مدارك الأحكام - ج ٢

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٢

وخرقة لفخذيه ، يكون طولها ثلاثة أذرع ونصفا في عرض شبر تقريبا ، ويشدّ طرفاها على حقويه ، ويلف بما استرسل منها فخذاه لفّا شديدا ، بعد أن يجعل بين إليتيه شي‌ء من القطن ، وإن خشي خروج شي‌ء فلا بأس أن يحشى في دبره ،

______________________________________________________

صرح ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك على ما نقل عنه فإنه قال : السنة في اللفافة أن تكون حبرة يمانية ، فإن أعوزهم فثوب بياض (١). وقريب منه عبارة أبي الصلاح فإنه قال : الأفضل أن تكون اللفافة ثلاثا إحداهن حبرة يمانية (٢). وهذا هو المعتمد.

قال في المعتبر : وإنما شرطنا أن لا يكون مطرزة بالذهب ولا الحرير ، لأنه تضييع غير مأذون فيه ، وقد ذكر الفتوى بذلك الشيخ في المبسوط والنهاية (٣).

قوله : وخرقة لفخذيه يكون طولها ثلاثة أذرع ونصفا في عرض شبر تقريبا ، فيشدّ طرفاها على حقويه ، ويلف بما استرسل منها فخذاه لفّا شديدا ، بعد أن يجعل بين إليتيه شي‌ء من القطن ، وإن خشي خروج شي‌ء فلا بأس أن يحشى في دبره قطنا.

هذه الخرقة تسمّى الخامسة (٤) ، وقد قطع الأصحاب باستحبابها ، والمستند فيها ما رواه الشيخ ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الميت يكفن في ثلاثة ، سوى العمامة والخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شي‌ء ، والخرقة والعمامة لا بد منهما وليستا من الكفن » (٥).

__________________

(١) نقله عنه في الذكرى : (٤٨).

(٢) الكافي في الفقه : (٢٣٧).

(٣) المعتبر ( ١ : ٢٨٢ ) ، وفيه : تصنيع بدل تضييع.

(٤) الجواهر ( ٤ : ٢٠٢ ). لأنها خامسة الأكفان المشتركة بين الرجل والمرأة.

(٥) الكافي ( ٣ : ١٤٤ ـ ٦ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٣ ـ ٨٥٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٨ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (١٢).

١٠١

وعمامة يعمّم بها محنّكا ، يلف رأسه بها لفا ويخرج طرفاها من تحت الحنك ، ويلقيان على صدره.

______________________________________________________

وعن يونس عنهم عليهم‌السلام ، قال : « واحش القطن في دبره ، لئلا يخرج منه شي‌ء ، وخذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدها من حقويه ، وضمّ فخذيه ضمّا شديدا ولفها في فخذيه ، ثم اخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن وأغمزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة ، وتكون الخرقة طويلة ، تلفّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا » (١).

وعن عبد الله الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ثم أذفره بالخرقة ويكون تحتها القطن تذفره بها إذفارا قطنا كثيرا ، ثم تشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا حتى لا يخاف أن يظهر شي‌ء » (٢).

وهذه الروايات وإن كانت ما بين ضعيف ومرسل إلاّ أنها مؤيّدة بعمل الأصحاب ، فلا تقصر عن إثبات حكم مستحب. وقد ظهر من مجموعها أنّ صورة وضع هذه الخرقة أن يربط أحد طرفيها في وسط الميت إما بأن يشق رأسها ، أو بأن يجعل فيها خيط ونحوه ، ثم يدخل الخرقة بين فخذيه ، ويضم بها عورته ضما شديدا ويخرجها من تحت الشداد الذي على وسطه ، ثم يلف حقويه وفخذيه بما بقي لفا شديدا ، فإذا انتهت فأدخل طرفها تحت الجزء الذي انتهت عنده منها.

قوله : وعمامة يعمّم بها محنّكا ، يلف رأسه بها لفا ، ويخرج طرفاها من تحت الحنك ، ويلقيان على صدره.

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٤١ ـ ٥ ) ، التهديب ( ١ : ٣٠١ ـ ٨٧٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨٠ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (٣).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٤٠ ـ ٤ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٨ ـ ٨٧٣ ) ، الوسائل ( ٢ : ٦٨١ ) أبواب غسل الميت ب (٢) ح (٥) ، بتفاوت يسير.

١٠٢

______________________________________________________

أما استحباب العمامة للميت ، فقال في المعتبر : إنه متفق عليه بين الأصحاب (١). وهو مروي في عدة أخبار كحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « وعممه بعد بعمامة ، وليس تعدّ العمامة من الكفن ، إنّما يعدّ ما يلفّ به الجسد » (٢).

وصحيحة زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : العمامة للميت من الكفن هي؟ قال : « لا ، إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب » ثم قال : « والعمامة سنة » وقال : « أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعمامة ، وعمم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٣).

وأما استحباب التحنيك ، فيدل عليه ما رواه ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في العمامة للميت ، قال : « حنّكه » (٤).

وأما استحباب إخراج طرفي العمامة من تحت الحنك وإلقائهما على صدره ، فمستنده رواية يونس عنهم عليهم‌السلام ، قال : « ثم يعمم ويؤخذ وسط العمامة فيثنى على رأسه بالتدوير ، ثم يلقى فضل الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن ، ويمد على صدره » (٥).

وقد ورد في ذلك كيفيات أخر : ففي رواية معاوية بن وهب ، عن الصادق عليه‌السلام : « وعمامة يعتم بها ، ويلقى فضلها على وجهه » (٦).

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٢٨٣ ).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٤٤ ـ ٧ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٣ ـ ٨٥٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٨ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (١٠) ، بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ( ١ : ٢٩٢ ـ ٨٥٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٦ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (١).

(٤) الكافي ( ٣ : ١٤٥ ـ ١٠ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٤ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (٢).

(٥) الكافي ( ٣ : ١٤٣ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٦ ـ ٨٨٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٤ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (٣).

(٦) الكافي ( ٣ : ١٤٥ ـ ١١ ) ( بتفاوت يسير ) ، التهذيب ( ١ : ٣١٠ ـ ٩٠٠ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٨ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (١٣).

١٠٣

وتزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها ونمطا ،

______________________________________________________

وفي رواية عثمان النوّاء ، عن الصادق عليه‌السلام : « وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي ـ قلت : كيف أصنع؟ ـ قال : خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ، ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفيها على ظهره » (١).

وفي صحيحة عبد الله بن سنان : « وعمامة يعصب بها رأسه ويرد فضلها على رجليه » (٢). والرواية الأولى هي المشهورة بين الأصحاب.

وذكر الشارح ـ قدس‌سره ـ : أنه لا مقدّر للعمامة شرعا ، فيعتبر في طولها ما يؤدي هذه الهيئة ، وفي عرضها ما يطلق معه عليها اسم العمامة (٣).

قوله : وتزاد للمرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها.

هذا الحكم ذكره الشيخان في المقنعة ، والنهاية والمبسوط (٤) ، وأتباعهما (٥) ، ومستنده رواية سهل بن زياد ، عن بعض أصحابه رفعه ، قال : سألته كيف تكفن المرأة؟ قال : « كما يكفن الرجل ، غير أنه يشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر وتشد إلى ظهرها » (٦) وهذه الرواية ضعيفة جدا ، إلاّ أني لا أعلم لها رادا.

قوله : ونمطا.

النمط لغة : ضرب من البسط ، أو ثوب فيه خطط ، مأخوذ من الأنماط ، وهي‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٤٤ ـ ٨ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٧ ) أبواب التكفين ب (١٦) ح (٢) ، بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ( ٣ : ١٤٤ ـ ٩ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٧ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (٨).

(٣) المسالك ( ١ : ١٣ ).

(٤) المقنعة : (١٢) ، النهاية : (٤١) ، المبسوط ( ١ : ١٧٦ ).

(٥) منهم ابن البراج في المهذب ( ١ : ٦١ ) ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : (٢٣٧) ، وسلار في المراسم : (٤٧) ، وابن حمزة في الوسيلة : ص (٦٦).

(٦) الكافي ( ٣ : ١٤٧ ـ ٢ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٩ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (١٦).

١٠٤

ويوضع لها بدلا عن العمامة قناع.

وأن يكون الكفن قطنا ،

______________________________________________________

الطرائق ، ونقل عن ابن إدريس أنه فسره بالحبرة (١) ، لدلالة الاسمين على الزينة ، وظاهر الأكثر مغايرته لها. وقد قطع الأصحاب باستحبابه للمرأة ، واستدلوا عليه بصحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع ، ومنطق ، وخمار ، ولفافتين » (٢) وليس فيها دلالة على المطلوب بوجه ، فإن المراد بالدرع القميص. والمنطق بكسر الميم : ما يشد به الوسط ، ولعل المراد به هنا ما يشد به الثديان. والخمار : القناع ، لأنه يخمر به الرأس ، وليس فيها ذكر للنمط ، بل ولا دلالة على استحباب زيادة المرأة لفافة عن كفن الرجل ، لما بيناه فيما سبق من أنّ مقتضى الروايات اعتبار الدرع واللفافتين أو ثلاث لفائف في مطلق الكفن.

قوله : ويوضع لها بدلا من العمامة قناع.

هذا مذهب الأصحاب ، ومستنده صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة ، وغيرها من الأخبار (٣).

قوله : وأن يكون الكفن قطنا.

هذا مذهب العلماء كافة ، قاله في المعتبر (٤) ، ويدل عليه روايات : منها : رواية أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون‌

__________________

(١) السرائر : (٣١).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٧ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (٩).

(٣) الوسائل ( ٢ : ٧٢٦ ) أبواب التكفين ب (٢).

(٤) المعتبر ( ١ : ٢٨٤ ).

١٠٥

وتنثر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة.

______________________________________________________

به ، والقطن لامة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

ويستحب كونه أبيض إلاّ الحبرة ، لقول أبي جعفر عليه‌السلام : « كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاثة أثواب : برد أحمر حبرة ، وثوبين أبيضين صحاريين » (٢).

قوله : وتنثر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة.

الذريرة : هي الطيب المسحوق ، قاله في المعتبر (٣) ، والظاهر أنّ المراد به طيب خاص معروف بهذا الاسم الآن في بغداد وما والاها ، وقال الشيخ في التبيان : هي فتات قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند كأنه قصب النشاب (٤). وقال في المبسوط : يعرف بالقمّحة بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة والحاء المهملة (٥).

قال في المعتبر : وقد اتفق العلماء كافة على استحباب تطييب الكفن بالذريرة (٦) ، ويدل عليه روايات ، منها : قوله عليه‌السلام في رواية عمار الساباطي : « ويجعل على كل ثوب شيئا من الكافور ، ويطرح على كفنه ذريرة » (٧).

وفي رواية سماعة : « إذا كفنت الميت فذر على كل ثوب شيئا من ذريرة » (٨).

قال الشيخ في المبسوط : ويجعل الذريرة أيضا على القطن الذي يوضع على‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٤٩ ـ ٧ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٩ ـ ٤١٤ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٢ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٠ ـ ٧٤١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥١ ) أبواب التكفين ب (٢٠) ح (١).

(٢) التهذيب ( ١ : ٢٩٦ ـ ٨٦٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٦ ) أبواب التكفين ب (٢) ح (٣).

(٣) المعتبر ( ١ : ٢٨٤ ).

(٤) التبيان ( ١ : ٤٤٨ ).

(٥) المبسوط ( ١ : ١٧٧ ).

(٦) المعتبر ( ١ : ٢٨٥ ).

(٧) التهذيب ( ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٥ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (٤).

(٨) الكافي ( ٣ : ١٤٣ ـ ٣ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٧ ـ ٨٨٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٦ ) أبواب التكفين ب (١٥) ح (١).

١٠٦

وتكون الحبرة فوق اللفافة ، والقميص باطنها. ويكتب على الحبرة والقميص والإزار والجريدتين اسمه ، وأنه يشهد الشهادتين ، وإن ذكر الأئمة عليهم‌السلام وعدّدهم إلى آخرهم كان حسنا ، ويكون ذلك بتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن لم توجد فبالإصبع. فإن فقدت الحبرة تجعل بدلها لفافة أخرى.

______________________________________________________

الفرجين (١). ولم نقف على مستنده.

قوله : ويكتب على الحبرة والقميص والإزار والجريدتين اسمه ، وأنه يشهد الشهادتين ، وإن ذكر الأئمة : وعدّدهم إلى آخرهم كان حسنا ، ويكون ذلك بتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن لم توجد فبالإصبع.

الأصل في هذه المسألة ما رواه أبو كهمش ، قال : حضرت موت إسماعيل وأبو عبد الله عليه‌السلام جالس عنده ، فلما حضره الموت شد لحييه وغمضه وغطى عليه الملحفة ، ثم أمر بتهيئته ، فلما فرغ من أمره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن :إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله (٢).

وزاد الأصحاب في المكتوب والمكتوب عليه ، ولا بأس به ، وإن كان الاقتصار على ما ورد به النقل أولى.

وذكر المصنف هنا أن الكتابة تكون بتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن لم يوجد فبالإصبع ، وقال في المعتبر : إنها تكون بالطين والماء (٣). وأسند ما اختاره هنا إلى الشيخين ، والنص خال من تعيين ما يكتب به ، ولا ريب أنّ الكتابة بتربة الحسين عليه‌

__________________

(١) المبسوط ( ١ : ١٧٩ ).

(٢) التهذيب ( ١ : ٢٨٩ ـ ٨٤٢ ) ، إكمال الدين : (٧٢) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٧ ) أبواب التكفين ب (٢٩) ح (١).

(٣) المعتبر ( ١ : ٢٨٥ ).

١٠٧

وأن يخاط الكفن بخيوط منه ، ولا يبلّ بالريق ، ويجعل معه جريدتان من سعف النخل ،

______________________________________________________

السلام أولى.

والظاهر اشتراط التأثير في الكتابة ، لأنه هو المعهود ، وأما الكتابة بالإصبع مع تعذر التربة أو الطين فذكره الشيخان (١) ، ولا أعرف مأخذه.

قوله : وأن يخاط الكفن بخيوط منه ، ولا يبلّ بالريق.

ذكر ذلك الشيخ (٢) وأتباعه (٣) ، ولا أعرف المستند ، قال المصنف في المعتبر ـ بعد أن عزى كراهة بلّ الخيوط بالريق إلى الشيخ ـ : ورأيت الأصحاب يجتنبونه ولا بأس بمتابعتهم ، لإزالة الاحتمال ، ووقوفا على موضع الوفاق (٤).

أما بلّها بغير الريق فالظاهر عدم كراهته ، للأصل ، ولإشعار التخصيص بالريق بإباحة غيره.

قوله : ويجعل معه جريدتان من سعف النخل.

هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ولم يستحبه من عداهم ، قال الشيخ المفيد في المقنعة : والأصل في وضع الجريدة مع الميت أن الله لما أهبط آدم عليه‌السلام من جنته إلى الأرض استوحش ، فسأل الله تعالى أن يؤنسه بشي‌ء من أشجار الجنة ، فأنزل الله إليه النخلة ، فكان يأنس بها في حياته ، فلما حضرته الوفاة قال لولده : إني كنت آنس بها في حياتي وأرجو الأنس بها بعد وفاتي ، فإذا متّ فخذوا منها جريدا ، وشقّوه بنصفين ، وضعوهما معي في أكفاني ، ففعل ولده ذلك ، وفعلته الأنبياء بعده ، ثم اندرس ذلك في‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : (١١) ، والشيخ في المبسوط ( ١ : ١٧٧ ).

(٢) المبسوط ( ١ : ١٧٧ ).

(٣) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ص (٦٦).

(٤) المعتبر ( ١ : ٢٨٩ ).

١٠٨

______________________________________________________

الجاهلية فأحياه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله ، وصارت سنة متبعة (١).

والروايات الواردة بذلك من الطرفين مستفيضة ، فمن ذلك صحيحة زرارة ، قال :قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة؟ فقال : « يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا ، إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم ، وإنما جعلت السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله » (٢).

وحسنة الحسن بن زياد الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « يوضع للميت جريدة واحدة في اليمين ، والأخرى في اليسار » قال : « فإن الجريدة تنفع المؤمن والكافر » (٣).

وحسنة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي شي‌ء يكون مع الميت الجريدة؟ قال : « إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة » (٤).

قال المرتضى ـ رحمه‌الله ـ : والتعجب من ذلك كتعجب الملاحدة من الطواف والرمي وتقبيل الحجر ، بل من غسل الميت وتكفينه مع سقوط التكليف عنه ، وكثير من الشرائع مجهولة العلل (٥).

__________________

(١) المقنعة : (١٢).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٥٢ ـ ٤ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٩ ـ ٤١٠ ) ، علل الشرائع : ( ٣٠٢ ـ ١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٣٦ ) أبواب التكفين ب (٧) ح (١).

(٣) الكافي ( ٣ : ١٥١ ـ ١ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٩ ـ ٤٠٩ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٤ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٣٧ ) أبواب التكفين ب (٧) ح (٦) ، بتفاوت يسير.

(٤) الكافي ( ٣ : ١٥٣ ـ ٧ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٣٧ ) أبواب التكفين ب (٧) ح (٧).

(٥) الانتصار : (٣٦).

١٠٩

فإن لم يوجد فمن السدر ، فإن لم يوجد فمن الخلاف ، وإلا فمن شجر رطب ،

______________________________________________________

قوله : فإن لم يوجد فمن السدر ، فإن لم يوجد فمن الخلاف ، وإلا فمن شجر رطب.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وإليه ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط (١) ، وقال في الخلاف : يستحب أن يوضع مع الميت جريدتان خضراوان من النخل أو غيرها من الأشجار (٢). ونحوه قال ابن إدريس (٣) ، وقدم المفيد الخلاف على السدر (٤).

والمستند في ذلك ما رواه سهل بن زياد ، عن غير واحد من أصحابه ، قالوا : قلنا له : جعلنا فداك إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال : « عود السدر » قلنا : فإن لم نقدر؟ قال : « عود الخلاف » (٥) وهذه الرواية كما في النهاية.

وروى عليّ بن بلال في الحسن أنه كتب إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام : الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شي‌ء من الشجر غير النخل؟ فأجاب : « يجوز من شجر آخر رطب » (٦) وهذه الرواية معتبرة السند ، والرواية الاولى وإن كانت ضعيفة لكنها مطابقة لمدلول هذه الرواية وهي مفصلة ، فكان العمل بمضمونها أولى.

__________________

(١) النهاية : (٣٢) ، المبسوط ( ١ : ١٧٧ ).

(٢) الخلاف ( ١ : ٢٨٥ ).

(٣) السرائر : (٣٢).

(٤) المقنعة : (١١).

(٥) الكافي ( ٣ : ١٥٣ ـ ١٠ ) ، التهذيب ( ١ : ٢٩٤ ـ ٨٥٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٣٩ ) أبواب التكفين ب (٨) ح (٣).

(٦) الفقيه ( ١ : ٨٨ ـ ٤٠٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٣٨ ) أبواب التكفين ب (٨) ح (١).

١١٠

ويجعل إحداهما من جانبه ـ الأيمن مع ترقوته ، يلصقها بجلده ، والأخرى من الجانب اليسار بين القميص والإزار.

______________________________________________________

قوله : ويجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده ، والأخرى من الجانب الأيسر بين القميص والإزار.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ذهب إليه المفيد في المقنعة (١) ، وابن بابويه في المقنع (٢) ، والشيخ في النهاية والمبسوط (٣) ، ومستنده حسنة الحسن بن زياد المتقدمة (٤) ، وحسنة جميل بن دراج قال ، قال : « إنّ الجريدة قدر شبر ، توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت مما يلي الجلد الأيمن ، والأخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص » (٥).

وقال الصدوقان : تجعل اليمنى مع ترقوته ملصقة بجلده ، واليسرى عند وركه بين القميص والإزار (٦). ولم نقف على مأخذهما.

وقال ابن أبي عقيل : واحدة تحت إبطه اليمنى (٧).

وقال الجعفي : إحداهما تحت إبطه الأيمن ، والأخرى نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ (٨). وهو بعينه رواية يونس عنهم عليهم‌السلام (٩).

__________________

(١) المقنعة : (١١).

(٢) المقنع : (١٨).

(٣) النهاية : (٣٦) ، المبسوط ( ١ : ١٧٩ ).

(٤) في ص (١٠٩).

(٥) الكافي ( ٣ : ١٥٢ ـ ٥ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٠ ) أبواب التكفين ب (١٠) ح (٢).

(٦) الفقيه ( ١ : ٩١ ) ، ونقله عن والد الصدوق في المختلف : (٤٤).

(٧) نقله عنه في المعتبر ( ١ : ٢٨٨ ).

(٨) نقله عنه في الذكرى : (٤٩).

(٩) الكافي ( ٣ : ١٤٣ ـ ١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٠ ) أبواب التكفين ب (١٠) ح (٥).

١١١

وأن يسحق الكافور بيده ، ويجعل ما يفضل عن مساجده على صدره ،

______________________________________________________

قال المصنف ـ بعد أن ضعف الروايات الواردة بذلك ـ : ومع اختلاف الروايات والأقوال يجب الجزم بالقدر المشترك بينها وهو استحباب وضعها مع الميت في كفنه أو في قبره بأيّ هذه الصور شئت (١). وهو حسن.

ولم يتعرض المصنف في هذا الكتاب لذكر قدر الجريدة ، وقد اختلف فيه الأصحاب ، فقال الشيخان : يكون طولهما قدر عظم الذراع (٢). وقال ابن أبي عقيل : مقدار كل واحدة أربع أصابع إلى ما فوقها (٣). وقال الصدوق : طول كل واحدة قدر عظم الذراع ، وإن كانت شبرا فلا بأس (٤).

والروايات في ذلك مختلفة أيضا ، ففي حسنة جميل أنها قدر شبر ، وفي رواية يونس قدر ذراع ، والكل حسن ، لثبوت الشرعية مع عدم القاطع على قدر معين.

وهل تشق أو تكون صحيحة؟ الأظهر الثاني ، نظرا إلى التعليل ، واستضعافا لرواية الشق (٥). وذكر الأصحاب استحباب وضع القطن على الجريدتين ، ولعله لاستبقاء الرطوبة.

قوله : وأن يسحق الكافور بيده ، ويجعل ما يفضل من مساجده على صدره.

أما اختصاص السحق باليد فذكره الشيخان (٦) وأتباعهما (٧) ، قال في المعتبر : ولم أتحقق مستنده (٨). وأما وضع ما يفضل من الكافور عن المساجد على صدره فذكره‌

__________________

(١) المعتبر ( ١ : ٢٨٨ ).

(٢) المفيد في المقنعة : (١١) ، والشيخ في التهذيب ( ١ : ٢٩٣ ).

(٣) نقله عنه في المختلف : (٤٤).

(٤) الفقيه ( ١ : ٨٧ ).

(٥) الفقيه ( ١ : ٨٨ ـ ٤٠٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤١ ) أبواب التكفين ب (١١) ح (٤).

(٦) المفيد في المقنعة : (١١) ، والشيخ في المبسوط ( ١ : ١٧٩ ).

(٧) منهم ابن البراج في المهذب ( ١ : ٦١ ) ، وسلار في المراسم : (٤٩).

(٨) المعتبر ( ١ : ٢٨٦ ).

١١٢

وأن يطوي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن ، والأيمن على الأيسر.

ويكره تكفينه في الكتان ،

______________________________________________________

جماعة من الأصحاب ، ويمكن أن يستدل عليه بحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السجود منه ، ومفاصله كلها ، ورأسه ، ولحيته ، وعلى صدره من الحنوط » (١) لكن لا يخفى أنّ هذه الرواية إنما تضمنت الأمر بوضع شي‌ء من الكافور على الصدر ، لا اختصاصه بالفاضل (٢).

قوله : وأن يطوي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن ، والأيمن على الأيسر.

المراد بالأيمن الذي يطوي جانب اللفافة عليه أيمن الميت ، وبالثاني جانب اللفافة الأيمن ، ولم أقف في هذا الحكم على أثر ، ولعل وجهه التيمن باليمين.

قوله : ويكره تكفينه في الكتان.

هو بفتح الكاف ، والمشهور بين الأصحاب كراهة التكفين فيه ، وقال ابن بابويه ـ رحمه‌الله ـ في من لا يحضره الفقيه : ولا يجوز أن يكفن الميت في كتان ولا إبريسم ولكن في القطن (٣). والأصل في ذلك نهي الصادق عليه‌السلام في مرسلة يعقوب بن يزيد عن تكفين الميت في الكتان (٤) ، وقوله عليه‌السلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به ، والقطن لامة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٥) وضعف السند مقتض للحمل‌

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٤٣ ـ ٤ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٧ ـ ٨٩٠ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٢ ـ ٧٤٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٤ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (١).

(٢) في « س » ، « م » ، « ح » : لا على اختصاصه.

(٣) الفقيه ( ١ : ٨٩ ).

(٤) التهذيب ( ١ : ٤٥١ ـ ١٤٦٥ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١١ ـ ٧٤٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥١ ) أبواب التكفين ب (٢٠) ح (٢)

(٥) الكافي ( ٣ : ١٤٩ ـ ٧ ) ، الفقيه ( ١ : ٨٩ ـ ٤١٤ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٢ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٠ ـ ٧٤١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥١ ) أبواب التكفين ب (٢٠) ح (١).

١١٣

وأن يعمل للأكفان المبتدأة أكمام ، وأن يكتب عليها بالسواد ، وأن يجعل في سمعه أو بصره شيئا من الكافور.

______________________________________________________

على الكراهة.

قوله : وأن يعمل للأكفان المبتدأة أكمام.

يدل على ذلك ما رواه محمد بن سنان ، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت : الرجل يكون له القميص أيكفن فيه؟ فقال : « اقطع أزراره » قلت : وكمّه؟ قال : « لا ، إنما ذاك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كمّا ، فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلاّ الأزرار » (١).

ويشهد لانتفاء الكراهة في غير الأكفان المبتدأة : صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام أن يأمر لي بقميص أعدّه لكفني ، فبعث به إليّ ، فقلت : كيف أصنع؟ فقال : « أنزع أزراره » (٢).

قوله : وأن يكتب عليها بالسواد.

ذكر ذلك الشيخ في النهاية (٣) والمبسوط (٤) ، قال في المعتبر : وهو حسن ، لأن في ذلك نوع استبشاع ، ولأن وظائف الميت متلقاة توقيفا فيتوقف على الدلالة (٥).

قوله : وأن يجعل في سمعه أو بصره شيئا من الكافور.

هذا قول الأكثرين ، ويدل عليه قوله عليه‌السلام في رواية يونس : « ولا تجعل في‌

__________________

(١) الفقيه ( ١ : ٩٠ ـ ٤١٨ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٦ ) أبواب التكفين ب (٢٨) ح (٢).

(٢) التهذيب ( ١ : ٣٠٤ ـ ٨٨٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٦ ) أبواب التكفين ب (٢٨) ح (١).

(٣) النهاية : (٣٢).

(٤) المبسوط ( ١ : ١٧٧ ).

(٥) المعتبر ( ١ : ٢٩٠ ).

١١٤

______________________________________________________

منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا وجهه قطنا ولا كافورا » (١).

وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال ، قال : « لا تجعل في مسامع الميت حنوطا » (٢) وفي الرواية الأولى إرسال ، وفي الثانية قطع.

وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه : ويجعل الكافور على بصره ، وأنفه ، وفي مسامعه ، وفيه ، ويديه ، وركبتيه ، ومفاصله كلها ، وعلى أثر السجود منه (٣).

ولعل مستنده صحيحة عبد الله بن سنان قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف أصنع بالحنوط؟ قال : « تضع في فمه ، ومسامعه ، وآثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه » (٤) وقوله عليه‌السلام في رواية سماعة : « إذا كفّنت الميت فذر على كل ثوب شيئا من الذريرة والكافور ، واجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده » (٥) وفي خبر عمّار : « واجعل الكافور في مسامعه ، وأثر السجود منه ، وفيه » (٦).

وحمل المصنف في المعتبر هذه الروايات على الجواز ، وتلك على الكراهة (٧) ، وهو بعيد ، لأن الأمر ظاهر في الوجوب أو الاستحباب.

__________________

(١) الكافي ( ٣ : ١٤٣ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٣٠٦ ـ ٨٨٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٤ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (٣).

(٢) التهذيب ( ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٣ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٢ ـ ٧٤٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٧ ) أبواب التكفين ب (١٦) ح (٤).

(٣) الفقيه ( ١ : ٩١ ).

(٤) التهذيب ( ١ : ٣٠٧ ـ ٨٩١ ) ، الإستبصار ( ١ : ٢١٢ ـ ٧٤٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٧ ) أبواب التكفين ب (١٦) ح (٣).

(٥) التهذيب ( ١ : ٤٣٥ ـ ١٣٩٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٦ ) أبواب التكفين ب (١٥) ح (٢).

(٦) التهذيب ( ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٤٥ ) أبواب التكفين ب (١٤) ح (٤).

(٧) المعتبر ( ١ : ٢٩٠ ).

١١٥

مسائل ثلاث :

الأولى : إذا خرج من الميت نجاسة بعد تكفينه ، فإن لاقت جسده غسلت بالماء ، وإن لاقت كفنه فكذلك ، إلا أن يكون بعد طرحه في القبر فإنها تقرض. ومنهم من أوجب قرضها مطلقا ، والأوّل أولى.

______________________________________________________

قوله : الأولى ، إذا خرج من الميت نجاسة بعد تكفينه ، فإن لاقت جسده غسلت بالماء ، وإن لاقت كفنه فكذلك ، إلا أن يكون بعد طرحه في القبر فإنها تقرض ، ومنهم من أوجب قرضها مطلقا ، والأوّل أولى.

إذا خرج من الميت نجاسة بعد الغسل ، فإن لاقت ظاهر جسده وجب غسلها ولم يجب إعادة الغسل مطلقا عند الأكثر. أما وجوب الغسل فاحتج عليه في الذكرى بوجوب إزالة النجاسة عن بدن الميت (١) ، وهو إعادة للمدعى. نعم يمكن الاستدلال عليه بما رواه الشيخ ، عن روح بن عبد الرحيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إن بدا من الميت شي‌ء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل » (٢) وفي السند ضعف.

وأما عدم وجوب إعادة الغسل فلصدق الامتثال المقتضي لخروج المكلف عن العهدة.

وقال ابن أبي عقيل : فان انتقض منه شي‌ء استقبل به الغسل استقبالا (٣). واحتج له في المختلف بأن الحدث ناقض للغسل فوجب إعادته. وضعفه ظاهر.

وإن لاقت النجاسة الكفن قال الصدوقان (٤) وأكثر الأصحاب : وجب غسلها ما لم يطرح الميت في القبر ، وقرضها بعده. وهو حسن ، لأن في القرض إتلافا للمال وهو منهي‌

__________________

(١) الذكرى : (٤٥).

(٢) التهذيب ( ١ : ٤٤٩ ـ ١٤٥٦ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٣ ) أبواب غسل الميت ب (٣٢) ح (١).

(٣) نقله عنه في المختلف : (٤٣).

(٤) الصدوق في الفقيه ( ١ : ٩٢ ) ، ونقله عن والده في المختلف : (٤٣).

١١٦

الثانية : كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات مال ، لكن لا يلزمه زيادة على الواجب.

______________________________________________________

عنه ، فيقتصر فيه على موضع الوفاق.

ونقل عن الشيخ أنه أطلق وجوب قرض المحل (١) ، وربما كان مستنده رواية عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشي‌ء بعد الغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض بالمقراض » (٢).

ورواية ابن أبي عمير وأحمد بن محمد ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا خرج من الميت شي‌ء بعد ما يكفّن فأصاب الكفن قرض من الكفن » (٣).

والجواب أولا : بالطعن في السند بإرسال الثانية ، وعدم توثيق الكاهلي.

وثانيا : بالمعارضة برواية روح المتقدمة المتضمنة للغسل ، ولو لا تخيل الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بعدم وجوب القرض والغسل مطلقا ، تمسكا بمقتضى الأصل ، واستضعافا للروايات الواردة بذلك.

قوله : الثانية ، كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات مال ، لكن لا يلزمه زيادة على الواجب.

هذا مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا ، ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع (٤) ، واحتج عليه في المعتبر (٥) : بأن الزوجية باقية إلى حين الوفاة ، ومن ثم حلّ تغسيلها‌

__________________

(١) المبسوط ( ١ : ١٨١ ).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٥٦ ـ ١ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٤٩ ـ ١٤٥٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٢٣ ) أبواب غسل الميت ب (٣٢) ح (٤).

(٣) التهذيب ( ١ : ٤٥٠ ـ ١٤٥٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٤ ) أبواب التكفين ب (٢٤) ح (٤).

(٤) الخلاف ( ١ : ٢٨٧ ).

(٥) المعتبر ( ١ : ٣٠٧ ).

١١٧

______________________________________________________

ورؤيتها وجاز ميراثها فتجب مؤنتها لأنها من أحكام الزوجية ، والكفن من جملة ذلك ، وبما رواه السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام : « إنّ عليّا عليه‌السلام قال : على الزوج كفن امرأته إذا ماتت » (١) وفي الدليلين نظر.

والأجود الاستدلال على ذلك بما رواه ابن بابويه ـ رحمه‌الله ـ في الصحيح ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الكفن من جميع المال » وقال عليه‌السلام : « كفن المرأة على زوجها إذا ماتت » (٢).

وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي أنه لا فرق في الزوجة بين الدائم والمستمتع بها ، ولا بين المطيعة والناشزة ، ولا بين الحرة والأمة ، ويحتمل اختصاصه بالدائم ، لأنها التي ينصرف إليها الذهن عند الإطلاق.

والحكم مختص بالزوج الموسر فيما قطع به الأصحاب ، ويحتمل شموله لغيره أيضا مع الإمكان ، لإطلاق النص.

والحق بالكفن بقية المؤن الواجبة ، كماء الغسل والسدر والكافور ، وفيه توقف.

ولا يلحق واجب النفقة بالزوجة ، تمسكا بمقتضى الأصل ، إلاّ المملوك فإن كفنه على مولاه ، للإجماع عليه وإن كان مدبّرا ، أو مكاتبا مشروطا ، أو مطلقا لم يتحرر منه شي‌ء ، أو أم ولد. وإن تحرر منه شي‌ء فبالنسبة. ولو أوصت بالكفن فهو من الثلث ، ومع النفوذ يسقط عنه.

__________________

(١) التهذيب ( ١ : ٤٤٥ ـ ١٤٣٩ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٩ ) أبواب التكفين ب (٣٢) ح (٢).

(٢) الفقيه ( ٤ : ١٤٣ ـ ٤٩٠ ، ٤٩١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٨ ) أبواب التكفين ب (٣١) ح (١) ، وص (٧٥٩) أبواب التكفين ب (٣٢) ح (١).

١١٨

ويؤخذ كفن الرجل من أصل تركته ، مقدما على الديون والوصايا ، فإن لم يكن له كفن دفن عريانا ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن ، بل يستحب.

______________________________________________________

قوله : ويؤخذ كفن الرجل من أصل تركته ، مقدما على الديون والوصايا. هذا قول علمائنا وأكثر العامة ، والمستند فيه روايات ، منها : ما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الكفن من جميع المال » (١).

وفي الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه ، قال : « يجعل ما ترك في ثمن كفنه ، إلا أن يتّجر عليه إنسان يكفّنه ، ويقضي دينه مما ترك » (٢).

وعن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « أول شي‌ء يبدأ به من المال الكفن ، ثم الدين ، ثم الوصية ، ثم الميراث » (٣).

وإطلاق تقديم الكفن على الدين في الأخبار وكلام الأصحاب يقتضي تقديمه على حق المرتهن وغرماء المفلس ، وهو كذلك. وإنما يقدم الكفن الواجب ، أما المندوب فمع الوصية به يكون من الثلث إلا مع الإجازة.

قوله : فإن لم يكن له كفن دفن عريانا ، ولا يجب على المسلمين بذل كفنه ، بل يستحب.

هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ، أما انتفاء الوجوب فللأصل السالم عن‌

__________________

(١) المتقدم في ص (١١٨).

(٢) الكافي ( ٧ : ٢٣ ـ ٢ ) ، الفقيه ( ٤ : ١٤٣ ـ ٤٩٢ ) ، التهذيب ( ٩ : ١٧١ ـ ٦٩٧ ) ، الوسائل ( ١٣ : ٩٨ ) أبواب الدين والقرض ب (١٣) ح (١).

(٣) الكافي ( ٧ : ٢٣ ـ ٣ ) ، الفقيه ( ٤ : ١٤٣ ـ ٤٨٨ ) ، التهذيب ( ٩ : ١٧١ ـ ٦٩٨ ) ، الوسائل ( ١٣ : ٩٨ ) أبواب الدين والقرض ب (١٣) ح (٢).

١١٩

______________________________________________________

المعارض ، وأما استحباب البذل فيدل عليه روايات ، منها : حسنة سعد بن طريف (١) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة » (٢).

وذكر جمع من الأصحاب أنه يجوز تكفين الميت من الزكاة مع احتياجه إلى ذلك ، بل صرّح بعضهم بالوجوب (٣) ، لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس الكاتب ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام فقلت له : ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به ، أشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال : « أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهّزونه فيكونون هم الذين يجهّزونه » قلت : فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهّزه أنا من الزكاة؟ قال : « إن أبي كان يقول : إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا ، فوار بدنه وعورته ، وجهّزه ، وكفّنه ، وحنّطه ، واحتسب بذلك من الزكاة » (٤).

وعندي في هذا الحكم توقف ، لنص الشيخ على أن الفضل بن يونس كان واقفيا (٥) ، إلا أن يقال : إن جواز قضاء الدين عن الميت الذي لم يترك ما يوفّى منه دينه‌

__________________

(١) في « م » : سعد بن ظريف ، وفي « س » : سعيد بن طريف ، وما أثبتناه من « ق » هو الموافق للمصادر وهو الأرجح ـ « راجع معجم رجال الحديث ٧٠٨ ، ١٢٠ ).

(٢) الكافي ( ٣ : ١٦٤ ـ ١ ) ، الفقيه ( ١ : ٩٢ ـ ٤١٩ ) مرسلا ، التهذيب ( ١ : ٤٥٠ ـ ١٤٦١ ) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٤ ) أبواب التكفين ب (٢٦) ح (١).

(٣) منهم العلامة في المنتهى ( ١ : ٤٤٢ ) ، والكركي في جامع المقاصد ( ١ : ٥٥ ) ، والشهيد الثاني في روض الجنان : (١١٠).

(٤) التهذيب ( ١ : ٤٤٥ ـ ١٤٤٠ ) ، قرب الإسناد : (١٢٩) ، الوسائل ( ٢ : ٧٥٩ ) أبواب التكفين ب (٣٣) ح (١).

(٥) رجال الشيخ : (٣٥٧).

١٢٠