مستند الشّيعة - ج ٤

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٤

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-79-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٥٤

فقهائنا كالنهاية والمبسوط والوسيلة (١) ، ونسبه في الروض والروضة والبحار إلى المشهور (٢) ، مشعرا بوقوع الخلاف فيه ، ولعلّه إشارة إلى خلاف السيد كما نقله في السرائر (٣).

فما قيل : من أنه لم أجد خلافا بين أصحابنا فيه ولعلّ الخلاف المشعر به النسبة إلى المشهور لأهل اللغة أو فقهاء العامة (٤) ، غير جيّد.

وكيف كان ، فلا ينبغي الريب في أنّ العبرة بتفسير الإمام الوارد في الرواية الصحيحة المعتضدة بالشهرة المحكية والمحقّقة ، بل ظاهر الإجماع المستفاد من السرائر (٥) ، بل بالرواية العامية المروية عن الخدري : « إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن اشتمال الصمّاء ، وهو أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن ويردّ على طرفه الأيسر » (٦) دون ما يخالفه من التفاسير الواردة في كلام اللغويين والعامة ، كما صرّح به الصدوق في معاني الأخبار (٧).

ثمَّ الظاهر المتبادر من الرواية على ما في الكافي وأكثر نسخ التهذيب ـ وهو المصرّح به في كلام الأكثر ـ هو : أن المراد إدخال طرفي الثوب معا من تحت منكب واحد ، سواء كان الأيمن أو الأيسر ، ثمَّ وضعه على المنكب الواحد.

ولكن المنقول عن بعض نسخ التهذيب : « جناحيك » والظاهر حينئذ كون المراد إدخال أحد طرفي الثوب من تحت أحد الجناحين والطرف الآخر من تحت الجناح الآخر ثمَّ جعلهما على منكب واحد ، ويوافقه المروي في بعض الكتب عن‌

__________________

(١) النهاية : ٩٧ ، المبسوط ١ : ٨٣ ، الوسيلة : ٨٧.

(٢) الروض : ٢٠٩ ، الروضة ١ : ٢٠٨ ، البحار ٨٠ : ٢٠٥.

(٣) السرائر ١ : ٢٦١.

(٤) رياض المسائل ١ : ١٣١.

(٥) السرائر ١ : ٢٦١.

(٦) صحيح البخاري ٧ : ١٩٠ ، ( بتفاوت ).

(٦) معاني الأخبار : ٢٨٢.

٣٨١

معاني الأخبار (١) وإن وافق ما في الكتب الأخر عنه المشهور.

ولا يبعد حمل المشهور من الصحيحة على هذا المعنى أيضا ، بأن يراد من الجناح الجنس ـ كما في التذكرة والمنتهى (٢) ـ إلاّ أنه خلاف المتبادر.

والاحتياط التجنّب عنه بالمعنيين. بل الأظهر كراهة كلّ منهما ، لصدق الجنس المذكور على المعنيين ، مع أن ظهور الرواية على الطريق المشهور في المعنى الأول وورودها في بعض النسخ بما يوافق الثاني يكفي في إثبات الكراهة لهما ، سواء كان الردّ على اليمين أو اليسار.

وأمّا ما في صحيحة علي : عن الرجل هل يصلح له أن يجمع طرفي ردائه على يساره؟ قال : « لا يصلح جمعهما على اليسار ولكن اجمعهما على اليمين ، أو دعهما » (٣) حيث إن الظاهر منها تساوي الجمع على اليمين أو الدعة ، فلا يدل على الزائد على جواز الجمع على اليمين ، لعدم إرادة الطلب من الأمر بالجمع إجماعا ، وهو لا ينافي الكراهة.

نعم ، يستفاد منها أن الجمع على اليسار أيضا مكروه آخر ، ففيه جمع بين مكروهين.

ومنها : الصلاة في عمامة لا حنك لها ، فيكره إجماعا محقّقا ومحكيا في المعتبر والمنتهى (٤) ، وغيرهما (٥) ، وهو الحجة ، مضافا إلى المرويين في الغوالي :

أحدهما : « من صلّى بغير حنك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (٦).

__________________

(١) معاني الأخبار : ٢٨١.

(٢) التذكرة ١ : ٩٩ ، المنتهى ١ : ٢٣٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ـ ١٥٥١ ، الوسائل ٤ : ٤٠٠ أبواب لباس المصلي ب ٢٥ ح ٧.

(٤) المعتبر ٢ : ٩٧ ، المنتهى ١ : ٢٣٣.

(٥) كالرياض ١ : ١٣١.

(٦) الغوالي ٤ : ٣٧ ـ ١٢٨ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢١٥ أبواب لباس المصلّي ب ٢١ ح ٢.

٣٨٢

والآخر : « من صلّى مقتعطا فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (١).

وضعف الخبرين في المقام غير ضائر ، مع أنّ ما مرّ له جابر ، ومع ذلك مؤيّدان بما نقله الصدوق عن مشايخه أنهم يقولون : لا تجوز الصلاة في الطابقية ، ولا يجوز للمعتمّ أن يصلّي وهو غير متحنك (٢). والطابقية هي أن لا يجعل تحت حنكه شيئا من العمامة وهو الاقتعاط.

وبإطلاقات كراهة التعمّم من دون تحنّك كمرسلة الفقيه : « الفرق بين المسلمين والمشركين التلحّي بالعمائم » (٣) وفي خبر عيسى : « من اعتمّ فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (٤).

ومرسلة الكافي : « الطابقية عمة إبليس لعنه الله » (٥) وغير ذلك.

ولمّا كان الاقتعاط عدم جعل شي‌ء من العمامة تحت الحنك ، والمعهود من التحنّك أيضا جعل شي‌ء منها تحته ، بل هو معنى التلحّي بالعمامة وإدارتها تحت الحنك ، فلا بدّ أن يكون المتحنّك به جزءا من العمامة وسطها أو طرفها لا شيئا من الخارج ، فلا تتأدّى السنّة بغيرها.

وتردّد المحقّق الثاني واحتمل تأدّيها به أيضا (٦).

وكذا المتبادر من التلحّي والتحنّك تطويق شي‌ء من العمامة تحت الحنك ، بل هو صريح معنى الإدارة المصرّح بها ، فلا يتحقّق بإسدال طرف منها على‌

__________________

(١) الغوالي ٢ : ٢١٤ ـ ٦ ، والاقتعاط هو شدّ العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك ، مجمع البحرين ٤ : ٢٧٠.

(٢) الفقيه ١ : ١٧٢.

(٣) الفقيه ١ : ١٧٣ ـ ٨١٧ ، الوسائل ٤ : ٤٠٣ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٨.

(٤) الكافي ٦ : ٤٦١ الزي والتجمل ب ١٥ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٢١٥ ـ ٨٤٧ ، الوسائل ٤ : ٤٠١ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٤٦١ الزي والتجمل ب ١٥ ح ٥ ، الوسائل ٤ : ٤٠٢ أبواب لباس المصلّي ب ٢٦ ح ٤.

(٦) جامع المقاصد ٢ : ١١٠.

٣٨٣

الصدر أو القفاء ، كما احتمله بعض المتأخّرين (١) ، جمعا بين أخبار التحنّك والإسدال (٢).

ويجمع تارة أيضا : بحمل الاولى على التحنّك حين التعمّم والأخرى على الإسدال بعده ، واخرى : بتخصيص الاولى بحال يراد فيه المسكنة والتخشّع ، والثانية بحال يراد فيها الاختيال والترفّع ، وثالثة : بتخصيص الاولى بالرعية والثانية بالرسول والعترة ، لورود أخبار الإسدال فيهم ، ورابعة : بالتخيير بين الأمرين.

والكلّ خروج عن الظاهر خال عن الشاهد.

والتحقيق أنّه لا تنافي بين الصنفين ، إذ الإسدال لا يكون إلاّ بطرف العمامة ، والتحنّك يتحقّق بكلّ جزء منها ، فيمكن الجمع بين الأمرين بالتحنّك بشي‌ء من الوسط وإسدال أحد الطرفين.

وهل المكروه ترك التحنّك للمعتمّ حتى لم يرتكب غير المعتمّ مكروها ، أو مطلق فلا تتأدّى السنّة إلاّ بالتعمّم والتحنّك؟ مقتضى كلام الأكثر : الأول ، وظاهر الخبر الأول : الثاني ، فهو الأجود ، ولكن ذلك في حال الصلاة ، وأمّا في غيرها فأخباره تكره ترك التحنّك للمتعمّم ، إلاّ أن يستند في أولوية التحنّك مطلقا بأولوية التعمّم الذي يستحب معه التحنّك.

ثمَّ في كلام جماعة (٣) نسبة حرمة [ ترك ] (٤) التحنّك للمتعمّم في الصلاة إلى الصدوق طاب ثراه ، وكأنّها مأخوذة من قوله المتقدم ذكره بجعل قوله : « ولا يجوز » ابتداء كلام من نفسه لا حكاية عن مشايخه ، أو من ظهور ما نقله في اتّفاق مشايخه‌

__________________

(١) البحار ٨٠ : ١٩٥.

(٢) انظر الوسائل ٤ : ٣٩٩ ، ٤٠١ أبواب لباس المصلي ب ٢٥ و ٢٦.

(٣) منهم العلامة في المختلف : ٨٣ ، والشهيد الأول في البيان : ١٢٢ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ١١٠ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٠.

(٤) أضفناه لاقتضاء المعنى.

٣٨٤

على ذلك ، فيبعد مخالفته لهم.

وللتأمّل في كلا الأمرين مجال ، بل الظاهر كون قوله : « ولا يجوز » تفسيرا لما تقدّم ، والظاهر من نسبته إلى المشايخ عدم كونه فتوى نفسه. ويحتمل عثورهم على تصريح منه في محل آخر.

وكيف كان فالتحريم ضعيف جدّا ، للأصل. كما يضعف الطرف المقابل له وهو أولوية تركه في أمثال هذا الزمان ، لكونه لباس شهرة كما قيل به (١) ، لمنع كونه من لباس الشهرة ، مع أنه لو كان منه للزم تحريمه ـ لأنه المستفاد من أخبار لباس الشهرة (٢) ـ وهو خلاف إجماع الشيعة.

وأيضا ذم الشهرة ليس منحصرا في اللباس ، بل في مرسلة عثمان : « الشهرة خيرها وشرّها في النار » (٣) فلو أوجب الاشتهار رفع الحكم الشرعي لسرى الأمر إلى أكثر المستحبات بل الواجبات من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل لأمكن انطواء الشريعة بتداول خلافها.

ومنها : اللثام للرجل والنقاب للمرأة ، لاشتهار كراهتهما بين الفقهاء ، وورودهما في بعض الأخبار (٤).

والكراهة إنما هي مع عدم المنع عن القراءة أو غيرها من الواجبات وإلاّ حرما.

ومنها : ترك الرداء للإمام ، لفتوى جمّ غفير من الأصحاب (٥). بل لمطلق‌

__________________

(١) المفاتيح ١ : ١١١.

(٢) الوسائل ٥ : ١٥ ، ٢٤ أبواب أحكام الملابس ب ٧ و ١٢.

(٣) الكافي ٦ : ٤٤٥ الزي والتجمل ب ٣ ح ٣ ، الوسائل ٥ : ٢٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ٣.

(٤) الوسائل ٤ : ٤٢٢ أبواب لباس المصلي ب ٣٥.

(٥) منهم الشيخ في المبسوط ١ : ٨٣ ، والنهاية : ٩٨ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٧٠ ، والنافع : ٢٥ ، والمعتبر ٢ : ٩٧ ، ويحيى بن سعيد في الجامع : ٦٧ ، والعلامة في التحرير ١ : ٣١ ، والمنتهى ١ : ٢٣٣ ، والشهيد الأول في اللمعة ( الروضة ١ ) : ٢٠٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١١.

٣٨٥

المصلّي من الرجال ، لفتوى جماعة منهم (١) ، وهي كافية في المقام.

وقد يستدلّ بأخبار غير وافية بالمرام (٢) ، وقد يضمّ ببعضها عدم الفصل للإتمام.

وهو شطط من الكلام ، ولذا لم يفت جماعة من الأعلام بكراهة الترك مطلقا.

وأدلّ الأخبار في الإمام : صحيحة سليمان بن خالد (٣) ، وفي غيره رواية قرب الإسناد (٤) ، ورسالة عليّ (٥).

وهما لا تدلاّن إلاّ على مرجوحية الصلاة في القميص وحده أو الإزار والقلنسوة وحدهما بدون الرداء.

ومنها : الصلاة مشدود القباء في غير حال الحرب ، ذكره جماعة من أصحابنا (٦) ، بل نسبوه إلى المشهور (٧).

فإن أريد منه مشدود الأزرار فالمستفاد من الأخبار خلافه ، ففي رواية الأحمري : عن رجل يصلّي وأزراره محلّلة ، قال : « لا ينبغي ذلك » (٨).

__________________

(١) كالشهيد الأول في البيان : ١٢٢ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١١ ، وصاحب الحدائق ٧ : ١٣٧.

(٢) الوسائل ٤ : ٤٥٢ أبواب لباس المصلي ب ٥٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٤ الصلاة ب ٦٤ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ـ ١٥٢١ ، الوسائل ٤ : ٤٥٢ أبواب لباس المصلي ب ٥٣ ح ١.

(٤) قرب الإسناد : ١٨٣ ـ ٦٨٠ ، الوسائل ٤ : ٤٥٣ أبواب لباس المصلّي ب ٥٣ ح ٧.

(٥) مسائل علي بن جعفر : ٢٥٤ ـ ٦٠٩.

(٦) منهم سلار في المراسم : ٦٤ ، والشيخ في النهاية : ٩٨ ، والمبسوط ١ : ٨٣ ، والمحقق في النافع : ٢٥ ، والمعتبر ٢ : ٩٩ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٤٨ ، واللمعة ( الروضة ١ ) : ٢٠٩.

(٧) كما في البيان : ١٢٣ ، والروضة ١ : ٢٠٩ ، والمدارك ٣ : ٢٠٨.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٦٩ ـ ١٥٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٦ ، الوسائل ٤ : ٣٩٤ أبواب لباس المصلي ب ٢٣ ح ٥.

٣٨٦

وفي رواية غياث : « لا يصلّي الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه إزار » (١).

ولا ينافيهما بعض الروايات النافية للبأس عن الصلاة محلولة الأزرار (٢) ، لاجتماع انتفاء البأس مع الكراهة.

بل مقتضى الروايتين : كراهة حلّ الأزرار الذي هو مقابل شدّها ، فيكون الشدّ مستحبا.

ولا تعارضها فتوى جمع من الفقهاء ، فإنّها إنّما تفيد في مقام الاستحباب إذا لم تعارضه الأخبار.

وإن أريد منه مشدود الوسط ـ وإن كان الظاهر من الدروس والبيان مغايرتهما (٣) ـ فلا بأس بالقول بكراهته ، لأجل الاشتهار ، بل تصريح الشيخ في الخلاف بالإجماع على كراهة هذا المعنى بخصوصه ، قال : ويكره أن يصلّي وهو مشدود الوسط ، دليلنا : إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط (٤).

ولا يضرّها الخبران العاميان المرويان في النهاية الأثيرية المصرّحان بالنهي عن الصلاة بغير حزام (٥) ، لمعارضتهما مع الآخر المنقول في الذكرى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « لا يصلّي أحدكم وهو متحزّم » (٦).

ولا يضرّه ما نقله بعض الأفاضل أنه رآه في كتب العامة هكذا : « وهو غير متحزّم » (٧) ، لإمكان التعدّد.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٢٦ و ٣٥٧ ـ ١٣٣٤ ، ١٤٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٥ ، الوسائل ٤ : ٣٩٤ أبواب لباس المصلّي ب ٢٣ ح ٣.

(٢) الوسائل ٤ : ٣٩٣ أبواب لباس المصلي ب ٢٣.

(٣) الدروس ١ : ١٤٨ ، البيان : ١٢٣.

(٤) الخلاف ١ : ٥٠٩.

(٥) النهاية ١ : ٣٧٩.

(٦) الذكرى : ١٤٨.

(٧) المغني والشرح الكبير ١ : ٦٥٩.

٣٨٧

إلاّ أن يقال : إنّ الخبرين كما يعارضان ذلك الخبر يعارضان الشهرة ونقل الإجماع ، ويبقى الأصل بلا معارض ، فلا يكون ذلك أيضا مكروها.

ومنه يظهر أنّ الشدّ بأيّ المعنيين أخذ لا يمكن إثبات كراهته ، ولذا تردّد فيه جماعة كالشيخ في التهذيب والمحقّق في النافع والفاضل في التحرير والمنتهى ، والشهيدين في روض الجنان والروضة والذكرى (١) ، وغيرهم من متأخّري أصحابنا (٢) ، المقتصرين في المسألة على نقل الكراهة.

وظاهر المقنعة وصريح الوسيلة : حرمة الصلاة مشدود القباء (٣) ، بل ظاهر ما قاله الشيخ في التهذيب ـ بعد قول المقنعة ـ : ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أعرف به خبرا مسندا (٤). انتهى : أنّ الحرمة هي التي ذكرها عليّ وسمعها من الشيوخ ، وهو محتمل المبسوط والنهاية أيضا (٥).

وكيف كان فلا ريب في ضعفه جدّا.

ومنها : أن يصحب حديدا ، على الأشهر كما صرّح به جماعة (٦) ، للمستفيضة ، كموثّقة عمار : في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد؟ قال : « لا » (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣٢ ، النافع : ٢٥ ، التحرير ١ : ٣١ ، المنتهى ١ : ٢٣٥ ، روض الجنان : ٢١٠ ، الروضة ١ : ٢٠٩ ، الذكرى : ١٤٨.

(٢) كالفاضل المقداد في التنقيح ١ : ١٨٢ ، وصاحب المدارك ٣ : ٢٠٨ ، وصاحب الحدائق ٧ : ١٤٤.

(٣) المقنعة : ١٥٢ ، الوسيلة : ٨٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٣٢.

(٥) المبسوط ١ : ٨٣ ، النهاية : ٩٨.

(٦) انظر المدارك ٣ : ٢١٠ ، والذخيرة : ٢٣٠ ، والبحار ٨٠ : ٢٥١ ، والحدائق ٧ : ١٤٤ ، والرياض ١ : ١٣٢.

(٧) الفقيه ١ : ١٦٤ ـ ٧٧٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ـ ١٥٤٨ ، علل الشرائع : ٣٤٨ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٤١٨ أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٥.

٣٨٨

وقريبة منها رواية السكوني (١) ، والمرويان في العلل (٢).

ورواية النميري وفيها : « وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن والشياطين ، فحرّم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة ، إلاّ أن يكون قبال عدوّ فلا بأس به » قال : قلت : فالرجل في السفر يكون معه السكين في خفّه لا يستغني منه أو في سراويله مشدودا ، أو المفتاح يخشى إن وضعه ضاع ، أو يكون في وسطه المنطقة من حديد ، قال : « لا بأس بالسكين أو المنطقة للمسافر في وقت ضرورة ، وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان ، ولا بأس بالسيف وكل آلة السلاح في الحرب ، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شي‌ء من الحديد ، فإنه نجس ممسوخ » (٣).

وعن المقنع والنهاية والمهذب (٤) ، وظاهر الصدوق والكليني (٥) ، ومحتمل من قال بنجاسة الحديد : حرمة الصلاة فيه وعدم صحتها معه ، كما هو مقتضى الرواية الأخيرة. وهي قوية جدّا ، لذلك.

ودعوى شذوذ الرواية ، لمخالفتها لعمل المعظم بعد نسبة القول بالتحريم إلى من ذكر ، غير مسموعة.

والحكم بنجاسته مع مخالفتها بالمعنى المصطلح للحق لا يصلح قرينة لإرادة الكراهة من الحرمة.

ولكن يجب تخصيصها بما إذا كان الحديد ظاهرا كما عليه فتوى القائلين‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٤ الصلاة ب ٦٥ ح ٣٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ ـ ٨٩٥ ، علل الشرائع : ٣٤٨ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٤١٧ أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ١.

(٢) علل الشرائع : ٣٤٨ ـ ٣ و ١ ، الوسائل ٤ : ٣٦٨ ، ٤١٨ أبواب لباس المصلّي ب ١١ و ٣٢ ح ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٠ الصلاة ب ٦٥ ح ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ ـ ٨٩٤ ، الوسائل ٤ : ٤١٩ أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٦.

(٤) المقنع : ٢٥ ، النهاية : ٩٨ ، المهذب ١ : ٧٥.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٠ و ٤٠٤ ـ ١٣ و ٣٤ و ٣٥ ، الفقيه ١ : ١٦٣ و ١٦٤.

٣٨٩

بالحرمة أو الكراهة ، لمرسلة الكافي : « إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس بالصلاة فيه » (١).

وفي التهذيب : قد قدّمنا رواية عمّار : « إنّ الحديد إذا كان في غلاف فلا بأس بالصلاة فيه » (٢).

ومنه يظهر عدم منافاة التوقيع الشريف المروي في الاحتجاج وكتاب الغيبة : عن الرجل يصلّي وفي كمّه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد هل يجوز ذلك؟ فوقّع عليه‌السلام : « جائز » (٣) للحرمة ، لأنّ غاية ما يدلّ عليه الجواز مع الستر في الكم أو السراويل ، فإنّ الاستتار المزيل للكراهة أو الحرمة هو ما كان محجوبا عن النظر ولو تحت الثياب دون ما كان في جلد ونحوه ، إذ الغلاف المصرّح به في الروايتين في اللغة هو الحجاب ، فيصدق على كلّ ما يحجب عن الناظر.

ثمَّ إنه ينبغي استثناء حال الضرورة وخوف الضياع والنسيان ، للرواية المذكورة. والتخصيص بالرجال ، لاختصاص الروايات بهم ، وعدم ثبوت الإجماع على الاشتراك. واستثناء آلات الحرب في قبال العدوّ ، للرواية (٤).

ومنها : الصلاة في ثوب من يتّهم بعدم التوقّي عن النجاسات أو بمساورته له وهو نجس ، لفتوى معظم الأصحاب ، وعموم قوله عليه‌السلام : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٤ الصلاة ب ٦٥ ذ. ح ٣٥ ، الوسائل ٤ : ٤١٨ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٧.

(٣) الاحتجاج : ٤٨٤ ، كتاب الغيبة : ٢٣٤ ، الوسائل ٤ : ٤٢٠ أبواب لباس المصلّي ب ٣٢ ح ١١.

(٤) ويكره أيضا الصلاة مع الحديد الصيني وإن لم يكن حديدا حقيقة ، للمروي في الاحتجاج : ٤٨٣ ، وكتاب الغيبة : ٢٣٢ : عن الفص الخماهن هل تجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه؟ فكتب الجواب : « فيه كراهية أن يصلي فيه ، وفيه إطلاق ، والعمل على الكراهية » انتهى.

والظاهر ـ كما قيل ـ أن الخماهن هو الحديد الصيني. منه رحمه‌الله.

(٥) الذكرى : ١٣٨ ، الوسائل ٢٧ : ١٧٣ أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٣.

٣٩٠

مضافا إلى المستفيضة كصحاح العيص (١) ، وعلي (٢) ، وابن سنان (٣) ، وموثّقة أبي بصير (٤) ، ورواية جميل (٥).

والأخيرة مصرّحة بأنّ الغسل أحبّ ، ولا بأس بالصلاة فيه قبل الغسل.

وبها وبغيرها من الأخبار ـ كصحيحة ابن سنان (٦) ، ورواية ابن عمار (٧) ، والتوقيع المروي في الاحتجاج وكتاب الغيبة وهو : إنّ عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة ولا يغسلون من الجنابة وينسجون لنا ثيابنا ، فهل تجوز الصلاة فيها قبل أن تغسل؟ فخرج الجواب : « لا بأس بالصلاة فيها » (٨) ـ يصرف ما ظاهره التحريم ـ ممّا ذكر أو لم يذكر ـ عن ظاهره.

وعن المبسوط والسرائر : المنع عن الصلاة في ثوب صنعه الكافر (٩) ، معلّلين بأنّه نجس.

فإن أرادا أنه يحصل العلم من عملهم بمباشرتهم بالرطوبة ـ كما يومئ إليه تعليلهما ، واحتمله المحقّق الخوانساري (١٠) ـ فلا كلام معهما في المسألة ، ولعلّ لأجل ذلك لم ينقل الأكثر خلافهما هنا.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٢ الصلاة ب ٦٦ ح ١٩ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ـ ٧٨١ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ـ ١٥١١ ، الوسائل ٤ : ٤٤٧ أبواب لباس المصلي ب ٤٩ ح ١.

(٢) التهذيب ١ : ٢٦٣ ـ ٧٦٦ ، الوسائل ٣ : ٤٢١ أبواب النجاسات ب ١٤ ح ١٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦١ ـ ١٤٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ ـ ١٤٩٨ ، الوسائل ٣ : ٥٢١ أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٢ الصلاة ب ٦٥ ح ١٨ ، الوسائل ٣ : ٥١٩ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢١٩ ـ ٨٦٢ ، الوسائل ٣ : ٥١٩ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٦١ ـ ١٤٩٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٧ ، الوسائل ٣ : ٥٢١ أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ١.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٦٢ ـ ١٤٩٧ ، الوسائل ٣ : ٥١٨ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ١.

(٨) الاحتجاج : ٤٨٤ ، كتاب الغيبة : ٢٣٣ ، الوسائل ٣ : ٥٢٠ أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ٩.

(٩) المبسوط ١ : ٨٤ ، السرائر ١ : ٢٦٩.

(١٠) حواشي شرح اللمعة : ٢٠٤.

٣٩١

وإن أرادا غير ذلك ولو مع الظن بالمباشرة مع الرطوبة فهما محجوجان بعد الأصل وعمومات الطهارة بما مرّ وما بمعناه.

وعن الإسكافي : المنع في ثوب الذمي ومن الأغلب على ثوبه النجاسة مطلقا (١) ، فحكم بإعادة الصلاة المؤداة فيه وقضائها ، ولعلّه اعتبر الظن في النجاسة. ويردّه ما سبق.

وألحق بثوب المتّهم في التذكرة والذكرى والروضة والدروس والبيان (٢) ثوب من يتّهم بالغصب وعدم توقّي المحرّمات في ملابسه ، بل قد يلحق المتّهم باستصحاب فضلات ما لا يؤكل (٣). وهو حسن ، لقوله : « دع ما يريبك » مع التنبيه عليه بكراهة معاملة الظالم وأخذ عطائه.

ومنها : الصلاة في ثوب أو خاتم فيه تمثال وصورة ، بلا خلاف في أصل المرجوحية ، كما في البحار (٤) وغيره (٥) ، وهو الحجة ، مضافا إلى المستفيضة :

منها : صحيحتا ابني سنان وبزيع :

إحداهما : « أنه كره أن يصلّي وعليه ثوب فيه تماثيل » (٦).

والثانية : « عن الثوب المعلم ، فكره ما فيه التماثيل » (٧).

ومرسلة الفقيه ، وفيها : « فإنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ، ولا بيتا فيه تماثيل » (٨).

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ١ : ٨٢.

(٢) التذكرة ١ : ٩٩ ، الذكرى : ١٤٨ ، الروضة ١ : ٢٠٩ ، الدروس ١ : ١٤٨ ، البيان : ١٢٢.

(٣) رياض المسائل ١ : ١٣٢.

(٤) البحار ٨٠ : ٢٤٣.

(٥) انظر جامع المقاصد ٢ : ١١٤ ، والرياض ١ : ١٣٢.

(٦) الكافي ٣ : ٤٠١ الصلاة ب ٦٥ ح ١٧ ، الوسائل ٤ : ٤٣٧ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ١٧٢ ـ ٨١٠ ، عيون الأخبار ٢ : ١٧ ـ ٤٤ ، الوسائل ٤ : ٤٣٧ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٤.

(٨) الفقيه ١ : ١٥٩ ـ ٧٤٤ ، الوسائل ٥ : ١٧٥ أبواب مكان المصلّي ب ٣٣ ح ٤.

٣٩٢

وصحيحة أخرى لابن بزيع : عن الصلاة في الديباج ، فقال : « ما لم تكن فيه تماثيل فلا بأس » (١).

وموثّقة عمار : عن الثوب يكون في علمه مثال الطير أو غير ذلك أيصلّي فيه؟ قال : « لا » وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك ، قال : « لا تجوز الصلاة فيه » (٢) إلى غير ذلك.

وظاهر الأخيرتين وإن كان التحريم ـ كما هو في النهاية وعن المبسوط في الثوب والخاتم (٣) ، وعن المقنع والمهذّب في الثاني خاصة (٤) ـ إلاّ أنه محمول على الكراهة.

لا للأصل وتصريح الصحيحتين بالكراهة ، لاندفاع الأصل بالنص ، وأعمية الكراهة في الأخبار.

ولا لما دلّ على الكراهة في الدراهم أو البسط فيها التماثيل ونفي البأس عن الصلاة فيها (٥) ، لعدم الملازمة ، وانتفاء الإجماع المركّب.

بل للمروي في قرب الإسناد ـ المنجبر بالشهرة العظيمة التي كادت أن تكون إجماعا ، بل عن المتأخّرين الإجماع (٦) ـ : عن الخاتم يكون فيه نقش سبع أو طير أيصلى فيه؟ قال : « لا بأس » (٧).

واختصاصه بالخاتم غير ضائر ، لعدم القائل بالفرق في طرف الجواز.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٥ ، الوسائل ٤ : ٣٧٠ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١٠.

(٢) الفقيه ١ : ١٦٥ ـ ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ـ ١٥٤٨ ، الوسائل ٤ : ٤٤٠ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٥.

(٣) النهاية : ٩٩ ، المبسوط ١ : ٨٤.

(٤) المقنع : ٢٥ ، المهذب ١ : ٧٥.

(٥) الوسائل ٤ : ٤٣٦ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥.

(٦) كما في الرياض ١ : ١٣٢.

(٧) قرب الإسناد : ٢١١ ـ ٨٢٧ ، الوسائل ٤ : ٤٤٢ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٢٣.

٣٩٣

مع أنه جوّز في المنتهى (١) أن يكون مراد الشيخ أيضا الكراهة.

وهل الصورة والمثال يعمّان ما كان من ذي روح وغيره؟ كما صرّح به جماعة (٢) ، بل أسنده في المختلف إلى الأصحاب (٣) ، وفي شرح القواعد إلى الأكثر (٤). أو يخص الأول؟ كما اختاره الحلّي (٥) ، ونسب إلى جماعة من المحقّقين (٦) الظاهر الأول ، لا لعموم التمثال أو إطلاقه ، لعدم ثبوته ، حيث إنّ المتبادر منه مثال الحيوان ، بل صرّح بعض أهل اللغة باختصاصه لغة وكونه مجازا في مثال الشجر (٧).

مع أنه لو سلّم صدق المبدأ على الأعم لا يثبت منه وضع الهيئة الاشتقاقية له أيضا كما بيّنّاه في محلّه ، ويؤكّده استعماله في الأخبار مطلقا فيه غالبا.

بل لفتوى الأكثر بالتعميم ، بل دعوى الإجماع المستفادة من المختلف ظاهرا (٨) ، ومثلهما كاف في إثبات الكراهة.

ومستند الحلّي : ما مرّ من اختصاص التمثال بالحيوان ، وتصريح طائفة من الأخبار بجواز تصوير غير ذي الروح (٩) ، ونفي البأس في صحيحتي زرارة ومحمد عن تماثيل الشجر والشمس والقمر (١٠) ، ونقش وردة وهلال في خاتم مولانا أبي‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٣٤.

(٢) منهم الشهيد الأول في الدروس ١ : ١٤٧ ، والبيان : ١٢٢ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ١١٤ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٤ ، وروض الجنان : ٢١٢ ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٩٣.

(٣) المختلف : ٨١.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ١١٤.

(٥) السرائر ١ : ٢٦٣ ، ٢٧٠.

(٦) نسب إليهم في الرياض ١ : ١٣٣.

(٧) المغرب ١ : ١٧٨.

(٨) المختلف : ٨١.

(٩) انظر : الوسائل ١٧ : ٢٩٥ أبواب ما يكتسب ب ٩٤.

(١٠) المحاسن : ٦١٩ ـ ٥٤ و ٥٥ ، الوسائل ١٧ : ٢٩٦ أبواب ما يكتسب به ب ٩٤ ح ٢ و ٣.

٣٩٤

الحسن عليه‌السلام كما في صحيحة البزنطي (١).

ويضعّف الأول : بعدم الاستناد في كراهة غير ذي الروح بأخبار التمثال.

والثاني : بعدم الملازمة بين جواز التصوير وجواز الصلاة ، مع أن الجواز لا ينافي الكراهة.

والثالث : بعدم منافاة انتفاء البأس لثبوت الكراهة.

والرابع : بعدم دلالته على صلاته فيه ، مع أنها أيضا غير نافية للكراهة.

وهل التمثال والصورة يختص بما له صدق معلوم في الخارج ، أم يعمّ صورة المخترع من الحيوان أو غيره؟ الظاهر هو الأول ، لعدم صدق التمثال والصورة ، وعدم ثبوت الشهرة في غيره.

ثمَّ إنّه ترتفع الكراهة بتغيير الصورة كما صرّح به الجماعة (٢) ، لصحيحة محمد : « لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيّرت الصورة فيه » (٣).

ونفي البأس وإن كان أعم من الكراهة إلاّ أنه في المقام يجب الحمل على نفيها ، لعدم الحرمة بدون التغيير.

والظاهر كفاية أدنى تغيير ، كما صرّح به شيخنا البهائي (٤) ، لصدق التغيير.

وصحيحة ابن أبي عمير : عن التماثيل في البساط لها عينان وأنت تصلّي ، فقال : « إن كان لها عين واحدة فلا بأس ، وإن كان لها عينان فلا » (٥).

وفي الصحيح أيضا : لا بأس بالتماثيل في الثوب إذا غيّرت رؤوسها وترك ما‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٧٣ الزي والتجمل ب ٢٦ ح ٤ ، الوسائل ٥ : ٩٩ أبواب أحكام الملابس ب ٦٢ ح ٢.

(٢) منهم العلامة في المنتهى ١ : ٢٣٤ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ١١٤ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٢ ، وصاحب المدارك ٣ : ٢١٤ ، وصاحب الرياض ١ : ١٣٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ـ ١٥٠٣ ، الوسائل ٤ : ٤٤٠ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٣.

(٤) الحبل المتين : ١٨٧.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٢ الصلاة ب ٦٣ ح ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٣ ـ ١٥٠٦ ، الوسائل ٤ : ٤٣٨ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٧.

٣٩٥

سوى ذلك » (١).

والظاهر ارتفاع الكراهة مع الضرورة أيضا ، لسقوط التكليف معها ، ويدلّ عليه في الجملة الموثّق (١).

ولا تزول الكراهة بالاستتار ، لإطلاق الفتاوى والأخبار.

وفي المدارك تخفيفها بالستر (٣) ، استنادا إلى ما ورد في الدراهم كما يأتي. وفيه نظر.

ومنها : استصحاب الدراهم التي فيها صورة ، على المشهور كما صرّح به في البحار (٤) ، للمروي في الخصال : « لا يعقد الرجل الدراهم التي فيها صورة في ثوبه وهو يصلّي ، ويجوز أن تكون الدراهم في هميان إذا خاف ويجعلها في ظهره » (٥).

وظاهر الرواية والحسنة الآتية : بقاء الكراهة وإن كانت مستورة أيضا (٦).

وقال جماعة بانتفائها بالاستتار عن النظر (٧) ، لصحيحة حمّاد : عن الدراهم السود التي فيها التماثيل أيصلّي الرجل وهي معه؟ فقال : « لا بأس إذا كانت مواراة » (٨).

__________________

(١) « عن لباس الحرير والديباج فقال : أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل » منه رحمه‌الله.

الكافي ٦ : ٤٥٣ الزي والتجمل ب ١١ ح ٣ الفقيه ١ : ١٧١ ـ ذ ح ٨٠٧ ، المهذب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٦ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٦ ، الوسائل ٤ : ٣٧٢ أبواب لباس المصلي ب ١٢ ح ٣.

(٢) المحاسن : ٦١٩ ـ ٥٦ ، الكافي ٦ : ٥٢٧ الزي والتجمل ب ٦٥ ح ٨ ، الوسائل ٥ : ٣٠٨ أبواب أحكام المساكن ب ٤ ح ٣.

(٣) المدارك ٣ : ٢١٣.

(٤) البحار ٨٠ : ٢٤٧.

(٥) الخصال : ٦٢٧ ، الوسائل ٤ : ٤٣٨ أبواب لباس المصلّي ب ٤٥ ح ٥.

(٦) لحصول الاستتار بالعقد والكون في الهميان. منه رحمه‌الله.

(٧) منهم العلامة في المنتهى ١ : ٢٣٤ ، والتحرير ١ : ٣١ ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٩٢.

(٨) الكافي ٣ : ٤٠٢ الصلاة ب ٦٥ ح ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ـ ١٥٠٨ ، الوسائل ٤ : ٤٣٩ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٨.

٣٩٦

والأولى حملها على تخفيف الكراهة ، سيما مع أنّ إرادة جعلها في ورائه ممكنة ، ومعه تنتفي الكراهة كما صرّح به في الرواية.

وتدلّ عليه أيضا حسنة البجلي : عن الدراهم السود تكون مع الرجل وهو يصلّي مربوطة أو غير مربوطة ، قال : « ما أشتهي أن يصلّي ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل » ثمَّ قال : « ما للناس بدّ من حفظ بضائعهم ، فإن صلّى وهي معه فلتكن من خلفه ، ولا يجعل شيئا منها بينه وبين القبلة » (١).

ورواية أبي بصير : « وإذا كانت معك دراهم سود فيها تماثيل فلا تجعلها بين يديك واجعلها من خلفك » (٢).

والظاهر المستفاد من نفي البدّ عن حفظ البضائع أنه ليس معنى جعلها في الخلف وضعها فيه ، كما فهم ، بل شدّها في وسطه بحيث تكون الدراهم خلفه لئلاّ تكون بينه وبين القبلة وكان أبعد من توهّم العبادة لها.

ومنه يظهر تعدّي الحكم إلى الدنانير المصوّرة أيضا.

ومنها : الصلاة في خلخال مصوّت للمرأة في يدها أو رجلها ، لظاهر الإجماع.

واستدلّ أيضا : بصحيحة علي (٣). وهي غير متضمّنة لحال الصلاة.

وحرّمها القاضي (٤) ، لظاهر الصحيحة. وهي على مطلوبه ـ وهو حرمة الصلاة فيها ـ غير دالّة ، وإنّما تدلّ على عدم صلاحية لبسه المخالف للإجماع.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٢ الصلاة ب ٦٥ ح ٢١ ، الفقيه ١ : ١٦٦ ـ ٧٧٩ ، الوسائل ٤ : ٤٣٧ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ـ ١٥٠٤ ، الوسائل ٤ : ٤٣٩ أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٤ الصلاة ب ٦٥ ح ٣٣ ، الفقيه ١ : ١٦٤ ـ ٧٧٥ ، قرب الإسناد : ٢٢٦ ـ ٨٨١ ، مسائل علي بن جعفر : ١٣٨ ـ ١٤٨ ، الوسائل ٤ : ٤٦٣ أبواب لباس المصلي ب ٦٢ ح ١.

(٤) المهذب ١ : ٧٥.

٣٩٧

ومنها : أن تصلّي المرأة عطلا (١) ، للعامي (٢).

ورواية غياث : « لا تصلّي المرأة عطلا » (٣).

وفي الدعائم : « لا تصلّي المرأة إلاّ وعليها من الحلي أدناه الخرص فما فوقه ، ولا تصلي المرأة إلاّ وهي مختضبة ، فإن لم تكن مختضبة فلتمسّ مواضع الحنّاء بخلوق » (٤).

وفيه أيضا : « مر نساءك لا يصلّين معطّلات ، فإن لم يجدن فليعقدن على أعناقهن ولو بالسّير ، ومرهن فليغيّرنّ أكفّهن بالحنّاء » (٥).

أقول : الخرص بالضم والكسر : الحلقة الصغيرة من الحلي ، وهو من حلي الاذن (٦).

ورواية أبي مريم : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا علي مر نساءك لا يصلّين عطلا ولو يعلقن في أعناقهن سيرا » (٧).

ومنها : الصلاة مختضبا ، لصحيحة الجعفري (٨). والمراد أن يكون على المحل عين الحنّاء كما يظهر من الصحيحة ، والمراد بما تقدّم من استحبابه لون الحنّاء ، فلا منافاة.

__________________

(١) أي بغير زينة.

(٢) انظر : سنن البيهقي ٢ : ٢٣٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧١ ـ ١٥٤٣ ، الوسائل ٤ : ٤٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٥٨ ح ١.

(٤) الدعائم ٢ : ١٦٢ و ١٦٦ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٤٠ ح ١.

(٥) الدعائم ١ : ١٧٨ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٢٩ أبواب لباس المصلّي ب ٤٠ ذيل الحديث ١. السير بالفتح : الذي يقدّ من الجلد. القاموس ٢ : ٥٦.

(٦) مجمع البحرين ٤ : ١٦٧.

(٧) الكافي ٥ : ٥٦٩ النكاح ب ٩٧ ح ٥٧.

(٨) كذا في النسخ ، والظاهر أن الصحيح : الحضرمي ، كما في المصادر انظر الكافي ٣ : ٤٠٨ الصلاة ب ٦٧ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٣٥٥ ـ ١٤٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٩٠ ـ ١٤٨٦ ، الوسائل ٤ : ٤٣٠ أبواب لباس المصلّي ب ٣٩ ح ٥.

٣٩٨

ومنها : أن يصلّي الرجل معقوص (١) الشعر ، لرواية مصادف (٢).

وفي المنتهى عن الشيخ القول ببطلان الصلاة فيه (٣).

ولكن لشذوذه يضعف الخبر ، مع أنّ في دلالته على وجوب الإعادة نظرا.

ولا بأس للمرأة كما في المنتهى (٤) ، للأصل (٥).

__________________

(١) عقص الشعر : جمعه وجعله في وسط الرأس وشده ، مجمع البحرين ٤ : ١٧٥.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٩ الصلاة ب ٦٧ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٣٢ ـ ٩١٤ ، الوسائل ٤ : ٤٢٤ أبواب لباس المصلي ب ٣٦ ح ١.

(٣) المنتهى ١ : ٢٣٥.

(٤) المنتهى ١ : ٢٣٥.

(٥) ومن المكروهات أن يصلي في الثوب المصلّب بالتشديد وهو ما نقش فيه أمثال الصلبان للخبر : « نهي عن الصلاة في الثوب المصلب » منه رحمه‌الله.

٣٩٩

الباب الرابع :

في مكان المصلّي.

وفيه مسائل :

٤٠٠