهر الأشهر ، بل في الناصريات والمنتهى والتذكرة وشرح‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٩ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ٦ : ٣٩٣ أبواب التشهد ب ٣ ح ٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٤ ـ ١٤٦٧ ، الاستبصار ١ : ٤٠١ ـ ١٥٣١ ، الوسائل ٧ : ٢٣٤ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٦.

٣٢٩

القواعد (١) ، والمعتمد ، وعن الخلاف والغنية والمعتبر والذكرى : الإجماع عليه (٢).

لصحيحة ابن أذينة أو حسنته الواردة في بدو الأذان ، وفيها بعد تمام السجدة الرابعة : « اجلس فجلس فأوحى الله إليه : يا محمّد إذا ما أنعمت عليك فسمّ باسمي ، فالهم أن قال : بسم الله وبالله ولا إله إلاّ الله والأسماء الحسنى كلّها لله ، ثمَّ أوحى الله إليه : يا محمّد صلّ على نفسك وعلى أهل بيتك » الحديث (٣).

وصحيحة زرارة وأبي بصير الواردة في زكاة الفطرة ، وفيها : « ومن صلّى ولم يصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له » (٤).

ولا يضرّ تشبيه زكاة الفطرة فيها بالصلاة في أنّها من تمام الصوم كما أنّ الصلاة على النبي من تمام الصلاة مع عدم توقف قبول الصوم على الزكاة ، لأنّ التشبيه لا يدل على المشابهة في جميع الأحكام ، مع أنّ المشبّه به يكون لا محالة أقوى من المشبّه ، مضافا إلى أنّ غايته عدم تمامية الاستدلال بهذا الجزء ، وهو لا يوهن الاستدلال بما ذكرنا من ذيله.

وفي اخرى : « إنّ الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمام الصلاة ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٥).

وفي رواية أخرى منجبرة نقلها بعضهم : « من صلّى ولم يصلّ فيها عليّ وعلى آلي لم تقبل منه تلك الصلاة » (٦).

__________________

(١) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٨ ، المنتهى ١ : ٢٩٣ ، التذكرة ١ : ١٢٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٣١٩.

(٢) الخلاف ١ : ٣٦٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨ ، المعتبر ٢ : ٢٦٦ ، الذكرى : ٢٠٤.

(٣) الكافي ٣ : ٤٨٢ الصلاة ب ١٠٥ ح ١ ، علل الشرائع : ٣١٢ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٤) التهذيب ٢ : ١٥٩ ـ ٦٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٨ ـ ٣١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤٣ ـ ١٢٩٢ ، الوسائل ٦ : ٤٠٧ أبواب التشهد ب ١٠ ح ٢.

(٥) الفقيه ٢ : ١١٩ ـ ٥١٥ ، المقنعة : ٢٦٤ ، الوسائل ٦ : ٤٠٧ أبواب التشهد ب ١٠ ح ١.

(٦) متشابه القرآن ٢ : ١٧٠ ، مستدرك الوسائل ٥ : ١٥ أبواب التشهد ب ٧ ح ٤.

٣٣٠

وقد يستدل بالآية ( صَلُّوا عَلَيْهِ ) (١) ورواية محمّد بن هارون وما بمضمونها : « إذا صلّى أحدكم ولم يذكر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنّة » (٢).

وفيهما نظر ، لعدم دلالة الأمر بالصلاة على قول الصلاة ، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة عند نزول الآية ، وعدم دلالة وجوب الذكر على وجوب الصلاة فلعلّه تسميته في التشهد.

وغير الاولى من هذه الأخبار وإن كانت مطلقة غير معيّنة لموضع الصلاة في الصلاة ، إلاّ أنّ الاولى صريحة في تعيينها في التشهد ، فهي مضافة إلى عدم قول بوجوبها في غيره أصلا تعيّن موضعها.

هذا ، مضافا إلى الأخبار المتكثرة المصرّحة بوجوب الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّما ذكر اسمه (٣) كما يأتي ، فلو لا عموم الوجوب بدليل لا أقلّ من وجوبها في التشهدين لعدم المخرج فيهما قطعا.

ولا يرد خروج الأكثر ، إذ لم يعلم تحقق الأكثر من ذكره في التشهد ، فإنّه يذكره كل أحد في كلّ يوم تسع مرّات لا محالة ، وبه يثبت الوجوب في التشهدين معا ، فلا يضرّ عدم ثبوته من الأخبار المتقدمة.

ويستفاد من الروايتين الاولى والأخيرة وجوب إضافة الآل أيضا كما عليه الإجماعات المحكية ، وتدلّ عليه صحيحة القدّاح : « سمع أبي رجلا متعلّقا بالبيت وهو يقول : اللهم صلّ على محمّد ، فقال له أبي : يا عبد الله لا تبترها لا تظلمنا حقنا ، قل : اللهم صلّ على محمّد وأهل بيته » (٤).

__________________

(١) الأحزاب : ٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٤٩٥ الدّعاء ب ٢٠ ح ١٩ ، المحاسن : ٩٥ ـ ٥٣ ، الوسائل ٦ : ٤٠٨ أبواب التشهد ب ١٠ ح ٣.

(٣) انظر : الوسائل ٧ : ٢٠١ أبواب الذكر ب ٤٢.

(٤) الكافي ٢ : ٤٩٥ الدعاء ب ٢٠ ح ٢١ ، الوسائل ٧ : ٢٠٢ أبواب الذكر ب ٤٢ ح ٢.

٣٣١

وصحيحة الحلبي : أسمّي الأئمة في الصلاة؟ قال : « أجملهم » (١).

الأمر دلّ على الوجوب ، ولا وجوب في غير موضع النزاع بالإجماع.

خلافا للمحكي عن الصدوق ، فلم يذكر في شي‌ء من كتبه الصلاة في شي‌ء من التشهدين ، للأصل ، والأخبار المصرّحة بإجزاء الشهادتين (٢) ، وخلوّ كثير من الأخبار عنها ، وتجويز الانصراف بعد الشهادتين في صحيحة محمّد السابقة (٣) ، والتصريح في صحيحة الفضلاء المتقدمة (٤) بأنّه إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته.

وعن والده فلم يذكرها في الأول (٥) ، ولعلّه لما مرّ من الإطلاقات ، واختصاص الصحيحة الأولى بالتشهد الأخير.

وعن الإسكافي فاكتفى بها في أحدهما (٦) ، ولعلّه للإطلاق ، مع ضميمة الإجماع على عدم الوجوب في غير التشهد ، وعدم صراحة الصحيحة في اختصاص الوجوب بالأخير لاتحاد الأول والأخير في صلاة النبي.

ويجاب عن أدلّة الأول : بضعف الأصل بما مرّ ، وعدم دلالة أخبار الإجزاء إلاّ عن الإجزاء عن التشهد فيحتمل أن تكون الصلاة خارجة عنه ، وعدم تصريح الصحيحة بالانصراف بعد التشهد بلا فصل ، بل أتى بلفظة : « ثمَّ » الدالة على التراخي ، فلعلّه بعد الصلاة على النبي وآله وإن لم تكن مذكورة فيها ، مع احتمال إرادة الانصراف من التشهد دون الصلاة ، ويؤكده عدم اختصاصها بالتشهد الأخير بل لا يضرّ لو أريد الانصراف من الصلاة لاحتمال خروج الصلاة على النبي‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٨ و ٣١٢ ـ ١٤١٨ ، التهذيب ٢ : ٣٢٦ ـ ١٣٣٨ ، الوسائل ٦ : ٢٨٥ أبواب القنوت ب ١٤ ح ١.

(٢) انظر : الوسائل ٦ : أبواب التشهد ب ٤ و ٥.

(٣) في ص ٣٢٤ الرقم ٣.

(٤) في ص ٣٢٣ الرقم ٣.

(٥) حكاه عنه في الذكرى : ٢٠٤.

(٦) حكاه عنه في المدارك ٣ : ٤٢٦.

٣٣٢

عنها كالتسليم.

ومنه يظهر ضعف التمسك بصحيحة الفضلاء.

مع أنّ لنا أن نقول ـ على وجوب الصلاة على النبي وآله كلّما ذكر ـ : إنّه لا يحصل الفراغ من الشهادتين المشتملتين على اسمه الشريف إلاّ بعد الصلاة عليه أيضا.

وعن دليل الثاني : بمنع اختصاص الصحيحة بالتشهد الأخير كما مرّ وجهه ، مضافا إلى أنّ أحد أدلّة وجوبها وهو وجوبها عند ذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جار في التشهدين معا.

ومنه يظهر الجواب عن دليل الثالث أيضا.

وهل ينحصر وجوبها في لفظ : « اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد » أم يجوز كل ما أدّى مؤدّاه؟.

الظاهر : الثاني ، للأصل ، وصحيحة بدو الأذان.

وهي جزء للصلاة إجماعا ، له ، ولقوله في الأحاديث المتقدمة : « إنّها من تمام الصلاة » وتمام الشي‌ء جزؤه ، و : « إنّ من تركها لا صلاة له » ولا تنتفي حقيقة الشي‌ء إلاّ بانتفاء جزئه.

ولصحيحة الحلبي : « كلّ ما ذكرت الله [ به ] والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة ، فإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت » (١).

بل جزء من التشهد أيضا على ما هو ظاهر الأكثر حيث عدّوها من الواجبات في التشهد ، بل هو الظاهر من أكثر الإجماعات المحكية ، فإن ثبت الإجماع فهو وإلاّ فالأصل يقتضي عدمه.

وتظهر الفائدة في وجوب الجلوس بها ، ويمكن إثباته باستصحاب وجوب الجلوس ، فتأمّل.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٣ ، الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم ب ٤ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٣٣٣

المسألة الرابعة : يستحب أن يزيد في تشهده في الركعتين الأوليين ما في رواية عبد الملك : « الحمد لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته وارفع درجته » (١).

والأكمل منه للتشهدين ما في موثقة أبي بصير : « إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الربّ ، وأنّ محمّدا نعم الرسول ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وتقبّل شفاعته في أمّته وارفع درجته. ثمَّ تحمد الله مرّتين أو ثلاثا ، ثمَّ تقوم ، فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الرب ، وأنّ محمّدا نعم الرسول ، التحيّات لله ، والصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله ، ما طاب وزكا وطهر وخلص وصفا فلله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنّ ربّي نعم الربّ ، وأنّ محمّدا نعم الرسول ، وأشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، الحمد لله ربّ العالمين ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، وسلّم على محمّد وآل محمّد ، وترحّم على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ، ربّنا إنّك رؤوف رحيم ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وامنن عليّ بالجنّة وعافني من النار ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٢ ـ ٣٤٤ ، الوسائل ٦ : ٣٩٣ أبواب التشهد ب ٣ ح ١.

٣٣٤

اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلاّ تبارا. ثمَّ قل : السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرّبين ، السلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيّين لا نبيّ بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثمَّ تسلّم » (١).

أو ما في الفقه الرضوي ، قال : « فإذا تشهّدت في الثانية فقل : بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة. ولا تزيد على ذلك ، ثمَّ انهض إلى الثالثة » إلى أن قال : « فإذا صلّيت الركعة الرابعة فقل في تشهّدك : بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، التحيّات لله ، والصلوات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات التامّات الناعمات المباركات الصالحات لله ، ما طاب وزكا وطهر ونما وخلص [ فلله ] وما خبث فلغير الله ، أشهد أنّك نعم الربّ ، وأنّ محمّدا نعم الرسول ، وأنّ عليّ بن أبي طالب نعم الولي ، وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ والموت حقّ والبعث حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، وبارك على محمّد وعلى آل محمد ، وارحم محمّدا وآل محمّد ، أفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت وسلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد ، اللهم صلّ على محمّد المصطفى ، وعليّ المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين ، وعلى الأئمة الراشدين من آل طه وياسين ، اللهم صلّ على نورك الأنور ، وعلى حبلك الأطول ، وعلى عروتك الأوثق ، وعلى وجهك الأكرم ، وعلى‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٩ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ٦ : ٣٩٣ أبواب التشهد ب ٣ ح ٢ ، وليس فيه كلمتا « وللمؤمنين والمؤمنات » الثانيتان.

٣٣٥

جنبك الأوجب ، وعلى بابك الأدنى ، وعلى مسلك الصراط ، اللهم صلّ على الهادين المهديّين الراشدين الفاضلين الطيّبين الطاهرين الأخيار الأبرار ، اللهم صلّ على جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، وعلى ملائكتك المقرّبين وأنبيائك المرسلين ورسلك أجمعين من أهل السماوات والأرضين ، وأهل طاعتك أكتعين ، واخصص محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأفضل الصلاة والتسليم ، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيّبين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ثمَّ سلّم » (١).

ثمَّ إنّه لا شك في جواز الاكتفاء في التشهد بما في رواية. وهل يجوز التبعيض بأن يذكر بعض ما في رواية واحدة فيه؟.

لا ريب في جوازه من حيث إنّه دعاء ، وأمّا من حيث وروده واستحبابه بخصوصه فمحلّ نظر ، نعم يجوز الاكتفاء بأحد التشهدين بأن يذكر ما ورد فيه دون الآخر ، ويجوز الاكتفاء بافتتاح التشهد خاصة كما في رواية بدو الأذان (٢).

المسألة الخامسة : يستحب التورّك في التشهد ، وإسماع الإمام إيّاه من خلفه كما مرّ ، ووضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى واليسرى على اليسرى مبسوطتين مضمومتين ، وظاهر تهذيب النفس الإجماع عليه ، والنظر إلى حجره.

ختام :

هل تجب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث ما ذكر أم تستحب؟

المشهور : الثاني ، بل في الناصريّات والخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة : الإجماع على عدم الوجوب (٣).

__________________

(١) فقه الرضا « ع » : ١٠٨ وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) المتقدمة في ص ٣٣٠.

(٣) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٩ ، الخلاف ١ : ٣٧٠ ، المعتبر ٢ : ٢٢٦ ، المنتهى ١ : ٢٩٣ ، التذكرة ١ : ١٢٥.

٣٣٦

وعن كنز العرفان القول بالوجوب (١) ، واختاره من مشايخنا المحدّثين صاحب الحدائق ، ونقله عن الصدوق ، وشيخنا البهائي في مفتاح الفلاح ، والمحدّث الكاشاني في الوافي ، والصالح المازندراني في شرح أصول الكافي ، وبعض مشايخه البحرانيين (٢).

وقال المقدّس الأردبيلي في آيات الأحكام : ويحتمل وجوب الصلاة عليه كلّما ذكر ، كما دلّ عليه بعض الأخبار ـ إلى أن قال : ـ ويمكن اختيار الوجوب في كل مجلس مرّة إن صلّى آخرا ، وإن صلّى ثمَّ ذكر يجب أيضا كما في تعدّد الكفارة بتعدد الموجب إذا تخلّلت ، وإلاّ فلا (٣).

احتج الموجبون بأدلّة عمدتها الأخبار ، وأظهرها دلالة وأصحّها سندا صحيحتا زرارة ، وفيهما : « وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّما ذكرته ، أو ذكره ذاكر عندك ، في الأذان أو غيره » (٤).

وأمّا غيرهما من الأخبار فلا يخلو من قصور في الدلالة أو السند كما لا يخفى على المتأمل فيها (٥).

واحتج الآخرون بالإجماعات المتقدّمة ، وإطباق جلّ القدماء والمتأخرين ومعظمهم على انتفاء الوجوب ، بل كلّ القدماء.

وأمّا الصدوق فليس وجه لنسبته إليه إلاّ ذكره بعض الأحاديث المتضمّنة للأمر في كتابه ، وكون كلّ أمر للوجوب عنده غير معلوم ، ولذا ترى كتابه مشحونا بالأوامر الغير المحصورة في الأدعية والآداب من غير ذكر معارض ، ولم ينسب أحد‌

__________________

(١) كنز العرفان ١ : ١٣٣.

(٢) انظر الحدائق ٨ : ٤٦٠.

(٣) زبدة البيان : ٨٥.

(٤) الاولى : الفقيه ١ : ١٨٤ ـ ٨٧٥ ، الوسائل ٥ : ٤٥١ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٢ ح ١.

الثانية : الكافي ٣ : ٣٠٣ الصلاة ب ١٨ ح ٧ ، الوسائل ٥ : ٤٥١ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٢ ح ١.

(٥) انظر : الوسائل ٧ : ٢٠١ أبواب الذكر ب ٤٢.

٣٣٧

غيره القول بوجوبه إليه.

ولزوم العسر والحرج غالبا ، سيّما إذا وجبت مع ذكر اسمه العلمي واللقبي والوصفي والضمير العائد إليه ، كما هو مقتضى الصحيحتين.

وعدم ذكرها في أكثر الأدعية المشتملة على اسمه الشريف مع تكثرها غاية الكثرة.

وذكره في القرآن في مواضع كثيرة مع عدم تعرّضهم لوجوب الصلاة كما تعرّضوا لوجوب السجدات.

واقتضاء وجوبها اشتهارها أكثر من ذلك ، حيث إنّ الغالب في الأذانات الإعلامية سماعها جماعة غير محصورة سيّما في البلدان.

أقول : لا شك في أنّ مقتضى الصحيحتين الوجوب مطلقا ، إلاّ أنّ مخالفتهما لإجماع القدماء ولا أقلّ من الشهرة العظيمة بينهم تدخل عمومهما في حيّز الشذوذ ، فالحكم بمقتضى عمومهما والإفتاء به في غاية الإشكال ، والاحتياط لا يترك في شي‌ء من الأحوال.

ثمَّ الوجوب أو الاستحباب ـ على الاختلاف ـ هل يختصّ بذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسمه العلمي وهو محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأحمد ، أو يتعدّى إلى لقبه وكنيته بل وضميره الراجع إليه؟

صرّح الشيخ البهائي بالتعدّي إلى الأوّلين قطعا ، وإلى الأخير إمكانا ، والمحدّث الكاشاني في خلاصة الأذكار بالتعدّي إلى الثلاثة (١).

وفصّل صاحب الحدائق فتعدّى إلى ما استمرت تسميته وتوصيفه به واشتهرت في الإطلاق ، كالمصطفى والنبي والرسول وأبي القاسم ونحوها ، دون ما ليس كذلك كالمختار وخير الخلق وخير البريّة ، والضمائر (٢).

__________________

(١) حكاه عنه في الحدائق ٨ : ٤٦٤.

(٢) الحدائق ٨ : ٤٦٤.

٣٣٨

والحقّ التعدّي إلى الكل ، لصدق ذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه يحصل بالكلّ ذكره. نعم لا يتعدّى إلى ما يذكر في ضمن الصلاة عليه بعد ذكره ، لخروجه بالقرينة الحاليّة ولزوم التسلسل.

وهل وجوبه أو استحبابه فوري أم لا؟

الأظهر : الثاني ، للأصل.

ولا يدل قوله : « كلّما ذكرته » على الفورية ، لأنّ التوقيت المستفاد من لفظة : « ما » يمكن أن يكون مختصّا بالذكر دون الصلاة.

ولو تكرّر الذكر يكتفي للجميع بصلاة واحدة ، إلاّ أن تكرّر بعد الصلاة فتكرّر هي أيضا.

* * *

٣٣٩

البحث الثامن

في التسليم

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : التسليم واجب في الصلاة على الأصح ، وفاقا للسيّد في الناصريات والمحمدية (١) ، والعماني والراوندي والديلمي وصاحب الفاخر وأبي الصلاح وابن زهرة (٢) ، والبشرى والمعتبر والوسيلة والشرائع والنافع والمنتهى والتبصرة والمهذب والتنقيح والإيضاح لفخر المحقّقين واللمعة والدروس والمعتمد ـ لوالدي العلاّمة ـ والحدائق (٣) وغيرها (٤) ، وهو مختار أكثر مشايخنا المعاصرين (٥) ، بل قال بعض من تأخر : إنّه الأشهر (٦). وعن الأمالي : أنّه من دين الإمامية الذي يجب الإقرار به (٧). ونسبه والدي في المعتمد إلى أكثر الطبقة الثانية.

وقيل : وفي الناصريات الإجماع عليه من كل من جعل التكبير جزءا من‌

__________________

(١) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٥ ، نقله عن المحمدية في المختلف : ٩٧.

(٢) نقله عن العماني في المختلف : ٩٧ ، وعن الراوندي في الحبل المتين : ٢٥٥ ، الديلمي في المراسم : ٦٩ ، نقله عن صاحب الفاخر في الذكرى : ٢٠٦ ، أبو الصلاح في الكافي : ١١٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.

(٣) نقله عن البشرى في الذكرى : ٢٠٨ ، المعتبر ٢ : ٢٣٣ ، الوسيلة : ٩٦ ، الشرائع ١ : ٨٩ ، النافع : ٣٣ ، المنتهى ١ : ٢٩٥ ، التبصرة : ٢٨ ، المهذب البارع ١ : ٣٨٧ ، التنقيح ١ : ٢١١ ، الإيضاح ١ : ١١٥ ، اللمعة ( الروضة ١ ) : ٢٧٧ ، الدروس ١ : ١٨٣ ، الحدائق ٨ : ٤٧١.

(٤) انظر : الجامع للشرائع : ٨٤ ، والبيان : ١٧٦ ، والحبل المتين : ٢٥٥ ، والمفاتيح ١ : ١٥٢.

(٥) كالبهبهاني في حاشية المدارك ( المدارك الحجري ) : ١٧٥ ، والسيّد بحر العلوم في الدرّة النجفية : ١٤٤.

(٦) انظر : الرياض ١ : ١٧٢.

(٧) أمالي الصدوق : ٥١٢.

٣٤٠