مستند الشّيعة - ج ٤

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٤

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-79-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٥٤

النوافل اليومية وغيرها ممّا له عدد خاص ، بل الظاهر عدم جواز الاقتصار على أداء البعض وقضاء الباقي ، بل يرد الإشكال في قضاء الباقي إذا ظنّ السعة فلم يسع التمام.

هـ : المستفاد من الروايات الموافق لفتوى جماعة أنه إذا ضاق الوقت إلاّ عن الوتر وركعتي الفجر فالأفضل تقديم ذلك على صلاة الليل (١) ، ففي صحيحة محمد : عن الرجل يقوم من آخر الليل ، وهو يخشى أن فاجأه الصبح ، ابتدأ بالوتر أو يصلّي الصلاة على وجهها حتى يكون الوتر آخر ذلك؟ قال : « بل يبدأ بالوتر » وقال : « أنا كنت فاعلا ذلك » (٢).

وصحيحة ابن وهب : « أما يرضى أحدكم أن يقوم قبل الصبح ، ويوتر ، ويصلّي ركعتي الفجر ، ويكتب له بصلاة الليل؟ » (٣).

ثمَّ لو انكشف بقاء الليل بعد فعل الوتر خاصة ، فالظاهر من الأخبار تخييره بين الاعتداد بالوتر بما فعل ، ويصلّي بعده صلاة الليل ، وبين جعل وتره من صلاة الليل ويضيف إليه ما يتمّها ، ثمَّ يوتر بعدها. ولو كان الانكشاف بعد ركعتي الفجر يحسبهما من الليلية ، ويضيف إليها ست ركعات ، ويعيد الفجرية.

السادسة : أول وقت ركعتي الفجر لمن صلّى صلاة الليل والوتر : الفراغ منها ، ولو في أول الليل فيما يجوز تقديمها ، على الأشهر الأظهر ، بل عن ظاهر الغنية والسرائر : الإجماع عليه (٤).

للمستفيضة الدالّة على أنهما من صلاة الليل ، والآمرة بحشوهما فيها (٥) ،

__________________

(١) كما في المبسوط ١ : ١٣١ ، والمفاتيح ١ : ٣٣ ، والحدائق ٦ : ٢٣٨.

(٢) الكافي ٣ : ٤٤٩ الصلاة ب ٨٩ ح ٢٨ ، التهذيب ٢ : ١٢٥ ـ ٤٧٤ ، الاستبصار ١ : ٢٨١ ـ ١٠٢٠ ، الوسائل ٤ : ٢٥٧ أبواب المواقيت ب ٤٦ ح ٢ ، بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٣٧ ـ ١٣٩١ ، الوسائل ٤ : ٢٥٨ أبواب المواقيت ب ٤٦ ح ٣.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٦ ، السرائر ١ : ١٩٥ و ١٩٦.

(٥) انظر : الوسائل ٤ : ٢٦٣ أبواب المواقيت ب ٥٠.

٨١

وإطلاق المعتبرة المرخّصة لفعلهما قبل الفجر ومعه وبعده (١) ، والمجوّزة لفعلهما بعد انتصاف الليل ، كصحيحة زرارة ، وفيها : « وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة ، منها الوتر ، ومنها ركعتا الفجر » (٢). وموثّقته المتقدّمة في المسألة الرابعة (٣) ، وقبل النصف مع العذر ، كرواية أبي جرير : « صلّ صلاة الليل في السفر من أول الليل في المحمل والوتر وركعتي الفجر » (٤).

ولمن لم يصلّها : الليل مطلقا ولو في أوله وإن لم يخف الفوت ، لظاهر الإطلاقات المرخّصة لفعلها قبل الفجر الثاني بلا معارض. وتخصيصه بما يقرب منه خلاف الأصل ، وتوقيتهما بما بعد النصف في بعض الأخبار إنما هو مع صلاة الليل والوتر (٥).

خلافا للمحكي عن السيد والمبسوط والمراسم والشرائع والإرشاد والقواعد (٦) ، فذهبوا إلى أنّ أول وقتهما طلوع الفجر الأول ، وإن جوّز في الثلاثة الأخيرة فعلهما قبله ، ولكن الظاهر منها أنه من باب الرخصة في التقديم دون الوقتية.

لصحيحة [ البجلي ] (٧) : « صلّهما بعد ما طلع الفجر » (٨). وقريبة منها رواية‌

__________________

(١) انظر : الوسائل ٤ : ٢٦٨ أبواب المواقيت ب ٥٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٦٢ ـ ١٠٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٦٩ ـ ٩٧٣ ، الوسائل ٤ : ١٥٦ أبواب المواقيت ب ١٠ ح ٣.

(٣) راجع ص ٧٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٠٢ ـ ١٣٨٤ ، الوسائل ٤ : ٢٥١ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ٦.

(٥) كما في صحيحة زرارة المتقدمة.

(٦) حكاه عن السيّد في المختلف : ٧١ ، المبسوط ١ : ٧٦ ، المراسم : ٨١ ، الشرائع ١ : ٦٣ ، الإرشاد ١ : ٢٢٣ ، القواعد ١ : ٢٤.

(٧) في النسخ : الحلبي ، والصواب ما في المتن ، لأن المضبوط في المصادر : عبد الرحمن بن الحجاج ، وهو البجلي كما يظهر من الكتب الرجالية.

(٨) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٤٠ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت

٨٢

يعقوب (١).

ويضعّفان : بالإجمال من جهة مرجع الضمير ، المحتمل كونه صلاة الصبح ، بل هي الظاهر ، لإطلاق الفجر المتبادر منه الثاني.

ومنه يظهر تضعيف آخر لهما ، إذ ليس الفجر الثاني أول وقتهما إجماعا ، وطرق المجازات كثيرة ، مع أن الأمر فيهما ليس للوجوب الذي هو حقيقته قطعا ، فمجازه يمكن أن يكون الرخصة ، فلا تنافيان المجوّزة لفعلهما قبل الفجر.

ولظاهر الإسكافي ، فجعل أولهما أول السدس الأخير (٢) ، ولعلّه لخبر محمد :عن أول وقت ركعتي الفجر ، فقال : « سدس الليل الباقي » (٣).

ولضعفه سندا ، ومخالفته لشهرة القدماء ، وعمل صاحب الأصل لا يصلح للحجية ، فيحمل على الأفضل ، كما هو من كلام الإسكافي محتمل.

فروع :

أ : الأفضل تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأول ، للخروج عن شبهة الخلاف.

لا لصحيحة البجلي ، السابقة ، لما سبق.

ولا للأخبار الدالّة على أنّ أفضل أوقات الوتر بعد ذلك (٤) ، وهما مترتّبان عليه ، لأنه لا يدلّ على أنه أفضل أوقاتهما من حيث نفسهما أيضا ، مع عدم الجريان فيمن لا يريد صلاة الوتر.

ولا لصحيحة حمّاد : « ربما صلّيتهما وعليّ ليل ، فإن قمت ولم يطلع الفجر‌

__________________

ب ٥١ ح ٥.

(١) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢١ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٨ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٦.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٧١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٣٣ ـ ٥١٥ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ ـ ١٠٣٣ ، الوسائل ٤ : ٢٦٥ أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٥.

(٤) انظر : الوسائل ٤ : ٢٧١ أبواب المواقيت ب ٥٤.

٨٣

أعدتهما » (١) وفي بعض النسخ : « نمت » مقام « قمت ».

وموثّقة زرارة : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « إنّي لأصلّي صلاة الليل فأفرغ من صلاتي وأصلّي ركعتين وأنام ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر ، فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما » (٢).

لأنّ الإعادة فيهما لعلّهما لتوسيط النوم ، بل صرّح بعض المتأخّرين بأنها مخصوصة بمن نام بعدهما (٣) ، مع أنه لا تصريح فيهما بكون الإعادة بعد الفجر الأول قبل الثاني ، كما هو المدّعى.

ب : لا يلزم كون الركعتين منضمّتين مع صلاة الليل ، بل يجوز فعلهما بدونها ، للأصل ، والإطلاقات.

نعم من يصلّي الجميع يلزم عليه الترتيب ، فيؤخّرهما عن الوتر ، بلا خلاف أجده ، بل ظاهر بعضهم عدم الخلاف فيه (٤).

وتدلّ عليه رواية أبي بصير ، وفيها : « ومن السحر ثمان ركعات ، ثمَّ يوتر ، والوتر ثلاث ركعات مفصولة ، ثمَّ ركعتان قبل صلاة الفجر » (٥). وبمضمونها موثّقة سليمان (٦).

ج : عن الشيخ وجماعة : استحباب إعادة الركعتين بعد الفجر الأول لو‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٣٥ ـ ٥٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٤٤ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٥ ـ ٥٢٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٤٥ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٩.

(٣) كما في كشف اللثام ١ : ١٦٢ ، والحدائق ٦ : ٢٥٣.

(٤) قال في المعتبر ٢ ص ٥٥ : أما أنهما بعد الوتر فهو مذهب أهل العلم.

(٥) التهذيب ٢ : ٦ ـ ١١ ، الاستبصار ١ : ٢١٩ ـ ٧٧٧ ، الوسائل ٤ : ٥٩ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤ ح ٢.

(٦) التهذيب ٢ : ٥ ـ ٨ ، الوسائل ٤ : ٥١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ١٦.

٨٤

صلاّهما قبله (١). ولم أعثر على مستندهم ، ولعلّ فتواهم ـ مع الخروج عن خلاف الشيخ والسيد ـ كاف في المستند له.

وأمّا الصحيحة والموثّقة المتقدّمتان فغير صالحتين له ، لأنّ ظاهرهما الاختصاص بالنوم بعدهما لا مطلقا.

نعم الحكم بذلك أيضا حسن لذلك.

د : يكره النوم بعد صلاة الليل وقبل الصبح ، لرواية سليمان المروزي :« إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم ، فإنّ صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته » (٢).

ولا تنافيه الموثّقة السابقة ، المصرّحة بنوم الإمام بعدها (٣) ، لأنّهم قد يفعلون المكروه لبيان الجواز.

والظاهر أنّ المراد بصلاة الليل ـ المكروه بعدها النوم ـ هو ثلاث عشرة ركعة أو إحدى عشرة ، لما مرّ من استحباب توسيط النوم بين الثمان والوتر.

السابعة : آخر وقت الركعتين ظهور الحمرة المشرقية ، والإسفار ، على المختار الأشهر ، سيما عند من تأخّر ، بل ظاهر الغنية والسرائر : الإجماع عليه (٤) ، لمرسلة إسحاق ، المتمّمة دلالتها ـ لو كان فيها قصور ـ بالإجماع المركّب : « وصلّ الركعتين ما بينك وبين أن يكون الضوء حذاء رأسك ، فإن كان بعد ذلك فابدأ بالفجر » (٥).

__________________

(١) الشيخ في الاستبصار ١ : ٢٨٥ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ٥٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٨ ، والفيض في المفاتيح ١ : ٩٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٧ ـ ٥٣٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤٩ ـ ١٣١٩ ، الوسائل ٦ : ٤٩٥ أبواب التعقيب ب ٣٥ ح ١.

(٣) راجع ص ٨٤.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٦ ، السرائر ١ : ١٩٥ و ١٩٦.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٤ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٤١ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت

٨٥

وتؤيّده صحيحة علي بن يقطين : عن الرجل لا يصلّي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر ، أيركعهما أو يؤخّرهما؟ قال : « يؤخّرهما » (١).

خلافا للمحكي عن الإسكافي (٢) ، والشيخ في كتابي الحديث (٣) ، فقالا :طلوع الفجر الثاني. واختاره في الحدائق (٤).

لعدم جواز النافلة وقت الفريضة ، ورواية المفضّل ، المتقدّمة في المسألة الخامسة (٥).

وخصوص صحيحة زرارة : عن ركعتي الفجر ، قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : « قبل الفجر ، إنّهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل » (٦) الحديث. وسائر ما دلّ على أنهما من صلاة الليل ، وأمر بحشوهما فيها.

وحسنته : الركعتان قبل الغداة أين موضعهما؟ قال : « قبل طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة » (٧).

ويردّ ـ بعد ردّ الأول بالمنع كما مرّ (٨) ـ بمعارضة تلك الأخبار مع أكثر منها وأشهر ، كصحيحة سليمان ، المتقدّمة في الخامسة (٩).

__________________

ب ٥١ ح ٧.

(١) التهذيب ٢ : ٣٤٠ ـ ١٤٠٩ ، الوسائل ٤ : ٢٦٦ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ١.

(٢) حكاه عنه في الحدائق ٦ : ٢٤٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٦ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤.

(٤) الحدائق ٦ : ٢٤٠.

(٥) راجع ص ٧٧.

(٦) التهذيب ٢ : ١٣٣ ـ ٥١٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ ـ ١٠٣١ ، الوسائل ٤ : ٢٦٤ أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٣.

(٧) الكافي ٣ : ٤٤٨ الصلاة ب ٨٩ ح ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٣٢ ـ ٥٠٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٢ ـ ١٠٢٧ ، الوسائل ٤ : ٢٦٥ أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٧.

(٨) راجع ص ٧٧.

(٩) راجع ص ٧٥.

٨٦

وصحيحة إسحاق : عن الركعتين اللتين قبل الفجر ، قال : « قبيل الفجر ، ومعه ، وبعده » قلت : ومتى أدعهما؟ قال : « إذا قال المؤذّن قد قامت الصلاة » (١).

ورواية ابن أبي العلاء : الرجل يقوم وقد نور بالغداة ، قال : « فليصلّ السجدتين اللتين قبل الغداة ، ثمَّ ليصلّ الغداة » (٢).

وصحيحة محمد : « صلّ ركعتي الفجر قبل الفجر ، ومعه ، وبعده » (٣).

وقريبة منها : صحيحة أخرى له (٤) ، وروايته (٥) ، وصحيحة ابن أبي يعفور (٦) ، ومرسلة الفقيه (٧).

واحتمال إرادة الفجر الأول منها ـ كما قيل (٨) ـ مردود بمنعه ، لتبادر الثاني من مطلقه ، فهو حقيقته التي يجب الحمل عليها ، مع عدم إمكانه في الثلاثة الاولى.

وردّها بمرجوحيتها بالنسبة إلى الأخبار الأولى ، لموافقتها لمذهب كثير من العامة ، على ما ذكره جماعة من أنّهما لا تصلّيان إلاّ بعد طلوع الفجر الثاني (٩) ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٤٠ ـ ١٤٠٨ ، الوسائل ٤ : ٢٦٩ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٥ ـ ٥٢٥ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٤٢ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٣٣ ـ ٥١٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٥ ، الوسائل ٤ : ٢٦٨ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٢ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٩ ، الوسائل ٤ : ٢٦٨ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ٣.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٠ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٧ ، الوسائل ٤ : ٢٦٩ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ٤.

(٦) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥١٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٦ ، الوسائل ٤ : ٢٦٨ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ٣١٣ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ٤ : ٢٦٩ أبواب المواقيت ب ٥٢ ح ٦.

(٨) انظر المعتبر ٢ : ٥٦.

(٩) انظر : البحار ٨٠ : ٧٣ ، والحدائق ٦ : ٢٤٥.

٨٧

وتدلّ عليه رواياتهم (١) ، وتصرّح به رواية أبي بصير : متى أصلي ركعتي الفجر؟ قال : فقال لي : « بعد طلوع الفجر » قلت له : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام أمرني أن أصلّيهما قبل طلوع الفجر ، فقال : « يا أبا محمد إنّ الشيعة أتوا أبي مسترشدين ، فأفتاهم بمرّ الحق ، وأتوني شكّاكا فأفتيتهم بالتقية » (٢).

ضعيف ، لأنّ مذهبهم ـ كما صرّحوا به ـ تحتم بعد الفجر ، وعدم جواز فعلهما قبله ولا معه ، والأخبار الأوّلة أباحت الجميع ، فالكلّ لمذهبهم مخالف. وإرادة تقية السائل في فعلهما بعده ، بعيد غاية البعد ، فيبقى الأصل ـ الذي هو المرجع ـ مع الاولى ، مع إمكان ترجيحها بالخصوصية ، حيث إنها مختصة بما لم تظهر الحمرة أو لم تتضيّق الفريضة ، ونفي وقتية البعد في الأخبار الثانية أعم منها.

ولمحتمل الشرائع (٣) ، ومستقرب الذكرى (٤) ، ومختار المعتمد ، فيمتد وقتهما إلى وقت الفريضة ، لعمومات التوسعة في النوافل كما مرّ (٥).

ورواية فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما قبل الغداة في قضاء الغداة (٦) ، فالأداء أولى.

وصحيحة سليمان بن خالد : عن الركعتين اللتين قبل الفجر ، قال :« تتركهما حين تترك الغداة » (٧).

__________________

(١) كما ورد عن حفصة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر يصلي الركعتين ( انظر : مسند أحمد ٦ : ٢٨٤ ) منه رحمه الله تعالى.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٥ ـ ٥٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٤٣ ، الوسائل ٤ : ٢٦٤ أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٢.

(٣) الشرائع ١ : ٦٣.

(٤) الذكرى : ١٢٦.

(٥) انظر الوسائل ٤ : ٢٣١ أبواب المواقيت ب ٣٧.

(٦) الذكرى : ١٣٤ ، وعنه في الوسائل ٤ : ٢٨٥ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦.

(٧) التهذيب ٢ : ١٣٣ ـ ٥١٤ ، الوسائل ٤ : ٢٦٦ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٢.

٨٨

وفي الذكرى : إنّ بخط الشيخ : تركعهما ، بدل تتركهما (١).

وفي بعض النسخ : حين تنزل الغداة ، من النزول.

وفي رواية أخرى : حين تنور (٢).

ويضعّف الأول : بعمومه الذي لا يفيد مع ما مرّ من المخصّص. والثاني :بمنع الأولوية جدّا. والثالث : باختلاف النسخ الموجب لاختلاف المعنى ، وعدم إفادته للمطلوب على بعض النسخ.

__________________

(١) الذكرى : ١٢٦.

(٢) الاستبصار ١ : ٢٨٣ ـ ١٠٣٢ ، الوسائل ٤ : ٢٦٧ أبواب المواقيت ب ٥١ ح ٣.

٨٩

الفصل الثاني :

في أحكام المواقيت وسائر ما يتعلّق بها‌

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : لا بدّ في شرعية الصلاة الموقّتة من العلم بدخول وقتها ، فلا يجزئ غيره ولو كان ظنا ، لأصالة عدم مشروعيتها ، وعدم دخول وقتها ، وعدم جواز اتّباع غير العلم ، وعدم حصول الشرط ، واستصحاب الشغل والوقت السابق.

والمستفيضة من الأخبار ، كرواية علي : في الرجل يسمع الأذان ، فيصلّي الفجر ، ولا يدري أطلع الفجر أم لا ، غير أنه لمكان الأذان يظن أنه طلع ، فقال : « لا يجزئه حتى يعلم أنه طلع » (١).

ورواية ابن مهزيار : قد اختلف موالوك في صلاة الفجر ، إلى أن قال :فكتب عليه‌السلام « فلا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تبيّنه » (٢).

ومرفوعة ابن عيسى : « فإذا استبنت الزيادة فصلّ الظهر » (٣).

والمروي في السرائر : « فإذا استيقنت أنها قد زالت فصلّ الفريضة » (٤).

ومع ذلك فهو في غير ما يأتي استثناؤه إجماعي ، كما صرّح به جماعة (٥). وكلام‌

__________________

(١) الذكرى : ١٢٩ ، وعنه في الوسائل ٤ : ٢٨٠ أبواب المواقيت ب ٥٨ ح ٤.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٢ الصلاة ب ٧ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٣٦ ـ ١١٥ ، الاستبصار ١ : ٢٧٤ ـ ٩٩٤ ، الوسائل ٤ : ٢١٠ أبواب المواقيت ب ٢٧ ح ٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٧ ـ ٧٥ ، الوسائل ٤ : ١٦٢ أبواب المواقيت ب ١١ ح ١.

(٤) مستطرفات السرائر : ٣٠ ـ ٢٢ ، الوسائل ٤ : ٢٧٩ أبواب المواقيت ب ٥٨ ح ١.

(٥) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٢ ، والفيض في المفاتيح ١ : ٩٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٦٤.

٩٠

[ النهاية ] (١) وإن أشعر بكفاية الظن مطلقا ، إلاّ أنّ إرجاعه إلى مذهب الأصحاب ممكن (٢).

ثمَّ من المستثنيات في المشهور غير المتمكّن من العلم في الحال وإن أمكنه العلم بالصبر إلى أن تيقّن بالوقت ، بل نسب إلى التنقيح دعوى الإجماع عليه (٣) ، وفي النسبة كلام (٤).

واستندوا في استثنائه إلى المعتبرة الآتية ، المعتبرة للمظنة الحاصلة من الأذان وصياح الديوك (٥) ، بحملها على عدم التمكن جمعا.

والمستفيضة المجوّزة للإفطار عن ظن الغروب (٦) ، لعدم القول بالفرق.

وموثّقة بكير : ربما صلّيت الظهر في يوم غيم ، فانجلت ، فوجدتني صلّيت حين زوال النهار ، فقال : « لا تعد ولا تعد » (٧).

وخبر إسماعيل بن رباح : « إذا صلّيت وأنت ترى أنك في وقت [ ولم يدخل الوقت ] فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك » (٨) فإنّ قوله : « وأنت‌

__________________

(١) في النسخ : نهاية الإحكام ، وما أثبتناه هو الصواب ، لأن الكلام المذكور يوجد في النهاية للشيخ ، لا في نهاية الإحكام للعلامة ، وقد ذكر رحمه‌الله نصّه في الهامش.

(٢) قال الشيخ في النهاية : لا يجوز لأحد أن يدخل في الصلاة إلاّ بعد حصول العلم بدخول وقتها ، أو يغلب على ظنه ذلك. ( النهاية : ٦٢ ) والإرجاع بأن يجعل لفظة أو لبيان الأفراد. منه رحمه الله تعالى.

(٣) التنقيح الرائع ١ : ١٧١.

(٤) فإنه ادعى الإجماع على الكبرى وهو العمل بالظن مع تعذر العلم ، ثمَّ قال : وهو الفرض هنا ، مع أنه رد العمل بالظن حينئذ. منه رحمه الله تعالى.

(٥) انظر : ص ٩٥ ـ ٩٧.

(٦) انظر : الوسائل ٤ : ١٧٢ أبواب المواقيت ب ١٦.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٤٦ ـ ٩٧٩ ، الاستبصار ١ : ٢٥٢ ـ ٩٠٣ ، مستطرفات السرائر : ١٣٧ ـ ٥ ، الوسائل ٤ : ١٢٩ أبواب المواقيت ب ٤ ح ١٦.

(٨) الكافي ٣ : ٢٨٦ الصلاة ب ٨ ح ١١ ، الفقيه ١ : ١٤٣ ـ ٦٦٦ ، التهذيب ٢ : ١٤١ ـ ٥٥٠ ، الوسائل ٤ : ٢٠٦ أبواب المواقيت ب ٢٥ ح ١ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٩١

ترى » ظاهر في الظن.

ورواية سماعة : عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس ولا القمر ولا النجوم ، قال : « اجتهد برأيك وتعمد القبلة جهدك » (١).

وصحيحة زرارة : « وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيت بعد ذلك وقد صلّيت فأعد الصلاة ومضى صومك » (٢). فإنّها ظاهرة في صورة الظن ، لأنها التي تتصوّر معها الرؤية بعدها ، ومفهومها : أنه إن لم يره بعد ذلك تكون صلاته صحيحة ، ومعلوم أنّ عدم الرؤية لا يجعل ظنّه علما.

ومفهوم المروي في تفسير النعماني : « إنّ الله عزّ وجلّ إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها الله دليلا على أوقات الصلاة فموسّع عليهم تأخير الصلاة ، ليتبيّن لهم الوقت ويستيقنوا أنها قد زالت » (٣).

هذا كلّه مضافا إلى أنّ مع بقاء التكليف وعدم التمكّن من العلم لا مناص عن العمل بالظن.

ويضعّف الأول : بأنّ تلك المعتبرة مع تسليمها لا تثبت إلاّ مواردها من غير تقييد بعدم التمكن من العلم ، وأمّا التقييد به ثمَّ التعدّي إلى كلّ ظن فلا ، والقول باعتبار موردها مطلقا موجود (٤) ، بل قيل : لو ثبت اعتباره فيكون من العلم (٥) ، مع أنّ الجمع بهذا الطريق يتوقّف على الشاهد ، وهو مفقود ، وغيره ممكن.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٨٤ الصلاة ب ٨ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٤٦ ـ ١٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ ـ ١٠٨٩ ، الوسائل ٤ : ٣٠٨ أبواب القبلة ب ٦ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٢٧٩ الصلاة ب ٦ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٦١ ـ ١٠٣٩ ، الوسائل ٤ : ١٧٨ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٧.

(٣) رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى : ١٥ ، نقلا عن تفسير النعماني ، الوسائل ٤ : ٢٧٩ أبواب المواقيت ب ٥٨ ح ٢.

(٤) توجد في « ه‍ » و « ق » : فدعوى الإجماع على عدم اعتباره مع إمكان العلم غير مسموعة.

(٥) كما في كشف اللثام ١ : ١٦٢.

٩٢

والثاني ـ بعد تسليم دلالتها وخلوّها عن المعارض ـ : بأنّه لا ملازمة بين جواز الإفطار وجواز الصلاة.

ودعوى عدم القول بالفرق غريبة ، كيف؟! مع أنّ صاحب المدارك ـ الذي نقل المنع عن الإسكافي هنا واختاره ـ نفى الخلاف عن الجواز في الإفطار واختاره ، بل بعض الأخبار الذي استندوا إليه في الإفطار صريح في الفرق ، وهو صحيحة زرارة المتقدّمة ، حيث حكم فيها بإعادة الصلاة ومضيّ الصوم (١).

والثالث : بعدم دلالة فيه على أنّه صلّى مع ظن ، لاحتمال كونه عالما.

والنهي عن العود إلى مثله إمّا لأنّه فعل من لا يصلّي النوافل ، والاستمرار عليه مرجوح ، أو لأنّ التعجيل إلى الصلاة في الغيم ـ ولو مع العلم ـ ربما يفضي إلى الصلاة قبل الوقت.

والرابع : بمنع ظهور الرؤية في الظن لو لم ندّع ظهورها في العلم.

والخامس : باختصاصه بالقبلة ومنع شموله للوقت.

والسادس : بلزوم تجوّز في قوله : « غاب القرص » وهو إمّا الجزم به أو الظن ، فالاستدلال به لأحدهما عن الاعتبار ساقط ، بل الظاهر منه العلم ، لأنه الأقرب إلى الغياب الواقعي.

والسابع : بالضعف الخالي عن الجابر كما يظهر وجهه ، مع ما فيه من ضعف الدلالة ، إذ معنى توسعة التأخير إمّا جوازه أو اتّساع مدته ، وعلى التقديرين لا يفيد المفهوم مطلوبهم ، ولذا جعله بعضهم دليلا على لزوم تحصيل العلم.

والثامن : بأنّه لو سلّمت بدلية الظن عن العلم حين عدم التمكن منه ، فإنما هو إذا لم يتمكن منه مطلقا ، وأمّا مع التمكن منه بالصبر فلا ، بل ليس حينئذ من باب عدم التمكن من العلم أصلا.

نعم ، لو لم يتمكن منه ولو بالصبر ، كخوف طلوع الشمس ونحوه ، فلا‌

__________________

(١) هذا إن أريد بمضيه صحته ، كما حمله المستدل عليها. منه رحمه الله تعالى.

٩٣

مناص عن العمل بالظن أو فرد منه ، والظاهر عدم الخلاف في جواز التعويل حينئذ عليه ، بل يمكن حمل كثير من عبارات الأصحاب على ذلك ، كما صرّح به المحقّق الخوانساري رحمه‌الله (١) ، بل هو الظاهر من عدم التمكن من العلم.

وعلى هذا فيظهر القدح فيما اعتضد به القول بالجواز من الشهرة والإجماع المنقول ، لورودهما على صورة عدم التمكن من العلم المحتمل ، بل الظاهر في تعذّره بالكلية.

ولأجل ضعف تلك الأدلّة خالف الإسكافي من القدماء (٢) ـ بل السيد على ما يظهر من الكفاية (٣) ـ في الاستثناء ، واختاره من المتأخّرين صاحب المدارك (٤) ، والمحقّق الخوانساري في حواشيه على الروضة ، وبعض شرّاح المفاتيح (٥) ، ونفى عنه البعد المحقّق الأردبيلي في شرح الإرشاد (٦) ، فلم يستثنوه إلاّ مع اليأس المطلق عن حصول العلم ، واحتمله الفاضل في نهاية الإحكام أيضا (٧) ، وهو الأقرب.

ومن المستثنيات ، في المعتبر والمعتمد : سماع أذان الضابط الثقة (٨) ، لقوله عليه‌السلام : « المؤذّن مؤتمن » (٩). ومثله رواية الهاشمي (١٠).

وقوله : « خصلتان معلّقتان في أعناق المؤذّنين للمسلمين : صلاتهم ،

__________________

(١) الحواشي على شرح اللمعة : ١٧٢.

(٢) حكاه عنه في المدارك ٣ : ٩٨.

(٣) كفاية الأحكام : ١٥.

(٤) المدارك ٣ : ٩٩.

(٥) قال الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( المخطوط ) : الأقوى قول المشهور ، والأحوط ما قاله ابن الجنيد.

(٦) مجمع الفائدة ٢ : ٥٣.

(٧) نهاية الإحكام ١ : ٣٢٨.

(٨) المعتبر ٢ : ٦٣.

(٩) مسند أحمد ٢ : ٣٨٢ ، سنن الترمذي ١ : ١٣٣ ـ ٢٠٧.

(١٠) التهذيب ٢ : ٢٨٢ ـ ١١٢١ ، الوسائل ٥ : ٣٧٨ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٢.

٩٤

وصيامهم » (١).

ومرسلة الفقيه : في المؤذّنين « إنهم الامناء » (٢).

والأخرى : « إنّما أمر الناس بالأذان لعلل كثيرة ، منها : أن يكون تذكيرا للناسي ، ومنبّها للغافل ، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه » (٣).

وثالثة ، وفيها : « فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ ابن مكتوم يؤذّن بليل ، فإذا سمعتم بأذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال » (٤).

ورابعة ، وفيها : « المؤذّنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم » (٥).

ورواية خالد : أخاف أن أصلّي الجمعة قبل أن تزول الشمس ، قال : « إنّما ذلك على المؤذّنين » (٦).

وصحيحة المحاربي : « صلّ الجمعة بأذان هؤلاء ، فإنّهم أشد شي‌ء مواظبة على الوقت » (٧) ومقتضى تعليلها جواز الاعتماد على أذان كلّ من كان كذلك.

والمروي في قرب الإسناد : عن رجل صلّى الفجر في يوم غيم أو في بيت ، وأذّن المؤذّنون ، وقعد فأطال الجلوس حتى شك ، فلم يدر هل طلع الفجر أم لا ، فظن أنّ المؤذّن لا يؤذّن حتى يطلع الفجر ، قال : « أجزأه أذانه » (٨).

وفي تفسير العياشي : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو مغضب‌

__________________

(١) سنن ابن ماجه ١ : ٢٣٦ ـ ٧١٢.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٩ ـ ٨٩٨ ، الوسائل ٥ : ٣٧٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٦.

(٣) الفقيه ١ : ١٩٥ ـ ٩١٥ ، الوسائل ٥ : ٤١٨ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ١٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٩ ـ ٩٠٥ ، الوسائل ٥ : ٣٨٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٨ ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ١٨٩ ـ ٩٠٥ ، الوسائل ٥ : ٣٨٠ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٧.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٨٤ ـ ١١٣٧ ، الوسائل ٥ : ٣٧٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٣.

(٧) الفقيه ١ : ١٨٩ ـ ٨٩٩ ، التهذيب ٢ : ٢٨٤ ـ ١١٣٦ ، الوسائل ٥ : ٣٧٨ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ١.

(٨) قرب الإسناد : ١٨٢ ـ ٦٧٤ ، الوسائل ٥ : ٣٧٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٤.

٩٥

وعنده نفر من أصحابنا وهو يقول : « يصلّون قبل أن تزول الشمس » قال : وهم سكوت ، فقلت : أصلحك الله ما نصلّي حتى يؤذّن مؤذّن مكة ، قال : « فلا بأس ، أما إنه إذا أذّن فقد زالت الشمس » (١).

خلافا للأكثر ، فلم يعتبروه إمّا مطلقا ، أو إلاّ مع عدم التمكن من العلم ، لعمومات اشتراط العلم ، وخصوص رواية علي ، المتقدّمة (٢) ، وكون روايات الاعتبار بين غير دالّ وضعيف.

أقول : لا شك في ضعف كثير من رواياته ، وعدم تمامية دلالة بعضها ، إلاّ أنّ أكثر مراسيل الفقيه وصحيحة المحاربي حجة ظاهرة الدلالة على المراد.

ولوجوب تخصيص العام منها بالعارف الضابط ، للإجماع على عدم اعتبار غيره ، وللتفرقة بين أذان ابن مكتوم وبلال ، والتعليل المذكور في الصحيحة ، ولموثّقة عمار : عن الأذان هل يجوز أن يكون من غير عارف ، إلى أن قال : « فإن علم الأذان فأذّن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ، ولا يقتدى به » (٣) وفي بعض النسخ : « لا يعتد به » تصير أخص من رواية علي ، فيجب تخصيصها به.

فقول المعتبر والمعتمد معتبر ومعتمد.

والمراد بالعارف الثقة من يكون عارفا بالوقت موثوقا به عن التقديم والتأخير عمدا.

ولا بدّ من إمكان علمه بالوقت ، كما قيّد به في المدارك (٤) ، فلو كان السماء بحيث لم يتصوّر حصول العلم لا يعوّل عليه ، لفقدان فائدة المعرفة التي رتّب‌

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٣٠٩ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٥ : ٣٨٠ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٩.

(٢) في ص ٩٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣٠٤ الصلاة ب ١٨ ح ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٧٧ ـ ١١٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٣١ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٦ ح ١.

(٤) المدارك ٣ : ٩٨.

٩٦

التعويل عليها حينئذ ، بل يكون مبنى أذانه على الظن والاجتهاد ، فلا يصلح للتعويل والاعتماد.

ثمَّ بعد ملاحظة اعتبار أذان الثقة العارف يعلم بتنقيح المناط القطعي اعتبار إخبار العدل العارف الواحد ، وأولى منه العدلان العارفان ، وهما أيضا موضعان من مواضع الاستثناء ، واستثناهما بعض من لم يستثن الأذان أو مطلق الظن أيضا ولو مع عدم التمكن من العلم (١).

وممّا قد يستثنى : صياح الديوك لمعرفة الزوال ، عن ظاهر الصدوق والذكرى (٢) ، لروايتي أبي عبد الله الفراء (٣) ، والحسين بن المختار (٤).

ولا بأس به مع اشتراط تجاوب الديوك بعضها بعضا ، كما في الرواية الاولى ، وتحقّق ثلاثة أصوات ولاء ، كما في الثانية.

ويشترط أن يكون ذلك حيث تشهد به العاد ، كما في شرح القواعد (٥) ، للإجماع على عدم الاعتبار مع خلاف ذلك.

وظاهر إطلاق الجواب في الروايتين : عدم اشتراط عدم التمكن من العلم وإن اختص السؤال بيوم الغيم.

الثانية : لو صلّى ظانا دخول الوقت فظهر خلافه ، فإن كان من الظنون الغير المعتبرة فيه ، أو قطع بدخول الوقت مع علمه بوجوب مراعاته وبأنه ما هو ، فظهور الخلاف إمّا بعد تمام الصلاة أو قبله.

__________________

(١) كالشيخ في المبسوط ١ : ٧٤.

(٢) الصدوق في الفقيه ١ : ١٤٤ ، الذكرى : ١٢٨.

(٣) الكافي ٣ : ٢٨٤ الصلاة ب ٨ ح ٢ ، الفقيه ١ : ١٤٣ ـ ٦٦٨ ، التهذيب ٢ : ٢٥٥ ـ ١٠١٠ ، مستطرفات السرائر : ١٠٩ ـ ٦٣ ، الوسائل ٤ : ١٧١ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٥.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨٥ الصلاة ب ٨ ح ٥ ، الفقيه ١ : ١٤٤ ـ ٦٦٩ ، التهذيب ٢ : ٢٥٥ ـ ١٠١١ ، الوسائل ٤ : ١٧٠ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٢.

(٥) جامع المقاصد ٢ : ٢٩.

٩٧

فعلى الأول : فمقتضى الأصل صحة الصلاة وعدم وجوب القضاء ، سواء ظهر وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت أو بعضها ، لأنّه متعبّد بعلمه وظنه ، فيكون ما أتى مأمورا به ، وهو يقتضي الإجزاء.

والقول بأنه يقتضيه لذلك المأمور به ، لا للمأمور به في الوقت ، مردود : بالعلم بكون الأول بدلا عن الثاني ، فإنّا نعلم أنه ليس ها هنا أمران ، بل أمر واحد ، وسبب التكليف والدالّ عليه هو الأمر الواحد ، فليس هنا إلاّ سبب واحد ، فلا تجري أصالة عدم تداخل الأسباب ، والحاصل هنا واحد وهو الأمر بالصلاة في الوقت ، وذلك الزمان وقت باعتبار علمه (١).

ولأنّ المراد بالوقت المضروب للصلاة : الظاهري ، وهو ما علم أنه وقت ، أو ظن بالظن المعتبر شرعا ، دون النفس الأمري ، فيكون إتيانه في وقته.

وتدلّ عليه في صورة وقوع بعضها خارج الوقت رواية ابن رباح ، المتقدّمة في المسألة السابقة (٢).

لكن خرج ما إذا وقع تمامها قبله بالدليل ، وهو ليس ـ كما قيل (٣) ـ أنه أدّى ما لم يؤمر به. أو موثّقة أبي بصير : « من صلّى في غير وقت فلا صلاة له » (٤). أو صحيحة زرارة : في رجل صلّى الغداة بليل ، غرّه من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس ، فأخبر أنه صلّى بليل ، قال : « يعيد صلاته » (٥) أو رواية سماعة : « إياك‌

__________________

(١) وذلك بخلاف ما يأتي في الجاهل ، فإنه أمر بالصلاة في غير الوقت لأجل خطاب العقل كما يأتي.

ومما ذكر ظهر أن بدلية أحد الأمرين عن الآخر ليس بمحض الإجماع حتى يناقش فيه في بعض المواضع ، بل باعتبار عدم التحقق إلاّ لأمر واحد. منه رحمه الله تعالى.

(٢) راجع ص ٩١.

(٣) انظر : المنتهى ١ : ٢١٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٥٤ ـ ١٠٠٥ ، الوسائل ٤ : ١٦٨ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٧.

(٥) الكافي ٣ : ٢٨٥ الصلاة ب ٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٥٤ ـ ١٠٠٨ ، الوسائل ٤ : ١٦٧ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٥.

٩٨

أن تصلّي قبل أن تزول » (١).

لما في الأول من منع عدم كونه مأمورا به ، فإنه متعبّد بظنه. وفي الثاني من منع وقوع الصلاة في غير الوقت ، لوقوعها في الوقت الظاهري الذي يجب أن يكون هو المراد من الوقت جدّا. وفي الثالث من عدم دلالته على وجوب الإعادة. وفي الرابع من أن المراد : قبل أن يعلم الزوال ، وإلاّ جاء التكليف بما لا يطاق.

بل للإجماع المحقّق والمحكي في المدارك (٢) ، وفي السرائر : بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك (٣) ، وفي شرح القواعد : لا خلاف فيه (٤) ، وصحيحة زرارة ، المتقدّمة في المسألة السابقة (٥) ، ومفهوم الشرط في رواية ابن رباح (٦).

وعلى الثاني فمقتضى الأصل الفساد ، لأنّ ما بقي من صلاته غير مأتي به بعد ، فلا مقتضي للإجزاء ، ولم يعلم أن أول الوقت وقت لآخر الصلاة أيضا فلم يعلم الأمر به ، فلا يكون صحيحا ، وبفساده تفسد الأجزاء المتقدمة أيضا.

إلاّ أن مقتضى رواية ابن رباح الإجزاء ، ولكن الثابت منها إنما هو في صورة العلم ، لأنّه المتيقّن إرادته ، مع أنه لو كان يرى بمعنى يظن ـ كما قيل ـ يثبت في صورة العلم أيضا بالأولوية ، ولا عكس ، بل في صورة الظهور في الأثناء حين دخول الوقت دون ما إذا ظهر الخطأ قبله ، لعدم ظهور الرواية فيه.

والمتحصّل ممّا ذكر : وجوب الإعادة مع وقوع تمامها قبل الوقت مطلقا ، أو‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٤١ ـ ٥٤٩ ، الوسائل ٤ : ١٦٧ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٦.

(٢) المدارك ٣ : ١٠٠.

(٣) السرائر ١ : ٢٠٠.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٢٨.

(٥) راجع ص ٩١.

(٦) هذا على إرادة العلم من قوله « ترى » كما هو الظاهر ، وفسّره به في الصحاح ، فيدل على الحكم في صورة العلم ويتعدى إلى الظن بالأولوية. وإن كان بمعنى الظن ـ كما في النهاية الأثيرية ـ اختصت دلالتها بصورة الظن. والقول باستحالة حمله على العلم ـ كما في المعتبر والمنتهى ـ لا وجه له ، لأن مرادنا من العلم الجزم ، سواء طابق الواقع أم لا. منه رحمه الله تعالى.

٩٩

بعضها مع ظهور الخطأ قبل دخول الوقت وإن علم أنه يدرك الوقت في الأثناء ، أو بعده مع دخوله في الصلاة بظن الوقت دون علمه ، وعدمه مع وقوع بعضها قبله وظهور الخطأ بعد الصلاة ، أو في الأثناء بعد دخول الوقت مع دخوله في الصلاة بالعلم بالوقت (١).

إجماعا في الأول ، بل الثاني على الظاهر ، ووفاقا للقديمين والسيد في المسائل الرسيات والمختلف والأردبيلي والمدارك ، في الثالث (٢) ، وللأكثر ومنهم : الشيخان والديلمي والحلّي والقاضي والحلبي والمنتهى ، في الأخيرين (٣).

وخلافا لهؤلاء في الثالث ، فجعلوه كالأخيرين ، لرواية ابن رباح بجعل قوله : « ترى » ظاهرا في الظن.

وفيه منع ظاهر.

ولمن تقدّم عليهم في الأخيرين ، فجعلوهما كالثالث ، لضعف الرواية ، وموثّقة أبي بصير ، المتقدّمة ، والنهي عن الصلاة قبل الوقت الموجب للفساد ، وعدم الامتثال ، للأمر بإيقاعها في الوقت ، ووجوب تحصيل اليقين بالبراءة ، وانتفاء الوقت الخاص الذي هو شرط الصحة.

ويضعّف الأول : بانجبار الضعف ـ لو كان ـ بالشهرة ، مع صحة الرواية عن ابن أبي عمير الذي على تصحيح ما يصح عنه أجمعت العصابة.

__________________

(١) ولا يضرّ عدم ظهور قول بالفصل بين العلم والظن ، ولا بين ظهور الخطأ في الأثناء وبعد الفراغ ، لعدم العلم بالإجماع المركب. مع أن كلام الأكثر مخصوص بالظن ، فلا يعلم قول القائلين بوجوب الإعادة في صورة العلم أيضا. إلاّ أن في نسبة الخلاف إلى الإسكافي حينئذ إشكالا ، لأنه لا يجوّز العمل بالظن مطلقا ، فالصلاة مع الظن عنده فاسدة مطلقا. ولذا احتمل بعضهم أن يكون مورد الخلاف أعم من الظن والجزم. منه رحمه الله تعالى.

(٢) العماني والإسكافي ، وحكاه عنهما في المختلف : ٧٣ ، المسائل الرسيات ( رسائل الشريف المرتضى ٢ ) : ٣٥٠ ، المختلف : ٧٣ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٣ ، المدارك ٣ : ١٠١.

(٣) المفيد في المقنعة : ٩٤ ، الطوسي في النهاية : ٦٢ ، الديلمي في المراسم : ٦٣ ، الحلي في السرائر ١ : ٢٠١ ، القاضي في المهذب ١ : ٧٢ ، الحلبي في الكافي : ١٣٨ ، المنتهى ١ : ٢١٣.

١٠٠