مدارك الأحكام - ج ٤

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٤

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

______________________________________________________

وإن لم ينو بالسجدتين الأولى. قال الشيخ في النهاية : بطلت صلاته (١). وكأنه لعدم الاعتداد بهما واستلزام إعادتهما زيادة الركن ، وهو السجدتان ، فتبطل صلاته كما لو زاد ركوعا.

وقال في المبسوط : إنه يحذف السجدتين ويسجد سجدتين أخريين ينوي بهما الأولى فتكمل له ركعة ويتمها بأخرى (٢). وهو اختيار المرتضى في المصباح ، ولعل وجهه أصالة عدم بطلان الصلاة بهذه الزيادة.

واحتج له في المعتبر (٣) بما رواه حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود وقام الإمام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الإمام ولم يقدر هو على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود ، كيف يصنع؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة ، فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن له ذلك ، فلما سجد في الثانية ، فإن كان نوى أن هذه السجدة هي للركعة الأولى فقد تمّت له الأولى ، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة يسجد فيها ثم يتشهد ويسلّم ، وإن كان لم ينو أن تكون تلك السجدة للركعة الأولى لم تجز عنه عن الأولى ولا الثانية ، وعليه أن يسجد سجدتين وينوي أنهما للركعة الأولى ، وعليه بعد ذلك ركعة ثانية يسجد فيها » (٤) وهذه الرواية ضعيفة السند (٥) ، فلا عبرة بها. والأصح البطلان إن نوى بهما الثانية كما اختاره المصنف ، أما مع الذهول عن القصد فينصر فإن إلى الأولى.

__________________

(١) النهاية : ١٠٧.

(٢) المبسوط ١ : ١٤٥.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٩٩.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٩ ـ ٩ ، الفقيه ١ : ٢٧٠ ـ ١٢٣٥ بتفاوت يسير ، التهذيب ٣ : ٢١ ـ ٧٨ ، الوسائل ٥ : ٣٣ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١٧ ح ٢.

(٥) وجه الضعف هو أن حفص بن غياث عامي ـ راجع رجال الطوسي : ١١٨ ، والفهرست : ٦١.

٨١

وأما آداب الجمعة : فالغسل. والتنفل بعشرين ركعة : ست عند انبساط الشمس ، وست عند ارتفاعها ، وست قبل الزوال ، وركعتان عند الزوال. ولو أخّر النافلة بعد الزوال جاز ، وأفضل من ذلك تقديمها ، فإن صلى بين الفريضتين ست ركعات من النافلة جاز.

______________________________________________________

فرعان :

الأول : لو زوحم عن الركوع والسجود صبر حتى يتمكن منهما تم يلتحق ، روى ذلك ابن بابويه في الصحيح ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام (١).

الثاني : لو زوحم عن الركعتين ولم يمكنه الالتحاق حتى سجد الإمام احتمل إتمامها ظهرا ، وهو خيرة المصنف في المعتبر (٢) ، ويحتمل إتمامها جمعة ، لما تقدم من أن الجماعة إنما تعتبر ابتداء لا استدامة (٣) ، ولعله الأظهر.

قوله : ( وأما آداب الجمعة فالغسل ).

قد سبق الكلام في الغسل في باب الطهارة.

قوله : ( والتنفل بعشرين ركعة : ست عند انبساط الشمس ، وست عند ارتفاعها ، وست قبل الزوال ، وركعتان عند الزوال ، ولو أخر النافلة بعد الزوال جاز ، وأفضل من ذلك تقديمها ، فإن صلى بين الفريضتين ست ركعات من النافلة جاز ).

مذهب الأصحاب استحباب التنفل يوم الجمعة بعشرين ركعة ، زيادة عن كل يوم بأربع ركعات ، قال العلامة ـ رحمه‌الله ـ في النهاية : والسبب فيه أن الساقط ركعتان فيستحب الإتيان ببدلهما ، والنافلة الراتبة ضعف الفرائض (٤) ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧٠ ـ ١٢٣٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١٧ ح ١ ، وفيهما : عن أبي الحسن.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٠٠.

(٣) في ص ٢٦.

(٤) نهاية الأحكام ٢ : ٥٢.

٨٢

______________________________________________________

ومقتضى ذلك اختصاص استحباب الزيادة بمن صلى الجمعة ، والأخبار مطلقة.

واختلفت الرواية عن أهل البيت عليهم‌السلام في ترتيبها ، فروى الشيخ في التهذيب ، عن الحسين بن سعيد ، عن يعقوب بن يقطين ، عن العبد الصالح عليه‌السلام ، قال : سألته عن التطوع يوم الجمعة ، قال : « إذا أردت أن تتطوع يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات ارتفاع النهار ، وست ركعات قبل نصف النهار ، وركعتين إذا زالت الشمس قبل الجمعة ، وست ركعات بعد الجمعة » (١) ونحوه روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (٢). وبهاتين الروايتين وما في معناهما أخذ السيد المرتضى (٣) وابن أبي عقيل (٤) ، والجعفي (٥) ، وجمع من الأصحاب.

وروى الشيخ أيضا ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال : « ست ركعات بكرة ، وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة ، وست بعد ذلك ثماني عشرة ركعة ، وركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة ، وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة » (٦) وبمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في جملة من كتبه (٧) ، والمفيد في المقنعة (٨).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١١ ـ ٣٦ ، الإستبصار ١ : ٤١٠ ـ ١٥٦٧ ، الوسائل ٥ : ٢٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١١ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ـ ٦٦٨ ، الإستبصار ١ : ٤١٠ ـ ١٥٦٩ ، الوسائل ٥ : ٢٣ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١١ ح ٦.

(٣) نقله عنهما في المختلف : ١١٠.

(٤) نقله عنهما في المختلف : ١١٠.

(٥) نقله عنه في الذكرى : ١٢٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ـ ٦٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤١١ ـ ١٥٧١ ، مصباح المتهجد : ٣٠٩ ، الوسائل ٥ : ٢٣ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١١ ح ٥.

(٧) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ، والاستبصار ١ : ٤١١ ، والمبسوط ١ : ١٥٠ ، ومصباح المتهجد : ٣٠٩.

(٨) المقنعة : ٢٦.

٨٣

وأن يباكر المضي إلى المسجد الأعظم بعد أن يحلق رأسه ، ويقصّ أظفاره ، ويأخذ من شاربه.

______________________________________________________

وروى أيضا في الصحيح ، عن سليمان بن خالد قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : النافلة يوم الجمعة ، قال : « ست ركعات قبل زوال الشمس ، وركعتان عند زوالها. والقراءة في الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين ، وبعد الفريضة ثماني ركعات » (١) وعن عقبة بن مصعب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : أيّما أفضل أقدم الركعات يوم الجمعة أو أصليها بعد الفريضة؟ فقال : « لا ، بل تصليها بعد الفريضة » (٢) وبمضمونها أفتى ابن بابويه (٣) ، لكن الظاهر من كلامه أن التفريق أولى. وأن من لم يفرق فوظيفته الست عشرة خاصة. وهذا مقام استحباب فلا مشاحة في اختلاف الروايات فيه والعمل بمضمون كل منها حسن إن شاء الله تعالى.

قوله : ( وأن يباكر المضي إلى المسجد الأعظم ).

لما رواه عبد الله بن سنان قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « فضّل الله الجمعة على غيرها من الأيام ، وإن الجنان لتزخرف وتزيّن يوم الجمعة لمن أتاها ، وإنكم تتسابقون إلى الجنة على قدر سبقكم إلى الجمعة ، وإن أبواب السماء لتفتح لصعود أعمال العباد » (٤).

قوله : ( بعد أن يحلق رأسه ، ويقص أظفاره ، ويأخذ من شاربه ).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١١ ـ ٣٧ ، الإستبصار ١ : ٤١٠ ـ ١٥٦٨ ، الوسائل ٥ : ٢٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١١ ح ٩.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ـ ٦٧٠ ، الإستبصار ١ : ٤١١ ـ ١٥٧٢ ، الوسائل ٥ : ٢٧ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١٣ ح ٣.

(٣) المقنع : ٤٥ قال : وإن استطعت أن تصلي يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات ، وإذا انبسطت ست ركعات ، وقبل المكتوبة ست ركعات ، فافعل ، وإن قدمت نوافلك كلها في يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها إلى بعد المكتوبة.

(٤) الكافي ٣ : ٤١٥ ـ ٩ ، التهذيب ٣ : ٣ ـ ٦ ، الوسائل ٥ : ٧٠ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٤٢ ح ١.

٨٤

وأن يكون على سكينة ووقار ، متطيبا ، لابسا أفضل ثيابه.

______________________________________________________

أما استحباب حلق الرأس يوم الجمعة فلم أقف فيه على أثر ، وعلله في‌ المعتبر بأنه يوم اجتماع بالناس فيجتنب ما ينفّر (١).

وأما استحباب قص الأظافر والأخذ من الشارب فتدل عليه صحيحة حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « أخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام » (٢) وفي رواية أخرى له عنه عليه‌السلام : « أخذ الشارب والأظفار وغسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر ويزيد في الرزق » (٣) وروى عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « من أخذ من شاربه وقلم أظفاره وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة » (٤).

قوله : ( وأن يكون على سكينة ووقار ، متطيبا ، لابسا أفضل ثيابه ).

يدل على ذلك روايات كثيرة ، منها ما رواه هشام بن الحكم قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه ، وليتهيأ للجمعة ، ولتكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار ، وليحسن عبادة ربه ، وليفعل الخير ما استطاع ، فإن الله يطّلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات » (٥).

وروى ابن بابويه في كتابه ، عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : « ينبغي‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٠٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٨ ـ ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٣٦ ـ ٦٢٢ ، أمالي الصدوق : ٢٥٠ ـ ١٠ ، الخصال : ٣٩ ـ ٢٤ ، الوسائل ٥ : ٤٩ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٣٣ ح ١٠.

(٣) الكافي ٣ : ٤١٨ ـ ٥ ، الوسائل ٥ : ٥٠ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٣٣ ح ١٥ ، بسند آخر.

(٤) الكافي ٣ : ٤١٨ ـ ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٣٦ ـ ٦٢٣ ، الوسائل ٥ : ٤٧ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٣٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤١٧ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٦٤ ـ ٢٤٤ ، التهذيب ٣ : ١٠ ـ ٣٢ ، الوسائل ٥ : ٧٨ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٤٧ ح ٢.

٨٥

وأن يدعو أمام توجهه. وأن يكون الخطيب بليغا ،

______________________________________________________

للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من الطيب في كل يوم ، فإن لم يقدر فيوم ويوم وإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان يوم الجمعة ولا يصيب طيبا دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ثم مسحه بيده ثم مسح به وجهه » (١).

قوله : ( وأن يدعو أمام توجهه ).

روى أبو حمزة الثمالي في الصحيح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدعاء : اللهم من تهيأ وتعبّأ وأعدّ واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجوائزه وفواضله ونوافله فإليك يا سيدي وفادي وتهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك فلا تخيّب اليوم رجائي ، يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل ، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته ، ولكن أتيتك مقرا بالظلم والإساءة لا حجة لي ولا عذر ، فأسألك يا رب أن تعطيني مسألتي وتقبلني برغبتي ، ولا تردني مجبوها ولا خائبا ، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم ، أسألك يا عظيم أن تغفر لي العظيم ، لا إله إلا أنت ، اللهم صلى على محمد وآل محمد ، وارزقني خير هذا اليوم الذي شرفته وعظمته ، وتغسلني فيه من جميع ذنوبي وخطاياي ، وزدني من فضلك إنك أنت الوهاب » (٢).

قوله : ( وأن يكون الخطيب بليغا ).

بمعنى كونه قادرا على تأليف الكلام الفصيح المطابق لمقتضي الحال من التخويف والإنذار والترغيب من غير إملال ولا إخلال. وإنما استحب ذلك لأن له أثرا بينا في القلوب.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧٤ ـ ١٢٥٥ ، ١٢٥٦ ، الوسائل ٥ : ٥٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٣٧ ح ١ وص ٥٥ ح ٦.

(٢) التهذيب ٣ : ١٤٢ ـ ٣١٦ ، الإقبال : ٢٨٠ ، البحار ٨٦ : ٣٢٩ ـ ١.

٨٦

مواضبا على الصلوات في أول أوقاتها.

ويكر له الكلام في أثناء الخطبة بغيرها.

ويستحب أن يتعمّم شاتيا كان أو قائضا. ويرتدي ببرد يمنيّة. وأن يكون معتمدا على شي‌ء. وأن يسلّم أولا. وأن يجلس أمام الخطبة.

______________________________________________________

قوله : ( ويستحب أن يتعمم شاتيا كان أو قائضا ، ويتردى ببرد يمنيّة ، وأن يكون معتمدا على شي‌ء ).

المستند في ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة ، وليلبس البرد والعمامة وليتوكأ على قوس أو عصا ، وليقعد قعدة بين الخطبتين ، ويجهر بالقراءة ، ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع » (١).

قوله : ( وأن يسلم أولا ).

هذا قول أكثر الأصحاب ، والمستند فيه ما رواه عمرو بن جميع يرفعه ، عن علي عليه‌السلام أنه قال : « من السنة إذا صعد الإمام المنبر أن يسلم إذا استقبل الناس » (٢) قال في الذكرى : وعليه عمل الناس (٣).

وقال الشيخ في الخلاف : لا يستحب ، لأن الأصل براءة الذمة ، وشغلها بواجب أو مستحب يحتاج إلى دليل (٤). وهو جيد ، لقصور سند الحديث.

قوله : ( وأن يجلس أمام الخطبة ).

لما روي عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : « كان رسول الله صلى الله عليه‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٥ ـ ٦٦٤ ، الاستبصار ١ : ٤١٨ ـ ١٦٠٧ وفيه صدر الحديث ، الوسائل ٥ : ١٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٦ ح ٥.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٤ ـ ٦٦٢ ، الوسائل ٥ : ٤٣ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٨ ح ١.

(٣) الذكرى : ٢٣٦.

(٤) الخلاف ١ : ٢٤٨.

٨٧

وإذا سبق الإمام إلى قراءة سورة فليعدل إلى الجمعة وكذا في الثانية يعدل إلى سورة المنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة ، إلا في سورة الجحد والتوحيد.

______________________________________________________

وآله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون » (١) وفي الطريق ضعف (٢).

قوله : ( وإذا سبق الإمام إلى قراءة سورة فليعدل إلى الجمعة والمنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة ، إلا في سورة الجحد والتوحيد ).

أما استحباب العدول مع عدم تجاوز النصف في غير هاتين السورتين فلا خلاف فيه بين الأصحاب ، ويدل عليه روايات ، منها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع ، إلا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها » (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام : في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو الله أحد ، قال : « يرجع إلى سورة الجمعة » (٤).

وجه الدلالة أنهما تضمنتا الأمر بالعدول إلى هاتين السورتين من التوحيد ، ومتى ساغ العدول منها إليهما ساغ من غيرها بطريق أولى.

وأما تقييد الجواز بعدم تجاوز النصف فلم أقف له على مستند ، واعترف الشهيد في الذكرى بعدم الوقوف عليه أيضا (٥). نعم روى عبيد بن زرارة ، عن‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٤ ـ ٦٦٣ ، الوسائل ٥ : ٤٣ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٨ ح ٢.

(٢) لعل وجه الضعف هو ما نسب إلى راويها عبد الله بن ميمون من التزيّد ـ راجع رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ ـ ٧٣٢.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٤٢ ـ ٦٥٠ ، الوسائل ٤ : ٨١٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٦٩ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٦ ـ ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ ـ ٦٤٩ ، الوسائل ٤ : ٨١٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٦٩ ح ١.

(٥) الذكرى : ١٩٥.

٨٨

ويستحب الجهر بالظهر في يوم الجمعة.

______________________________________________________

أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها ، قال : « له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها » (١) وفي الطريق عبد الله بن بكير ، وهو فطحي (٢) ، فلا تبلغ حجة في تقييد الأخبار الكثيرة السليمة من الطعن (٣).

وأما المنع من العدول في سورتي الجحد والتوحيد بمجرد الشروع فيهما فاستدل عليه بصحيحة عمرو بن أبي نصر قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، قال : « يرجع من كل سورة إلا من ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) » (٤).

ويتوجه عليه أن هذه الرواية مطلقة وروايتا الحلبي ومحمد بن مسلم مفصلتان ، فكان العمل بمقتضاهما أولى.

قوله : ( ويستحب الجهر بالظهر يوم الجمعة ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ومستنده صحيحة عمران الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وسئل عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات ، أيجهر فيها بالقراءة؟ قال : « نعم ، والقنوت في الثانية » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٨٠ ، الوسائل ٤ : ٧٧٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٦ ح ٢.

(٢) راجع الفهرست : ١٠٦.

(٣) الوسائل ٤ : ٨١٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٦٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٧ ـ ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩٠ ـ ١١٦٦ ، الوسائل ٤ : ٧٧٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٥ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢٦٩ ـ ١٢٣١ ، التهذيب ٣ : ١٤ ـ ٥٠ ، الإستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٤ ، الوسائل ٤ : ٨١٩ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ١.

٨٩

______________________________________________________

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قال لنا : « صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة » فقلت : إنه ينكر علينا الجهر بها في السفر فقال : « اجهروا بها » (١).

وحسنة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا ، أجهر بالقراءة؟ فقال : « نعم » (٢).

ونقل المصنف في المعتبر عن بعض الأصحاب المنع من الجهر بالظهر مطلقا ، وقال : إن ذلك أشبه بالمذهب (٣) ، واستدل عليه بصحيحة جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عن الجماعة يوم الجمعة في السفر ، قال : « تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر الإمام ، إنما يجهر إذا كانت خطبة » (٤).

وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألته عن صلاة الجمعة في السفر ، قال : « تصنعون كما تصنعون في الظهر ، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة ، وإنما يجهر إذا كانت خطبة » (٥).

وأجاب عنهما الشيخ في كتابي الحديث بالحمل على حال التقية والخوف (٦). وهو حسن.

وقال ابن إدريس : يستحب الجهر بالظهر إن صليت جماعة لا‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥ ـ ٥١ ، الإستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٥ ، الوسائل ٤ : ٨٢٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٦.

(٢) الكافي ٣ : ٤٢٥ ـ ٥ ، التهذيب ٣ : ١٤ ـ ٤٩ ، الإستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٣ ، الوسائل ٤ : ٨١٩ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٣٠٤.

(٤) التهذيب ٣ : ١٥ ـ ٥٣ ، الإستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٧ ، الوسائل ٤ : ٨٢٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٨.

(٥) التهذيب ٣ : ١٥ ـ ٥٤ ، الإستبصار ١ : ٤١٦ ـ ١٥٩٨ ، الوسائل ٤ : ٨٢٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٩.

(٦) التهذيب ٣ : ١٥ ، والاستبصار ١ : ٤١٧.

٩٠

ومن يصلي ظهرا فالأفضل إيقاعها في المسجد الأعظم. وإذا لم يكن إمام الجمعة ممن يقتدى به جاز أن يقدّم المأموم صلاته على الإمام. ولو صلى معه ركعتين وأتمّهما بعد تسليم الإمام ظهرا كان أفضل.

______________________________________________________

انفرادا (١). ويدفعه صريحا رواية الحلبي المتقدمة (٢).

قوله : ( وإذا لم يكن إمام الجمعة ممن يقتدى به جاز أن يقدّم المأموم صلاته على الإمام ، ولو صلى معه ركعتين وأتمها بعد تسليم الإمام ظهرا كان أفضل ).

لا ريب في جواز كل من الأمرين. واختلف كلام المصنف في الأفضل منهما ، فاختار هنا أفضلية المتابعة والإتمام ، وربما كان مستنده رواية حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « في كتاب علي عليه‌السلام : إذا صلوا الجمعة فصلوا معهم ولا تقوم من مقامك حتى تصلي ركعتين أخريين » (٣) وفي الطريق ضعف (٤).

واختار في المعتبر أن الأفضل التقديم (٥) ، لأن ذلك يقتضي الاستقلال بالإتيان بالصلاة على الوجه التام ، ولما رواه أبو بكر الحضرمي قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ، كيف تصنع يوم الجمعة؟ قال : « كيف تصنع أنت؟ » قلت : أصلي في منزلي ثم أخرج فأصلي معهم ، قال : « كذلك أصنع أنا » (٦).

ويشهد له أيضا ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « ما من عبد يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء الا كتب الله له خمسا وعشرين درجة » (٧).

__________________

(١) السرائر : ٦٥.

(٢) في ص ٨٩.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨ ـ ٩٦ ، الوسائل ٥ : ٤٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٩ ح ١.

(٤) ووجهه هو وقوع ابن بكير في طريقها ـ وهو عبد الله بن بكير ـ وهو فطحي ، راجع الفهرست : ١٠٦ ، ومعجم رجال الحديث ٢٢ : ١٦٩.

(٥) المعتبر ٢ : ٣٠٥.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ـ ٦٧١ ، الوسائل ٥ : ٤٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٩ ح ٣.

(٧) الفقيه ١ : ٢٦٥ ـ ١٢١٠ ، الوسائل ٥ : ٣٨٣ أبواب صلاة الجماعة وآدابها ب ٦ ح ٢.

٩١

الفصل الثاني :

في صلاة العيدين

والنظر فيها ، وفي سننها :

وهي واجبة مع وجود الإمام بالشروط المعتبرة في الجمعة.

______________________________________________________

قوله : ( الفصل الثاني ، في صلاة العيدين ).

العيدان هما اليومان المعروفان ، واحدهما عيد ، وياؤه منقلبة عن واو ، لأنه مأخوذ من العود ، إما لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده ، وإما لعود السرور والرحمة بعوده. والجمع أعياد على غير قياس ، لأن حق الجمع رد الشي‌ء إلى أصله. قيل : وإنما فعلوا ذلك للزوم الياء في مفردة ، أو للفرق بين جمعه وبين جمع عود الخشب (١).

قوله : ( وهي واجبة مع وجود الإمام بالشروط المعتبرة في الجمعة ).

أجمع علماؤنا كافة على وجوب صلاة العيدين على الأعيان على ما نقله جماعة منهم المصنف (٢) والعلامة في جملة من كتبه (٣). والأصل في وجوبها ـ قبل الإجماع ـ الكتاب والسنة ، قال الله تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (٤) وذكر جمع من المفسرين أن المراد بالزكاة والصلاة زكاة الفطرة وصلاة العيد (٥) ، وهو مروي عن الصادق عليه‌السلام أيضا (٦).

وقال تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٧) قيل : هي صلاة العيد ونحر البدن للأضحية (٨).

__________________

(١) قال به الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٩٩.

(٢) المعتبر ٢ : ٣٠٨.

(٣) التذكرة ١ : ١٥٧ ، ونهاية الأحكام ٢ : ٥٥ ، والمنتهى ١ : ٣٣٩.

(٤) الأعلى : ١٤.

(٥) منهم القمي في تفسيره ٢ : ٤١٧.

(٦) مجمع البيان ٥ : ٤٧٦.

(٧) الكوثر : ٢.

(٨) كما في التبيان ١٠ : ٤١٨.

٩٢

______________________________________________________

وروى الشيخ وابن بابويه في الصحيح ، عن جميل ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس » وقال : « صلاة العيدين فريضة » (١).

وعن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة » (٢).

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد » (٣).

وقد قطع المصنف وغيره من الأصحاب بأن شروط هذه الصلاة شروط الجمعة ، وقد تقدم أنها خمسة.

الأول : السلطان العادل أو من نصبه للصلاة ، وظاهر العلامة في المنتهى اتفاق الأصحاب على اعتبار هذا الشرط (٤) ، واحتج بصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « ليس في الفطر والأضحى أذان ولا إقامة » إلى أن قال : « ومن لم يصل مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه » (٥).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٧ وفيه ذيل الحديث ، التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٩ وفيه صدر الحديث ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.

(٢) التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٦٩ ، الإستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٠ ، الوسائل ٥ : ٩٥ أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٤.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٢٨٦ ـ ٨٥٣ ، الوسائل ٥ : ١٣٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٧ ح ١.

(٤) المنتهى ١ : ٣٤٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٥٩ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، ثواب الأعمال : ١٠٥ ـ ١ ، الوسائل ٥ : ٩٧ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ١٠.

٩٣

______________________________________________________

الصلاة يوم الفطر والأضحى فقال : « ليس صلاة إلا مع إمام » (١).

ورواية معمر بن يحيى ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلا مع إمام » (٢).

وعندي في هذا الاستدلال نظر ، إذ الظاهر أن المراد بالإمام هنا إمام الجماعة لا إمام الأصل عليه‌السلام ، كما يظهر من تنكير الإمام ولفظ الجماعة. وقوله عليه‌السلام في صحيحة ابن سنان : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد ، وليصل وحده كما يصلي في الجماعة » (٣) وفي موثقة سماعة : « لا صلاة في العيدين إلا مع الإمام ، وإن صليت وحدك فلا بأس » (٤).

قال جدي ـ قدس‌سره ـ في روض الجنان : ولا مدخل للفقيه حال الغيبة في وجوبها في ظاهر الأصحاب ، وإن كان ما في الجمعة من الدليل قد يتمشى هنا إلا أنه قد يحتاج إلى القائل ، ولعل السر في عدم وجوبها حال الغيبة مطلقا بخلاف الجمعة أن الواجب الثابت في الجمعة إنما هو التخييري كما مر ، أما العيني فهو منتف بالإجماع ، والتخييري في العيد غير متصور ، إذ ليس معها فرد آخر يخير بينها وبينه ، فلو وجبت لوجبت عينا ، وهو خلاف الإجماع (٥).

قلت : الظاهر أنه أراد بالدليل ما ذكروه في الجمعة من أن الفقيه منصوب‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٥ ، الإستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٥ ، الوسائل ٥ : ٩٦ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤٥٩ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٣ ، ثواب الأعمال : ١٠٥ ـ ٣ ، الوسائل ٥ : ٩٧ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ١١.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٢٩٧ ، الإستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٦ ، الوسائل ٥ : ٩٨ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٩ ، التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٧١٩ ، ثواب الأعمال : ١٠٥ ـ ٢ ، الوسائل ٥ : ٩٦ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٥.

(٥) روض الجنان : ٢٩٩.

٩٤

______________________________________________________

من قبله عموما ، فكان كالنائب الخاص. وقد بينا ضعفه فيما سبق.

وأما ما ذكره من السر فكلام ظاهري ، إذ لا منافاة بين كون الوجوب في الجمعة تخييريا وفي العيد عينيا إذا اقتضته الأدلة. وبالجملة فتخصيص الأدلة الدالة على الوجوب بمثل هذه الروايات لا يخلو من إشكال.

وما ادعوه من الإجماع فغير صالح للتخصيص أيضا ، لما بيناه غير مرة من أن الإجماع إنما يكون حجة مع العلم القطعي بدخول قول الإمام عليه‌السلام في أقوال المجمعين ، وهو غير متحقق هنا. ومع ذلك فالخروج عن كلام الأصحاب مشكل ، واتباعهم بغير دليل أشكل.

الثاني : العدد ، وقد أجمع الأصحاب على اعتباره هنا ، حكاه في المنتهى (١) ، والظاهر الاكتفاء فيه بالخمسة ، لصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة » (٢).

وذهب ابن أبي عقيل إلى اشتراط السبعة هنا مع أنه اكتفى في الجمعة بخمسة ، والظاهر أنه رواه ، لأنه قال : لو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء ، لكنه تعبد من الخالق سبحانه (٣). ولم نقف على مأخذه.

الثالث : الجماعة ، ودليلها معلوم مما سبق.

الرابع : الوحدة ، وظاهر الأصحاب اشتراطها ، حيث أطلقوا مساواتها للجمعة في الشرائط. ونقل عن الحلبيين التصريح بذلك (٤) محتجين (٥) بأنه لم‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٤٢.

(٢) الفقيه ١ : ٣٣١ ـ ١٤٨٩ ، الوسائل ٥ : ١٤٢ أبواب صلاة العيد ب ٣٩ ح ١.

(٣) نقله عنه في المختلف : ١١١.

(٤) أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٥٤ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.

(٥) نقل احتجاجهما في الذكرى : ٢٤٠.

٩٥

______________________________________________________

ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه صلي في زمانه عيدان في بلد ، كما لم ينقل أنه صليت جمعتان ، وبما رواه محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « قال الناس لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا تخلف رجلا يصلي في العيدين ، قال : لا أخالف السنة » (١) وهما لا يدلاّن على المنع ، ومن ثم توقف العلامة في التذكرة والنهاية في اشتراط ذلك (٢). وهو في محله.

وذكر الشهيد ـ رحمه‌الله (٣) ـ ومن تأخر عنه (٤) أن هذا الشرط إنما يعتبر مع وجوب الصلاتين ، فلو كانتا مندوبتين أو إحداهما لم يمنع التعدد. وليس في النصوص دلالة على شي‌ء من ذلك.

الخامس : الخطبتان ، وقد صرح الشيخ في المبسوط باشتراطهما في هذه الصلاة ، فقال : شرائطها شرائط الجمعة ، سواء في العدد والخطبة وغير ذلك (٥). وهو الظاهر من عبارة المصنف حيث أطلق مساواتها للجمعة في الشرائط. وجزم العلامة ـ رحمه‌الله ـ في جملة من كتبه بعدم اعتبار هذا الشرط هنا (٦). وهو كذلك ، تمسكا بمقتضى الأصل ، والتفاتا إلى أن الخطبتين متأخرتان عن الصلاة. ولا يجب استماعهما إجماعا فلا تكونان شرطا فيها.

وإنما يجب العيد على من تجب عليه الجمعة عند علمائنا أجمع ، قاله في التذكرة (٧). وقال في المنتهى أنه لا يعرف فيه خلافا (٨). ويدل عليه أصالة براءة الذمة من وجوب هذه الصلاة على من لا تجب عليه الجمعة السالمة عما يصلح للمعارضة ، لانتفاء ما يدل على العموم فيمن تجب عليه.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٢ ، الوسائل ٥ : ١١٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٩.

(٢) التذكرة ١ : ١٥٧ ، ونهاية الأحكام ٢ : ٥٦.

(٣) الذكرى : ٢٤٠ ، والبيان : ١١٢ ، والدروس : ٤٤.

(٤) كالشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٩٩.

(٥) المبسوط ١ : ١٦٩.

(٦) نهاية الأحكام ٢ : ٥٥ ، والقواعد ١ : ٣٨.

(٧) التذكرة ١ : ١٥٧.

(٨) المنتهى ١ : ٣٤٢.

٩٦

وتجب جماعة ، ولا يجوز التخلف إلا مع العذر ، فيجوز حينئذ أن يصلي منفردا ندبا.

______________________________________________________

وتؤيده صحيحة زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : « إنما صلاة العيدين على المقيم ، ولا صلاة إلا بإمام » (١). وصحيحة الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى » (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : « إنما رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء العوائق في الخروج في العيدين للتعرض للرزق » (٣).

ورواية هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال ، قلت : أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج ، أيصلي في بيته؟ قال : « لا » (٤).

قوله : ( وتجب جماعة ، ولا يجوز التخلف إلا مع العذر ، فيجوز حينئذ أن يصلي منفردا ندبا ).

أما اشتراط الجماعة فقد تقدم الكلام فيه (٥).

وأما استحباب الصلاة على الانفراد مع تعذر الجماعة فهو قول أكثر الأصحاب. ويدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلي في الجماعة » (٦). ورواية منصور ، عن أبي‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٦٢ ، الوسائل ٥ : ٩٧ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٧.

(٢) الفقيه ١ : ٢٨٣ ـ ١٢٨٧ ، التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٨٦٨ ، المحاسن : ٣٧٢ ـ ١٣٦ ، الوسائل ٥ : ١٠٣ أبواب صلاة العيد ب ٨ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٨ ، الوسائل ٥ : ١٣٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٤ ، الإستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٨٢١ ، الوسائل ٥ : ٩٧ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٨.

(٥) في ص ٩٥.

(٦) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٢٩٧ ، الإستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٦ ، الوسائل ٥ : ٩٨ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ١.

٩٧

ولو اختلّت الشرائط سقط الوجوب واستحب الإتيان بها جماعة وفرادى.

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام ، قال : « مرض أبي يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى » (١).

ونقل عن ظاهر الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد فيها مطلقا ، واحتج لهما في المختلف (٢) بصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى ، قال : « ليس صلاة إلا مع إمام » (٣).

والجواب بالحمل على نفي الوجوب ، جمعا بين الأدلة.

قوله : ( ولو اختلت الشرائط سقط الوجوب ، ويستحب الإتيان بها جماعة وفرادى ).

أما سقوط الوجوب مع اختلال أحد شرائطه فلا ريب فيه ، لأن انتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط.

وأما استحباب الإتيان بها جماعة وفرادى والحال هذه فهو اختيار الشيخ (٤) وأكثر الأصحاب. وقال السيد المرتضى : إنها تصلى عند فقد الإمام واختلال بعض الشرائط على الانفراد (٥). ونقل عن أبي الصلاح أنه قال : يقبح الجمع فيها مع اختلال الشرائط (٦). وقال ابن إدريس : ليس معنى قول أصحابنا يصلى على الانفراد أن يصلي كل واحد منهم منفردا ، بل الجماعة أيضا عند‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٢ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٥ ، الإستبصار ١ : ٤٤٥ ـ ١٧١٨ ، الوسائل ٥ : ٩٨ أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ٣.

(٢) المقنع : ٤٦. ونقله عنهما واحتج لهما في المختلف : ١١٣.

(٣) التهذيب ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٦ ، الإستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٥ ، الوسائل ٥ : ٩٦ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٤.

(٤) النهاية : ١٣٣ ، والمبسوط ١ : ١٦٩ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٩٣.

(٥) جمل العلم والعمل : ٧٤ ، المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٣.

(٦) الكافي في الفقه : ١٥٤.

٩٨

ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال.

______________________________________________________

انفرادها من (١) الشرائط سنة مستحبة ، بل المراد انفرادها عن الشرائط (٢). وهو تأويل بعيد.

( والمستفاد من النصوص المستفيضة أنها إنما تصلى على الانفراد مع تعذر الجماعة أو عدم اجتماع العدد خاصة ) (٣).

وقد حكم الأصحاب باستحبابها أيضا لمن لا تجب عليه الجمعة ، كالمسافر والعبد والمرأة. وهو حسن ، وإن أمكن المناقشة فيه بعدم الظفر بما يدل عليه على الخصوص ، نعم روى سعد بن سعد الأشعري في الصحيح ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن المسافر إلى مكة وغيرها ، هل تجب عليه صلاة العيدين : الفطر والأضحى؟ قال : « نعم إلا بمنى يوم النحر » (٤) وهي محمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « إنما صلاة العيدين على المقيم » (٥).

قوله : ( ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال ).

أجمع الأصحاب على أن وقت صلاة العيدين من طلوع الشمس إلى الزوال ، حكاه العلامة ـ رحمه‌الله ـ في النهاية (٦) ، ومستنده حسنة زرارة قال ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : « ليس في الفطر والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا » (٧).

__________________

(١) في المصدر زيادة : دون.

(٢) السرائر : ٧٠.

(٣) بدل ما بين القوسين في « م » ، « س » ، « ح » : والأصح أنها تصلى مع تعذر الجماعة ندبا ، لورود الأمر بذلك في عدة روايات ، وهي محمولة على الندب ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة ابن مسلم : « ليس صلاة ـ يعني في الفطر والأضحى ـ إلاّ مع إمام » أي لا صلاة واجبة.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٨١ ، التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٧ ، الإستبصار ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٧ ، الوسائل ٥ : ١٠٤ أبواب صلاة العيد ب ٨ ح ٣.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٦٢ ، الوسائل ٥ : ٩٧ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٧.

(٦) نهاية الأحكام ٢ : ٥٦.

(٧) الكافي ٣ : ٤٥٩ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، ثواب الأعمال : ١٠٦ ـ ٧ ، الوسائل ٥ : ١٣٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ١.

٩٩

ولو فاتت لم تقض.

______________________________________________________

وموثقة سماعة قال : سألته عن الغدو إلى المصلى في الفطر والأضحى فقال : « بعد طلوع الشمس » (١).

وقال الشيخ في المبسوط : وقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت (٢). وهو أحوط ، ومقتضى الروايتين أن وقت الخروج إلى المصلى بعد طلوع الشمس.

وقال المفيد : إنه يخرج قبل طلوعها ، فإذا طلعت صبر هنيئة ثم صلى (٣). واحتج له في المختلف بما فيه من المباركة إلى فعل الطاعة ، وعارضه بأن التعقيب في المساجد إلى طلوع الشمس عبادة (٤).

ويستحب تأخير صلاة العيد في الفطر شيئا عن الأضحى بإجماع العلماء ، لاستحباب الإفطار في الفطر قبل خروجه ، بخلاف الأضحى فإن الأفضل أن يكون إفطاره على شي‌ء مما يضحّي به بعد الصلاة ، ولأن الأفضل إخراج الفطرة قبل الصلاة فاستحب تأخير الصلاة ليتسع الوقت لذلك ، وفي الأضحى تقديمها ليضحّي بعدها ، فإن وقتها بعد الصلاة.

قوله : ( ولو فاتت لم تقض ).

إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الصلاة بين كونها فرضا أو نفلا ، وفي الفوات بين أن يكون عمدا أو نسيانا. وبهذا التعميم صرح في التذكرة وقال : إن سقوط القضاء مذهب أكثر الأصحاب (٥). وقال الشيخ في التهذيب : من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ويجوز له أن يصلي إن شاء ركعتين وإن شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء (٦). وقال ابن إدريس : يستحب‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٩ ، الوسائل ٥ : ١٣٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ٢.

(٢) المبسوط ١ : ١٦٩.

(٣) المقنعة : ٣٢.

(٤) المختلف : ١١٤. وفيه المبادرة بدل المباكرة.

(٥) التذكرة ١ : ١٦٢.

(٦) التهذيب ٣ : ١٣٤.

١٠٠