المحسن السّبط مولود أم سقط

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان

المحسن السّبط مولود أم سقط

المؤلف:

السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

ورحم الله علي بن الفارقي مدرس العربية ببغداد ، وقد سأله ابن أبي الحديد فقال : قلت له : أكانت فاطمة صادقة في دعواها ؟ قال : نعم ، قلت : فلم لم يدفع إليها أبو بكر فَدَك وهي صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فَدَك بمجرد دعواها ، لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار والمدافعة بشيء ، لأنّه يكون قد سجل على نفسه بأنّها صادقة فيما تدّعي ، كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا شهود (١).

وقفة ايضاح واستيضاح :

لا بد للباحث عن الحقيقة ، من معاناة البحث مهما تكثّرت المصاعب مما يعترض طريقه ، وحديث : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) الذي رواه أبو بكر محتجاً به دفع مطالبة الزهراء عليها‌السلام بفدك نحلة وميراثاً ، قد جرى عليه تحوير وتزوير ، سواء في رواته أو روايته ، وحتى فيما جرى الإختلاف والنقاش في قراءته.

ومهما تهضّمنا تزوير الرواة عدداً ، فلا يسعنا ذلك في تعدد روايته ، ولا بدّ لنا من استبيان الصحيح في قراءته ؛ لأنّ الإختلاف بين أنصار الخلافة وأنصار الإمامة ، أحدث جدلاً في الحوار العقائدي ، لا تزال مصادر التراث عند الطرفين تحتفظ بنماذج تتأرجح بين المكابرة والمصابرة ، ويجد الباحث ذلك جليّاً عند من قرأ كلمة ( صدقةٌ ) بالرفع ، كما هو شأن أنصار الخلافة ليتم لهم ما أراد أبو بكر من حجة الدفع ، أمّا من قرأ الكلمة ( صدقةً ) بالنصب ، كما هو شأن أنصار الإمامة ليتم لهم ما أرادوا من دفع الدفع.

وهكذا بقيت المكابرة تدفعها المصابرة في حدود الحوار العلمي ، ولم يكن

_____________________

١ ـ شرح النهج لابن أبي الحديد ١٦ : ٢٨٤.

٥٠١
 &

الاختلاف وليد ساعة رواية من رواه ، بل حدث بعد زمان خلافته ، حيث نشط علماء الكلام من مدرسة الخلافة في توجيه قراءته بإعرابه بالرفع ، ليرفعوا عنهم إصر الدفع ، فكان من الطبيعي أن ينبري علماء الكلام من أنصار الإمامة إلى الرد على أولئك بتقريب قراءة النَصب لدفع حدة أهل النُصب ، وهذا ما أسعر نار الخصام بين علماء الكلام ، وسرى أوارها إلى علماء الحديث من أنصار الخلافة ، ولا يبعد أن تكون السياسة دسّت أنفها في توسيع الفجوة.

ولو أردنا أن نفحص التراث السني بحثاً عن الصحيح في القراءة ، سنجد سيلاً من صور الحديث المختلفة مع وحدة الراوي ووحدة السبب ، وهذا مما يبعث على العجب ، وقد يفاجأ القارئ إذا أحيط علماً بأنّ صور الحديث تجاوزت العشرة ، وهو حديث واحد رواه أبو بكر ، فمن أين جاء الاختلاف في الرواية بين روايات كتب الصحاح والسنن والمسانيد والتاريخ والسيرة ؟

والجواب ببساطة : إنّما جاء من الرواة من بعد أبي بكر ، فكلّما سمعوا نقداً له في دلالته ، وضعوا ما يسدّ الثغرة ولو بتحوير في قراءته ، ولما كان استعراض جميع التراث السني التي ذكرت الحديث بصوره المختلفة يحتاج وقتاً طويلاً ، فسأكتفي بعرض صور الحديث المختلفة في كتابين ، هما عند أنصار الخلافة من خيرة الصحاح ، وما ورد فيهما معاً محكوم عليه بالصحة عندهم ، والحديث الذي يرد فيهما معاً يقولوا عنه : متفق عليه ولا مجال لردّه ؛ لأنّه أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، والصيد كل الصيد في جوف الفراء.

فنقول : لقد ورد الحديث في صحيح البخاري في عدة مواضع نافت العشرة ، كما ورد في صحيح مسلم في خمسة مواضع ، وقد اختلفت صور الحديث فيهما اختلافاً بيّناً يوهن الاحتجاج بالحديث ، ويكشف عن تعمّد الإبهام والإيهام لاستغفال القرّاء ، وسد باب الاستيضاح والاستفهام ، في وجه من يسأل ، حتى ولو لم يرد الحجاج والخصام.

٥٠٢
 &

وإلى القارئ عرض صور الحديث عند البخاري ، ومن بعد صوره عند مسلم.

فماذا عند البخاري ؟

الجواب : عنده بصورة ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) وعنده بصورة ( لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ) وعنده بصورة ثالثة : ( لا نورّث ما تركناه صدقة ) وكل من هذه الصور الثلاث وردت في عدة مواضع من صحيح البخاري سأعرضها أمام القارئ سنداً ومتناً ، معتمداً على طبعة بولاق الموثقة بأختام مشيخة الإسلام أيام عبد الحميد السلطان العثماني عام ١٣١٣ هـ ، ليرى الاختلاف الموهن للاستدلال.

الصورة الأولى : وردت أولاً في كتاب الجهاد والسير (١) ، قال البخاري : حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدّثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين ، أخبرته أنّ فاطمة عليها‌السلام ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سألت أبا بكر ... أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما أفاء الله عليه ، فقال لها أبو بكر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).

فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستة أشهر ، قالت : وكانت فاطمة تسأل نصيبها مما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من خيبر وفدك ، وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال : لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعمل به إلّا وعملت به ، فإنّي أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس ، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال : هما صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلى من ولي الأمر ، فهما على ذلك إلى اليوم.

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٤ : ٧٩ ، كتاب الجهاد والسير ، باب فرض الخمس.

٥٠٣
 &

والسؤال الذي يفرض نفسه في المقام ، من هو القائل : ( فهما على ذلك إلى اليوم ) ؟ أهي عائشة ؟ أو هو عروة ؟ أو هو الزهري ؟ أو هم الرواة من بعده ؟ أو هو البخاري المتوفى ٢٥٦ هـ ؟.

الصورة الثانية : في كتاب الجهاد والسير (١) قال البخاري :

حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدّثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكراً من حديثه ذلك ، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث ، فقال مالك : بينا أنا جالس في أهلي حين قشع النهار ، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال : أجب أمير المؤمنين ، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر ، فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش ، متكئ على وسادة من أدم ، فسلّمت عليه ثم جلست ، فقال : يا مال إنّه قدم علينا من قومك أهل أبيات ، وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري ، قال : اقبضه أيّها المرء.

فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص يستأذنون ؟ قال : نعم ، فأذن لهم فدخلوا فسلّموا وجلسوا ، ثم جلس يرفأ يسيراً ثم قال : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم ، فأذن لهما فسلّما فجلسا ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بني النضير ، فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.

قال عمر : تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه ؟ قال

_____________________

١ ـ المصدر نفسه ٤ : ٧٩ ـ ٨١ ، كتاب الجهاد والسير ، باب فرض الخمس.

٥٠٤
 &

الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما الله أتعلمان انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد قال ذلك ؟ قال : قد قال ذلك.

قال عمر : فإنّي أحدثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله قد خصّ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، ثم قرأ : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ ) ـ إلى قوله ـ : ( قَدِيرٌ ) (١) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله ما احتازها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، قد أعطاكموه وبثّها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي يجعله مجعل مال الله ، فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟

قال عمر : ثم توفى الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر ، فقبضتها سنتين من أمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما عمل فيها أبو بكر ، والله يعلم أنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم جئتماني تكلّماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد ، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وجاءني هذا ـ يريد علياً ـ يريد نصيب امرأته من أبيها ، فقلت لكما : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).

فلما بدا لي أن أدفعه إليكما ، قلت : إن شئتما دفعتها إليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه فتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبما عمل فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، فقلتما : إدفعها إلينا فبذلك دفعتها إليكما ، فأنشدكم

_____________________

١ ـ الحشر : ٦.

٥٠٥
 &

بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قال الرهط : نعم ، ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فتلتمسان منّي قضاءً غير ذلك ؟ فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليَّ فإنّي أكفيكماها (١).

الصورة الثالثة : في باب مناقب قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنقبة فاطمة عليها‌السلام بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة » (٢) ، قال البخاري :

حدّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري قال : حدّثني عروة بن الزبير ، عن عائشة أنّ فاطمة عليها‌السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تطلب صدقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي بالمدينة ، وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ـ يعني مال الله ـ ليس لهم أن يزيدوا على المأكل ، وإنّي والله لا أغيّر شيئاً من صدقات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتشهّد عليّ ثم قال : إنّا عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وذكر قرابتهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحقهم ، فتكلّم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي.

_____________________

١ ـ لقد قال عمر فيما قال : ثم توفى الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقبضها ... وقال أيضاً : ثم توفى الله أبا بكر فكنت أنا وليّ أبي بكر فقبضتها سنتين ... ، فمن حق السائل أن يسأل كيف صدّق الصحابة الحضور وصادقوا على قول عمر : أبو بكر وليّ رسول الله ، وعمر وليّ أبي بكر ، وفهم الجميع عموم الولاية ، ولم يفهموا جميعاً ذلك العموم من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غدير خم : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه » وفي لفظ : « من كنت وليّه فعلي وليّه » وهذا ما قاله في أكثر من مورد ، ورواه أكثر من واحد ، وأخرجه أكثر من عشرين حافظاً فيما أحصيت ، أمثال ابن حبان في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه ، والبيهقي في سننه ، والنسائي في خصائصه ، والطبراني في معجمه الكبير ، وغيرهم وغيرهم.

٢ ـ صحيح البخاري ، باب مناقب قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ٥ : ٢٠.

٥٠٦
 &

الصورة الرابعة قال البخاري (١) :

حدّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري ، أنّ عمر بن الخطاب دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وسعد يستأذنون ؟ فقال : نعم ، فأدخلهم ، فلبث قليلاً ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي يستأذنان ؟ قال : نعم ، فلما دخلا قال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، وهم يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بني النضير ، فاستبّ علي وعباس ، فقال الرهط : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.

فقال عمر : اتئدوا ، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد بذلك نفسه ؟ قالوا : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على عباس وعلي فقال : أنشدكما بالله هل تعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد قال ذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله سبحانه كان خص رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا الفيء بشيء لم يخصه أحداً غيره ، فقال جلّ ذكره : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ) ـ إلى قوله ـ : ( قَدِيرٌ ) (٢) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم ، لقد أعطاكموها وقسّمها فيكم ، حتى بقي هذا المال منها ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مال الله.

فعمل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حياته ، ثم توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : فأنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنتم حينئذٍ ـ فأقبل

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٥ : ٨٩ ، باب حديث بني النضير ، ومخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم في دية الرجلين وما أرادوا من الغدر برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢ ـ الحشر : ٦.

٥٠٧
 &

على علي وعباس وقال : ـ تذكران أنّ أبا بكر فيه كما تقولان ، والله يعلم أنّه فيه لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا ولي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر (١) ، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وابو بكر ، والله يعلم أنّي فيه صادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع ، فجئتني ـ يعني عباساً ـ فقلت لكما : انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) ، فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت : إن شئتما دفعته إليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، وما عملت فيه مذ وليت ، وإلّا فلا تكلّماني ، فقلتما : ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما ، فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنه فادفعا إليّ فأنا أكفيكما. قال : فحدّثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال : صدق مالك بن أوس.

الصورة الخامسة : ... سمعت عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تقول : أرسل أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهنّ مما أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكنت أنا أردهنّ ، فقلت إليهنّ : ألا تتقين الله ، ألم تعلمن أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد بذلك نفسه ، إنّما يأكل آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال ، فانتهى أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى ما أخبرتهنّ ، قال : فكانت هذه الصدقة بيد علي ، منعها علي عباساً فغلبه عليها ، ثم كان بيد حسن بن علي ، ثم بيد حسين بن علي ، ثم بيد علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا يتداولونها ، ثم بيد زيد بن حسن ، وهي صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حقاً.

_____________________

١ ـ لقد مرّ في الصورة الثالثة من النص قول عمر : ( فكنت أنا ولي أبي بكر ) وفي هذا المورد ارتقى فقال : أنا ولي رسول الله وأبي بكر ، فمن رقّاه ؟

٥٠٨
 &

الصورة السادسة قال البخاري (١) : حدّثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّ فاطمة عليها‌السلام والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما ، أرضه من فدك وسهمه من خيبر ، فقال أبو بكر : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : ( لا نورث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد في هذا المال ) والله لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحب إليَّ أن أصل من قرابتي.

الصورة السابعة قال البخاري (٢) :

حدّثنا يحيى بن بكر ، حدّثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أنّ فاطمة عليها‌السلام بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال ) وإنّي والله لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها عليّ ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلّى عليها.

وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر ، فقال عمر : لا والله لا تدخل عليهم وحدك ، فقال أبو بكر : وما عسيتهم أن يفعلوا بي ، والله لآتينّهم.

فدخل عليهم أبو بكر ، فتشهد علي فقال : إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكنّك استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٥ : ٩٠.

٢ ـ صحيح البخاري ٥ : ١٣٩ ، باب غزوة خيبر.

٥٠٩
 &

لقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نصيباً ، حتى فاضت عينا أبي بكر ، فلما تكلّم أبو بكر قال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحبّ إليَّ أن أصل من قرابتي ، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمراً رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصنعه فيها إلا صنعته.

فقال علي لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة ، فلما صلّى أبو بكر الظهر رقى على المنبر ، فتشهد وذكر شأن عليّ وتخلّفه عن البيعة ، وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر ، وتشهد عليّ فعظّم حق أبي بكر ، وحدّث أنّه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ، ولا إنكاراً للذي فضّل الله به ، ولكنّا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً فاستبدّ علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فسُرّ بذلك المسلمون وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف.

الصورة الثامنة قال البخاري (١) :

حدّثنا سعيد بن عُفير ، قال : حدّثني الليث ، قال : حدّثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان ، وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكراً من حديثه ، فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته ، فقال مَلِك : انطلقت حتى أدخل على عمر إذ أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون ؟ قال : نعم ، فأذن لهم ، قال : فدخلوا وسلّموا فجلسوا ، ثم لبث يرفأ قليلاً فقال لعمر : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم ، فأذن لهما.

فلما دخلا سلّما وجلسا ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر ، فقال عمر : اتئدوا أنشدكم بالله الذي به تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه ؟ قال

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٧ : ٦٣ ، كتاب النفقات ، باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال.

٥١٠
 &

الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل تعلمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك.

قال عمر : فإنّي أحدثكم عن هذا الأمر : إنّ الله كان خصّ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال بشيء لم يعطه أحداً غيره ، قال الله : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ ) ـ إلى قوله ـ : ( قَدِيرٌ ) (١) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله ما احتازها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، لقد أعطاكموها وبثّها فيكم ، حتى بقي منها هذا المال فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم.

ثم توفى الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنتما حينئذٍ ـ وأقبل على علي وعباس ـ تزعمان أنّ أبا بكر كذا وكذا ، والله يعلم أنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وأتى هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها ، فقلت : إن شئتما دفعته إليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبما عمل به فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، وإلا فلا تكلّماني فيها ، فقلتما : ادفعها إلينا بذلك ، فدفعتها إليكما بذلك ، أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ فقال الرهط : نعم ، قال : فأقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : أفتلتمسان منّي قضاء غير

_____________________

١ ـ الحشر : ٦.

٥١١
 &

ذلك ، فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فادفعاها فأنا أكفيكماها.

الصورة التاسعة قال البخاري (١) : حدّثنا عبد الله بن محمد ، حدّثنا هشام ، أخبرنا معمّر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّ فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ) قال أبو بكر : والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصنعه فيه إلّا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة فلم تكلّمه حتى ماتت.

الصورة العاشرة قال البخاري (٢) : حدّثنا إسماعيل بن أبان ، أخبرنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).

الصورة الحادية عشرة قال البخاري (٣) : حدّثنا يحيى بن بكير ، حدّثنا الليث ، عن عُقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان ـ وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي من حديثه ذلك ، فانطلقت حتى دخلت عليه فسألته ـ فقال : انطلقت حتى أدخل على عمر ، فأتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وسعد ؟ قال : نعم ، فأذن لهم ، ثم قال : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم.

قال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، قال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورث ما تركنا

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٨ : ١٤٩ ، كتاب الفرائض باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).

٢ ـ المصدر نفسه ٨ : ١٤٩.

٣ ـ المصدر نفسه ٨ : ١٤٩.

٥١٢
 &

صدقة ) يريد رسول الله نفسه ؟ فقال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل على علي وعباس فقال : هل تعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك.

قال عمر : فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله قد كان خص رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، فقال عزوجل : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) ـ إلى قوله ـ : ( قَدِيرٌ ) (١) ، فكانت خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله ما احتازها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، لقد أعطاكموه وبثّها حتى بقي منها هذا المال ، فكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته ، ثم يأخذ ما بقي منها فيجعله مجعل مال الله ، ففعل بذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم.

فتوفى الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر ، ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها ، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما بذلك ، فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها.

الصورة الثانية عشرة قال البخاري (٢) : حدّثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أنّ أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين توفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ ، فقالت عائشة : إليس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).

_____________________

١ ـ الحشر : ٦.

٢ ـ المصدر نفسه ٨ : ١٥٠ ، نفس الباب السابق.

٥١٣
 &

الصورة الثالثة عشرة قال البخاري (١) : حدّثنا عبد الله بن يوسف ، حدّثنا الليث ، حدّثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني مالك بن أوس النصري ـ وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكراً من ذلك فدخلت على مالك فسألته ـ فقال : انطلقت حتى أدخل على عمر أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وسعد يستأذنون ؟ قال : نعم ، فدخلوا فسلموا وجلسوا ، فقال : هل لك في علي وعباس فأذن لهما ، قال العباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظالم فاستبّا ، فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.

فقال : اتئدوا ، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه ، قال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذلك ؟ قالا : نعم ، قال عمر : فإنّي محدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله كان خص رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال بشيء لم يعطه أحداً غيره ، فإنّ الله يقول : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ ) (٢) الآية.

فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم ، وقد أعطاكموها وبثّها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك في حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ فقالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما الله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم.

_____________________

١ ـ المصدر نفسه ٩ : ٩٧ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة ، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم.

٢ ـ الحشر : ٦.

٥١٤
 &

ثم توفى الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال أبو بكر : أنا وليّ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنتما حينئذٍ ـ وأقبل على علي وعباس ـ تزعمان أنّ أبا بكر فيها كذا ، والله يعلم أنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر.

ثم جئتماني وكلمتكما على كلمة واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها ، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه تعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبما عمل فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، وإلا فلا تكلّماني فيها ، فقلتما : ادفعها إلينا بذلك ، فدفعتها إليكما بذلك ، أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قال الرهط : نعم.

فأقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : أفتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها.

هذه موارد ذكر الحديث بلفظ ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) تكرّرت أكثر من عشر مرّات ، وأما بلفظ : ( لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ) ورد مرّة واحدة كما مرّ.

وإذا لاحظنا الأسانيد في تلك الموارد ، نجد سبعة منها مدارها على الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، كما في الموارد : ١ ـ ٣ ـ ٥ ـ ٦ ـ ٧ ـ ١٠ ـ ١٢ ، وخمسة مدارها على الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، كما في الموارد : ٢ ـ ٤ ـ ٨ ـ ١١ ـ ١٣.

وإذا قارنّا بين الروايات نجد التفاوت اللفظي كثيراً مما يغيّر أو يغاير بين المعاني ، مضافاً إلى التضبيب المتعمد من البخاري على ما قاله عمر لعلي وعباس

٥١٥
 &

في رأيهما في صنع أبي بكر ، والتعبير عن ذلك بكذا وكذا ، بينما نرى معاصره مسلم بن الحجاج أصدق لهجة وحديثاً منه في ذكر ذلك بصراحة تامة في صحيحه ، كما سيأتي.

ثم إنّ البخاري دسّ بأنف أبي هريرة بين تلك الموارد ، فذكر حديثاً في كتاب الفرائض في باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فقال (١) : حدّثنا إسماعيل قال : حدّثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا يقتسم ورثتي ديناراً ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة ).

وهذا أخرجه مسلم في صحيحه (٢) ، باسنادين توثيقاً للخبر ، ثم ارتقى بأبي هريرة بسند ثالث عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) وهذا فيما يبدو من التدرج من خبره الأول : لا يقتسم ورثتي ديناراً الخ ، حتى روى عين ما رواه أبو بكر ورواه عمر وروته عائشة ، ولا غرابة فهو من الضالعين في ركاب الحاكمين.

روايات الحديث في صحيح مسلم :

أورد مسلم الحديث أربع مرّات بأسانيده إلى كل من الزهري عن عروة عن عائشة ، فمرّة في حديثها عن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أردن أن يبعثن عثمان ....

ومرّتين في حديثها أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومرّة في حديثها أنّ فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر.

_____________________

١ ـ صحيح البخاري ٨ : ١٥٠.

٢ ـ صحيح مسلم ٥ : ١٥٦.

٥١٦
 &

وأورده مرّة واحدة باسناده إلى الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان في خصومة علي والعباس ، وعطف عليه ثانية مشيراً إليه باسناد آخر (١).

كما أنه لم يخل صحيحه من روايتي أبي هريرة ، كما مرّت الإشارة إلى ذلك قريباً.

وكل مرويات مسلم تجدها في كتاب الجهاد والسير في باب حكم الفيء ، وباب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) (٢).

وإذا قارنّا بين مرويات مسلم ومرويات البخاري ، فيما اتفقا عليه اسناداً بدءاً من الزهري ، سواء في حديثه عن عروة عن عائشة ، أو حديثه عن مالك بن أوس بن الحدثان ، لا نجد حقيقة الاتفاق بتمام اللفظ والمعنى ، بل نجد التفاوت واضحاً ، ولا نطيل البحث في ذلك ، إلّا أنّ الذي لا ينبغي التجاوز عنه هو ما جاء في حديث مالك بن أوس عند مسلم من قول عباس : اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ، ولما كان مسلم قد روى الخبر بأسانيد بعضها عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وقد مرّ الخبر عن عبد الرزاق في المصنف (٣) ، وليس فيه قول العباس في علي : هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن.

والذي ورد في البخاري في كتاب الاعتصام ـ كما مرّ ـ قوله : اقض بيني وبين الظالم ، استبّا. ولما كان ذلك في الفظاعة مما ينمّ عن كذب راويه ، فقد جعل موازنة لما يأتي بعده في نفس الخبر من قول عمر لعلي والعباس : فرأيتماه ـ يعني أبا بكر في قضائه عليهما ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّه لصادق

_____________________

١ ـ صحيح مسلم ٢ : ٥٣.

٢ ـ صحيح مسلم ٥ : ١٥١ ط صبيح ، و ٢ : ٥٢ ط بولاق.

٣ ـ المصنف ٥ : ٤٦٩.

٥١٧
 &

بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر وأنا وليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحق.

وهذا الذي قاله عمر حكاية عنهما في أبي بكر وفيه ، أشدّ فظاعة خصوصاً مع سكوتهما عليه وعدم اعتذارهما منه ، إذ لم يتنصلا مما نسبه عمر إليهما ولم يدفعا عنهما بشيء ، بل سكوتهما ربما أشعر بإصرارهما على ذلك.

وقد تسبب ذلك في إرباك شراح الصحيحين ، ولولا خوف الإطالة لأحطت القارئ خُبراً بذلك ، وحسبي أن أحيله على قراءة ما في شرح النووي لصحيح مسلم (١) ، من أقوال المازري والقاضي عياض مما هو ظاهر البطلان ؛ لحملهما على الألفاظ معاني تأباها العقول السليمة بفطرتها.

كما أنّ في فتح الباري لابن حجر ، وارشاد الساري للقسطلاني ، وغيرهما من شروح صحيح البخاري نحو ذلك ، وقد علّق المعلّق على صحيح مسلم (٢) قال : قوله : اقض بيني وبين هذا الخ ، كان سيدنا عمر على ما يأتي بيانه في ص ١٥٥ دفع صدقته صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة إلى علي وعباس ( رضي الله تعالى عنهما ) على مقتضى طلبهما ، فغلبه عليها علي ، فكانا يتنازعان فيها.

فكان علي كما ذكره البلاذري يقول : إنّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جعلها في حياته لفاطمة ، وكان العباس يأبى ذلك ويقول : هي ملك رسول الله وأنا وارثه ، فكانا يتخاصمان إلى سيدنا عمر ، وأما ما روي هنا من قول عباس لعلي ، وكذا ما رواه البخاري في كتاب الاعتصام من قوله : ( اقض بيني وبين الظالم استبّا ) فمما يأبى القلب تصديق صدوره من عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في حق ابن عم النبي وصهره ، وكذا رواية مسابتهما في خليفة مثل سيدنا عمر بمحضر من سادة الصحابة ( رضي الله تعالى عنهم ).

_____________________

١ ـ شرح النووي لصحيح مسلم ١٢ : ٧١ ـ ٧٦.

٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ١٥٢ ، في الهامش.

٥١٨
 &

ومهما يكن حشرهم وحشدهم فلن يستطيعوا إخفاء الحق ، ومهما يكن من زعمهم انقطاع الشيعة في ذلك ، فهو هراء محض ، ومن ذا الذي لا يقدر على دفع الباطل من الشيعة حتى زعموا انقطاعهم عند المحاججة.

ولمطارفة القراء أذكر لهم ما أشاروا إليه من محاججة الشيخ المفيد مع علي بن شاذان صاحب أبي بكر الباقلاني ، فقد ذكر الآبي الوشتاني ( ت ٨٢٨ هـ ) في اكمال اكمال المعلم (١) في شرح حديث أبي هريرة : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) قال : مجمع على صحته وقبوله من أهل السنة ، وأنّه اشتمل على جملتين ، والثانية هي قوله : ( ما تركناه صدقة ) فـ ( ما ) في موضع رفع بالابتداء و ( صدقة ) الخبر ، وحرّفه الإمامية قالوا : إنّما هو ( لا يورّث ) بالياء ، وما مفعوله ، وصدقة منصوبة على الحال ، وقالوا : إنّ المعنى : إنّ الشيء الذي تركناه صدقة لا يورّث ويورّث غيره ، وهذا خلاف ما فهمه أهل السنة ، وحمله عليه أئمة الصحابة ، ولما نص عليه الصدّيق مما يرفع الإبهام كقوله : كل مال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدقة ، وقوله في الحديث : إنّا لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ، وكقوله في الحديث قبله : لا تقتسم ورثتي ديناراً ولا درهماً ما تركناه صدقة.

وقد اعترض بهذا الهوس أبو عبد الله بن المعلم من الأئمة الإمامية على القاضي علي بن شاذان صاحب القاضي أبي بكر الباقلاني لعلمه بضعفه في العربية ، فقال له ابن شاذان : لا أعلم ما صدقة من صدقة ، ولا أحتاج إلى ذلك في هذه المسأله ، هذه فاطمة وعلي والعباس لا شك عندي وعندك في أنّهم من أفصح العرب ، وأعلمهم بالفرق بين اللفظين ، وهذا أبو بكر من أفصح العالمين بذلك كالثلاثة ، وقد جاء الثلاثة يطلبون الميراث فأجابهم أبو بكر بالحديث ،

_____________________

١ ـ اكمال اكمال المعلم ٥ : ٨١.

٥١٩
 &

فسلموا ولم ينازعوا ، فلو كان اللفظ لا يقتضي المنع لم يورده أبو بكر ولم يسلّمه الآخرون ، وأيضاً فالرفع هو المروي ومدعي النصب مبطل.

وهذا الذي ذكره الوشتاني لم يأت فيه بجديد ، بل سبق إلى ذكره من قبل أبو الوليد الباجي المالكي ( ت٤٩٤ هـ ) فقد ذكر المحاججة بصورة أوسع (١).

ومن الغريب جعلهم عدم ردّ الصديقة فاطمة عليها‌السلام ، والإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعمهما العباس رضي‌الله‌عنه على أبي بكر احتجاجه بقراءة الحديث بالرفع دليلاً على صحة القراءة ، ولست أدري لماذا الاستغفال والتعمية ؟ ألا يكفي انصرافهم غضابى ، ومقاطعتهم لأبي بكر طيلة حياة فاطمة عليها‌السلام فلم يبايع واحد منهم ، أن يكون ذلك دليلاً على عدم قبولهم الحديث جملة وتفصيلاً ، وأما قراءة النصَب والرفع إنّما صار الكلام فيها عند المتكلمين بعد ذلك ، وقد مرّ في كلام الشريف المرتضى ما يتعلّق بالمقام في ردّه على القاضي عبد الجبار ، ونقله عنه ابن أبي الحديد فراجع.

وكم لعلماء التبرير من عناء مرير في التطوير والتحوير ، وبلغ الحال بهم إلى التزوير كما سيأتي نماذج من أقوالهم فيما يتعلّق بأحداث السقيفة وما بعدها ، وحتى إسقاط المحسن السبط فانتظر.

ونعود إلى حديث ( لا نورّث ) فنقول : الذي لا شك فيه أنّ أبا بكر قال ذلك مرّة واحدة في رد مطالبة الزهراء عليها‌السلام والعباس في دعوى الميراث ، فما ورد في مصادر الحديث عند العامة في أنّه قال ذلك في رد دعوى النحلة لا يمكن تصديقه ، لأنّ الردّ لا ينفي المدّعى ، ولو أغضينا النظر عن ذلك ، فما هو اللفظ الذي ذكره أبو بكر زاعماً أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله ، هل ( نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ) ؟ أو ( إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ) ؟

_____________________

١ ـ المنتقى شرح موطأ مالك ٧ : ٣١٧.

٥٢٠