مدارك الأحكام - ج ٨

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٨

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٧

وأن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه ، ويقف ويدعو. وكذا الثانية. ويرمي الثالثة مستدبرا القبلة ، مقابلا لها ، ولا يقف عندها.

______________________________________________________

يأتي الرجل مكة فيطوف بها في أيام منى ولا يبيت بها » (١) وصحيحة رفاعة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يزور البيت في أيام التشريق ، قال : « نعم إن شاء » (٢) وصحيحة يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن زيارة البيت أيام التشريق فقال : « حسن » (٣).

قوله : ( وأن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه ).

أي : يمين الرامي ، كما يدل عليه قول الرضا عليه‌السلام في صحيحة إسماعيل بن همّام : « ترمي الجمار من بطن الوادي وتجعل كل جمرة عن يمينك » (٤) وفي صحيحة معاوية بن عمار ، عن الصادق عليه‌السلام : « ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل » (٥) والمراد بيسارها جانبها اليسار بالإضافة إلى المتوجه إلى القبلة فيجعلها حينئذ عن يمينه فيكون ببطن المسيل لأنه عن يسارها ، وبمضمون هذه الرواية صرّح المصنف في النافع فقال : ويستحب الوقوف عند كل جمرة ورميها عن يسارها مستقبل القبلة ويقف داعيا ، عدا جمرة العقبة فإنه يستدبر القبلة ويرميها عن يمينها (٦).

قوله : ( ويقف ويدعو ، وكذا الثانية ، ويرمي الثالثة مستدبر القبلة مقابلا له ولا يقف عندها ).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨٧ ـ ١٤١٢ ، التهذيب ٥ : ٢٦٠ ـ ٨٨٣ و ٤٩٠ ـ ١٧٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٥ ـ ١٠٥٠ ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب العود إلى منى ب ٢ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٠ ـ ٨٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٥ ـ ١٠٥١ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب العود إلى منى ب ٢ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٦٠ ـ ٨٨٥ ، الوسائل ١٠ : ٢١١ أبواب العود إلى منى ب ٢ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٢ ـ ٧ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٠ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨٠ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ ـ ٨٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٠ ح ٢.

(٦) المختصر النافع : ٩٧.

٢٤١

والتكبير بمنى مستحب ، وقيل : واجب.

______________________________________________________

المستند في ذلك صحيحة معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ارم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة فابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل وقل كما قلت يوم النحر ، ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة واحمد الله وأثن عليه وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم تقدم قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبل منك ، ثم تقدّم أيضا ، ثم افعل ذلك عند الثانية واصنع كما صنعت بالأولى وتقف وتدعو الله كما دعوت ، ثم تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار فارم ولا تقف عندها » (١).

وليس في هذه الرواية ولا غيرها مما وقفت عليه من روايات الأصحاب دلالة على استحباب استدبار القبلة في رمي جمرة العقبة ، لكن قال في المنتهى : إنه قول أكثر أهل العلم ، واحتج عليه بما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه رماها كذلك (٢). ولعل مثل ذلك كاف في إثبات مثل هذا الحكم.

قوله : ( والتكبير بمنى مستحب. وقيل : واجب ).

القول بالوجوب للمرتضى ـ رحمه‌الله ـ واحتج عليه بإجماع الفرقة ، وقوله عزّ وجلّ ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (٣) والمراد به هذا التكبير (٤). ويدل على ذلك من طريق الأصحاب ما رواه الكليني في الصحيح ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) قال : « هي أيّام التشريق ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٠ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ ـ ٨٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب رمي جمرة العقبة ب ١٠ ح ٢.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٣١.

(٣) البقرة : ٢٠٣.

(٤) نقله عنه في المختلف : ٣١١.

٢٤٢

وصورته : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ـ والله أكبر ،

______________________________________________________

كانوا إذا أقاموا بمنى بعد يوم النحر تفاخروا ، فقال الرجل منهم : كان أبي يفعل كذا وكذا ، فقال الله جل ثناؤه ( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ ). ( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) (١) قال : « والتكبير « الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام » (٢).

وفي الحسن ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) قال : « التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث ، وفي الأمصار عشر صلوات ، فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار ، ومن أقام بمنى فصلّى بها الظهر والعصر فليكبّر » (٣).

ويمكن الجواب عن هذا الاستدلال بحمل الأمر على الاستحباب ، كما يدل عليه صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن التكبير أيام التشريق أواجب أم لا؟ قال : « يستحب وإن نسي فلا شي‌ء عليه » (٤) والمسألة محل تردد وإن كان الاستحباب لا يخلو من قوة.

قوله : ( وصورته : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ،

__________________

(١) البقرة : ١٩٨ ـ ٢٠٠ ، والآيات بتمامها : ( فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً. )

(٢) الكافي ٤ : ٥١٦ ـ ٣ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٦ ـ ١ ، الوسائل ١٠ : ٢١٩ أبواب العود إلى منى ب ٨ ح ٤ ، ورواها في التهذيب ٥ : ٢٦٩ ـ ٩٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٩ ـ ١٠٦٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٨٨ ـ ١٧٤٥ ، قرب الإسناد : ١٠٠ ، الوسائل ٥ : ١٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٠ ، البحار ١٠ : ٧٣.

٢٤٣

الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام.

ويجوز النفر في الأول ، وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة لمن اجتنب النساء والصيد في إحرامه.

______________________________________________________

الله أكبر على ما هدانا ، وله الحمد على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ).

هذه الصورة مشهورة بين الأصحاب ولم أقف لها على مستند ، والأجود العمل بما تضمنته صحيحة منصور بن حازم المتقدمة ، وأكل منه ما رواه الكليني في الصحيح ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « والتكبير أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا » (١) وروى الكليني أيضا في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : وسألته عن التكبير بعد كل صلاة فقال : « كم شئت إنه ليس شي‌ء موقّت » يعني في الكلام (٢).

قوله : ( ويجوز النفر في الأول وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة لمن اجتنب النساء والصيد في إحرامه ).

هذا الحكم مجمع عليه بين العلماء كافة قاله في المنتهى (٣). والأصل فيه قول الله عزّ وجلّ ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) (٤) وأورد هنا سؤال وهو أن المتأخر قد استوفى ما عليه من العمل فكيف ورد في حقه : فلا إثم عليه ، وهذا إنما يقال في حق المقصّر الذي يظن أنه قد لحقه آثام فيما أقدم عليه؟ وأجيب عنه بأن الرخصة قد‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٧ ـ ٤ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٧ ـ ٥ ، الوسائل ٥ : ١٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٤ ح ١.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٧٥.

(٤) البقرة : ٢٠٣.

٢٤٤

______________________________________________________

يكون عزيمة كما في المقصّر فلمكان هذا الاحتمال رفع الحرج في الاستعجال والتأخر دلالة على التخيير بين الأمرين ، أو بأن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل المستعجل آثما ومنهم من يجعل المتأخر آثما فبيّن الله تعالى أن لا إثم على واحد منهما ، أو بأن المعنى في إزالة الإثم عن المتأخر إنما هو لمن زاد على مقام ثلاثة أيام فكأنه قيل : إن أيام منى التي ينبغي المقام فيها ثلاثة فمن نقص فلا إثم عليه ومن زاد على الثلاثة ولم ينفر مع عامة الناس فلا شي‌ء عليه ، أو بأنه من باب رعاية المقابلة والمشاكلة مثل ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) (١) بل هنا أولى ، لأن المندوب يصدق عليه أنه لا إثم على صاحبه فيه وجزاء السيئة ليس سيئة أصلا ، أو بأن المراد رفع الوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهّم أحد أن تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير ، وقد أشار الصادق عليه‌السلام إلى ذلك في صحيحة أبي أيوب حيث قال : « إن الله جلّ ثناؤه يقول ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) فلو سكت لم يبق أحد إلاّ تعجّل ولكنه قال : ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (٢).

وأما قوله عزّ وجلّ ( لِمَنِ اتَّقى ) فقيل : إن معناه ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر لأجل الحاج المتقي كي لا يتخالج في قلبه إثم منهما (٣). وقيل : معناه أن هذه المغفرة إنما تحصل لمن كان متقيا قبل حجه كقوله ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٤) أو لمن كان متقيا من المحظورات حال اشتغاله بالحج (٥). وقيل : إن معناه ذلك التخيير إنما يثبت لمن اتقى‌

__________________

(١) الشورى : ٤٠.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٩ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٧١ ـ ٩٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٠ ـ ١٠٧٤ وفيه صدر الحديث ، الوسائل ١٠ : ٢٢٢ أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ٤ ، بتفاوت يسير بينها.

(٣) كما في مجمع البيان ١ : ٢٩٩ والكشاف ١ : ٢٥٠.

(٤) المائدة : ٢٧.

(٥) كما في التبيان ٢ : ١٧٦ ، ومجمع البيان ١ : ٢٩٩ ، والتفسير الكبير للفخر الرازي ٥ : ٢١٤.

٢٤٥

______________________________________________________

محظورات الإحرام في إحرامه ، أو الصيد والنساء خاصة (١). وروى ابن بابويه في الصحيح ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وسمعته يقول في قول الله عزّ وجلّ ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) فقال : « يتقي الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الأخير » (٢).

قال ابن بابويه ـ رحمه‌الله ـ : وفي رواية ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرّم الله عليه في إحرامه » (٣).

وفي رواية عليّ بن عطية ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لمن اتقى الله عزّ وجلّ » (٤) وروي : « أنه يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه » (٥).

وفي رواية سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) : يعني من مات فلا إثم عليه ، ومن تأخّر أجله فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر » (٦).

وهذه الروايات غير نقية الإسناد ، نعم الرواية الأولى صحيحة السند واضحة الدلالة. ويدل على جواز النفر يوم الثاني عشر للمتقي مضافا إلى الإجماع وظاهر الآية الشريفة روايات كثيرة كصحيحة أبي أيوب قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نريد أن نتعجّل السير ـ وكانت ليلة النفر حين‌

__________________

(١) كنز العرفان : ٣٢٠ ، وزبدة البيان : ٢٨٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤١٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٦ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤١٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٦ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ٧.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤١٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٦ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ٩.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤١٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٧ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ١٠.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤٢٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٧ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ١٢.

٢٤٦

______________________________________________________

سألته ـ فأيّ ساعة ننفر؟ فقال لي : « أما اليوم فلا تنفر حتى تزول الشمس وكانت ليلة النفر ، وأما اليوم الثالث فإذا ابيضّت الشمس فانفر على بركة الله فإن الله جلّ ثناؤه يقول ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) فلو سكت لم يبق أحد إلاّ تعجّل ولكنه قال ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (١).

وصحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس ، وإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أيّ ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده » (٢).

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس فقال : « لا ولكن يخرج ثقله إن شاء ولا يخرج حتى تزول الشمس » (٣).

وصحيحة جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول ثم يقيم بمكة » (٤) وحكى العلاّمة في المختلف عن أبي الصلاح قولا بعدم جواز النفر في الأول للصرورة (٥). ولم نقف علي مستنده.

وقد قطع الأصحاب بأن من لم يتّق الصيد والنساء في إحرامه لا يجوز له‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٩ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٧١ ـ ٩٢٧ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٠ ـ ١٠٧٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٢ أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٥٢٠ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٨٧ ـ ١٤١٤ ، التهذيب ٥ : ٢٧١ ـ ٩٢٦ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٠ ـ ١٠٧٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٢١ أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ٣.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٨٨ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٣ أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ٦.

(٤) الكافي ٤ : ٥٢١ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٨٩ ـ ١٤٢٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٢١ أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ١.

(٥) الكافي في الفقه : ١٩٨. المختلف : ٣١١. ٢١٢.

٢٤٧

______________________________________________________

النفر في الأول ، واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن محمد بن المستنير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أتى النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في الأول » (١) وعن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في قول الله عزّ وجلّ ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) الصيد يعني في إحرامه فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول » (٢) وفي الروايتين ضعف من حيث السند بجهالة محمد بن المستنير راوي الأولى ، وبأن في طريق الرواية الثانية عبد الله بن جبلة وهو واقفي ، ويحيى بن المبارك ومحمد بن يحيى الصيرفي وهما مجهولان. والآية الشريفة محتملة لمعاني متعددة ، بل مقتضى رواية معاوية بن عمار الصحيحة أن المراد بالاتقاء خلاف هذا المعنى (٣). والمسألة محل إشكال ولا ريب أن التأخر إلى النفر الثاني لغير المتقي أولى وأحوط.

والمراد بعدم اتقاء الصيد في حال الإحرام قتله ، وبعدم اتقاء النساء جماعهنّ. وفي إلحاق باقي المحرّمات المتعلقة بالقتل والجماع بهما كأكل الصيد ولمس النساء بشهوة وجهان.

ونقل عن ابن إدريس أنه قال : إنما يجوز النفر في الأول لمن اتقى في إحرامه كلّ محظور يوجب الكفارة (٤). وربما كان مستنده رواية سلام بن المستنير المتقدمة ، وهي ضعيفة بجهالة الراوي. وقد نصّ الأصحاب على أن الاتقاء معتبر في إحرام الحج ، وقوّى الشارح اعتباره في عمرة التمتع لارتباطها بالحج ودخولها فيه (٥). والمسألة قوية الإشكال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٧٣ ـ ٩٣٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٥ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٧٣ ـ ٩٣٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٥ أبواب العود إلى منى ب ١١ ح ٢.

(٣) المتقدمة في ص ٢٤٦.

(٤) السرائر : ١٤٣.

(٥) المسالك ١ : ١٢٦.

٢٤٨

والنفر الثاني ، وهو اليوم الثالث عشر. فمن نفر في الأول لم يجز إلا بعد الزوال ، وفي الثاني يجوز قبله.

______________________________________________________

قوله : ( والنفر الثاني وهو اليوم الثالث عشر ، فمن نفر في الأول لم يجز إلا بعد الزوال وفي الثاني يجوز قبله ).

هذان الحكمان إجماعيان منصوصان في عدّة روايات وقد أوردنا طرفا منها فيما سبق. ولو غربت الشمس على الحاج يوم النفر الأول وهو بمنى وجب عليه المبيت بها والنفر في الأخير إجماعا ، ويدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمّار : « إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمنى وليس لك أن تخرج منها حتى تصبح » (١) ولو ارتحل فغربت الشمس قبل تجاوز الحدود فالظاهر وجوب المبيت عليه أيضا ، لصدق الغروب عليه بمنى فإن إجزاءها متساوية في وجوب المبيت بها. واستقرب العلاّمة في التذكرة عدم وجوب المبيت ، لمشقة الرفع والحطّ (٢). وهو ضعيف.

وهنا فوائد :

الأولى : قال في المنتهى : قد بيّنّا أنه يجوز أن ينفر في النفر الأول فحينئذ يسقط عنه رمي الجمار في اليوم الثالث من أيام التشريق بلا خلاف ، إذا ثبت هذا فإنه يستحب له أن يدفن الحصا المختصة بذلك اليوم بمنى ، وأنكره الشافعي وقال : إنه لا يعرف فيه أثرا بل ينبغي أن يطرح أو يدفع إلى من لم يتعجّل (٣). وهذا كلامه ـ رحمه‌الله ـ ولم يذكر على استحباب الدفن دليلا.

الثانية : ينبغي النفر في اليوم الثالث قبل الزوال ليصلّي الظهر بمكة كما تدل عليه صحيحة أيوب بن نوح قال : كتبت إليه أن أصحابنا قد اختلفوا علينا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٢١ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٧٢ ـ ٩٣٠ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٤ أبواب العود إلى منى ب ١٠ ح ٢.

(٢) التذكرة ١ : ٣٩٤.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٧٧.

٢٤٩

______________________________________________________

فقال بعضهم : إن النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل ، وقال بعضهم : قبل الزوال أفضل فكتب : « أما علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى الظهر والعصر بمكة ولا يكون ذلك إلاّ وقد نفر قبل الزوال » (١) ويتأكد ذلك للإمام ليعلم الناس كيفية الوداع ، ولقوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار : « يصلّي الإمام الظهر يوم النفر بمكة » (٢).

الثالثة : يستحب للمقيم بمنى أن يوقع صلاته كلّها في مسجد الخيف فرضها ونفلها ، وأفضله في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو من المنارة إلى نحو من ثلاثين ذراعا إلى جهة القبلة ، وعن يمينها ويسارها وخلفها كذلك. ويدل على هذه الأحكام ما رواه الكليني في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « صلّ في مسجد الخيف وهو مسجد منى ، وكان مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها وعن يسارها وخلفها نحو من ذلك ، فإن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل فإنه قد صلّى فيه ألف نبي. وإنما سمّي الخيف لأنه مرتفع عن الوادي ، وما ارتفع عن الوادي يسمّى خيفا » (٣).

وروى ابن بابويه بأسانيد متعددة عن الثقة الجليل أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « من صلّى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبّح الله فيه مائة تسبيحة كتب الله له كأجر عتق رقبة ، ومن هلّل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة ، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٢١ ـ ٨ ، التهذيب ٥ : ٢٧٣ ـ ٩٣٥ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٧ أبواب العود إلى منى ب ١٢ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٥٢٠ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٧٣ ـ ٩٣٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٧ أبواب العود إلى منى ب ١٢ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٩ ـ ٤ ، الوسائل ٣ : ٥٣٤ أبواب أحكام المساجد ب ٥٠ ح ١.

٢٥٠

______________________________________________________

يتصدّق به في سبيل الله » (١).

الرابعة : روى الكليني ـ رضي‌الله‌عنه ـ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أهل مكة يتمّون الصلاة بعرفات فقال : « ويلهم ـ أو ويحهم ـ وأيّ سفر أشدّ منه ، لا يتمّ » (٢) وفي الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن أهل مكة إذا خرجوا حجّاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم أتمّوا » (٣).

وأقول : إنا قد بيّنّا فيما سبق تخيير المسافر في الأربعة فراسخ بين القصر والإتمام ، كما هو اختيار شيخنا المفيد (٤) ، والشيخ الطوسي في النهاية وكتابي الأخبار (٥) ، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه (٦) ، وغيرهم (٧). قال في الذكرى : وهو قويّ ، لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ فلا أقلّ من الجواز (٨). وحكى ذلك بعض مشايخنا السادة المعاصرين (٩) عن جدّي ـ قدس‌سره ـ في الفتاوى (١٠). وحكم أهل مكة في عرفات من هذا القبيل كما صرّح به جماعة منهم الشهيد في الدروس فإنه قال : ولو لم يرد الرجوع ليومه فروايتان جمع جماعة بينهما بالتخيير ، وأهل مكة إذا قصدوا عرفات من هذا القبيل ، وفي الخبر الصحيح قصرهم (١١)

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٤٩ ـ ٦٩٠ ، الوسائل ٣ : ٥٣٥ أبواب أحكام المساجد ب ٥١ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٩ ـ ٥ ، الوسائل ٥ : ٤٩٩ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٨ ـ ٢ ، الوسائل ٥ : ٥٠٠ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٨.

(٤) نقله عنه في المختلف : ١٦٢.

(٥) النهاية : ١٢٢ ، والتهذيب ٣ : ٢٠٨ ، والاستبصار ١ : ٢٢٤.

(٦) الفقيه ١ : ٢٨٠.

(٧) كسلار في المراسم : ٧٥.

(٨) الذكرى : ٢٥٦.

(٩) في « ض » : المتأخرين.

(١٠) مال إليه في روض الجنان : ٣٨٤.

(١١) الدروس : ٥٠.

٢٥١

______________________________________________________

انتهى. والظاهر أنه أشار بالخبر الصحيح إلى رواية معاوية بن عمار ، ويمكن حمل النهي الواقع فيها عن الإتمام على الكراهية ، أو على أن متعلق النهي الإتمام على وجه التعيين ، وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى في كتاب الصلاة.

وروى الكليني أيضا في الحسن ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « حجّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقام بمنى ثلاثا يصلّي ركعتين ، ثم صنع ذلك أبو بكر وصنع ذلك عمر ، ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ، ثم أكملها عثمان أربعا فصلّى الظهر أربعا ثم تمارض ليشدّ (١) بذلك بدعته فقال للمؤذن : اذهب إلى عليّ فقل له : فليصلّ بالناس العصر ، فأتى المؤذّن عليّا عليه‌السلام فقال له : إن أمير المؤمنين يأمرك أن تصلّي بالناس العصر فقال : إذن لا أصلّي إلاّ ركعتين كما صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذهب المؤذّن فأخبر عثمان بما قال عليّ ، فقال : اذهب إليه وقل له : إنك لست من هذا في شي‌ء اذهب فصلّ كما تؤمر ، فقال عليّ عليه‌السلام : لا والله لا أفعل ، فخرج عثمان فصلّى بهم أربعا ، فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس عليه وقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام حجّ معاوية فصلّى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلّم فنظرت بنو أميّة بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان ، ثم قالوا : قد قضى على صاحبكم وخالف وأشمت به عدوّه فقاموا فدخلوا عليه فقالوا : أتدري ما صنعت؟ ما زدت أن قضيت على صاحبنا وأشمت به عدوّه ورغبت عن صنيعه وسنته فقال : ويلكم أما تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر وصلّى صاحبكم ستّ سنين كذلك فتأمروني أن أدع سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل أن يحدث؟! فقالوا : لا والله ما نرضى عنك إلاّ بذلك ، قال : فأقيلوا فإني مشفّعكم وراجع إلى سنّة صاحبكم‌

__________________

(١) في « ض » و « ح » : ليسدّ.

٢٥٢

ويستحب للإمام أن يخطب ويعلم الناس ذلك. ومن كان قضى مناسكه بمكة جاز أن ينصرف حيث شاء ، ومن بقي عليه شي‌ء من المناسك عاد وجوبا.

______________________________________________________

فصلّى العصر أربعا ، فلم يزل الخلفاء والأمراء على ذلك إلى اليوم » (١).

الخامسة : قال الشهيد في الدروس : أسماء أيام منى على الراء فالعاشر النحر ، والحادي عشر القر ، والثاني عشر النفر ، والثالث عشر الصدر ، وليلته تسمى ليلة التحصيب ، وفي المبسوط هي ليلة الرابع وعشر (٢).

قوله : ( ويستحب للإمام أن يخطب ويعلم الناس ذلك ).

أي : وقت النفر الأول والثاني ، وينبغي أن يعلمهم فيها أيضا كيفية النفر والتوديع ، ويحثّهم على طاعة الله تعالى وعلى أن يختموا حجهم بالاستقامة والثبات على طاعة الله وأن يكونوا بعد الحج خيرا منهم قبله وأن يذكروا ما عاهدوا الله عليه من خير. وذكر العلاّمة في المنتهى أن محل هذه الخطبة بعد صلاة الظهرين من اليوم الثاني من أيام التشريق (٣).

قوله : ( ومن كان قضى مناسكه بمكة جاز أن ينصرف حيث شاء ، ومن بقي عليه شي‌ء من المناسك عاد وجوبا ).

لا ريب في جواز الانصراف من منى لمن لم يبق عليه شي‌ء من المناسك حيث شاء ، لفراغه من الأفعال الواجبة وإن استحب له العود إلى مكة لوداع البيت ، وروى الشيخ ، عن الحسين بن عليّ السريّ قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما ترى في المقام بمنى بعد ما ينفر الناس؟ فقال : « إن كان قد قضى نسكه فليقم ما شاء وليذهب حيث شاء » (٤).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٨ ـ ٣ ، الوسائل ٥ : ٥٠٠ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٩.

(٢) الدروس : ١٣٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٧٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٧٣ ـ ٩٣٦ ، الوسائل ١٠ : ٢٢٨ أبواب العود إلى منى ب ١٣ ح ١.

٢٥٣

مسائل‌ :

[ الأولى ] : من أحدث ما يوجب حدّا أو تعزيرا أو قصاصا ولجأ إلى الحرم ضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج. ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته فيه.

______________________________________________________

قوله : ( مسائل : الأولى : من أحدث ما يوجب حدّا أو تعزيرا أو قصاصا ولجأ إلى الحرم ضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج ، ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته فيه ).

يدل على ذلك روايات : منها ما رواه الكليني في الصحيح ، عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قتل رجلا في الحلّ ثم دخل الحرم فقال : « لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد » قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : « يقام عليه الحدّ في الحرم صاغرا إنه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (١) فقال : « هذا في الحرم وقال ( فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ ) (٢) » (٣).

وفي الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (٤) قال : « إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فرّ إلى الحرم لم يسغ لأحد أن يأخذه في الحرم ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحدّ في الحرم ، لأنه لم ير للحرم حرمة » (٥).

__________________

(١) البقرة : ١٩٤.

(٢) البقرة : ١٩٣.

(٣) الكافي ٤ : ٢٢٧ ـ ٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣٦ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ١.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) الكافي ٤ : ٢٢٦ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ٣٣٧ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ٢.

٢٥٤

الثانية : يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة ، وقيل : يحرم ، والأول أصحّ.

______________________________________________________

وعن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) قال : « إن سرق سارق بغير مكة أو جنى جناية على نفسه ففرّ إلى مكة لم يؤخذ ما دام في الحرم حتى يخرج عنه ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يجالس حتى يخرج منه فيؤخذ ، وإن أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه » (١).

ويستفاد من هذه الروايات أن من هذا شأنه يمنع من السوق ولا يطعم ولا يبايع ولا يسقى ولا يؤوى ولا يكلّم وليس فيها لفظ التضييق عليه في ذلك ، وإنما وقع هذا اللفظ في عبارات الفقهاء ، وفسّروه بأن يطعم ويسقى ما لا يحتمله مثله عادة أو بما يسدّ الرمق. وكلا المعنيين مناسب للفظ التضييق لو كان واردا في النصوص. ومورد النص الالتجاء إلى الحرم ، ونقل الشارح عن بعض علمائنا أنه ألحق به مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاهد الأئمة عليهم‌السلام محتجا بإطلاق اسم الحرم عليها في بعض الأخبار (٢). وهو ضعيف لكنه مناسب للتعظيم.

قوله : ( الثانية : يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة ، وقيل : يحرم ، والأول أصح ).

القول بالتحريم منقول عن الشيخ (٣) ـ رحمه‌الله ـ واستدل له فخر المحققين في شرح القواعد بأن مكة كلها مسجد ، لقوله تعالى ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٤) وكان الإسراء من دار أمّ‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٢٧ ـ ٣ ، الوسائل ٩ : ٣٣٧ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ٣.

(٢) المسالك ١ : ١٢٦.

(٣) نقله في إيضاح الفوائد ١ : ٣١٩. إلا أن كلامه في النهاية : ٢٨٤ ، والمبسوط ٣٨٤ مشعر بالكراهية.

(٤) الإسراء : ١٠١.

٢٥٥

______________________________________________________

هاني ، وإذا كانت كذلك فلا يجوز منع أحد منها ، لقوله تعالى ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) (١) (٢). وهو استدلال ضعيف.

أما أولا : فلأن الإجماع القطعي منعقد على خلافه.

وأما ثانيا : فلمنع كون الإسراء من بيت أم هاني ، ثم لو سلّمناه لجاز مروره بالمسجد الحرام ليتحقق الإسراء منه حقيقة إلى المسجد الأقصى.

والأصح الكراهية ، لما رواه الشيخ في الصحيح ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس ينبغي لأهل مكة أن يجعلوا على دورهم أبوابا ، وذلك أن الحاج ينزلون معهم في ساحة الدار حتى يقضوا حجهم » (٣) ولفظ « ليس ينبغي » ظاهر في الكراهية.

وعن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكر أبو عبد الله عليه‌السلام هذه الآية ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) قال : « كانت مكة ليس على شي‌ء منها باب وكان أول من علّق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان ، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها » (٤).

وما رواه الكليني ( في الحسن ) (٥) عن الحسين بن أبي العلاء قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إن معاوية أول من علّق على بابه مصراعين فمنع حاجّ بيت الله ما قال الله عزّ وجلّ ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجه وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عزّ وجلّ : ( فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً

__________________

(١) الحج : ٢٥.

(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٣١٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٦٣ ـ ١٦١٥ ، الوسائل ٩ : ٣٦٨ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٢٠ ـ ١٤٥٨ ، الوسائل ٩ : ٣٦٨ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ٤.

(٥) ما بين القوسين ليس في « ض ».

٢٥٦

الثالثة : يحرم أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة ، وقيل : يكره ، وهو الأشبه.

الرابعة : لا تحل لقطة الحرم ، قليلة كانت أو كثيرة ، وتعرّف سنة. ثم إن شاء تصدّق بها ولا ضمان عليه ، وإن شاء جعلها في يده أمانة.

______________________________________________________

فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) (١) وكان فرعون هذه الأمة » (٢).

قوله : ( الثالثة : يحرم أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة ، وقيل : يكره وهو الأشبه ).

القول بالتحريم للشيخ (٣) وجمع من الأصحاب ، وهو مناسب للتعظيم إلاّ أن الأشبه الكراهية ، لأصالة عدم التحريم ، ولقوله عليه‌السلام في صحيحة محمد بن مسلم : « ولا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة » (٤).

قوله : ( الرابعة : لا تحل لقطة الحرم قليلة كانت أو كثيرة ، وتعرّف سنة ، ثم إن شاء تصدّق بها ولا ضمان عليه ، وإن شاء جعلها في يده أمانة ).

ما اختاره المصنف ـ رحمه‌الله ـ من تحريم لقطة الحرم قليلة كانت أو كثيرة أحد الأقوال في المسألة وهو اختيار الشيخ في النهاية (٥). وثانيها الكراهة مطلقا وهو خيرة المصنف في كتاب اللقطة في النافع (٦). وثالثها جواز التقاط القليل مطلقا والكثير على كراهة مع نية التعريف وهو خيرة المصنف أيضا في‌

__________________

(١) إلحاقه : ٣٢ ـ ٣٣.

(٢) الكافي ٤ : ٢٤٣ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٣٦٧ أبواب مقدمات الطواف ب ٣٢ ح ١.

(٣) نقله عنه في إيضاح الفوائد ١ : ٣١٩. وكلامه في النهاية : ٢٨٤. والمبسوط ١ : ٣٨٤ مشعر بالكراهيّة.

(٤) الكافي ٤ : ٢٣٠ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ١٦٥ ـ ٧١٤ ، التهذيب ٥ : ٤٢٠ ـ ١٤٥٩ ، الوسائل ٩ : ٣٤٣ أبواب مقدمات الطواف ب ١٧ ح ١.

(٥) النهاية : ٢٨٤.

(٦) المختصر النافع : ٢٦١.

٢٥٧

______________________________________________________

كتاب اللقطة من هذا الكتاب (١).

احتج القائلون بالتحريم بصحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن لقطة الحرم فقال : « لا تمس أبدا حتى يجي‌ء صاحبها فيأخذها » قلت : فإن كان مالا كثيرا؟ قال : « فإن لم يأخذها إلاّ مثلك فليعرفها » (٢) ورواية عليّ بن أبي حمزة قال : سألت العبد الصالح عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه؟ قال : « بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه » قلت : ابتلي بذلك قال : « يعرّفه » قلت : فإنه عرّفه فلم يجد له باغيا قال : « يرجع به إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين ، فإن جاء طالبه فهو له ضامن » (٣) وصحيحة يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن اللقطة ونحن يومئذ بمنى فقال : « أما بأرضنا هذه فلا يصلح ، وأما عندكم فإن صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كل مجمع ثم هي كسبيل ماله » (٤).

وفي جميع هذه الأدلة نظر ، أما الرواية الأولى فلأنها وإن تضمنت النهي عن مسّ اللقطة إلاّ أن ظاهر قوله : « فإن لم يأخذها إلاّ مثلك فليعرّفها » جواز أخذها على هذا الوجه ، فلا يتم الاستدلال بها على التحريم مطلقا وقد روى الكليني ، عن الفضيل بن يسار أنه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يجد اللقطة في الحرم قال : « لا يمسّها وأما أنت فلا بأس لأنك تعرّفها » (٥) ولا يبعد حمل النهي في الروايتين على الكراهية ، لورود مثله في مطلق اللقطة كقوله عليه‌السلام في صحيحة الحلبي : « وكان عليّ بن‌

__________________

(١) الشرائع ٣ : ٢٩١.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ١٤٦١ ، الوسائل ٩ : ٣٦١ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٨ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ١٤٦٢ ، الوسائل ٩ : ٣٦١ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٨ ح ٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٢١ ـ ١٤٦٣ ، الوسائل ٩ : ٣٦١ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٨ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣٩ ـ ٢ ، الوسائل ٩ : ٣٦٢ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٨ ح ٥.

٢٥٨

______________________________________________________

الحسين عليهما‌السلام يقول لأهله : لا تمسّوها » (١) وفي رواية الحسين بن أبي العلاء وقد سأله عن اللقطة : « لا تعرض لها فلو أن الناس تركوها لجاء صاحبها فأخذها » (٢).

وأما الرواية الثانية : فهي مع ضعف سندها غير صريحة في التحريم ، بل هي أظهر في الدلالة على الكراهة. وكذا الكلام في الثالثة. وقد ظهر بذلك قوة القول بالكراهة.

واختلف الأصحاب أيضا في حكم هذه اللقطة بعد الالتقاط فخيّر المصنف هنا بعد التعريف بين التصدق بها ولا ضمان وبين إبقائها في يده أمانة ، وظاهره عدم جواز تملكها مطلقا. وجوّز في كتاب اللقطة من هذا الكتاب تملك ما دون الدرهم دون الزائد ، وخيّر بين إبقائه أمانة وبين التصدق به ولا ضمان (٣). ونقل عن أبي الصلاح أنه جوّز تملك الكثير أيضا. وربما كان مستنده عموم ما دل على جواز تملك اللقطة السالم عمّا يصلح للمعارضة ، وهي غير بعيد وإن كان الأظهر وجوب التصدق بها بعد التعريف ، لرواية عليّ بن أبي حمزة المتقدمة (٤) ، وما رواه الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الحسن ، عن إبراهيم بن عمر ـ وهو اليماني الصنعاني ـ قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرّف سنة فإن وجدت لها طالبا وإلاّ تصدّقت بها ، ولقطة غيرها تعرّف سنة فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك » (٥) (٦).

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٨٩ ـ ١١٦٣ ، الإستبصار ٣ : ٦٨ ـ ٢٢٧ ، الوسائل ١٧ : ٣٤٧ أبواب اللقطة ب ١ ح ١.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٩٠ ـ ١١٦٦ ، الوسائل ١٧ : ٣٤٨ أبواب اللقطة ب ١ ح ٢.

(٣) الشرائع ٣ : ٢٩١.

(٤) في ص ٢٥٥.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣٨ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٣٦١ أبواب مقدمات الطواف ب ٢٨ ح ٤.

(٦) في « ح » زيادة : والمسألة محل تردد.

٢٥٩

الخامسة : إذا ترك الناس زيارة النبي عليه‌السلام أجبروا عليها ، لما يتضمن من الجفاء المحرّم.

______________________________________________________

وينبغي على القول بالتحريم أن تكون مضمونة على الملتقط مطلقا للعدوان ، لكن أطلق القول بكونها أمانة من حرّم الالتقاط ومن جوّزه.

قوله : ( الخامسة : إذا ترك الناس زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجبروا عليها ، لما يتضمن من الجفاء المحرّم ).

أشار بالتعليل إلى ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « من حج ولم يزرني فقد جفاني » (١) ولا شك أن جفاءه محرم فيكون ترك زيارته المؤدية إلى جفائه كذلك ، لكن هذه الرواية لم نقف عليها مستندة في كتب الأصحاب ، ولو صحّ سندها لاقتضت وجوب زيارته على كل حاج. ويدل على وجوب الإجبار على زيارته إذا تركها الناس ما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن حفص بن البختري وهشام بن سالم ومعاوية بن عمّار وغيرهم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، فإن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين » (٢) ومقتضى الرواية أنه يجب على الوالي الإجبار على زيارته على هذا الوجه وعلى المقام بالحرمين وهو يقتضي وجوب ذلك كفاية وإلا لم يجز الإجبار عليه ، إذ لا إجبار على ما أجاز الشارع تركه. وما قيل من أن الإجبار على ذلك على هذا الوجه وإن كان عقابا لا يدل على الوجوب ، لأنه دنيوي وإنما يستحق بترك الواجب العقاب الأخروي (٣). فضعيف ، لأن المعاقبة الدنيوية إنما تسوغ‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٨ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٣٣٨ ـ ١٥٧١ ، علل الشرائع : ٤٦٠ ـ ٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٦١ أبواب المزار ب ٣ ح ٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٥٩ ـ ١٢٥٩ ، الوسائل ٨ : ١٥ أبواب وجوب الحج ب ٥ ح ٢.

(٣) كما في المسالك ١ : ١٢٧.

٢٦٠