مستند الشّيعة - ج ٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-77-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٠

الوجوب.

نعم ، لا بأس بالقول بوجوب القيام وإلصاق البطن على الحائط ، للأمر بهما في موثّقة سماعة (١).

الثانية : إذا استبرأت الحائض مطلقا وعلمت انقطاع دمها لدون العشرة ظاهرا ، وجب عليها الغسل لمشروط الطهارة إجماعا ، للنصوص المعتبرة ، كمرسلة يونس ، القصيرة (٢) ، وموثّقة يونس بن يعقوب المتقدّمة (٣) ، ومرسلة العجلي (٤) ، وغيرها.

ولا فرق في ذلك بين معتادة الانقطاع والعود قبل العشرة أو غيرها ، لإطلاق الروايات.

وقد يقال بعدم الوجوب على معتادة العود ، لأنّ المظنون حينئذ كونها حائضا.

وهو باطل ، لعدم ثبوت حجية ذلك الظن ، وصلاحيته لتقييد الإطلاقات.

نعم ، لو اعتادت الفترات بحيث يحصل لها اليقين بالعود عادة لم يجب ، والوجه ظاهر.

الثالثة : لا يصح منها صلاة ولا طواف ولا صوم ، بالإجماع والمستفيضة من النصوص. فتحرم عليها ، لأنّها شأن العبادة الغير الصحيحة. كما تحرم عليها أيضا أمور أخر :

منها‌ : مس كتابة المصحف على الأشهر الأظهر ، كما في بحث الجنابة مع فروعه قد مرّ (٥).

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٦١ ـ ٤٦٢ ، الوسائل ٢ : ٣٠٩ أبواب الحيض ب ١٧ ح ٤.

(٢) الكافي ٣ : ٨٠ الحيض ب ٥ ح ١ ، الوسائل ٢ : ٣٠٩ أبواب الحيض ب ١٧ ح ٢.

(٣) ص ٣٩٧.

(٤) الكافي ٣ : ٩٠ الحيض ب ٨ ح ٧ ، الوسائل ٢ : ٢٨٥ أبواب الحيض ب ٦ ح ١.

(٥) ص ٢٨٦.

٤٦١

ومنها‌ : اللبث في المساجد وفاقا للأكثر ، ونسبه في المنتهى (١) إلى عامة أهل العلم ، وفي التذكرة (٢) إلى علمائنا ، مؤذنا بدعوى الإجماع عليه ، بل في صريح المعتبرة والتحرير والمدارك : الإجماع عليه (٣). وهو كذلك ، حيث لا ينافيه خلاف نادر يأتي ذكره. فهو دليله.

مضافا إلى عدم الفصل بينها وبين الجنب المحرّم عليه ذلك قطعا ، وصحيحة أبي حمزة ، المتقدّمة (٤) في الجنب.

ويؤيده النبوي المروي في المعتبر ، والمنتهى ، والتذكرة : « لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنب » (٥).

وصحيحة العلل ، ورواية محمّد ، المتقدّمتان (٦).

والرضوي : « ولا تدخل المسجد وأنت جنب ولا الحائض إلاّ مجتازين » (٧).

بل استدلّ بها الأكثر. وفيه نظر كما مرّ.

نعم ، في الصحيحة دلالة على الحرمة على الجنب من جهة أخرى ، وهي الاستشهاد بالآية ، وهو لا يفيد في المقام.

خلافا للمحكي عن الديلمي (٨) ، للأصل. وهو مدفوع بما ذكر.

وأمّا الجواز فيها فجائز على الأشهر الأظهر ، بل في المعتبر اتّفاقهم عليه (٩) ، للتصريح به في الأخبار المذكورة.

__________________

(١) المنتهى ١ : ١١٠.

(٢) التذكرة ١ : ٢٦.

(٣) المعتبر ١ : ٢٢١ ، التحرير ١ : ١٥ ، المدارك ١ : ٣٤٥.

(٤) ص ٢٩٠.

(٥) المعتبر ١ : ٢٢١ ، المنتهى ١ : ١١٠ ، التذكرة ١ : ٢٦ ، وهي مروية في سنن أبي داود كتاب الطهارة : ٩٢.

(٦) ص ٢٨٩.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥ ، المستدرك ٢ : ٢٦ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ١.

(٨) الموجود في المراسم : ٤٣ خلافه.

(٩) المعتبر ١ : ٢٢٢.

٤٦٢

وعن المقنع ، والفقيه ، والجمل والعقود ، والوسيلة (١) : إطلاق المنع من الدخول. ويدفعه ما ذكر.

عدا المسجدين ، فيحرم الجواز فيهما أيضا على الأقوى ، وفاقا لصريح السرائر ، والنافع ، والمنتهى ، والتذكرة ، والدروس ، والبيان (٢) ، وعن الجامع ، والتحرير ، والتلخيص ، والتبصرة (٣) ، بل عن الغنية (٤). وفي اللوامع : الإجماع عليه ، ونسبه في المدارك إلى الأصحاب (٥) مؤذنا بدعواه.

لمفهوم قوله في صحيحة أبي حمزة : « ولا بأس أن يمرّا في سائر المساجد » (٦) وتؤيّده حسنة محمّد (٧). وبه يقيّد بعض الإطلاقات.

خلافا لظاهر الهداية ، والمقنعة ، والمبسوط ، والنهاية ، والاقتصاد ، والمصباح ، ومختصره ، والإصباح ، والخلاف (٨) ، والشرائع ، والإرشاد ، والقواعد ، ونهاية الإحكام (٩) ، ونسب إلى التذكرة أيضا ـ وهو غفلة (١٠) ـ فأطلقوا جواز الجواز في المساجد ، لبعض المطلقات المقيد بما مرّ. وظاهر المعتبر والمدارك‌

__________________

(١) المقنع : ٢٧ ، الفقيه ١ : ٥٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٢ ، الوسيلة : ٥٨.

(٢) السرائر ١ : ١٤٤ ، النافع : ١٠ ، المنتهى ١ : ١١٠ ، التذكرة ١ : ٢٦ ، الدروس ١ : ١٠١ ، البيان : ٦١.

(٣) الجامع : ٤١ ، التحرير ١ : ١٥ ، التبصرة : ٩.

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

(٥) المدارك ١ : ٣٤٧.

(٦) تقدم مصدرها في ص ٢٩٠.

(٧) التهذيب ١ : ٣٧١ ـ ١١٣٢ ، الوسائل ١ : ٤٨٨ أبواب الجنابة ب ١٥ ح ١٧.

(٨) الهداية : ٢١ ، المقنعة : ٥٤ ، المبسوط ١ : ٤١ ، النهاية : ٢٥ ، الاقتصاد : ٢٤٥ ، مصباح المتهجد : ١٠ ، الخلاف ١ : ٥١٧.

(٩) الشرائع ١ : ٣٠ ، الإرشاد ١ : ٢٢٨ ، القواعد ١ : ١٥ ، نهاية الاحكام ١ : ١١٩.

(١٠) لأنه قد صرّح فيها بالحرمة كما تقدم النقل عنها.

٤٦٣

التوقّف (١) ، وليس في موقعه.

وهل يتّصف الجواز في غيرهما بالكراهة كما في الخمسة الأخيرة ، أو لا؟

الظاهر نعم ، لفتوى هؤلاء الأجلّة ، بل دعوى الإجماع عليها عن الخلاف (٢) ، والمروي في الدعائم عن مولانا الباقر عليه‌السلام : « إنا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضّأن » إلى أن قال : « ولا يقربن مسجدا ولا يقرأن قرآنا » (٣).

وهي كافية في المقام ، للتسامح. ولأجله لا يضرّ ضعف الأخير.

والظاهر جواز التردّد في جوانب المسجد ، والدخول من باب والخروج عنه من غير عبور وإن منعناهما في الجنب ، لعدم ثبوت الزيادة عن المنع عن الجلوس ، وعدم تحقّق الإجماع المركّب ، حيث ذكر الحكم في الشرائع والقواعد بلفظ الجلوس الغير الصادق على التردّد ، وصرّح في المدارك بجوازه.

ومن ذلك يظهر قرب التخصيص بالجلوس فلا يحرم القيام ، إلاّ أنّ الظاهر عدم الخلاف في ذلك.

وظاهر أنّ الحكم مختص بغير حال الاضطرار ، إذ رفع عن امة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما اضطرّوا إليه فيجوز معه. ولا يجوز التيمّم له ، للأصل.

ومنها‌ : وضع شي‌ء في المسجد ، وفاقا للأكثر ، ونسبه في المعتبر والمنتهى إلى أصحابنا (٤) المؤذن بدعوى الإجماع ، وفي الحدائق (٥) : من غير خلاف لغير الديلمي (٦) ، لما مرّ في الجنب مع سائر ما يتعلّق بذلك.

خلافا لمن ذكر حيث كرهه. وجوابه ظاهر. وهو الظاهر من الشرائع ،

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٢٢ ، المدارك ١ : ٣٤٧.

(٢) الخلاف ١ : ٥١٨.

(٣) دعائم الإسلام ١ : ١٢٨ ، المستدرك ٢ : ٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٣.

(٤) المعتبر ١ : ٢٢٣ ، المنتهى ١ : ١١٠.

(٥) الحدائق ٣ : ٢٥٦.

(٦) المراسم : ٤٣.

٤٦٤

والقواعد (١) ، حيث لم يذكراه.

ومنها‌ : قراءة العزائم إجماعا ، كما في المعتبر والمنتهى (٢) ، لما مرّ ثمّة مع ما يتعلّق به.

الرابعة : يجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة بالإجماعين (٣) والمستفيضة. وتتدارك ما لزمها منهما بالنذر المطلق ، لعدم تعيّن وقته. وأمّا المعيّن الواقع في الحيض فقد يحتاط بقضائهما (٤).

وقال جماعة (٥) منهم والدي ـ رحمه‌الله ـ بعدم القضاء ، للتعيين وتعذّر الإتيان ، فيسقط تكليفها به.

وكذا غير اليومية من الصلوات حتى الزلزلة. وكون وقت الأخير تمام العمر لا يصحّح القضاء. ويأتي تحقيق كلّ منها في موضعه.

الخامسة : لو تلت آية السجدة أو سمعتها أو استمعت سجدت وجوبا ، وفاقا لجماعة (٦) صريحا أو ظاهرا.

لعموم أوامر السجود ، وخصوص صحيحة الحذاء : عن الطامث تسمع السجدة ، فقال : « إن كان من العزائم فلتسجد إذا سمعتها » (٧).

وموثّقة أبي بصير : « والحائض تسجد إذا سمعت السجدة » (٨).

وخبر آخر له موقوفا عليه في الكافي ، والتهذيب ، ومستندا إلى الصادق عليه‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ٣٠ ، القواعد ١ : ١٥.

(٢) المعتبر ١ : ٢٢٣ ، المنتهى ١ : ١١٠.

(٣) كما نقل الإجماع عليه في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، المنتهى ١ : ١١٣ ، المدارك ١ : ٣٦٢.

(٤) كما في الحدائق ٣ : ٢٥٥ ، والرياض ١ : ٤٤.

(٥) منهم العلامة على ما حكاه عنه الشهيد الثاني في الروض : ٨٢.

(٦) منهم العلامة في التحرير ١ : ١٥ ، والشهيد في البيان : ٦٣ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٣١٩.

(٧) الكافي ٣ : ١٠٦ الحيض ب ١٨ ح ٣ ، الوسائل ٢ : ٣٤٠ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ١.

(٨) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٢ الوسائل ٢ : ٣٤١ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٣.

٤٦٥

السلام في السرائر ، والمعتبر ، والمختلف ، والمنتهى ، والتذكرة (١) : « إذا قرئ شي‌ء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد ، وإن كنت على غير وضوء ، وإن كنت جنبا ، وإن كانت المرأة لا تصلّي ».

لا جوازا كما عن المبسوط ، والجامع (٢) ، جمعا بين ما ذكر وبين صحيحة البصري : عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : « تقرأ ولا تسجد » (٣).

والمروي في كتاب ابن محبوب ، عن غياث ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تقضي الحائض الصلاة ، ولا تسجد إذا سمعت السجدة » (٤).

لأنّ الأولى أخصّ ، لاختصاصها بالعزائم ، فالتخصيص متعيّن. ولأنّ الجمع فرع المقاومة ، وهي منتفية ، لموافقتهما لفقهائهم الأربعة (٥) كما هو في التذكرة (٦) وغيرها. فتقديم الأولى وحمل الأخيرة على التقيّة متحتّم.

ويؤكّده كون راوي الثاني عامّيا وإسناد الإمام الحكم إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

مع أنه لو فرض التقاوم لوجب الرجوع إلى العمومات والاستصحاب.

ومنه ظهر ضعف القول بالحرمة عليها مطلقا ، كما عن المقنعة ، والانتصار ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ الصلاة ب ٢٢ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٧١ ، الوسائل ٢ : ٣٤١ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٢ ، لم نعثر عليه في السرائر ( مستطرفات ) ، المعتبر ١ : ٢٢٨ ، المختلف ١ : ٣٤ ، المنتهى ١ : ١١٥ ، التذكرة ١ : ٢٨.

(٢) المبسوط ١ : ١١٤ ، الجامع : ٨٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٣ ، الوسائل ٢ : ٣٤١ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٤.

(٤) مستطرفات السرائر : ١٠٥ ـ ٤٧ ، الوسائل ٢ : ٣٤٢ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٥.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ١٨٦ ، المغني ١ : ٦٨٥.

(٦) التذكرة ١ : ٢٨.

٤٦٦

والتهذيب ، والوسيلة (١) ، وهو مذهب أكثر العامة.

وقد يستدلّ لها باشتراط الطهارة. وهو ممنوع.

أو إذا سمعت خاصة دون ما إذا استمعت كما عن المهذب (٢). أو الفرق بينهما في الجواز والوجوب ، فالأوّل في الأوّل والثاني في الثاني ، كما في المعتبر ، وغيره (٣) ، حيث إنّ الأخبار الناهية مختصة بالسماع.

ويردّه أن الآمرة أيضا كذلك.

نعم ، كان لذلك وجه لو خصّصنا وجوب السجدة مطلقا بصورة التلاوة أو الاستماع كما في المعتبر (٤) ، واللوامع ، وعن الخلاف (٥) مدّعيا عليه الإجماع ، وعن التذكرة ، والمنتهى (٦). ولتحقيقه محل آخر ، بل ينتفي التعارض حينئذ بين الأخبار.

السادسة : تتوضّأ الحائض ناوية به التقرّب دون الاستباحة وقت كلّ صلاة من الفرائض اليومية ، وتذكر الله تعالى إجماعا ، له ، وللمستفيضة ، كصحيحة زرارة : « وعليها أن تتوضّأ وضوء الصلاة عند وقت كلّ صلاة ، ثمَّ تقعد في موضع طاهر فتذكر الله تعالى وتسبّحه وتهلّله وتحمده كمقدار صلاتها ، ثمَّ تفرغ لحاجتها » (٧).

والرضوي : « ويجب عليها عند حضور كلّ صلاة أن تتوضّأ وضوء الصلاة‌

__________________

(١) المقنعة : ٥٨ ، الانتصار : ٣١ ، التهذيب ١ : ١٢٩ ، الوسيلة : ٥٨.

(٢) المهذب ١ : ٣٤.

(٣) المعتبر ١ : ٢٢٩ ، التذكرة ١ : ٢٨.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٧٢.

(٥) الخلاف ١ : ٤٢٥.

(٦) التذكرة ١ : ١٢٣ ، المنتهى ١ : ٣٠٤.

(٧) الكافي ٣ : ١٠١ الحيض ب ١٤ ح ٤ ، التهذيب ١ : ١٥٩ ـ ٤٥٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٢.

٤٦٧

وتجلس مستقبل القبلة وتذكر الله مقدار صلاتها كلّ يوم » (١).

ومثله المرسل المروي في الهداية (٢).

وحسنة زرارة : « ولكنها تتوضّأ في وقت الصلاة ثمَّ تستقبل القبلة وتذكر الله » (٣).

وقريبة منها صحيحة ابن عمّار (٤) ومرسلة الفقيه (٥) ، إلاّ أنّ في الأولى زادت على الذكر التهليل والتكبير وقراءة القرآن ، وفي الثانية الجلوس قريبا من المسجد.

وحسنة الشحام : « ينبغي للحائض أن تتوضّأ عند وقت كلّ صلاة وتذكر الله مقدار ما كانت تصلّي » (٦).

ثمَّ إنّه هل ذلك على الوجوب؟ كما عن الصدوقين (٧) ، وظاهر الحلبي (٨) ، وهو ظاهر الشيخ في النهاية (٩) ، واختاره بعض مشايخنا الأخباريين (١٠) ، لصريح الثلاثة الأولى ، وظاهر الثلاثة المتعقّبة لها.

أو الاستحباب؟ كما هو المشهور بتصريح غير واحد من الأصحاب ، بل‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٢ ، المستدرك ٢ : ٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٢.

(٢) الهداية : ٢٢.

(٣) الكافي ٣ : ١٠٠ الحيض ب ١٤ ح ١ ، الوسائل ٢ : ٣٤٦ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٤.

(٤) الكافي ٣ : ١٠١ الحيض ب ١٤ ح ٢ ، الوسائل ٢ : ٣٤٦ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٥.

(٥) الفقيه ١ : ٥٥ ـ ٢٠٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ١.

(٦) الكافي ٣ : ١٠١ الحيض ب ١٤ ح ٣ ، التهذيب ١ : ١٥٩ ـ ٤٥٥ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٣.

(٧) الهداية : ٢٢ ، ونقله في الفقيه ١ : ٥٠ عن والده.

(٨) لم نعثر عليه في الكافي للحلبي ، ولا على من نسب إليه هذا القول. نعم قال في الحدائق ٣ : ٢٧٤ : لا يخفى انّ ظاهر صاحب الكافي أيضا القول بالوجوب حيث عنون به الباب فقال : باب ما يجب على الحائض .. ومراده من صاحب الكافي هو الكليني ، فمن المحتمل وقوع تصحيف في العبارة والصواب : ظاهر الكليني ..

(٩) النهاية : ٢٥.

(١٠) الحدائق ٣ : ٢٧٤.

٤٦٨

نسب في شرح القواعد القول بالوجوب إلى الندور (١) ، بل يظهر من بعض مشايخنا المحقّقين (٢) الإجماع على عدمه ، للأخيرة الظاهرة في الاستحباب ـ لمكان لفظ « ينبغي » ـ المعارضة لما تقدّم عليها ، الراجحة عليها من جهة الشهرة العظيمة.

مضافا إلى عدم دلالة الثلاثة السابقة عليها على الوجوب ، وضعف الاثنتين المتقدّمتين عليها الخاليتين عن الجابر ، فلم يبق إلاّ الأولى المتعيّن حملها على الاستحباب ، لما مرّ.

الحقّ هو الثاني. لا لما ذكر ، لعدم صراحة لفظ « ينبغي » في الاستحباب وإن لم تكن مفيدة للوجوب أيضا كما قيل (٣) ، بل مفادها الرجحان الغير المنافي لشي‌ء منهما.

بل للمروي في الدعائم ، عن مولانا الباقر عليه‌السلام ، المنجبر ضعفه بما ذكر : « إنا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضّأن عند كلّ صلاة فيسبغن الوضوء ويحتشين بخرق ، ثمَّ يستقبلن القبلة من غير أن يفرضن صلاة ، فيسبّحن ويكبّرن ويهلّلن ، وإنّما يؤمرن بذكر الله ترغيبا في الفضل واستحبابا له » (٤).

وبه تعارض الحسنة (٥) ، ويرجع إلى أصل نفي الوجوب.

واختصاص الاستحباب بالذكر لا يضرّ ، لعدم الفصل ، إلاّ أن يمنع أحد ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ الاستحباب ، وحينئذ تكون تلك الرواية أيضا دالّة على الوجوب. ولا ينبغي ترك الاحتياط.

ثمَّ ظاهر الأكثر تأدّي الواجب أو المستحب بمطلق الذكر ، لإطلاق كثير‌

__________________

(١) جامع المقاصد ١ : ٣٢٩.

(٢) قال الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك : ٦٧ ما لفظه : والفقهاء اتفقوا على عدم الوجوب.

(٣) قال في الحدائق ٣ : ٢٧٣ .. وربما استعمل في الوجوب والتحريم بل هو الغالب في الاخبار ..

(٤) تقدم مصدره في ص ٤٦٤.

(٥) أي حسنة زرارة. وقد تقدمت في صدر المسألة معبّرا عنها بالصحيحة.

٤٦٩

من الأخبار.

وعن المقنعة : أنها تحمد الله وتهلّله وتسبّحه وتكبّره (١).

وفي البيان : وليكن الذكر تسبيحا وتهليلا وتحميدا وما أشبهه (٢). وهو مقتضى حمل المطلقات على مقيداتها ، فالعمل به أولى.

وعن المراسم الاقتصار على التسبيحة (٣). كما عن النفلية زيادة الصلاة على النبي مع الاستغفار على التسبيحات الأربع (٤).

ولم أعثر على دليل لها.

ولا بدّ أن تكون جالسة مستقبلة القبلة بمقدار صلاتها المعتاد لها ، كما هو صريح الأخبار. حيث شاءت ، كما في الشرائع (٥) ، والذكرى ، والمعتبر ، والمنتهى (٦) ، بل نسبه في الأخيرين إلى غير الشيخين من الأصحاب ، لإطلاق الأخبار.

ولو جلست قريبة من مسجدها أي مصلاّها ، كان أولى ، للصحيحة (٧).

وأمّا في مصلاّها كما عن المبسوط ، والخلاف ، والمهذّب ، والوسيلة (٨) ، والإصباح ، والجامع ، ونهاية الإحكام ، والنافع (٩) ، أو في محرابها كما عن المراسم ، وفي السرائر (١٠) ، أو ناحية من مصلاّها كما عن المقنعة (١١) ، فلا دليل عليه إلاّ‌

__________________

(١) المقنعة : ٥٥.

(٢) البيان : ٦٤.

(٣) المراسم : ٤٣.

(٤) النفلية : ١٠.

(٥) الشرائع ١ : ٣١ ، وفيه : تجلس في مصلاّها.

(٦) الذكرى : ٣٥ ، المعتبر ١ : ٢٣٣ ، المنتهى ١ : ١١٥.

(٧) الفقيه ١ : ٥٥ ـ ٢٠٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ١.

(٨) المبسوط ١ : ٤٥ ، الخلاف ١ : ٢٣٢ ، المهذب ١ : ٣٦ ، الوسيلة : ٥٨.

(٩) الجامع : ٤٢ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٤ ، النافع : ١٠.

(١٠) المراسم : ٤٣ ، السرائر ١ : ١٤٥‌

(١١) المقنعة : ٥٥.

٤٧٠

الأخير ، فإنّه معنى القريب من مسجدها.

ويستحب استحشاؤها بخرقة كما في بعض الأخبار (١).

السابعة : يكره لها قراءة ما عدا سور العزائم مطلقا‌ حتى السبع أو السبعين المستثناة في الجنب عند جماعة (٢) ، وفاقا لإطلاق السرائر ، والنافع ، والشرائع ، والمعتبر ، والقواعد ، والبيان (٣) ، وعن المبسوط ، والجمل والعقود ، والوسيلة ، والإصباح ، والروض (٤). وفي الرابع وعن الأخير الإجماع عليه.

للمروي في الدعائم ، المتقدّم (٥) في المسألة الثالثة ، المؤيّد بما مرّ في الجنب (٦).

ثمَّ ظاهره وإن كان الحرمة ـ كما هو المحكي عن القاضي (٧) وظاهر المفيد (٨) ـ إلاّ أنّ ضعفها ومخالفتها الأصل ، وموافقتها العامة (٩) ودعوى جماعة (١٠) الإجماع على الجواز منع عن إثباتها به مضافا إلى صحيحة البصري ، المتقدّمة (١١).

كما أنّ المسامحة في أدلّة الكراهة وسع في إثباتها مع ما ذكر ، من غير تخصيص‌

__________________

(١) راجع الرقم (٧) ص ٤٦٩.

(٢) كالمحقق والعلاّمة في المعتبر ١ : ١٩٠ ، والقواعد ١ : ١٣.

(٣) السرائر ١ : ١٤٥ ، النافع : ١٠ ، الشرائع ١ : ٣٠ ، المعتبر ١ : ٢٣٣ ، القواعد ١ : ١٥ ، البيان : ٦٢.

(٤) المبسوط ١ : ٤٢ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٢ ، الوسيلة : ٥٨ ، الروض : ٨١.

(٥) ص ٤٦٤.

(٦) ص ٣٠٠.

(٧) المهذب ١ : ٣٤.

(٨) حكي عنه في كشف اللثام ١ : ٩٣ ، ولم نعثر عليه في المقنعة.

(٩) المغني ١ : ٣٤٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٤.

(١٠) كما في الانتصار : ٣١ ، والخلاف ١ : ١٠١.

(١١) ص ٤٦٦.

٤٧١

بالزائد عن السبع أو السبعين كما في المنتهى ، وعن التحرير (١) ، وبعض آخر ، وإن ظنّ ذلك ، إلحاقا لها بالجنب ، مع أن في التخصيص فيه كلاما قد مرّ.

ومنه يظهر عدم اتّجاه القول بعدم الكراهة مطلقا كما في المدارك (٢).

ويكره لها أيضا حمل المصحف مع العلاقة وبدونها ، ولمس هامشه وبين سطوره ، لما مرّ في بحث الجنب (٣).

والخضاب اتّفاقا كما صرّح به جماعة (٤) ، وهو الحجة فيه.

مضافا إلى المستفيضة (٥) الكاشفة عن مرجوحيته دون تحريمه ، لعدم اشتمالها على ما يفيده.

مع أنّ بإزائها مستفيضة أخرى دالّة على نفي البأس عنه وجوازه التي هي كالقرينة على إرادة الكراهة من الأولى.

مضافا إلى الأصل والإجماع المستقلّين في نفي الحرمة لو تعارضتا.

ولا تضرّ فتوى الصدوق بأنّه لا يجوز (٦) ، في ثبوت الإجماع ، مع أنّ استعماله في كلامه في شدة الكراهة كثير.

والظاهر اختصاص الكراهة بما يتعارف من المخضوب وما يختضب به ، لانصراف المطلق إليه. فلا كراهة في خضاب غير اليد والرجلين والشعور ، وفاقا للمفيد (٧). ولا في غير الحناء طباقا للديلمي (٨) ، وإن كان الظاهر إلحاق الوسمة به‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ١١٠ ، التحرير ١ : ١٥.

(٢) المدارك ١ : ٣٤٧.

(٣) ص ٣٠٤.

(٤) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٣٣ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ١١٥ ، والتذكرة ١ : ٢٨.

(٥) انظر الوسائل ٢ : ٣٥٢ أبواب الحيض ب ٤٢.

(٦) الفقيه ١ : ٥١.

(٧) المقنعة : ٥٨.

(٨) المراسم : ٤٤.

٤٧٢

أيضا. وقد يقال بالتعميم فيهما (١). وليس بجيد.

الثامنة : في توقّف جواز صومها وصحته بعد انقطاع الدم على الغسل‌ قولان :

الأول للأكثر ، وهو الأظهر.

لا لصدق الحائض عليها ، لعدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق ، لاشتراطه في مثل ذلك كما بيّن في موضعه ، مع إمكان المعارضة لولاه بصدق الطاهر.

ولا لعدم صحته من المستحاضة فمن الحائض أولى ، لكونها أغلظ حدثا منها ، لكونه قياسا.

ولا لاستصحاب ما ثبت بالحيض ، لمعارضته مع استصحاب صحته الثابتة قبل الحيض ، حيث لم يثبت المنع زائدا على حال الدم. مع أنّ المسلّم عدم صحة الصوم من الحائض ، وهذه ليست بحائض ، فلا يستصحب ، لتغيّر الموضوع.

بل لموثّقة أبي بصير المنجبر ضعفها ـ لو كان ـ بالشهرة : « إن طهرت بليل من حيضها ثمَّ توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت كان عليها قضاء ذلك اليوم » (٢) ويتعدّى إلى غير رمضان بعدم الفصل.

والثاني عن العماني (٣) ، ونهاية الإحكام (٤) ، واستقواه في المدارك (٥) ، وتردّد في المعتبر (٦) ، للأصل ، وعموم أوامر الصوم ، وضعف الرواية.

وجوابه ظاهر مما مرّ.

__________________

(١) كما في الرياض ١ : ٤٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٩٣ ـ ١٢١٣ ، الوسائل ٢ : ٢٧١ أبواب الحيض ب ١ ح ١.

(٣) المنقول عنه في المختلف : ٢٢٠ توقف صحة صومها على الاغتسال.

(٤) نهاية الإحكام ١ : ١١٩.

(٥) المدارك ١ : ٣٤٥.

(٦) المعتبر ١ : ٢٢٦.

٤٧٣

وهل تجب الكفّارة بالترك أم لا؟ يجي‌ء تحقيقه في بحث الصيام.

التاسع : صرّح في المعتبر ، والمنتهى ، والسرائر ، والتحرير (١) ، واللوامع بجواز الأغسال المسنونة التي لا ترفع الحدث عن الحائض واستحبابها لها. وهو كذلك عملا بعمومات استحبابها الخالية عن المخصّص.

وأمّا حسنة ابن مسلم : عن الحائض تتطهّر يوم الجمعة وتذكر الله؟ قال : « أمّا الطهر فلا » (٢) الحديث ، فلا تدلّ على عدم صحة غسل الجمعة عنها ، إذ لا دليل على كون الطهر غسل الجمعة ، ولو دلّ لما دلّ على عدم الجواز.

ولا شك في عدم وجوب غسل الجنابة عليها لو كانت جنبا ، للإجماع ، والنصوص. ولا في أنها لو اغتسلت للجنابة حال الحيض لم يرتفع حدثها ، وفي المعتبر عليه الإجماع (٣) ، وتؤيّده الحسنة المتقدّمة.

وهل يجوز لها غسل الجنابة حينئذ ويكفي عنها لو اغتسلت ، فلا يجب عليها غسل الجنابة ثانيا ، ولا تتعلّق بها الأحكام المختصة بالجنب ، أم لا؟

صرّح في المنتهى والتذكرة بعدم الجواز (٤) ، واستدلّ عليه بما دلّ على الأمر بجعل غسلهما واحدا ، كموثّقتي أبي بصير والخشاب (٥) ، وبما صرّح بأنها لا تغتسل كصحيحة الكاهلي (٦).

يضعّف : بأنّ الجميع خال عن الأمر والنهي الدالّين على الوجوب والحرمة ، بل غايتهما الإخبار المفيد للجواز أو الرجحان. مع أن جعلهما واحدا‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٢١ ، المنتهى ١ : ١١٩ ، السرائر ١ : ١٤٥ ، التحرير ١ : ١٦.

(٢) الكافي ٣ : ١٠٠ الحيض ب ١٤ ح ١ ، الوسائل ٢ : ٣١٤ أبواب الحيض ب ٢٢ ح ٣.

(٣) المعتبر ١ : ٢٢٥.

(٤) المنتهى ١ : ١١٩ ، التذكرة ١ : ٢٨.

(٥) التهذيب ١ : ٣٩٥ ـ ١٢٢٦ ، ١٢٢٧ ، الاستبصار ١ : ١٤٧ ـ ٥٠٣ ، ٥٠٤ ، الوسائل ١ : ٢٦٣ ، أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٥ ، ٦.

(٦) الكافي ٣ : ٨٣ الحيض ب ٧ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٥ ـ ١٢٢٤ ، الوسائل ٢ : ٣١٤ أبواب الحيض ب ٢٢ ح ١.

٤٧٤

ليس بواجب قطعا.

مضافا إلى أنه في موثّقة عمّار : عن المرأة يواقعها زوجها ثمَّ تحيض قبل أن تغتسل ، قال : « إن شاءت أن تغتسل فعلت ، وإن لم تفعل ليس عليها شي‌ء ، فإذا طهرت غسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة » (١).

وعن كلام الشيخ في كتابي الحديث أنه يلوح بالجواز (٢). فالقول به ليس ببعيد ، والإجماع على خلافه غير معلوم ، كيف ولم يصرّح بعدم الجواز إلاّ شاذ من المتأخّرين (٣) ، وأمر الاحتياط واضح.

العاشرة : لو طرأ الحيض بعد دخول الوقت ، فإن مضى منه ما تمكّنت فيه‌ من فعل صلاة تامة ولو مخفّفة مشتملة على الواجبات خاصة ولم تصلّها ، وجب عليها قضاؤها إجماعا ـ كما صرّح به بعض الأجلّة (٤) ـ لموثّقة يونس : في امرأة إذا دخل وقت الصلاة وهي طاهرة فأخّرت الصلاة حتى حاضت قال : « تقضي إذا طهرت » (٥).

ومضمرة البجلي : عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشمس ولم تصلّ الظهر ، هل عليها قضاء تلك الصلاة؟ قال : « نعم » (٦).

وموثّقة الفضل بن يونس ، وفيها : « وإذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك عن الصلاة ، فإذا طهرت من الدم فلتقض‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٩٦ ـ ١٢٢٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٧ ـ ٥٠٦ ، الوسائل ١ : ٢٦٤ أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٧.

(٢) التهذيب ١ : ٣٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٤٧.

(٣) وهو العلاّمة كما تقدم النقل عنه آنفا.

(٤) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٨٣.

(٥) التهذيب ١ : ٣٩٢ ـ ١٢١١ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ ـ ٤٩٣ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٤.

(٦) التهذيب ١ : ٣٩٤ ـ ١٢٢١ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ ـ ٤٩٤ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٥.

٤٧٥

صلاة الظهر ، لأنّ وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر ، وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهر ، فضيّعت صلاة الظهر ، فوجب عليها قضاؤها » (١).

والتعليل فيها بخروج الوقت أيضا لا يفيد الاختصاص بعد الإطلاقات المتقدّمة ، مع أنه مذهب أبي حنيفة (٢) ، فالتقية فيها محتملة.

ولا ينافي وجوب القضاء إطلاق خبر أبي الورد : في المرأة تكون في صلاة الظهر وقد صلّت ركعتين ثمَّ ترى الدم ، قال : « تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين » (٣).

وموثّقة سماعة : عن امرأة صلّت من الظهر ركعتين ثمَّ إنها طمثت وهي جالسة ، قال : « تقوم من مسجدها ولا تقضي تلك الركعتين » (٤).

حيث دلّتا بضميمة الإجماع المركّب على عدم القضاء مطلقا وإن كانت متمكنة من إتمام الصلاة طاهرا ، لأنهما مقيدتان بما إذا لم تكن كذلك إجماعا.

مع أنه لو سلّم التعارض فغايته التساقط ، وتبقى عمومات موجبات قضاء الفوائت خالية عن المعارض.

نعم ، تتعارضان فيما إذا لم تتمكن من إتمام الصلاة في الوقت وتمكّنت من نصفها أو الأقلّ ، فمقتضى الإطلاقات الأولى القضاء ، ومقتضى الثانية العدم. ويجب تقديم الثانية ، لأخصّيتها بل موافقتها ظاهر الإجماع ، وإن أطلق في النهاية ، والوسيلة (٥) وجوب القضاء إذا دخل الوقت.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٠٢ الحيض ب ١٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٩ ـ ١١٩٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٢ ـ ٤٨٥ ، الوسائل ٢ : ٣٥٩ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ١.

(٢) قال ابن حزم الظاهري في المحلى ٢ : ١٧٥ وان حاضت امرأة في أول وقت الصلاة أو في آخر الوقت ولم تكن صلت سقطت عنها ولا إعادة عليها فيها وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي وأصحابنا.

(٣) الكافي ٣ : ١٠٣ الحيض ب ١٥ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٩٢ ـ ١٢١٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ ـ ٤٩٥ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٣.

(٤) التهذيب ١ : ٣٩٤ ـ ١٢٢٠ الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٦.

(٥) النهاية : ٢٧ ، الوسيلة : ٥٩.

٤٧٦

واحتمال إرادة مطلق الفعل من القضاء دون مقابل الأداء في الثانية ، حيث لم تتحقّق فيه الحقيقة الشرعية في المعنى الأخير ، فيمكن أن يكون المراد عدم فعل الركعتين الباقيتين حينئذ ، فلا يفيد في نفي القضاء في النصف فما دونه ، مردود ببعده في خبر أبي الورد ، لمكان تعريف الركعتين بعد ذكرهما بالتنكير ، فإنّ الظاهر المتبادر حينئذ هو الركعتان الأوليان ، ولا شك أنّ القضاء فيهما بالمعنى المصطلح.

ويؤكّده كونه بذلك المعنى قطعا فيما بعده في الركعة الأخيرة من المغرب. بل وكذلك في الموثّقة ، لمكان لفظ « تلك » فإنّ الظاهر أنه إشارة إلى الركعتين اللتين فعلهما وعدم قضائهما بالمعنى المصطلح قطعا.

وعلى هذا ، فلا شك في عدم وجوب القضاء مع عدم التمكّن من أكثر الصلاة ، بل وكذلك مع التمكّن من الأكثر ما لم تتمكّن من الإتمام على الأشهر ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، للأصل ، وتبعية وجوب القضاء لوجوب الأداء ، كما استدلّ به بعضهم (١) ، وتوقّف القضاء على أمر جديد ، كما استدلّ به آخر (٢).

ويضعّف الأول : بإطلاق المضمرة (٣). والثاني : بالمنع. والثالث : بوجود الأمر الجديد في المضمرة ، ومقتضاها وجوب القضاء مطلقا ، خرج ما لم تتمكّن من الأكثر بما مرّ ، فيبقى الباقي ، كما هو المحكي عن السيد (٤) ، والإسكافي (٥) ، وفي المدارك (٦) عن الصدوق أيضا. وهو الأحوط بل الأقوى.

ولا تعارضها عمومات سقوط الصلاة عن الحائض ، لأعمّيتها ، مع أنّ في شمولها للمورد تأمّلا.

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهى ١ : ١١٣.

(٢) كالمدارك ١ : ٣٤٢ ، والحدائق ٣ : ٢٤٩.

(٣) المتقدمة ص ٤٧٥.

(٤) جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٣٨.

(٥) المدارك ١ : ٣٤٢ فيه : نقل عن ظاهر المرتضى وابن بابويه.

(٦) كالمدارك ١ : ٣٤٢ ، والحدائق ٣ : ٢٤٩.

٤٧٧

نعم ، يعارضها إطلاق خبر أبي الورد ، وموثّقة سماعة. ولكنه لا يفيد ، لوجوب الرجوع إلى موجبات القضاء حينئذ.

مع أنّه يؤيّده خبر أبي الورد : « وإن رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها ، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب » (١) يحمل قضاء الركعة على قضاء الصلاة مجازا ، أو المراد بالركعة التي فاتتها مجموع الركعات حيث إنها فاتت بفوات ركعة.

وتظهر ممّا ذكرنا : قوة القول بوجوب القضاء مع عدم مضيّ زمان الطهارة أيضا ، لإمكان التقديم على الوقت ، كما احتمله الفاضل في النهاية (٢) ، وإن خالف فيه الأكثر إذا لم يأت بها قبل الوقت ، بناء على عدم جواز الأمر بالصلاة مع عدم مضيّ زمان الطهارة ، لاستلزامه التكليف بالمحال.

ويضعّف : بعدم التابعية بين الأداء والقضاء.

وأمّا مع الإتيان بها قبل الوقت فعدم الاشتراط أظهر ، لإمكان التكليف حينئذ.

الحادية عشرة : لو طهرت في آخر الوقت بقدر الصلاتين ، وجبتا أداء ، وبقدر إحداهما وجبت كذلك ، وكذا يجب فعل ما يدرك بقدر ركعة منها في الوقت. ويأتي تفصيل المسألة في باب المواقيت.

الثانية عشرة : يحرم وطؤها بالإجماع والكتاب والسنّة ، بل قيل : بالضرورة الدينية (٣). ولذا حكم بكفر مستحلّه لو لم يدّع شبهة محتملة.

وصرّح جماعة (٤) بتفسيق الواطئ مع عدم الاستحلال.

وفيه نظر على القول بتخصيص الكبائر بما أوعد الله سبحانه عليه النار‌

__________________

(١) تقدم مصدره في ص ٤٧٦.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٣١٧.

(٣) كما في الروض : ٧٦.

(٤) منهم العلامة في التذكرة ١ : ٢٨ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٥.

٤٧٨

صريحا في كتابه.

وفي تعزيره بما يراه الحاكم ، أو بثمن حد الزّاني ، أو ربعه احتمالات :

أولها للأكثر ، لإناطة التعزيرات بنظره في غير المنصوص.

ويضعّف : بمنع عدم النص ، مع أنّ لي في ثبوت التعزير في كلّ غير منصوص نظرا.

وثانيها لولد الشيخ. وصرّحوا بأنّه لا مأخذ له (١).

وثالثها لبعض الثالثة (٢) ، كما نقله والدي العلاّمة ، ونفى ـ رحمه‌الله ـ عنه البعد ، لخبر الهاشمي : عن رجل أتى أهله وهي حائض ، قال : « يستغفر الله ولا يعود » قلت : فعليه أدب؟ قال : « نعم خمسة وعشرون سوطا ربع حد الزاني » (٣).

وبمضمونه خبر ابن مسلم (٤).

وهو الأظهر ، لذلك. والشذوذ المخرج عن الحجية فيهما غير ثابت.

ولا يعارضه المروي في تفسير القمي : « من أتى امرأته في الفرج في أول حيضها فعليه أن يتصدّق بدينار ، وعليه ربع حد الزاني خمسة وعشرون جلدة ، وإن أتاها في غير أول حيضها فعليه أن يتصدّق بنصف دينار ويضرب اثنتي عشرة جلدة ونصفا » (٥) لضعفها.

ولا شي‌ء عليه لو جهل الحكم أو الموضوع أو نسيه ، لعمومات رفع الخطأ والنسيان.

__________________

(١) كما صرح به في جامع المقاصد ١ : ٤٣ ، والروض : ٧٧.

(٢) كما اختاره في الحدائق ٣ : ٢٦٠.

(٣) الكافي ٧ : ٢٤٢ الحدود ب ٤٨ ح ١٣ ، التهذيب ١٠ : ١٤٥ ـ ٥٧٥ ، الوسائل ٢٨ : ٣٧٨ أبواب بقية الحدود ب ١٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٧ : ٢٤٣ الحدود باب ٤٨ ح ٢٠ ، التهذيب ١٠ : ١٤٥ ـ ٥٧٦ ، الوسائل ٢٨ : ٣٧٧ أبواب بقية الحدود ب ١٣ ح ١.

(٥) تفسير القمي ١ : ٧٣ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٦.

٤٧٩

وتوقّف بعضهم في جاهل الحكم ، لعدم معذوريته إلاّ فيما استثني (١). وهو حسن في التحريم إذا لم يكن ساذجا.

وأمّا الحدّ فهو ساقط عن الجاهل كما ورد في الأخبار.

ويلحق بأيام الحيض أيام الاستظهار مطلقا على ما اخترناه من حيضيته ، دون ما بينه وبين العشرة وإن قلنا بحيضيته مع عدم التجاوز ، لأصالة الإباحة ، وعدم الانقطاع ، أي بقاء الحالة الكائنة لها.

فإن عورضت بأصالة عدم التجاوز ـ حيث إنّ الدم في كل آن متجدّد حادث ـ تتساقطان وتبقى أصالة الإباحة.

والمناط في التحريم العلم بالحيضية شرعا ، فلا يضرّ احتماله بل ولا ظنّه ، إلاّ المستند إلى قول المرأة نفسها ، فإنه يتبع في المورد إجماعا ظاهرا. وفي الحدائق : إنه لا إشكال فيه ولا خلاف (٢). وقيل : بلا خلاف بين الطائفة (٣) ، بل نفى الخلاف في القبول مع عدم التهمة الشامل لصورة عدم حصول الظن بالخلاف مطلقا ، وفي اللوامع : إنه مجمع عليه.

وهو الحجة فيه ، مضافا إلى ظاهر قوله سبحانه ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٤).

وصحيحة زرارة : « العدّة والحيض إلى النساء » (٥) ومثلها حسنته بزيادة قوله : « إذا ادّعت صدّقت » (٦).

__________________

(١) الذخيرة : ٧١.

(٢) الحدائق ٣ : ٢٦١.

(٣) كما في الرياض ١ : ٤٣.

(٤) البقرة : ٢٢٨.

(٥) التهذيب ١ : ٣٩٨ ـ ١٢٤٣ ، الاستبصار ١ : ١٤٨ ـ ٥١٠ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٢.

(٦) الكافي ٦ : ١٠١ الطلاق ب ٣٥ ح ١ ، التهذيب ٨ : ١٦٥ ـ ٥٧٥ ، الاستبصار ٣ : ٣٥٦ ـ ١٢٧٦ الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ١.

٤٨٠