مدارك الأحكام - ج ٤

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٤

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

______________________________________________________

وأجاب الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب عن هذه الروايات فقال : الوجه في هذه الأخبار وما يجري مجراها أنه لم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي صلاة النافلة جماعة في شهر رمضان ، ولو كان فيه خير لما تركه عليه‌السلام ولم يرد أنه لا يجوز أن يصلّي على الانفراد (١). وهو تأويل بعيد.

وأجاب في المختلف عن الروايتين الأخيرتين بجواز أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان ، لا عن مطلق النافلة (٢). وهو أبعد من الأول.

والمسألة محل إشكال ، لكن الروايات والفتاوى متظافرة بالمشروعية ، مع الأدلة العامة المقتضية لرجحان الصلاة مطلقا وأنها خير موضوع ، وباب التأويل متسع. والله أعلم.

وأعلم أن الروايات الواردة في تعداد الركعات مختلفة اختلافا عظيما ، ولم أقف فيها على رواية تتضمن الألف على هذه الصورة إلاّ أنها تحصل من مجموعها.

وذكر الشهيد في الذكرى (٣) أن الألف رواها جميل بن صالح (٤) ، وعليّ بن أبي حمزة (٥) ، وإسحاق بن عمار (٦) ، وسماعة بن مهران (٧). والظاهر أن مراده ما‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٦٩.

(٢) المختلف : ١٢٦.

(٣) الذكرى : ٢٥٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٦١ ـ ٢٠٩ ، الإستبصار ١ : ٤٦١ ـ ١٧٩٤ ، الوسائل ٥ : ١٧٦ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٥ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ١٥٤ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٦٣ ـ ٢١٥ ، الإستبصار ١ : ٤٦٣ ـ ١٧٩٨ ، الوسائل ٥ : ١٨١ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٦٤ ـ ٢١٧ ، الإستبصار ١ : ٤٦٤ ـ ١٨٠١ ، الوسائل ٥ : ١٨١ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ٦.

(٧) الفقيه ٢ : ٨٨ ـ ٣٩٧ ، التهذيب ٣ : ٦٣ ـ ٢١٤ ، الإستبصار ١ : ٤٦٢ ـ ١٧٩٧ ، الوسائل ٥ : ١٨٠ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ٣.

٢٠١

يصلي في كل ليلة عشرين ركعة. ثمان بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء على الأظهر ، وفي كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين على الترتيب المذكور. وفي ليالي الإفراد الثلاث في كل ليلة مئة ركعة.

______________________________________________________

ذكرناه ، وإلاّ فرواية سماعة لا تدل على استحباب المائة في ليلة تسع عشرة ، ورواية إسحاق بن عمار إنما تضمنت ذكر المئات في ليالي الإفراد خاصة ، ورواية عليّ بن أبي حمزة لا تدل على استحباب زيادة المئات في ليالي الإفراد ، ورواية جميل بن صالح إنما تدل على استحباب الإكثار من الصلاة في شهر رمضان في اليوم والليلة وفيها : « إنّ عليا عليه‌السلام كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ».

قوله : ( يصلّي في كل ليلة عشرين ركعة : ثمان بعد المغرب ، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء على الأظهر ، وفي كل ليلة من العشر الأواخر : ثلاثين على الترتيب المذكور ).

هذا قول الشيخ (١) ، والمرتضى (٢) ، وأكثر الأصحاب. والأصح التخيير بين فعل الثماني بعد المغرب ، والاثنتي عشرة أو الاثنتين وعشرين بعد العشاء ، وبين العكس ، لاختلاف الروايات في ذلك ففي رواية مسعدة بن صدقة : « يصلّي ثماني بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء » (٣) وفي رواية سماعة بالعكس. وفي رواية عليّ بن أبي حمزة : يصلّى في العشر الأواخر بعد المغرب ثمان وبعد العشاء ما بقي. وفي رواية سماعة : إنه يصلي في العشر الأواخر بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة ، وثمان ركعات بعد العتمة.

قال المصنف في المعتبر : وطرق الروايات كلها ضعيفة ، لكن عمل الأصحاب أسقط اعتبار طرقها ، ولا رجحان فيها ، فينبغي القول فيها‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٠٢.

(٢) الانتصار : ٥٥.

(٣) التهذيب ٣ : ٦٢ ـ ٢١٣ ، الإستبصار ١ : ٤٦٢ ـ ٧٩٦ ، الوسائل ٥ : ١٧٩ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ٢.

٢٠٢

وروي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المائة حسب ، فيبقى عليه ثمانون ، يصلي في كل ليلة جمعة عشر ركعات ، بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم‌السلام ، وفي آخر جمعة عشرين بصلاة على عليه‌السلام ، وفي عشية تلك الجمعة عشرين بصلاة فاطمة عليها‌السلام.

______________________________________________________

بالتخيير (١).

قوله : ( وروي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المائة حسب ، فيبقى عليه ثمانون ، يصلي في كل ليلة جمعة عشر ركعات ، بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم‌السلام ، وفي آخر جمعة عشرين بصلاة على عليه‌السلام ، وفي عشية تلك الجمعة عشرين بصلاة فاطمة عليها‌السلام ).

هذه الرواية رواها المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « يصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة » قال ، قلت : ومن يقدر على ذلك؟ قال : « ليس حيث تذهب ، أليس تصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة في تسع عشرة منه ، في كل ليلة عشرين ركعة ، وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة ، وفي ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ، وتصلي في ثمان ليالي منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة فهذه تسعمائة وعشرون ركعة » قال ، قلت : جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق بي الأمر فلما أتيت لي بالتفسير فرجت عني فكيف تمام الألف ركعة؟ فقال : « تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وتصلي ركعتين لابنة محمد عليهما‌السلام ، وتصلي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر الطيار ، وتصلي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين عليه‌السلام عشرين ركعة ، وتصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » قال : « فأما صلاة أمير المؤمنين فإنه يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد ، ويقرأ في صلاة ابنة محمد عليهما‌السلام في أول ركعة : الحمد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٧٠.

٢٠٣

وصلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام أربع ركعات بتشهدين وتسليمين ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة ، وخمسين مرّة قل هو الله أحد.

______________________________________________________

الركعة الثانية : الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة » وقال لي : « تقرأ في صلاة جعفر في الركعة الأولى : الحمد وإذا زلزلت ، وفي الثانية : الحمد والعاديات ، وفي الثالثة : الحمد وإذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة : الحمد وقل هو الله أحد » ثم قال لي : « يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم » (١).

وأعلم أن ما ذكر في الخبر من الصلاة في كل جمعة عشر ركعات مبني على الغالب من اشتمال كل شهر على أربعة أيام جمع ، فلو اتفق في الشهر خمسة أيام جمع ففي كيفية بسط الثمانين احتمالات ، أظهرها سقوط العشر في الجمعة الأخيرة.

قال في الذكرى : ولو فات شي‌ء من هذه النوافل ليلا فالظاهر أنه يستحب قضاؤه نهارا (٢). وهو غير واضح. ولا فرق في استحباب هذه النوافل بين الصائم وغيره ، عملا بالعموم.

قوله : ( وصلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام أربع ركعات بتشهدين وتسليمين ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة ).

روي الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « من توضأ فأسبغ الوضوء وافتتح الصلاة فصلّى أربع ركعات يفصل بينهن بتسليمة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمسين مرة انفتل حين ينفتل وليس بينه وبين الله ذنب إلا غفره له » (٣).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٦٦ ـ ٢١٨ ، الإستبصار ١ : ٤٦٦ ـ ١٨٠٢ ، الإقبال : ١٢ ، الوسائل ٥ : ١٧٨ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ١.

(٢) الذكرى : ٢٥٤.

(٣) الفقيه ١ : ٣٥٦ ـ ١٥٥٩ ، وفي ثواب الأعمال : ٦٧ ، والوسائل ٥ : ٢٤٣ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٠ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٢٠٤

وصلاة فاطمة عليها‌السلام ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرّة والقدر مائة مرّة ، وفي الثانية بالحمد مرّة وسورة التوحيد مائة مرّة.

وصلاة جعفر أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في الأولى الحمد وإذا زلزلت ، ثم يقول خمس عشرة مرّة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثم يركع ويقولها عشرا ، وهكذا يقولها عشرا بعد‌

______________________________________________________

ثم قال رضي‌الله‌عنه : وأما محمد بن مسعود العياشي ـ رحمه‌الله ـ فقد روي في كتابه ، عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل السماك ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إن هذه الصلاة تسمى صلاة فاطمة عليها‌السلام وصلاة الأوّابين. ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد أنه روى هذه الصلاة وثوابها وكان يقول : إني لا أعرفها بصلاة فاطمة عليها‌السلام ، وأما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها بصلاة فاطمة عليها‌السلام (٢).

قوله : ( وصلاة فاطمة عليها‌السلام ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرّة والقدر مائة مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة وسورة التوحيد مائة مرّة ).

هذه الصلاة نقلها الشيخ في المصباح (٣) ، ولم أقف لها على مستند سوى خبر المفضل المتقدم (٤).

قوله : ( وصلاة جعفر أربع ركعات بتسليمتين ، يقرأ في الأولى الحمد وإذا زلزلت ، ثم يقول خمس عشرة مرّة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثم يركع ويقولها عشرا ، وهكذا يقولها عشرا بعد‌

__________________

الفقيه ١ : ٣٥٦ ـ ١٥٦٠ ، الوسائل ٥ : ٢٤٣ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٠ ح ٢.

وفيه : محمد بن إسماعيل عن السماك ، وفي الفقيه : محمد بن إسماعيل بن السماك.

(٢) الفقيه ١ : ٣٥٧ ـ ١٥٦١ ، الوسائل ٥ : ٢٤٣ أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ١٠ ح ٣.

(٣) مصباح المتهجد : ٢٦٥.

(٤) في ص ٢٠٣.

٢٠٥

رفع رأسه ، وفي سجوده ، وبعد رفعه ، وفي سجوده ثانيا ، وبعد الرفع منه ، فيكون في كل ركعة خمس وسبعون مرّة ، ويقرأ في الثانية والعاديات ، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة قل هو الله أحد.

______________________________________________________

رفع رأسه ، وفي سجوده ، وبعد رفعه ، وفي سجوده ثانيا ، وبعد الرفع منه ، فيكون في كل ركعة خمس وسبعون مرّة ، ويقرأ في الثانية والعاديات ، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة قل هو الله أحد ).

استحباب هذه الصلاة ثابت بإجماع علماء الإسلام إلاّ من شذ من العامة ، حكاه في المنتهى (١). والأخبار بها مستفيضة ، فروى الشيخ في الصحيح ، عن بسطام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال له رجل : جعلت فداك أيلتزم (٢) الرجل أخاه؟ فقال : « نعم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم افتتح خيبر أتاه الخبر أن جعفرا قد قدم فقال : والله ما أدري بأيهما أنا أشد سرورا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ، قال : فلم يلبث أن جاء جعفر ، قال : فوثب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالتزمه وقبّل ما بين عينيه » قال : فقال له الرجل : الأربع ركعات التي بلغني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر جعفرا أن يصليها؟ فقال : « لما قدم عليه قال له : يا جعفر إلا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ قال : فتشوّف (٣) الناس ورأوا أنه يعطيه ذهبا أو فضة فقال : بلى يا رسول الله ، قال : صلّ أربع ركعات متى ما صليتهن غفر لك ما بينهن إن استطعت كل يوم ، وإلاّ فكل يومين ، أو كل جمعة ، أو كل شهر ، أو كل سنة فإنه يغفر لك ما بينهما ، قال : كيف أصلّيها؟ قال : تفتتح الصلاة ثم تقرأ ، ثم تقول خمس عشرة مرة وأنت قائم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، فإذا ركعت قلت ذلك عشرا ، وإذا رفعت رأسك فعشرا ، وإذا سجدت فعشرا ، وإذا رفعت رأسك فعشرا ، وإذا سجدت الثانية فعشرا ، وإذا‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٥٩.

(٢) الالتزام : الاعتناق ـ الصحاح ٥ : ٢٠٢٩.

(٣) تشوّفت إلى الشي‌ء أي تطلعت إليه ـ الصحاح ٤ : ١٣٨٤. هكذا في المصدر ، وفي جميع النسخ : فتشرّف.

٢٠٦

______________________________________________________

رفعت رأسك عشرا ، فذلك خمس وسبعون يكون ثلاثمائة في أربع ركعات ، فهي ألف ومائتان وتقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون » (١).

وبمضمون هذه الرواية قال أكثر الأصحاب كالشيخين (٢) ، وابن الجنيد (٣) ، وابن إدريس (٤) ، وابن أبي عقيل (٥) ، وغيرهم.

وقد ورد في بعض الروايات أن التسبيح قبل القراءة ، وأن صورته : الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، رواه الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في من لا يحضره الفقيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفي الرواية أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجعفر عليه‌السلام : « ألا أعلّمك صلاة إذا أنت صلّيتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا غفرت لك » (٦) ثم قال ـ رحمه‌الله ـ بعد نقل الروايتين : فبأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب.

واختلف الأصحاب فيما تستحب قراءته فيها بعد الحمد ، فذهب الأكثر إلى أنه الزلزلة في الركعة الأولى ، والعاديات في الثانية ، والنصر في الثالثة ، والتوحيد في الرابعة. وقال علي بن بابويه : يقرأ في الركعة الأولى العاديات ، وفي الثانية الزلزلة ، وفي الباقيتين كما تقدم (٧). وقال الصدوق في المقنع : يقرأ بالتوحيد في الجميع (٨).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٨٦ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ٥ : ١٩٥ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٣.

(٢) المفيد في المقنعة : ٢٨ ، والشيخ في النهاية : ١٤١.

(٣) نقله عنه في المختلف : ١٢٧.

(٤) السرائر : ٦٩.

(٥) نقله عنه في المختلف : ١٢٧.

(٦) الفقيه ١ : ٣٤٧ ـ ١٥٣٦ ، الوسائل ٥ : ١٩٦ أبواب صلاة جعفر ب ١ ح ٥.

(٧) حكاه عنه في المختلف : ١٢٧.

(٨) المقنع : ٤٣.

٢٠٧

ويستحب أن يدعو في آخر سجدة بالدعاء المخصوص بها.

______________________________________________________

والأخبار الواردة في ذلك مختلفة ، ففي صحيحة بسطام المتقدمة : أنه يقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون (١) ، ومقتضاها الجمع بين السورتين في كل ركعة.

وفي صحيحة عبد الله بن المغيرة : أن الصادق عليه‌السلام قال له : « اقرأ في صلاة جعفر بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون » (٢).

وفي صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : قلت لأبي الحسن ـ يعني موسى بن جعفر عليه‌السلام ـ : أيّ شي‌ء لمن صلّى صلاة جعفر؟ قال : « لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفر الله له » قال ، قلت : هذه لنا؟ قال : « فلمن هي ، إلاّ لكم خاصّة؟! » قلت : فأي شي‌ء أقرأ فيها ، قال ، وقلت : أعترض القرآن؟ قال : لا ، اقرأ فيها إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله ، وإنا أنزلناه في ليلة القدر ، وقل هو الله أحد » (٣).

وروى الشيخ ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : « تقرأ في الأولى : إذا زلزلت ، وفي الثانية : والعاديات ، وفي الثالثة : إذا جاء نصر الله ، وفي الرابعة : بقل هو الله أحد » (٤) وفي هذا السند ضعف (٥).

قوله : ( ويستحب أن يدعو في آخر سجدة بالدعاء المخصوص بها ).

ذكر الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في من لا يحضره الفقيه أن في رواية الحسن بن محبوب ، قال : « تقول في آخر سجدة من صلاة جعفر بن أبي طالب‌

__________________

(١) في ص ٢٠٦.

(٢) الفقيه ١ : ٣٤٨ ـ ١٥٣٨ ، الوسائل ٥ : ١٩٧ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ١.

(٣) الفقيه ١ : ٣٤٨ ـ ١٥٣٩ ، التهذيب ٣ : ١٨٦ ـ ٤٢١ ، ثواب الأعمال : ٦٨ ، الوسائل ٥ : ١٩٨ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ٢.

(٤) التهذيب ٣ : ١٨٧ ـ ٤٢٣ ، الوسائل ٥ : ١٩٨ أبواب صلاة جعفر ب ٢ ح ٣.

(٥) لعل وجهه أن راويها وهو إبراهيم بن عبد الحميد واقفي ـ راجع رجال الشيخ : ٣٤٤ ـ ٢٦.

٢٠٨

الثانية : صلاة ليلة الفطر :

وهي ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرّة وألف مرّة قل هو الله أحد ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرّة.

وصلاة يوم الغدير

وهو الثامن عشر من ذي الحجة قبل الزوال بنصف ساعة.

______________________________________________________

عليه‌السلام : يا من لبس العز والوقار ، يا من تعطّف بالمجد وتكرّم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلاّ له ، يا من أحصى كل شي‌ء علمه ، يا ذا النعمة والطول ، يا ذا المنّ والفضل ، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم الأعلى ، وكلماتك التامات أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا » (١).

قوله : ( الثانية ، صلاة ليلة الفطر : وهي ركعتان ، يقرأ في الأولى الحمد مرّة ، وألف مرّة قل هو الله أحد ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرّة ).

هذه الصلاة ذكرها الشيخ في المصباح (٢) ، قال المصنف في المعتبر : ولا بأس بها ، فإن الصلاة خير موضوع (٣).

قوله : ( وصلاة يوم الغدير ، وهو الثامن عشر من ذي الحجة قبل الزوال بنصف ساعة ).

هذه الصلاة ركعتان تقرأ في كل ركعة الحمد مرة ، وقل هو الله أحد وآية الكرسي وإنا أنزلناه عشرا عشرا. روى ذلك محمد بن موسى الهمداني ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن الصادق‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٩ ـ ١٥٤٤ ، الوسائل ٥ : ١٩٩ أبواب صلاة جعفر ب ٣ ح ٢.

(٢) مصباح المتهجد : ٥٩٢.

(٣) المعتبر ٢ : ٣٧٣.

٢٠٩

وصلاة ليلة النصف من شعبان ، وصلاة ليلة المبعث ويومه :

وتفصيل هذه الصلوات ، وما يقال فيها وبعدها ، مذكور في كتب العبادات.

خاتمة :

كل النوافل يجوز أن يصليها الإنسان قاعدا ، وقائما أفضل. وإن جعل كل ركعتين من جلوس مقام ركعة كان أفضل.

______________________________________________________

عليه‌السلام. وفي الرواية : « إن هذه الصلاة تعدل عند الله عزّ وجلّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة » (١) وفي السند ضعف (٢).

قال في التذكرة : وقد روى أبو الصلاح هنا استحباب الجماعة والخطبة والتصافح والتهاني ببركة هذا اليوم وشرفه بتكميل الدين بنصب أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

قوله : ( وصلاة ليلة النصف من شعبان ، وصلاة ليلة المبعث ويومه ).

قد ذكر الأصحاب في كتب العبادات في هذه الأوقات صلوات متعددة ، من أرادها وقف عليها في محالها. والله الموفق.

قوله : ( خاتمة ، كل النوافل يجوز أن يصليها الإنسان قاعدا ، وقائما أفضل. وإن جعل كل ركعتين من جلوس مقام ركعة كان أفضل ).

قد تقدم البحث في هذين الحكمين في أوائل كتاب الصلاة مستقصى فلا نعيده.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٤٣ ـ ٣١٧ ، الوسائل ٥ : ٢٢٤ أبواب الصلوات المندوبة ب ٣ ح ١.

(٢) لعل وجهه هو جهالة ـ علي بن الحسين العبدي حيث إنه غير مذكور في كتب الرجال.

(٣) التذكرة ١ : ٧٢.

٢١٠

الرّكن الرّابع :

في التوابع ، وفيه فصول :

الفصل الأوّل : في الخلل الواقع في الصلاة ، وهو إما من عمد ، أو سهو ، أو شك.

أما العمد : فمن أخلّ بشي‌ء من واجبات الصلاة عامدا فقد أبطل صلاته ، شرطا كان ما أخلّ به أو جزءا منها ، أو كيفية أو تركا ،

______________________________________________________

قوله : ( الركن الرابع ، في التوابع : وفيه فصول ، الفصل الأول : في الخلل الواقع في الصلاة ، وهو إما من عمد ، أو سهو ، أو شك. أما العمد فمن أخلّ بشي‌ء من واجبات الصلاة عامدا فقد أبطل صلاته ، شرطا كان ما أخلّ به أو جزءا منها ، أو كيفية أو تركا ).

المراد بالشرط : الخارج الذي تتوقف عليه صحة الفعل كالطهارة والستر.

وبالجزء : ما تلتئم منه الماهية كالقراءة والركوع والسجود. وبالكيفية : ترتيب الأجزاء على الوجه المأمور به ، ومثّل لها المصنف في المعتبر بالطمأنينة (١) ، وهو غير واضح ، وبالترك : ما يحرم فعله في الصلاة كالالتفات والكلام ، وفي إطلاق الواجب عليه تجوّز.

وقد أجمع الأصحاب وغيرهم على أن من أخل بشي‌ء من شرائط الصلاة أو واجباتها عمدا بطلت صلاته ، لأن الإخلال بالشرط إخلال بالمشروط ، والإخلال بالجزء أو الكيفية إخلال بالحقيقة المجموعة من الأجزاء ، فلا يكون المخل بأحدهما آتيا بالصلاة على الوجه المأمور به ، كما هو ظاهر.

وأما البطلان بفعل ما لا يجوز فعله في الصلاة فلا يتم على إطلاقه ، لأن النهي إذا لم يتعلق بنفس العبادة أو شرطها لا يقتضي فسادها ، وإنما يثبت البطلان بدليل من خارج ، كما في الكلام والالتفات ونحوهما.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٧٦.

٢١١

وكذا لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جهلا بوجوبه ، إلا الجهر والإخفات في موضعهما. ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلي فيه أو المكان أو نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود فلا إعادة.

فروع :

الأول : إذا توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية وصلى أعاد الطهارة والصلاة ، ولو جهل غصبيّته لم يعد إحداهما.

______________________________________________________

قوله : ( وكذا لو فعل ما يجب تركه ، أو ترك ما يجب فعله جهلا بوجوبه ، إلا الجهر والإخفات في موضعهما ).

الوجه من مساواة الجاهل للعامد في ذلك عدم تحقق الامتثال مع الإخلال بالواجب في الحالين وإن افترقا بالإثم وعدمه.

وأما استثناء الجهر والإخفات من ذلك فقال المصنف في المعتبر : إنه ثابت باتفاق القائلين بوجوبهما (١). ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه ، قال : « أيّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه » (٢).

قوله : ( ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلي فيه ، أو المكان ، أو نجاسة الثوب ، أو البدن ، أو موضع السجود ، فلا إعادة ).

قد تقدم الكلام في ذلك كله وأن الأظهر عدم الإعادة في شي‌ء من ذلك ، لاستحالة توجه النهي إلى الجاهل فينتفي المقتضي للفساد.

قوله : ( فروع ثلاثة ، الأول : إذا توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية وصلى أعاد الطهارة والصلاة ، ولو جهل غصبيّته لم يعد إحداهما ).

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٧٧.

(٢) التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٥ ، الإستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٣ ، الوسائل ٤ : ٧٦٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١ ، وأوردها في الفقيه ١ : ٢٢٧ ـ ١٠٠٣.

٢١٢

الثاني : إذا لم يعلم أن الجلد ميتة فصلى فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم أو شراه من سوق المسلمين ، فإن أخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا أعاد.

______________________________________________________

أما عدم الإعادة مع الجهل بالغصب فلما سبق.

وأما وجوب الإعادة مع العلم فلتوجه النهي إلى الطهارة فتفسد ، ويلزم من فسادها فساد المشروط.

ولو علم الجاهل بالغصب في أثناء الوضوء فإن بقي شي‌ء لم يغسل امتنع غسله بذلك الماء قطعا ، وإن استوفى الغسل ففي جواز المسح بذلك البلل وجهان ، أظهرهما الجواز ، لأنه في حكم التالف وقد ثبت عليه بدله ، فلا يجمع بين العوض والمعوض لواحد.

قوله : ( الثاني ، إذا لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم أو اشتراه من سوق المسلمين ).

إنما لم تجب عليه الإعادة لأنه صلى صلاة مأمورا بها ، والامتثال يقتضي الإجزاء.

والمراد بالمسلم : من حكم بإسلامه شرعا ، وبسوق المسلمين : ما صدق عليه أنه كذلك ، فيحل الشراء منه وإن لم يسمع من بايعه كلمة الشهادة. وفي موثقة إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه‌السلام ، قال : « لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني وفيما صنع في أرض الإسلام » قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال : « إن كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس » (١).

قوله : ( وإن أخذه من غير مسلم أو وجده مطروحا أعاد ).

لا ريب في وجوب الإعادة إذا كان الجلد مأخوذا من غير مسلم عملا بالظاهر من حاله ، ولورود النهي عن تناوله منه.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٦٨ ـ ١٥٣٢ ، الوسائل ٣ : ٣٣٢ أبواب لباس المصلي ب ٥٥ ح ٣.

٢١٣

الثالث : إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلّي فيه وصلى أعاد.

وأما السهو : فإن أخلّ بركن أعاد ، كمن أخلّ بالقيام حتى نوى ، أو بالنّية حتى كبّر ،

______________________________________________________

أما الجلد المطروح فقد صرح المصنف وغيره (١) بأنه كذلك ، نظرا إلى أصالة عدم تذكيته ، وهو مشكل ، لأن مرجع الأصل هنا إلى الاستصحاب ولم يقم على التمسك به دليل يعتد به ، وقد تقدم البحث في ذلك مستوفى في كتاب الطهارة (٢).

قوله : ( الثالث ، إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلّي فيه وصلى أعاد ).

هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، واستدل عليه في المنتهى بأن الصلاة مشروطة بستر العورة بما يصلى فيه ، والشك في الشرط يقتضي الشك في المشروط (٣). ويمكن المناقشة فيه بالمنع من ذلك ، لاحتمال أن يكون الشرط ستر العورة بما لا يعلم تعلق النهي به. ولو كان الملبوس غير ساتر كالخاتم ونحوه فأولى بالجواز.

قوله : ( وأما السهو ، فإن أخلّ بركن أعاد ، كمن أخلّ بالقيام حتى نوى ).

مقتضى العبارة كون القيام في حال النية ركنا ، وهو غير واضح خصوصا على ما ذهب إليه المصنف من كونها شرطا خارجا عن حقيقة الصلاة (٤). نعم هو ركن في حال التكبير ، لأن من أخل بالقيام حتى كبر بطلت صلاته عمدا وسهوا.

قوله : ( أو بالنية حتى كبر ).

__________________

(١) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٠.

(٢) راجع ج ٢ ص ٣٨٧.

(٣) المنتهى ١ : ٢٢٥.

(٤) المعتبر ٢ : ١٤٩.

٢١٤

أو بالتكبير حتى قرأ ،

______________________________________________________

لا ريب في ذلك ، لأن التكبير جزء من الصلاة إجماعا فتعتبر فيه النية‌ وغيرها من الشرائط ، لأن شرط الكل شرط لجزئه ، ويلزم من فوات الشرط فوات المشروط.

قوله : ( أو بالتكبير حتى قرأ ).

هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب على ما نقله جماعة (١) ، ويدل عليه روايات منها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح ، قال : « يعيد » (٢).

وفي الصحيح عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال في الرجل يصلي فلم يفتتح بالتكبير ، هل تجزيه تكبيرة الركوع؟ قال : « لا ، بل يعيد صلاته إذا حفظ أنه لم يكبر » (٣).

وبإزاء هذه الروايات أخبار أخر دالة على أن الناسي لا يعيد ، كصحيحة عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة ، قال : « أليس كان من نيته أن يكبر؟ » قلت : نعم ، قال : « فليمض في صلاته » (٤).

وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال ، قلت له : رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع ، فقال : « أجزأه » (٥).

__________________

(١) كالشهيد الأول في الذكرى : ١٨٧ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٥٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٣ ـ ٥٥٧ ، الإستبصار ١ : ٣٥١ ـ ١٣٢٦ ، الوسائل ٤ : ٧١٥ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٢ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٧ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٣ ـ ٥٦٢ ، الإستبصار ١ : ٣٥٢ ـ ١٣٣٣ ، الوسائل ٤ : ٧١٨ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٣ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٦ ـ ٩٩٩ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ ـ ٥٦٥ ، الإستبصار ١ : ٣٥٢ ـ ١٣٣٠ ، الوسائل ٤ : ٧١٧ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٢ ح ٩.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٦ ـ ١٠٠٠ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ ـ ٥٦٦ ، الإستبصار ١ : ٣٥٣ ـ ١٣٣٤ ، الوسائل ٤ : ٧١٨ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٣ ح ٢.

٢١٥

أو بالركوع حتى سجد ، أو بالسجدتين حتى ركع فيما بعد ، وقيل : يسقط الزائد ويأتي بالفائت ويبني ، وقيل : يختصّ هذا الحكم بالأخيرتين ، ولو كان في الأوليين استأنف ، والأول أظهر.

______________________________________________________

قال في الذكرى : وهذه الروايات تخالف إجماع الأصحاب ، بل إجماع الأمة إلا الزهري والأوزاعي ، فإنهما لم يبطلا الصلاة بتركها سهوا (١).

وأجاب عنها الشيخ في كتابي الأخبار بالحمل على الشك دون تيقن الترك (٢) ، ولا بأس به.

قوله : ( أو بالركوع حتى سجد ، أو بالسجدتين حتى ركع فيما بعد ، وقيل : يسقط الزائد ويأتي بالفائت ويبني ، وقيل : يختصّ هذا الحكم بالأخيرتين ، ولو كان في الأوليين ، استأنف ، والأول أظهر ).

تضمنت هذه العبارة مسألتين :

إحداهما : إن من أخل بالركوع ناسيا حتى سجد بطلت صلاته ، وهو اختيار المفيد (٣) ، والمرتضى (٤) ، وابن إدريس (٥) ، وعامة المتأخرين (٦).

وقال الشيخ في المبسوط : إنما تبطل في الأولتين أو في ثالثة المغرب ، وإن كان في الأخيرتين من الرباعية حذف الزائد وأتى بالفائت ، فلو ترك الركوع في الثالثة حتى سجد سجدتيها أسقطهما وركع وأعاد السجدتين ، ولو لم يذكر حتى ركع في الرابعة أسقط الركوع وسجد للثالثة ثم أتى بالرابعة (٧). ونحوه قال في‌

__________________

(١) الذكرى : ١٧٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٤ ، والاستبصار ١ : ٣٥٢.

(٣) المقنعة : ٢٢.

(٤) جمل العلم والعمل : ٦٣.

(٥) السرائر : ٥٠.

(٦) منهم العلامة في التذكرة ١ : ١٣٤ ، والشهيد الأول في البيان : ١٤٥ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧١.

(٧) المبسوط ١ : ١٠٩.

٢١٦

______________________________________________________

كتابي الأخبار (١). وحكى في المبسوط قولا بالتلفيق مطلقا وعدم الاعتداد بالزيادة وإن كان في الأولتين (٢) ، وأسنده في المنتهى إلى الشيخ أيضا (٣).

وقال ابن الجنيد : لو صحت له الأولى وسها في الثانية سهوا لم يمكنه استدراكه كأن أيقن وهو ساجد أنه لم يكن ركع فأراد البناء على الركعة الأولى التي صحت له ، رجوت أن يجزيه ذلك ، ولو أعاد إذا كان في الأولتين وكان الوقت واسعا كان أحب إليّ (٤).

ويقرب منه قول علي بن بابويه في رسالته ، فإنه قال : وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت في الركعة الأولى فأعد صلاتك ، لأنه إذا لم تثبت لك الأولى لم تثبت لك صلاتك ، وإن كان الركوع في الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة (٥).

احتج القائلون بالبطلان مطلقا بأن الناسي للركوع إلى أن يسجد لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف إلى أن يتحقق الامتثال.

وبما رواه الشيخ في الصحيح ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم ، قال : « يستقبل » (٦).

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٤٩ ، والاستبصار ١ : ٣٥٦.

(٢) المبسوط ١ : ١١٩.

(٣) المنتهى ١ : ٤٠٨.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ١٢٩.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ١٢٩.

(٦) التهذيب ٢ : ١٤٨ ـ ٥٨١ ، الإستبصار ١ : ٣٥٥ ـ ١٣٤٤ ، الوسائل ٤ : ٩٣٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ١.

(٧) التهذيب ٢ : ١٤٨ ـ ٥٨٠ ، الإستبصار ١ : ٣٥٥ ـ ١٣٤٣ ، الوسائل ٤ : ٩٣٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٣.

٢١٧

______________________________________________________

وعن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الرجل ينسى أن يركع ، قال : « يستقبل حتى يضع كل شي‌ء من ذلك موضعه » (١).

ويتوجه على الأول أن الامتثال يتحقق بالإتيان بالركوع ثم السجود ، فلا يتعين الاستئناف. نعم لو لم يذكر إلاّ بعد السجدتين اتجه البطلان لزيادة الركن ، كما هو مدلول الروايتين الأولتين.

والرواية الثالثة ضعيفة السند (٢) ، فلا تنهض حجة في إثبات حكم مخالف للأصل.

احتج الشيخ في التهذيب على البطلان في الركعتين الأولتين وثالثة المغرب بما تلوناه من الأخبار ، وعلى إسقاط الزائد والإتيان بالفائت في الركعتين الأخيرتين من الرباعية بما رواه عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع : « فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليتم الصلاة بركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه » (٣).

وفي الصحيح عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر أنه لم يركع ، قال : « يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو » (٤).

وأجاب المصنف في المعتبر عن الرواية الأولى بأن ظاهرها الإطلاق وهو متروك ، وتخصيصها بالأخيرتين تحكم (٥).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٤٩ ـ ٥٨٣ ، الإستبصار ١ : ٣٥٦ ـ ١٣٤٧ ، الوسائل ٤ : ٩٣٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٢.

(٢) لعل وجهه هو كون إسحاق بن عمار فطحيا ـ راجع الفهرست : ١٥ ـ ٥٢.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤٩ ـ ٥٨٥ ، الوسائل ٤ : ٩٣٤ أبواب الركوع ب ١١ ح ٢ ، وأوردها في الاستبصار ١ : ٣٥٦ ـ ١٣٤٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٤٩ ـ ٥٨٦ ، الوسائل ٤ : ٩٣٥ أبواب الركوع ب ١١ ح ٣.

(٥) المعتبر ٢ : ٣٧٨.

٢١٨

______________________________________________________

ويتوجه عليها أيضا أنها ضعيفة السند باشتماله على الحكم بن مسكين وهو مجهول ، وعلى الرواية الثانية أنها غير دالة على مطلوبه وإنما تدل على وجوب الإتيان بالمنسي خاصة ، وهو لا يذهب إليه بل يوجب الإتيان بما بعده من السجود.

لكن الصدوق ـ رحمه‌الله ـ أورد رواية محمد بن مسلم في كتابه بطريق صحيح ، ومتنها أوضح مما في كتابي الشيخ. فإنه قال : وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع ، فقال : « يمضي في صلاته حتى يستيقن أنه لم يركع ، فإن استيقن أنه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما ويبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا من بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجد سجدتين ولا شي‌ء عليه » (١) ومقتضى الرواية وجوب الإتيان بالركوع وإسقاط السجدتين مطلقا كما هو أحد الأقوال في المسألة.

ويمكن الجمع بينها وبين ما تضمن الاستئناف بذلك بالتخيير بين الأمرين وأفضلية الاستئناف. وكيف كان فلا ريب أن الاستئناف أولى.

الثانية : إن من أخل بالسجدتين حتى ركع فيما بعد بطلت صلاته ، وهو اختيار الشيخ في النهاية (٢) ، وأكثر الأصحاب. وقال في الجمل : إن ترك ناسيا سجدتين في ركعة من الأولتين أعاد الصلاة ، وإن كانتا من الأخيرتين بنى على الركوع في الأولى وسجد السجدتين (٣). والأصح الأول.

لنا : أنه أخل بركن من الصلاة حتى دخل في آخر ، فلو أعاد الأول لزاد ركنا ولو لم يأت به نقص ركنا ، وكلاهما مبطل ، لما سيأتي ، ويؤيده قوله عليه‌السلام : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٨ ـ ١٠٠٦ ، الوسائل ٤ : ٩٣٤ أبواب الركوع ب ١١ ح ٢.

(٢) النهاية : ٨٨.

(٣) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨٦ ، ١٨٨.

٢١٩

وكذا لو زاد في الصلاة ركعة أو ركوعا أعاد سهوا وعمدا.

______________________________________________________

والركوع ، والسجود » (١).

ولم نقف للقائلين بالتلفيق هنا على حجة يعتد بها. واستدل له في المختلف بأن السجدتين مساويتان للركوع في جميع الأحكام ، وقد ثبت جواز التلفيق فيه (٢). ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال ، فإنه مجرد دعوى عارية من الدليل.

قوله : ( وكذا لو زاد في صلاته ركعة ، أو ركوعا ، أو سجدتين ، أعاد عمدا أو سهوا ).

هنا مسألتان :

إحداهما : إن من زاد في صلاته ركعة بطلت صلاته. وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الصلاة بين الرباعية وغيرها ، ولا بين أن يكون قد جلس في آخر الصلاة أو لم يجلس. وبهذا التعميم قطع الشيخ في جملة من كتبه (٣) ، والسيد المرتضى (٤) ، وابن بابويه (٥).

واحتج عليه في الخلاف بتوقف يقين البراءة عليه. قال : وإنما يعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنيفة بناء على أن الذكر في التشهد ليس بواجب.

واستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ في الحسن ، عن زرارة وبكير ابني أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا » (٦) وعن أبي بصير قال ، قال أبو‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، الوسائل ٤ : ٧٧٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٩ ح ٥.

(٢) المختلف : ١٣٠.

(٣) الخلاف ١ : ١٦٤ ، والمبسوط ١ : ١٢١ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨٧.

(٤) جمل العلم والعمل : ٦٣.

(٥) المقنع : ٣١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٩٤ ـ ٧٦٣ ، الإستبصار ١ : ٣٧٦ ـ ١٤٢٨ ، الوسائل ٥ : ٣٣٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ١.

٢٢٠