مدارك الأحكام - ج ٨

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٨

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٧

وبنى على الأقل في النافلة.

الثانية : من زاد على السبع ناسيا وذكر قبل بلوغه الركن قطع ولا شي‌ء عليه.

______________________________________________________

وثانيا بإمكان الحمل على الاستحباب ، كما يدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيحة منصور بن حازم : « والإعادة أحب إلى وأفضل » (١).

وكيف كان فينبغي القطع بعدم وجوب العود لاستدراك الطواف مع عدم الاستئناف كما تضمنته الأخبار المستفيضة.

قوله : ( وبنى على الأقل في النافلة ).

الوجه في هذه المسألة معلوم مما سبق ، ويدل عليه أيضا رواية أبي بصير أنه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك رجل شك في طواف نافلة ، قال : « يبني على الأقل » (٢).

وذكر الشارح قدس‌سره أنه يجوز للشاك هنا البناء على الأكثر حيث لا يستلزم الزيادة كالصلاة (٣). وهو غير واضح.

قوله : ( الثانية ، من زاد على السبع ناسيا وذكر قبل بلوغه الركن قطع ولا شي‌ء عليه ).

هذه المسألة كالمقيدة لقوله : « ومن زاد على السبعة سهوا أكملها أسبوعين » فإن الزيادة عليها تتحقق بخطوة مع عدم ثبوت ذلك الحكم ، وقد تقدم الكلام في المسألتين مفصلا.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٦ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٧٣٥ أبواب الطواف ب ٣٣ ح ٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٣ ـ ٣٦٩ ، الإستبصار ٢ : ٢١٩ ـ ٧٥٥ ، الوسائل ٩ : ٤٣٥ أبواب الطواف ب ٣٣ ح ١٢.

(٣) المسالك ١ : ١٢٣.

١٨١

الثالثة : من طاف وذكر أنه لم يتطهّر أعاد في الفريضة دون النافلة ، ويعيد صلاة الطواف الواجب واجبا والندب ندبا.

الرابعة : من نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع ، قيل : عليه بدنة والرجوع إلى مكة للطواف ، وقيل : لا كفارة عليه ، وهو الأصحّ ، ويحمل القول الأول على من واقع بعد الذكر.

______________________________________________________

قوله : ( الثالثة ، من طاف وذكر أنه لم يتطهر أعاد في الفريضة دون النافلة ، ويعيد صلاة الطواف الواجب واجبا ، والندب ندبا ).

يدل على ذلك روايات ، منها ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أحدهما عليهما‌السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور فقال : « يتوضأ ويعيد طوافه ، وإن كان تطوعا توضأ وصلى ركعتين » (١) ، وقد تقدم الكلام في هذه المسألة أيضا.

قوله : ( الرابعة ، من نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع ، قيل : عليه بدنة والرجوع إلى مكة للطواف ، وقيل : لا كفارة عليه ، وهو الأصح ، ويحمل القول الأول على من واقع بعد الذكر ).

أما وجوب الرجوع إلى مكة لاستدراك الطواف مع الإخلال به على وجه النسيان فقد تقدم الكلام فيه ، وأما وجوب البدنة مع ذلك إذا واقع قبل تداركه فهو اختيار الشيخ في النهاية والمبسوط (٢).

وإطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق بين أن تقع المواقعة بعد الذكر أو قبله ، واحتج له في المختلف (٣) بحسنة معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن متمتع وقع على أهله ولم يزر البيت ، قال : « ينحر‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٦ ـ ٣٨٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٢ ـ ٧٦٤ ، الوسائل ٩ : ٤٤٤ أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٣.

(٢) النهاية : ٢٤٠ ، والمبسوط ١ : ٣٥٩.

(٣) المختلف : ٢٩٢.

١٨٢

______________________________________________________

جزورا ، وقد خشيت أن يكون ثلم حجه إن كان عالما ، وإن كان جاهلا فلا شي‌ء عليه » (١).

وصحيحة عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت ، قال : « يهريق دما » (٢).

وهو احتجاج ضعيف ، لاختصاص الرواية الأولى بالعالم ، ولأن المتبادر من الرواية الثانية وقوع الوقاع قبل الزيارة لا قبل الإتيان بالطواف المنسي. والأجود الاستدلال على هذا القول بصحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء ، كيف يصنع؟ قال : « يبعث بهدي ، إن كان تركه في حج بعث به في حج ، وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ، ووكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه » (٣).

وقال ابن إدريس (٤) والمصنف وأكثر الأصحاب إنما تجب الكفارة بالمواقعة بعد الذكر ، لأن من واقع قبل الذكر حكمه حكم من واقع ناسيا لإحرامه ، وسيأتي إن شاء الله أن من هذا شأنه لا كفارة عليه ، وهو جيد لو لا ورود الرواية باللزوم مع التصريح فيها باستمرار النسيان إلى ما بعد المواقعة.

وذكر الشارح أن في قول المصنف : ويحتمل القول الأول على من واقع بعد الذكر ، تسامحا فإن الذي يناسب حمله على ذلك الرواية لا القول (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٧٨ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٤ ، الوسائل ٩ : ٢٦٤ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٩ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٩ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ ـ ١١٠٥ ، الوسائل ٩ : ٢٦٤ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٩ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٨ ـ ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ ـ ٧٨٨ ، قرب الإسناد : ١٠٧ بتفاوت يسير ، الوسائل ٩ : ٤٦٧ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ١.

(٤) السرائر : ١٣٥.

(٥) المسالك ١ : ١٢٣.

١٨٣

ولو نسي طواف النساء جاز أن يستنيب ،

______________________________________________________

وهو جيد لكن الظاهر أن مراد المصنف أن عبارة الشيخ ليست صريحة في لزوم الكفارة بالوقاع قبل الذكر ، لأنها مطلقة ، فيمكن أن يكون مراد الشيخ منها ما ذكره المصنف ، لأن الإطلاق لا يأبى ذلك ، بل هو شائع في عباراتهم.

قوله : ( ولو نسي طواف النساء جاز له أن يستنيب )

إطلاق العبارة يقتضي أنه لا يشترط في جواز الاستنابة هنا تعذّر العود كما اعتبر في طواف الحج ، بل يجوز وإن أمكن ، وبهذا التعميم صرح العلامة في جملة من كتبه (١) وغيره (٢) ، ويدل عليه روايات ، منها ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله ، قال : « يرسل فيطاف عنه ، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه » (٣).

وقال الشيخ في التهذيب والعلامة في المنتهى : إنما تجوز الاستنابة إذا تعذر عليه العود (٤). واستدل بما رواه في الصحيح ، عن معاوية بن عمار أيضا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة ، قال : « لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت » ، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : « يأمر من يطوف عنه » (٥) وهذه الرواية غير صريحة في المنع من الاستنابة إذا أمكن العود ، فكان القول بالجواز مطلقا أقوى.

نعم لو اتفق عوده وجب عليه المباشرة ولم تكن له الاستنابة قطعا ، لما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٦٤ ، والقواعد ١ : ٨٤.

(٢) كالشهيد الأول في اللمعة : ٧٢. والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥٥ ـ ٨٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٣ ـ ٨٠٨ ، الوسائل ٩ : ٤٦٨ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٥ ، والمنتهى ٢ : ٧٦٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٥٦ ـ ٨٦٧ ، الوسائل ٩ : ٤٦٨ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٤.

١٨٤

ولو مات قضاه وليّه وجوبا.

الخامسة : من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد ، ثم لا يجوز مع القدرة.

______________________________________________________

عليه‌السلام قال ، قلت له : رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله ، قال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج ، فإنه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت » (١).

قوله : ( ولو مات قضاه وليه وجوبا ).

يدل على ذلك روايات ، منها صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ، وفي رواية أخرى صحيحة له عنه عليه‌السلام : « فإن هو مات فليقض عنه وليه أو غيره » (٢).

قوله : ( الخامسة : من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد ، ثم لا يجوز مع القدرة ).

بل الأظهر عدم جواز تأخيره إلى الغد ، كما اختاره الشيخ في التهذيب والمصنف في النافع (٣) وغيرهم من الأصحاب (٤) ، لصحيحة العلاء بن رزين ، قال : سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : « لا » (٥).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ، قال : سألته عن رجل طاف‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٤٥ ـ ١١٧٥ ، الوسائل ٩ : ٤٦٩ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٨.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٥٥ ـ ٨٦٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٣ ـ ٨٠٧ ، الوسائل ٩ : ٤٦٧ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٨ ، والمختصر النافع : ٩٥.

(٤) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢٢ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ٩ : ٤٧١ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٣.

١٨٥

السادسة : يجب على المتمتع تأخير الطواف والسعي حتى يقف بالموقفين ويقضي مناسك يوم النحر ، ولا يجوز التعجيل ، الا للمريض ، والمرأة التي تخاف الحيض ، والشيخ العاجز ،

______________________________________________________

بالبيت فأعيا ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : « لا » (١).

ويجوز تأخيره ساعة وساعتين ومن النهار إلى الليل للراحة قطعا ، ( للأصل وما ) (٢) رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان : أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقدم مكة حاجا وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة ، أيؤخر السعي إلى أن يبرد؟ فقال : « لا بأس به ، وربما فعلته » (٣). قال ابن بابويه رحمه‌الله : وفي حديث آخر : « يؤخره إلى الليل ».

وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أحدهما عليهما‌السلام عن رجل طاف بالبيت فأعيا ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة؟ قال : « نعم » (٤).

قوله : ( السادسة ، يجب على المتمتع تأخير الطواف والسعي حتى يقف بالموقفين ويقضي مناسك منى يوم النحر ، ولا يجوز التعجيل ، إلا للمريض ، والمرأة التي تخاف الحيض ، والشيخ العاجز ).

أما أنه لا يجوز للمتمتع تقديم طوافه وسعيه على المضي إلى عرفات اختيارا فقال في المنتهى : إنه قول العلماء كافة (٥). واستدل عليه بما رواه الشيخ ، عن أبي بصير قال ، قلت : رجل كان متمتعا فأهل بالحج ، قال :

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٥٣ ـ ١٢٢٠ ، الوسائل ٩ : ٤٧١ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٣.

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : ولما.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٥٢ ـ ١٢١٨ ، الوسائل ٩ : ٤٧٠ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٩ ـ ٤٢٤ ، الوسائل ٩ : ٤٧١ أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٢.

(٥) المنتهى ٢ : ٧٠٨.

١٨٦

______________________________________________________

« لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات ، فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتد بذلك الطواف » (١) وهذه الرواية ضعيفة السنة باشتماله على إسماعيل بن مرار وهو مجهول ، وعلي بن أبي حمزة وأبي بصير وهو يحيى بن القاسم وهما واقفيان (٢).

وفي مقابلها أخبار كثيرة دالة بظاهرها على جواز التقديم مطلقا ، كصحيحة علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل المتمتع يهل بالحج ثم يطوف ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى ، قال : « لا بأس به » (٣).

وصحيحة حفص بن البختري ، عن أبي الحسن عليه‌السلام : في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال : « هما سواء أخر ذلك أو قدمه » يعني للمتمتع (٤).

وصحيحة جميل (٥) : أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج فقال : « هما سيان قدمت أو أخرت » (٦).

وأجاب الشيخ (٧) ومن تبعه (٨) عن هذه الروايات بالحمل على الشيخ الكبير والمريض اللذين يخافان من الزحام بعد العود والمرأة التي تخاف وقوع‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٠ ـ ٤٢٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩٣ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب أقسام الحج ب ١٣ ح ٥.

(٢) راجع رجال الكشي ١ : ٤٠٤ ـ ٢٩٦ ، ورجال النجاشي : ٢٤٩ ـ ٦٥٦ ، ورجال الطوسي : ٣٥٣ و ٣٦٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٣١ ـ ٤٣٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٩ ـ ٧٩٤ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب أقسام الحج ب ١٣ ح ٣.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٤٤ ـ ١١٦٧ ، الوسائل ٩ : ٤٧٤ أبواب الطواف ب ٦٤ ح ٣.

(٥) في « م » و « ح » زيادة : ابن دراج.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٤٤ ـ ١١٦٨ ، الوسائل ٩ : ٤٧٤ أبواب الطواف ب ٦٤ ح ٤.

(٧) التهذيب ٥ : ١٣١ ، والاستبصار ٢ : ٢٣٠.

(٨) كابن البراج في المهذب ١ : ٢٣٢.

١٨٧

______________________________________________________

الحيض بعده ، واستدلوا على هذا التأويل بما رواه الشيخ ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير والمريض والمرأة والمعلول طواف الحج قبل أن يخرج إلى منى » (١).

وعن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن المتمتع إن كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض تعجل طواف الحج قبل أن تأتي منى؟ قال : « نعم هكذا تعجل » (٢).

وفي الصحيح عن صفوان ، عن يحيى الأزرق ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر ، أيصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتي منى؟ قال : « إذا خافت أن تضطر إلى ذلك فعلت » (٣).

ونقل عن ابن إدريس أنه منع من التقديم مطلقا (٤) ، وهو ضعيف ، بل لو لا الإجماع المدعى (٥) على المنع من جواز التقديم اختيارا لكان القول به متجها ، لاستفاضة الروايات الواردة بذلك مع صحة سندها ووضوح دلالتها وقصور الأخبار المنافية لذلك من حيث السند أو المتن ( ومع ذلك فالجواز غير بعيد ) (٦).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣١ ـ ٤٣١ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٠ ـ ٧٩٥ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب أقسام الحج ب ١٣ ح ٦.

(٢) التهذيب ٥ : ١٣١ ـ ٤٣٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٠ ـ ٧٩٦ ، الوسائل ٨ : ٢٠٣ أبواب أقسام الحج ب ١٣ ح ٧ ، وفيها : نعم من كان هكذا يعجل.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٩٨ ـ ١٣٨٤ ، الوسائل ٩ : ٤٧٣ أبواب الطواف ب ٦٤ ح ٢.

(٤) السرائر : ١٣٥.

(٥) في « م » و « ح » : المنعقد.

(٦) ما بين القوسين ليس في « ض ».

١٨٨

ويجوز التقديم للقارن والمفرد على كراهية.

______________________________________________________

قوله : ( ويجوز التقديم للقارن والمفرد على كراهية ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وقد ورد بجواز التقديم روايات كثيرة ، كصحيحة حماد بن عثمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مفرد الحج أيعجل طوافه أم يؤخره؟ قال : « هو والله سواء عجله أو أخره » (١).

وموثقة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المفرد للحج يدخل مكة ، أيقدم طوافه أم يؤخره؟ فقال : « سواء » (٢).

وروي عن زرارة في الموثق أيضا قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن مفرد الحج يقدم طوافه أم يؤخره؟ فقال : « يقدمه » ، فقال : رجل إلى جنبه لكن شيخي لم يفعل ذلك كان إذا قدم أقام بفخ حتى إذا راح الناس إلى منى راح معهم ، فقلت من شيخك؟ فقال : علي بن الحسين ، فسألت عن الرجل فإذا هو أخو علي بن الحسين عليه‌السلام لأمه (٣).

ونقل عن ابن إدريس أنه منع من التقديم هنا أيضا محتجا بالإجماع على وجوب الترتيب (٤) ( قال في المنتهى : وهو مذهب الجمهور كافة ، ثم أجاب عن حجة ابن إدريس ) (٥) بمنع الإجماع في موضع الخلاف ، قال : على أن شيخنا ـ رحمه‌الله ـ قد ادعى إجماع الطائفة على جواز التقديم فكيف‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٥٩ ـ ٢ ، التهذيب ٥ : ١٣٢ ـ ٤٣٤ ، الوسائل ٨ : ٢٠٤ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٤٥٩ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ١٣١ ـ ٤٣٣ ، الوسائل ٨ : ٢٠٤ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٥٩ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٤٥ ـ ١٣٦ ، الوسائل ٨ : ٢٠٤ أبواب أقسام الحج ب ١٤ ح ٣.

(٤) السرائر : ١٣٥. إلا أنه لم يحتج بالإجماع ، بل قال : ولا خلاف فيه ، ولكن نقل احتجاجه به في المختلف : ٢٦٢.

(٥) بدل ما بين القوسين في « ض » : وأجاب عنه في المنتهى.

١٨٩

السابعة : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع ولا لغيره اختيارا ، ويجوز مع الضرورة والخوف من الحيض.

______________________________________________________

يصح له حينئذ دعوى الإجماع على خلافه والشيخ أعرف بمواضع الوفاق والخلاف (١).

ومتى قدّم المتمتع أو المفرد أو القارن الطواف جدّدوا التلبية ليبقوا على إحرامهم ، ولو لم يجددوا انقلبت الحجة عمرة عند الشيخ (٢) وأكثر الأصحاب ، وقد تقدم الكلام في ذلك.

قوله : ( السابعة ، لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع ولا لغيره اختيارا ، ويجوز مع الضرورة أو الخوف من الحيض ).

أما أنه لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع ولا لغيره مع الاختيار فهو مذهب الأصحاب لا أعرف فيه مخالفا ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة المتضمنة لوجوب تأخيره عن السعي ، كقوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار : « ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ، ثم ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي‌ء أحرمت منه إلا النساء ، ثم ارجع إلى البيت وطف به أسبوعا آخر ، ثم تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم » (٣) الحديث. وثمّ يقتضي الترتيب قطعا.

ويؤيده رواية أحمد بن محمد (٤) ، عمن ذكره قال ، قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٠٩.

(٢) المبسوط ١ : ٣١١.

(٣) الكافي ٤ : ٥١١ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥١ ـ ٨٥٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٠٥ أبواب زيارة البيت ب ٤ ح ١.

(٤) في « ح » زيادة : ابن عثمان.

١٩٠

الثامنة : من قدّم طواف النساء على السعي ساهيا أجزأه ، ولو كان عامدا لم يجز.

______________________________________________________

طواف النساء ثم سعى فقال : « لا يكون سعي إلا من قبل طواف النساء » (١).

وأما جواز تقديمه على السعي مع الضرورة والخوف من الحيض فمقطوع به في كلام الأصحاب ، ولم أقف فيه على نص بالخصوص ، وربما أمكن الاستدلال عليه مضافا إلى الحرج والمشقة اللازمين من إيجاب تأخيره مع الضرورة بما رواه الشيخ في الموثق ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « لا يضره ، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه » (٢). وهذه الرواية وإن كانت مطلقة إلا أنه يجب حملها على حالة الضرورة ، توفيقا بين الأخبار.

ويؤيده فحوى صحيحة أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخراز قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدخل عليه رجل فقال : أصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ، ولم تطف طواف النساء ، ويأبى الجمال أن يقيم عليها ، قال ، فأطرق وهو يقول : « لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمالها » ثم رفع رأسه إليه فقال : « تمضي فقد تم حجها » (٣) وإذا جاز ترك الطواف من أصله للضرورة جاز تقديمه بطريق أولى.

قوله : ( الثامنة ، من قدّم طواف النساء على السعي ساهيا أجزأه ، ولو كان عامدا لم يجز ).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٢ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٣ ـ ٤٣٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ ـ ٧٩٩ ، الوسائل ٩ : ٤٧٥ أبواب الطواف ب ٦٥ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٣٣ ـ ٤٣٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ ـ ٨٠٠ ، الوسائل ٩ : ٤٧٥ أبواب الطواف ب ٦٥ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٥١ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٤٥ ـ ١١٧٦ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب الطواف ب ٨٤ ح ١٣.

١٩١

التاسعة : قيل : لا يجوز الطواف وعلى الطائف برطلة ، ومنهم من خصّ ذلك بطواف العمرة ، نظرا إلى تحريم تغطية الرأس.

______________________________________________________

أما عدم الإجزاء مع العمد فمعلوم مما سبق ، وأما إجزاء التقديم إذا‌ وقع على سبيل السهو فاستدل عليه في التهذيب برواية سماعة المتقدمة ، وهو جيد لو صح السند.

وفي إلحاق الجاهل بالعامد أو بالساهي وجهان ، ورواية سماعة تتناوله لكن فيها ما عرفت.

قوله : ( التاسعة ، قيل : لا يجوز الطواف وعلى الطائف برطلّة ، ومنهم من خص ذلك بطواف العمرة ، نظرا إلى تحريم تغطية الرأس ).

البرطلّة بضم الباء والطاء وإسكان الراء وتشديد اللام المفتوحة : قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما على ما ذكره جماعة (١). وقد اختلف الأصحاب في حكمها ، فقال الشيخ في النهاية : إنه لا يجوز الطواف فيها (٢). وقال في التهذيب بالكراهة (٣). وقال ابن إدريس : إن لبسها مكروه في طواف الحج ومحرم في طواف العمرة ، نظرا إلى تحريم تغطية الرأس فيه (٤).

والأصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ ، عن يزيد بن خليفة ، قال : رآني أبو عبد الله عليه‌السلام أطوف حول الكعبة وعليّ برطلّة ، فقال لي بعد ذلك : « قد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلّة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زيّ اليهود » (٥).

وعن زياد بن يحيى الحنظلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال :

__________________

(١) كالمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٦٧ ، والشهيد في المسالك ١ : ١٢٤.

(٢) النهاية : ٢٤٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٣٤.

(٤) السرائر : ١٣٥.

(٥) التهذيب ٥ : ١٣٤ ـ ٤٤٣ ، الوسائل ٩ : ٤٧٧ أبواب الطواف ب ٦٧ ح ٢.

١٩٢

العاشرة : من نذر أن يطوف على أربع ، قيل يجب عليه طوافان. وقيل لا ينعقد النذر. وربما قيل بالأول إذا كان الناذر امرأة اقتصارا على مورد النقل.

______________________________________________________

« لا تطوفن بالبيت وعليك برطلّة » (١).

والروايتان ضعيفتا السند (٢) ، فلا يجوز التعويل عليهما في إثبات حكم مخالف للأصل. نعم يمكن القول بالكراهة خروجا عن الخلاف وتساهلا في أدلة السنن.

ولو كان الطواف مما يجب كشف الرأس فيه كطواف العمرة حرم ستر الرأس بهذه القلنسوة وبغيرها قطعا ، ولو طاف ساترا أثم ولم يبطل طوافه ، لرجوع النهي إلى وصف خارج عن العبادة.

قوله : ( العاشرة : من نذر أن يطوف على أربع قيل : يجب عليه طوافان ، وقيل : لا ينعقد النذر ، وربما قيل بالأول إذا كان الناذر امرأة ، اختصارا على مورد النقل ).

القول بوجوب الطوافين للشيخ (٣) وجمع من الأصحاب (٤) ، لرواية السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٤ ـ ٤٤٢ ، الوسائل ٩ : ٤٧٧ أبواب الطواف ب ٦٧ ح ١ ، ورواها في الكافي ٤ : ٤٢٧ ـ ٤.

(٢) أما الثانية فلأن من جملة رجالها سهل بن زياد وهو ضعيف والمثنى وهو مشترك بين مهمل وضعيف ، على أن راويها وهو زياد بن يحيى الحنظلي مجهول. وأما الأولى فلأن راويها يزيد بن خليفة واقفي ـ راجع رجال الشيخ : ٥٣٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٣٥ ، والنهاية : ٢٤٢ ، والمبسوط ١ : ٣٦٠.

(٤) كالشهيد الأول في اللمعة : ٧٣.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٠ ـ ١٨ ، الفقيه ٢ : ٣٠٨ ـ ١٥٣١ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ـ ٤٤٦ ، الوسائل ٩ : ٤٧٨ أبواب الطواف ب ٧٠ ح ١.

١٩٣

الحادية عشرة : لا بأس أن يعوّل الرجل على غيره في تعداد الطواف ، لأنه كالإمارة.

______________________________________________________

ورواية أبي الجهم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عن علي عليهم‌السلام : أنه قال في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : « تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها » (١).

وهاتان الروايتان ضعيفتا السند جدا (٢) ، فالأصح ما اختاره ابن إدريس من عدم انعقاد النذر ، لأن هذه الصفة غير متعبد بها فلا يكون نذرها مشروعا (٣).

وقال العلامة في المنتهى : الذي ينبغي الاعتماد عليه بطلان النذر في حق الرجل والتوقف في حق المرأة ، فإن صح سند الخبرين عمل بموجبهما ، وإلا بطل كالرجل (٤). وهو جيد ، لكن لا ريب في ضعف الروايتين.

فرع :

قال في الدروس : لو عجز إلا عن المشي على الأربع فالأشبه فعله ، ويمكن ترجيح الركوب لثبوت التعبد به اختيارا (٥). هذا كلامه ، ولا ريب في ترجيح الركوب وإن لم يثبت التعبد به اختيارا لثبوت التعبد به في حق المعذور قطعا.

قوله : ( الحادية عشرة ، لا بأس أن يعوّل الرجل على غيره في تعداد الطواف لأنه كالأمارة ).

المستند في ذلك ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح ، عن سعيد‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٩ ـ ١١ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ـ ٤٤٧ ، الوسائل ٩ : ٤٧٨ أبواب الطواف ب ٧٠ ح ٢.

(٢) أما الأولى فلأن راويها عامي ـ راجع عدة الأصول : ٣٨٠ ، وأما الثانية فلأن من جملة رجالها موسى بن عيسى اليعقوبي وهو مجهول ، ولأن راويها وهو أبو الجهم مشترك بين جماعة ومنهم من لم يوثق.

(٣) السرائر : ١٣٥.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٠٣.

(٥) الدروس : ١١٢.

١٩٤

ولو شكّا جميعا عوّلا على الأحكام المتقدمة.

الثانية عشرة : طواف النساء واجب في الحج والعمرة المفردة.

______________________________________________________

الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطواف ، أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟ قال : « نعم » (١).

وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الحافظ بين الذكر والأنثى ، ولا بين من طلب الطائف منه الحفظ وغيره ، وهو كذلك.

نعم يشترط فيه البلوغ والعقل إذا لا اعتداد بخبر الصبي والمجنون. ولا يبعد اعتبار عدالته للأمر بالتثبت عند خبر الفاسق.

قوله : ( ولو شكّا جميعا عوّلا على الأحكام المتقدمة ).

المراد أنه إذا وقع الشك منهما معا رجع الطائف إلى شك نفسه ولزمه مقتضاه ، ولا ريب في ذلك.

قوله : ( الثانية عشرة ، طواف النساء واجب في الحج والعمرة المفردة ).

أما وجوبه في الحج بأنواعه فقال العلامة في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع (٢). وتدل عليه روايات كثيرة ، منها صحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة ، فعليه إذا قدم طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة ، وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام » (٣).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٥٥ ـ ١٢٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ ـ ٤٤٠ ، الوسائل ٩ : ٤٧٦ أبواب الطواف ب ٦٦ ح ١.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٦٨.

(٣) الكافي ٤ : ٢٩٥ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٣٥ ـ ١٠٤ ، الوسائل ٨ : ١٥٥ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٨.

١٩٥

______________________________________________________

وصحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف ، ويصلي لكل طواف ركعتين ، وسعيان بين الصفا والمروة » (١).

وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إنما نسك الذي يقرن بين الصفا والمروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وصلاة ركعتين خلف المقام وسعي واحد بين الصفا والمروة وطواف بالبيت بعد الحج » (٢).

وحسنة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : المفرد عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء ، وليس عليه هدي ولا أضحية » (٣).

وأما وجوبه في العمرة المفردة فهو المعروف من مذهب الأصحاب ، ونقل العلامة في المنتهى فيه الإجماع (٤) ، واستدل عليه برواية إسماعيل بن رياح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال : « نعم » (٥).

ورواية محمد بن عيسى ، قال : كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي إلى الرجل يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء؟

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦ ـ ١٠٦ ، الوسائل ٨ : ١٥٦ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢ ـ ١٢٤ ، الوسائل ٨ : ١٥٤ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٦.

(٣) الكافي ٤ : ٢٩٨ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٤٤ ـ ١٣١ ، الوسائل ٨ : ١٥٦ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ١٣.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٦٨.

(٥) الكافي ٤ : ٥٣٨ ـ ٨ ، التهذيب ٥ : ٢٥٣ ـ ٨٥٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ ـ ٨٠١ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٨ ، وفيها عن أبي الحسن عليه‌السلام.

١٩٦

______________________________________________________

وعن التي يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب : « أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء » (١).

ورواية إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عمر بن يزيد أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « المعتمر يطوف ويسعى ويحلق ولا بد له بعد الحلق من طواف آخر » (٢).

وهذه الروايات كلها قاصرة من حيث السند وبإزائها أخبار أخر دالة بظاهرها على سقوط طواف النساء في العمرة والمفردة.

كصحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء » (٣).

وصحيحة صفوان بن يحيى قال : سأله أبو حارث عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وطاف وسعى وقصر ، هل عليه طواف النساء؟ قال : « لا ، إنما طواف النساء بعد الرجوع من منى » (٤).

ورواية أبي خالد مولى علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال : « ليس عليه طواف النساء » (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٣٨ ـ ٩ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ ـ ٨٦١ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ ـ ٨٠٤ ، الوسائل ٩ : ٤٩٣ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٥٣٨ ـ ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ ـ ٨٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٣١ ـ ٨٠٢ ، الوسائل ٩ : ٤٩٣ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٧٥ ـ ١٣٤٢ ، الوسائل ١٠ : ٢٥٠ أبواب العمرة ب ٩ ح ٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٤ ـ ٨٦٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ ـ ٨٠٥ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٦.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٥٤ ـ ٨٦٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ ـ ٨٠٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٩.

١٩٧

دون المتمتع بها ،

______________________________________________________

ورواية يونس رواه قال : « ليس طواف النساء إلا على الحاج » (١).

وحكى الشهيد في الدروس عن الجعفي الإفتاء بمضمون هذه الروايات (٢) ، وهو غير بعيد ، لاعتبار سند بعضها وضعف معارضها ومطابقتها لمقتضى الأصل ، إلا أن المصير إلى ما عليه أكثر الأصحاب أولى وأحوط.

قوله : ( دون المتمتع بها ).

هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب ، بل قال في المنتهى : إنه لا يعرف في ذلك خلافا (٣). والأخبار الصحيحة الواردة بذلك مستفيضة جدا ، منها قول الصادق عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة : « فعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة » (٤).

وفي صحيحة منصور بن حازم : « على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة » (٥).

وقول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيحة زرارة الواردة في كيفية المتعة : « يهل بالحج في أشهر الحج ، فإذا طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام وسعى بين الصفا والمروة قصر وأحل ، فإذا كان يوم التروية أهل بالحج » (٦) الحديث ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة السليمة السند الواضحة الدلالة.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٥٤ ـ ٨٦٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٢ ـ ٨٠٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ١٠.

(٢) الدروس : ٩١.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٠٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٤١ ـ ١٢٢ ، الوسائل ٨ : ١٤٩ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ١ و ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٥ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦ ـ ١٠٦ ، الوسائل ٨ : ١٥٦ أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٩.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٦ ـ ١٠٧ ، الوسائل ٨ : ١٨٣ أبواب أقسام الحج ب ٥ ح ٣.

١٩٨

وهو لازم للرجال والنساء والصبيان والخناثى.

______________________________________________________

ويؤيده حسنة الحلبي قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم أقصر ، قال : « عليك بدنة » قال ، قلت : إني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها فقال : « رحمها الله كانت أفقه منك ، عليك بدنة وليس عليها شي‌ء » (١).

وحكى الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب أن في المتمتع بها طواف النساء كالمفردة (٢). وربما كان مستنده رواية سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه عليه‌السلام قال : « إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة وقصر فقد حل له كل شي‌ء ما خلا النساء فإن عليه لتحلة النساء طوافا وصلاة » (٣).

وهذه الرواية ضعيفة السند بجهالة الراوي ، وقال الشيخ في التهذيب : ليس في هذا الخبر أن الطواف والسعي اللذين ليس له الوطء بعدهما إلا بعد طواف النساء أهما للعمرة أو للحج ، وإذا لم يكن في الخبر ذلك حملناه على من طاف وسعى للحج (٤). وبالجملة فالخلاف في هذه المسألة غير متحقق لعدم ظهور قائله ، ولو تحقق لكان معلوم البطلان.

قوله : ( وهو لازم للرجال والنساء والصبيان والخناثى والخصيان ).

إنما خصه بالذكر مع أن غيره من الأفعال كذلك لدفع توهم اختصاصه‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ ـ ١١٣٨ وفيه عن حماد بن عثمان ، التهذيب ٥ : ١٦٢ ـ ٥٤٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٤٤ ـ ٨٥٢ ، الوسائل ٩ : ٥٤٠ أبواب التقصير ب ٣ ح ٢.

(٢) الدروس : ٩١.

(٣) التهذيب ٥ : ١٦٢ ـ ٥٤٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٤٤ ـ ٨٥٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب الطواف ب ٨٢ ح ٧.

(٤) التهذيب ٥ : ١٦٢.

١٩٩

القول في السعي.

الأول في المقدمات ومقدماته عشرة كلّها مندوبة : الطهارة.

______________________________________________________

بمن يباشر النساء ، ومعنى لزومه للصبيان أنهم يؤمرون به تمرينا ، فلو أخلوا به حرمت عليهم النساء بعد البلوغ. ولو كان الصبي غير مميز طاف به الولي كما مر ، ولو ترك تعلق بالصبي حكم الترك إلى أن يأتي به.

وتدل على وجوبه على جميع المكلفين مضافا إلى عموم الخطاب صحيحة الحسين بن علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الخصيان والمرأة الكبيرة ، أعليهم طواف النساء؟ قال : « نعم عليهم الطواف كلهم » (١).

قوله : ( القول في السعي ومقدماته عشرة كلها مندوبة : الطهارة ).

ما اختاره المصنف من استحباب الطهارة في السعي هو المشهور بين الأصحاب ، وأسنده في المنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه (٢) ، ونقل عن ابن أبي عقيل أنه قال : لا يجوز الطواف والسعي بين الصفا والمروة إلا بطهارة (٣). والمعتمد الأول.

لنا : أصالة البراءة مما لم يقم دليل على وجوبه ، وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا بأس أن يقضي المناسك كلها على غير وضوء ، إلا الطواف فإن فيه صلاة ، والوضوء أفضل » (٤).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٣ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥٥ ـ ٨٦٤ ، الوسائل ٩ : ٣٨٩ أبواب الطواف ب ٢ ح ١.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٠٣.

(٣) نقله في المختلف : ٢٩٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٤ ـ ٥٠٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٤١ ـ ٨٤١ ، الوسائل ٩ : ٥٣٠ أبواب السعي ب ١٥ ح ١.

٢٠٠