مستند الشّيعة - ج ٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-80-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٥٥

أمّا الأول ، فلفوريّة السجود بالإجماع ـ على الظاهر ـ المصرّح به في حملة من كلمات الأصحاب (١) ، والأخبار (٢) حتى روايات المسألة الظاهرة في المخالفة ، لتضمّنها الأمر بالسجود بعد الفراغ من الآية بلا فاصلة ، ولو لا الفوريّة لما كان له وجه بالمرّة.

وأمّا الثاني ، فلما مرّ من الخبرين الدالّين على بطلان الصلاة بالزيادة فيها في بحث التكبيرة (٣) ، مع إشعار به في رواية زرارة ، بل لعلّه إجماعي كما صرّح به بعض الأجلّة (٤).

لضعف (٥) الأوّلين بعدم صراحتهما في النهي ، لاحتمال كون الجملة خبرية. وأمّا التعليل في أولاهما بزيادة السجدة فهو غير دالّ على الحرمة ، لجواز أن يكون تعليلا لمطلق المرجوحية ولو قلنا بكون الزيادة مطلقا محرّمة ، بأن يكون المراد أنه تكره القراءة ، لأنّ السجدة لها غير جائزة لكونها زيادة ، فلم يبق إلاّ ترك السجدة فورا وهي مكروهة.

والثالث بمنع كون الأمرين معا مسبّبين للقراءة ، لترك السجدة مع عدم قراءة العزيمة أيضا. وإنّما هي سبب لحرمة ذلك الترك ، والمسلّم حرمة سبب الحرام دون سبب الحرمة ، إلاّ أن يقال : المحذور الأوّل هو الإخلال بالواجب ، وإنّ ملزوم الحرام مطلقا حرام ولو لم يكن سببا له.

مضافا إلى إمكان منع فوريّة السجدة ، ومنع الإجماع على الكلّية حتى في المسألة كما هو ظاهر المدارك (٦) وإن ادّعاه على الجملة ، ولذا تترك في الفريضة لو‌

__________________

(١) كالمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٣١٣ ، وصاحب المدارك ٣ : ٤٢١ ، والبهبهاني في شرح المفاتيح ( المخطوط ).

(٢) الوسائل ٦ : ٢٣٩ أبواب قراءة القرآن ب ٤٢.

(٣) راجع ص ١٨.

(٤) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢١٦.

(٥) تعليل لقوله : لا غيره مما ذكروه ..

(٦) المدارك ٣ : ٣٥٣.

١٠١

قرأت العزيمة فيها للنسيان أو التقيّة فيومئ لها حتى يفرغ من الصلاة.

مع أنه لا خلاف في عدم الفورية مع المانع والضرورة ، والمانع الشرعي كالعقلي ، ولذا تنتفي الفورية لو قرأت السجدة في مكان ينهى مالكه عن السجدة فيه. فلو لم تجز هذه الزيادة في الفريضة لكان المانع الشرعي متحققا.

وأمّا الأخبار فعلى الفوريّة الكليّة قاصرة الدلالة ، ولو سلّمت فشمولها لمن في الفريضة ليس إلاّ بالعموم ، فيعارض ـ في حق من قرأ في الفريضة ـ مع أدلّة منع الزيادة في المكتوبة ، فيخصّص بها أو يعكس ، فيرتفع أحد المحذورين.

ولأجل ضعف هذه الأدلّة يشعر كلام بعض من تأخر بالجواز (١) ، لكونه موافقا للأصل ، المندفع بالإجماع. وبعض الأخبار (٢) ، الخارجة عن الحجية ، للشذوذ. والقاصرة في الدلالة ، لتضمّن أكثرها للسؤال عن حكم من قرأها ، الدالّ على حكم المورد بالعموم الحاصل من ترك الاستفصال ، المحتمل كونه للتقية ، لأنّ الجواز مذهب العامة (٣) كما صرّح به الجماعة ويستنبط من الرواية (٤).

فروع :

أ : لو قرأ سورة العزيمة تامّة في الفريضة عمدا بطلت ـ للنهي الموجب للفساد ـ إن اكتفى بها ، وإلاّ فكذلك إن قلنا ببطلان الصلاة بالتكلّم بغير ما ثبت جوازه ، كما هو الحقّ ، وإن خصّصناه بالتكلّم بغير القرآن والدعاء مطلقا فلا تبطل إلاّ أن أبطلناها بالقران.

وهل تبطل بمجرّد الشروع فيها أم لا؟

الثابت من الإجماع ـ بل سائر الأدلة التي ذكروها ـ اختصاص التحريم بما‌

__________________

(١) كصاحب المدارك ٣ : ٣٥٣ ، والفيض في المفاتيح ١ : ١٣٢.

(٢) الوسائل ٦ : ١٠٢ و ١٠٤ أبواب القراءة ب ٣٧ و ٣٩.

(٣) بدائع الصنائع ١ : ١٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٦.

(٤) الوسائل ٦ : ١٠٢ و ١٠٣ أبواب القراءة ب ٣٧ و ٣٨.

١٠٢

إذا بلغ موضع السجدة.

ولكن على القول بوجوب السورة الكاملة وعدم جواز القران مطلقا يلزمه أحد المحرّمين إمّا القران ، أو إتمام العزيمة. وملزوم الحرام حرام ، فالحقّ على ذلك البطلان.

وأمّا مع جواز القران بين سورة وبعض من اخرى فلا تبطل.

وتظهر الفائدة فيما لو حصل بعد الشروع وجه لجواز القراءة كالنسيان أو التقيّة أو العدول إلى النافلة.

ب : لو قرأها سهوا فإن لم يتذكّر حتى تمّت صحّت صلاته وإن لم يدخل الركوع ولا يجب استئناف سورة غيرها ، لصدق قراءة سورة غير منهي عنها ، إذ لا نهي مع السهو.

وقيل : يستأنف سورة أخرى ما لم يركع ، لوجوب قراءة سورة غير العزيمة قبل الركوع ولم يقرأها ولم يخرج وقتها ولم يحصل مسقط لها (١).

ويضعّف بأنّ مطلقات قراءة السورة شاملة للعزيمة أيضا ، خرجت هي حال العمد بالدليل فيبقى الباقي.

وكذا لو تذكّر بعد قراءة آية السجدة ، لما عرفت من اختصاص الإجماع وسائر الأدلّة بتعمّد قراءتها إلى موضع السجدة ، فإذا وقعت قراءتها جائزة فلا منع فيما بعدها.

ولو تذكّر قبلها ففي وجوب العدول مطلقا ، أو ما لم يتجاوز النصف ، أو عدم جوازه مطلقا ، وجوه بل أقوال.

والتحقيق : أنه على ما ذكرنا من اختصاص حجّة المنع بالإجماع المنفي في المورد يتعيّن الإتمام مع التجاوز عن النصف وعدمه على القول بعدم جواز القران‌

__________________

(١) انظر : البيان : ١٦٣.

١٠٣

مطلقا ، وفي صورة التجاوز خاصة على القول بجوازه بالعدول قبل التجاوز ، ويتخيّر بينه وبين العدول فيهما إن جوّزنا العدول مطلقا.

وأمّا من يتمسك للمنع بغير الإجماع ممّا مرّ أيضا فإن لم يوجد للمنع عن العدول مطلقا أو مع التجاوز دليل ـ كما اعترف به بعضهم (١) ـ يتعيّن عنده العدول ، وإن وجد يتعارض الدليلان ، فإن لم يكن لأحدهما ترجيح يحكم بالتخيير.

ج : لا يسجد في الصلاة في صورة الصحّة ، بل يومئ لها بعد قراءتها ، ويسجد بعد الصلاة.

أما الأول فلما دلّ على أنّها زيادة ، مع ما دلّ على أنّ مطلق الزيادة مبطل ، وأنّ إبطال الصلاة محرّم.

ولا ينافيه وجوب السجدة ، لعدم ثبوت فوريته حتى في المورد.

وأمّا بعض الأخبار (٢) الآمرة بالسجود في الصلاة فخاصّها ضعيف لا يصلح للحجية ، لعدم ثبوته من الأصول المعتبرة. وعامّها محمول على النافلة ، لتعارضها مع ما مرّ من عمومات حرمة الزيادة ، بل خصوص التعليل في رواية زرارة (٣) ، حيث دلّ على أنّ زيادة السجدة في المكتوبة محرّمة.

إلاّ أن يقال : إنّه لا مرجّح لتقديم العمومات الثانية ، ويمنع دلالة التعليل على الحرمة ، فيرجع إلى التخيير بين السجدة وتركها إلى الفراغ. ويحمل بعض ما نهى عن السجدة مع إمام لا يسجد على التقية ، مع أنّ في ذكر عدم سجدة الإمام أو توصيفه بأنه لا يسجد إشارة إلى جوازها في المكتوبة.

فهو الأجود لو لم يثبت الإجماع على خلافه كما ادّعاه فخر المحقّقين في‌

__________________

(١) كصاحب الحدائق ٨ : ١٥٩.

(٢) انظر : الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة ب ٣٧.

(٣) المتقدمة في ص ١٠٠.

١٠٤

الإيضاح (١) ، وحكي عن التنقيح أيضا (٢).

وأما الثاني فلأنه مقتضى فحوى ما دلّ على وجوب الإيماء إذا صلّى مع إمام لا يسجد كروايتي أبي بصير (٣) ، وسماعة (٤) ، إذا قلنا بتحريم السجدة.

وأمّا الثالث فلمطلقات وجوب السجدة الخالية عن دليل السقوط هنا.

المسألة الثانية عشرة : لا يجوز أن يقرأ في الفرائض سورة تفوّت تمام وقت فريضة أو بعضه ، لأنه ملزوم للحرام.

وقيل : للحسن (٥) : « لا تقرأ في الفجر شيئا من الحم » (٦). ولا وجه له عدا تفويته الوقت ، بل به وقع التصريح في الخبر : « من قرأ شيئا من الحم في صلاة الفجر فاته الوقت » (٧).

وفيه ـ مع عدم صراحة الأول في النهي وأنه لو كان للتفويت لما كان وجه للتخصيص بالحم ـ : أنه لو كان نهيا أيضا لما كان على حقيقته إلاّ على التخصيص ببعض الصور ، ضرورة عدم الفوت لو صلّى أول الوقت ، وليس ذلك بأولى من الحمل على الكراهة لفوات وقت الفضيلة ، وعليه يحمل عموم الثاني وإلاّ يجب تخصيصه أيضا.

ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بوجوب السورة أو استحبابها ، وجواز القران‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ١٠٩.

(٢) التنقيح ١ : ١٩٩.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٢ ، الوسائل ٦ : ١٠٣ أبواب القراءة ب ٣٨ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩١ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة ب ٣٧ ح ٢.

(٥) كما في الرياض ١ : ١٦٠.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٧٦ ـ ٨٠٣ ، الوسائل ٦ : ١١١ أبواب القراءة ب ٤٤ ح ٢.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٩٥ ـ ١١٨٩ وفيه : الحواميم ، الوسائل ٦ : ١١١ أبواب القراءة ب ٤٤ ح ١.

١٠٥

وعدمه ، فالبناء عليه ـ كما قيل (١) ـ فاسد. نعم يصحّ البناء في الحكم بتحريم الشروع فيها.

وإدراك ركعة في الوقت لا ينفي التحريم ، إذ لا يجوز تأخير شي‌ء من الصلاة عن الوقت اختيارا ، وأمّا إدراك الصلاة بإدراك الركعة في الوقت (٢) فهو مع الاضطرار.

والمحرّم إنما هو إذا علم الفوات بقراءتها ، لا إذا ظنّه أو احتمله ، للأصل ، وعدم العلم باللزوم.

وقيل بالتحريم مع الظن أو الاحتمال أيضا (٣) ، لعدم تأتّي نية القربة ، للتردد بين الواجب والحرام.

وفيه : منع احتمال الحرمة ، لأنها إنما هي مع العلم بالفوات بالقراءة لا بالفوات بها واقعا ، ولا علم هنا ، فمن رأى مطلقات أوامر السورة ولم يعلم فوات الوقت بسورة ولا حرمة ما يحتمله أو يوجب الظن به ، يقرؤها قربة إلى الله سبحانه.

ولو شرع في سورة بظن طول الوقت ثمَّ تبيّن الضيق ، فإن ضاق عن غيرها أيضا يترك السورة مطلقا ، وإلاّ عدل إلى غيرها ممّا يسعه الوقت.

المسألة الثالثة عشرة : يجوز أن يقرأ في النوافل العزائم‌ إجماعا محقّقا ومحكيّا مستفيضا (٤) ، وأصلا ، ونصّا عامّا وخاصّا (٥).

ومن قرأها وبلغ موضع السجدة أو استمع ما يوجبها يجب عليه السجود ،

__________________

(١) انظر : المدارك ٣ : ٣٥٤ ، والذخيرة : ٢٧٧ ، والحدائق ٨ : ١٢٦.

(٢) انظر : الوسائل ٤ : ٢١٧ أبواب المواقيت ب ٣٠.

(٣) كما في شرح المفاتيح ( المخطوط ).

(٤) كما في الخلاف ١ : ٤٣٠ ، والحدائق ٨ : ١٦٠ ، ونسب إلى المشهور في البحار ٨٢ : ١٤.

(٥) انظر : الوسائل ٦ : ١٠٥ أبواب القراءة ب ٤٠.

١٠٦

للعمومات (١) ، وخصوص الأمر به في موثّقة سماعة المتقدّمة (٢) ، وصحيحة الحلبي : عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة ، قال : « يسجد ثمَّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ويركع ويسجد » (٣).

وبه يخصّ ما دلّ على المنع من الزيادة في الصلاة إن لم نقل باختصاصه بالمكتوبة ، لكون موجبات هذه حينئذ بالنسبة إليها خاصة.

وقيل : يجوز السجود (٤) ، ولعلّه لخبر وهب : « إذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها » (٥).

ويردّ بعدم الدلالة ، لجواز أن يكون المراد عدم وجوب الركوع بالفاتحة في مقابل ما مرّ من الأمر بقراءتها حتى يركع بها.

ثمَّ إذا سجد قام ، للروايتين ، ووجوب كون الركوع من القيام.

وأتمّ السورة إن شاء ، إن كانت السجدة في الأثناء ، لعدم المانع. ولا يعيد الفاتحة حينئذ ، لعدم المقتضي.

وإن كانت في آخر السورة أعاد الفاتحة ـ للروايتين ـ استحبابا وفاقا لظاهر الأكثر ، لعدم دليل على الوجوب سوى ما قيل من ظاهر الأمر في الخبرين (٦).

ويجاب عنه بأنّه مجاز ، لعدم تحقق حقيقته ـ التي هي الوجوب الشرعي في المقام ـ إلاّ على القول بحرمة قطع النوافل ، والوجوب الشرطي ليس بأولى من الاستحباب ، مع أنّ دلالة الصحيحة على الوجوب غير ثابتة ، مضافا إلى أنّ ظاهر‌

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٠٧ ، ١١٠ ، أبواب قراءة القرآن ب ٤٢ و ٤٣.

(٢) في ص ١٠٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ ـ ١١٨٩ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة ب ٣٧ ح ١.

(٤) كما في الخلاف ١ : ٤٣٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٣ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ ـ ١١٩٠ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة ب ٣٧ ح ٣.

(٦) كما في الرياض ١ : ١٦٥.

١٠٧

خبر وهب دالّ على عدم لزوم الفاتحة.

ولا يضيف إلى الحمد سورة أخرى أو آية ، للأصل.

خلافا للمحكي عن الشيخ (١) ، ولا أعرف مستنده.

المسألة الرابعة عشرة : لا يجوز القران بين السورتين في الفريضة على الأظهر ، وفاقا للصدوق في الفقيه والأمالي والهداية (٢) ، والسيّد في الانتصار والمسائل المصريّة الثالثة (٣) ، والشيخ في التهذيب والنهاية والمبسوط والخلاف (٤) ، والحلبي (٥) ، والتحرير والقواعد والإرشاد والمختلف (٦) ، والشهيد في الرسالة (٧) ، وأكثر مشايخنا ، بل قال بعضهم : إنه الأشهر (٨). بل عن الأمالي : إنّه من دين الإماميّة ، وفي الانتصار : دعوى الإجماع عليه (٩).

للمروي في قرب الإسناد : عن رجل قرأ سورتين في ركعة ، قال : « إن كانت نافلة فلا بأس وأمّا الفريضة فلا تصلح » (١٠).

فإنّ المستفاد من قوله : « لا تصلح » الحرمة ، مع أنّ التفصيل بين النافلة والفريضة قاطع للشركة في حكم النافلة الذي هو انتفاء البأس ، فيثبت البأس في الفريضة.

ومنه تظهر دلالة مرسلة الصدوق عن الصادق عليه‌السلام في الهداية : « لا‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١١٤.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٠ ، الأمالي : ٥١٢ ، الهداية : ٣١.

(٣) الانتصار : ٤٤ ، المسائل المصرية ( رسائل الشريف المرتضى ١ ) : ٢٢٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٦ ، النهاية : ٧٥ ، المبسوط ١ : ١٠٧ ، الخلاف ١ : ٣٣٦.

(٥) الكافي في الفقه : ١١٨.

(٦) التحرير ١ : ٣٩ ، القواعد ١ : ٣٢ ، الإرشاد ١ : ٢٥٣ ، المختلف : ٩٣.

(٧) الرسالة الألفية : ٥١.

(٨) كما في الحدائق ٨ : ٤٥ ، والرياض ١ : ١٦٠.

(٩) الأمالي : ٥١٢ ، الانتصار : ٤٤.

(١٠) قرب الإسناد : ٢٠٢ ـ ٧٧٨ ، الوسائل ٦ : ٥٣ أبواب القراءة ب ٨ ح ١٣.

١٠٨

تقرن بين السورتين في الفريضة ، وأمّا في النافلة فلا بأس » (١).

بل رواية عمر بن يزيد : اقرأ سورتين في ركعة؟ قال : « نعم » قلت : أليس يقال أعط لكلّ سورة حقّها من الركوع والسجود؟ فقال : « ذلك في الفريضة وأمّا في النافلة فلا بأس » (٢).

وضعفها ـ لو كان ـ منجبر بما مرّ وبتأيّدها بمؤيّدات أخر ، كصحيحتي منصور ومحمّد المتقدّمتين في مسألة وجوب السورة (٣).

وموثّقة زرارة : عن الرجل يقرن بين سورتين في الركعة ، فقال : « إنّ لكلّ سورة حقّا ، فأعطها حقّها من الركوع والسجود » (٤).

والمروي في مستطرفات السرائر عن الباقر عليه‌السلام : « لا قران بين سورتين في ركعة » (٥).

والمروي في المعتبر والمنتهى عن جامع البزنطي ، وفي المجمع عن العيّاشي عن الصادق عليه‌السلام : « لا تجمع بين السورتين في ركعة إلاّ الضحى وألم نشرح ، والفيل ولإيلاف » (٦).

والرضوي : « ولا تجمع بين السورتين في الفريضة » (٧).

والاستدلال بهذه غير جيّد : أمّا الأوّلان فلما مرّ ، وأمّا الثالث فلعدم كون الأمر بالإعطاء فيه للوجوب إلاّ مع التخصيص بالفريضة ولا أولويّة ، وأمّا البواقي فلعدم الصراحة في الحرمة كما ذكر غير مرّة.

__________________

(١) الهداية : ٣١.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٠ ـ ٢٥٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٦ ـ ١١٧٩ ، الوسائل ٦ : ٥١ أبواب القراءة ب ٨ ح ٥.

(٣) راجع ص ٩١ ـ ٩٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٧٣ ـ ٢٦٨ ، الوسائل ٦ : ٥٠ أبواب القراءة ب ٨ ح ٣.

(٥) مستطرفات السرائر : ٧٣ ـ ١٢ ، الوسائل ٦ : ٥٣ أبواب القراءة ب ٨ ح ١٢.

(٦) المعتبر ٢ : ١٨٨ ، المنتهى ١ : ٢٧٦ ، مجمع البيان ٥ : ٥٤٤.

(٧) فقه الرضا (ع) : ١٢٥ ، مستدرك الوسائل ٤ : ١٦٣ أبواب القراءة ب ٦ ح ٥.

١٠٩

وعن الاستبصار (١) ، والحلّي والمحقّق (٢) ، وأكثر المتأخرين (٣) : الجواز ، واختاره في شرح القواعد والدروس والذكرى والبيان والمدارك (٤) ، وصريح المنتهى وظاهر التذكرة التردّد (٥).

للأصل ، وصحيحة ابن يقطين : « عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة ، قال : « لا بأس » وعن تبعيض السورة ، قال : « أكره ولا بأس » (٦).

والمروي في المستطرفات : « لا تقرن بين سورتين في الفريضة فإنّ ذلك أفضل » (٧).

وموثقة زرارة : « إنّما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة ، وأمّا في النافلة فلا بأس » (٨).

ويجاب عنها بمرجوحيتها عمّا مرّ بموافقتها للعامة ، كما يظهر من الانتصار (٩) ، وحكي عن البحار (١٠) ، ونقله في التذكرة عن الشافعي (١١).

مضافا إلى أنّ الثالثة على الجواز غير دالّة ، لأعمية الكراهة في اللغة عن الحرمة.

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٣١٧.

(٢) الحلي في السرائر ١ : ٢٢٠ ، المحقق في الشرائع ١ : ٨٢.

(٣) نسب إليهم في الذخيرة : ٢٧٣.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٢٤٨ ، الدروس ١ : ١٧٣ ، الذكرى : ١٩٠ ، البيان : ١٥٨ ، المدارك ٣ : ٣٥٤.

(٥) المنتهى ١ : ٢٧٦ ، التذكرة ١ : ١١٦.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٦ ـ ١١٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٦ ـ ١١٧٨ ، ٣١٧ ـ ١١٨١ ، الوسائل ٦ : ٥٢ أبواب القراءة ب ٨ ح ٩.

(٧) مستطرفات السرائر : ٧٣ ـ ٨ ، الوسائل ٦ : ٥٢ أبواب القراءة ب ٨ ح ١١.

(٨) الكافي ٣ : ٣١٤ الصلاة ب ٢١ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٧٢ ـ ٢٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ ـ ١١٨٠ ، الوسائل ٦ : ٥٠ أبواب القراءة ب ٨ ح ٢.

(٩) الانتصار : ٤٤.

(١٠) البحار ٨٢ : ١٣.

(١١) التذكرة ١ : ١١٦ ، ونقله عن الشافعي في عمدة القارئ ٦ : ٤٣.

١١٠

فروع :

أ : لو قرن بطل ، لأصالة بطلان الصلاة بالتكلّم ، خرج المباح من القرآن والدعاء فيبقى الباقي.

ب : المحرّم المبطل قراءة السورتين التامّتين ، لأنّ التامّتين معنى السورتين ، ويؤيّده بل يدلّ عليه عدم الخلاف في جواز القنوت ببعض الآيات ـ كما صرّح به جماعة (١) ، وورد في قنوتات الأئمة سيّما كلمات الفرج (٢) ـ وفي جواز الإعلام بالآيات ، والعدول ما لم يتجاوز النصف ، فلا منع في سورة وبعض غيرها.

والمتغايرتين ، لأنه المتبادر من قراءة السورتين ، فلا حظر في تكرار سورة واحدة ولا الفاتحة.

ولا يرد في الموردين أنه الزيادة في المكتوبة وهي لها مبطلة ، لعدم ثبوت كونهما من الزيادة ، لدخولهما في مطلقات القراءة الشاملة لغير ما أخرجه الأدلة ، وهو السورة التامّة المغايرة ، كما يظهر مما يأتي في معنى الزيادة في بحث خلل الصلاة.

ج : صرّح جماعة ـ منهم فخر المحقّقين (٣) ـ بأنّ المحظور هو القران بقصد الجزئيّة للصلاة. والنصّ أعمّ منه ، فالتقييد يحتاج إلى دليل ، وليس

د : لا ريب في جواز القران في النوافل ، وعليه اتفقت كلمة الأفاضل ، واستفاضت أخبار الأطايب (٤).

ه : مقتضى أكثر الروايات حرمة قراءة السورتين سواء كانتا متّصلتين أو‌

__________________

(١) انظر : الوسائل ٦ : ٢٧٤ أبواب القنوت ب ٧.

(٢) منهم المحقق السبزواري في الذخيرة : ٢٧٤ ، والمجلسي في البحار ٨٢ : ١٣.

(٣) إيضاح الفوائد ١ : ١٠٩.

(٤) انظر : الوسائل ٦ : ٥٠ أبواب القراءة ب ٨.

١١١

أحدهما قبل الفاتحة والأخرى بعدها.

المسألة الخامسة عشرة : يجوز العدول من كل سورة غير الجحد والتوحيد‌

إلى أخرى ما لم يبلغ النصف ، إجماعا ، كما في شرح القواعد وشرح الإرشاد (١) ، للأصل ، وصحيحة الحلبي : « من افتتح بسورة ثمَّ بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس ، إلاّ قل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل يا أيّها الكافرون » (٢).

والمروي في الدعائم عن الصادق عليه‌السلام : « من بدأ بالقراءة في الصلاة بسورة ثمَّ رأى أن يتركها ويأخذ في غيرها فله ذلك ما لم يأخذ في نصف السورة الآخر (٣) إلاّ أن يكون بدأ بقل هو الله أحد فإنّه لا يقطعها ، وكذلك سورة الجمعة والمنافقين في الجمعة لا يقطعهما إلى غيرهما ، وإن بدأ بقل هو الله أحد قطعها ورجع إلى سورة الجمعة والمنافقين يجزيه في صلاة الجمعة خاصة » (٤).

وصحيحة عمرو بن أبي نصر : الرجل يقوم في الصلاة يريد أن يقرأ سورة فقرأ قل هو الله أحد أو قل يا أيّها الكافرون ، فقال : « يرجع من كل سورة إلاّ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون » (٥).

وهي بعمومها شاملة لمن أراد سورة أولا وقرأ غيرها مع القصد والرجوع عن الإرادة الاولى ، فلا يرد أنّه لعلّه لعدم قصد السورة في البسملة وغير ذلك ممّا يذكر بعضه.

__________________

(١) جامع المقاصد ٢ : ٢٧٩ ، مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٩٠ ـ ٧٥٣ ، الوسائل ٦ : ٩٩ أبواب القراءة ب ٣٥ ح ٢.

(٣) في الدعائم : « ما لم يبلغ نصف السورة » ، وما في المتن موافق للنسخ والمستدرك.

(٤) دعائم الإسلام ١ : ١٦١ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٢٠٠ أبواب القراءة ب ٢٧ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٧ الصلاة ب ٢١ ح ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٠ ـ ٧٥٢ ، الوسائل ٦ : ٩٩ أبواب القراءة ب ٣٥ ح ١.

١١٢

ولا ينافيه قوله تعالى ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (١) لعدم كون ذلك إبطالا للعمل وإن كان إخراجا لما قرأ عن الجزئية. ولا النهي عن القران بين السورتين ، لعدم كونه قرانا كما مرّ.

وكذلك إذا بلغ النصف ولم يتجاوز عنه ، وفاقا للشيخين (٢) ، والمعتبر والمنتهى والتذكرة والقواعد (٣) ، وجملة من الأصحاب ، بل في الذخيرة والبحار : إنّه المشهور (٤) ، لما ذكر من الأصل ، والعمومات ، وخصوص المروي في قرب الإسناد : عن رجل أراد سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثمَّ يرجع إلى السورة التي أراد؟ قال : « نعم ما لم يكن قل هو الله أحد وقل يا أيّها الكافرون » (٥).

وفي مسائل عليّ عن أخيه عليه‌السلام مثل ما ذكر ، إلاّ أنّ في السؤال : هل يصلح له بعد أن يقرأ نصفها أن يرجع (٦).

والمروي في الذكرى عن نوادر البزنطي : في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ في أخرى ، قال : « يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف » (٧).

وضعفها منجبر بالشهرة المحكية.

خلافا للمحكي عن الإسكافي ، والجعفي (٨) ، والفقيه ونهاية الفاضل وروض الجنان (٩) ، وفي السرائر وشرح القواعد والدروس والذكرى (١٠) ، بل في الأخير نسبه إلى الأكثر ، فمنعوه مع البلوغ إلى النصف.

__________________

(١) محمّد : ٣٣.

(٢) المفيد في المقنعة : ١٤٧ ، الطوسي في النهاية : ٧٧ ، المبسوط ١ : ١٠٧.

(٣) المعتبر ٢ : ١٩١ ، المنتهى ١ : ٢٨٠ ، التذكرة ١ : ١١٦ ، القواعد ١ : ٣٣.

(٤) الذخيرة : ٢٨٠ ، البحار ٨٢ : ١٦.

(٥) قرب الإسناد : ٢٠٦ ـ ٨٠٢ ، الوسائل ٦ : ١٠٠ أبواب القراءة ب ٣٥ ح ٣.

(٦) مسائل علي بن جعفر : ١٦٤ ـ ٢٦٠.

(٧) الذكرى : ١٩٥ ، الوسائل ٦ : ١٠١ أبواب القراءة ب ٣٦ ح ٣.

(٨) حكاه عنهما في الذكرى : ١٩٥.

(٩) الفقيه ١ : ٢٠١ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٧٨ ، روض الجنان : ٢٧٠.

(١٠) السرائر ١ : ٢٢٢ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٧٩ ، الدروس ١ : ١٧٣ ، الذكرى : ١٩٥.

١١٣

للنهي عن إبطال العمل فيقتصر فيه على مورد الإجماع. وقد عرفت ضعفه.

وللرضوي : « واقرأ في صلاتك كلّها يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وسبّح اسم ربّك الأعلى ، وإن نسيتها أو واحدة منها فلا إعادة عليك ، فإن ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة ، وإن لم تذكرها إلاّ ما بعد قراءة نصف سورة فامض في صلاتك » (١).

ويضعّف بالمعارضة مع ما مرّ فيرجع إلى الأصل.

مع أنّ ظاهر روايتي قرب الإسناد والمسائل الاختصاص بالنصف فيكون أخصّ مطلقا من الرضوي ، لشموله لبلوغ النصف وما بعده ، مع أنّ المخرج فرد نادر جدّا يتأمّل في شمول العموم له.

ولا يجوز العدول مع التجاوز عن النصف بالإجماع على الظاهر ، وادّعاه في روض الجنان وشرح الإرشاد للأردبيلي (٢) ، للرضوي ، ورواية الدعائم ، المنجبرين في المقام قطعا.

وأمّا موثّقة عبيد : في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها ، فقال : « له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها » (٣) فهي بالشذوذ مردودة.

خلافا لبعض مشايخنا الأخباريين ، فجوّز في حدائقه العدول مطلقا (٤) ، للعمومات. ودفعها ظاهر مما مرّ.

هذا في غير سورتي التوحيد والجحد ، وأمّا فيهما فلا يجوز العدول إلى غير الجمعة والمنافقين ولو قبل النصف ، بل متى شرع فيهما وجب إتمامهما ، على الأظهر ، الموافق للشيخين ، والسيّد ، والحلّي ، والفاضل ـ في غير المنتهى والتذكرة ـ

__________________

(١) فقه الرضا (ع) : ١٣٠ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٢٢٣ أبواب القراءة ب ٥٣ ح ١.

(٢) روض الجنان : ٢٧٠ ، مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٨٠ ، الوسائل ٦ : ١٠١ أبواب القراءة ب ٣٦ ح ٢.

(٤) الحدائق ٨ : ٢١٥.

١١٤

والشهيدين (١) ، بل للأكثر ، وعليه الإجماع في الانتصار وشرح الإرشاد للأردبيلي (٢).

لصحيحة الحلبي المثبتة للبأس ـ الذي هو العذاب ـ في الرجوع عنهما (٣) ، وروايتي قرب الإسناد والمسائل المنجبرتين ، النافيتين لصلاحية العدول عنهما المثبت للفساد.

ورواية الحلبي : « إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ غيرها فامض فيها ولا ترجع ، إلاّ أن تكون في يوم الجمعة فإنّك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها » (٤).

ويؤيّده غيرها ممّا سبق ، كصحيحة عمرو ورواية الدعائم ، أو لم يسبق كموثقة عبيد (٥). وإنما لم نجعلها دالّة لاحتمالها نفي إباحة الرجوع ، الغير المنافية للكراهة.

خلافا للمحكي عن المعتبر ، فكره العدول عنهما قبل النصف (٦) ، وظاهر المنتهى والتذكرة والذخيرة التوقّف (٧) ، لقوله سبحانه ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ ) (٨) وضعفه ظاهر. ولضعف دلالة الروايات على التحريم ، وهو ممنوع.

وأمّا إلى الجمعة والمنافقين فيجوز العدول عنهما على الحقّ المشهور ، وفي‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ١٤٧ ، الطوسي في النهاية : ٧٧ ، السيد في الانتصار : ٤٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٢١ ، الفاضل في نهاية الإحكام ١ : ٤٧٨ ، الإرشاد ١ : ٢٥٤ ، الشهيد الأول في البيان : ١٥٧ ، والذكرى : ١٩٥ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧٠.

(٢) الانتصار : ٤٤ ، مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٥.

(٣) المتقدمة في ص ١١٢.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥٠ ، الوسائل ٦ : ١٥٣ أبواب القراءة ب ٦٩ ح ٢.

(٥) صدرها : عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في أخرى ، قال : « فليرجع إلى السورة الأولى إلاّ أن يقرأ ب قل هو الله أحد » وسيأتي ذيلها. انظر : الرقم (٢) من الصفحة الآتية.

(٦) المعتبر ٢ : ١٩١.

(٧) المنتهى ١ : ٢٨٠ ، التذكرة ١ : ١١٦ ، الذخيرة : ٢٨٠.

(٨) المزمل : ٢٠.

١١٥

شرح الإرشاد عدم الخلاف فيه (١) ، لرواية الدعائم ورواية الحلبي المتقدّمتين ، وموثقة عبيد : رجل صلّى الجمعة وأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو الله أحد ، قال : « يعود إلى سورة الجمعة » (٢).

وصحيحة محمّد : الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو الله أحد ، قال : « يرجع إلى سورة الجمعة » (٣).

والمروي في قرب الإسناد والمسائل : عن القراءة في الجمعة ما يقرأ؟ قال : « سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، وإن أخذت في غيرهما وإن كان قل هو الله أحد فاقطعها من أوّلها وارجع إليهما » (٤).

في يوم الجمعة مطلقا أي في صلاة الصبح أو الجمعة أو الظهرين ، لرواية الحلبي. دون ليلتها ، لعدم الدليل.

سواء كان قراءة الجحد والتوحيد سهوا أو عمدا ، وفاقا للحدائق (٥) ، والأردبيلي (٦) ، بل الأكثر كما في الحدائق ، لإطلاق روايتي الدعائم وقرب الإسناد ، بل سائر الروايات ، لأنّ إرادة قراءة الجمعة أوّلا لا تستلزم كون قراءة التوحيد سهوا ، لجواز تغيّر القصد.

إن لم يتجاوز النصف ، وفاقا لظاهر المشهور كما في الحدائق (٧) ومحتمل الإجماع كما في شرح الإرشاد ، لتعارض مطلقات جواز العدول عنهما إليهما مع ما دلّ على المنع مع التجاوز مطلقا بالعموم من وجه ولا مرجّح ، فتبقى مطلقات منع‌

__________________

(١) مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٦.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥١ ، الوسائل ٦ : ١٥٣ أبواب القراءة ب ٦٩ ح ٣.

(٣) الكافي ٣ : ٤٢٦ الصلاة ب ٧٦ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٢ أبواب القراءة ب ٦٩ ح ١.

(٤) قرب الإسناد : ٢١٤ ـ ٨٣٩ ، الوسائل ٦ : ١٥٣ أبواب القراءة ب ٦٩ ح ٤ ، مسائل علي بن جعفر : ٢٤٥ ـ ٥٨٠.

(٥) الحدائق ٨ : ٢٢٠.

(٦) مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٧.

(٧) الحدائق ٨ : ٢١٨.

١١٦

العدول عنهما بلا مخصّص يقيني.

وقد يستدل أيضا بالجمع بين مطلقات التجويز وصحيحة ابن صبيح (١). وفيه نظر من وجوه.

خلافا في الأول للشرائع في بحث صلاة الجمعة ، فلم يجوّز العدول عنهما مطلقا (٢) ، وهو ظاهر الانتصار (٣) والمحكي عن الإسكافي (٤) ، ولعلّه لإطلاق روايات المنع.

ويجاب بوجوب حمل المطلق على المقيّد.

وللحدائق ، فلم يجوّزه في الجحد ، لاختصاص روايات التجويز بالتوحيد (٥).

ويجاب بعدم القول بالفصل ، وعموم الرضوي ورواية قرب الإسناد المنجبرتين في المقام بالشهرة التي حكاها هو ، وعدم الخلاف المحكي كما مرّ ، فيعارض عمومات المنع بالعموم من وجه ، ويرجع في المورد إلى الأصل.

وفي الثاني لنهاية الشيخ (٦) ، والمحقّق (٧) ، والسرائر والتذكرة والمنتهى وشرح القواعد (٨) ، فخصّوه بصلاة الجمعة وظهرها ـ وتخصيص بعضهم الظهر بالذكر لإطلاقه على الجمعة ـ لاختصاص الأدلّة بصلاة الجمعة الشاملة للظهر أيضا ، وحمل يوم الجمعة في رواية الحلبي عليها.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٨ ـ ٢٢ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ ـ ١٥٨٩ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب القراءة ب ٧٢ ح ٢.

(٢) الشرائع ١ : ٩٩.

(٣) الانتصار : ٤٤.

(٤) حكاه عنه في الذكرى : ١٩٥.

(٥) الحدائق ٨ : ٢١٨.

(٦) النهاية : ٧٧.

(٧) لا يوجد في كتب المحقق الموجودة ولكن نسبه اليه صاحب الحدائق ٨ : ٢٢١.

(٨) السرائر ١ : ٢٩٧ ، التذكرة ١ : ١١٥ ، المنتهى ١ : ٢٨٠ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨٠.

١١٧

وفي الشمول منع ، وفي الحمل تحكّم.

وللروض ، فخصّه بهما وبالعصر (١) ، وللجعفي ، فأثبته في صلاة الجمعة والصبح والعشاء (٢) ، وأطلق طائفة ـ منهم : القواعد والدروس (٣) ـ جواز العدول منهما إليهما من غير تعيين ، وكأنّ دليل هؤلاء كون تجويز العدول إليهما لأفضليّتهما فيدور مدار استحبابهما ، وكلّ يقول باستحبابهما فيما ذكر.

وفي المقدّمتين نظر.

وفي الثالث للثانيين (٤) ، فخصّا جواز العدول بكون قراءة الجحد والتوحيد سهوا ، لدلالة إرادة قراءة الجمعة أو المنافقين ـ كما في الروايات ـ على ذلك. وقد عرفت جوابه.

وفي الرابع لظاهر السرائر ونهاية الشيخ ، فقيّدا بعدم بلوغ النصف (٥) ، ودليلهما وجوابه يظهر مما سبق.

ولمستقرب شرح الإرشاد (٦) ، ومحتمل الحدائق ، فجوّزا العدول مطلقا ، للمطلقات (٧). وجوابه ظاهر.

فروع :

أ : لا شك في حساب البسملة من النصف ، لكونها جزءا من السورة.

__________________

(١) روض الجنان : ٢٧٠.

(٢) حكاه عنه في الذكرى : ١٩٥.

(٣) القواعد ١ : ٣٤ ، الدروس ١ : ١٧٣.

(٤) المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٨٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧٠.

(٥) السرائر ١ : ٢٩٧ ، النهاية : ٧٧.

(٦) مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٤.

(٧) الحدائق ٨ : ٢١٥.

١١٨

ب : لا شك في وجوب إعادة البسملة ثانيا للسورة المعدول إليها لو تخلل بينهما ما يرفع الموالاة المعتبرة ، كأن يعدل في أواخر سورة البقرة مثلا.

والظاهر أنه لا كلام أيضا في عدم وجوب إعادتها مع بقاء الموالاة وقراءتها أوّلا بقصد السورة المعدول إليها وقراءة المعدول عنها سهوا.

وإنّما الكلام فيما إذا قرأها لا بقصد سورة معيّنة ، أو بقصد المعدول عنها. والظاهر وجوب الإعادة ، لصيرورتها ـ بتعقّبها المعدول عنها على الأول ، وبه وبالقصد على الثاني ـ جزءا له ، فلو لم يعدها لم يقرأ المعدول إليها كاملة.

ج : لو قرأ بعض سورة ونسي الباقي منها ، أو نسي آية من أثنائها يجوز العدول عنها إلى غيرها قبل تجاوز النصف في غير الجحد والتوحيد قطعا.

وهل يجوز بعد النصف وفي السورتين أيضا؟

الظاهر : نعم ، لأنّ الظاهر من الأخبار المانعة عن الرجوع إرادة الإتمام الغير الممكن في المقام ، بل صدق الرجوع على ذلك وشمول إطلاقه له محلّ كلام ، فيبقى الأصل خاليا عن المعارض.

مع أنّ حجية أخبار المنع عن العدول بعد النصف كانت بواسطة الانجبار الغير المعلوم في المورد.

وهل ذلك على الوجوب ، أو يجوز الاكتفاء بما علم من السورة؟

يحتمل الأمران : من جهة وجوب السورة الكاملة المتوقفة على العدول.

ومن جهة عدم شمول ما ذكرنا من دليل وجوب السورة الكاملة بل جميع أدلّته لمثل المورد.

مضافا إلى رواية ابن وهب : أقرأ سورة فأسهو فأنتبه في آخرها ، فأرجع إلى‌

١١٩

أول السورة أو أمضي؟ قال : « بل امض » (١).

فإنّها شاملة لما إذا تركت آية منها سهوا ، فإذا جاز الاكتفاء ببعض السورة حينئذ جاز فيما نحن فيه أيضا ، لعدم الفرق.

والثاني أظهر ، والأول أحوط.

ولو غلط في كلمة أو حرف أو آية ، بمعنى أنه يتردّد فيه أنّه هل هو على هذا النحو أو هذا ، أو تردّد في وجود كلمة وعدمها ، ففي وجوب تكرار المحتملات ، أو التخيير بينها ، أو العدول ، أو قراءة الباقي من السورة وترك مكان الغلط ، احتمالات.

أظهرها : التخيير بين الأخيرين ، فإن شاء يقرأ الباقي ، وإن شاء يعدل ، لما مرّ ، مضافا إلى صحيحة زرارة : رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في قراءته أو يدع تلك السورة ويتحوّل عنها إلى غيرها؟ فقال : « كلّ ذلك لا بأس به » (٢).

ولا تنافيه صحيحة ابن عمّار : « من غلط في سورة فليقرأ قل هو الله أحد ثمَّ يركع » (٣).

لأنّ الأمر فيها ليس للوجوب قطعا ، لعدم تعيّن التوحيد بالإجماع.

هذا مع منافاة الاحتمالين الأوّلين لأصالة عدم جواز التكلّم في الصلاة إلاّ بما علم جوازه.

والأحوط العدول أيضا سيّما في غير الجحد والتوحيد قبل تجاوز النصف.

د : لا شك في عموم الحكم بجواز العدول ـ فيما يجوز ـ للفرائض والنوافل ، وهل يعمّهما الحكم بعدم جوازه فيما لا يجوز ، أم يختصّ بالفريضة؟

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥١ ـ ١٤٥٨ ، الوسائل ٦ : ٩٥ أبواب القراءة ب ٣٢ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٨١ ، الوسائل ٦ : ١٠٠ أبواب القراءة ب ٣٦ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٥ ـ ١١٨٧ ، الوسائل ٦ : ١١٠ أبواب القراءة ب ٤٣ ح ١.

١٢٠