مستند الشّيعة - ج ٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-77-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٠

وقوله عليه‌السلام في رواية ابن تغلب : « إنما عليك أن تصدّقها في نفسها » (١).

ولتعذّر إقامة البيّنة عليه ، إذ غايته مشاهدة الدم وهو غير كاف في الحكم بالتحيّض ، فيقبل قولها فيه ، لعموم العلّية المستفادة من رواية الأشعري بعد حكمه عليه‌السلام بأنه ما عليه شي‌ء في قبول قولها في الزوج ، بأنه : « أرأيت لو سألها البيّنة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟ » (٢).

ولا تنافيها رواية السكوني ومرسلة الصدوق : في امرأة ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض « كلّفوا نسوة من بطانتها أنّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت ، فإن شهدت صدقت ، وإلاّ فهي كاذبة » (٣) لاحتمال اختصاصها بموردها ، حيث إنّ الدعوى فيها مخالفة للعادة. وحملها على صورة التهمة لا وجه له.

ومنه يظهر وجوب قبولها مع احتمال صدقها أيضا.

وهل يجب مع ظن الكذب أم لا؟

الأوّل عن نهاية الفاضل ، وذكري الشهيد (٤) ، وفي الحدائق (٥) ، واللوامع ، لعموم الأخبار.

والثاني عن التذكرة ، والروض (٦) ، لاستصحاب الإباحة ، وعدم تبادر التهمة من المعتبرة.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٦٢ النكاح ب ١٠٥ ح ١ ، الوسائل ٢١ : ٣٠ أبواب المتعة ب ١٠ ح ١ ( وانظر الهامش منه ).

(٢) التهذيب ٧ : ٢٥٣ ـ ١٠٩٤ ، الوسائل ٢١ : ٣٢ أبواب المتعة ب ١٠ ح ٥.

(٣) التهذيب ١ : ٣٩٨ ـ ١٢٤٢ ، الاستبصار ١ : ١٤٨ ـ ٥١١ ، الفقيه ١ : ٥٥ ـ ٢٠٧ مرسلا ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٣.

(٤) الذكرى : ٣٥.

(٥) الحدائق ٣ : ٢٦٢.

(٦) التذكرة ١ : ٢٨ ، الروض : ٧٧.

٤٨١

ويضعّف الأوّل : باندفاعه بما مرّ. مع أنه غير جار في الحيض السابق إذا أخبرت عن بقائه.

والثاني : بعدم كفاية عدم تبادرها ، بل اللازم تبادر عدم التهمة. وهو ممنوع.

وأمّا إخبارها عن الطهر ، فإن كان مع عدم معلومية الحيض سابقا فيقبل قطعا ، للاستصحاب. ونفى عنه الخلاف في اللّوامع.

وإن كان عن حدوث طهر بعد سبق حيض ، ففي اللوامع : إنّ الاحتياط هنا مع التهمة الاجتناب ، للاستصحاب مع عدم القطع بالمزيل.

والظاهر القبول هنا أيضا مطلقا ، لظاهر الأخبار المتقدّمة.

وكما يحرم الوطء على الزوج يحرم التمكين على الزوجة مع إمكان العدم ، لكونه إعانة على الإثم ، ووجوب النهي عن المنكر ، وهو هنا يتحقّق بالامتناع.

ومنه يظهر عدم إثم على الزوج لو غرّته ، أو أكرهته ، أو استدخلت ذكره في النوم ، إذ لا إثم على الزوج حينئذ ولا منكر عنه.

وقد صرّح المحقق الثاني في شرح القواعد (١) ، ووالدي في اللوامع بتأثيمها وتعزيرها بذلك.

وهو كان حسنا لو ثبت حرمة التمكين عليها مطلقا ، وهو غير معلوم ، ولذا استدلّوا عليها بكونه معاونة على الإثم. وأمر الاحتياط واضح.

ثمَّ التحريم مختص بالجماع في القبل ، فيجوز الاستمتاع بما عداه ، أمّا فيما فوق السرّة وتحت الركبة فبالإجماع المحقّق ، والمحكي في كلام جماعة منهم : المنتهى ، والتذكرة ، والمعتبر (٢) ، واللوامع ، وغيرها.

وأمّا فيما بينهما ـ ولو بالوطء في الدبر ـ فعلى الحقّ الموافق لصريح السرائر ،

__________________

(١) جامع المقاصد ١ : ٣٢١.

(٢) المنتهى ١ : ١١١ ، التذكرة ١ : ٢٧ ، المعتبر ١ : ٢٢٤.

٤٨٢

وظاهر المعتبر ، والشرائع ، والنافع (١) ، والمنتهى ، والتذكرة ، والقواعد ، والنهاية (٢) ، والدروس ، والبيان (٣) ، وعن ظاهر الاقتصاد ، والتحرير ، والمختلف (٤) ، والتبيان ، ومجمع البيان (٥). بل عن ظاهر الأخيرين وصريح الخلاف (٦) : الإجماع عليه ، وجعله في الأول الأظهر من المذهب ، ونسبه في الثاني إلى جمهور الأصحاب ، وفي الثالث إلى الأكثر (٧).

للأصل ، وعمومات الاستمتاع من النساء من الكتاب والسنّة وإطلاقاتها.

والقول بانصرافها إلى الشائع وهو حال الطهر ، مردود : بأنّه فرع شيوع المنع منه حالة الحيض ، وهو أول الكلام.

والمستفيضة من النصوص ، كرواية عبد الملك : ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ قال : « كلّ شي‌ء ما عدا القبل بعينه » (٨).

ومرسلة ابن بكير : « إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتّقى موضع الدم » (٩). ورواية ابن حنظلة (١٠).

ولا ينافي عمومها الشامل للدبر ما دلّ على حلّ ما دون الفرج له ، كروايات‌

__________________

(١) السرائر ١ : ١٥٠ ، الشرائع ١ : ٣١ ، النافع : ١٠.

(٢) القواعد ١ : ١٥ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٢.

(٣) الدروس ١ : ١٠١ ، البيان : ٦٢.

(٤) الاقتصاد : ٢٤٥ ، التحرير ١ : ١٥ ، المختلف : ٣٤.

(٥) التبيان ٢ : ٢٢٠ ، مجمع البيان ١ : ٣١٩.

(٦) الخلاف ١ : ٢٢٧.

(٧) لم نعثر عليه في الشرائع وهو موجود في المنتهى ١ : ١١١.

(٨) الكافي ٥ : ٥٣٨ النكاح ب ١٧٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٥٤ ـ ٤٣٧ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ ـ ٤٣٨ وفيه : عبد الكريم بدل عبد الملك ، الوسائل ٢ : ٣٢١ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ١.

(٩) التهذيب ١ : ١٥٤ ـ ٤٣٦ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ ـ ٤٣٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ ، أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٥.

(١٠) التهذيب ١ : ١٥٥ ـ ٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ ـ ٤٤٠ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٧.

٤٨٣

أبناء سنان (١) وعمرو (٢) وعمّار (٣) ، إذ الظاهر من الفرج القبل ، فهي توافقه ولا تنافيه.

ولو سلّم عدم الظهور فلا ظهور له في شمول الدبر ، إذ ليس المراد منه معناه اللغوي قطعا ، بل هو إمّا فرجة مخصوصة أو معهودة. وشمولها للدبر غير معلوم.

ولا ما نهى عن الإيقاب بقول مطلق ، كصحيحة ابن يزيد : ما للرجل من الحائض؟ قال : « ما بين أليتيها ولا يوقب » (٤) ، لعدم تعيين ما يوقب فيه.

مع أنه لا دلالة لها إلاّ على مرجوحية الإيقاب مطلقا ، وهو مسلّم ، فهي أيضا من أدلّة المطلوب ، لعموم صدرها الخالي عن المخصّص.

مع أنه لو سلّم منافاتهما ، لكانت بالعموم من وجه ، فيرفع اليد عنهما ويرجع إلى أصل الإباحة.

خلافا للمحكي عن السيد (٥) ، فمنع عمّا بين السرّة والركبة ، للأمر بالاعتزال في المحيض ، والنهي عن قربهنّ (٦).

وصحيحة الحلبي : في الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال : « تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها ، ثمَّ له ما فوق الإزار » (٧). ومثلها موثّقة أبي بصير (٨) بتبديل السرة بالساق :

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٣٩ النكاح ب ١٧٥ ح ٣ ، الوسائل ٢ : ٣٢١ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٣.

(٢) الكافي ٥ : ٥٣٩ النكاح ب ١٧٥ ح ٤ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٤.

(٣) الكافي ٥ : ٥٣٨ النكاح ب ١٧٥ ح ٢ ، الوسائل ٢ : ٣٢١ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٢.

(٤) التهذيب ١ : ١٥٥ ـ ٤٤٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ ـ ٤٤١ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٨.

(٥) حكى عنه في المعتبر ١ : ٢٢٤.

(٦) البقرة : ٢٢٢.

(٧) الفقيه ١ : ٥٤ ـ ٢٠٤ ، الوسائل ٢ : ٣٢٣ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ١.

(٨) التهذيب ١ : ١٥٤ ـ ٤٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ ـ ٤٤٣ ، الوسائل ٢ : ٣٢٣ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ٢.

٤٨٤

وصحيحة البصري : عن الرجل ما يحلّ له من الطامث؟ قال : « لا شي‌ء حتى تطهر » (١) خرج ما خرج بالإجماع ، فيبقى الباقي.

يضعّف الاستدلال بالآيتين (٢) : بأنّ حقيقة عدم القرب والاعتزال ليست مرادة إجماعا ، ولا يجوز جعلهما من باب المطلق المقيّد أو العام المخصّص حتى يبقى ما عدا الثابت خروجه ، لاستلزامه خروج الأكثر.

مع أنّ ما هو حقيقة عدم القرب والاعتزال لا يختلف بالاستمتاع فيما بين السرّة والركبة وغيره ، بل هو أمر خارج عن حقيقتهما ، فتأمل. فيجب المصير إلى التجوّز. وإرادة ترك الوطء في القبل ليست مرجوحة عن غيره ، بل هو أولى بها ، للشيوع.

مع إمكان إرادة مكان الحيض من الآية الأولى ، بل هو ـ كما قيل (٣) ـ أولى من المصدر واسم الزمان ، لخلوّه عن الإضمار والتخصيص اللازم فيهما ، وإن لزم تخصيص حالة الطهر على إرادة المكان أيضا.

وبالأخبار ـ بعد تخصيص الأخيرة بما بين السرّة والركبة بالإجماع ـ : بأنها تعارض ما مرّ بالعموم من وجه ، والترجيح لما مرّ ، لمخالفتها لأكثر العامة (٤). مع أنه لولاه لكان المرجع إلى الأصل أيضا ، مضافا إلى عدم دلالة الأولى على حرمة ما تحت السرّة إلاّ بالمفهوم الضعيف.

والتضعيف (٥) : بأنّ نفي الحلّ الظاهر في متساوي الطرفين لا يثبت الحرمة ، ضعيف ، لأنّ المتبادر منه نفي مطلق الجواز.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٥٥ ـ ٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٣٠ ـ ٤٤٥ ، الوسائل ٢ : ٣٢٠ أبواب الحيض ب ٢٤ ح ١٢ والرواية مروية عن علي بن الحسن فهي موثقة وليست بصحيحة بحسب الاصطلاح.

(٢) لا يخفى انه ليست هنا إلاّ آية واحدة كما أشرنا إليها.

(٣) الحدائق ٣ : ٢٦٤ ، الرياض ١ : ٤٦.

(٤) نقل في بداية المجتهد ١ : ٥٦ عن مالك والشافعي وابي حنيفة انّ له منها ما فوق الإزار ، وفي نيل الأوطار ١ : ٣٢٤ انه ذهب أكثر العلماء الى التحريم ..

(٥) كما ضعّفه في الحدائق ٣ : ٢٦٤.

٤٨٥

ثمَّ بما ذكرنا يظهر ضعف الاستدلال بها على الكراهة أيضا. ولكن فتوى الأكثر بها ودعوى جماعة (١) الشهرة عليها كافية في إثباتها ، فعليها الفتوى. ونفيها ـ كبعض مشايخنا الأخباريين (٢) ـ غير جيّد.

الثالثة عشرة : لو وطئها زوجها عالما عامدا وجبت عليه الكفّارة‌ بدينار في أوله ، ونصفه في وسطه ، وربعه في آخره ، وفاقا في الوجوب بل التفصيل للمحكي عن الصدوقين (٣) ، والسيد ، والمفيد ، والمبسوط ، والخلاف ، والجمل والعقود (٤) ، وأبناء البراج وحمزة وإدريس وزهرة (٥) ، واختاره غير واحد من مشايخنا (٦). بل عليه في الانتصار ، وعن الغنية ، والخلاف ، الإجماع ، ونسب دعواه إلى السرائر أيضا (٧). وليس كذلك ، بل قال : لأصحابنا فيه قولان. نعم جعل الوجوب الأظهر من المذهب. ونسبه في التذكرة إلى أكثر علمائنا (٨) ، وجماعة (٩) إلى أكثر القدماء.

للرضوي : « إن جامعت امرأتك في أول الحيض تصدّق بدينار ، وإن كان في وسطه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار » (١٠).

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في الروض : ٨١.

(٢) الحدائق ٣ : ٢٦٥.

(٣) الفقيه ١ : ٥٣ ، الهداية : ٦٩ ، ونقله في المعتبر ١ : ٢٣١ عن علي بن بابويه أيضا.

(٤) الانتصار ٣٣ ، المقنعة : ٥٥ ، المبسوط ١ : ٤١ ، الخلاف ١ : ٢٢٥ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٢.

(٥) المهذب ٢ : ٤٢٣ ، الوسيلة : ٥٨ ، السرائر ١ : ١٤٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

(٦) كصاحب الحدائق ٣ : ٢٦٨ ، والسيد بحر العلوم في الدرة : ٣٥.

(٧) نسبه في الرياض ١ : ٤٤.

(٨) التذكرة ١ : ٢٧.

(٩) منهم صاحب الرياض ، وفي الحدائق ٣ : ٢٦٥ أنه المشهور بين المتقدمين.

(١٠) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٢٦ ، المستدرك ٢ : ٢١ أبواب الحيض ب ٢٣ ح ١.

٤٨٦

والمروي في المقنع : « إذا جامعها في أول الحيض فعليه أن يتصدّق بدينار ، وإن كان في نصفه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار » (١).

وضعفهما بعد انجبارهما بما ذكر غير ضائر.

ويؤيّده بل يدلّ على التفصيل : رواية داود في كفّارة الطمث : « أن يتصدّق إذا كان في أوله بدينار ، وفي وسطه نصف دينار ، وفي آخره ربع دينار » قلت : فإن لم يكن عنده ما يكفّر؟ قال : « فليتصدّق على مسكين واحد ، وإلاّ استغفر الله ولا يعود ، فإنّ الاستغفار توبة وكفّارة لمن لم يجد السبيل إلى شي‌ء من الكفّارة » (٢).

ولا تضرّها رواية القمي ، المتقدمة (٣) ، ورواية محمّد : عن الرجل يأتي المرأة وهي حائض ، قال : « يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفي استدباره نصف دينار » (٤).

وموثّقة أبي بصير : « من أتى حائضا فعليه نصف دينار » (٥).

ومضمرة محمّد : عمّن أتى امرأته وهي طامث ، قال : « يتصدّق بدينار » (٦).

فإنّها مطلقة من جهة وقت الحيض بالنسبة إلى الأخبار الأولى ، والمطلق لا ينافي المقيد بل يحمل عليه ، فهي أيضا أدلّة لبعض المطلوب.

ولا حسنة الحلبي : عن الرجل يقع على امرأته وهي حائض ، ما عليه؟

__________________

(١) المقنع : ١٦ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٧.

(٢) التهذيب ١ : ١٦٤ ـ ٤٧١ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ ـ ٤٥٩ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ١.

(٣) ص ٤٧٩. رقم ٥.

(٤) الكافي ٧ : ٢٤٣ الحدود ب ٤٨ ح ٢٠ ، التهذيب ١٠ : ١٤٥ ـ ٥٧٦ ، الوسائل ٢٨ : ٣٧٧ أبواب بقية الحدود ب ١٣ ح ١.

(٥) التهذيب ١ : ١٦٣ ـ ٤٦٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٣ ـ ٤٥٦ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٤.

(٦) التهذيب ١ : ١٦٣ ـ ٤٦٧ ، الاستبصار ١٣٣ ـ ٤٥٥ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٣.

٤٨٧

قال : « يتصدّق على مسكين بقدر شبعه » (١).

لأعميتها مطلقا مما مرّ ، حيث يختص ما مرّ بالعالم العامد وواجد للكفّارة إجماعا ونصا.

مضافا إلى أنّ رجحان التصدّق على مسكين لا ينافي وجوب غيره أيضا.

وعدم ذكره مع السؤال عمّا يجب عليه لا ينفي الوجوب ، لجواز مصلحة فيه ، وكونه مقام الحاجة غير معلوم. ولو فرض منافاته له فتكون الرواية شاذة ، لعدم مفت بمضمونها إلاّ عن نادر (٢).

وبهذين الوجهين يظهر عدم مضرّة حسنته الأخرى ، وموثّقة عبد الملك.

الأولى : عن رجل واقع امرأته وهي حائض ، فقال : « إن كان واقعها في استقبال الدم فيستغفر الله ، ويتصدّق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كلّ رجل منهم ليومه ، ولا يعد ، وإن كان واقعها في إدبار الدم في آخر أيامها قبل الغسل فلا شي‌ء عليه » (٣).

الثانية : عن رجل أتى جاريته وهي طامث ، قال : « يستغفر الله » قال عبد الملك : فإنّ الناس يقولون : عليه نصف دينار أو دينار ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « فليتصدّق على عشرة مساكين » (٤).

مضافا في الأولى إلى أنّ الظاهر من جزئها الأخير أنه بعد الطهر وقبل الغسل ، ولا أقلّ من الشمول له الموجب للأعمية المطلقة مما مرّ الباعث‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٦٣ ـ ٤٦٩ ، الاستبصار ١٣٣ ـ ٤٥٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٥.

(٢) الصدوق في المقنع : ١٦.

(٣) الكافي ٧ : ٤٦٢ الايمان والنذور والكفارات ب ١٨ ح ١٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٩١ أبواب الكفارات ب ٢٢ ح ٢.

(٤) التهذيب ١ : ١٦٤ ـ ٤٧٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٣ ـ ٤٥٨ ، وفيه : عبد الكريم بدل عبد الملك ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٢.

٤٨٨

للتخصيص.

وفي الثانية إلى احتمال أن يكون عدم ذكره للكفارة أوّلا للتقية ، حيث إنّه مذهب أبي حنيفة ومالك (١) المشتهر في عصره عليه‌السلام ، فلما ذكر الراوي إيجاب العامة لها أيضا حيث إنّهم يروونها عن ابن عباس (٢) ، وهو مذهب أحمد وأحد قولي الشافعي ، أمر عليه‌السلام أيضا بالكفّارة وقال : « فليتصدّق » هذه الكفارة الواجبة « على عشرة مساكين » ولا بعد أن يكون الراجح في الكفّارة هذا النوع من التقسيم.

وممّا ذكر من اشتهار عدم الوجوب عند رؤساء منافقي عصره يظهر عدم مضرّة ما دلّ على نفيها مطلقا أيضا ، كصحيحة العيص : عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، ـ إلى أن قال ـ : قلت : إن فعل عليه كفارة؟ قال : « لا أعلم فيه شيئا ، يستغفر الله » (٣).

وموثّقة زرارة : عن الحائض يأتيها زوجها ، قال : « ليس عليه شي‌ء ، يستغفر الله » (٤).

وخبر المرادي : عن وقوع الرجل على امرأته وهي طامث خطأ ، قال : « ليس عليه شي‌ء وقد عصى ربّه » (٥).

والمروي في الدعائم : « من أتى حائضا فقد أتى ما لا يحلّ له ، وعليه أن‌

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٣٥٠.

(٢) سنن ابي داود ١ : ٦٩ ـ ٢٦٤.

(٣) التهذيب ١ : ١٦٤ ـ ٤٧٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ ـ ٤٦٠ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ١٦٥ ـ ٤٧٤ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ ـ ٤٦٢ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٢.

(٥) التهذيب ١ : ١٦٥ ـ ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ ـ ٤٦١ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٣.

٤٨٩

يستغفر الله ويتوب من خطيئته ، وإن تصدّق مع ذلك فقد أحسن » (١).

مضافا إلى عموم غير الأخير بالنسبة إلى المتمكّن وغيره ، وخصوص ما مرّ ، فيجب التخصيص.

وورود ما قبله في الخاطي وليس عليه كفارة إن كان خطوة في الموضوع ـ كما هو أحد احتماليه ـ إجماعا ، ومطلقا عند طائفة.

ولا ينافيه قوله : « وقد عصى » لوجوب حمله على ضرب من التجوّز بقرينة الخطأ.

وتحقّق العصيان بترك الفحص ـ على الحمل على الجهل بالحكم وإمكان العكس ـ لا يفيد ، لكفاية الاحتمال في سقوط الاستدلال. بل لنا أن نقول بشمول ما تقدّم عليه أيضا للخاطئ ، ولا ينافيه الاستغفار ، لأنّه راجح في كلّ حال.

وأمّا الأخير ، فمع عدم دلالته على نفي الوجوب ، ضعيف لا يصلح لمقاومة ما مرّ.

فالقول بعدم الوجوب لبعض ما ذكر ، وللأصل المندفع بما مرّ ، ولاختلاف الأخبار الموجبة ، المعلوم وجهه مع عدم صلاحيته لنفي الإيجاب ، كما في المنتهى ناسبا له إلى أكثر أهل العلم (٢) ، والتذكرة ، ونهاية الإحكام ، والمعتبر ، وظاهر الشرائع ، والنافع (٣) ، والمحقق الثاني (٤) ، ووالدي العلاّمة ، وعن نكاح المبسوط (٥) ، ونسب إلى أكثر المتأخرين (٦) ، ضعيف ، كالتوقّف ، كما هو ظاهر‌

__________________

(١) الدعائم ١ : ١٢٧ ، المستدرك ٢ : ٢٢ أبواب الحيض ب ٢٤ ح ١.

(٢) المنتهى ١ : ١١٥.

(٣) التذكرة ١ : ٢٨ ، نهاية الإحكام ١ : ٢١ ، المعتبر ١ : ٢٣١ ، الشرائع ١ : ٣١ وفيه : والوجوب أحوط ، النافع : ١٠.

(٤) جامع المقاصد ١ : ٣٢١.

(٥) المبسوط ٤ : ٢٤٢.

(٦) كما نسبه في الرياض ١ : ٤٤.

٤٩٠

الدروس ، والبيان ، وعن اللمعة (١) ، وشيخنا البهائي (٢) ، والتفرقة بين الشاب والمضطر وغيرهما ، كما عن الراوندي (٣).

فروع :

أ : تلحق بالزوجة المشتبهة والمزني بها ، لإطلاق بعض الأخبار ، وعدم الفصل.

ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة ، لعموم بعض الأدلّة.

نعم ، فرق بين الحرّة والأمة ، فإنّ ما ذكر مخصوص بالحرة.

وأمّا الكفّارة في الأمة فثلاثة أمداد من الطعام ، وفاقا للصدوق ، والشيخ في كفارات النهاية ، والسيد في كفّارات الانتصار (٤) ، والسرائر ، والمعتبر ، والمنتهى ، والقواعد ، والبيان ، والدروس (٥). بل في الثالث : الإجماع على وجوبه ، وعن الرابع : نفي الخلاف عنه.

لمرسلة الفقيه وفي آخرها : « من جامع أمته وهي حائض تصدق بثلاثة أمداد من الطعام » (٦).

والرضوي : « وإن جامعت أمتك وهي حائض تصدّقت بثلاثة أمداد من طعام » (٧).

وبذلك منضما إلى عدم القول بالجمع بين ذلك وبين الدنانير يقيّد إطلاق بعض الأخبار.

__________________

(١) الدروس ١ : ١٠١ ، البيان : ٦٣ ، اللمعة ( الروضة البهية ) : ١٠٨.

(٢) الحبل المتين : ٥١.

(٣) نقل عنه في الذكرى : ٣٤.

(٤) الفقيه ١ : ٥٣ ، المقنع : ١٦ ، النهاية : ٥٧١ ، الانتصار : ١٦٥.

(٥) السرائر ٣ : ٧٦ ، المعتبر ١ : ٢٣٢ ، المنتهى ١ : ١١٦ ، القواعد ١ : ١٥ ، البيان : ٦٣ ، الدروس ١ : ١٠١.

(٦) الفقيه ١ : ٥٣ ـ ٢٠٠.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٦ ، المستدرك ٢ : ٢١ أبواب الحيض ب ٢٣ ح ١.

٤٩١

وهل ذلك على الوجوب؟ كما هو ظاهر الفقيه الانتصار ، أو الاستحباب؟ كما هو صريح المعتبر والمنتهى وأكثر عبارات الباقين محتمل للأمرين.

الظاهر الأخير ، لخلوّ الروايات عن الدالّ على الوجوب.

ب : التكفير مختص بالواطئ ، فلا كفّارة على الموطوء ، للأصل.

ج : الأظهر الأشهر الموافق لظاهر الأخبار اختلاف الأول والوسط والآخر باختلاف الحيض الذي وطئ فيه ، فالأول لذات الثلاثة الأول (١) ، ولذات الأربعة مع ثلث الثاني ، ولذات الخمسة مع ثلثيه ، وهكذا ، ومثله الوسط والآخر.

وبالجملة التثليث مرعيّ بالإضافة إلى أيام الحيض مطلقا ، ذات عادة كانت أم غيرها ، كانت العادة عشرة أم لا.

وعن الديلمي (٢) : تحديد الوسط بما بين الخمسة إلى السبعة. والراوندي (٣) اعتبر العشرة مطلقا فثلّثها ، فلا وسط لمن حيضها ثلاثة وثلث فما دون ، ولا آخر لمن حيضها سبعة إلاّ ثلثا ، على الاعتبارين ، ويفترقان في صاحبة الأربعة والسبعة ، فلا وسط للأول ولا آخر للثاني على الأول ، ويتحقّقان على الثاني ، وهما الثلثان الأخيران من اليوم الرابع أو السابع.

د : الدينار المثقال الشرعي من الذهب الخالص إجماعا ، المسكوك على الأصح ، وفاقا لجماعة (٤) ، للتبادر. خلافا لآخرين (٥) ، فاكتفوا بالتبر لإطلاق الاسم. وهو ضعيف.

والأصحّ تعيينه ، فلا تجزئ القيمة ، اقتصارا على ظاهر النص ، ومثله‌

__________________

(١) أي الأوّل ـ بالنسبة الى امرأة حيضها ثلاثة أيام ـ هو اليوم الأوّل ، وبالنسبة الى امرأة حيضها أربعة هو اليوم الأوّل مع ثلث اليوم الثاني ..

(٢) المراسم : ٤٤.

(٣) فقه القرآن ١ : ٥٤.

(٤) كما اختاره في الذكرى : ٣٥ ، والمدارك ١ : ٣٥٥ ، وكشف اللثام ١ : ٩٤.

(٥) كالعلاّمة في التحرير ١ : ١٥.

٤٩٢

النصف والربع ، فيشارك الفقير المالك في النصف من دينار أو ربعه.

ومصرفه مصرف سائر الكفارات اللازمة. ولا يلزم فيه التعدد ، لإطلاق النص. ولو قيل برجحان التصدّق على عشرة مساكين ، لأنه أحد احتمالي رواية عبد الملك (١) ، لم يكن بعيدا.

الرابعة عشرة : يجوز وطؤها بعد الطهر وقبل الغسل وفاقا للمعظم ، بل في الانتصار ، والسرائر ، وعن الخلاف ، والغنية (٢) ، وظاهر التبيان ، والمجمع ، والروض ، وأحكام الراوندي (٣) : الإجماع عليه.

لا لتعليق الاعتزال في الآية (٤) على المحيض فينتفي بانتفائه ، لانتفاء المفهوم المعتبر.

ولا لجعل غاية النهي عن المقاربة فيها الطهر في القراءات السبع فلا يحرم بعده ، لعدم ثبوت كون الطهر فيها ولو على قراءة التخفيف بمعنى انقطاع الدم ، فيجوز أن يراد به الحالة الحاصلة بعد الغسل وإن لم تثبت له الحقيقة الشرعية في الغسل عند نزول الآية.

ولا ينافي ذلك ما ورد في الأخبار من أن غسل الحيض سنة (٥) ، أي لا يثبت وجوبه من الكتاب ، لأنّ تعليق جواز المقاربة على الغسل غير إيجابه.

بل للأصل ، والمستفيضة كصحيحة محمّد : في المرأة ينقطع عنها دم الحيض‌

__________________

(١) المتقدمة ص ٤٨٨.

(٢) الانتصار : ٣٤ ، السرائر ١ : ١٥١ ، الخلاف ١ : ٢٢٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

(٣) التبيان ٢ : ٢٢١ ، مجمع البيان ١ : ٣٢٠ ، الروض : ٨١ ، فقه القرآن ( الاحكام ) ١ : ٥٥.

(٤) البقرة : ٢٢٢.

(٥) كذلك أشار إليها في الوسائل ٢ : ب ١ أبواب الحيض بقوله : وتقدم ما يدل على انه سنّة وأشار إليها أيضا في شرح المفاتيح ـ مخطوط ـ والرياض ١ : ٤٦ ، ولم نعثر عليها ، فانظر الوسائل ٢ : أبواب الجنابة ب ١ والوسائل ٢ : أبواب الحيض ب ١ ، وج ٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ولعل المراد ما ورد في رواية سعد بن أبي خلف : الغسل في أربعة عشر موطنا واحد فريضة والباقي سنّة ( الوسائل : ٢ : ١٧٦ أبواب الجنابة ب ١ ح ١١ ) ولكن الدلالة محل منع كما يظهر بالتأمل في سائر روايات الباب فراجع وتأمل.

٤٩٣

في آخر أيامها ، قال : « إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثمَّ يمسّها إن شاء قبل أن تغتسل » (١).

وموثّقة ابن يقطين : عن الحائض ترى الطهر فيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل ، قال : « لا بأس ، وبعد الغسل أحب إليّ » (٢).

وموثّقة ابن بكير : « إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء » (٣).

ومرسلة ابن المغيرة : « إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل ، وإن فعل فلا بأس به » وقال : « تمس الماء أحب إليّ » (٤).

وخلافا للفقيه في غير ما إذا كان الزوج مشبقا فحرّمه (٥) ، واستقواه في الروض (٦) ، للاستصحاب ، والآية مع قراءة التشديد.

وموثّقة أبي بصير : عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر ، أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال : « لا حتى تغتسل » وعن امرأة حاضت في السفر ثمَّ طهرت فلم تجد ماء يوما أو اثنين ، أيحلّ لزوجها أن يجامعها قبل أن تغتسل؟ قال : « لا يصلح حتى تغتسل » (٧) ونحو آخرها موثّقة عبد الرحمن (٨).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٣٩ النكاح ب ١٧٦ ح ١ ، التهذيب ٧ : ٤٨٦ ـ ١٩٥٢ ، الوسائل ٢ : ٣٢٤ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ١.

(٢) التهذيب ١ : ١٦٧ ـ ٤٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ ـ ٤٦٨. الوسائل ٢ : ٣٢٤ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٥.

(٣) الاستبصار ١ : ١٣٥ ـ ٤٦٤ ، وفي التهذيب ١ : ١٦٦ ـ ٤٧٦ رواها عن ابن بكير عن بعض أصحابنا عن علي بن يقطين .. ، الوسائل ٢ : ٣٢٥ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٣.

(٤) التهذيب ١ : ١٦٧ ـ ٤٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ ـ ٤٦٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٥ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٤.

(٥) الفقيه ١ : ٥٣.

(٦) الروض : ٨٠.

(٧) التهذيب ١ : ١٦٦ ـ ٤٧٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ ـ ٤٦٥ ، الوسائل ٢ : ٣٢٦ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٦.

(٨) التهذيب ١ : ٣٩٩ ـ ١٢٤٤ ، الوسائل ٢ : ٣١٣ أبواب الحيض ب ٢١ ح ٣.

٤٩٤

وموثّقة ابن يسار : المرأة تحرم عليها الصلاة فتوضّأ من غير أن تغتسل ، فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال : « لا حتى تغتسل » (١).

ويردّ الاستصحاب : بالمعارضة مع استصحاب الجواز السابق على الحيض ، حيث لم يعلم المنع زائدا على أيام الحيض.

والآية بمعارضة القراءتين مع أرجحية التخفيف بالشهرة ، مضافا إلى أنّ إرادة غسل الفرج من التطهير ممكنة.

والأخبار ـ مع عدم دلالة الأولى بل الأخيرة على الحرمة ـ : بأن حملها على الكراهة متعيّن بقرينة الأخبار السابقة ، فلا تعارض.

ولو سلّم فالترجيح للأولى ، لمخالفتها لأكثر العامة ، كما نقلها جماعة من الخاصة (٢).

مع أن إطلاق الثانية ممّا لم يقل به أحد ممّن سبق ، حيث إنّ الصدوق استثنى الشبق ، فلا بدّ إمّا من تخصيصها أو حملها على الكراهة ، وليس الأول أولى من الثاني.

ومع تسليم الجميع فغايته التعارض الموجب للرجوع إلى أصالة الجواز.

نعم ، يكره ذلك ، للإجماع على المرجوحية واشتهار الكراهة ، لا لقوله عليه‌السلام : « أحبّ إليّ » لعدم دلالته على الكراهة.

وهل تزول الكراهة بغسل الفرج كما صرّح في السرائر (٣)؟ الظاهر لا ، للأصل.

وفي اشتراط زوال الحرمة به وعدمه قولان : الأول للمحكي عن الصدوق ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٦٧ ـ ٤٧٩ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ ـ ٤٦٦ ، الوسائل ٢ : ٣٢٦ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٧.

(٢) كالشيخ في الخلاف ١ : ٧٠ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ١١٧ ، وانظر بداية المجتهد ١ : ٥٥ ، والمغني ١ : ٣٣٨.

(٣) السرائر ١ : ١٥١.

٤٩٥

وصريح الغنية (١) ، وظاهر التبيان ، والمجمع ، وأحكام الراوندي (٢) ، لكن مخيّرا بينه وبين الوضوء ، فحكموا باشتراط أحد الأمرين منهما. ولا دليل على ذلك التخيير.

نعم ، ظاهر لفظة « ثمَّ » في الصحيحة (٣) كون جواز المس معقبا لغسل الفرج ، وأيضا في خبر الحذاء : عن المرأة الحائض ترى الطهر في السفر وليس معها من الماء ما يكفي لغسلها ـ إلى أن قال ـ قلت : يأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال : « نعم ، إذا غسلت فرجها وتيمّمت فلا بأس » (٤).

وفيهما : أنّهما لو دلّتا لدلّتا على شرطية غسل الفرج خاصة أو مع التيمّم ، ولا قائل بهما.

مضافا إلى عدم دلالة الأولى على عدم جوازه قبل غسل الفرج بمنطوق ولا مفهوم ، والجواز عقيبه لا يدلّ على عدمه قبله. بل الثانية أيضا ، إذ ثبوت البأس قبله يمكن أن لا يكون للوطء قبله واشتراطه به ، بل لتركه بنفسه. فيكون هو واجبا نفسيا وإن لم يشترط به جواز الوطء كما اختاره بعض الأجلّة حاكيا له عن ظاهر الأكثر (٥) ، وتشعر به عبارة القواعد (٦). وهو المختار ، للأمر به في الصحيحة ، فإنّ الأمر بالأمر بشي‌ء يدلّ على وجوبه ، وإثبات البأس ـ الذي هو العذاب ـ قبله في خبر الحذاء.

لا أن يكون مستحبا بنفسه ، كما عن صريح المعتبر ، والمنتهى ، والتحرير ، والذكرى ، والبيان (٧) ، للأصل ، وخلوّ أكثر الأخبار المجوّزة الواردة ـ على الظاهر ـ

__________________

(١) الفقيه ١ : ٥٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

(٢) التبيان ٢ : ٢٢١ ، مجمع البيان ١ : ٣٢٠ ، فقه القرآن ( الاحكام ) ١ : ٥٥.

(٣) صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة ص ٤٩٤ رقم ١.

(٤) الكافي ٣ : ٨٢ الحيض ب ٦ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٠٠ ـ ١٢٥٠ ، الوسائل ٢ : ٣١٢ أبواب الحيض ب ٢١ ح ١.

(٥) الفاضل الهندي ( منه رحمه‌الله ). كشف اللثام ١ : ٩٧.

(٦) القواعد ١ : ١٦.

(٧) المعتبر ١ : ٢٣٦ ، المنتهى ١ : ١١٨ ، التحرير ١ : ١٦ ، الذكرى : ٣٤ ، البيان : ٦٣.

٤٩٦

في مقام الحاجة عنه ، فلو وجب غسله لزم تأخير البيان عن وقتها.

ويدفع الأصل : بما مرّ.

ويجاب عن خلوّ الأخبار : بمنع كونها في مقام الحاجة. وجعله أصلا ـ كما قيل ـ لا أصل له. مع أنّ التأخير إنّما يلزم لو ( لم يعدمها ) (١) البيان وهو غير معلوم.

ثمَّ إنّ زمان الاستظهار زمان الحيض استصحابا ، فلا يجوز الوطء فيه.

ويدلّ عليه أيضا قوية مالك بن أعين : عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم ، قال : « نعم ، إذا مضى بها منذ وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثمَّ تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها ، يأمرها فتغتسل ثمَّ يغشاها إن أحبّ » (٢).

__________________

(١) في « ق » لم يهدمها.

(٢) التهذيب ١ : ١٧٦ ـ ٥٠٥ ، الوسائل ٢ : ٣٩٥ أبواب النفاس ب ٧ ح ١.

٤٩٧
٤٩٨

فهرس الموضوعات

الوضوء

نواقض الوضوء :

ناقضية البول والغائط والريح................................................... ٧

حكم الخروج من الموضع غير الطبيعي........................................... ٩

ناقضية النوم الغالب على السمع والعقل........................................ ١٢

ناقضية كل مزيل للعقل...................................................... ١٦

اشتراط العلم بتحقق الناقض.................................................. ١٦

ما اختلف في ناقضيته للوضوء :

المذي...................................................................... ١٧

تقبيل المرأة ومس الفرجين.................................................... ١٩

القهقهة في الصلاة والحقنة.................................................... ٢٠

الدم الخارج من السبيلين..................................................... ٢٠

الحيض..................................................................... ٢١

مس الميت.................................................................. ٢١

ما يستحب له الوضوء :..................................................... ٢١

٤٩٩

الوضوء الواجب :

وجوب الوضوء للصلاة والطواف الواجبين..................................... ٢٣

وجوب الوضوء لمس خط المصحف............................................ ٢٤

وجوب الوضوء بالنذر وشبهه................................................. ٢٤

الوضوء واجب غيري........................................................ ٢٥

الوضوء المستحب باعتبار الغاية :

للصلاة المندوبة.............................................................. ٣٠

لصلاة الجنازة............................................................... ٣٢

للطواف المندوب............................................................ ٣٢

لمناسك الحج الغير المشترطة فيها الطهارة........................................ ٣٢

لمس كتابة المصحف وتلاوته و ............................................... ٣٢

لدخول المساجد............................................................. ٣٤

للكون على الطهارة.......................................................... ٣٥

للتأهب للفريضة............................................................ ٣٦

الوضوء التجديدي........................................................... ٣٧

لطلب الحاجة وزيارة قبور المؤمنين............................................. ٣٨

للنوم....................................................................... ٣٨

لذكر الحائض وتغسيل الجنب الميت........................................... ٣٩

لإدخال الميت في القبر........................................................ ٤٠

لوطء جارية بعد أخرى...................................................... ٤٠

لجماع المحتلم................................................................ ٤١

لدخول المرأة على زوجها ليلة زفافها........................................... ٤١

لجلوس القاضي في مجلس القضاء............................................... ٤١

لتكفين الميت................................................................ ٤٢

قبل الأغسال المسنونة........................................................ ٤٢

الوضوء الرافع لكراهة بعض المباحات.......................................... ٤٢

٥٠٠