مدارك الأحكام - ج ٢

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

______________________________________________________

والاقتصار على إيجاب الوضوء خاصة لا يستقيم.

قال في الذكرى : وهذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم‌السلام ، ولكن ما أفتى به الشيخ هو قول العامة ، بناء منهم على أنّ حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير ، فإذا انقطع بقي على ما كان عليه ، ولما كان الأصحاب يوجبون به الغسل فليكن مستمرا (١). هذا كلامه ـ رحمه‌الله. ومحصله أنّ الحدث هو دم الاستحاضة ، فينبغي أن يترتب عليه مسببه ، وضوءا كان أو غسلا. ولو قلنا إنّ المعتبر فيه وقوعه في أوقات (٢) الصلاة وجب اعتباره هنا.

الثاني : لو توضأت ودمها بحاله ، فانقطع بعد الطهارة قبل الدخول في الصلاة ، قال في المبسوط (٣) : استأنفت الوضوء ، لأن دمها حدث وقد زال العذر وظهر حكم الحدث ، ولو انقطع بعد الدخول في الصلاة لم يجب الاستيناف ، لأنها دخلت في الصلاة دخولا مشروعا ولا دليل على إيجاب الخروج. وفي الفرق نظر ، إذ الوجه المقتضي لوجوب الاستئناف في الصورة الأولى موجود في الثانية ، لأن الحدث كما يمنع من ابتداء الدخول في الصلاة يمنع من استدامتها ، والتمسك بالاستصحاب ضعيف كما سبق تقريره مرارا.ومال في المعتبر إلى عدم وجوب الاستئناف مطلقا (٤) ، لأن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه ، فلم يكن مؤثرا في نقضها ، والانقطاع ليس بحدث. وهو متجه.

وما أورده عليه في الذكرى (٥) ، من أنّ العفو عن الدم الخارج بعد الطهارة إنما هو مع‌

__________________

(١) الذكرى : (٣١).

(٢) في « س » و « ح » : في أول أوقات.

(٣) المبسوط ( ١ : ٦٨ ).

(٤) المعتبر ( ١ : ٢٥٠ ).

(٥) الذكرى : (٣١).

٤١

الفصل الرابع : في النفاس

النفاس : دم الولادة ،

______________________________________________________

استمرار الدم لا مع الانقطاع ، مدفوع بعموم الإذن لها في الصلاة بعد الوضوء ، المقتضي للعفو عما يخرج منها من الدم بعد ذلك مطلقا.

الثالث : يجب على المستحاضة الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الإمكان ، كما يدل عليه الأمر في الأخبار بالاحتشاء والاستثفار. وكذا يلزم من به السلس والبطن ، لقوله عليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يقطر منه البول : « يجعل خريطة إذا صلى » (١).

قال في المعتبر : ولا يجب على من به السلس أو جرح لا يرقى أن يغير الشداد عند كل صلاة ، وإن وجب ذلك في المستحاضة ، لاختصاص الاستحاضة بالنقل ، والتعدي قياس (٢).

قوله : النفاس دم الولادة.

النفاس بالكسر : ولادة المرأة ، يقال : نفست المرأة ، ونفست ، بضم النون وفتحها ، وفي الحيض ، بالفتح لا غير ، قاله الهروي في الغريبين (٣).

وهو مأخوذ إما من النفس : وهو الدم أو الولد ، أو من تنفس الرحم بالدم. وقد نقله الفقهاء عن معناه اللغوي إلى معنى آخر ، وهو الدم الخارج من الرحم عقيب الولادة أو معها ، قاله الشيخ في المبسوط والخلاف (٤). وقال المرتضى في المصباح : النفاس هو‌

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٣٥١ ـ ١٠٣٧ ) ، الوسائل ( ١ : ٢١١ ) أبواب نواقض الوضوء ب (١٩) ح (٥).

(٢) المعتبر ( ١ : ٢٥١ ).

(٣) الغريبين « نفس ».

(٤) المبسوط ( ١ : ٦٨ ) ، الخلاف ( ١ : ٧٨ ).

٤٢

______________________________________________________

الدم الذي تراه المرأة عقيب الولادة. ونحوه كلام الشيخ في الجمل (١).

ومقتضى ذلك أنّ الخارج مع الولادة لا يكون نفاسا. وهو بعيد ، لحصول المعنى المشتق منه ، وخروجه بسبب الولادة ، فيتناوله إطلاق النصوص.

قال المصنف في المعتبر بعد إيراد القولين : والتحقيق أنّ ما تراه مع الطلق ليس بنفاس ، وكذا ما تراه عند الولادة قبل خروج الولد ، أما ما يخرج بعد ظهور شي‌ء من الولد فهو نفاس (٢). وكأنه ـ رحمه‌الله ـ أراد بذلك رفع الخلاف ، وبه صرح في المختلف فإنه قال : والظاهر أنه لا منافاة بينهما ، فإن كلام الشيخ في الجمل محمول على الغالب ، لا أنّ النفاس يجب أن يكون عقيب الولادة (٣). وهو حسن.

وتصدق الولادة بخروج جزء مما يعدّ آدميا ، أو مبدأ نشوء آدمي ، ولو كان مضغة مع اليقين ، على ما قطع به المصنف وغيره. أما العلقة والنطفة فقد قطع المصنف في المعتبر (٤) ، والعلامة في المنتهى (٥) بعدم ترتب الحكم عليهما.

وقال في الذكرى : إنه لو فرض العلم بكونه مبدأ نشوء إنسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا (٦). وتوقف فيه بعض المحققين ، لانتفاء التسمية (٧). واعترضه جدي : بأنّه لا وجه للتوقف بعد فرض العلم (٨). وفيه : إنّ منشأ التوقف عدم صدق الولادة عرفا ، وإن علم أنه علقة ، فالتوقف في محله.

__________________

(١) الجمل والعقود « الرسائل العشر » : (١٦٥).

(٢) المعتبر ( ١ : ٢٥٢ ).

(٣) المختلف : (٤١).

(٤) المعتبر ( ١ : ٢٥٢ ).

(٥) منتهى المطلب ( ١ : ١٢٣ ).

(٦) الذكرى : (٣٣).

(٧) منهم المحقق الكركي في جامع المقاصد ( ١ : ٤٧ ).

(٨) روض الجنان : (٨٨).

٤٣

وليس لقليله حدّ ، فجائز أن يكون لحظة واحدة. ولو ولدت ولم تر دما لم يكن لها نفاس. ولو رأت قبل الولادة كان طهرا.

______________________________________________________

قوله : وليس لقليله حدّ ، فجائز أن يكون لحظة واحدة.

هذا مذهب علمائنا وأكثر العامة ، لأن الشرع لم يقدره ، فيرجع فيه إلى الوجود ، ولما رواه علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه‌السلام ، إنه سأله عن النفساء ، قال : « تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط » (١).

قوله : ولو ولدت ولم تر دما لم يكن لها نفاس.

المراد أنها لم تر دما في الأيام المحكوم بكون الدم الموجود فيها نفاسا. وقد أجمع الأصحاب على أنّ النفاس لا يكون إلاّ مع الدم ، لأصالة البراءة مما لم يقم دليل على ثبوته.

وخالف في ذلك بعض العامة ، فأوجب الغسل بخروج الولد (٢) ، وجعله بعضهم حدثا أصغر (٣). وكلاهما باطل ، لأنه إيجاب شي‌ء لا دليل عليه. وحكى المصنف في المعتبر : أنّ امرأة ولدت على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم تر دما ، فسمّيت الجفوف (٤).

قوله : ولو رأت قبل الولادة كان طهرا.

لأنه ليس بنفاس إجماعا ، ولا حيض عند المصنف ومن قال بمقالته (٥). وعلى ما اخترناه يجب الحكم بكونه حيضا مع إمكانه.

وفي اشتراط تخلّل أقل الطهر بينه وبين النفاس قولان ، أظهرهما : العدم ، وهو خيرة‌

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ١٧٤ ـ ٤٩٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٥ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٦).

(٢) منهم الزهري في السراج الوهاج : (٣٣).

(٣) منهم المرداوي في الإنصاف ( ١ : ٣٨٦ ).

(٤) المعتبر ( ١ : ٢٥٣ ).

(٥) أي : من قال بعدم اجتماع الحيض مع الحمل.

٤٤

وأكثر النفاس عشرة أيام على الأظهر.

______________________________________________________

العلامة في التذكرة والمنتهى (١).

قوله : وأكثر النفاس عشرة أيام على الأظهر.

اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فقال الشيخ في النهاية : ولا يجوز لها ترك الصلاة ولا الصوم إلاّ في الأيام التي كانت تعتاد فيها الحيض ـ ثم قال بعد ذلك ـ : ولا يكون حكم نفاسها أكثر من عشرة أيام (٢) ، ونحوه قال في الجمل والمبسوط (٣).

وقال المفيد ـ رحمه‌الله ـ في المقنعة : وأكثر النفاس ثمانية عشر يوما ـ ثم قال ـ : وقد جاءت الأخبار المعتمدة أن أقصى مدة النفاس عشرة أيام ، وعليها أعمل لوضوحها عندي (٤).

وقال المرتضى : أكثر أيام النفاس ثمانية عشر يوما (٥). وهو اختيار ابن الجنيد (٦) ، وابن بابويه في كتابه (٧). وقال ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك (٨) : أيامها عند آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيام حيضها ، وأكثره أحد وعشرون يوما ، فإن انقطع دمها في تمام حيضها صلّت وصامت ، وإن لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما ، ثم استظهرت‌

__________________

(١) التذكرة ( ١ : ٣٦ ) ، ومنتهى المطلب ( ١ : ٩٧ ).

(٢) النهاية : (٢٩).

(٣) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : (١٦٥) ، المبسوط ( ١ : ٦٩ ).

(٤) المقنعة : (٧).

(٥) الانتصار : (٣٥).

(٦) نقله عنه في المختلف : (٤١).

(٧) الفقيه ( ١ : ٥٥ ).

(٨) قال في رجال النجاشي : ( ٤٨ ـ ١٠٠ ) في معرض ترجمة ابن أبي عقيل ما نصه : الحسن بن علي بن أبي عقيل : أبو محمد العماني الحذاء ، فقيه متكلم ثقة له كتب في الفقه والكلام منها : كتاب المتمسك بحبل آل الرسول كتاب مشهور في الطائفة ، وقيل ما ورد حاج من خراسان إلا طلب واشتري منه نسخ.

٤٥

______________________________________________________

بيوم أو يومين. وإن كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت (١).

وذهب جماعة منهم : العلامة في جملة من كتبه (٢) ، والشهيد في الذكرى (٣) إلى أنّ ذات العادة المستقرة في الحيض تتنفس بقدر عادتها ، والمبتدئة بعشرة أيام. واختار في المختلف أنّ ذات العادة ترجع إلى عادتها ، والمبتدئة تصبر ثمانية عشر يوما (٤).

والأخبار الواردة في هذه المسألة (٥) مختلفة جدا على وجه يشكل الجمع بينها ، فمنها : ما يدل على أن أيام النفاس هي أيام الحيض ، وهي كثيرة ، فمن ذلك : ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : « النفساء تكفّ عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ، ثم تغتسل كما تغتسل المستحاضة » (٦).

وفي الصحيح أيضا عن زرارة قال ، قلت له : النفساء متى تصلي؟ قال : « تقعد بقدر حيضها ، وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت » (٧).

وفي الحسن عن الفضيل بن يسار وزرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « النفساء تكفّ عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها ، ثم تغتسل وتعمل كما‌

__________________

(١) نقله عنه في المعتبر ( ١ : ٢٥٣ ).

(٢) المختلف : (٤١) ، والقواعد ( ١ : ١٦ ).

(٣) الذكرى : (٣٣).

(٤) المختلف : (٤١).

(٥) الوسائل ( ٢ : ٦١١ ) أبواب النفاس ب (٣).

(٦) التهذيب ( ١ : ١٧٣ ـ ٤٩٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١١ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١).

(٧) الكافي ( ٣ : ٩٩ ـ ٤ ) ، التهذيب ( ١ : ١٧٣ ـ ٤٩٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٦ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (٢).

٤٦

______________________________________________________

تعمله المستحاضة » (١).

وفي الصحيح ، عن يونس بن يعقوب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « النفساء تجلس أيام حيضها التي كانت تحيض ، ثم تستظهر وتغتسل وتصلي » (٢).

وعن مالك بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم؟ قال : « نعم إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر عدة أيام حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها ، يأمرها فتغتسل ثم يغشاها إن أحب » (٣).

قال الشيخ في التهذيب والاستبصار : وقد روينا عن ابن سنان أن أيام النفاس مثل أيام الحيض (٤). ولم نقف على هذه الرواية في الكتابين.

ومنها : ما يدل على أنّ أيام النفاس ثمانية عشر يوما كصحيحة محمد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كم تقعد النفساء حتى تصلّي؟ قال : « ثماني عشرة سبع عشرة ، ثم تغتسل وتحتشي وتصلي » (٥).

وصحيحة أخرى له أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن النفساء‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ٩٧ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ١٧٥ ـ ٤٩٩ ) ، الاستبصار ( ١ : ١٥٠ ـ ٥١٩ ) ، وفي الوسائل ( ٢ : ٦١١ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١) ( بتفاوت في المتن ).

(٢) الكافي ( ٣ : ٩٩ ـ ٥ ) ، التهذيب ( ١ : ١٧٥ ـ ٥٠٠ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٠ ـ ٥٢٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٣ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (٨).

(٣) التهذيب ( ١ : ١٧٦ ـ ٥٠٥ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٢ ـ ٥٢٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٢ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (٤).

(٤) التهذيب ( ١ : ١٧٨ ) ، والاستبصار ( ١ : ١٥٣ ).

(٥) التهذيب ( ١ : ١٧٧ ـ ٥٠٨ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٢ ـ ٥٢٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٤ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٢).

٤٧

______________________________________________________

كم تقعد؟ فقال : « إن أسماء بنت عميس أمرها رسول الله أن تغتسل لثمان عشرة ، ولا بأس أن تستظهر بيومين » (١).

وصحيحة ابن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « تقعد النفساء تسع عشرة ليلة ، فإن رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة » (٢).

وأجاب المصنف في المعتبر عن هذه الروايات وما في معناها : بأنها لا تصلح لمعارضة الأخبار المتضمنة للرجوع إلى العادة ، لأنها أكثر ، والكثرة أمارة الرجحان ، ولأن العمل بها أحوط للعبادة ، وأشبه بمقتضى الدليل (٣). وهو حسن.

وأجاب عنها الشيخ في كتابي (٤) الأخبار بوجوه أقربها الحمل على التقية.

ويمكن الجمع بينهما أيضا بحمل الأخبار الواردة بالثمانية عشر على المبتدئة كما اختاره في المختلف (٥) ، أو بالتخيير بين الغسل بعد انقضاء العادة والصبر إلى انقضاء الثمانية عشر.

وكيف كان ، فلا ريب في أن للمعتادة الرجوع إلى العادة ، لاستفاضة الروايات الواردة بذلك وصراحتها. وإنما يحصل التردد في المبتدئة خاصة من الروايات الواردة بالثمانية عشر ، ومن أن مقتضى رجوع المعتادة إلى العادة كون النفاس حيضا في المعنى ، فيكون أقصاه عشرة ، وطريق الاحتياط بالنسبة إليها واضح.

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ١٧٨ ـ ٥١١ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٣ ـ ٥٣١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٥ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٥) ، ( بتفاوت يسير ).

(٢) التهذيب ( ١ : ١٧٧ ـ ٥١٠ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٢ ـ ٥٣٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٥ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٤).

(٣) المعتبر ( ١ : ٢٥٤ ).

(٤) التهذيب ( ١ : ١٧٨ ) ، والاستبصار ( ١ : ١٥٣ ).

(٥) المختلف : (٤١).

٤٨

ولو كانت حاملا باثنين وتراخت ولادة أحدهما كان ابتداء نفاسها من الأول ، وعدد أيامها من وضع الأخير.

______________________________________________________

وقد ورد في المسألة روايات أخر دالة على اعتبار ما زاد على ذلك كصحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « تقعد النفساء إذا لم ينقطع عنها الدم ثلاثين أربعين يوما إلى خمسين يوما » (١).

وصحيحة علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الماضي عن النفساء وكم يجب عليها ترك الصلاة؟ قال : « تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلاثين يوما ، فإذا رقّ وكانت صفرة اغتسلت وصلّت إن شاء الله » (٢).

وأجاب عنها الشيخ في كتابي الأخبار بالحمل على التقية (٣) ، وهو حسن.

وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه : والأخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن تطهر معلولة كلها ، وردت للتقية ، لا يفتي بها إلا أهل الخلاف (٤).

قوله : ولو كانت حاملا باثنين وتأخرت ولادة أحدهما كان ابتداء نفاسها من وضع الأول ، وعدد أيامها من وضع الأخير.

الظاهر أن ما تراه المرأة من الدم بعد الولادة كل منهما يحكم بكونه نفاسا مستقلا لتعدد العلة فيعطى كل نفاس حكمه ، فتكون نفساء من وضع الأول ، ومع ولادة الثاني يتحقق لها نفاس آخر فيعتبر العدد من وضعه. ويمكن تخلل الطهر بينهما كما إذا كانت ولادة الثاني بعد مضي أكثر النفاس من وضع الأول ، وإن كان بعيدا.

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ١٧٧ ـ ٥٠٩ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٥٢ ـ ٥٢٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٤ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٣).

(٢) التهذيب ( ١ : ١٧٤ ـ ٤٩٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦١٥ ) أبواب النفاس ب (٣) ح (١٦).

(٣) التهذيب ( ١ : ١٧٨ ) ، والاستبصار ( ١ : ١٥٣ ).

(٤) الفقيه ( ١ : ٥٦ ).

٤٩

ولو ولدت ولم تر دما ثم رأت في العاشر كان ذلك نفاسا.

ولو رأت عقيب الولادة ثم طهرت ثم رأت العاشر أو قبله كان الدمان وما بينهما نفاسا.

ويحرم على النفساء ما يحرم على الحائض ، وكذا ما يكره لها.

______________________________________________________

قوله : ولو لم تر دما ثم رأت في العاشر كان ذلك نفاسا.

هذا التفريع جيد على ما ذهب إليه المصنف من اعتبار العشرة مطلقا ، والمتجه تفريعا على ما اخترناه تقييدها بما إذا كانت عادتها عشرة أو دونها وانقطع على العاشر على ما ذكره المصنف (١) وغيره (٢).

واعلم ، أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، وهو محل إشكال ، لعدم العلم بإسناد هذا الدم إلى الولادة ، وعدم ثبوت الإضافة إليها عرفا.

قوله : ويحرم على النفساء ما يحرم على الحائض.

هذا مذهب الأصحاب ، بل قال في المعتبر : إنه مذهب أهل العلم كافة (٣). ولعله الحجة ، وذكر جمع من الأصحاب (٤) أن النفساء كالحائض في جميع الأحكام ، واستثنى من ذلك أمور :

الأول : الأقل ، إجماعا.

الثاني : الأكثر ، فإن في أكثر النفاس خلافا مشهورا بخلاف الحيض.

الثالث : إن الحيض قد يدل على البلوغ بخلاف النفاس.

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٢٥٦ ).

(٢) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : (٩١).

(٣) المعتبر ( ١ : ٢٥٧ ).

(٤) منهم ابن إدريس في السرائر : (٣٠) ، والشهيد الثاني في روض الجنان : (٩٠) ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ( ١ : ١٧٠ ).

٥٠

ولا يصحّ طلاقها. وغسلها كغسل الحائض سواء.

______________________________________________________

الرابع : انقضاء العدة بالحيض دون النفاس غالبا ، ولو حملت من زنا ورأت قرائن في زمان الحمل حسب النفاس قرءا آخر وانقضت العدة به.

الخامس : أنه لا يشترط في النفاسين مضي أقل الطهر كما في التوأمين بخلاف الحيض.

السادس : أن النفساء لا ترجع إلى عادتها في النفاس ولا إلى عادة نسائها بخلاف الحيض.

قوله : وغسلها كغسل الحائض سواء.

هذا مذهب العلماء كافة قاله في المعتبر (١) ، ويدل عليه إطلاق الأمر بالغسل ، والكلام في اكتفائها بالغسل عن الوضوء كما تقدم في غسل الحيض (٢).

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٢٥٧ ).

(٢) في ج ( ١ ( ص ) ٢٥٦ ).

٥١

الفصل الخامس

في أحكام الأموات

وهي خمسة :

الأول : في الاحتضار

ويجب فيه توجيه الميت إلى القبلة ، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إلى القبلة.

______________________________________________________

قوله : الفصل الخامس في أحكام الأموات ، وهي خمسة ، الأول : الاحتضار.

الاحتضار : هو السوق ـ أعاننا الله عليه وثبتنا بالقول الصادق لديه ـ سمّي به إما لحضور الملائكة عنده ، أو لحضور أهله وأقاربه ، أو لحضور المؤمنين عنده ليشيعوه ، أو لاستحضاره عقله كما ورد في الحديث (١).

قوله : ويجب فيه توجيه الميت إلى القبلة ، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، قال جدّي ـ رحمه‌الله ـ : ومستنده من الأخبار السليمة سندا ومتنا ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ـ رحمه‌الله ـ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا‌

__________________

(١) الفقيه ( ١ : ٧٩ ـ ٧ ) ، علل الشرائع : ( ٢٩٧ ـ ١ ) ، ثواب الأعمال : (٢٣١) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٢ ) أبواب الاحتضار ب (٣٥) ح (٦).

٥٢

______________________________________________________

غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ، فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة » (١) وأما غيره من الأخبار التي استدل بها على الوجوب فلا يخلو من شي‌ء إما في السند أو الدلالة (٢). هذا كلامه ـ رحمه‌الله.

ويمكن المناقشة في هذه الرواية من حيث السند بإبراهيم بن هاشم حيث لم ينص علماؤنا على توثيقه ، وبأن راويها وهو سليمان بن خالد في توثيقه كلام (٣). ومن حيث المتن بأنّ المتبادر منها أنّ التسجية تجاه القبلة إنما يكون بعد الموت لا قبله ، ومن ثم ذهب جمع من الأصحاب (٤) منهم المصنف في المعتبر (٥) إلى الاستحباب ، استضعافا لأدلة الوجوب ، وهو متجه.

وكيفية التوجيه ما ذكره المصنف ـ رحمه‌الله ـ من أنه يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس لكان مستقبلا ، وقد ورد بذلك روايات كثيرة : منها : رواية سليمان بن خالد المتقدمة. وما رواه الشيخ عن إبراهيم الشعيري ، عن غير واحد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في توجيه الميت قال : « تستقبل بوجهه القبلة‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٢٧ ـ ٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦١ ) أبواب الاحتضار ب (٣٥) ح (٢) ورواها في التهذيب ( ١ : ٢٨٦ ـ ٨٣٥ ). إلا أنّ فيها : مستقبلا بباطن.

(٢) روض الجنان : (٩٣).

(٣) لعل منشأ هذا الكلام عنده هو ما رواه الكشي في اختيار معرفة الرجال ( ٢ : ٦٤١ ـ ٦٦٢ ). ولأن أبا داود ذكره في قسم الضعفاء في كتاب الرجال : ( ٢٤٨ ـ ٢٢١ ).

(٤) منهم الشيخ في الخلاف ( ١ : ٢٧٩ ) ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ( ١ : ١٧٣ ).

(٥) المعتبر ( ١ : ٢٥٨ ).

٥٣

وهو فرض كفاية ، وقيل : هو مستحب.

______________________________________________________

وتجعل قدميه مما يلي القبلة » (١).

ويسقط الاستقبال به مع اشتباه القبلة ، لعدم إمكان توجيهه في حالة واحدة إلى الجهات المختلفة.

وهل يسقط بالموت أو يجب دوام الاستقبال به حيث يمكن؟ يحتمل الأول ، لصدق الامتثال ، وأصالة البراءة من الزائد. والثاني ، لإطلاق رواية سليمان بن خالد المتقدمة وغيرها من الأخبار (٢).

وقال في الذكرى : إنّ ظاهر الأخبار سقوط الاستقبال بموته ، وأنّ الواجب أن يموت إلى القبلة ، قال : وفي بعضها احتمال دوام الاستقبال ، ونبّه عليه ذكره حالة الغسل ووجوبه حال الصلاة والدفن ، وإن اختلفت الهيئة عندنا (٣).

ولم أقف على ما ذكره ـ رحمه‌الله ـ من الأخبار المتضمنة للسقوط. وكيف كان فالأولى دوام الاستقبال به ، وينبغي أن يكون كحالة الاحتضار ، لأنه المستفاد من الروايات المتضمنة لذلك.

قوله : وهو فرض على الكفاية.

اعلم : أنّ غرض الشارع قد يتعلق بتحصيل الفعل من كل واحد من المكلفين بعينه ،

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٢٦ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٨٥ ـ ٨٣٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٢ ) أبواب الاحتضار ب (٣٥) ح (٣).

(٢) الوسائل ( ٢ : ٦٦١ ) أبواب الاحتضار ب (٣٥).

(٣) الذكرى : (٣٧) ، وذكر هيئته حال الصلاة والدفن في ص ( ٦١ ، ٦٤ ).

٥٤

ويستحب تلقينه الشهادتين ، والإقرار بالنبي والأئمة عليهم‌السلام ، وكلمات الفرج ،

______________________________________________________

ويسمى وجوبا على الأعيان كالصلاة والصوم ، وقد يتعلق بتحصيله لا من مباشر معيّن ، ويسمى وجوبا على الكفاية. وهل يجب على الجميع ويسقط بفعل البعض أو يجب على البعض خاصة؟ قيل بالأول (١) ، لأن الجميع إذا تركوه يأثمون ، وقيل بالثاني ، لأنه لو وجب على الجميع لما سقط بفعل البعض ، وتحقيق المسألة في الأصول. والظاهر بقاء الوجوب إلى أن يثبت وقوع الفعل شرعا ، وربما قيل بسقوطه بظن قيام الغير به مطلقا (٢) ، وهو ضعيف.

قوله : ويستحب تلقينه الشهادتين والإقرار بالنبي والأئمة عليهم‌السلام.

لا يخفى أن تلقينه الإقرار بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العبارة مكرر ، لأنه داخل في تلقينه الشهادتين. ويدل على هذا الحكم روايات : منها : ما رواه الحلبي في الحسن ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقنه شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله » (٣).

وفي خبر أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلاّ الله والولاية » (٤).

قوله : وكلمات الفرج.

__________________

(١) كما في المنتهى ( ١ : ٤٤٣ ).

(٢) كما في معارج الأصول : (٧٥) ، ومبادئ الأصول : (١١١).

(٣) الكافي ( ٣ : ١٢١ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٨٦ ـ ٨٣٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٢ ) أبواب الاحتضار ب (٣٦) ح (١).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٢٣ ـ ٥ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٨٧ ـ ٨٣٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٥ ) أبواب الاحتضار ب (٣٧) ح (٢).

٥٥

ونقله إلى مصلاه ،

______________________________________________________

روى زرارة في الحسن ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إذا أدركت الرجل عند‌النزع فلقّنه كلمات الفرج : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ، ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين » (١).

ويستحب للمحتضر متابعة الملقّن في ذلك ، لما رواه الحلبي في الحسن ، عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قل ذلك ، يعني هذه الكلمات فقالها ، فقال رسول الله : الحمد لله الذي استنقذه من النار » (٢).

ويستحب للمحتضر أن يقول : اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك ، واقبل مني اليسير من طاعتك ، وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إذا حضرتم ميتا فقولوا له هذا الكلام ليقوله » (٣).

وليكن آخر كلامه : لا إله إلا الله ، فقد روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة » (٤).

قوله : ونقله إلى مصلاه.

وهو الموضع الذي كان يكثر الصلاة فيه أو عليه ، وإنما يستحب ذلك إذا تعسّر عليه الموت واشتد به النزع لا مطلقا ، لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح ، عن الصادق عليه‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٢٢ ـ ٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٨٨ ـ ٨٣٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٦ ) أبواب الاحتضار ب (٣٨) ح (١).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٢٤ ـ ٩ ) ، الفقيه ( ١ : ٧٧ ـ ٣٤٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٦ ) أبواب الاحتضار ب (٣٨) ح (٢) بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ( ٣ : ١٢٤ ـ ١٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٧ ) أبواب الاحتضار ب (٣٩) ح (١).

(٤) الفقيه ( ١ : ٧٨ ـ ٣٤٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٤ ) أبواب الاحتضار ب (٣٦) ح (٦).

٥٦

ويكون عنده مصباح إن مات ليلا ، ومن يقرأ القرآن. وإذا مات غمّضت عيناه ، وأطبق فوه ،

______________________________________________________

السلام ، قال : « إذا عسر على الميت موته ونزعه قرّب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه » (١).

وما رواه زرارة في الحسن ، قال : « إذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه » (٢).

قوله : ويكون عنده مصباح ان مات ليلا.

ذكره الشيخان (٣) ، واستدل عليه في التهذيب بما روي أنه لما قبض أبو جعفر عليه‌السلام أمر أبو عبد الله عليه‌السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليه‌السلام (٤).

واعترضه المحقق الشيخ علي ـ رحمه‌الله ـ بأنّ ما دل عليه الحديث غير المدعى ، قال : إلاّ أن اشتهار الحكم بينهم كاف في ثبوته ، للتسامح في أدلة السنن (٥).

وقد يقال : إنّ ما تضمنه الحديث يندرج فيه المدعى ، أو يقال : إنّ استحباب ذلك يقتضي استحباب الإسراج عند الميت بطريق أولى ، فالدلالة واضحة ، لكن السند ضعيف جدا.

قوله : وإذا مات غمّضت عيناه ، وأطبق فوه.

لئلا يقبح منظره ، ولرواية أبي كهمش ، قال : حضرت موت إسماعيل بن جعفر‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٢٥ ـ ٢ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٢٧ ـ ١٣٥٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٩ ) أبواب الاحتضار ب (٤٠) ح (١).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٢٦ ـ ٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٢٧ ـ ١٣٥٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٦٩ ) أبواب الاحتضار ب (٤٠) ح (٢).

(٣) المفيد في المقنعة : (١١) ، والشيخ في النهاية : (٣٠).

(٤) التهذيب ( ١ : ٢٨٩ ـ ٨٤٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٧٣ ) أبواب الاحتضار ب (٤٥) ح (١).

(٥) جامع المقاصد ( ١ : ٤٨ ).

٥٧

ومدّت يداه إلى جنبيه ، وغطي بثوب. ويعجّل تجهيزه إلا أن يكون حاله مشتبهة ، فيستبرأ بعلامات الموت ، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.

ويكره أن يطرح على بطنه حديد ،

______________________________________________________

عليه‌السلام وأبوه جالس عنده فلما حضره الموت شدّ لحييه ، وغمّضه ، وغطى عليه الملحفة (١).

قوله : ومدّت يداه إلى جنبيه.

ذكره الأصحاب ، قال في المعتبر : ولا أعرف فيه نقلا عن أئمتنا عليهم‌السلام ، لكن ليكون أطوع للغاسل وأسهل للإدراج (٢).

قوله : ويعجّل تجهيزه.

لا خلاف في استحباب التعجيل ، وقد روى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر الناس لا ألفينّ رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل ، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها ، عجّلوا بهم إلى مضاجعهم رحمكم الله تعالى ، قال الناس : وأنت يا رسول الله يرحمك الله » (٣).

وهذا في غير من اشتبه موته ، أما من اشتبه فيجب التربص به إلى أن يتحقق موته ، وقد ذكر من علاماته : انخساف صدغيه ، وميل أنفه ، وامتداد جلدة وجهه ، وانخلاع كفه من ذراعه ، واسترخاء قدميه ، إلى غير ذلك من العلامات.

قوله : ويكره أن يطرح على بطنه حديد.

ذكره المفيد ـ رحمه‌الله ـ (٤) ، وقال الشيخ في التهذيب : سمعنا ذلك مذاكرة من‌

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٢٨٩ ـ ٨٤٢ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٧٢ ) أبواب الاحتضار ب (٤٤) ح (٣).

(٢) المعتبر ( ١ : ٢٦١ ).

(٣) الكافي ( ٣ : ١٣٧ ـ ١ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٥ ـ ٣٨٩ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٢٧ ـ ١٣٥٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٧٤ ) أبواب الاحتضار ب (٤٧) ح (١).

(٤) المقنعة : (١١).

٥٨

وأن يحضره جنب أو حائض.

الثاني : في التغسيل

وهو فرض على الكفاية ، وكذا تكفينه ودفنه والصلاة عليه. وأولى الناس به أولاهم بميراثه.

______________________________________________________

الشيوخ رحمهم‌الله (١).

قوله : وأن يحضره جنب أو حائض.

قال المصنف في المعتبر : إنما أخرنا هذا الحكم وهو متقدم في الترتيب ، لما وضعنا عليه قاعدة الكتاب من البدأة في كل قسم بالواجب ، واتباعه بالندب ، وتأخر المكروه ، فاقتضى ذلك تأخير هذا الحكم ، وبكراهة ذلك قال أهل العلم (٢).

ويدل عليه روايات ، منها : رواية يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا تحضر الحائض الميت ولا الجنب عند التلقين ، ولا بأس أن يليا غسله » (٣) وعلل في بعض الأخبار بأنّ الملائكة تتأذى بذلك (٤).

قوله : الثاني ، التغسيل ، وهو فرض على الكفاية وأولى الناس به أولاهم بميراثه.

المراد أنّ من يرث أولى ممن لا يرث ، فالطبقة الاولى متقدمة على الثانية وهكذا ، ويمكن أن يراد بالأولوية في الميراث كثرة النصيب فيه ، إذ يصدق على الأكثر نصيبا أنه أولى بالميراث ، لكن لم يعتبر الأصحاب ذلك كما سيجي‌ء تحقيقه.

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٢٩٠ ).

(٢) المعتبر ( ١ : ٢٦٣ ).

(٣) التهذيب ( ١ : ٤٢٨ ـ ١٣٦٢ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٧١ ) أبواب الاحتضار ب (٤٣) ح (٢).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٣٨ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٢٨ ـ ١٣٦١ ) ، قرب الإسناد : (١٢٩) ، علل الشرائع : ( ٢٩٨ ـ ١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٧١ ) أبواب الاحتضار ب (٤٣) ح ( ١ ، ٣ ).

٥٩

وإذا كان الأولياء رجالا ونساء فالرجال أولى ، والزوج أولى بالمرأة من كل أحد في أحكامه كلّها.

______________________________________________________

والأصل في هذه المسألة رواية غياث بن إبراهيم الرزامي ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : « يغسل الميت أولى الناس به » (١) وهي مع ضعف سندها غير دالة على أنّ المراد بالأولوية الأولوية في الميراث ، ولا يبعد أن يراد بالأولى بالميت هنا أشد الناس به علاقة ، لأنه المتبادر ، والمسألة محل توقف.

قوله : وإذا كان الأولياء رجالا ونساء فالرجال أولى.

إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في هذا الحكم بين كون الميت رجلا أو امرأة ، وبهذا التعميم جزم المتأخرون ، وذكروا أنه لو كان الميت امرأة لا يمكن الولي الذكر مباشرة تغسيلها أذن للمماثل ، فلا يصح فعله بدون ذلك. وقيل : إن ذلك مخصوص بالرجل ، أما النساء فالنساء أولى بغسلهن (٢). ورده جدي ـ رحمه‌الله ـ بعدم ثبوت مستنده (٣).

وقد يقال : إنّ الرواية المتقدمة التي هي الأصل في هذا الحكم إنما تتناول من يمكن وقوع الغسل منه ، ومتى انتفت دلالتها على العموم وجب الرجوع في غير ما تضمنته إلى الأصل والعمومات.

قوله : والزوج أولى بالمرأة من كل أحد في أحكامها كلّها.

المستند في ذلك ما رواه الشيخ في الموثق ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الزوج أحق بالمرأة حتى يضعها في قبرها » (٤).

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٤٣١ ـ ١٣٧٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٨ ) أبواب غسل الميت ب (٢٦) ح (١).

(٢) كما في جامع المقاصد ( ١ : ٤٩ ، ٥٦ ).

(٣) روض الجنان : (٩٦).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٩٤ ـ ٦ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٥ ـ ٩٤٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧١٥ ) أبواب غسل الميت ب (٢٤) ح (٩).

٦٠