مستند الشّيعة - ج ٤

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٤

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-79-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٥٤

والمعتبر وشرح القواعد والبحار (١) ، وعن نهاية الاحكام والذكرى (٢) ، وغيرهما (٣) : دعوى الإجماع عليه ، وفي التنقيح نفي الخلاف عنه (٤) ، فهو الحجة فيه.

مضافا إلى المستفيضة ، منها : رواية ابن أبي يعفور : ما تقول في الصلاة في الخز؟ فقال : « لا بأس بالصلاة فيه ـ إلى أن قال ـ : فإن الله تبارك وتعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها » (٥).

ورواية يحيى بن عمران : في السنجاب والفنك والخزّ ، وقلت : جعلت فداك أحبّ أن لا تجيبني بالتقية في ذلك ، فكتب بخطّه : « صلّ فيها » (٦).

وموثّقة معمّر : عن الصلاة في الخز ، فقال : « صلّ فيه » (٧).

وفي صحيحة الجعفري : « إنّ أبا الحسن الرضا عليه‌السلام صلّى في جبّة خزّ » (٨).

وفي رواية ابن مهزيار : « إنّ أبا جعفر الثاني صلّى الفريضة وغيرها في جبّة خزّ وأمر بالصلاة فيها » (٩).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٣١ ، التذكرة ١ : ٩٥ ، المعتبر ٢ : ٨٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٧٨ ، البحار ٨٠ : ٢١٩.

(٢) نهاية الاحكام ١ : ٣٧٤ ، الذكرى : ١٤٤.

(٣) كالغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، والرياض ١ : ١٢٤ ، والحدائق ٧ : ٦٠.

(٤) التنقيح الرائع ١ : ١٧٨.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٩ الصلاة ب ٦٥ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ـ ٨٢٨ ، الوسائل ٤ : ٣٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٤.

(٦) الفقيه ١ : ١٧٠ ـ ٨٠٤ ، الوسائل ٤ : ٣٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ٦ ، وفيهما : عن يحيى بن أبي عمران.

(٧) التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٢٩ ، الوسائل ٤ : ٣٦٠ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٥.

(٨) الفقيه ١ : ١٧٠ ـ ٨٠٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٣٢ ، الوسائل ٤ : ٣٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ١.

(٩) الفقيه ١ : ١٧٠ ـ ٨٠٣ ، الوسائل ٤ : ٣٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٢.

٣٢١

وفي مجالس ابن الشيخ : إنّ الرضا عليه‌السلام خلع على دعبل قميصا من خزّ وقال : « صلّيت فيه ألف ليلة في كلّ ليلة ألف ركعة » (١).

ومرفوعتي أحمد والنخعي : « في الخز الخالص أنه لا بأس به ، فأمّا الذي خلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك ممّا يشبه هذا فلا تصلّ فيه » (٢).

ومقتضى الأخيرتين : اختصاص الاستثناء بالخالص من الاغتشاش بوبر ما لا يؤكل لحمه أو شعره أو صوفه. وفي المنتهى (٣) ، وعن الخلاف والغنية الإجماع عليه في الجملة (٤).

ويدلّ عليه أيضا الرضوي المنجبر : « وصلّ في الخز إذا لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب » (٥).

وأمّا رواية الصرمي (٦) المجوّزة للصلاة في المغشوشة فلا تصلح لمعارضة ما ذكر ، لضعفها بمخالفتها للعمل ، وموافقتها للعامة.

وقول الصدوق (٧) بالرخصة فيها شاذّ ، وإرادته الرخصة في حال الضرورة ممكنة.

والحقّ استثناء جلده أيضا ، وفاقا للأكثر ، كما صرّح به جماعة (٨) ، لإطلاق‌

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٣٦٩ ، الوسائل ٤ : ٩٩ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٣٠ ح ٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٣ الصلاة ب ٦٥ ح ٢٦ ، التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٣٠ ، ٨٣١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٧ ـ ١٤٦٩ ، ١٤٧٠ ، علل الشرائع : ٣٥٧ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٣٦١ أبواب لباس المصلي ب ٩ ح ١.

(٣) المنتهى ١ : ٢٣١.

(٤) الخلاف ١ : ٥١٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

(٥) فقه الرضا : ١٥٧ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٠٢ أبواب لباس المصلي ب ٩ ح ١.

(٦) الفقيه ١ : ١٧٠ ـ ٨٠٥ ، التهذيب ٢ : ٢١٢ ـ ٨٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٨٧ ـ ١٤٧١ ، الوسائل ٤ : ٣٦٢ أبواب لباس المصلي ب ٩ ح ٢.

(٧) كما في الفقيه ١ : ١٧١.

(٨) منهم صاحب الرياض ١ : ١٢٤.

٣٢٢

الروايات الثلاث الأول ، بل خصوص الاولى منها ، للتصريح فيها بالذكاة ، وهي إنّما تعتبر في نحو الجلد لا الوبر ممّا لا تحلّه الحياة.

وتقييد الإطلاق بالوبر ـ كما قيل (١) ـ لا وجه له ، ودعوى التبادر ممنوعة جدا.

وصحيحة سعد : عن جلود الخز ، فقال : « هو ذا نحن نلبس » فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك ، قال : « إذا حلّ وبره حل جلده » (٢). وعموم التلازم في الجواب يثبته في الصلاة أيضا ، فعدم التصريح فيها بالإذن في الصلاة لا ضير فيه.

وصحيحة البجلي : عن جلود الخزّ ، فقال : « ليس بها بأس » (٣). نفى فيها مطلق البأس عنها ، ومنه البأس في الصلاة فيها.

خلافا للسرائر والمنتهى والتحرير (٤) ، فخصّوا الاستثناء بالوبر ، لعموم المنع من جلد ما لا يؤكل (٥).

والتوقيع المروي في الاحتجاج فيما سئل عن مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام : إنه روي عن صاحب العسكر أنه سئل عن الصلاة في الخزّ الذي يغشّ بوبر الأرانب ، فوقّع : « يجوز » وروي عنه أيضا : أنه لا يجوز ، فأيّ الأمرين يعمل به؟ فأجاب عليه‌السلام : « فإنّما حرّم في هذه الأوبار والجلود ، فأمّا الأوبار وحدها فحلال » وفي بعض النسخ : « فأمّا الأوبار فكلّها حلال » (٦).

__________________

(١) رياض المسائل ١ : ١٢٤.

(٢) الكافي ٦ : ٤٥٢ الزي والتجمل ب ٩ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ـ ١٥٤٧ ، الوسائل ٤ : ٣٦٦ أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١٤.

(٣) الكافي ٦ : ٤٥١ الزي والتجمل ب ٩ ح ٣ ، علل الشرائع : ٣٥٧ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٣٦٢ أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١.

(٤) السرائر ١ : ٢٦١ و ٢٦٢ ، المنتهى ١ : ٢٣١ ، التحرير ١ : ٣٠.

(٥) الوسائل ٤ : ٣٤٥ أبواب لباس المصلي ب ٢.

(٦) الاحتجاج : ٤٩٢ ، الوسائل ٤ : ٣٦٦ أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١٥.

٣٢٣

والعموم مدفوع بما مرّ ، والتوقيع بعدم الدلالة ، إذ التحريم بوبر وجلد معيّن كما يفيده قوله : « هذه » لا يثبته في غيره ، فلعلّه عليه‌السلام أراد المنع عمّا يؤخذ من أيدي هؤلاء المجوّزين لاستعمال ذبيحة الكفّار ، ولذا جوّز منها الأوبار.

ثمَّ إنّه اختلفت الأخبار وكلمات أهل الفقه واللغة في حقيقة الخزّ ، ولكن المعلوم اختلافه إنّما هو التعبير ولم يتحقّق اختلاف المعنى ، ويمكن أن تكون العبارات باختلافها واردة على مصداق واحد.

ففي رواية ابن أبي يعفور المتقدم بعضها : « إنه دابّة تخرج من الماء .. وإنه دابّة تمشي على أربع » (١).

وفي روايته الأخرى : عن أكل لحم الخزّ ، قال : « كلب الماء إن كان له ناب فلا تقربه ، وإلاّ فاقربه » (٢).

وفي صحيحة البجلي : عن جلود الخزّ ـ إلى أن قال ـ : جعلت فداك إنّها في بلادي وإنّما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا خرجت من الماء تعيش خارجه؟ » فقال الرجل : لا ، فقال : « لا بأس » (٣).

وفي رواية حمران : عن الخزّ ، فقال : « سبع يرعى في البر ويأوي في الماء » (٤) وصرّح في العلل أيضا بأنه كلب الماء (٥).

ولا شك أنه لا تنافي بين هذه الروايات ، والمستفاد منها أنه كلب الماء.

وأمّا كلمات القوم ففي بعضها : إنه القندس (٦) ، وصرّح بعضهم أنّ‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٩ الصلاة ب ٦٥ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ـ ٨٢٨ ، الوسائل ٤ : ٣٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٤.

(٢) التهذيب ٩ : ٤٩ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٩١ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٤٥١ الزي والتجمل ب ٩ ح ٣ ، علل الشرائع : ٣٥٧ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٣٦٢ أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١.

(٤) التهذيب ٩ : ٤٩ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٩١ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٢.

(٥) علل الشرائع : ٣٥٧.

(٦) انظر السرائر ٣ : ١٠٢.

٣٢٤

القندس هو كلب الماء (١) ، وفي آخر : إنه ما خصيته جند بيد ستر (٢) ، وقد اشتهر أنه خصية كلب الماء.

فلم يعلم اختلاف فيه نصّا أو فتوى ، والظاهر أنه كلب الماء ، كما لم يعلم اختلاف ذلك المصداق مع ما يسمّى في هذا الزمان خزا فيجب فيه الحكم باتّحادهما ، تمسّكا بأصالة عدم النقل وعدم التعدّد وعدم التغيّر.

وأمّا ما قيل من أنّ المستفاد من الأخبار أنّهم كانوا ينسجون الثياب من صوف الخز ووبره وكان ذلك شائعا ، والخزّ المعروف الآن كأنّه لا يصلح لذلك (٣) ، ففيه : منع عدم الصلاحية ، بل يصير صالحا بالغزل كما في شعر الغنم ، مع أنّ المذكور في الأخبار كونه معمولا من وبره ، وصلاحيته للغزل ظاهر جدّا.

ثمَّ هل هو مأكول اللحم أم لا؟ مقتضى الجمع بين الأخبار ، بل صريح بعضها كما مرّ ، وإليه أشار بعض المتأخّرين (٤) : أنه على نوعين : مأكول وغير مأكول ، والاستثناء في الثاني مخصوص بالجلد والوبر ، وفي الأول يعم كلّ ما لا روح له منه خاصة مع عدم التذكية وجميع أجزائه معها ، ومع الشك في التذكية يرجع إلى القاعدة المتقدمة في كتاب الطهارة ، ومع الشك في كون جلد خز من قسم المأكول أو غيره يرجع إلى قاعدة الشك في مأكول اللحم وغيره ، فتحلّ الصلاة فيما أخذ من يد المسلمين وسوقهم ، فتجوز الصلاة في بعض جلود الخز التي عليه ذنب فيه عظم إذا أخذ من المسلم أو سوقه لذلك.

وتوهّم أنّ استثناء القوم الخز يدلّ على كونه غير مأكول مطلقا فاسد ، لأنّ الاستثناء يتمّ على كون بعض أفراده غير المأكول بل على الفرض والتقدير مطلقا.

__________________

(١) نسبه إلى البعض في كشف اللثام ١ : ١٨١.

(٢) حكاه عن القانون في كشف اللثام ١ : ١٨١. جند بيدستر اسم مركب من جند ـ معرّب گند ـ وهو الخصية ، وبيدستر وهو كلب الماء.

(٣) لم نعثر على قائله.

(٤) كما في الحدائق ٧ : ٦٦.

٣٢٥

ومنها : السنجاب. فتجوز الصلاة في وبره وجلده ، وفاقا للمقنع (١) ، والمبسوط نافيا عنه الخلاف (٢) ، وصلاة النهاية والمعتبر والشرائع والنافع والإرشاد والمنتهى والتلخيص والشهيدين (٣) ، وجعله الصدوق في أماليه من دين الإمامية الذي يجب الإقرار به (٤). ونسبه في المنتهى إلى أكثر الأصحاب ، والرواية الدالّة عليه إلى الاشتهار (٥) ، وفي شرح القواعد إلى كبرائهم (٦) ، وفي الذخيرة (٧) وغيره (٨) إلى المشهور بين المتأخّرين ، وهو كذلك ، بل كما قيل : لعلّه عليه [ عامتهم ] غير نادر منهم (٩).

للأصل ، والنصوص المستفيضة ، كروايتي عليّ بن أبي حمزة ويحيى بن عمران ، المتقدّمتين (١٠).

وصحيحة أبي عليّ بن راشد وفيها : « فصلّ في الفنك والسنجاب ، وأما السمّور فلا يصلّى فيه » قلت : فالثعالب يصلّى فيها؟ قال : « لا » (١١).

ورواية مقاتل : عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعلب ، فقال : « لا‌

__________________

(١) المقنع : ٢٤.

(٢) المبسوط ١ : ٨٢.

(٣) النهاية : ٩٧ ، المعتبر ٢ : ٨٥ ، الشرائع ١ : ٦٩ ، المختصر النافع : ٢٤ ، الإرشاد ١ : ٢٤٦ ، المنتهى ١ : ٢٢٨ ، الشهيد الأول في الذكرى : ١٤٤ ، والدروس ١ : ١٥٠ ، والبيان : ١٢٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٠٧ ، والمسالك ١ : ٢٣ ، والروضة ١ : ٢٠٦.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٣.

(٥) المنتهى ١ : ٢٢٨.

(٦) جامع المقاصد ٢ : ٧٩.

(٧) الذخيرة : ٢٢٦.

(٨) كالحدائق ٧ : ٦٨.

(٩) كما في الرياض ١ : ١٢٤ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(١٠) في ص ٣٠٧ و ٣٢١.

(١١) الكافي ٣ : ٤٠٠ الصلاة ب ٦٥ ح ١٤ ، التهذيب ٢ : ٢١٠ ـ ٨٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٧ ، الوسائل ٤ : ٣٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ٥.

٣٢٦

خير في ذلك كلّه ما خلا السنجاب » (١).

ورواية الوليد : أصلّي في الفنك والسنجاب؟ قال : « نعم » فقلت : يصلّي في الثعالب إذا كانت ذكية؟ قال : « لا تصلّ فيها » (٢).

ورواية بشير : عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمّور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن أصلّي فيه لغير تقية؟ فقال : « صلّ في السنجاب والحواصل الخوارزمية ، ولا تصلّ في الثعالب ولا السمور » (٣).

وصحيحة الحلبي : عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه ، قال : « لا بأس بالصلاة فيه » (٤).

وضعف إسناد بعضها غير ضائر ، ولو كان فبما مرّ منجبر ، وتضمّن بعضها لما لا يقولون به لا يضرّ.

خلافا للمحكي عن الشيخ في قوله الآخر في أطعمة النهاية (٥) ، وعن المختلف ونهاية الإحكام (٦) ، والحلّي والقاضي (٧) ، وظاهر الإسكافي (٨) ، والحلبي‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠١ الصلاة ب ٦٥ ح ١٦ ، التهذيب ٢ : ٢١٠ ـ ٨٢١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٦ ، الوسائل ٤ : ٣٤٨ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٢ ـ ١٤٥٠ ، الوسائل ٤ : ٣٤٩ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٢١٠ ـ ٨٢٣ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٨ ، مستطرفات السرائر : ٦٦ ـ ٦ ، الوسائل ٤ : ٣٤٨ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٢١٠ ـ ٨٢٥ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ـ ١٤٥٩ ، الوسائل ٤ : ٣٤٧ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ١.

(٥) النهاية : ٥٨٦.

(٦) المختلف : ٧٩ ، نهاية الإحكام ١ : ٣٧٥.

(٧) الحلي في السرائر ١ : ٢٦٢ ، القاضي في المهذب ١ : ٧٥ ، وشرح الجمل : ٧٤.

(٨) حكاه عنه في المختلف : ٧٩.

٣٢٧

والسيد وابن زهرة والمفيد (١) ، والخلاف والجمل والاقتصاد والمصباح (٢) ومختصره ، إلاّ أنّ بعض الأجلّة حكى عن غير الخمسة الأولى الاحتياط بالمنع (٣). ونسب المنع في شرح القواعد إلى ظاهر قول الأكثر (٤) ، وعن الذكرى وروض الجنان : نسبته إلى الأكثر (٥) ، وعن ابن زهرة : دعوى الإجماع عليه (٦) ، وعن التحرير والقواعد والإيضاح والصيمري : التردّد (٧) ، لاقتصارهم على نقل القولين من غير ترجيح.

وصرّح بالتوقّف شيخنا البهائي (٨).

كلّ ذلك لموثّقة ابن بكير ، المتقدّمة (٩) ، والعمومات (١٠) ، والرضوي : « ولا تجوز الصلاة في سنجاب وسمّور وفنك ، فإذا أردت الصلاة فانزع عنك » (١١).

وعن موضع آخر منه : « وإن كان عليك غيره من سنجاب أو سمور أو فنك وأردت الصلاة فيه فانزعه » (١٢).

والمروي في العلل : « وعلّة أن لا يصلّى في السنجاب والسمور والفنك قول‌

__________________

(١) الحلبي في الكافي : ١٤٠ ، حكاه القاضي عن جمل السيد في شرحه : ٧٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، المفيد في المقنعة : ١٥٠.

(٢) الخلاف ١ : ٥١١ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٧٧ ، الاقتصاد : ٢٥٩ ، مصباح المتهجد : ٢٥.

(٣) كما في كشف اللثام ١ : ١٨٢.

(٤) جامع المقاصد ٢ : ٧٩.

(٥) الذكرى : ١٤٤ ، روض الجنان : ٢٠٧.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

(٧) التحرير ١ : ٣٠ ، القواعد ١ : ٢٧ ، الإيضاح ١ : ٨٣ ، حكاه عن الصيمري في الرياض ١ : ١٢٤.

(٨) الحبل المتين : ١٨٢.

(٩) في ص ٣٠٧.

(١٠) انظر الوسائل ٤ : ٣٤٥ أبواب لباس المصلي ب ٢.

(١١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٥٧ ، مستدرك الوسائل ٣ : ١٩٩ أبواب لباس المصلي ب ٤ ح ٢.

(١٢) لم نعثر عليه في فقه الرضا عليه‌السلام ، ولكنه موجود في الفقيه ١ : ١٧٠ نقلا عن والده في رسالته.

٣٢٨

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

ورواية أبي حمزة : عن أكل لحم السنجاب والفنك والصلاة فيهما ، فقال أبو خالد : إن السنجاب يأوي الأشجار ، قال : فقال : إن كان له سبلة كسبلة السنّور والفأرة فلا يؤكل لحمه ولا تجوز الصلاة فيه ، ثمَّ قال : « أمّا أنا فلا آكله ولا احرّمه » (٢).

ومع مخالفة هذه للعامة ، وهي المرجّحة لها على ما مرّ ، مع اعتضادها بالمنقول من الإجماع والشهرة ، وخلوّها عن التضمّن لما لم يقل به أحد من الطائفة.

ويضعّف الأخير بعدم الدلالة جدّا ، لكون التحريم فيها مشروطا بأمر غير محقّق ، بل دلالته على أكل اللحم المجوّز للصلاة أظهر.

وسابقة بالخلوّ عن الدالّ على التحريم.

وسابقة بالضعف ، والانجبار بالشهرة إنّما يفيد لو كانت محقّقة أو محكية خالية عن المعارض ، وكذا نقل الإجماع ، مع أنّ الظاهر استناد حكايتهم الشهرة إلى إطلاق المنع فيما لا يؤكل من غير استثناء في كلام جملة من القدماء ، ونقل الإجماع هنا أيضا على العموم وفي الجواز على خصوص السنجاب.

مع أن فيه ـ بعد قوله أولا : « فانزع عنك » ـ : « وقد أروي فيه رخصة » وهو مشعر بأن الأصل المنع والجواز رخصة ، كما عن ظاهر الصدوق والخلاف والتهذيبين والديلمي والجامع (٣).

وسابقاه بوجود المخصص.

__________________

(١) حكاه عن العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم في البحار ٨٠ : ٢٣٥ ـ ٣٢.

(٢) التهذيب ٩ : ٥٠ ـ ٢٠٦ ، الوسائل ٢٤ : ١٩٢ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٤١ ح ١. والسبلة : الشارب راجع الصحاح ٥ : ١٧٢٤.

(٣) الصدوق في الفقيه ١ : ١٧٠ ، الخلاف ١ : ٥١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٥ ، الديلمي في المراسم : ٦٤ ، الجامع للشرائع : ٦٦.

٣٢٩

ودعوى جماعة صراحة الموثّقة في المنع عن السنجاب (١) ـ لابتناء الجواب العام فيه عليه ، لسبق السؤال الذي يصير كالنص في المسؤول عنه ـ غير صحيحة ، كما صرّح به طائفة ، منهم والدي رحمه‌الله (٢) ، لإمكان تخصيص السنجاب في الجواب بأن يقال : كلّ شي‌ء حرام أكله فالصلاة في وبره مثلا حرام إلاّ السنجاب الذي سألت عنه ، وحيث جاز التخصيص متصلا جاز منفصلا ، لعدم الفرق ، وجريان أدلّة حمل العام على الخاص.

ولو قطع النظر عن جميع ذلك فيتعارض الدليلان ، والترجيح لدليل الجواز ، لاشتهار أخباره وأكثريتها وموافقتها للشهرة المحقّقة.

وجعلها مرجوحة باعتبار الموافقة للعامة مردود بأن أكثرها يتضمّن المنع عمّا ظاهرهم الاتّفاق على الجواز فيه كما حكاه جماعة (٣) ، فالتفصيل لا يوافق مذهبهم ، فيصدق عليه أيضا أنه لهم مخالف.

والقول بأنّ للتقية ضروبا فلعلّ مقتضاها هنا التفصيل ، مدفوع بأنّ ما يدلّ على ترجيح مخالف العامة لا يجري هنا ، ومحض احتمال تصحيح التقية غير كاف في الترجيح.

مع أنّ السؤال في رواية بشير عن الصلاة فيه لغير تقية ، وجوّزها في السنجاب والحواصل ، ومنعها في السمور والثعالب ، فالجواز ممّا لا ينبغي الريب فيه.

نعم ، لا يبعد القول بالكراهة كما عن الوسيلة (٤) ، خروجا عن شبهة الخلاف دليلا وفتوى ، وتحصيلا ليقين البراءة.

__________________

(١) كما في المدارك ٣ : ١٧١ ، والذخيرة : ٢٢٦ ، والحدائق ٧ : ٦٩.

(٢) وصاحب الرياض ١ : ١٢٤.

(٣) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢١٤.

(٤) الوسيلة : ٨٧.

٣٣٠

ومنها : الثعالب والأرانب ، ورد استثناؤهما في الأخبار المستفيضة (١) ، وقد مال إليه المحقّق كما مرّ (٢) ، وبعده في المدارك (٣).

وهو ضعيف غايته ، لمعارضة تلك الروايات بأكثر منها من روايات المنع المتقدّمة كثير منها ، مضافة إلى عمومات المنع في مطلق ما لا يؤكل (٤) ، والمانعة عن الصلاة في الخز المغشوش بوبر الأرانب وما يشبهه (٥) ، والتوقيع المروي في الخرائج : « فأما السمّور والثعالب فحرام عليك وعلى غيرك الصلاة فيه » (٦) ورجحان الأخيرة بالأكثرية ومخالفة العامة.

مع أن الظاهر عدم حجية الاولى ، لمخالفتها للشهرة القديمة والجديدة المحقّقة ، والمحكية مستفيضة في كلام جماعة ، منهم المعتبر والمدارك (٧) ، بل في الأخير إجماعهم على المنع بحسب الظاهر ، وعن الخلاف نفي الخلاف عنه (٨).

ويشعر به كلام الدروس والبيان (٩) ، حيث جعلا رواية الجواز مهجورة متروكة مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، كما هو صريح الانتصار (١٠). مضافا إلى ما مضى من الإجماعات المحكية في خصوص المغشوش بوبر الأرانب والثعالب ، فطرحها أو حملها على التقية لازم ، سيما مع عمومها بالنسبة إلى الضرورة والتقية ،

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٣٥٥ أبواب لباس المصلي ب ٧.

(٢) في ص ٣٠٩.

(٣) المدارك ٣ : ١٧٣.

(٤) انظر الوسائل ٤ : ٣٤٥ أبواب لباس المصلي ب ٢.

(٥) انظر الوسائل ٤ : ٣٦١ أبواب لباس المصلي ب ٩.

(٦) الخرائج والجرائح ٢ : ٧٠٢ ـ ١٨ ، مستدرك الوسائل ٣ : ١٩٧ أبواب لباس المصلي ب ٣ ح ١.

(٧) المعتبر ٢ : ٨٦ ، المدارك ٣ : ١٧٣.

(٨) لم نعثر عليه في الخلاف.

(٩) الدروس ١ : ١٥٠ ، البيان : ١٢٠.

(١٠) الانتصار : ٣٨.

٣٣١

وخصوص بعض أخبار المنع (١) بالنسبة إليهما ، مع أنه لو قطع النظر عن الترجيح يكون المرجع عمومات المنع.

ومنها : السمّور بفتح السين ثمَّ الميم المشدّدة ، وهو ـ كما ذكره الشهيد الثاني في حاشية المسالك ـ حيوان يشبه السنور.

وفي المصباح المنير : حيوان ببلاد الروس ويشبه النمس منه أسود لامع وأشقر (٢).

وفي التحفة : حيوان يشبه الدلق (٣) ، وأسود منه.

والفنك بفتح الفاء والنون ، وهو كما في المصباح المنير : نوع من الثعلب الرومي (٤).

وفي الصحاح : هو الذي يتخذ منه الفراء (٥).

وفي القاموس : دابة فروتها أطيب أنواع الفراء (٦).

وفي التحفة : إنّ جلده يكون أبيض وأشقر وأبلق ، وحيوانه أكبر من السنجاب ، ويؤخذ من بلاد الروس والترك.

وفي الحبل المتين : حيوان غير مأكول اللحم (٧).

وفي البحار : لا نعرفه في تلك البلاد على التعيين (٨). وهو كذلك.

__________________

(١) كرواية بشير المتقدمة في ص ٣٢٧ ، وصحيحة علي بن مهزيار : الوسائل ٤ : ٣٥٦ أبواب لباس المصلي ب ٧ ح ٣ ، ورواية الأبهري : الوسائل ٤ : ٣٥٦ أبواب لباس المصلي ب ٧ ح ٥.

(٢) المصباح المنير : ٢٨٨ والنمس بالكسر : دويبة بمصر تقتل الثعبان. القاموس المحيط ٢ : ٢٦٦.

(٣) في مفردات التحفة : دلق اسم حيواني است شبيه به سمّور ودر أصفهان موسوره ، وبفارسى دله گويند. منه رحمه الله تعالى.

(٤) المصباح المنير : ٤٨١.

(٥) الصحاح ٤ : ١٦٠٥.

(٦) القاموس المحيط ٣ : ٣٢٧.

(٧) الحبل المتين : ١٨٠.

(٨) البحار ٨٠ : ٢٢٦.

٣٣٢

استثناهما في المقنع والأمالي (١) ، وقد عرفت ميل المحقّق إليه أيضا (٢) ، لبعض الروايات الغير الصالح للحجية ، من جهة مخالفتها لعمل معظم الفرقة ، ومتروكيتها بشهادة الشهيد (٣) ، ومعارضتها لأكثر منها الراجح عليها باعتبار مخالفة العامة وأحدثية البعض ، وهما من المرجّحات المنصوصة ، ووجوب الرجوع إلى عمومات المنع لو لا الترجيح.

ومنها : الحواصل ، وهي كما في حياة الحيوان : طيور كبار لها حواصل عظيمة (٤).

وقال ابن البيطار : وهذا الطائر يكون بمصر كثيرا ، ويعرف بالبجع وهو جمل الماء (٥).

استثناها الشيخ في النهاية والمبسوط (٦) ، وادّعى الإجماع فيه عليه.

وفي المنتهى بعد نقل ذلك : وهذا يدلّ على جواز ذلك عند أكثر الأصحاب (٧). انتهى.

واستثناه والدي ـ رحمه‌الله ـ في المعتمد أيضا مدّعيا ظاهر الوفاق عليه.

لأخبار تدلّ عليه بظاهرها تقدّم بعضها ، ومنها التوقيع الرفيع : « وإن لم يكن‌

_________________

(١) قال في المقنع ص ٢٤ : لا بأس بالصلاة في السنجاب والسمّور والفنك. وقال في الأمالي ص ٥١٣ : ما لا يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره إلاّ ما رخّصه الرخصة وهي الصلاة في السنجاب والسمّور والفنك والخزّ ، والأولى أن لا يصلّى فيها ، ومن صلّى فيها جازت صلاته ، وأما الثعالب فلا رخصة فيها إلاّ في حال التقية. منه رحمه الله تعالى.

(٢) راجع ص ٣٠٩.

(٣) الدروس ١ : ١٥٠ ، البيان : ١٢٠.

(٤) حياة الحيوان ١ : ٣٨٨.

(٥) حكاه عنه في البحار ٨٠ : ٢٢٨.

(٦) النهاية : ٩٧ ، المبسوط ١ : ٨٣.

(٧) المنتهى ١ : ٢٢٨.

٣٣٣

لك ما تصلّي فيه فالحواصل جائز لك أن تصلّي فيه » (١).

والتقريب : أنه لو لم تجز الصلاة فيه لم تجز مع عدم الساتر أيضا كما في الحرير ، فالتقييد محمول على الاستحباب كما جوّزه في البحار.

وهذه الأخبار خالية عن غير المعارض العام ، فالمصير إليها متعيّن.

وقول الشهيد في الدروس والبيان بأنّ رواية الجواز في الحواصل مهجورة (٢) ـ بعد نفي مثل الشيخ (٣) الخلاف الدالّ على الاشتهار في الصدر المتقدّم كما صرّح به في المنتهى (٤) ـ غير ضائر.

وأمّا الرضوي : « وقد تجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل أكله ، مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل ، إذا كان فيما لا تجوز في مثله وحده الصلاة تجوز لك الصلاة فيه » (٥) فدلالته على المنع فيما تجوز فيه الصلاة بالمفهوم الساقط هنا قطعا ، لسقوط منطوقه الذي هو له تابع.

ومنها : القاقم ، قال في المصباح المنير : القاقم حيوان ببلاد الترك على شكل الفأرة إلاّ أنه أطول ويأكل الفأرة هكذا أخبرني بعض الترك (٦).

وقال في حياة الحيوان : دويبة يشبه السنجاب إلاّ أنه أبرد منه مزاجا وأرطب ولهذا هو أبيض يقق ويشبه جلد الفنك وهو أعزّ قيمة من السنجاب (٧).

وفي مفردات التحفة ما ترجمته : القاقم جلد حيوان أكبر من الفأرة وأبيض ، ومؤخّره قصير ورأس مؤخّره أسود ، ولبسه أحرّ من السنجاب وأبرد من السمور ،

__________________

(١) الخرائج والجرائح ٢ : ٧٠٢ ـ ١٨.

(٢) الدروس ١ : ١٥٠ ، البيان : ١٢٠.

(٣) المبسوط ١ : ٨٣.

(٤) المنتهى ١ : ٢٢٨.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٠٢ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٠٨ أبواب لباس المصلي ب ١٤ ح ١.

(٦) المصباح المنير : ٥١٢.

(٧) حياة الحيوان ٢ : ١٩٥ ، وأبيض يقق أي شديد البياض ناصعه. الصحاح ٤ : ١٥٧١.

٣٣٤

وفي الخواص كالفنك.

واستثناه في روايتين مرويتين في قرب الإسناد وكتاب المسائل بإسنادهما عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام : عن لبس السمور والسنجاب والفنك والقاقم ، قال : « لا يلبس ولا يصلّي فيه إلاّ أن يكون ذكيا » (١).

ولكن بإزائهما رواية أخرى مانعة في دعائم الإسلام : عن الصادق عليه‌السلام عن فرو الثعلب والسنور والسمور والسنجاب والفنك والقاقم ، قال : « يلبس ولا يصلّى فيه » الحديث (٢).

ولكنها غير صريحة في التحريم ، لمكان النفي ، ومع ذلك غير ثابتة الحجّية وإن كانت روايتا الجواز أيضا كذلك ، فاللازم الرجوع إلى كونه غير مأكول اللحم ومأكوله ، والمظنون ـ من عدّه في الروايات مع ما عدّ ، ومن قول صاحب المصباح : أنه يأكل الفأرة ـ عدم أكل لحمه ، فالأحوط ترك الصلاة فيه.

الرابع من شرائط لباس المصلي : أن لا يكون حريرا محضا إن كان رجلا ، فتبطل معه بالإجماع المحقّق والمحكي في الانتصار والمعتبر والمنتهى والتذكرة والمدارك والبحار (٣) والمعتمد ، وعن الخلاف والذكرى (٤) ، وغيرها (٥) ، وهو الحجة في المقام.

مضافا إلى النصوص المتكثرة ، كصحيحتي الصهباني ، إحداهما التي تقدّمت (٦).

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٨٢ ـ ١١١٦ ، مسائل علي بن جعفر : ١٥٢ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٤ : ٣٥٢ أبواب لباس المصلي ب ٤ ح ٦.

(٢) دعائم الإسلام ١ : ١٢٦ ، المستدرك ٣ : ١٩٩ أبواب لباس المصلي ب ٤ ح ١.

(٣) الانتصار : ٣٧ ، المعتبر ٢ : ٨٧ ، المنتهى ١ : ٢٢٨ ، التذكرة ١ : ٩٥ ، المدارك ٣ : ١٧٣ ، البحار ٨٠ : ٢٣٩.

(٤) الخلاف ١ : ٥٠٤ ، الذكرى : ١٤٥.

(٥) ككشف اللثام ١ : ١٨٥ ، والرياض ١ : ١٢٥.

(٦) في ص ٣١٠.

٣٣٥

والثانية : هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : « لا تحلّ الصلاة في حرير محض » (١).

وصحيحتي الأحوص :

إحداهما : هل يصلّي الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال : « لا » (٢).

والأخرى : عن الثوب الإبريسم هل يصلّي فيه الرجال؟ قال : « لا » (٣).

والتوقيع المروي في الاحتجاج : إنّ ثيابا عتابية على عمل الوشي من قزّ أو إبريسم هل تجوز الصلاة فيها أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام : « لا تجوز الصلاة إلاّ في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان » (٤).

والرضوي : « ولا يصلّى في ديباج وفي حرير ولا في وشي ولا في ثوب إبريسم محض ولا في تكة إبريسم ، وإذا كان سداه إبريسم ولحمته قطن أو كتان أو صوف فلا بأس بالصلاة فيها » (٥).

ويدلّ عليه أيضا عن لبسه للرجال وعدم جوازه لهم في غير ما استثني بإجماع الأمة كما هو محقّق ومحكي (٦) متواترا ، بل عدّ من ضروريات الدين ومسلّمات المسلمين ، وتواترت به النصوص من الطريقين.

ففي موثّقة إسماعيل بن الفضل : « لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلاّ في‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٩ الصلاة ب ٦٥ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٥ ـ ١٤٦٢ ، الوسائل ٤ : ٣٦٨ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٠ الصلاة ب ٦٥ ح ١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٥ ـ ١٤٦٣ ، الوسائل ٤ : ٣٦٧ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٠٧ ـ ٨١٣.

(٤) الاحتجاج : ٤٩٢ ، الوسائل ٤ : ٣٧٥ أبواب لباس المصلي ب ١٣ ح ٨.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٥٧ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٠٦ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١.

(٦) في الانتصار : ٣٧ ، والمعتبر ٢ : ٨٧ ، والمنتهى ١ : ٢٢٨ ، والتذكرة ١ : ٩٥ ، وشرح القواعد ( جامع المقاصد ) ٢ : ٨٣ ، والمدارك ٣ : ١٧٣ ، والخلاف ١ : ٥٠٤ و ٦٤٩ ، والذكرى : ١٤٥ ، والتحرير ١ : ٣٠ ، وروض الجنان : ٢٠٧ ، والمعتمد وغيرها ( البحار ٨٠ : ٢٣٩ ). منه رحمه الله تعالى.

٣٣٦

الحرب » (١).

والأخرى : في الثوب يكون فيه الحرير ، فقال : « إن كان فيه خلط فلا بأس » (٢).

ورواية عبيد : « لا بأس بلباس القزّ إذا كان سداه أو لحمته مع قطن أو كتان » (٣) إلى غير ذلك.

ولكن الدليل الأخير يختص بما إذا كان اللباس مستورا به العورة كما صرّح به في المدارك (٤) والمعتمد وغيرهما (٥) ، حيث إنّ صحة الصلاة حينئذ موجبة لاجتماع الواجب والحرام في شي‌ء واحد باعتبارين ، وهو محال باتّفاق العقلاء.

فالتعميم فيه ـ كبعضهم (٦) ـ غير سديد ، لعدم استلزام النهي عن غير ما يستر به العورة لبطلان الصلاة بوجه ، بل صرّح والدي ـ رحمه‌الله ـ في المعتمد بالإجماع على عدم الفساد لذلك حينئذ.

بل الظاهر القدح في الاستدلال في صورة الاستتار به أيضا ، لعدم وجوب الستر واللبس إلاّ توصّلا ، بل شرط الصلاة هو مستورية العورة ، ولذا يكفي حصولها بأيّ نحو كان ولو من غير المكلّف بل ولو من غير شخص ، كما لو أسقط عليه ثوب وستره ، فحينئذ لا يجب عليه ستر أصلا.

ويظهر منه أنّ وجوب الستر على المصلّي ليس إلاّ كوجوب غسل ثوبه ، فكما‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٥٣ الزي والتجمل ب ١١ ح ٤ ، الوسائل ٤ : ٣٧١ أبواب لباس المصلي ب ١٢ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٥٥ الزي والتجمل ب ١١ ح ١٤ ، الوسائل ٤ : ٣٧٤ أبواب لباس المصلي ب ١٣ ح ٤.

(٣) الكافي ٦ : ٤٥٤ الزي والتجمل ب ١١ ح ١٠ ، الوسائل ٤ : ٣٧٤ أبواب لباس المصلي ب ١٣ ح ٢.

(٤) المدارك ٣ : ١٧٤.

(٥) كالمعتبر ٢ : ٨٧.

(٦) انظر : الذكرى : ١٤٥ ، وجامع المقاصد ٢ : ٨٣ ، وكشف اللثام ١ : ١٨٦.

٣٣٧

أنّه لا تبطل الصلاة بالغسل بالماء المغصوب فكذا هنا.

والسرّ أن زوال النجاسة وحصول المستورية ونحوهما ليسا من العبادات الفاسدة بالنهي ، فمع التوصّل إليهما بالطريق المنهي عنه يحصلان ، وبعد حصولهما يتحقّق شرط الصلاة ، والشرط ليس منهيا عنه ، بل المنهي عنه طريق تحصيله.

ومن هنا نقول بعدم فساد الواجب بالتوصّل إليه بمقدّمة منهية عنها مع قولنا بوجوب المقدّمة وعدم جواز الاجتماع الأمر والنهي ولو في الواجبات التوصّلية ، فنقول : إنّ الواجب هو الإتيان بالمقدّمة المباحة للتوصّل إلى ذيها ، ولكن لكون وجوبها مشروطا بتوقّف الواجب عليه ينتفي وجوب المقدّمة بعد حصولها بأيّ نحو كان ، ولذا يحكم ببراءة الذمة بالتوصّل بالمقدّمة المنهية عنها إلاّ مع الانحصار.

نعم لو كانت المقدّمة ممّا يفسد بالنهي كالوضوء والغسل يفسد ذوها بفسادها ، وتمام التحقيق في ذلك في كتبنا الأصولية.

وأمّا القول ببطلان الصلاة للنهي المذكور المستلزم للأمر بالنزع الموجب للنهي عن ضدّه الذي هو الصلاة ، فمردود بعدم التضاد ، لاجتماعهما ، مع أنه معارض بالأمر بالصلاة الموجب للنهي عن النزع لو كان ضدّا له. فالمناط في الاستدلال بالبطلان : الإجماع والنصوص.

وأمّا صحيحة ابن بزيع : عن الصلاة في ثوب ديباج ، فقال : « ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس » (١) فمحمولة على غير المحض حيث لم يعلم كون الديباج حقيقة في المحض ، أو على حال الضرورة ، أو الحرب ، أو النساء ، حملا للعام على الخاص.

ولو منع ذلك ، يجب طرحها قطعا ، لمخالفتها الإجماع وموافقتها العامة (٢).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٠٨ ـ ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٥ ، الوسائل ٤ : ٣٧٠ أبواب لباس المصلي ب ١١ ح ١٠.

(٢) انظر المغني ١ : ٦٦١ ، وقد نسب فيه القول بالصحة إلى أبي حنيفة والشافعي.

٣٣٨

وهاهنا مسائل :

المسألة الاولى : لا خلاف في جواز لبس الحرير حال الضرورة والحرب مطلقا ولو من غير ضرورة ، ونقل الإجماع عليه متكرّر (١) ، والعمومات عليه دالّة ، والنصوص به مستفيضة (٢) ، وهي كعبارات الأصحاب ناطقة بجواز اللبس من غير ذكر الصلاة ، ولكن يشعر بجوازها فيه في الحالين بعض عبارات الأصحاب. ولا شك فيه مع اقتضاء الضرورة له أيضا ، وأمّا بدونه ففيه إشكال (٣).

ولا يبعد ترجيح الجواز ، لمعارضة إطلاق جواز اللبس في حال الحرب مع إطلاق المنع حال الصلاة الموجبة للرجوع إلى أصل الجواز ، بل لا يبعد دعوى الإجماع على عدم الفصل بين الجوازين ، كما يستفاد من احتجاجاتهم ، وصرّح به بعض الأجلّة (٤) وإن ظهر خلافه من شرح الجعفرية (٥).

الثانية : مقتضى أكثر الأخبار المتقدّمة والمصرّح به في كلام جميع علمائنا : اختصاص تحريم اللبس وإبطال الصلاة بالحرير المحض ، فلا تبطل بغيره ولو كان الخليط قليلا ما لم يكن مستهلكا بحيث يصدق على الثوب أنه إبريسم.

قال في المعتبر والمنتهى : إنه مذهب علمائنا (٦) ، بزيادة « أجمع » في الثاني ، وعليه الإجماع في شرح القواعد أيضا (٧).

وفي المعتمد : ولو كان الخليط عشرا. وكذا في التذكرة (٨) ، إلاّ أنّه لم يتعرّض‌

__________________

(١) انظر المعتبر ٢ : ٨٨ ، والمنتهى ١ : ٢٢٨ ، والذكرى : ١٤٥ ، وروض الجنان : ٢٠٧.

(٢) انظر الوسائل ٤ : ٣٧١ أبواب لباس المصلي ب ١٢.

(٣) المعتبر ٢ : ٩٠ ، المنتهى ١ : ٢٢٩.

(٣) وتظهر الفائدة في حال الحرب بدون ضرورة اللبس. منه رحمه الله تعالى.

(٤) لم نعثر على شخصه.

(٥) حيث قال فيه : لكن عدم جواز اللبس في غير الصلاة ليس عاما بل إذا كان في غير الحرب وغير الضرورة. منه رحمه الله تعالى.

(٦) جامع المقاصد ٢ : ٨٣.

(٧) التذكرة ١ : ٩٥.

٣٣٩

للقلّة والكثرة.

وهو الحجة في المقام ، مضافا إلى عدم صدق ثوب الحرير ولا القزّ ولا الإبريسم المذكورة في الأخبار بدون التمحض أو استهلاك الخليط.

والمستفيضة : منها : موثّقة ابن الفضل ، المتقدّمة (١).

وصحيحة البزنطي : عن الثوب الملحم بالقزّ والقطن ، والقز أكثر من النصف ، أيصلّي فيه؟ قال : « لا بأس ، وقد كان لأبي الحسن عليه‌السلام منه جباب » (٢).

والمروي في المكارم : « لا بأس بإبريسم إذا كان معه غيره » (٣) وغير ذلك.

ولا ينافيه التوقيع المذكور (٤) ، لعدم تصريح فيه بوجوب كون جميع السداء واللحمة قطنا أو كتانا.

ومقتضى إطلاق جميع ما ذكر : كفاية ما صرّحوا به من الخليط القليل ولو كان عشرا كما مرّ ، وهو كذلك.

واللازم ـ كما صرّح به غير واحد منهم الحلّي والمحقّق الثاني (٥) ـ اشتراط كون الخليط ممّا تجوز فيه الصلاة ، فلو لم تجز لم تجز ، لا لأجل صدق الحرير ، بل لأنه أيضا يبطلها.

نعم ، يشترط في الإبطال به أن لا يشترط فيه أيضا ما يشترط في الإبريسم‌

__________________

(١) في ص ٣٣٦.

(٢) الكافي ٦ : ٤٥٥ الزي والتجمل ب ١١ ح ١١ ، الوسائل ٤ : ٣٧٣ أبواب لباس المصلي ب ١٣ ح ١.

(٣) مكارم الأخلاق ١ : ٢٣٧ ـ ٧٠٠.

(٤) راجع ص ٣٣٦.

(٥) الحلي في السرائر ١ : ٢٦٣ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٨٣.

ومنهم الشهيد في الذكرى ، وصاحب المفاتيح ، وشارحه ، والمحقق الخوانساري. منه رحمه الله تعالى.

٣٤٠