مستند الشّيعة - ج ٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-80-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٥

صلاته؟! » وروي : « ما زكت صلاة لم يقرأ فيها بقل هو الله أحد » إلى آخر السؤال.

التوقيع : « الثواب في السورة على ما قد روي ، وإذا ترك سورة ممّا فيها الثواب وقرأ قل هو الله أحد وإنّا أنزلناه لفضلهما اعطي ثواب ما قرأ وثواب السورة التي ترك ، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين وتكون صلاته تامّة ، ولكنّه يكون قد ترك الأفضل » (١).

وتؤيّده بل تدل عليه رواية منصور : « من مضى به يوم واحد فصلّى فيه الخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد قيل له : يا عبد الله لست من المصلّين » (٢).

ومرسلة الفقيه ، ورواية رجاء بن ضحّاك ، ورواية الصائغ المرويتان في العيون :

الاولى : حكى من صحب الرضا عليه‌السلام إلى خراسان أنّه كان يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد وإنا أنزلناه ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد (٣).

والثانية : كان الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان قراءته في جميع المفروضات في الأولى الحمد وإنّا أنزلناه ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، إلاّ في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة فإنّه كان يقرأ فيها بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة في الأولى الحمد وسورة الجمعة وفي الثانية الحمد وسبّح اسم ربّك الأعلى ، وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الأولى الحمد وهل أتى على الإنسان ، وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية (٤).

__________________

(١) الغيبة : ٢٣١ ، الاحتجاج : ٤٨٢ ، الوسائل ٦ : ٧٩ أبواب القراءة ب ٢٣ ح ٥.

(٢) الكافي ٢ : ٦٢٢ فضل القرآن ب ١٣ ح ١٠ ، المحاسن : ٩٦ ـ ٥٦ ، ثواب الأعمال : ١٢٧ ، الوسائل ٦ : ٨٠ أبواب القراءة ب ٢٤ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٢ ـ ٩٢٣ ، الوسائل ٦ : ٧٩ أبواب القراءة ب ٢٣ ح ٣.

(٤) عيون اخبار الرضا ٢ : ١٨٠ ، الوسائل ٦ : ١٢١ أبواب القراءة ب ٥٠ ح ١ وص ١٥٦ ب ٧٠

١٨١

والثالثة : خرجت مع الرضا عليه‌السلام إلى خراسان ، فما زاد في الفرائض على الحمد وإنّا أنزلناه في الاولى ، والحمد وقل هو الله أحد في الثانية (١).

وأمّا الجمعة : فأمّا مغربها وعشاؤها فتستحب سورة الجمعة في الأولى منهما والأعلى في الثانية.

كذلك عند الشيخ في النهاية والمبسوط (٢) ، والصدوق والسيّد (٣) ، بل الأكثر كما قيل (٤) ، لرواية أبي بصير : « اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربك الأعلى ، وفي الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد » (٥) ونحوه روى في قرب الإسناد (٦).

وبتبديل الأعلى بالتوحيد في الثانية من الاولى عند الشيخ في المصباح والاقتصاد (٧) ، لرواية الكناني : « إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة وقل هو الله أحد ، وإذا كانت العشاء الآخرة فاقرأ بالجمعة وسبح اسم ربّك الأعلى ، وإذا كانت صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة وقل هو الله أحد » (٨).

وبتبديلها بالمنافقين في الثانية من الثانية عند العماني (٩) ، لمرفوعة حريز وربعي : « إن كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا‌

__________________

ح ١٠ ، وفيهما : رجاء بن أبي الضحاك.

(١) عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٠٦.

(٢) النهاية : ٧٨ ، المبسوط ١ : ١٠٨.

(٣) الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠١ ، السيد في الانتصار : ٥٤.

(٤) انظر : المدارك ٣ : ٣٦٤.

(٥) الكافي ٣ : ٤٢٥ الصلاة ب ٧٦ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ٦ ـ ١٤ ، الاستبصار ١ : ٤١٣ ـ ١٥٨٢ ، الوسائل ٦ : ١١٨ أبواب القراءة ب ٤٩ ح ٢.

(٦) قرب الإسناد : ٣٦٠ ـ ١٢٨٧ ، الوسائل ٦ : ١٥٦ أبواب القراءة ب ٧٠ ح ١١.

(٧) مصباح المتهجد : ٢٣٠ ، الاقتصاد : ٢٦٢.

(٨) التهذيب ٣ : ٥ ـ ١٣ ، الوسائل ٦ : ١١٩ أبواب القراءة ب ٤٩ ح ٤.

(٩) حكاه عنه في المختلف : ٩٤.

١٨٢

جاءك المنافقون ، وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي العصر مثل ذلك » (١).

والأول وإن كان أشهر إلاّ أنّ لعدم التصريح في الروايتين بأنّه في الصلاة فيحتمل استحباب القراءة مطلقا ، يكون العمل بالروايتين الأخيرتين ، والقول باستحباب الجمعة في الأولى منهما والتوحيد في الثانية من الاولى ، والتخيير بين الأعلى والمنافقين في الثانية من الثانية ، أظهر وأولى.

إلاّ أن يجعل نفس الشهرة دليلا على المشهور فيحكم بالتخيير في ثانية الأولى بين التوحيد والأعلى ، وفي ثانية الثانية بينها وبين المنافقين.

وأمّا في غداتها ، فتستحب الجمعة في أولاها إجماعا نصّا وفتوى ، والتوحيد في ثانيتها عند الأكثر كما قيل (٢) ، لروايتي أبي بصير والكناني المتقدّمتين ، وصحيحة الحسين بن أبي حمزة : ما أقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة؟ فقال : « اقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بقل هو الله أحد ثمَّ اقنت حتى تكونا سواء » (٣).

والمنافقون فيها ، عند الصدوق والسيّد (٤) ، للمرفوعة السابقة ، والمروي في العلل صحيحا : « اقرأ سورة الجمعة والمنافقين فإنّ قراءتهما سنّة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر ، فلا ينبغي لك أن تقرأ غيرهما في الظهر ـ يعني يوم الجمعة ـ إماما كنت أم غير إمام » (٥).

والرضوي : « واقرأ في صلاة الغداة يوم الجمعة سورة الجمعة في الاولى وفي‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٧ ـ ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ١٥٨٥ ، الوسائل ٦ : ١١٩ أبواب القراءة ب ٤٩ ح ٣.

(٢) انظر : جامع المقاصد ٢ : ٢٧٤.

(٣) الكافي ٣ : ٤٢٥ الصلاة ب ٧٦ ح ٣ ، الوسائل ٦ : ١٢١ أبواب القراءة ب ٤٩ ح ١٠.

(٤) الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠١ ، السيد في الانتصار : ٥٤.

(٥) علل الشرائع : ٣٥٥ ـ ١ ، الوسائل ٦ : ١٢٠ أبواب القراءة ب ٤٩ ح ٦.

١٨٣

الثانية المنافقين » الحديث (١).

ومقتضى الجمع التخيير ، فهو كذلك.

وأمّا في صلاة الجمعة وظهرها وعصرها ، فبالجمعة في الاولى والمنافقين في الثانية إجماعا نصّا وفتوى في الجمعة ، لما ذكر.

وعلى الأظهر الأشهر في الظهر ، لرواية رجاء المتقدّمة ، وصحيحة العلل السابقة ، وصحيحة الحلبي : عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال : « نعم » وقال : « اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة » (٢).

ومن غير خلاف يعرف في العصر ، للمرفوعة السالفة ، وصحيحة الحلبي.

وجوبا عند الصدوق في الظهر والجمعة (٣) ، وعند السيّد في الجمعة خاصة (٤).

لأخبار دالّة عليه بظاهرها ، يمكن الذبّ عنها بأدنى عناية. مع وجوب الحمل على الاستحباب قطعا بقرينة المرفوعة المتقدمة ، وصحيحة علي : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا ، قال : « لا بأس بذلك » (٥).

والأخرى : عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيها؟ قال : « اقرأ بقل هو الله أحد » (٦).

__________________

(١) فقه الرضا (ع) : ١٢٨ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٢٠٧ أبواب القراءة ب ٣٧ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٢٥ الصلاة ب ٧٦ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ١٤ ـ ٤٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٣ ، الوسائل ٦ : ١٦ أبواب القراءة ب ٧٣ ح ٣.

(٣) المقنع : ٤٥.

(٤) الانتصار : ٥٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٧ ـ ١٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ١٥٨٦ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة ب ٧١ ح ١.

(٦) التهذيب ٣ : ٨ ـ ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ ـ ١٥٩٠ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة ب ٧١ ح ٢.

١٨٤

وصحيحة ابن سنان : في صلاة الجمعة « لا بأس بأن تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا » (١) والاستعجال أعمّ من الضرورة المبيحة وغيرها.

ورواية الأزرق : رجل صلّى الجمعة ، فقرأ سبّح اسم ربّك الأعلى وقل هو الله أحد ، قال : « أجزأه » (٢) إلى غير ذلك.

وهذه الأخبار ما بين صريحة وظاهرة في جواز الترك في الجمعة ، فكذلك في الظهر ، لعدم القول بالفرق إلاّ ما توهّم من تخصيص الصدوق الوجوب بالظهر (٣) ، وهو ليس كذلك.

مع أنّ الصحيحة الثانية صريحة في الظهر ، لأنّ جمعة السفر ظهر. بل يستفاد منها كون الظهر يطلق عليه الجمعة أيضا فيحتمل الاستناد إلى سائر الأخبار لعدم الوجوب في الظهر أيضا.

وهل الأفضلية المحكومة بها للقدر والتوحيد ثابتة في ليلة الجمعة ويومها أيضا أم لا؟

الظاهر : الاتفاق على العدم ، فبه تخصّص أخبار أفضليتهما المطلقة. مضافا إلى ظاهر رواية رجاء في الغداة والظهر والعصر ، وصحيحة العلل في الظهر والمستفيضة الآمرة بالرجوع عن التوحيد في صلاة الجمعة أو يوم الجمعة (٤).

ومنها : الإجهار في النوافل الليلية ، والإخفات في النهارية ، إجماعا منّا ، كما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٨ ـ ١٢٢٥ ، التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥٣ ، الوسائل ٦ : ١٥٧ أبواب القراءة ب ٧١ ح ٣.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ ـ ١٥٩٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٨ أبواب القراءة ب ٧١ ح ٥.

(٣) انظر : غنائم الأيام : ١٩٤.

(٤) انظر : الوسائل ٦ : ١٥٢ أبواب القراءة ب ٦٩.

١٨٥

في المنتهى وشرح القواعد وعن المعتبر والذكرى (١) وغيرها (٢) ، له ، وللنصوص ، منها : مرسلة ابن فضّال : « السنّة في صلاة النهار الإخفات ، والسنّة في صلاة الليل الإجهار » (٣).

ومنها : قراءة التوحيد ثلاثين مرّة في كل من الركعتين الأوليين من صلاة الليل ، وفاقا لجماعة (٤) ، لما رواه الشيخ في التهذيب ، والصدوق في المجالس (٥).

وعن المفيد والقاضي : التوحيد ثلاثون مرّة في الاولى ، والجحد كذلك في الثانية (٦) ، وربما احتمل كلام الحلّي أنّ به رواية (٧).

وقال جمع بقراءة التوحيد في الاولى والجحد في الثانية من غير تحديد (٨) ، وظاهرهم المرّة ، لمرسلة الكافي والتهذيب (٩).

ومنهم من عكس كذلك (١٠) ، ولم أعثر له على مستند. وقد يستند فيه إلى حسنة معاذ (١١) ، ولا دلالة لها عليه ، بل هي على عكسه أدلّ.

ومنها : إسماع الإمام من خلفه قراءته ، بل مطلق الأذكار التي لم يجب‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٧٨ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٧٥ ، المعتبر ٢ : ١٨٤ ، الذكرى : ١٩٤.

(٢) كالمختصر النافع : ٣١ ، والمفاتيح ١ : ١٣٦ ، والرياض ١ : ١٦٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٨٩ ـ ١١٦١ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٥ ، الوسائل ٦ : ٧٧ أبواب القراءة ب ٢٢ ح ٢.

(٤) منهم العلامة في التذكرة ١ : ١١٨ ، ونهاية الإحكام ١ : ٤٧٨ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٧٥.

(٥) التهذيب ٢ : ١٢٤ ـ ٤٧٠ ، أمالي الصدوق : ٤٦٢ ـ ٥ ، الوسائل ٦ : ١٢٩ و ١٣٠ أبواب القراءة ب ٥٤ ح ١ و ٢.

(٦) المفيد في المقنعة : ١٢٢ ، القاضي في المهذب ١ : ١٣٥.

(٧) السرائر ١ : ٣٠٧.

(٨) النهاية : ١٢٠ ، مفاتيح الشرائع ١ : ١٣٧.

(٩) الكافي ٣ : ٣١٦ الصلاة ب ٢١ ح ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٧٤ ـ ٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٦٥ أبواب القراءة ب ١٥ ح ٢.

(١٠) نقله في الذكرى : ١١٥ عن موضع من الرسالة.

(١١) الكافي ٣ : ٣١٦ الصلاة ب ٢١ ح ٢٢ ، الفقيه ١ : ٣١٤ ـ ١٤٢٧ ، التهذيب ٢ : ٧٤ ـ ٢٧٣ ، الخصال : ٣٤٧ ـ ٢٠ ، الوسائل ٦ : ٦٥ أبواب القراءة ب ١٥ ح ١.

١٨٦

إخفاتها ، ما لم يبلغ العلوّ المفرط.

أمّا الأول ، فللإجماع ، كما في المنتهى والمدارك (١) ، وصحيحة أبي بصير : « ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول ، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا ممّا يقول » (٢).

خرج ما يجب إخفاته فبقي الباقي.

ويتأكد في الشهادتين ، للصحيحين الآتيين في بحث الجماعة (٣).

وأمّا الثاني ، فلما مرّ من النهي عن العلوّ المفرط.

ومنها : أن يسأل الرحمة إذا قرأ آية تشتمل عليها ، ويستعيذ من النقمة إذا قرأ آية تتضمنها ، للعمومات (٤) ، وخصوص الموثقة (٥) ، والمرسلة (٦).

وكذا المأموم إذا سمعها ، لحسنة الحلبي (٧).

ومنها : السكوت بقدر تنفّس بعد القراءة وقبل تكبيرة الركوع ، لرواية حمّاد الحاكية لصلاة الصادق عليه‌السلام (٨). بل بعد الحمد وقبل السورة أيضا ، لرواية ابن عمّار (٩). بل بعد تكبيرة الافتتاح وقبل الحمد أيضا ، للمروي في الخصال (١٠).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٧٧ ، المدارك ٣ : ٣٧٠.

(٢) التهذيب ٢ : ١٠٢ ـ ٣٨٣ ، الوسائل ٨ : ٣٩٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٥٢ ح ٣.

(٣) وهما صحيحة البختري : الفقيه ١ : ٢٦٠ ـ ١١٨٩ ، الوسائل ٨ : ٣٩٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٥٢ ح ١ ، وصحيحة أبي بصير : التهذيب ٢ : ١٠٢ ـ ٣٨٢ ، الوسائل ٦ : ٤٠١ أبواب التشهد ب ٦ ح ٣.

(٤) انظر : الوسائل ٦ : ١٧٠ و ٢١٥ أبواب قراءة القرآن ب ٣ و ٢٧.

(٥) الكافي ٣ : ٣٠١ الصلاة ب ١٧ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٨٦ ـ ١١٤٧ ، الوسائل ٦ : ٦٩ أبواب القراءة ب ١٨ ح ٢.

(٦) التهذيب ٢ : ١٢٤ ـ ٤٧١ ، الوسائل ٦ : ٦٨ أبواب القراءة ب ١٨ ح ١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٢ الصلاة ب ١٧ ح ٣ ، الوسائل ٦ : ٦٩ أبواب القراءة ب ١٨ ح ٣.

(٨) الكافي ٣ : ٣١١ الصلاة ب ٢٠ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٢.

(٩) التهذيب ٢ : ٢٩٧ ـ ١١٩٦ ، الوسائل ٦ : ١١٤ أبواب القراءة ب ٤٦ ح ٢.

(١٠) الخصال : ٧٤ ـ ١١٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٢٠٥ أبواب القراءة ب ٣٤ ح ١.

١٨٧

وكونهما عاميين غير ضائر في مقام المسامحة.

والمستفاد من الأخير استحباب السكت بعد الحمد إذا قرأها في الركعتين الأخيرتين أيضا.

المسألة الرابعة والعشرون : يحرم قول آمين في آخر الحمد على الأشهر الأقوى ، بل كاد أن يكون إجماعا منّا ، بل عليه الإجماع في كلام جملة من علمائنا منهم الانتصار والمنتهى (١) ، وعن مجالس الصدوق (٢) ، والشيخين وابن زهرة (٣) ، والتحرير والنهاية (٤) ، ونهج الحقّ (٥).

لحسنة جميل : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد حتى فرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل آمين » (٦).

والمروي في الدعائم : وروينا عنهم عليهم‌السلام أن قالوا ـ إلى أن قال ـ : وحرّموا أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب : آمين كما يقوله العامة (٧).

وضعفه منجبر بما مرّ.

ويؤيده رواية الحلبي : أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : « لا » (٨).

__________________

(١) الانتصار : ٤٢ ، المنتهى ١ : ٢٨١.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ١٠٥ ، الطوسي في الخلاف ١ : ٣٣٢ ـ ٣٣٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.

(٤) التحرير ١ : ٣٩ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٦٥.

(٥) نهج الحق للعلاّمة (ره) : ٤٢٤.

(٦) الكافي ٣ : ٣١٣ الصلاة ب ٢١ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٧٤ ـ ٢٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ ـ ١١٨٥ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب القراءة ب ١٧ ح ١.

(٧) دعائم الإسلام ١ : ١٦٠ وفيه : وكرهوا أن يقال بعد فراغ فاتحة الكتاب آمين كما تقول العامة ، مستدرك الوسائل ٤ : ١٧٥ أبواب القراءة ب ١٣ ح ٣.

(٨) التهذيب ٢ : ٧٤ ـ ٢٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ ـ ١١٨٦ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب القراءة ب ١٧ ح ٣.

١٨٨

والحسن المروي في العلل : « ولا تقولنّ إذا فرغت من قراءتك : آمين » (١).

والاحتجاج بهما لا يخلو عن شي‌ء ، لاحتمال الأخير النفي المفيد لمطلق المرجوحية ، وما قبله نفي الرجحان.

والأظهر بطلان الصلاة به أيضا كما هو المشهور ، لأنّ الكلام مبطل إلاّ ما ثبت جوازه ، والمحرّم غير جائز وإن كان دعاء.

لا لمنع كونه دعاء ـ كما قيل (٢) ـ من حيث إنّه اسم للدعاء ، ومع ذلك مشترك بينه وبين كونه من أسمائه سبحانه على قول بعض أهل اللغة (٣) ، أو من جهة أنّ الدعاء إنما يتحقق إذا قصد بالقراءة الطلب دون مطلق التعبّد ، فما لم يقصده لم يكن دعاء ، فيبطل ويتعدّى إلى صورة القصد بالإجماع المركّب.

ولا للإجماعات المنقولة على الإبطال.

ولا لاحتمال شرطية عدمه في صحة الصلاة فيستصحب الاشتغال.

أمّا الأوّل ، فلأنّ المراد بكونه اسما للفعل ـ كما صرّح به نجم الأئمة (٤) ـ أنه مفيد لمعناه ولا يتصرّف فيه تصرّف الفعل أي ليس فعلا ، لا أنّ معناه لفظ الفعل كما يقال : إنّ فعل الماضي معناه لفظ مثل ضرب ، لاستعماله في معناه ، والأصل عدم النقل ، فإنّ لفظة « آمين » استعملت في معنى الفعل في الأدعية كثيرا ، وكذا « صه » ورد لطلب السكوت في الأحاديث في موارد عديدة.

والاشتراك ـ لو سلّم ـ لا ينفي الجواز عند قصد المعنى الدعائي كما في سائر المشتركات ، مع أنّ ذكر اسمه سبحانه أيضا داخل في الذكر المستثنى.

ولا تتوقف دعائيته على قصد الطلب من القراءة ، لأنه نفسه طلب حاجة وهي الاستجابة كلّما دعي.

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٥٨ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٤ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٦.

(٢) انظر : التحرير ١ : ٣٩.

(٣) انظر : القاموس المحيط ٤ : ١٩٩ ، والمصباح المنير : ٢٥.

(٤) شرح الكافية : ١٧٨.

١٨٩

وأمّا الثاني ، فلمنع الحجية.

وأمّا الثالث ، فلأنه مبني على عدم جريان الأصل في شرائط العبادة ، وهو عندنا غير صحيح.

والظاهر اختصاص التحريم والإبطال بكونه بعد قراءة الفاتحة دون أثناء الصلاة مطلقا ، وفاقا لظاهر نهاية الشيخ والفقيه والشرائع والنافع والقواعد (١) ، للأصل ، واختصاص الروايات.

خلافا في الأول للمحكي عن الإسكافي والأردبيلي ، فكرهاه (٢) ، ومال إليه في المعتبر (٣) ، واحتمله في المدارك (٤) ، لصحيحة جميل : عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : « ما أحسنها واخفض الصوت بها » (٥).

بجعل « ما » نافية ، ومدخولها فعل متكلّم ، « وأخفض » فعل ماض وكلاما للراوي ، والضمير المجرور لكلمة ما أحسنها ، حيث إنّ مثل ذلك القول لا يستعمل ظاهرا إلاّ فيما يكون جائزا ومرجوحا فيدل على الكراهة.

أو بجعل « ما » استفهامية إنكارية ، والبواقي كما ذكر بالتقريب المتقدم.

أو بجعلها تعجبية ، ومدخولها فعل تعجب ، « واخفض » فعل أمر وكلاما للمعصوم أمر به للتخضع المطلوب في الدعاء سيّما طلب الإجابة ، فيدلّ على الاستحباب ، ويعارض ما دلّ على الترك ، ويتردّد بين الحرمة والاستحباب ، ولا شكّ أنّ الاحتياط في مثله الترك فيكون مكروها.

وبهذا التقريب ، أو لضعف روايات المنع ، أو اشتهار استعمال الأمر في‌

__________________

(١) النهاية : ٧٧ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ ، الشرائع ١ : ٨٣ ، المختصر النافع : ٣١ ، القواعد ١ : ٣٣.

(٢) حكاه عن الإسكافي في الدروس ١ : ١٧٤ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥.

(٣) المعتبر ٢ : ١٨٦.

(٤) المدارك ٣ : ٣٧٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ ـ ٢٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ ـ ١١٨٧ ، الوسائل ٦ : ٦٨ أبواب القراءة ب ١٧ ح ٥.

١٩٠

الشريعة في الندب احتجّ بعضهم بأصالة الجواز أيضا (١).

ويجاب عن الأول ـ بعد الإغماض عن عدم حجيته لشذوذه على جميع الاحتمالات ـ : بمنع إفادة الاحتمال الثاني للجواز ، بل يستعمل في الحرام أيضا ، فيقال لمدمن الخمر : ما أحسنه عندك؟! ومرجوحيته على الاحتمال الأخير عن معارضة بموافقة العامة (٢) ، ومخالفة الإجماع ، لعدم قول بالاستحباب ، ومثل ذلك لا يصلح للاحتجاج.

ويجاب عن الوجه الثاني : بمنع الضعف أوّلا ، وجبره بما مرّ ـ لو كان ـ ثانيا.

وعن الثالث : بأنّه لا يوجب صرف اللفظ عن حقيقته.

وفي الثاني للمدارك ، فلم تبطل الصلاة به على الحرمة أيضا ، لتعلق النهي بالخارج (٣).

ويجاب عنه : بأنّ الفساد ليس لمجرّد النهي بل مع ما ذكر.

وللخلاف وشرح القواعد (٤) ـ بل كل من استدل للتحريم بأنه من كلام الآدميّين وليس دعاء كالانتصار والمنتهى (٥) ، وغيرهما (٦) ، بل هو المشهور كما قيل (٧) ـ في الثالث ، فقالوا بتحريمه وإبطاله للصلاة في أثنائها مطلقا ، لظاهر بعض الإجماعات المنقولة.

وضعفه عندنا ظاهر.

* * *

__________________

(١) كما في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥.

(٢) انظر : الأم للشافعي ١ : ١٠٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٠٧ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٤٤.

(٣) المدارك ٣ : ٣٧٤.

(٤) الخلاف ١ : ٣٣٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨٤.

(٥) الانتصار : ٤٣ ، المنتهى ١ : ٢٨١.

(٦) كالتنقيح الرائع ١ : ٢٠٢ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨٤ ، روض الجنان : ٢٦٧.

(٧) انظر : كشف اللثام ١ : ٢١٦.

١٩١

البحث الخامس

في الركوع‌

وهو واجب في كلّ ركعة من الفرائض والنوافل شرعا وشرطا ، مرّة واحدة ، بالضرورة من الدين والأخبار المتواترة من الطاهرين (١) ، إلاّ في صلاة الآيات ، فيجب في كلّ ركعة منها خمس مرّات كما سيأتي في بحثها إن شاء الله. وركن في الجملة إجماعا ، ومطلقا على الأظهر الأشهر ، كما يأتي.

والكلام إمّا في واجباته أو مستحبّاته ، فهنا مقامان :

المقام الأوّل

في واجباته

وهي أمور تذكر في مسائل :

المسألة الأولى : يجب فيه الانحناء إجماعا وضرورة ، له ، ولأنّه معناه عرفا ولغة.

بقدر ما تصل يداه ركبتيه ويتمكّن من وضعهما عليهما ، بالإجماع المحقق ، والمحكي في المنتهى وشرح القواعد (٢) ، وعن المعتبر والشهيد (٣) ، وغيرهما (٤) ، له.

لا لصحيحتي زرارة : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك ، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وبلّع بأطراف أصابعك عين الركبة ، وفرّج‌

__________________

(١) انظر : الوسائل ٦ : ٣١٠ أبواب الركوع ب ٩ وص ٣١٢ ب ١٠.

(٢) المنتهى ١ : ٢٨٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨٣.

(٣) المعتبر ٢ : ١٩٣ ، الشهيد في الذكرى : ١٩٧.

(٤) كالحدائق ٨ : ٢٣٦.

١٩٢

أصابعك إذا وضعتهما على ركبتيك » (١).

وزاد في الأخرى : « فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك ، وأحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة ، وفرّج بينهما ، وأقم صلبك ، ومدّ عنقك ، وليكن نظرك ما بين قدميك » (٢) الحديث.

لأنّ قوله « وتمكّن راحتيك » محتمل للخبرية الغير الصريحة في الوجوب بل قوله : « وأحبّ إليّ » صريح في عدمه. و « بلّع » وإن كان أمرا إلاّ أنّ التبليع غير واجب إجماعا ، فهو على الندب محمول قطعا. وعدم الإجزاء المفهوم من قوله : « فإن وصلت .. » يمكن أن يكون عن المأمور به الاستحبابي في الركوع.

ولا للتأسّي ، لعدم وجوبه.

ولا لتوقف حصول البراءة اليقينية عليه ، لحصولها بما تيقّن الشغل به من الانحناء.

وهل الواجب وصول جزء من اليد ولو أطراف الأصابع إليها والزائد مستحب؟ كما عن الشهيد الثاني (٣) ، وبعض آخر من المتأخّرين (٤) ، بل عن البحار أنّه مذهب الأكثر (٥) ، وإليه ذهب والدي المحقق العلامة ـ طاب ثراه ـ في المعتمد مقيدا بوصول جزء من باطن أطرافها لا مطلقا ، بل هو محتمل كلّ من اكتفى بوصول اليدين إلى الركبتين كالمنتهى مدّعيا عليه الإجماع (٦) ، بل من قيّد بإمكان‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٩ الصلاة ب ٢٤ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٥ أبواب الركوع ب ١ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ الصلاة ب ٢٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٨ ، الوسائل ٥ : ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.

(٣) المسالك ١ : ٣١.

(٤) كصاحب الرياض ١ : ١٦٦.

(٥) البحار ٨٢ : ١١٩ ـ ١٢٠.

(٦) المنتهى ١ : ٢٨٥.

١٩٣

وضع اليدين أيضا ، كالسرائر والشرائع والقواعد والذكرى (١) ، لصدقه بوضع كلّ جزء من اليد ولو رأس الإصبع ، بل من ذكر الكفّين أيضا ، كالمعتبر والنافع والدروس (٢) ، لأنّ الكفّ مجموع ما تحت الزند فيصدق وضعها بوضع جزء منها ، ويؤيّده احتجاج المعتبر بالرواية الصريحة (٣) في الاكتفاء بوصول رؤوس الأصابع.

أو وصول الزائد عن رؤوسها بل عن الأصابع أيضا؟ كما هو ظاهر شرح القواعد (٤) ، بل كلّ من ذكر الراحة بل الكفّ (٥) ، ومال إليه في الذخيرة (٦) ، وقيل : إنّه ظاهر عبارة الأكثر (٧).

الحق هو الأوّل ، للأصل ، ومنطوق قوله : « فإن وصلت » في الصحيحة ، الخاليين عمّا يصلح للمعارضة سوى ما استدلّ به للقول الآخر من التأسي ، واستصحاب الشغل ، والأمر بتمكّن الراحة وتبليع عين الركبة بأطراف الأصابع ، أي التقامها المتوقف على وصول الزائد في الصحيحة (٨) ، ومل‌ء الصادق عليه‌السلام كفّيه من ركبتيه عند تعليم حمّاد كما في صحيحته (٩) ، وكونه المتبادر من إمكان وضع اليد المدّعى عليه الإجماع (١٠).

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٢٤ ، الشرائع ١ : ٨٤ ، القواعد ١ : ٣٤ ، الذكرى : ١٩٧.

(٢) المعتبر ٢ : ١٩٣ ، المختصر النافع : ٣١ ، الدروس ١ : ١٧٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ الصلاة ب ٢٤ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٥ أبواب الركوع ب ١ ح ١.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٢٨٣. إنما قيدنا بالظاهر لاحتمال أن يكون مراده باطن رؤوس الأصابع فيكون كلامه في الباطن دون نفس الرأس. منه رحمه الله تعالى.

(٥) كالشيخ في النهاية : ٧١ ، العلامة في التذكرة ١ : ١١٨ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧١.

(٦) الذخيرة : ٢٨١.

(٧) الرياض ١ : ١٦٦.

(٨) المتقدمة في ص ١٩٣.

(٩) الكافي ٣ : ٣١١ الصلاة ب ٢٠ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ ، ٤٦١ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

(١٠) كما في جامع المقاصد ٢ : ٢٨٣.

١٩٤

وتضعّف الثلاثة الأولى : بما مرّ.

والرابعة ـ بعد تسليم كون التبليع بالمهملة ـ : بمنع توقّفه على وصول الزائد عن الأصابع أوّلا ، والإجماع على عدم وجوبه ثانيا.

والخامسة : بعدم دليل فيها على الوجوب ، لاشتمال الرواية على كثير من المستحبّات.

والسادسة : بمنع التبادر وعدم كفايته لو سلّم ، لوقوع هذا الكلام في كلام بعض الفقهاء. وأمّا الإجماع المدّعى بعده ، فمع عدم حجيّته يحتمل تعلّقه بالتحديد المشترك بين التحديدين ، وهو ملاقاة اليدين الركبتين إمّا بالبلوغ ، أو الوضع ردّا على أبي حنيفة.

فروع :

أ : وجوب ما ذكر من الانحناء إنّما هو مختصّ بالرجل دون المرأة ، لاختصاص الإجماع بل سائر الأدلّة ـ لو تمّت ـ به. والاشتراك هنا غير مجمع عليه.

بل فتوى جماعة استحباب انحنائها أقلّ من ذلك (١) ، كما يأتي ، ويدلّ عليه الصحيح الآتي (٢) ، وبه يخصّ عموم باقي الأدلّة لو شملتها أيضا. وحمله على الاختلاف في وضع اليدين دون قدر الانحناء يأباه التعليل المذكور فيه.

ب : المعتبر الانحناء بقدر يمكن الوضع لو أراده ، ولا يجب الوضع على الأقوى الأشهر ، بل عليه الإجماع في بعض العبارات (٣) ، للأصل.

خلافا لبعض مشايخنا المحدّثين ، فأوجبه ، لظواهر الأخبار (٤).

__________________

(١) كما في السرائر ١ : ٢٢٤ ، والنفلية : ٢٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٥ الصلاة ب ٢٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٤ ـ ٣٥٠ ، الوسائل ٦ : ٤٦٢ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٤.

(٣) كما في الذكرى : ١٩٧.

(٤) انظر : البحار ٨٢ : ١٢٠.

١٩٥

ويردّ بعدم الدلالة على الوجوب ، كما يظهر وجهه ممّا مرّ.

ج : المعتبر إمكان الوضع بواسطة الانحناء ، فلا اعتبار بإمكانه بغيره كالانخناس (١) ، أو الجمع بينهما بحيث لو لا الانخناس لم يبلغ ، لعدم صدق الركوع.

د : مقطوع اليدين ينحني بقدر ما يصلان لو لا القطع ، استصحابا لما يجب قبله.

ومن كانت يداه قصيرتين ينحني بقدر مستوي الخلقة ، لعدم ثبوت الزائد من الإجماع الذي هو الأصل في المسألة.

ولو كانتا طويلتين ينحني حتى يصدق الركوع قطعا ، وهل يكفي مجرّد ذلك بعد وصول يديه ، أو يشترط الانحناء بقدر يصل مع استواء الخلقة؟.

مقتضى الأصل هو الأوّل ، والمصرّح به في كلماتهم هو الثاني ، قالوا : حملا لألفاظ النصوص على الغالب.

وفيه : أنّه لا نصّ على ذلك أصلا (٢) ، وإنّما الوارد التمكّن أو التبليع أو الوصول ، الغير الواجبة عندهم إجماعا.

هـ : العاجز عن الانحناء بالقدر المعتبر ينحني بالمقدور ، لأنّ الانحناء واجب ثابت بالنصوص (٣) ، والزائد عن مطلقه واجب آخر يثبته الإجماع أو أخبار أخر ، وسقوط أحدهما للعجز لا يوجب سقوط الآخر.

__________________

(١) الانخناس أن يخرج ركبته وهو مائل منتصب. منه رحمه الله تعالى.

(٢) في شرح الإرشاد للأردبيلي ، في طويل اليد : دليل الانحناء له بقدر مستوي الخلقة غير واضح ، ولا يبعد القول بالانحناء حتى تصل إلى الركبتين مطلقا ، نعم لو وصل بغير الانحناء يمكن اعتبار ذلك. ( مجمع الفائدة ٢ : ٢٥٦ ). منه رحمه الله تعالى.

(٣) انظر : الوسائل ٦ : ٣٣٤ أبواب الركوع ب ٢٨.

١٩٦

وعن مطلقه يومئ برأسه إجماعا ، له ، ولرواية الكرخي : « رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود؟ فقال : يومئ برأسه نحو القبلة إيماء » (١) بل للنصوص كما قيل (٢).

وعن الإيماء بالرأس يومئ بالعين بلا خلاف.

و : الراكع خلقة أو لعارض ينحني يسيرا ، وجوبا عند المحقّق في الشرائع والفاضل في جملة من كتبه (٣) ، تحصيلا للفرق بين حالتي القيام والركوع.

واستحبابا عند الشيخ (٤) ، والمعتبر والمدارك (٥) ، لأنّ ذلك حدّ الركوع ، فلا تلزم الزيادة عليه ، ولا دليل على وجوب التفرقة على العاجز.

ولا يخفى أنّ الركوع لو كان مطلق الهويّ ولو من انحناء لكان للقول الأوّل وجه ، ولكنّه ليس كذلك بل هو الانحناء من الانتصاب ، وعلى هذا فالركوع المأمور به لمثل هذا الشخص غير ممكن فالتكليف به ساقط ، وتحصيل الفرق خال عن الدليل وإن استحبّ لفتوى الفقيه.

ولو قلنا بوجوب الإيماء بالرأس عليه لصدق عدم إمكان الركوع لم يكن بعيدا ، ولو جمع بينه وبين يسير انحناء كان أحوط.

ز : يجب أن يقصد بانحنائه الركوع ولو بالنيّة الاستمراريّة ، فلو لم يقصده لم يأت بالركوع به ، لأنّ الأعمال بالنيّات ، ولكلّ امرئ ما نوى (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٣٨ ـ ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ ـ ٩٥١ ، الوسائل ٥ : ٤٨٤ أبواب القيام ب ١ ح ١١.

(٢) انظر : الرياض ١ : ١٦٦.

(٣) الشرائع ١ : ٨٥ ، الفاضل في التذكرة ١ : ١١٨.

(٤) المبسوط ١ : ١١٠.

(٥) المعتبر ٢ : ١٩٤ ، المدارك ٣ : ٣٨٧.

(٦) انظر : الوسائل ١ : ٤٦ أبواب مقدمة العبادات ب ٥.

١٩٧

وعلى هذا فلو هوى لسجدة العزيمة في النافلة ، أو لقتل موذ أو لقضاء حاجة ، فلمّا انتهى إلى حدّ الركوع أراد أن يجعله ركوعا ، لم يجز ، بل يجب عليه الانتصاب ثمَّ الهوي للركوع ، وكذا لو هوى للسجود ساهيا فتذكّر في الأثناء ، يجب عليه الانتصاب للركوع. ولا تلزم في شي‌ء من الصور زيادة ركوع للصلاة وإن زاد ركوع لغوي ، ولكنّه غير مضرّ ، إذ ليس هو زيادة في الصلاة ، كما يأتي بيانه.

وبه صرّح جماعة (٢) ، بل قيل : إنّه لا خلاف فيه (١) ، ويدلّ عليه الخبر أيضا : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يصلّي قائما وإلى جنبه رجل كبير يريد أن يقوم ومعه عصا له ، فأراد أن يتناولها ، فانحطّ عليه‌السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثمَّ عاد إلى صلاته (٣).

وقد يستدلّ أيضا بإطلاق الموثّق : « لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها وهي تصلّي » (٤).

وهو غير جيّد.

نعم لو كان الهوي للسّجود عمدا أو سهوا تصدق الزيادة في الصلاة وإن لم تصدق زيادة ركوع للصلاة ، ولكنّه غير مبطل مع السهو قطعا ، كما يأتي في محلّه.

ح : الظاهر الاتّفاق على عدم الفرق بين الفريضة والنافلة في أقلّ الواجب من الانحناء في الركوع ، وكذا في وجوب طمأنينة الركوع.

__________________

(١) كما في الحدائق ٨ : ٢٤١.

(٢) منهم الشهيد في الذكرى : ١٩٧ ، وصاحب الحدائق ٨ : ٢٤١ ، وصاحب الرياض ١ : ١٦٦.

(٣) الفقيه ١ : ٢٤٣ ـ ١٠٧٩ وفيه : ثمَّ عاد إلى موضعه إلى صلاته ، التهذيب ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٦٩ ، الوسائل ٥ : ٥٠٣ أبواب القيام ب ١٢ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٣٠ ـ ١٣٥٥ ، الوسائل ٧ : ٢٨٠ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٤ ح ١.

١٩٨

ط : هل يجوز وضع اليد والاعتماد حال الركوع على شي‌ء كعصا ونحوه؟.

لا ريب فيه مع الضّرورة ، وكذا بدونها ، للأصل.

المسألة الثانية : تجب الطمأنينة في الركوع إجماعا محقّقا ، ومحكيا كما في الناصريات والتذكرة والمنتهى وشرح القواعد (١) ، وعن الغنية والمعتبر والخلاف (٢) بل عن الأخير على ركنيتها. وهو الحجّة فيه مع المرسل المروي في الذكرى المنجبر ضعفه بما مرّ ، وفيه : « ثمَّ اركع حتى تطمئنّ راكعا ، ثمَّ ارفع رأسك حتى تعتدل قائما ، ثمَّ اسجد حتى تطمئنّ ساجدا ، ثمَّ ارفع حتى تستوي قائما » الحديث (٣).

والمروي في قرب الإسناد : « فإذا قام أحدكم فليعتدل ، وإذا ركع فليتمكّن ، وإذا رفع رأسه فليعتدل ، وإذا سجد فليفرّج وليتمكّن ، فإذا رفع رأسه فليعتدل ، وإذا سجد فليفرّج ، وإذا رفع رأسه فليلبث حتى يسكن » (٤).

والاستدلال له بتوقف الذكر الواجب فيه عليه ، وبحسنة زرارة : « بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل ، فقام يصلّي فلم يتمّ ركوعه وسجوده ، فقال عليه‌السلام : نقر كنقر الغراب ، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني » (٥).

فاسد ، لمنع التّوقّف ، لجواز الانحناء زائدا على أقلّ الواجب والذكر في أثنائه.

وعدم دلالة الرواية ، لإمكان كون عدم الإتمام بعدم الانحناء بالقدر‌

__________________

(١) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٨ ، التذكرة ١ : ١١٨ ، المنتهى ١ : ٢٨٢ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨٤.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨ ، المعتبر ٢ : ١٩٤ ، الخلاف ١ : ٣٤٨.

(٣) الذكرى : ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٤) قرب الإسناد : ٣٦ ـ ١١٨ بتفاوت يسير.

(٥) الكافي ٣ : ٢٦٨ الصلاة ب ٢ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٣٩ ـ ٩٤٨ ، المحاسن : ٧٩ ـ ٥ ، الوسائل ٦ : ٢٩٨ أبواب الركوع ب ٣ ح ١.

١٩٩

الواجب ، أو عدم إتمام الذكر في الركوع والسجود ، أو عدم الانتصاب بعدهما.

وأمّا التشبيه بالنّقر الظاهر في عدم الإتيان بالطمأنينة ، فيحتمل أن يكون في السجود خاصّة ، بل هو الظاهر فتفيد في إثبات الطمأنينة فيه.

ويجب كونها بقدر الذكر الواجب عند جماعة كالحلّي والفاضلين والشهيد (١) ، بل ظاهر المعتبر والمنتهى الإجماع عليه (٢) ، وقيل : إنّه ممّا لا خلاف فيه (٣).

فإن ثبت فهو ، وإلاّ فلا دليل عليه ، لعدم تمامية ما استدلّوا به له من توقّف الذكر الواجب في الركوع عليه ، والأخبار المصرّحة بأنّ من نقص الذكر في الركوع لم يتمّ صلاته (٤) ، لما مرّ. ولذا لم يذكره جماعة منهم الناصريّات والنهاية والجمل والمبسوط والخلاف ، وأمر الاحتياط واضح.

ومن لم يتمكّن من الطمأنينة سقطت عنه بلا خلاف.

وهل تجب عليه مجاوزة أقلّ الواجب من الانحناء لو تمكّن منها ليوقع الواجب من الذكر حال الركوع؟.

قيل : لا (٥) ، للأصل. وقيل : نعم (٦) ، لتوقف الذّكر في حال الركوع عليه.وهو كذلك لو أرادوا من أقلّ الواجب من الانحناء أقلّه فيما يصدق الركوع لغة ، ولو أريد ما تصل معه اليد الركبة ففيه تأمّل ، لأنّ الثابت هو وجوب الذكر حال الركوع ، إلاّ أن يدّعى الحقيقة الشرعيّة فيه فيما تصل اليد الركبة ، فتأمّل.

__________________

(١) الحلي في السرائر ١ : ٢٢٤ ، المحقق في الشرائع ١ : ٨٥ ، العلامة في القواعد ١ : ٣٤ ، الشهيد في الدروس ١ : ١٧٧.

(٢) المعتبر ٢ : ١٩٤ ، المنتهى ١ : ٢٨٢.

(٣) كما في الذخيرة : ٢٨٣.

(٤) الوسائل ٦ : ٢٩٩ أبواب الركوع ب ٤.

(٥) كما في الذكرى : ١٩٧.

(٦) كما في المدارك ٣ : ٣٨٨.

٢٠٠