مدارك الأحكام - ج ٢

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

______________________________________________________

قال في المعتبر : ومضمون الرواية متفق عليه (١).

قلت : إن كانت المسألة إجماعية فلا بحث ، وإلاّ أمكن المناقشة فيها ، لضعف المستند ، ولأنه معارض بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أيهما يصلي عليها؟ فقال : « أخوها أحق بالصلاة عليها » (٢) وأجاب الشيخ عن هذه الرواية بالحمل على التقية (٣) ، وهو إنما يتم مع التكافؤ في السند كما لا يخفى.

واختلف الأصحاب في جواز تغسيل كل من الزوجين الآخر في حال الاختيار ، فقال السيد المرتضى في شرح الرسالة (٤) ، والشيخ في الخلاف (٥) ، وابن الجنيد ، والجعفي (٦) : يجوز لكل منهما تغسيل الآخر مجردا ، مع وجود المحارم وعدمهم. وقال في النهاية بالجواز أيضا إلا أنه اعتبر فيه كونه من وراء الثياب (٧) ، وقال في كتابي الأخبار : إن ذلك مختص بحال الاضطرار دون الاختيار (٨).

والأظهر جواز تغسيل كل منهما الآخر مجردا وإن كان الأفضل كونه من وراء القميص كما في مطلق التغسيل.

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٢٦٤ ).

(٢) التهذيب ( ٣ : ٢٠٥ ـ ٤٨٦ ) ، الإستبصار ( ١ : ٤٨٦ ـ ١٨٨٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨٠٢ ) أبواب صلاة الجنازة ب (٢٤) ح (٤).

(٣) التهذيب ( ٣ : ٢٠٥ ).

(٤) لم نعثر على ناقل عن شرح الرسالة ولكن نقله عن المرتضى في الذكرى : (٣٨).

(٥) الخلاف ( ١ : ٢٨٢ ).

(٦) نقله عنهما في الذكرى : (٣٨).

(٧) النهاية : (٤٢).

(٨) التهذيب ( ١ : ٤٤٠ ) ، الاستبصار ( ١ : ١٩٩ ). واعتبر فيهما الغسل من وراء الثياب أيضا في التهذيب ( ١ : ٤٣٨ ) ، الاستبصار ( ١ : ١٩٨ ).

٦١

______________________________________________________

لنا : ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت؟ أو يغسلها إن لم يكن عندها (١) من يغسلها ، وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال : « لا بأس بذلك ، إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شي‌ء يكرهونه » (٢).

وفي الصحيح عن منصور قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته [ فتموت ] يغسلها؟ قال : « نعم وامه وأخته ونحو هذا ، يلقى على عورتها خرقة » (٣) وفي الحسن ، عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال : « نعم ، إنما يمنعها أهلها تعصبا » (٤).

ويدل على أن الأفضل كونه من وراء الثياب روايات كثيرة ، منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلاّ النساء قال : « تغسله امرأته أو ذو قرابة إن كانت له ، وتصبّ النساء الماء عليه صبّا ، وفي المرأة إذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها » (٥).

وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال : « نعم من‌

__________________

(١) في « ق » وبعض المصادر : عنده.

(٢) الكافي ( ٣ : ١٥٧ ـ ٢ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٦ ـ ٤٠١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٩ ـ ١٤١٧ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٨ ـ ٦٩٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٣ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (١). فيما عدا التهذيب : يكرهونه منها.

(٣) الكافي ( ٣ : ١٥٨ ـ ٨ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٩ ـ ١٤١٨ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٩ ـ ٦٩٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٥ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (١).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٥٨ ـ ١١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٩ ـ ١٤١٩ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٩ ـ ٧٠٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٤ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (٤).

(٥) الكافي ( ٣ : ١٥٧ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٧ ـ ١٤١٠ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٦ ـ ٦٨٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٤ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (٣).

٦٢

______________________________________________________

وراء الثوب » (١).

وصحيحة أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلا النساء؟ قال : « يدفن ولا يغسل ، والمرأة تكون مع الرجل بتلك المنزلة تدفن ولا تغسل ، إلاّ أن يكون زوجها معها ، فإن كان زوجها معها غسلها من فوق الدرع » (٢).

والجمع بين الأخبار وإن أمكن بتقييد الأخبار المطلقة بهذه الأحاديث ، إلاّ أن حمل هذه على الاستحباب أولى ، لظهور تلك الأخبار في الجواز مطلقا ، وثبوت استحباب ذلك في مطلق التغسيل على ما سنبينه.

واعلم أنّ إطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الزوجة بين الحرة والأمة ، ولا بين الدائم والمنقطع. والمطلقة رجعية زوجة بخلاف البائن.

قال في الذكرى : ولا عبرة بانقضاء عدة المرأة عندنا ، بل لو نكحت جاز لها تغسيله وإن كان الفرض بعيدا (٣). وهو كذلك أخذا بالإطلاق.

ويجوز تغسيل السيد لأمته قطعا ، والأظهر عدم جواز العكس مطلقا ، لانتقالها إلى غيره فحرم عليها النظر إليه ، وربما فرّق بين أم الولد وغيرها ، لما روي من إيصاء زين العابدين عليه‌السلام أن تغسّله أم ولده (٤) ، وفي الطريق ضعف.

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٥٧ ـ ٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٨ ـ ١٤١١ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٦ ـ ٦٩٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٤ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (٢).

(٢) التهذيب ( ١ : ٤٣٨ ـ ١٤١٤ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٧ ـ ٦٩٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٦ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (١٢).

(٣) الذكرى : (٤٠).

(٤) التهذيب ( ١ : ٤٤٤ ـ ١٤٣٧ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٠ ـ ٧٠٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٧ ) أبواب غسل الميت ب (٢٥) ح (١).

٦٣

ويجوز أن يغسل الكافر المسلم إذا لم يحضره مسلم ولا مسلمة ذات رحم.

وكذا تغسل الكافرة المسلمة إذا لم تكن مسلمة ولا ذو رحم.

______________________________________________________

قوله : ويجوز أن يغسل الكافر المسلم إذا لم يحضره مسلم ولا مسلمة ذات رحم. وكذا تغسل الكافرة المسلمة إذا لم تكن مسلمة ولا ذو رحم.

هذا الحكم ذكره الشيخان (١) وأتباعهما (٢) ، واستدل عليه في التهذيب برواية عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت : فإن مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ، ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهنّ قرابة ، قال : « يغتسل النصارى ثم يغسّلونه فقد اضطر » وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ، ومعها نصرانية ورجال مسلمون؟ قال : « تغتسل النصرانية ثم تغسّلها » (٣).

وروى عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : « أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفر فقالوا : إنّ امرأة توفت معنا وليس معها ذو محرم؟ فقال : كيف صنعتم؟ فقالوا : صببنا عليها الماء صبا فقال : أما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ فقالوا : لا ، قال : أفلا يمّمتموها؟ » (٤) وهما ضعيفتا السند جدا.

ومن ثم توقف في هذا الحكم المصنف في المعتبر (٥) ، واستقرب الدفن من غير غسل ، لأن الغسل مفتقر إلى النية ، والكافر لا تصح منه نية القربة.

__________________

(١) المفيد في المقنعة : (١٣) ، والشيخ في النهاية : (٤٢).

(٢) منهم سلار في المراسم : (٥٠) ، وابن حمزة في الوسيلة : (٦٣).

(٣) التهذيب ( ١ : ٣٤٠ ـ ٩٩٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٤ ) أبواب غسل الميت ب (١٩) ح (١).

(٤) التهذيب ( ١ : ٤٤٣ ـ ١٤٣٣ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٣ ـ ٧١٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٠ ) أبواب غسل الميت ب (٢٢) ح (٤).

(٥) المعتبر ( ١ : ٣٢٦ ).

٦٤

ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب إذا لم تكن مسلمة. وكذا المرأة.

ولا يغسل الرجل من ليست له بمحرم

______________________________________________________

والحق أنه متى ثبت نجاسة الذمي ، أو توقف الغسل على النية تعين المصير إلى ما قاله في المعتبر ، وإن نوزع فيهما أمكن إثبات هذا الحكم بالعمومات لا بخصوص هذين الخبرين.

قوله : ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب إذا لم تكن مسلمة ، وكذا المرأة.

المراد بالمحرم : من حرم نكاحه مؤبدا بنسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة. ومقتضى العبارة المنع من تغسيل الرجل محارمه في حال الاختيار ، وجوّزه في المنتهى من فوق الثياب (١) ، والأظهر الجواز مطلقا ، تمسكا بمقتضى الأصل ، وصحيحة منصور ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته [ فتموت ] يغسلها؟ قال : « نعم ، وامه وأخته ونحو هذا ، يلقي على عورتها خرقة » (٢).

والعجب أنّ العلامة في المنتهى (٣) استدل بهذا الخبر على جواز الغسل من فوق الثياب ، مع صراحته في جواز التغسيل مجردا مع ستر العورة.

قوله : ولا يغسل الرجل من ليست بمحرم.

هذا الحكم مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب ، ونقل عليه المصنف في المعتبر الإجماع (٤). وصرح الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف بسقوط التيمم والحال هذه‌

__________________

(١) المنتهى ( ١ : ٤٣٧ ).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٥٨ ـ ٨ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٩ ـ ١٤١٨ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٩ ـ ٦٩٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٥ ) أبواب غسل الميت ب (٢٠) ح (١).

(٣) المنتهى ( ١ : ٤٣٧ ).

(٤) المعتبر ( ١ : ٣٢٣ ).

٦٥

______________________________________________________

أيضا (١) ، وبه قطع في المعتبر ، قال : لأن المانع من الغسل مانع من التيمم وإن كان الاطلاع مع التيمم أقل ، لكن النظر محرّم قليله وكثيره (٢). وحكي عن المفيد ـ رحمه‌الله ـ أنه أوجب التغسيل من وراء الثياب (٣) ، وعن ابن زهرة أنه شرط تغميض العينين (٤). والمعتمد سقوط الغسل والتيمم مع انتفاء المماثلة والمحرمية مطلقا.

لنا : ما رواه الحلبي في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنه سأله عن المرأة تموت في سفر وليس معها ذو محرم ولا نساء؟ قال : « تدفن كما هي بثيابها » وعن الرجل يموت وليس معه ذو محرم ولا رجال؟ قال : « يدفن كما هو في ثيابه » (٥).

وما رواه عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يموت في السفر مع النساء ليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال : « يلففنه لفّا في ثيابه ويدفنه ولا يغسّلنه » (٦).

وما رواه أبو الصباح الكناني في الصحيح أيضا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلاّ النساء ، قال : « يدفن ولا يغسل ، والمرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن ولا تغسل » (٧) وهذه الأخبار صريحة في سقوط‌

__________________

(١) النهاية : (٤٢) ، المبسوط ( ١ : ١٧٥ ) ، الخلاف ( ١ : ٢٨٢ ).

(٢) المعتبر ( ١ : ٣٢٥ ).

(٣) حكاه في الذكرى : (٣٩). والموجود في المقنعة : (١٣) ما نصه : فإن ماتت صبية بين رجال مسلمين ليس لها فيهم محرم ـ الى أن قال ـ وإن كانت أكثر من ثلاث سنين غسلوها في ثيابها وصبوا عليها الماء صبا.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : (٥٦٣).

(٥) الفقيه ( ١ : ٩٤ ـ ٤٣٠ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٤٠ ـ ١٤٢٣ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٠ ـ ٧٠٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٨ ) أبواب غسل الميت ب (٢١) ح (١).

(٦) الفقيه ( ١ : ٩٤ ـ ٤٢٩ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٤١ ـ ١٤٢٤ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠١ ـ ٧٠٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٨ ) أبواب غسل الميت ب (٢١) ح (٢).

(٧) التهذيب ( ١ : ٤٣٨ ـ ١٤١٤ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠١ ـ ٧٠٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٩ ) أبواب غسل الميت ب (٢١) ح (٤).

٦٦

إلا ولها دون ثلاث سنين ـ وكذا المرأة ـ ويغسلها مجرّدة.

______________________________________________________

التغسيل ، وظاهرها سقوط التيمم أيضا وإلاّ لذكر ، إذ المقام مقام البيان.

وفي مقابل هذه الروايات روايتان ضعيفتا السند جدّا ، تضمنت إحداهما : « إن المرأة إذا ماتت بين رجال أجانب يصبّون عليها الماء من وراء الثياب » (١). وتضمنت الأخرى : « أنهم يغسلون منها ما أوجب الله تعالى عليه التيمم » (٢). وضعفهما مع وجود المعارض السليم يمنع من العمل بهما ، وحملهما الشيخ في التهذيب على الاستحباب (٣) ، وهو مشكل.

قوله : إلا ولها دون ثلاث سنين ، وكذا المرأة.

أي : لا تغسل من ليس لها بمحرم إلاّ من كان له دون ثلاث سنين. وهذا الحكم مستثنى من منع تغسيل غير المماثل ، وإطلاق العبارة يقتضي جواز ذلك اختيارا ، وشرط الشيخ في النهاية فيه عدم المماثل (٤) ، وجوز المفيد (٥) وسلار (٦) للمرأة تغسيل ابن خمس سنين مجردا ، والصدوق بنت أقل من خمس سنين مجردة (٧) ، ومنع المصنف في المعتبر من تغسيل الرجل الصبية مطلقا ، وجوز للمرأة تغسيل ابن الثلاث اختيارا أو اضطرارا ، فارقا بينهما بأن الشرع أذن في اطلاع النساء على الصبي ، لافتقاره إليهن في التربية ، وليس‌

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٤٤٢ ـ ١٤٢٧ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٢ ـ ٧١٢ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١١ ) أبواب غسل الميت ب (٢٢) ح (٥).

(٢) التهذيب ( ١ : ٤٤٢ ـ ١٤٢٩ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٢ ـ ٧١٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٩ ) أبواب غسل الميت ب (٢٢) ح (١).

(٣) التهذيب ( ١ : ٤٤٢ ).

(٤) النهاية : (٤٢).

(٥) المقنعة : (١٣).

(٦) المراسم : (٥٠).

(٧) المقنع : (١٩).

٦٧

______________________________________________________

كذلك الصبية ، قال : والأصل حرمة النظر (١). وفيه نظر.

والذي وقفت عليه في هذه المسألة من الأخبار ما رواه الكليني ـ رحمه‌الله ـ عن أبي (٢) النمير مولى الحارث بن المغيرة النضري قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حدثني عن الصبي إلى كم تغسّله النساء؟ فقال : « إلى ثلاث سنين » (٣).

وما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن أحمد بن يحيى مرسلا ، قال : روي في الجارية تموت مع الرجل ، فقال : « إذا كانت بنت أقل من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسل » (٤) وقال ابن طاوس : إن لفظة « أقل » هنا وهم (٥).

وحكى في الذكرى أنّ الموجود في جامع محمد بن الحسن : إذا كانت بنت أكثر من خمس أو ست دفنت ولم تغسل ، فإن كانت بنت أقل من خمس غسّلت (٦).

وكيف كان فالروايتان ضعيفتا السند جدا ، فلا يجوز التمسك بهما. ومع ذلك فلا بأس بالعمل بمضمونهما ، لاعتضادهما بالأصل والعمومات ، مضافا إلى عدم ثبوت تحريم اللمس والنظر إلى الصغير والصغيرة. ومن هنا تظهر قوة القول بالتحديد بالخمس.

وبالجملة فينبغي أن يكون ذلك تابعا لجواز النظر واللمس ، ولتحقيق المسألة محل آخر.

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٣٢٤ ).

(٢) في الكافي : ابن.

(٣) الكافي ( ٣ : ١٦٠ ـ ١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٢ ) أبواب غسل الميت ب (٢٣) ح (١). ورواها في الفقيه ( ١ : ٩٤ ـ ٤٣١ ) ، والتهذيب ( ١ : ٣٤١ ـ ٩٩٨ ).

(٤) التهذيب ( ١ : ٣٤١ ـ ٩٩٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٣ ) أبواب غسل الميت ب (٢٣) ح (٣).

(٥) نقل كلامه في الذكرى : (٣٩).

(٦) الذكرى : (٣٩).

٦٨

وكل مظهر للشهادتين وإن لم يكن معتقدا للحق يجوز تغسيله ، عدا الخوارج والغلاة. والشهيد الذي قتل بين يدي الإمام ومات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ، ويصلّى عليه.

______________________________________________________

قوله : وكل مظهر للشهادتين وإن لم يكن معتقدا للحق يجوز تغسيله ، عدا الخوارج والغلاة.

خالف في ذلك المفيد ـ رحمه‌الله ـ في المقنعة ، فقال : ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه إلاّ أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية (١).

واستدل له الشيخ في التهذيب بأن المخالف لأهل الحق كافر ، فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلاّ ما خرج بالدليل. وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالفين أيضا غير جائز. ثم قال : والذي يدل على أنّ غسل الكافر لا يجوز إجماع الأمة ، لأنه لا خلاف بينهم في أنّ ذلك محظور في الشريعة (٢).

والمسألة قوية الإشكال ، وإن كان الأظهر عدم وجوب تغسيل غير المؤمن.

ويلحق بالمسلم : الطفل المتولد منه ، والمجنون ، ومسبيّة في قول مشهور ، ولقيط دار الإسلام. قيل : وكذا دار الكفر إذا أمكن تولده من مسلم (٣) ، وللنظر في هذا مجال.

قوله : والشهيد الذي قتل بين يدي الإمام ومات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ويصلّى عليه.

هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، بل قال في المعتبر : إنه إجماع أهل العلم خلا‌

__________________

(١) المقنعة : (١٣).

(٢) التهذيب ( ١ : ٣٣٥ ).

(٣) كما في اللمعة الدمشقية ( ١ : ١٢٠ ) ، وروض الجنان : (٩٢).

٦٩

______________________________________________________

سعيد بن المسيب والحسن ، فإنهما أوجبا غسله ، لأن الميت لا يموت حتى يجنب. قال : ولا عبرة بكلامهما (١).

وقد أطلقت الشهادة في الأخبار على المقتول دون أهله وماله ، وعلى المطعون (٢) والغريق وغيرهم. والمراد بها هنا ما هو أخص من ذلك. وفسره المصنف بأنه المقتول بين يدي الإمام إذا مات في المعركة. والمراد بقتله بين يدي الإمام : قتله في عسكره ، وبموته في المعركة : موته في موضع القتال.

والأصل في هذه المسألة من طريق الأصحاب ما رواه الشيخ في الحسن عن أبان بن تغلب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ، ولا يغسّل إلاّ أن يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد ، فإنه يغسّل ويكفّن ويحنّط. إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفّن حمزة عليه‌السلام في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلى عليه » (٣).

وفي الحسن عن إسماعيل بن جابر وزرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، قلت له : كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال : « نعم في ثيابه بدمائه ، ولا يحنّط ولا يغسّل ويدفن كما هو » (٤) وفي هاتين الروايتين مخالفة لما ذكره المصنف في هذا الكتاب وغيره من الأصحاب من وجهين :

أحدهما : أنهما متناولتان لكل مقتول في سبيل الله ، فيشمل من قتل بين يدي الإمام وغيره ممن قتل في عسكر المسلمين إذا دهمهم عدو يخاف منه على بيضة الإسلام‌

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٣٠٩ ).

(٢) في « ح » : المبطون.

(٣) التهذيب ( ١ : ٣٣٢ ـ ٩٧٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٠ ) أبواب غسل الميت ب (١٤) ح (٩).

(٤) الكافي ( ٣ : ٢١١ ـ ٢ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٣١ ـ ٩٧٠ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٤ ـ ٧٥٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٠ ) أبواب غسل الميت ب (١٤) ح (٨).

٧٠

وكذا من وجب عليه القتل يؤمر بالاغتسال قبل قتله ، ثم لا يغسل بعد ذلك.

______________________________________________________

واضطروا إلى قتاله ، فلا وجه لقصر الحكم على من قتل بين يدي الإمام. وبما ذكرناه قطع المصنف في المعتبر ، فإنه قال بعد أن عزى اشتراط ذلك إلى الشيخين : والأقرب اشتراط الجهاد السائغ حسب ، فقد يجب الجهاد وإن لم يكن الإمام عليه‌السلام موجودا. ثم قال : واشتراط ما ذكره الشيخان زيادة لم تعلم من النص (١).

وثانيهما : أن ظاهر الرواية الاولى أنّ وجوب التغسيل في الشهيد منوط بإدراك المسلمين إياه وبه رمق ، وأن من لم يدرك كذلك يسقط تغسيله وإن لم يمت في المعركة ، وهو خلاف ما ذكره الأصحاب من إناطة الفرق بالموت في المعركة وعدمه.

واعلم أنّ إطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في هذا الحكم بين الصغير والكبير ، ولا بين المقتول بالحديد وغيره ، ولا بين من عاد سلاحه إليه فقتله وغيره (٢).

وفي الفرق بين الجنب وغيره قولان ، أظهرهما : العدم ، لإطلاق النص. ونقل عن المرتضى ـ رحمه‌الله ـ أنه أوجب تغسيل الجنب (٣) ، وهو ضعيف.

قوله : وكذا من وجب عليه القتل يؤمر بالاغتسال قبل قتله ثم لا يغسل بعد ذلك.

المراد أمره بأن يغتسل غسل الأموات ثلاثا مع الخليطين ، وكذا يجب أمره بالحنوط‌

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٣١١ ).

(٢) الجواهر ( ٤ : ٩١ ). بل وكذا لو داسته خيول المسلمين أو رمته فرسه في نهر أو بئر بسبب جهاد الكفار ، لصدق كونه قتيلا في سبيل الله.

(٣) في المعتبر ( ١ : ٣١ ) ، والذكرى : (٤١).

٧١

وإذا وجد بعض الميت ، فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده غسّل وكفّن وصلّي عليه ودفن.

______________________________________________________

كما صرح به الشيخ (١) وأتباعه (٢). وزاد ابنا بابويه (٣) والمفيد (٤) ـ رحمهم‌الله ـ تقديم التكفين أيضا.

والمستند في ذلك كله رواية مسمع كردين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « المرجوم والمرجومة يغسّلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ، ثم يرجمان ويصلى عليهما. والمقتص منه بمنزلة ذلك ، يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه » (٥).

وهي ضعيفة السند جدا. لكن قال في المعتبر : إنّ الخمسة وأتباعهم أفتوا بذلك ، وإنه لا يعلم فيه للأصحاب خلافا (٦).

وأما عدم وجوب تغسيل من هذا شأنه بعد ذلك فظاهر ، لعدم مشروعية التعدد.

وفي وجوب الغسل بمسه بعد الموت تردد ، أقربه : العدم ، لأن الغسل إنما يجب بمس الميت قبل غسله ، وهذا قد غسل.

قوله : وإذا وجد بعض الميت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده غسّل وكفّن وصلّي عليه ودفن.

هذا الحكم ذكره الشيخ (٧) ـ رحمه‌الله ـ وجمع من الأصحاب. وأطلق العلامة‌

__________________

(١) المبسوط ( ١ : ١٨١ ) ، والنهاية : (٤٠).

(٢) كالقاضي ابن البراج في المهذب ( ١ : ٥٥ ).

(٣) الصدوق في المقنع : (٢٠) ، ونقله عنهما في المعتبر ( ١ : ٣٤٧ ).

(٤) المقنعة : (١٣).

(٥) الكافي ( ٣ : ٢١٤ ـ ١ ) ، الفقيه ( ١ : ٩٦ ـ ٤٤٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٣٤ ـ ٩٧٨ ) ، وفيه : يغتسلان ويتحنطان ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٣ ) أبواب غسل الميت ب (١٧) ح (١).

(٦) المعتبر ( ١ : ٣٤٧ ).

(٧) المبسوط ( ١ : ١٨٢ ).

٧٢

______________________________________________________

ـ رحمه‌الله ـ في جملة من كتبه أنّ صدر الميت كالميت في جميع أحكامه (١).

واستدل عليه برواية الفضل بن عثمان الأعور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ، قال : « ديته على من يوجد في قبيلته صدره ويداه ، والصلاة عليه » (٢).

ومرسلة أحمد بن محمد بن عيسى رفعه ، قال : « المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلّى على العضو الذي فيه القلب » (٣) وهاتان الروايتان ـ مع ضعف سندهما ـ إنما تدلان على وجوب الصلاة على الصدر واليدين ، أو العضو الذي فيه القلب خاصة ، واستلزام ذلك لوجوب الغسل والتكفين ممنوع.

واعلم أنا لم نقف في حكم الأبعاض على شي‌ء من النصوص التي يعتمد عليها سوى روايتين : روى إحداهما علي بن جعفر في الصحيح ، عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يأكله السبع والطير فيبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال : « يغسّل ويكفّن ويصلى عليه ويدفن ، وإذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب » (٤).

والأخرى رواها محمد بن مسلم في الحسن ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا قتل قتيل فلم يوجد إلاّ لحم بلا عظم لم يصل عليه ، فإن وجد عظم بلا لحم صلى‌

__________________

(١) المختلف : (٤٦) ، وتحرير الأحكام ( ١ : ١٧ ).

(٢) الفقيه ( ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٤ ) ، التهذيب ( ٣ : ٣٢٩ ـ ١٠٣٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨١٥ ) أبواب صلاة الجنازة ب (٣٨) ح (٤) ، بتفاوت يسير.

(٣) المعتبر ( ١ : ٣١٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨١٧ ) أبواب صلاة الجنازة ب (٣٨) ح (١٢) ، وفيه : البزنطي عن بعض أصحابنا رفعه.

(٤) الكافي ( ٣ : ٢١٢ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٣٦ ـ ٩٨٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨١٦ ) أبواب صلاة الجنازة ب (٣٨) ح (٦).

٧٣

وإن لم يكن وكان فيه عظم غسل ولفّ في خرقة ودفن ،

______________________________________________________

عليه » (١).

ومقتضى الرواية الأولى أن الباقي جميع عظام الميت ، لأن إضافة الجمع تفيد العموم ، وأن الصلاة إنما تجب على النصف الذي فيه القلب. وظاهر الثانية وجوب الصلاة على مطلق العظم ، ويمكن حملها على الاستحباب.

والأجود : إلحاق عظام الميت به في جميع الأحكام إلاّ الحنوط لعدم ذكره في الخبر ، ووجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب خاصة. وإلحاق ما فيه القلب مطلقا أو الصدر واليدان بذلك ـ كما ذكره في المعتبر (٢) ـ أحوط ، لورود الأمر بالصلاة عليهما في الخبرين الأوليين (٣) وإن ضعف سندهما.

قوله : وإن لم يكن وكان فيه عظم غسل ولف في خرقة ودفن.

هذا الحكم ذكره الشيخان (٤) وأتباعهما (٥). واحتج عليه في الخلاف (٦) بإجماع الفرقة. واعترف جمع من الأصحاب بعدم الوقوف في ذلك على نص. لكن قال جدي ـ قدس‌سره ـ : إنّ نقل الإجماع من الشيخ كاف في ثبوت الحكم ، بل ربما كان أقوى من النص (٧). وهو مناف لما صرح به ـ رحمه‌الله ـ في عدة مواضع من التشنيع على مثل هذا الإجماع والمبالغة في إنكاره. وقد تقدم منا البحث في ذلك مرارا.

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ٢١٢ ـ ٢ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٣٦ ـ ٩٨٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨١٦ ) أبواب صلاة الجنازة ب (٣٨) ح (٨).

(٢) المعتبر ( ١ : ٣١٧ ).

(٣) المتقدمين في ص (٧٣).

(٤) المفيد في المقنعة : (١٣) ، والشيخ في النهاية : (٤٠) ، والمبسوط ( ١ : ١٨٢ ).

(٥) كالقاضي ابن البراج في المهذب ( ١ : ٥٥ ) ، وسلار في المراسم : (٤٦).

(٦) الخلاف ( ١ : ٢٩١ ).

(٧) روض الجنان : (١١٢).

٧٤

وكذا السقط إذا كان له أربعة أشهر فصاعدا.

______________________________________________________

قال في الذكرى : ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر علي بن جعفر (١) ، لصدق العظام على التامة والناقصة (٢). وهو غير جيد ، لما بيناه من وجوب حملها على التامة. على أنه لو سلم تناولها للناقصة لم يتم الاستدلال بها على ما ذكره الشيخان ، لتضمنها وجوب الصلاة وتصريحهما بنفيها.

وظاهر العبارة أنّ الحكم مقصور على المبانة من الميت خاصة ، وبه صرح في المعتبر وقطع بدفن المبانة من الحي بغير غسل محتجا بأنها من جملة لا تغسل ولا تصلى عليها (٣).

واستقرب الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى مساواتها للمبانة من الميت ، وأجاب عن حجة المعتبر بأن الجملة لم يحصل فيها الموت بخلاف القطعة (٤). وهو ضعيف وجوابه قاصر.

قوله : وكذا السقط إذا كان له أربعة أشهر فصاعدا.

أي يجب تغسيله الغسل المعهود ولفّه في خرقة ودفنه. وأوجب الشهيد (٥) ـ رحمه‌الله ـ ومن تأخر عنه (٦) تكفينه بالقطع الثلاث وتحنيطه أيضا.

والمستند في ذلك مرفوعة أحمد بن محمد ، قال : « إذا تم للسقط أربعة أشهر غسل » (٧).

وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن السقط إذا استوت‌

__________________

(١) المتقدم في ص (٧٣).

(٢) الذكرى : (٤٠).

(٣) المعتبر ( ١ : ٣١٩ ).

(٤) الذكرى : (٤٠).

(٥) الذكرى : (٤٠) ، والدروس : (٩).

(٦) منهم الشهيد الثاني في المسالك ( ١ : ١٢ ). والمحقق الثاني في جامع المقاصد ( ١ : ٤٨ ).

(٧) التهذيب ( ١ : ٣٢٨ ـ ٩٦٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٩٥ ) أبواب غسل الميت ب (١٢) ح (٢).

٧٥

وإن لم يكن فيه عظم اقتصر على لفّه في خرقة ودفنه ، وكذا السقط إذا لم تلجه الروح.

______________________________________________________

خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن؟ قال : « نعم كل ذلك يجب إذا استوى » (١).

قال في المعتبر : ولا يطعن على الروايتين بانقطاع سند الاولى وضعف سماعة في طريق الثانية ، لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما (٢). وفيه ما فيه.

ثم لا يخفى أنّ الحكم في الرواية الثانية وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة ، اللهم إلاّ أن يدعى التلازم بين الأمرين ، وإثباته مشكل. ومقتضاها وجوب التكفين بالقطع الثلاثة ، لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق.

أما الصلاة عليه فإنها غير واجبة ولا مستحبة باتفاق علمائنا ، قاله في المعتبر (٣).

قوله : فإن لم يكن فيه عظم اقتصر على لفّه في خرقة ودفنه.

الأظهر عدم وجوب اللف كما اختاره في المعتبر (٤) ، لانتفاء الدليل عليه رأسا.

قوله : وكذا السقط إذا لم تلجه الروح.

أي يجب لفه في خرقة ودفنه. وينبغي أن يكون المرجع في معرفة ذلك إلى قول أهل الخبرة. وذكر الشارح ـ رحمه‌الله ـ أنّ المراد بمن لم تلجه الروح من نقص سنّه عن أربعة أشهر (٥). وهو ظاهر المصنف هنا وفي النافع (٦) وصريح المعتبر ، فإنه قال فيه : ولو كان للسقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان ، وهو مذهب العلماء خلا ابن سيرين ولا عبرة في خلافه ،

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ٢٥٨ ـ ٥ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٩ ـ ٩٦٢ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٩٥ ) أبواب غسل الميت ب (١٢) ح (١).

(٢) المعتبر ( ١ : ٣١٩ ).

(٣) المعتبر ( ١ : ٣١٩ ).

(٤) المعتبر ( ١ : ٣١٩ ).

(٥) المسالك ( ١ : ١٢ ).

(٦) المختصر النافع : (١٥).

٧٦

وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم من النساء دفن بغير غسل ، ولا تقربه الكافرة. وكذا المرأة. وروي أنهم يغسلون وجهها ويديها.

______________________________________________________

لأن المعنى الموجب للغسل وهو الموت مفقود هنا (١). ثم استدل عليه من طريق الأصحاب بما رواه الشيخ عن محمد بن الفضيل ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به؟ قال : « السقط يدفن بدمه في موضعه » (٢). وهذه الرواية مع ضعف سندها خالية من ذكر اللف في الخرقة ، بل الظاهر أنه يدفن مجردا.

قوله : وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم من النساء دفن بغير غسل ، ولا تقربه الكافرة ، وكذا المرأة ، وروي أنهم يغسّلون وجهها ويديها.

قد تقدم البحث في ذلك ، وأنّ الأظهر أنه متى تعذر المماثل والمحرم وجب الدفن بغير غسل ولا تيمم.

وأما الرواية التي أشار إليها المصنف فهي رواية المفضل بن عمر قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ما تقول في امرأة تكون في السفر مع الرجال ليس معهم لها ذو محرم ولا معهم امرأة ، فتموت المرأة ، ما يصنع بها؟ قال : « يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم ، ولا تمس ولا يكشف لها شي‌ء من محاسنها التي أمر الله بستره » قلت : وكيف يصنع بها؟ قال : « يغسل بطن كفيها ، ثم يغسل وجهها ، ثم يغسل ظهر كفيها » (٣) وهي ضعيفة السند جدا ، وفي مقابلها أخبار صحيحة دالة على خلاف ما تضمنته هي (٤) ، فوجب اطراحها رأسا.

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٣٢٠ ).

(٢) الكافي ( ٣ : ٢٠٨ ـ ٦ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٩ ـ ٩٦١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٩٦ ) أبواب غسل الميت ب (١٢) ح (٥).

(٣) الكافي ( ٣ : ١٥٩ ـ ١٣ ) ، الفقيه ( ١ : ٩٥ ـ ٤٣٨ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٤٢ ـ ١٠٠٢ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢٠٢ ـ ٧١٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٠٩ ) أبواب غسل الميت ب (٢٢) ح (١).

(٤) الوسائل ( ٢ : ٧٠٨ ) أبواب غسل الميت ب (٢١).

٧٧

ويجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا ،

______________________________________________________

قوله : ويجب إزالة النجاسة أولا.

أي قبل الشروع في الغسل. وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب بل قال في المنتهى : إنه لا خلاف فيه بين العلماء (١). ويدل عليه روايات منها : قوله عليه‌السلام في رواية الكاهلي : « ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلاث غسلات » (٣).

وفي رواية يونس : « واغسل فرجه وانقه ، ثم اغسل رأسه بالرغوة » (٤).

وقد يناقش في هذا الحكم بأنّ اللازم منه طهارة المحل الواحد من نجاسة دون نجاسة ، وهو غير معقول.

ويجاب بعدم الالتفات إلى هذا الاستبعاد بعد ثبوت الحكم بالنص والإجماع. أو يقال : إنّ النجاسة العارضة إنما تطهر بما يطهر غيرها من النجاسات ، بخلاف نجاسة الموت ، فإنما تزول بالغسل وإن لم يكن مطهرا لغيرها من النجاسات ، فاعتبر إزالتها أولا لتطهّر الميت بالغسل. وهذا أولى مما ذكره في المعتبر من أنّ تقديم الإزالة لئلاّ ينجس ماء الغسل بملاقاتها ، أو لأنه إذا وجب إزالة الحكمية فالعينية أولى (٥).

قال جدي ـ قدس‌سره ـ : وهذا الإشكال منتف على قول السيد المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ لأنه ذهب إلى كون بدن الميت ليس بخبث ، بل الموت عنده من قبيل‌

__________________

(١) المنتهى ( ١ : ٤٢٨ ).

(٢) الحرض : الأشنان ، وهو شجر يستعمل هو أو رماده في غسل الثياب والأيدي ( الإفصاح ١ : ٣٨٧ ).

(٣) الكافي ( ٣ : ١٤٠ ـ ٤ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٨ ـ ٨٧٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨١ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (٥).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٤٢ ـ ٥ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠١ ـ ٨٧٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨٠ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (٣).

(٥) المعتبر ( ١ : ٢٦٤ ).

٧٨

ثم يغسل بماء السدر ، يبدأ برأسه ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر ،

______________________________________________________

الأحداث كالجنابة ، فحينئذ يجب إزالة النجاسة الملاقية لبدن الميت كما إذا لاقت بدن الجنب (١). هذا كلامه ـ رحمه‌الله ـ ، ومقتضاه أنه لا يجب تقديم الإزالة على الشروع في الغسل ، بل يكفي طهارة كل جزء من البدن قبل غسله ، وهو خلاف ما صرحوا به هنا. مع أنّ في تحقق الخلاف في نجاسة بدن الميت نظرا ، فإن المنقول عن المرتضى ـ رحمه‌الله ـ عدم وجوب غسل المس (٢) ، لا عدم نجاسة الميت. بل حكى المصنف في المعتبر عنه في شرح الرسالة التصريح بنجاسته (٣). وعن الشيخ في الخلاف أنه نقل على ذلك إجماع الفرقة (٤). وسيجي‌ء تتمة الكلام فيه إن شاء الله.

قوله : ثم يغسل بماء السدر ، يبدأ برأسه ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر.

مذهب الأصحاب ـ خلا سلاّر (٥) ـ : أنه يجب تغسيل الميت ثلاث غسلات : بماء السدر ، ثم بماء الكافور ، ثم بماء القراح. وحجتهم في ذلك الأخبار المستفيضة عن أئمة الهدى عليهم‌السلام. فمن ذلك ما رواه الحلبي في الحسن ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عورته ، إما قميصا أو غيره ، ثم تبدأ بكفيه وتغسل رأسه ثلاث مرات بالسدر ، ثم سائر جسده ، وابدأ بشقه الأيمن. فإذا أردت أن تغسل فرجه فخذ خرقة نظيفة فلفّها على يدك اليسرى ، ثم ادخل يدك من تحت الثوب الذي على فرج الميت فاغسله من غير أن ترى عورته ، فإذا فرغت من غسله بالسدر فاغسله مرة أخرى بماء وكافور وشي‌ء من حنوط ، ثم اغسله بماء بحت غسلة‌

__________________

(١) روض الجنان : (٩٨).

(٢) في المعتبر ( ١ : ٣٥١ ).

(٣) المعتبر ( ١ : ٣٤٨ ).

(٤) الخلاف ( ١ : ٢٨٣ ).

(٥) المراسم : (٤٧).

٧٩

______________________________________________________

أخرى » (١).

وما رواه ابن مسكان في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الميت فقلت : أغسله بماء وسدر؟ ثم أغسله على أثر ذلك غسلة اخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت؟ وأغسله المرة الثالثة بماء قراح ثلاث غسلات لجسده كله؟ قال : « نعم ». قلت : يكون عليه ثوب إذا غسّل؟ قال : « إن استطعت أن يكون عليه قميص تغسله من تحته » (٢). والأخبار في ذلك كثيرة جدا.

واحتجاج سلار (٣) على وجوب المرة الواحدة بالقراح خاصة بالأصل ، وبقوله عليه‌السلام ـ وقد سئل عن الميت يموت وهو جنب ـ : « يغسل غسلا واحدا » (٤) ضعيف.

والأظهر وجوب الترتيب في الغسلات وبينها. وقول ابن حمزة (٥) باستحباب الترتيب بينها ضعيف.

وذكر جماعة من المتأخرين (٦) أنه يسقط الترتيب في الغسل بغمس الميت في الماء غمسة واحدة ، تعويلا على رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال :

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٣٨ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٩ ـ ٨٧٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨٠ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (٢).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٣٩ ـ ٢ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٠ ـ ٨٧٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨٠ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (١) ، بتفاوت يسير.

(٣) نقل احتجاجه في المختلف : (٤٢) ، والذكرى : (٤٥).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٥٤ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٢ ـ ١٣٨٤ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٩٤ ـ ٦٨٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢١ ) أبواب غسل الميت ب (٣١) ح (١).

(٥) الوسيلة : (٦٤).

(٦) منهم فخر المحققين في إيضاح الفوائد ( ١ : ٦٠ ) ، والشهيد الثاني في المسالك ( ١ : ١٢ ).

٨٠