مدارك الأحكام - ج ٤

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٤

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

______________________________________________________

قضاؤها (١). وقال ابن حمزة : إذا فاتت لا يلزم قضاؤها إلا إذا وصل في حال الخطبة وجلس مستمعا لها (٢). وقال ابن الجنيد : من فاتته ولحق الخطبتين صلاها أربعا مفصولات (٣). يعني بتسليمتين ، ونحوه قال علي بن بابويه ، إلا أنه قال : يصليها بتسليمة (٤). والأصح السقوط مطلقا.

لنا : أن القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدلالة ولا دلالة ، ويؤيده صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « ومن لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه » (٥).

احتج القائلون بأنها تقضى أربعا (٦) بما رواه أبو البختري ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : « من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا » (٧).

والجواب أولا بالطعن في السند (٨). وثانيا بمنع الدلالة ، فإن الأربع لا يتعين كونها قضاء.

فرع : قال في الذكرى : لو ثبتت الرؤية من الغد ، فإن كان قبل الزوال صليت العيد ، وإن كان بعده سقطت إلا على القول بالقضاء (٩).

__________________

(١) السرائر : ٧٠.

(٢) الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٧٧.

(٣) نقله عنه في المختلف : ١١٤ ، والذكرى : ٢٣٩.

(٤) نقله عنه في المختلف : ١١٤.

(٥) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٤ ، ثواب الأعمال : ١٠٥ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ٩٦ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٣.

(٦) منهم الشيخ في التهذيب ٣ : ١٣٥ ، والعلامة في المختلف : ١١٤.

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٥ ، الإستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٥ ، الوسائل ٥ : ٩٩ أبواب صلاة العيد ب ٥ ح ٢.

(٨) لأن راويها ضعيف كذاب عامي ـ راجع رجال النجاشي : ٤٣٠ ـ ١١٥٥ ، والفهرست : ١٧٣.

(٩) الذكرى : ٢٣٩.

١٠١

وكيفيتها أن يكبّر للإحرام. ثم يقرأ الحمد وسورة ، والأفضل‌

______________________________________________________

وقال ابن الجنيد : إن تحققت الرؤية بعد الزوال أفطروا وغدوا إلى العيد (١) ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « فطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحّون ، وعرفتكم يوم تعرّفون » (٢) وروي أن ركبا شهدوا عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنهم رأوا الهلال فأمرهم أن يفطروا ، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم » (٣) وهذه الأخبار لم تثبت من طرقنا.

قلت : قد ورد من طرق الأصحاب ما يطابق هذه الأخبار ، وظاهر الكليني ـ رحمه‌الله ـ العمل بمقتضاها ، فإنه قال في الكافي : باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم الرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمين (٤) ، ثم أورد في ذلك خبرين :

أحدهما عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم ، وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم » (٥).

والثاني رواه محمد بن يحيى رفعه ، قال : « إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم » (٦) ولا بأس بالعمل بمقتضى هاتين الروايتين لاعتبار سند الأولى وصراحتها في المطلوب.

قوله : ( وكيفيتها أن يكبر للإحرام ثم يقرأ الحمد وسورة ، والأفضل‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ١١٤.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٢٩٧ ـ ٢٣٢٤ بتفاوت يسير.

(٣) سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ ـ ١١٥٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٢٩ ـ ١٦٥٣ بتفاوت يسير.

(٤) الكافي ٤ : ١٦٩.

(٥) الكافي ٤ : ١٦٩ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ١٠٤ أبواب صلاة العيد ب ٩ ح ١.

(٦) الكافي ٤ : ١٦٩ ـ ٢ ، الوسائل ٥ : ١٠٤ أبواب صلاة العيد ب ٩ ح ٢ ، وفيهما : محمّد بن يحيى ، عن محمد بن احمد رفعه.

١٠٢

أن يقرأ الأعلى. ثم يكبّر بعد القراءة على الأظهر ويقنت بالمرسوم حتى يتم خمسا. ثم يكبّر ويركع.

فإذا سجد السجدتين قام بغير تكبير. فيقرأ الحمد وسورة ، والأفضل أن يقرأ الغاشية. ثم يكبّر أربعا يقنت بينها أربعا ، ثم يكبّر خامسة للركوع ويركع.

فيكون الزائد عن المعتاد تسعا : خمس في الأولى ، وأربع في الثانية ، غير تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوعين.

______________________________________________________

أن يقرأ الأعلى ، ثم يكبر بعد القراءة على الأظهر ويقنت بالمرسوم حتى يتم خمسا ، ثم يكبر ويركع ، فإذا سجد السجدتين قام بغير تكبيرة ، فيقرأ الحمد وسورة ، والأفضل أن يقرأ الغاشية ، ثم يكبّر أربعا يقنت بينها أربعا ، ثم يكبّر خامسة للركوع ويركع ، فيكون الزائد عن المعتاد تسعا : خمس في الأولى ، وأربع في الثانية ، غير تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوع ).

المستند في هذه الكيفية النصوص الواردة عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم ، فمن ذلك صحيحة يعقوب بن يقطين ، قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن التكبير في العيدين قبل القراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الأولى وفي الثانية والدعاء فيهما؟ وهل فيهما قنوت أم لا؟ فقال : « تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ، ثم يقرأ ويكبر خمسا ويدعو بينها ، ثم يكبر أخرى يركع بها ، فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح بها ، ثم يكبر في الثانية خمسا يقوم فيقرأ ثم يكبر أربعا ويدعو بينهن ثم يكبر التكبيرة الخامسة » (١).

ورواية معاوية ، قال : سألته عن صلاة العيدين فقال : « ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ، وليس فيهما أذان ولا إقامة يكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة ، يبدأ‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٧ ، وفي الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٧ ، والوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨ يركع بدل يكبر.

١٠٣

______________________________________________________

فيكبر ويفتتح الصلاة ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يقرأ والشمس وضحاها. ثم يكبر خمس تكبيرات ، ثم يكبر ويركع ، فيكون يركع بالسابعة ، ويسجد سجدتين ، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتاك حديث الغاشية ، ثم يكبر أربع تكبيرات ويسجد سجدتين ويتشهد » (١).

وصحيحة محمد ، عن أحدهما عليهما‌السلام : في صلاة العيدين ، قال : « الصلاة قبل الخطبتين ، [ والتكبير ] (٢) بعد القراءة ، سبع في الأولى وخمس في الأخيرة » (٣).

وصحيحة جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التكبير في العيدين فقال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة » وسألته ما يقرأ فيهما؟ قال : « والشمس وضحاها ، وهل أتاك حديث الغاشية ، وأشباههما » (٤).

وقد وقع الخلاف في هذه المسألة في مواضع :

الأول : إن التكبيرات التسع ، هل هي واجبة أو مستحبة؟ فقال الأكثر كالسيد المرتضى (٥) ، وابن الجنيد (٦) ، وأبي الصلاح (٧) ، وابن إدريس (٨) ، بالوجوب. وهو الأصح ، للتأسي ، وظاهر الأمر.

وقال المفيد في المقنعة : من أخل بالتكبيرات التسع لم يكن مأثوما إلا أنه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الإستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٣ ، الوسائل ٥ : ١٠٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٦٠ ، الوسائل ٥ : ١١٠ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ٢.

(٤) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٩ وفيه صدر الحديث ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.

(٥) الانتصار : ٥٦ ، والمسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣.

(٦) نقله عنه في المختلف : ١١٢.

(٧) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٨) السرائر : ٧٠.

١٠٤

______________________________________________________

يكون تاركا سنة ومهملا فضيلة (١). وهو يعطي استحباب التكبير الزائد.

واستدل عليه في التهذيب بصحيحة زرارة ، قال : إن عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الصلاة في العيدين فقال : « الصلاة فيهما سواء ، يكبر الإمام تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ، ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات ، وفي الأخرى ثلاثا ، سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ، إن شاء ثلاثا وخمسا ، وإن شاء خمسا وسبعا بعد أن يلحق ذلك إلى وتر » (٢).

قال الشيخ رحمه‌الله : ألا ترى أنه جوّز الاقتصار على الثلاث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات ، وهذا يدل على أن الإخلال بها لا يضر الصلاة (٣).

وأجاب عنها في الاستبصار وعما في معناها بالحمل على التقية ، لموافقتها لمذهب كثير من العامة ، قال : ولسنا نعمل به ، وإجماع الفرقة المحقة على ما قدمناه (٤).

الثاني : معظم الأصحاب ومنهم الشيخ (٥) ، والمرتضى (٦) ، وابن بابويه(٧) ، وابن أبي عقيل (٨) ، وابن حمزة (٩) ، وابن إدريس (١٠) ، على أن‌

__________________

(١) لم نجده في المقنعة ، ولكنه موجود في التهذيب ٣ : ١٣٤ من دون إسناد إلى المفيد ، ونقل ذلك عن التهذيب في المختلف : ١١٢. ولكن فيهما السبع مكان التسع.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٤ ـ ٢٩٠ ، الوسائل ٥ : ١٠٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٧.

(٣) التهذيب ٣ : ١٣٤.

(٤) الاستبصار ١ : ٤٤٨.

(٥) الخلاف ١ : ٢٦٣.

(٦) رسائل السيد المرتضى ١ : ٢٧٣.

(٧) المقنع : ٤٦ قال : فإذا نهضت إلى الثانية ، كبرت أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام وركعت بالخامسة ، وقال في الفقيه ١ : ٣٢٤ : فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد والشمس وضحاها ، ثم كبر تمام أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام ثم ركع بالخامسة انتهى. وهما ظاهران في موافقتهما للمقنعة كما صرح به في مفتاح الكرامة والذخيرة والحدائق.

(٨) نقله عنه في المختلف : ١١٢.

(٩) الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٧٧.

(١٠) السرائر : ٧٠.

١٠٥

______________________________________________________

التكبير في الركعتين معا بعد القراءة. وقال ابن الجنيد : التكبير في الأولى قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها (١). وقال المفيد رحمه‌الله : يكبر للقيام إلى الثانية قبل القراءة ثم يكبر بعد القراءة ثلاثا ويقنت ثلاثا (٢). ولم نقف له على شاهد. والمعتمد الأول ، لما تلوناه من الأخبار (٣).

احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه (٤) بما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة » (٥) وما رواه إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح أيضا ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير في العيدين ، قال : « التكبير في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس تكبيرات بعد القراءة » (٦) وروى هشام بن الحكم في الصحيح ، عن الصادق عليه‌السلام نحو ذلك (٧).

وأجاب عنها الشيخ في كتابي الحديث بالحمل على التقية ، لأنها موافقة لمذهب بعض العامة (٨). ولم يرتضه المصنف في المعتبر ، فإنه قال : ليس هذا التأويل بحسن ، فإن ابن بابويه ذكر ذلك في كتابه بعد أن ذكر في خطبته أنه لا يودعه إلا ما هو حجة له. قال : فالأولى أن يقال : فيه روايتان ، أشهرهما بين‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ١١١ ، والذكرى : ٢٤١.

(٢) المقنعة : ٢.

(٣) المتقدمة في ص ١٠٣.

(٤) المختلف : ١١١.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٤ ، الإستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٠ ، الوسائل ٥ : ١٠٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٨.

(٦) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٥ ، الإستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤١ ، الوسائل ٥ : ١٠٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢٠.

(٧) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٧ ، الإستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٤ ، الوسائل ٥ : ١٠٨ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٦.

(٨) التهذيب ٣ : ١٣١ ، الإستبصار ١ : ٤٥١.

١٠٦

______________________________________________________

الأصحاب ما اختاره الشيخ (١). وهو حسن.

وأجاب عنها في المختلف بالمنع من الدلالة على محل النزاع ، إذ لا خلاف في أن السابعة بعد القراءة ، لأنها للركوع ، وإذا احتمل الواحدة احتمل غيرها ، وهو أن بعضها قبل القراءة ، فيحمل على تكبيرة الافتتاح (٢). وهو بعيد جدا ، فإن إطلاق كون السبع قبل القراءة بناء على أن الست كذلك محتمل ، أما إطلاق السبع وإرادة الواحدة فلا مجال لصحته.

الثالث : اختلف الأصحاب في القنوت بعد التكبيرات الزائدة ، فقال المرتضى (٣) وأكثر الأصحاب : إنه واجب ، للأمر به في روايتي يعقوب بن يقطين (٤) وإسماعيل بن جابر (٥).

وقال الشيخ في الخلاف : إنه مستحب ، لأن الأصل براءة الذمة من الوجوب (٦). وجوابه أن الأصل يصار إلى خلافه لدليل ، وقد بيناه. وقد يقال : إن هاتين الروايتين لا تنهضان حجة في إثبات حكم مخالف للأصل ( خصوصا ) (٧) مع معارضتهما بعدة أخبار واردة في مقام البيان خالية من ذكر القنوت.

الرابع : الأقوى أنه لا يتعين في القنوت لفظ مخصوص ، لاختلاف الروايات في تعيينه ، ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أحدهما‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣١٣.

(٢) المختلف : ١١٢.

(٣) الانتصار : ٥٧.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٧ ، الإستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٧ ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٨ ، الإستبصار ١ : ٩٩٠ ـ ١٧٣٨ ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠.

(٦) الخلاف ١ : ٢٦٤.

(٧) ليست في « س ».

١٠٧

______________________________________________________

عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الكلام الذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين فقال : « ما شئت من الكلام الحسن » (١) وربما ظهر من كلام أبي الصلاح وجوب الدعاء بالمرسوم (٢). وهو ضعيف.

الخامس : أجمع الأصحاب على وجوب قراءة سورة مع الحمد ، وأنه لا يتعين في ذلك سورة مخصوصة ، قاله في التذكرة (٣) ، واختلفوا في الأفضل ، فقال الشيخ في الخلاف (٤) ، والمفيد (٥) ، والسيد المرتضى (٦) ، وأبو الصلاح (٧) ، وابن البراج (٨) ، وابن زهرة (٩) : إنه الشمس في الأولى ، والغاشية في الثانية. وعليه دلت صحيحة جميل ، إلا أنه قال فيها : وسألته ما يقرأ فيها؟ فقال : « والشمس وضحاها وهل أتاك حديث الغاشية وأشباههما » (١٠).

وقال في المبسوط والنهاية : يقرأ في الأولى الأعلى ، وفي الثانية الشمس (١١). وهو قول ابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه (١٢). ورواه إسماعيل بن جابر ، عن الباقر عليه‌السلام (١٣) ، إلا أن في الطريق أحمد بن عبد الله القروي ، ولا يحضرني الآن حاله ، فالعمل على الأول لصحة مستنده.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٣ ، الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ١.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٤.

(٣) التذكرة ١ : ١٥٨.

(٤) الخلاف ١ : ٢٦٤.

(٥) المقنعة : ٣٢.

(٦) جمل العلم والعمل : ٧٤.

(٧) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٨) المهذب ١ : ١١٢.

(٩) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦١.

(١٠) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.

(١١) المبسوط ١ : ١٧٠ ، والنهاية : ١٣٥.

(١٢) لم نجده في المقنع ، لكنه موجود في الفقيه ١ : ٣٢٤.

(١٣) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٨ ، وفيه : إسماعيل الجبلي ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠.

١٠٨

______________________________________________________

واعلم أن في قول المصنف رحمه‌الله : ثم يكبر أربعا يقنت بينها أربعا ، تجوّز لأنه إذا كانت التكبيرات أربعا لم يتحقق كون القنوت بينها أربعا بل ثلاثا. وكان الأظهر أن يقول : ويقنت بعد كل تكبيرة. إلا أن المستفاد من الروايات سقوط القنوت بعد الخامسة والرابعة ، كما يدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمة : « ويكبر خمسا ويدعو بينها ، ثم يكبر أخرى يركع بها » (١) الحديث. وفي رواية إسماعيل الجعفي : « ثم يكبر خمسا يقنت بينهن ، ثم يكبر واحدة ويركع بها » إلى أن قال : « وفي الثانية والشمس وضحاها ، ثم يكبر أربعا ويقنت بينهن ثم يركع بالخامسة » (٢) وهو الظاهر من كلام ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، فإنه قال : يبدأ الإمام فيكبر واحدة ، ثم يقرأ الحمد وسبح اسم ربك الأعلى ، ثم يكبر خمسا يقنت بين كل تكبيرتين ، ثم يركع بالسابعة (٣).

وينبغي التنبيه لأمور :

الأول : يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة كما في تكبير الصلاة اليومية ، لرواية يونس ، قال : سألته عن تكبير العيدين ، أيرفع يده مع كل تكبيرة أم يجزئه أن يرفع في أول التكبير؟ فقال : « مع كل تكبيرة » (٤).

الثاني : لو نسي التكبيرات أو بعضها حتى ركع مضى في صلاته ولا شي‌ء عليه ، لأنها ليست أركانا ، ولعموم قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (٥).

__________________

(١) في ص ١٠٣.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٨ وفيه : إسماعيل الجبلي ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٤.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٦ ، الوسائل ٥ : ١٣٦ أبواب صلاة العيد ب ٣٠ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ـ ٥٩٧ ، الوسائل ٤ : ٩٣٤ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٥.

١٠٩

سنن هذه الصلاة الإصحار بها إلا بمكة.

______________________________________________________

وهل تقضى بعد الصلاة؟ أثبته الشيخ (١) ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة ابن سنان : « إذا نسيت شيئا من الصلاة ، ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ، ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا » (٢).

ونفاه المصنف في المعتبر (٣) ومن تأخر عنه (٤) ، لأنه ذكر تجاوز محله فيسقط للأصل السالم من المعارض.

الثالث : لو شك في عدد التكبير بنى على الأقل لأنه المتيقن ، ولو ذكر بعد فعله أنه كان قد أتى به لم يضر لعدم ركنيته ، وكذا الشك في القنوت.

الرابع : لا يتحمّل الإمام هنا التكبير ولا القنوت وإنما يتحمل القراءة ، واحتمل في الذكرى تحمّل القنوت (٥). وهو بعيد.

الخامس : لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام دخل معه ، فإذا ركع الإمام أتى بالتكبير والقنوت مخففا إن أمكن ولحق به ، وإلا قضاه بعد التسليم عند الشيخ (٦) ومن قال بمقالته (٧). وسقط عند المصنف.

ويحتمل المنع من الاقتداء إذا علم التخلف عن الإمام بما يعتد به ، إذ الأصل عدم سقوط فرض مكلف بفعل آخر إلا فيما دل الدليل عليه.

قوله : ( وسنن هذه الصلاة الإصحار بها إلا بمكة ).

__________________

(١) نقله عن الشيخ في المعتبر ٢ : ٣١٥ ، وعن الخلاف في المنتهى ١ : ٣٤٤ ، ولم نجده في الخلاف.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٠ ـ ١٤٥٠ ، الوسائل ٤ : ٩٣٦ أبواب الركوع ب ١٢ ح ٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٣١٥.

(٤) منهم العلامة في تحرير الأحكام ١ : ٤٦ ، ونهاية الأحكام ٢ : ٦١.

(٥) الذكرى : ٢٤٣.

(٦) المبسوط ١ : ١٧١.

(٧) كالعلامة في تحرير الأحكام ١ : ٤٦.

١١٠

______________________________________________________

أجمع علماؤنا‌ وأكثر العامة (١) على استحباب الإصحار بهذه الصلاة ، بمعنى فعلها في الصحراء تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنه كان يصليها خارج المدينة على ما نطقت به الأخبار ، فروى الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخرج حتى ينظر إلى آفاق السماء » وقال : « لا يصلين يومئذ على بساط ولا بارية » (٢).

وروى أيضا عن معاوية : « أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخرج إلى البقيع فيصلي بالناس » (٣).

وروى ابن بابويه في الصحيح ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا ينبغي أن تصلي صلاة العيد في مسجد مسقف ولا في بيت ، إنما تصلي في الصحراء أو في مكان بارز » (٤).

وفي الصحيح عن الحلبي ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام « أنه كان إذا صلى خرج يوم الفطر والأضحى وأبى أن يؤتى بطنفسة يصلي عليها ، يقول : هذا يوم كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخرج فيه يبرز لآفاق السماء ويضع جبهته على الأرض » (٥).

ولا يستثنى من ذلك إلا مكة ـ زادها الله شرفا ـ فإن أهلها يصلون في المسجد الحرام ، لما رواه الكليني ، عن محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « السنة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في‌

__________________

(١) منهم الشافعي في الأم ١ : ٢٣٤ ، وابن حزم في المحلى ٥ : ٨١ ، وابن قدامة في المغني ٢ : ٢٩٩ ، والشر بيني في مغني المحتاج ١ : ٣١٢.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ـ ٨٤٩ ، الوسائل ٥ : ١١٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١٠.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٣ ، الوسائل ٥ : ١١٨ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٦.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧١ ، الوسائل ٥ : ١١٧ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٢ ، الوسائل ٥ : ١١٧ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١. بتفاوت يسير.

١١١

والسجود على الأرض. وأن يقول المؤذنون : الصلاة ثلاثا ، فإنه لا أذان لغير الخمس.

______________________________________________________

العيدين ، إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام » (١) ورواه ابن بابويه في كتابه ، عن حفص بن غياث ، عن الصادق عليه‌السلام (٢).

وألحق ابن الجنيد به مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣). وهو مدفوع بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولو كان هناك عذر من مطر أو خوف أو وحل ونحو ذلك صليت في المسجد ، حذرا من المشقة الشديدة المنافية لليسر في التكليف.

قوله : ( والسجود على الأرض ).

دون غيرها مما يصح السجود عليه. والمستند فيه قول الصادق عليه‌السلام في صحيحة الفضيل : « أتي أبي بخمرة يوم الفطر فأمر بردها وقال : هذا يوم كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب أن ينظر فيه إلى آفاق السماء ويضع جبهته على الأرض » (٤).

ويستحب مباشرة الأرض بجميع البدن ، وتكره الصلاة على البساط والبارية ونحوهما ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار : « لا يصلين يومئذ على بساط ولا بارية » (٥).

قوله : ( وأن يقول المؤذن الصلاة ثلاثا ، فإنه لا أذان لغير الخمس ).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦١ ـ ١٠ ، الوسائل ٥ : ١١٨ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٨.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٧٠ ، الوسائل ٥ : ١١٧ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٣ ، وفيهما : عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام.

(٣) نقله عنه في المختلف : ١١٥.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦١ ـ ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٦ ، الوسائل ٥ : ١١٨ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٥.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ـ ٨٤٩ ، الوسائل ٥ : ١١٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١٠.

١١٢

وأن يخرج الإمام حافيا ، ماشيا على سكينة ووقار ، ذاكرا لله سبحانه .. وأن يطعم قبل خروجه في الفطر ، وبعد عوده في الأضحى مما يضحّي به ..

______________________________________________________

هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ، وتدل عليه صحيحة إسماعيل بن‌ جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت له : أرأيت صلاة العيدين ، هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : « ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكن ينادى : الصلاة ثلاث مرات » (١).

قال في الذكرى : وظاهر الأصحاب أن هذا النداء ليعلم الناس بالخروج إلى المصلى ، لأنه أجري مجرى الأذان المعلم بالوقت (٢). ومقتضى ذلك أن محله قبل القيام إلى الصلاة.

وقال أبو الصلاح : محل هذا النداء بعد القيام إلى الصلاة ، فإذا قال المؤذنون ذلك كبر الإمام تكبيرة الإحرام ودخل بهم في الصلاة (٣). والظاهر تأدي السنة بكلا الأمرين.

قوله : ( وأن يخرج الإمام حافيا ، على سكينة ووقار ، ذاكرا لله سبحانه ).

يدل على ذلك فعل الرضا عليه‌السلام لمّا خرج إلى صلاة العيد في عهد المأمون (٤). ولا ريب في رجحان ذلك لما فيه من الخضوع والتواضع لله تعالى.

قوله : ( وأن يطعم قبل خروجه في الفطر ، وبعد عوده في الأضحى مما يضحي به ).

يطعم ـ بفتح الياء وسكون الطاء ـ مضارع طعم كعلم أي يأكل. وهذا‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٣ ، التهذيب ٣ : ٢٩٠ ـ ٨٧٣ ، الوسائل ٥ : ١٠١ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١.

(٢) الذكرى : ٢٤٠.

(٣) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٤) الكافي ٢ : ٤٨٨ ـ ٧ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ١٤٧ ـ ٢١ ، إرشاد المفيد : ٣١٢ ، الوسائل ٥ : ١٢٠ أبواب صلاة العيد ب ١٩ ح ١.

١١٣

وأن يكبّر في الفطر عقيب أربع صلوات ، أوّلها المغرب ليلة الفطر ، وآخرها صلاة العيد.

______________________________________________________

الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، بل قال في المنتهى : إنه قول عامة أهل العلم (١). وتدل عليه روايات كثيرة ، منها : رواية جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « اطعم يوم الفطر قبل أن تصلي ، ولا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام » (٢). وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « اطعم يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلى » (٣) ورواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « لا تأكل يوم الأضحى إلا من أضحيتك إن قويت وإن لم تقو فمعذور » (٤).

ويستحب في يوم الفطر الإفطار على الحلو ، لما روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأكل قبل خروجه تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل أو أكثر (٥).

ولا يجوز الإفطار على التربة الحسينية إلا بقصد الاستشفاء لمن كان به علة كغيره من الأيام.

قوله : ( وأن يكبر في الفطر عقيب أربع صلوات ، أولها المغرب وآخرها صلاة العيد ).

استحباب التكبير في الفطر عقيب هذه الفرائض الأربع مذهب أكثر الأصحاب. وظاهر المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ في الانتصار أنه واجب (٦). وضم‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ١٦٨ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ١١٣ ـ ٤٨٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣١٠ ، الوسائل ٥ : ١١٣ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٦٨ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣٠٩ ، الوسائل ٥ : ١١٣ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٦٩ ، الوسائل ٥ : ١١٣ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ١ بتفاوت يسير.

(٥) مستدرك الحاكم ١ : ٢٩٤.

(٦) الانتصار : ٥٧.

١١٤

وفي الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة ، أولها الظهر يوم النحر. وفي الأمصار عقيب عشر يقول : الله أكبر الله أكبر وفي الثالثة تردد ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الحمد لله على ما هدانا ، وله الشكر على ما أولانا. ويزيد في الأضحى. ورزقنا من بهيمة الأنعام.

______________________________________________________

ابن بابويه إلى هذه الصلوات الأربع صلاة الظهرين (١). وابن الجنيد النوافل أيضا (٢).

والذي وقفت عليه في هذه المسألة رواية سعيد النقاش قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام لي : « أما إن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون » قال ، قلت : وأين هو؟ قال : « في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر وصلاة العيد ثم يقطع » قال ، قلت : كيف أقول؟ قال : « تقول : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر والله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) (٣) » (٤). وهي صريحة في الاستحباب ، وينبغي العمل بها في كيفية التكبير ومحله وإن ضعف سندها ، لأنها الأصل في هذا الحكم.

قوله : ( وفي الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة ، أولها الظهر يوم النحر. وفي الأمصار عقيب عشر. يقول : الله أكبر الله أكبر وفي الثالثة تردد ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الحمد لله على ما هدانا ، وله الشكر على ما أولانا ، ويزيد في الأضحى : ورزقنا من بهيمة الأنعام ).

المشهور بين الأصحاب أن ذلك على سبيل الاستحباب أيضا ، وقال‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ١١٥ ، والموجود في المقنع : ٤٦ : ومن السنة التكبير ليلة الفطر ويوم الفطر في عشر صلوات.

(٢) نقله عنه في المختلف : ١١٥.

(٣) البقرة : ١٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ١٦٦ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٨ ـ ٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣١١ ، الوسائل ٥ : ١٢٢ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٢ ، بتفاوت.

١١٥

ويكره الخروج بالسلاح.

______________________________________________________

المرتضى (١) وابن الجنيد (٢) والشيخ في الإستبصار (٣) بالوجوب ، لما رواه محمد بن مسلم في الحسن ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (٤) قال : « التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث ، وفي الأمصار عشر صلوات ، فإذا نفر الناس النفر الأول أمسك أهل الأمصار » (٥).

واختلف الأصحاب في كيفية التكبير في الأضحى ، والأجود العمل بما رواه معاوية بن عمار في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « والتكبير أن تقول : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا » (٦).

وروى محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : وسألته عن التكبير بعد كل صلاة فقال : « كم شئت ، إنه ليس شي‌ء موقت » يعني في الكلام (٧).

قوله : ( ويكره الخروج بالسلاح ).

لمنافاته الخضوع والاستكانة ، ولقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : « نهى‌

__________________

(١) الانتصار : ٥٧.

(٢) نقله عنه في المختلف : ١١٥.

(٣) الاستبصار ٢ : ٢٩٩.

(٤) البقرة : ٢٠٣.

(٥) الكافي ٤ : ٥١٦ ـ ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦٩ ـ ٩٢٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٩٩ ـ ١٠٦٨ ، الوسائل ٥ : ١٢٣ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١ ، بتفاوت.

(٦) الكافي ٤ : ٥١٧ ـ ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٦٩ ـ ٩٢٢ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٤.

(٧) الكافي ٤ : ٥١٧ ـ ٥ ، التهذيب ٥ : ٤٨٧ ـ ١٧٣٧ الوسائل ٥ : ١٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١.

١١٦

وأن يتنفّل قبل الصلاة أو بعدها إلا بمسجد النبي عليه‌السلام بالمدينة ، فإنه يصلي ركعتين قبل خروجه.

______________________________________________________

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخرج السلاح في العيدين إلا أن يكون عدو ظاهر » (١).

قوله : ( وأن يتنفل قبل الصلاة وبعدها إلا بمسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، فإنه يصلي ركعتين قبل خروجه ).

المراد أنه يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال ، إلا في المدينة فإنه يستحب لمن كان فيها أن يقصد مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إن لم يكن فيه قبل خروجه إلى المصلى ـ ليصلي فيه ركعتين.

أما الكراهة في غير المدينة فلقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « صلاة العيدين مع الإمام سنة ، وليس قبلها ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال » (٢).

وأما استحباب صلاة ركعتين في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل الخروج إلى المصلى فيدل عليه ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « ركعتان من السنة ليس تصليان في موضع إلا بالمدينة » قال : « يصلى في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العيد قبل أن يخرج إلى المصلى ، ليس ذلك إلا بالمدينة ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله » (٣).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٦ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٥ ، الوسائل ٥ : ١١٦ أبواب صلاة العيد ب ١٦ ح ١ ، وفيها جعفر عن أبيه عليه‌السلام.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٤ ـ ٢٩٢ ، الإستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٢ ، الوسائل ٥ : ٩٥ أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦١ ـ ١١ ، الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣٠٨ وفيه : الفضيل بدل الفضل ، الوسائل ٥ : ١٠٢ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١٠.

١١٧

مسائل خمس :

الأولى : التكبير الزائد هل هو واجب؟ فيه تردد ، والأشبه الاستحباب ، وبتقدير الوجوب هل القنوت واجب؟ الأظهر لا ، وبتقدير وجوبه هل يتعين فيه لفظ؟ الأظهر أنه لا يتعين وجوبا.

الثانية : إذا اتفق عيد وجمعة ، فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة. وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته. وقيل : الترخيص مختص بمن كان نائيا عن البلد ، كأهل السواد ، دفعا لمشقة العود ، وهو الأشبه.

______________________________________________________

قوله : ( وهنا مسائل ، الأولى : التكبير الزائد هل هو واجب؟ فيه تردد ، والأشبه الاستحباب ، وبتقدير الوجوب هل القنوت واجب؟ الأظهر لا ، وبتقدير وجوبه هل يتعين فيه لفظ؟ الأظهر أنه لا يتعين وجوبا ).

قد تقدم الكلام في هذه المسائل مستوفى فلا وجه لإعادته.

قوله : ( الثانية ، إذا اتفق عيد وجمعة ، فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة ، وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته ، وقيل : الترخيص مختص بمن كان نائيا عن البلد ، كأهل السواد ، دفعا لمشقة العود ، وهو الأشبه ).

اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فقال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في جملة من كتبه : إذا اجتمع عيد وجمعة تخيّر من صلى العيد في حضور الجمعة وعدمه (١). ونحوه قال المفيد في المقنعة (٢). ورواه ابن بابويه في كتابه (٣). واختاره ابن إدريس (٤). وقال ابن الجنيد في ظاهر كلامه باختصاص الترخص بمن كان قاصي‌

__________________

(١) النهاية : ١٣٤ ، والخلاف ١ : ٢٧٠ ، والمبسوط ١ : ١٧٠.

(٢) المقنعة : ٣٣.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٧٧ ، الوسائل ٥ : ١١٥ أبواب صلاة العيد ب ١٥ ح ١.

(٤) السرائر : ٦٦.

١١٨

______________________________________________________

المنزل (١). وقال أبو الصلاح : وقد وردت الرواية إذا اجتمع عيد وجمعة أن المكلف مخير في حضور أيهما شاء ، والظاهر من المسألة وجوب عقد الصلاتين وحضورهما على من خوطب بذلك (٢). ونحوه قال ابن البراج (٣) وابن زهرة (٤). والمعتمد الأول.

لنا : ما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن الحلبي : إنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة ، فقال : « اجتمعا في زمان علي عليه‌السلام فقال : من شاء أن يأتي الجمعة فليأت ، ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر » (٥) وهي مع صحة سندها وصراحتها في المطلوب مؤيدة بالأصل وعمل الأصحاب.

احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه (٦) بما رواه إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه : « إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يقول : إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للإمام أن يقول للناس في خطبته الأولى إنه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا ، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له » (٧) ونحوه روى أبان بن عثمان ، عن سلمة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٨).

والجواب ـ بعد تسليم السند ـ منع الدلالة على اختصاص الرخصة‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ١١٣.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٣) المهذب ١ : ١٢٣.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.

(٥) المتقدم في ص ١١٨ ه‍ ٣.

(٦) المختلف : ١١٣.

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٤ ، الوسائل ٥ : ١١٦ أبواب صلاة العيد ب ١٥ ح ٣.

(٨) الكافي ٣ : ٤٦١ ـ ٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٦ ، الوسائل ٥ : ١١٦ أبواب صلاة العيد ب ١٥ ح ٢.

١١٩

الثالثة : الخطبتان في العيدين بعد الصلاة ، وتقديمهما بدعة ،

______________________________________________________

بالنائي ، فإن استحباب إذن الإمام في الخطبة للنائي في عدم الحضور لا يقتضي وجوب الحضور على غيره.

احتج القائلون بوجوب الصلاتين بأن دليل الحضور فيهما قطعي ، وخبر الواحد المتضمن لسقوط الجمعة والحال هذه إنما يفيد الظن ، فلا يعارض القطع.

وأجاب عنه في الذكرى بأن الخبر المتلقى بالقبول المعمول عليه عند معظم الأصحاب في قوة المتواتر فيلحق بالقطعي ، وبأن نفي الحرج والعسر يدل على ذلك أيضا ، فيكون الخبر معتضدا بالكتاب العزيز (١). هذا كلامه رحمه‌الله. وفيه بحث طويل ليس هذا محله.

وقد قطع ( جمع من الأصحاب منهم المرتضى في المصباح ) (٢) بوجوب الحضور على الإمام ، فإن اجتمع معه العدد صلى الجمعة ، وإلا سقطت وصلى الظهر وربما ظهر من كلام الشيخ في الخلاف تخيير الإمام أيضا (٣). ولا بأس به.

قوله : ( الثالثة ، الخطبتان في العيد بعد الصلاة وتقديمهما بدعة ).

هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، بل قال في المنتهى : إنه لا يعرف فيه خلافا إلا من بني أمية (٤). وأخبارنا به مستفيضة ، فروى محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أحدهما عليهما‌السلام : في صلاة العيدين ، قال : « إن الصلاة قبل الخطبتين [ والتكبير ] (٥) بعد القراءة ، سبع في الأولى وخمس في الأخيرة ، وكان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان ، لما أحدث أحداثه ، كان إذا فرغ من‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٤٣.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ح » ونسخة في « م » : أكثر الأصحاب.

(٣) الخلاف ١ : ٢٧٠.

(٤) المنتهى ١ : ٣٤٥.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٢٠