مدارك الأحكام - ج ٣

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٧

______________________________________________________

وتفصيلها ما ذكره : أول كل فريضة ، وأول ركعة من صلاة الليل ، وفي المفردة من الوتر ، وفي أول ركعة من ركعتي الزوال ، وفي أول ركعة من نوافل المغرب ، وفي أول ركعة من ركعتي الإحرام ، فهذه الستة مواضع ذكرها علي بن الحسين ، وزاد الشيخ ـ يعني المفيد ـ الوتيرة (١). والأصح ما أطلقه المصنف ـ رحمه‌الله ـ تمسكا بإطلاق الأحاديث ، وقد تقدم طرف منها فيما سبق (٢).

وروى الشيخ في الصحيح ، عن زيد الشحام قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الافتتاح؟ فقال : « تكبيرة تجزيك » قلت : فالسبع؟ قال : « ذلك الفضل » (٣).

وروى ابن بابويه في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصلاة وقد كان الحسين عليه‌السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أنه لا يتكلم وأن يكون به خرس ، فخرج به عليه‌السلام حامله على عاتقه وصفّ الناس خلفه فأقامه على يمينه ، فافتتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة ، فكبر الحسين عليه‌السلام ، فلما سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكبيره عاد ، فكبر الحسين عليه‌السلام ، حتى كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبع تكبيرات وكبر الحسين عليه‌السلام فجرت السنة بذلك » (٤).

وروى الكليني في الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثم أبسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل : اللهم أنت الملك الحق ، لا إله إلا أنت ، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم كبر تكبيرتين ثم‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٤.

(٢) في ص ٣٢١.

(٣) التهذيب ٢ : ٦٦ ـ ٢٤١ ، الوسائل ٤ : ٧١٣ أبواب تكبيرة الإحرام ب ١ ح ٢.

(٤) الفقيه ١ : ١٩٩ ـ ٩١٨ ، علل الشرائع : ٣٣٢ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٧٢٢ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٧ ح ٤.

٤٤١

الثاني : القنوت ، وهو في كل ثانية قبل الركوع وبعد القراءة.

______________________________________________________

قل : لبيك وسعديك والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت ، ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول : ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) ـ ( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) ـ ( حَنِيفاً مُسْلِماً ) ـ ( وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ـ ( إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ) وأنا من المسلمين ، ثم تعوّذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب » (١).

قوله : ( الثاني : القنوت ، وهو في كل ثنائية قبل الركوع وبعد القراءة ).

القنوت لغة : الطاعة ، والسكون ، والدعاء ، والقيام في الصلاة ، والإمساك عن الكلام ، نص عليه في القاموس (٢). والمراد به هنا ذكر مخصوص في موضع معيّن من الصلاة.

وقد اختلف الأصحاب في حكمه ، فذهب الأكثر إلى استحبابه ، وقال ابن بابويه في كتابه : والقنوت سنة واجبة ، من تركه عمدا أعاد (٣). ونحوه قال ابن أبي عقيل (٤). والمعتمد الأول.

لنا على الاستحباب روايات ، منها : صحيحة صفوان الجمال ، قال : صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها (٥).

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « القنوت في كل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٠ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ ـ ٢٤٤ ، الوسائل ٤ : ٧٢٣ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ١.

(٢) القاموس المحيط ١ : ١٦١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٧.

(٤) نقله عنه في المعتبر ٢ : ٢٤٣ والمختلف : ٩٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٣٩ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٢٠٩ ـ ٩٤٣ ، التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٢٩ ، الإستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧٠ ، الوسائل ٤ : ٨٩٦ أبواب القنوت ب ١ ح ٣.

٤٤٢

______________________________________________________

صلاة ، في الركعة الثانية قبل الركوع » (١).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن القنوت فقال : « في كل صلاة فريضة ونافلة » (٢).

ويدل على انتفاء الوجوب ـ مضافا إلى الأصل السالم مما يصلح للمعارضة ـ صحيحة البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام في القنوت : إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت » قال أبو الحسن عليه‌السلام : « وإذا كانت التقية فلا تقنت ، وأنا أتقلد هذا » (٣).

احتج ابن بابويه بقوله تعالى ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٤) قال : يعني داعين مطيعين (٥).

واستدل له المتأخرون (٦) أيضا برواية وهب بن عبد ربه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له » (٧).

والجواب عن الآية أنّ القنوت يجي‌ء في اللغة لمعان منها الطاعة ، فلعله المراد هنا ، سلمنا أنّ المراد به الدعاء لكن الامتثال يحصل بالدعاء في حالة القيام مطلقا فلا يدل على القنوت المخصوص.

وعن الرواية بالطعن في السند وجواز أن يكون المنفي فيها الفضيلة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٠ ، الإستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ٢١٧١ ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٩ ـ ٥ ، الوسائل ٤ : ٨٩٧ أبواب القنوت ب ١ ح ٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٩١ ـ ٣٤٠ ، الإستبصار ١ : ٣٤٠ ـ ١٢٨١ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٤ ح ١.

(٤) البقرة : ٢٣٨.

(٥) الفقيه ١ : ٢٠٧.

(٦) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٢٤٣ ، والشهيد في الذكرى : ١٨٣ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٨٢.

(٧) الكافي ٣ : ٣٣٩ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٨٩٧ أبواب القنوت ب ١ ح ١١.

٤٤٣

ويستحب أن يدعو فيه بالأذكار المرويّة ، وإلا فيما شاء ، وأقلّه ثلاثة تسبيحات :

______________________________________________________

والكمال لا الصحة والإجزاء ، وأيضا : فإن ما تضمنته من الترك رغبة أخص من الدعوى ، إذ تعمد الترك قد يكون رغبة عنه وقد لا يكون.

وقد أجمع علماؤنا على أنّ محله بعد القراءة وقبل الركوع ، حكاه في المنتهى (١) ، ويدل عليه صحيحة زرارة المتقدمة (٢) ، وصحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « ما أعرف قنوتا إلا قبل الركوع » (٣).

وما المصنف في المعتبر إلى التخيير بين فعله قبل الركوع وبعده وإن كان الأول أفضل (٤) ، لرواية إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « القنوت قبل الركوع ، وإن شئت بعده » (٥) وفي السند القاسم بن محمد الجوهري وهو ضعيف (٦).

قوله : ( ويستحب أن يدعو فيه بالأذكار المروية ، وإلا فبما شاء ، وأقله ثلاث تسبيحات ).

أفضل ما يقال في القنوت الدعاء المأثور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، فروى سعد بن أبي خلف في الحسن ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « يجزيك في القنوت : اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شي‌ء قدير » (٧).

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٩٩.

(٢) في ص ٤٤٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٤٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٢ ـ ٣٤٣ ، الإستبصار ١ : ٣٤١ ـ ١٢٨٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ٤.

(٦) راجع رجال الشيخ : ٣٥٨.

(٧) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١٢ ، التهذيب ٢ : ٨٧ ـ ٣٢٢ ، الوسائل ٤ : ٩٠٦ أبواب القنوت ب ٧ ح ١.

٤٤٤

______________________________________________________

وروى أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة ، تقول في القنوت : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما هديتنا به ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما أكرمتنا به ، اللهم اجعلنا ممن اخترته لدينك وخلقته لجنتك ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب » (١).

وذكر الشيخ (٢) وأكثر الأصحاب أنّ أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج ، وقال ابن إدريس : وروي أنها أفضله (٣). ولم أقف على ما نقله من الرواية. لكن لا ريب في استحباب القنوت بها لأنها ثناء وذكر.

وصورتها : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين ، روى ذلك زرارة في الحسن ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٤).

وذكر المفيد ـ رحمه‌الله ـ وجمع من الأصحاب أنه يقول قبل التحميد : وسلام على المرسلين (٥).

وسئل عنه المصنف في الفتاوى فجوّزه ، لأنه بلفظ القرآن ، ولا ريب في‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٦ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٨ ـ ٦٤ ، الوسائل ٤ : ٩٠٦ أبواب القنوت ب ٧ ح ٤ ، بتفاوت يسير.

(٢) الاقتصاد : ٢٦٣.

(٣) السرائر : ٤٨.

(٤) الكافي ٣ : ١٢٢ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٨ ـ ٨٣٩ ، الوسائل ٢ : ٦٦٦ أبواب الاحتضار ب ٣٨ ح ١.

(٥) المقنعة : ١٦.

٤٤٥

وفي الجمعة قنوتان ، في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعد الركوع.

______________________________________________________

الجواز لكن جعله في أثناء كلمات الفرج مع خروجه عنها ليس بجيد.

ويجوز الدعاء في القنوت بما سنح للدين والدنيا ، لصحيحة إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت وما يقال فيه ، فقال : « ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا موقتا » (١).

وروى الحلبي في الصحيح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت فيه قول معلوم؟ فقال : « أثن على ربك وصلّ على نبيك واستغفر لذنبك » (٢).

واختلف الأصحاب في جواز الدعاء في القنوت بالفارسية ، فمنعه سعد بن عبد الله (٣) ، وأجازه محمد بن الحسن الصفار (٤) وابن بابويه (٥) ، لصحيحة علي بن مهزيار ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه؟ قال : « نعم » (٦).

قال ابن بابويه بعد نقل هذه الرواية ولو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي » والنهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود والحمد لله (٧).

قوله : ( وفي الجمعة قنوتان ، في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعد الركوع ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب. واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٨١ ، الوسائل ٤ : ٩٠٨ أبواب القنوت ب ٩ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٧ ـ ٩٣٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠٨ أبواب القنوت ب ٩ ح ٤.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٨.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٨.

(٥) الفقيه ١ : ٢٠٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٦ ، التهذيب ٢ : ٣٢٦ ـ ١٣٣٧ ، الوسائل ٤ : ٩١٧ أبواب القنوت ب ٩ ح ١.

(٧) الفقيه ١ : ٢٠٨ ، الوسائل ٤ : ٩١٧ أبواب القنوت ب ١٩ ح ٣.

٤٤٦

ولو نسيه قضاه بعد الركوع.

______________________________________________________

أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « كل القنوت قبل الركوع إلا الجمعة فإن الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع » (١) وهي ضعيفة السند باشتراك أبي بصير بين الثقة والضعيف.

وقال الصدوق في من لا يحضره الفقيه بعد أن أورد القنوت في الركعتين على هذا الوجه : تفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة ، والذي استعمله وأفتي به ومضى عليه مشايخي ـ رحمهم‌الله ـ هو أن القنوت في جميع الصلوات ، في الجمعة وغيرها ، في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع (٢). وما ذكره ـ رحمه‌الله ـ من رواية زرارة يصلح مستندا للقول الأول لو كانت متصلة.

وقال المفيد ـ رحمه‌الله ـ وجمع من الأصحاب : إنّ في الجمعة قنوتا واحدا في الركعة الأولى قبل الركوع (٣). وهو المعتمد ، للأخبار الكثيرة الدالة عليه. كصحيحة معاوية بن عمار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قنوت الجمعة : « إذا كان إماما قنت في الركعة الأولى ، وإن كان يصلي أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع » (٤).

وصحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى » (٥) ويؤيده قوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار : « ما أعرف قنوتا إلا قبل الركوع » (٦).

قوله : ( ولو نسيه قضاه بعد الركوع ).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٠ ـ ٣٣٤ ، الوسائل ٤ : ٩٠٤ أبواب القنوت ب ٥ ح ١٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٦.

(٣) المقنعة : ٢٧.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٧ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٦ ـ ٥٩ ، الإستبصار ١ : ٤١٧ ـ ١٦٠٣ الوسائل ٤ : ٩٠٢ أبواب القنوت ب ٥ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ١٦ ـ ٥٦ ، الإستبصار ١ : ٤١٧ ـ ١٦٠٠ ، الوسائل ٤ : ٩٠٣ أبواب القنوت ب ٥ ح ٦.

(٦) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

٤٤٧

الثالث : شغل النظر. في حال قيامه إلى موضع سجوده ،

______________________________________________________

هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا. ويدل عليه روايات كثيرة ، منها : صحيحة محمد بن مسلم وزرارة بن أعين ، قالا : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال : « يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه » (١).

وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت ينساه الرجل فقال : « يقنت بعد ما يركع ، وإن لم يذكر حتى ينصرف فلا شي‌ء عليه » (٢).

قال المفيد في المقنعة : ولو لم يذكر القنوت حتى ركع في الثالثة قضاه بعد الفراغ (٣).

وقد روى استحباب الإتيان به بعد الانصراف أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل إذا سها قي القنوت : « قنت بعد ما ينصرف وهو جالس » (٤) وروى زرارة في الصحيح قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال : « يستقبل القبلة ثم ليقله ـ ثم قال ـ : إني لأكره للرجل أن يرغب عن سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يدعها » (٥).

قوله : ( الثالث ، شغل النظر في حال قيامه إلى موضع سجوده ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٦٠ ـ ٦٢٨ ، الإستبصار ١ : ٣٤٤ ـ ١٢٩٥ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٦٠ ـ ٦٢٩ ، الإستبصار ١ : ٣٤٤ ـ ١٢٩٦ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٢.

(٣) المقنعة : ٢٣.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٠ ـ ٦٣١ ، الإستبصار ١ : ٣٤٥ ـ ١٢٩٨ ، الوسائل ٤ : ٩١٥ أبواب القنوت ب ١٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣١٥ ـ ١٢٨٣ ، الوسائل ٤ : ٩١٥ أبواب القنوت ب ١٦ ح ١.

٤٤٨

وفي حال القنوت إلى باطن كفيه ، وفي حال الركوع إلى ما بين رجليه ، وفي حال السجود إلى طرف أنفه ، وفي حال تشهده إلى حجره.

______________________________________________________

وفي حال القنوت إلى باطن كفيه ).

أما استحباب شغل النظر في حال القيام إلى موضع سجوده فيدل عليه‌ قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « وليكن نظرك إلى موضع سجودك » (١).

وأما استحباب النظر في حال القنوت إلى باطن الكفين فلم أقف على رواية تدل بمنطوقها عليه.

واستدل له في المعتبر بأن النظر إلى السماء مكروه ، لقوله عليه‌السلام في حسنة زرارة : « اجمع بصرك ولا ترفعه إلى السماء » (٢) ، والتغميض مكروه لرواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يغمّض الرجل عينيه في الصلاة » (٣) فيتعين شغله بالنظر إلى باطن الكفين ، ولا بأس به.

قوله : ( وفي حال الركوع إلى ما بين رجليه ).

لقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « وليكن نظرك إلى ما بين قدميك » (٤) ومقتضى صحيحة حماد بن عيسى استحباب تغميض العينين (٥) ، والجمع بينهما بالتخيير بين الأمرين.

قوله : ( وفي حال السجود إلى طرف أنفه ، وفي حال التشهد إلى حجره ).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٨ ، الوسائل ٤ : ٧١٠ أبواب القيام ب ١٧ ح ٢ ، وص ٦٧٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.

(٢) المعتبر ٢ : ٢٤٦ ، الوسائل ٤ : ٧٠٩ أبواب القيام ب ١٦ ح ٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٨٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٥٢ أبواب قواطع الصلاة ب ٦ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٨ ، الوسائل ٤ : ٦٧٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.

(٥) الكافي ٣ : ٣١١ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٤ : ٦٧٣ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

٤٤٩

الرابع : شغل اليدين. بأن يكونا في حال قيامه على فخذيه بحذاء ركبتيه ، وفي حال القنوت تلقاء وجهه ،

______________________________________________________

ذكر ذلك الأصحاب ولا بأس به لما فيه من الخشوع والإقبال على عبادة‌ الله تعالى.

قوله : ( الرابع ، شغل اليدين بأن يكونا في حال قيامه على فخذيه بحذاء ركبتيه ، وفي حال القنوت تلقاء وجهه ).

أما استحباب جعلهما في حال القيام على الفخذين بحذاء الركبتين فيدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدميك بالأخرى ، دع بينهما فصلا ، إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره ، واسدل منكبيك ، وأرسل يديك ، ولا تشبك أصابعك ، وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك » (١).

وأما استحباب جعلهما في حال القنوت تلقاء وجهه ، فربما كان مستنده‌ قوله عليه‌السلام في صحيحة ابن سنان الواردة في قنوت الوتر : « وترفع يديك في الوتر حيال وجهك وإن شئت تحت ثوبك » (٢).

ويستحب أن تكونا مبسوطتين يستقبل ببطونهما السماء وظهورهما الأرض ، وحكى المصنف في المعتبر قولا بجعل بطونهما إلى الأرض ثم قال : وكلا الأمرين جائز (٣).

وقيل : يستحب أن يمسح بهما وجهه عند الفراغ (٤) ، والموجود في التوقيع‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٨ ، الوسائل ٤ : ٦٧٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣٠٩ ـ ١٤١٠ ، التهذيب ٢ : ١٣١ ـ ٥٠٤ ، الوسائل ٤ : ٩١١ أبواب القنوت ب ١٢ ح ١.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٤٧.

(٤) كما في جامع المقاصد ١ : ١٢٥.

٤٥٠

وفي حال الركوع على ركبتيه ، وفي حال السجود بحذاء أذنيه ، وفي التشهد على فخذيه.

______________________________________________________

المنسوب إلى الحميري ـ رضي‌الله‌عنه ـ استحباب ذلك في قنوت النافلة خاصة (١).

قوله : ( وفي حال الركوع على ركبتيه ).

ينبغي تفريج الأصابع وإيصالها إلى عين الركبة ووضع اليمنى قبل اليسرى ، والمستند في ذلك كله صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢).

قوله : ( وفي حال السجود بحذاء أذنيه ).

رواه حماد عن فعل الصادق عليه‌السلام (٣) ، وفي صحيحة زرارة : « ولا تلزق كفيك بركبتيك ، ولا تدنهما من وجهك ، بين ذلك حيال منكبيك ، ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا » (٤) والعمل بكل من الروايتين حسن إنشاء الله.

فائدة : ذكر الشيخ ـ رحمه‌الله ـ وجمع من الأصحاب أنّ حكم المرأة في الصلاة حكم الرجل إلا في الجهر في القراءة ، فإنه لا جهر عليها (٥). والأولى لها اعتماد ما رواه زرارة في الحسن ، قال : « إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها ، فإذا جلست فعلى إليتيها ليس كما يقعد الرجل ، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، فإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع‌

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٤٨٦ ، الوسائل ٤ : ٩١٩ أبواب القنوت ب ٢٣ ح ١.

(٢) تقدمت الإشارة إليها في ص ٤٥٠ ه‍ ١.

(٣) تقدم في ص ٤٤٩.

(٤) تقدمت الإشارة إليها في ص ٤٥٠ ه‍ ١.

(٥) النهاية : ٨٠.

٤٥١

الخامس : التعقيب ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، ثم بما روي من الأدعية ، وإلا فيما تيسّر.

______________________________________________________

عجيزتها أولا » (١) ولا قدح في هذه الرواية بالإضمار كما بيناه مرارا.

قوله : ( الخامس ، التعقيب ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، ثم بما روي من الأدعية ).

قال الجوهري : التعقيب في الصلاة الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة (٢).

وقد أجمع العلماء كافة على استحبابه ، وفضله عظيم وثوابه جسيم فروى زرارة في الحسن ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا » (٣).

وروى الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد » (٤) يعني بالتعقيب الدعاء بعقب الصلوات.

وروى محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : « الدعاء دبر المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع كفضل المكتوبة على التطوع » (٥).

وأفضل الأذكار في التعقيب تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، فروى صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « ما عبد الله بشي‌ء من‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٥ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٤ ـ ٣٥٠ ، علل الشرائع : ٣٥٥ ـ ١ الوسائل ٤ : ٦٧٦ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٤.

(٢) الصحاح ١ : ١٨٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٢ ـ ٥ ، التهذيب ٢ : ١٠٣ ـ ٣٨٩ ، الفقيه ١ : ٢١٦ ـ ٩٦٢ ، الوسائل ٤ : ١٠٢٠ أبواب القنوت ب ٥ ح ٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٠٤ ـ ٣٩١ ، الوسائل ٤ : ١٠١٣ أبواب التعقيب ب ١ ح ١.

(٥) التهذيب ٢ : ١٠٤ ـ ٣٩٢ ، الوسائل ٤ : ١٠١٩ أبواب التعقيب ب ٤ ح ١.

٤٥٢

______________________________________________________

التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة عليها‌السلام ، ولو كان شي‌ء أفضل منه لنحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة عليها‌السلام » (١).

وروى أبو خالد القماط في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يوم ، دبر كل صلاة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم » (٢).

وروى ابن سنان في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ، ويبدأ بالتكبير » (٣).

وليكن التسبيح بهذا الترتيب : يكبر أربعا وثلاثين ، ثم يحمد ثلاثا وثلاثين ، ثم يسبح ثلاثا وثلاثين ، وقد ورد ذلك في عدة روايات ، منها : صحيحة محمد بن عذافر ، قال : دخلت مع أبي على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها‌السلام فقال : « الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلاثين مرة ، ثم قال الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين ، ثم قال سبحان الله حتى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة » (٤) وربما ظهر من كلام ابن بابويه تقديم التسبيح على التحميد (٥) ، ولم نقف على مأخذه.

ويستحب أن يتبع تسبيح الزهراء بلا إله إلا الله ، لما روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « من سبح الله دبر الفريضة تسبيح فاطمة الزهراء‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٣ ـ ١٤ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ـ ٣٩٨ ، الوسائل ٤ : ١٠٢٤ أبواب التعقيب ب ٩ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٣ ـ ١٥ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ـ ٣٩٩ ، ثواب الأعمال : ١٩٧ ـ ٣ ، الوسائل ٤ : ١٠٢٤ أبواب التعقيب ب ٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٢ ـ ٦ ، الفقيه ١ : ٢١٠ ـ ٩٤٦ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ـ ٣٩٥ ، ثواب الأعمال : ١٩٧ ـ ٤ ، الوسائل ٤ : ١٠٢١ أبواب التعقيب ب ٧ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٢ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ـ ٤٠٠ ، المحاسن : ٣٦ ـ ٣٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٢٤ أبواب التعقيب ب ١٠ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢١٠.

٤٥٣

______________________________________________________

عليها‌السلام المائة وأتبعها بلا إله إلا الله غفر له » (١).

وروى محمد بن مسلم في الحسن ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التسبيح فقال : « ما علمت شيئا موظفا غير تسبيح فاطمة صلوات الله عليها ، وعشر مرات بعد الغداة تقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير ، ولكن الإنسان يسبح ما شاء تطوعا » (٢).

وروى زرارة في الحسن ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « أقل ما يجزيك من الدعاء بعد الفريضة أن تقول : اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك ، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك ، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة » (٣).

والدعوات الواردة في ذلك أكثر من أن تحصى ، ولأصحابنا رضوان الله عليهم في ذلك كتب مبسوطة ، من أرادها وقف عليها. والله الموفق.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٢ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ـ ٣٩٦ ، المحاسن : ٣٦ ـ ٣٤ ، الوسائل ٤ : ١٠٢١ أبواب التعقيب ب ٧ ح ٣.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٥ ـ ٢٥ ، وج ٢ : ٥٣٣ ـ ٣٤ ، الوسائل ٤ : ١٠٤٨ أبواب التعقيب ب ٢٥ ح ٤ ، وص ١٠٢١ ب ٧ ح ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٣ ـ ١٦ ، الفقيه ١ : ٢١٢ ـ ٩٤٨ ، التهذيب ٢ : ١٠٧ ـ ٤٠٧ ، معاني الأخبار : ٣٩٤ ـ ٤٦ ، الوسائل ٤ : ١٠٤٣ أبواب التعقيب ب ٢٤ ح ١.

٤٥٤

خاتمة :

قواطع الصلاة قسمان ، أحدهما : يبطلها عمدا وسهوا ، وهو كل ما يبطل الطهارة ، سواء دخل تحت الاختيار أو خرج ، كالبول والغائط وما شابههما من موجبات الوضوء ، والجنابة والحيض وما شابههما من موجبات الغسل. وقيل : لو أحدث ما يوجب الوضوء سهوا تطهّر وبنى ، وليس بمعتمد.

______________________________________________________

قوله : ( خاتمة : قواطع الصلاة قسمان : أحدهما يبطلها عمدا وسهوا ، وهو كل ما يبطل الطهارة سواء دخل تحت الاختيار أو خرج ، كالبول والغائط وما شابههما من موجبات الوضوء ، والجنابة والحيض وما شابههما من موجبات الغسل ، وقيل : لو أحدث ما يوجب الوضوء سهوا تطهر وبنى ، وليس بمعتمد ).

أجمع العلماء كافة على أنّ من أحدث في الصلاة عامدا بطلت صلاته ، سواء كان الحدث أصغر أم أكبر ، وإنما الخلاف فيما لو أحدث ما يوجب الوضوء سهوا ، فذهب الأكثر إلى أنه مبطل للصلاة أيضا.

ونقل عن الشيخ (١) والمرتضى (٢) أنهما قالا : يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته.

وفرق المفيد في المقنعة بين المتيمم وغيره ، فأوجب البناء في المتيمم إذا سبقه الحدث ووجد الماء ، والاستئناف في غيره (٣). واختاره الشيخ في النهاية‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٤٦.

(٢) نقله عنه وعن الشيخ في المعتبر ٢ : ٢٥٠.

(٣) المقنعة : ٨.

٤٥٥

______________________________________________________

والمبسوط (١) ، وابن أبي عقيل (٢) ، وقواه في المعتبر (٣).

احتج القائلون بوجوب الاستئناف مطلقا (٤) بأن الطهارة شرط في الصلاة ومع زوال الشرط يزول المشروط.

وبأن الإجماع واقع على أنّ الفعل الكثير مبطل للصلاة ، وهو حاصل هنا بالطهارة الواقعة في أثناء الصلاة.

وبرواية أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وأبي عبد الله عليه‌السلام أنهما قالا : « لا يقطع الصلاة إلا أربع : الخلاء ، والبول ، والريح ، والصوت » (٥) ورواية عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع ، قال : « إن كان ملطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة » (٦).

ويتوجه على الأول أنّ اللازم منه عدم وقوع الصلاة أو شي‌ء من أجزائها بغير طهارة ، وهو خلاف المدعى.

وعلى الثاني ما بيناه مرارا من منع الإجماع في موضع النزاع.

وعلى الروايتين أنهما ضعيفتا السند فلا يتم التعلق بهما في إثبات حكم‌

__________________

(١) النهاية : ٩٤ ، المبسوط ١ : ١١٧.

(٢) نقله عنه في المختلف : ٥٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٥٠.

(٤) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٢٥١. والعلامة في التذكرة ١ : ١٣٠.

(٥) الكافي ٣ : ٣٦٤ ـ ٤ ، التهذيب ٢ : ٣٣١ ـ ١٣٦٢ ، الإستبصار ١ : ٤٠٠ ـ ١٥٣٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٤٠ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٢.

(٦) التهذيب ١ : ٢٠٦ ـ ٥٩٧ ، الإستبصار ١ : ٨٢ ـ ٢٥٨ ، الوسائل ١ : ١٨٤ أبواب نواقض الوضوء ب ٥ ح ٥.

٤٥٦

______________________________________________________

مخالف للأصل.

نعم يمكن الاستدلال على هذا القول بأن الصلاة وظيفة شرعية فيجب الاقتصار في كيفيتها على ما ورد به الشرع ، والمنقول الإتيان بها على هذا النظم المعين والوجه المخصوص ، فلا يحصل الامتثال بدونه.

احتج القائلون (١) بالبناء مطلقا بصحيحة الفضيل بن يسار قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا فقال : « انصرف ثم توضأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا ، وإن تكلمت ناسيا فلا شي‌ء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا » قلت : فإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال : « نعم وإن قلب وجهه عن القبلة » (٢).

قال المرتضى رضي‌الله‌عنه : لو لم يكن الأذى والغمز ناقضا للطهارة لم يأمره بالانصراف والوضوء (٣).

وأجيب عنه بأنه ليس في الخبر أنه أحدث ، والأذى والغمز ليس بحدث إجماعا ، وإنّ الأمر بالوضوء محمول على الاستحباب (٤) ، وهو بعيد جدا ، فإن التعبير عن قضاء الحاجة بالانصراف سائغ (٥) ، والحكم باستحباب الوضوء مع بقاء الطهارة والبناء على ما مضى من الصلاة أعظم محذورا مع ما فيه من إخراج اللفظ عن حقيقته.

__________________

(١) نقل احتجاجهم في الخلاف ١ : ١٤٦ ، والمعتبر ٢ : ٢٥١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٤٠ ـ ١٠٦٠ ، التهذيب ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٧٠ ، الإستبصار ١ : ٤٠١ ـ ١٥٣٣ ،

(٣) الوسائل ٤ : ١٢٤٢ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٩.

نقله عنه في المعتبر ٢ : ٢٥١.

(٤) كما في المعتبر ٢ : ٢٥٢ ، والمنتهى ١ : ٣٠٧.

(٥) في « س » ، « ح » : شائع.

٤٥٧

______________________________________________________

ويشهد لهذا القول رواية أبي سعيد القماط ، قال : سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في الصلاة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة ، قال ، فقال : « إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام » قال ، قلت : وإن التفت يمينا وشمالا أو ولّى عن القبلة؟ قال : « نعم ، كل ذلك واسع إنما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة ، فإنما عليه أن يبني على صلاته » (١).

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد ، قال : « ينصرف ويتوضأ فإن شاء رجع إلى المسجد ، وإن شاء ففي بيته ، وإن شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم ، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته » (٢).

وتأويل هذه الأخبار بما يطابق المشهور مشكل ، واطراحها مع سلامة سندها ومطابقتها لمقتضى الأصل أشكل.

احتج الشيخان على البناء في المتيمم بما روياه في الصحيح ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال ، قلت له : رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب الماء ، قال : « يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم » (٣).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥٥ ـ ١٤٦٨ ، الوسائل ٤ : ١٢٤٣ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ١١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٧ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٣١٨ ـ ١٣٠١ ، الإستبصار ١ : ٣٤٣ ـ ١٢٩١ ، الوسائل ٤ : ١٠٠١ أبواب التشهد ب ١٣ ح ١.

(٣) التهذيب ١ : ٢٠٤ ـ ٥٩٤ ، الوسائل ٤ : ١٢٤٢ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ذ. ح ١٠.

٤٥٨

والثاني : لا يبطلها إلا عمدا ، وهو وضع اليمين على الشمال ، وفيه تردد ،

______________________________________________________

وفي الصحيح عن زرارة قال ، قلت له : رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة وأحدث فأصاب ماءا ، قال : « يخرج ويتوضأ ويبني على صلاته التي صلى بالتيمم » (١).

وأجاب عنهما في المختلف بحمل الركعة على الصلاة ، إطلاقا لاسم الجزء على الكل ، قال وقوله : « يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته » إشارة إلى الاجتزاء بتلك الصلاة السابقة على وجدان الماء (٢) ، ولا يخفى ما في ذلك من التعسف.

قال المصنف في المعتبر بعد أن نقل عن الشيخين القول بالبناء : وما قالاه حسن لأن الإجماع على أنّ الحدث عمدا يبطل الصلاة فيخرج من إطلاق الرواية ويتعين حملها على غير صورة العمد ، لأن الإجماع لا تصادمه الرواية ، ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنها رواية مشهورة (٣). هذا كلامه رحمه‌الله ، وقوته ظاهرة.

قوله : ( والثاني ، ما لا يبطلها إلا عمدا ، وهو وضع اليمين على الشمال ، وفيه تردد ).

القول بالبطلان هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل الشيخ (٤) والمرتضى (٥) فيه الإجماع ، واحتجوا عليه بالاحتياط ، وبأن أفعال الصلاة متلقاة من الشارع ولا شرع هنا ، وبأنه فعل كثير خارج عن الصلاة ، وبصحيحة محمد بن‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٠٥ ـ ٥٩٥ ، الإستبصار ١ : ١٦٧ ـ ٥٨٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٤٢ أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٢) المختلف : ٥٣.

(٣) المعتبر ١ : ٤٠٧.

(٤) الخلاف ١ : ١٠٩.

(٥) الانتصار : ٤١.

٤٥٩

______________________________________________________

مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال ، قلت : الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى ، قال : « ذاك التكفير فلا تفعل » (١) ومرسلة حريز عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « لا تكفر ، إنما يصنع ذلك المجوس » (٢).

وخالف في ذلك ابن الجنيد حيث جعل تركه مستحبا (٣) ، وأبو الصلاح حيث جعل فعله مكروها (٤) ، واستوجهه في المعتبر لمخالفة التكفير لما دلت عليه الأحاديث من استحباب وضع اليدين على الفخذين محاذيين للركبتين ، قال : واحتجاج علم الهدى بالإجماع غير معلوم لنا ، خصوصا مع وجود المخالف من أكابر الفضلاء ، ولا نعلم من رواه من الموافق ، كما لا يعلم أنه لا موافق له ، وقوله : وهو فعل كثير ، في نهاية الضعف ، لأن وضع اليدين على الفخذين ليس بواجب ولم يتناول النهي وضعهما في موضع معين فكان للمكلف وضعهما كيف شاء.

وأما احتجاج الطوسي بأن أفعال الصلاة متلقاة ، قلنا : حق لكن كما لم يثبت تشريع وضع اليمين على الشمال لم يثبت تحريمه فصار للمكلف وضعهما كيف شاء ، وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه ، وقوله : الاحتياط يقتضي طرح ذلك ، قلنا : متى؟ إذا لم يوجد ما يدل على الجواز أو إذا وجد؟ لكن الأوامر المطلقة بالصلاة دالة بإطلاقها على عدم المنع.

ثم قال : وأما الرواية فظاهرها الكراهة لما تضمنته من التشبه بالمجوس (٥). هذا كلامه رحمه‌الله ، وهو جيد لكن في اقتضاء التشبّه ظهور‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٨٤ ـ ٣١٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٦٤ أبواب قواطع الصلاة ب ١٥ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٦ ـ ٩ ، التهذيب ٢ : ٨٤ ـ ٣٠٩ ، الوسائل ٤ : ١٢٦٤ أبواب قواطع الصلاة ب ١٥ ح ٣.

(٣) نقله عنه في المختلف : ١٠٠.

(٤) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٥) المعتبر ٢ : ٢٥٧.

٤٦٠