مستند الشّيعة - ج ٢

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ٢

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-77-9
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٠

الشيخ وابني حمزة وزهرة (١).

واستدلّوا بما مرّ ، مع الاعتراض عليه.

وهو قويّ جدّا ، للرضوي المتقدّم. ويجاب عن ضعفه بانجباره بما مرّ من الشهرة القديمة والمحكية في الذكرى ، والإجماع المحكيّ.

وحمل كلام الموجبين على الوجوب الشرطي بعيد غايته ، سيما كلام من ذكر بلفظ الأمر ، وهو أكثرهم.

واستدلال بعضهم (٢) بأخبار إعادة الغسل مع الإخلال به ، وخروج شي‌ء من الذكر ، لا يدلّ على إرادته الشرطي ، إذ لعلّه أراد الاستدلال ( على وجوب ) (٣) محافظة الغسل عن مزيله ، كما احتجّ به في الذكرى (٤) ، وإن كان في تماميته نظر.

وتضعيف القول بالوجوب : بأخبار الإعادة حيث إنّهم لم ينكروا على السائلين تركهم البول ، وبخلوّ أكثر أخبار بيان الغسل عنه مع التعرّض للآداب المستحبة ، وبعدم شيوعه مع أنّه لو كان لشاع واشتهر (٥) ، ضعيف غايته.

أمّا الأوّل : فلأن أكثر أخبار الإعادة (٦) متضمّنة لفرض الترك ، إمّا من الراوي أو المروي عنه ، وليس فيها ترك السائل. مع أنّ عدم الإنكار حين السؤال عن الحكم لا يدلّ على عدمه مطلقا.

وأمّا الثاني والثالث : فظاهر. مع أنّ الظاهر أنّ القائل بوجوبه لا يجعله من الغسل جزءا ولا شرطا ، بل هو واجب برأسه قبل الغسل ، فلا يضرّ خلوّ أخبار‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، الوسيلة : ٥٥ ، ولا يستفاد منه الوجوب التخييري فإنه أوجب أولا : الاستبراء بالبول ثمَّ الاجتهاد لو لم يتأت البول.

(٢) كالشيخ في الاستبصار ١ : ١١٨.

(٣) الذكرى : ١٠٣.

(٤) كما في شرح المفاتيح : ( مخطوط ).

(٥) الوسائل ٢ : ٢٥٠ ، أبواب الجنابة ب ٣٦.

(٦) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

٣٤١

بيان الغسل منه.

ومقتضى التعليل المذكور في الرضوي ـ مطابقا لصريح جملة من الأصحاب منهم الفاضل (١) والشهيدان (٢) والمحقق الثاني (٣) ـ اختصاصه بالمنزل ، إذ بدونه لا تتحقّق فضلة للمني.

وأمّا إطلاق الصحيحة والمضمرة (٤) : فلا يفيد في الوجوب. مع أنّه لا إطلاق في الصحيحة ، لظهورها في المنزل أيضا ، لمكان قوله : « واغسل ما أصابك منه ». فلا يجب إلاّ عليه ، وإن احتمل الاستحباب مطلقا.

كما أنّ مقتضى كون الخطاب في الصحيحة إلى الراوي الذي هو الرجل ، واختصاص السؤال به مع تذكير الضمائر التي بعد الجواب في المضمرة ، وذكر الإحليل وتذكير الخطاب في الرضوي ، مع أنّه كتب الكتاب للمأمون وخطاباته إليه كما يظهر منه ، مضافا إلى الأصل وانتفاء الإجماع على الشركة في المقام : اختصاصه بالرجل ، وفاقا لأكثر من ذكر ، وخلافا للمقنعة والنهاية (٥) فعمّماه ، ولا وجه له سيما مع ظهور اختصاص الحكمة.

ومنها : الاستبراء باليد إن لم يتيسّر البول ، تبعا للمحكي عن المشهور بين المتأخّرين (٦) ، وحذرا عن مخالفة من أوجبه حينئذ ، كما عن الشيخين (٧) والقاضي (٨)

__________________

(١) التحرير ١ : ١٣ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، المنتهى ١ : ٩٢.

(٢) الأول في الدروس ١ : ٩٦ ، والثاني في الروضة ١ : ٩٤ ، والروض : ٥٥ ، والمسالك ١ : ٨.

(٣) جامع المقاصد ١ : ٢٦٥.

(٤) المتقدمتين ص ٣٣٩.

(٥) المقنعة : ٥٢ ، النهاية : ٢١.

(٦) حكاه في الحدائق ٣ : ١١٥.

(٧) المفيد في المقنعة : ٥٢ ، والطوسي في النهاية : ٢١ ، والمبسوط ١ : ٢٩ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦١.

(٨) نسبه إليه في الذكرى : ١٠٣.

٣٤٢

وابني حمزة وزهرة (١) ، وهما كافيان في المقام.

وأمّا وجوبه حينئذ فلا دليل عليه ، كما لا دليل على استحبابه أو وجوبه بعد البول للغسل ، لأجل الغسل. وكلام من ندبه أو أوجبه معه ـ في هذا المقام ـ يشعر بأنّه لأجل الغسل ، فإنّه مستحب أو واجب ـ على اختلاف القولين ـ بعد البول مطلقا أيضا ، كما مرّ في بحث الاستنجاء مع كيفية الاستبراء.

ومنها : غسل اليدين‌ إجماعا فتوى ونصّا ، إلى الزندين مشهورا ، للمستفيضة المصرّحة بغسل الكفين (٢).

وأفضل منه دون المرفق ، لموثّقة سماعة (٣).

والأكمل إلى المرفق ، لصحيحتي البزنطي (٤) ، ويعقوب بن يقطين (٥) ، والمروي في قرب الإسناد للحميري (٦) ، وفي الخصال : « إذا أراد أحدكم الغسل فليبدأ بذراعيه فليغسلهما » (٧).

وأمّا رواية يونس في غسل الميت : « يغسل يده ثلاث مرات ، كما يغتسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع » (٨) فلا تدلّ على استحباب ذلك التحديد في غسل الجنابة أيضا ، لجواز كون التشبيه في الغسل.

مقدّما على المضمضة والاستنشاق ، لصحيحة زرارة (٩) وموثّقة أبي‌

__________________

(١) الوسيلة : ٥٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) ٥٥٤.

(٢) انظر الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦.

(٣) التهذيب ١ : ١٣٢ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٢ : ٢٣١ ، أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٨.

(٤) التهذيب ١ : ١٣١ ـ ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ ـ ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٣.

(٥) التهذيب ١ : ١٤٢ ـ ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٦ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

(٦) قرب الإسناد : ٣٦٨ ـ ١٣١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٣٣ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٦.

(٧) الخصال : ٦٣٠ ، الوسائل ٢ : ٢٦٥ أبواب الجنابة ب ٤٤ ح ٢.

(٨) الكافي ٣ : ١٤١ الجنائز ب ١٨ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ـ ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٢٦٥ أبواب الجنابة ب ٤٤ ح ١.

(٩) التهذيب ١ : ١٤٨ ـ ٤٢٢ ، الوسائل ٢ : ٢٢٥ ، أبواب الجنابة ب ٢٤ ح ١.

٣٤٣

بصير (١). بل على غسل الفرج أيضا كما يستفاد من الأخبار.

ثلاثا بالإجماع ، لصحيحة الحلبي ومرسلة الفقيه المتقدّمتين في غسل اليدين للوضوء (٢) ، والرضوي : « وتغسل يديك إلى المفصل ثلاثا » (٣).

وبها تقيّد الروايات المطلقة ، كما هو مقتضى القواعد الشرعية.

سواء في ذلك ، الغسل من الإناء الواسع الذي يدخل فيه اليد ، والضيّق الذي يصب منه الماء ، لإطلاق صحيحتي محمّد (٤) وزرارة (٥) وغيرهما. بل سواء فيه الغسل الترتيبي والارتماسي ، لإطلاق رواية الحضرمي : كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال : « اغسل كفك وفرجك ، وتوضّأ وضوء الصلاة ثمَّ اغتسل » (٦).

والتخصيص بالأول للتصريح بإدخال اليد في بعض الأخبار بعد إطلاق بعض آخر ، لا وجه له ، وجعله من باب حمل المطلق على المقيد خطأ.

ومنها : المضمضة والاستنشاق‌ ، إجماعا كما في المدارك (٧) ، للنصوص ، بعد تطهير الفرج ، كما في صحيحة زرارة (٨) وموثّقة أبي بصير (٩).

ثلاثا في كلّ منهما ، كما عن المقنعة والنهاية والسرائر والوسيلة والمهذّب‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٣١ ـ ٣٦٢ ، الاستبصار ١ : ١١٨ ـ ٣٩٨ ، الوسائل ٢ : ٢٢٥ أبواب الجنابة ب ٢٤ ح ٢.

(٢) تقدمتا في ص ١٦٦.

(٣) تقدم ص ٣٣٩.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣ الطهارة ب ٢٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٣٢ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

(٥) راجع ص ٣٤٣ الهامش (٩).

(٦) التهذيب ١ : ١٠٤ ـ ٢٦٩ ، الاستبصار ١ : ٩٧ ـ ٣١٤ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٦.

(٧) المدارك ١ : ٣٠٢.

(٨) التهذيب ١ : ١٤٨ ـ ٤٢٢ ، الوسائل ٢ : ٢٢٥ أبواب الجنابة ب ٢٤ ح ١.

(٩) التهذيب ١ : ١٣١ ـ ٣٦٢ ، الاستبصار ١ : ١١٨ ـ ٣٩٨ ، الوسائل ٢ : ٢٢٥ أبواب الجنابة ب ٢٤ ح ٢.

٣٤٤

والإصباح والتذكرة والتحرير والذكرى والبيان (١) ، لفتوى هؤلاء ، مضافا إلى الرضوي : وقد يروى : أن يتمضمض ويستنشق ثلاثا ، وروي : مرة يجزيه ، والأفضل الثلاث (٢).

مقدّما الثلاث الأولى على الثانية ، للشهرة المحكية. وإن جاز عكسه أيضا على ما مرّ في الوضوء.

ومنها : الغسل بصاع من الماء‌ ـ وهو تسعة أرطال بالعراقي ـ بالإجماع والنصوص.

ولا يجب إجماعا منّا ، لاستفاضة أخبارنا بإجزاء مثل الدهن ، وبطهارة ما جرى عليه الماء من الجسد (٣).

وما ظاهره الوجوب محمول على الاستحباب ، جمعا ، أو وارد مورد التقية ، لأنّ الوجوب مذهب أبي حنيفة (٤).

والمستفاد من ظواهر عبارات أصحابنا الأخيار ، وصريح والدي ـ رحمه‌الله ـ : عدم استحباب الغسل بالزائد من الصاع ، وهو مقتضى الأصل.

إلاّ أنّ الفاضلين صرّحا باستحبابه أيضا وادّعيا الوفاق عليه (٥). وهو يقتضي ثبوته ، للتسامح في المقام.

ولا تنافيه مرسلة الفقيه : « وسيأتي قوم يستقلون ذلك ـ أي الصاع ـ فأولئك على خلاف سنتي » (٦) إذ استحباب الزائد لا ينافي كراهة استقلال الصاع ، بل‌

__________________

(١) المقنعة : ٥٢ ، النهاية : ٢١ ، السرائر ١ : ١١٨ ، الوسيلة : ٥٦ ، المهذب ١ : ٤٥ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، التحرير ١ : ١٣ ، الذكرى : ١٠٤ ، البيان : ٥٥.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٦٨ أبواب الجنابة ب ١٦ ح ١.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٤٠ أبواب الجنابة ب ٣١.

(٤) كما نقله عنه في الخلاف ١ : ١٢٩ وقال ابن قدامة في المغني ١ : ٢٥٦ : وحكي هذا عن أبي حنيفة ولكن يظهر من بدائع الصنائع ١ : ٣٥ أنه أنكر النسبة.

(٥) المعتبر ١ : ١٨٦ ، المنتهى ١ : ٨٦.

(٦) الفقيه ١ : ٢٣ ـ ٧٠ ، الوسائل ١ : ٤٨٣ أبواب الوضوء ب ٥٠ ح ٦.

٣٤٥

حرمته.

ثمَّ صريح صحيحة الفضلاء (١) وظاهر غيرها من الصحاح (٢) : اختصاص الاستحباب بالصاع بحالة الانفراد ، وكفاية الأقلّ مع الاشتراك. وهو ظاهر والدي رحمه‌الله به ولا بأس به ، لما ذكر.

وفي دخول ماء غسل اليد والمضمضة والاستنشاق وتطهير الفرج في الصاع وجهان ، والدخول ليس ببعيد.

ومنها : المبالغة في إيصال الماء‌ والاستظهار فيه ، لما في حسنة جميل : « يبالغن في الغسل » (٣) وصحيحة محمّد : « يبالغن في الماء » (٤) والرضوي : « والاستظهار فيه إذا أمكن » (٥).

ومنها : التثليث في غسل كلّ عضو‌ في الترتيبي ، لفتوى جماعة.

والاستدلال بأخبار ثلاث أكف (٦) ليس بسديد ، لإمكان إرادة الصب بثلاث أكف من غير تثليث في الغسل ، أو إرادة هذا المقدار كما يستفاد من الرضوي : « تصب على رأسك ثلاث أكف ، وعلى جانبك الأيمن مثل ذلك ، وعلى جانبك الأيسر مثل ذلك » إلى أن قال : « وإن كان الصب بالإناء جاز الاكتفاء بهذا المقدار » (٧).

والإسكافي (٨) استحبّ للمرتمس ثلاث غوصات يخلّل شعره ويمسح جسده‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٠ ـ ١١٣٠ ، الوسائل ٢ : ٢٤٣ أبواب الجنابة ب ٣٢ ح ٥.

(٢) الوسائل ١ : ٤٨١ أبواب الوضوء ب ٥٠.

(٣) الكافي ٣ : ٤٥ الطهارة ب ٢٩ ح ١٧ ، التهذيب ١ : ١٤٧ ـ ٤١٨ ، الوسائل ٢ : ٢٥٥ ، أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ٢.

(٤) التهذيب ١ : ١٤٧ ـ ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٥٥ أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ١.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٧٠ أبواب الجنابة ب ١٨ ح ٢.

(٦) الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦.

(٧) راجع الهامش (٥).

(٨) نقله عنه في الذكرى : ١٠٥.

٣٤٦

في كلّ منها. ونفى عنه الشهيد البأس (١) ، واستظهره والدي. ولا بأس به ، لذلك.

( ومنها : الدعاء بالمأثور‌ في موثّقة الساباطي (٢) ورواية محمّد بن مروان (٣) ، إمّا قبل الغسل أو بعده ) (٤).

البحث السادس : في أحكامه. وهي أمور نذكرها في مسائل :

المسألة الأولى : البلل الخارج بعد الغسل ، إن علمه منيا أو بولا ، لحقه حكمه إجماعا ، فتوى ونصا ، وإن علمه غيرهما ، لم يلزمه شي‌ء كذلك.

وإن اشتبه ، فإن كان الغسل بعد البول والاستبراء ، فلا غسل ولا وضوء أيضا بالإجماع ، للأصل ، والاستصحاب ، والعمومات ، وخصوص المستفيضة النافية للغسل بعد البول ، والوضوء بعد الاستبراء.

فمن الأولى : موثّقة سماعة : عن الرجل يجنب ، ثمَّ يغتسل قبل أن يبول ، فيجد بللا بعد ما يغتسل ، قال : « يعيد الغسل ، وإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ، ولكن يتوضّأ ويستنجي » (٤).

وصحيحة الحلبي : عن الرجل يغتسل ثمَّ يجد بعد ذلك بللا ، وقد كان بال قبل أن يغتسل ، قال : « إن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد الغسل » (٥).

__________________

(١) الذكرى : ١٠٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٦٧ ـ ١١١٦ ، الوسائل ٢ : ٢٥٤ ، أبواب الجنابة ب ٣٧ ح ٣.

(٣) التهذيب ١ : ١٤٦ ـ ٤١٤ ، الوسائل ٢ : ٢٥٣ أبواب الجنابة ب ٣٧ ح ١.

(٤) ما بين القوسين ليس في « ق ».

(٥) الكافي ٣ : ٤٩ الطهارة ب ٣٢ ح ٤ ، التهذيب ١ : ١٤٤ ـ ٤٠٦ ، الاستبصار ١ : ١١٩ ـ ٤٠١ ، الوسائل ٢ : ٢٥١ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٨.

(٦) الكافي ٣ : ٤٩ الطهارة ب ٣٢ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٤٣ ـ ٤٠٥ ، الاستبصار ١ : ١١٨ ـ ٤٠٠ ، الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٥. ولا يخفى أن تعبير الماتن عنها بالصحيحة مع اشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم يخالف دأبه من التعبير عن مثلها بالحسنة.

٣٤٧

وصحيحة محمّد : عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شي‌ء ، قال : « يغتسل ويعيد الصلاة إلاّ أن يكون بال قبل أن يغتسل ، فإنه لا يعيد غسله ». قال محمّد : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ، ثمَّ وجد بللا فقد انتقض غسله ، وإن كان بال ثمَّ اغتسل ثمَّ وجد بللا فليس ينقض غسله ، ولكن عليه الوضوء ، لأن البول لم يدع شيئا » (١).

وحسنة الحلبي : عن الرجل يغتسل ثمَّ يجد بعد ذلك بللا ، وقد كان بال قبل أن يغتسل قال : « ليتوضّأ ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل » (٢).

وجه دلالتها على المطلوب بضميمة أن التفصيل قاطع للشركة.

ونحوها : رواية ابن ميسرة في رجل رأى بعد الغسل شيئا ، قال : « إن كان بال بعد جماعة قبل الغسل فليتوضّأ ، وإن لم يبل حتى اغتسل ، ثمَّ وجد البلل فليعد الغسل » (٣).

ومن الثانية ما مرّ في مسألة الاستبراء من الصحيحة والحسنتين وغيرها (٤).

وأمّا ما في الأخبار المتقدّمة من الأمر بالوضوء ، فمحمول على عدم الاستبراء ، لعمومها بالنسبة إليه.

واختصاصها بما بعد الجنابة لا يخصّصها ، لعدم القول بالفصل. مع أنّه على فرض الاختصاص يكون التعارض بالعموم من وجه ، والمرجع الأصل.

وأمّا ما في صحيحة ابن عيسى : هل يجب الوضوء ممّا خرج من الذكر بعد‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٤٤ ـ ٤٠٧ ، الاستبصار ١ : ١١٩ ـ ٤٠٢ وليس فيه : لأنّ البول .. ، الوسائل ٢ : ٢٥١ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٦ ، ٧.

(٢) الفقيه ١ : ٤٧ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١ ، ولم يظهر وجه للتعبير عنها بالحسنة مع كونها صحيحة فلاحظ.

(٣) التهذيب ١ : ١٤٤ ـ ٤٠٨ ، الاستبصار ١ : ١١٩ ـ ٤٠٣ ، الوسائل ٢ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٩.

(٤) تقدم في ج ١ ص ٣٢٣ ، ٣٢٤.

٣٤٨

الاستبراء؟ فكتب : « نعم » (١) فبالشذوذ مردود. مع أنّه ـ كما في الاستبصار (٢) ـ موافق للعامة. ومع ذلك هي بالنسبة إلى ما مرّ عامة ، فإرادة ما علم كونه بولا متعيّنة.

وإن لم يأت بشي‌ء منهما ، يجب عليه الغسل على الأشهر الأظهر ، بل عن الحلّي (٣) والفاضل (٤) الإجماع عليه ، لما تقدّم من الأخبار منطوقا ومفهوما ، مضافا إلى صحيحتي سليمان (٥) ومنصور (٦) ، وبها تخصّص عمومات عدم نقض اليقين بالشك.

وأمّا الروايات الدالّة على عدم الإعادة مع عدم البول مطلقا ، كروايتي الشحام (٧) وعبد الله بن هلال (٨) ومرسلة الفقيه (٩) ، أو مع نسيان البول خاصة ، كروايتي جميل (١٠) وأحمد بن هلال (١١) فمع ضعفها سندا وشذوذها ـ لعدم قائل‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٨ ـ ٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٩ ـ ١٣٨ ، الوسائل ١ : ٢٨٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٩.

(٢) الاستبصار ١ : ٤٩ ، وانظر بداية المجتهد ١ : ٣٤.

(٣) السرائر ١ : ١٢٢.

(٤) المختلف : ٣٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٩ الطهارة ب ٣٢ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٤٣ ـ ٤٠٤ ، الاستبصار ١ : ١١٨ ـ ٣٩٩ ، الوسائل ٢ : ٢٠١ أبواب الجنابة ب ١٣ ح ١.

(٦) التهذيب ١ : ١٤٨ ـ ٤٢١ ، الوسائل ٢ : ٢٠١ أبواب الجنابة ب ١٣ ح ٢.

(٧) التهذيب ١ : ١٤٥ ـ ٤١٢ ، الاستبصار ١ : ١١٩ ـ ٤٠٥ ، الوسائل ٢ : ٢٥٣ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١٤.

(٨) التهذيب ١ : ١٤٥ ـ ٤١١ ، الاستبصار ١ : ١١٩ ـ ٤٠٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١٣.

(٩) الفقيه ١ : ٤٧ ـ ١٨٧ ، الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٢.

(١٠) التهذيب ١ : ١٤٥ ـ ٤٠٩ ، الاستبصار ١ : ١٢٠ ـ ٤٠٦ ، الوسائل ٢ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١١.

(١١) التهذيب ١ : ١٤٥ ـ ٤١٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٠ ـ ٤٠٧ ، الوسائل ٢ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١٢.

٣٤٩

بمضمونها سوى ما نقل عن ظاهر الفقيه والمقنع (١) من الاكتفاء بالوضوء ـ أعمّ مطلقا من الأخبار المتقدّمة ، لاختصاص ما تقدّم بالمشتبه إجماعا ، وشمول هذه لما علم عدم كونه منيا أو بولا أيضا. بل في الأولى والثالثة تصريح بكونه من الحبائل التي لا شي‌ء فيها إجماعا.

وكذا إن لم يأت بالبول مع إمكانه وأتى بالاستبراء ، على المشهور أيضا. بل عن الخلاف الإجماع عليه (٢) ، لإطلاق ما تقدّم من الصحاح ، بل وعموم بعضها.

خلافا للمحكي عن ظاهري الشرائع والنافع (٣) ، فلم يوجبه ، للأصل المندفع بما تقدّم.

وأمّا مع عدم إمكانه ، فالحقّ المشهور ـ كما صرّح به جماعة ـ سقوط الغسل ، وعدم وجوب شي‌ء ، وهو مختار الصدوقين (٤) والشيخين (٥) والفاضلين (٦) ، وإليه ذهب والدي العلاّمة في الكتابين ، للرضوي المتقدّم (٧) المنجبر في المقام بالشهرة ، بل للجمع بين مطلقات الإعادة وروايتي الشحام وابن هلال ، بحمل الأخيرتين على صورة عدم الإمكان ، بشهادة الرضوي.

وحمل نفي الشي‌ء فيه على نفي الإثم تخصيص بلا مخصّص.

وإطلاقه باعتبار خروج البلل وعدمه لا يضرّ ، إذ غايته تعارضه مع موجبات الإعادة بالعموم من وجه ، ويرجع إلى الأصل لو لا ترجيح ذلك بالأحدثية وموافقة الشهرة.

__________________

(١) نقله في الحدائق ٣ : ٢٩ عن الفقيه ١ : ٤٧ ، والمقنع : ١٣.

(٢) الخلاف ١ : ١٢٦.

(٣) حكاه في الحدائق ٣ : ٣٧ ، عن الشرائع ١ : ٢٨ ، والنافع : ٩.

(٤) لم نعثر عليه عنهما والموجود في كلام الصدوق لا يوافقه فلاحظ الفقيه ١ : ٤٧ ، والمقنع ١٣ ، والهداية : ٢١.

(٥) المفيد في المقنعة : ٥٣ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٢٩ ، والاستبصار ١ : ١٢٠ ، والنهاية : ٢١.

(٦) المحقق في الشرائع ١ : ٢٨ ، والنافع : ٩ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ١٣.

(٧) ص ٣٣٩.

٣٥٠

وإن عكست الحال ، فبال ولم يستبرئ ، يجب عليه الوضوء ، بالإجماع كما في اللوامع ، وعلى المعروف من مذهب الأصحاب كما في الحدائق (١) ، وبلا خلاف كما قيل (٢) ، للصحيح والحسنتين المتقدّمتين في مسألة الاستبراء (٣) ، وموثّقة سماعة وصحيحة محمّد ورواية ابن ميسرة السالفة (٤).

ولا اختصاص لذلك بما بعد الجنابة ، بل يجب الوضوء بالبلل الخارج بعد البول قبل الاستبراء مطلقا.

وربما ينقل عن ظاهر المقنعة والتهذيبين (٥) عدم الوضوء إذا كان ذلك بعد الجنابة ، بناء على عدمه مع غسل الجنابة.

وفي إطلاقه منع ظاهر ، لاختصاصه بخروج موجبه قبل الغسل لا بعده ، والموجب هنا البلل الخارج بعده.

فروع :

أ : وجوب الغسل أو الوضوء في بعض الصور مخصوص بالرجل ، وأمّا المرأة فلا ، على المشهور بين الأصحاب ، للأصل ، والاستصحاب ، لاختصاص أخبار الوجوب بالرجل ، مضافا إلى التنصيص به في صحيحتي سليمان ومنصور (٦) ، بل لا يجب الغسل عليها وإن علمت أنّ الخارج مني ، بعد احتمال كونه من الرجل.

ب : صرّح جماعة ـ منهم الفاضل في المنتهى (٧) والشهيدان (٨) ـ باختصاص إعادة الغسل في بعض الصور بالمنزل ، فلا يجب على من أجنب بغيره ، لأن الحكم‌

__________________

(١) الحدائق ٣ : ٣٤.

(٢) الرياض ١ : ٣١.

(٣) في ج ١ ص ٣٨٥.

(٤) في ص ٣٤٨.

(٥) لاحظ المقنعة : ٥٣ ، والتهذيب ١ : ١٤٣ ، ١٤٤ ، والاستبصار ١ : ١٢٠.

(٦) المتقدمتين ص ٣٤٩.

(٧) المنتهى ١ : ٩٢.

(٨) الأول في البيان : ٥٦ ، الثاني في الروض : ٥٥.

٣٥١

بالإعادة إنّما هو لمظنة كون الخارج من فضلة المني الخارج ، وذلك في حقّه غير متصوّر.

ومال بعض المتأخّرين إلى الإعادة ، لعموم الروايات. وهي أحوط ، وإن أمكن الخدش في الروايات : بأنّها مطلقة ، فإلى الشائع من أفراد الجنب ـ وهو المنزل ـ منصرفة.

ج : الخارج فيما يجب فيه الغسل أو الوضوء حدث جديد ، فالعبادة الواقعة قبل خروجه صحيحة ، للأصل ، واقتضاء الأمر للإجزاء.

وقوله في صحيحة محمّد ، المتقدّمة (١). « ويعيد الصلاة » لا يفيد ، إذ كما يمكن أن يراد منه الصلاة الواقعة بعد الغسل ، يمكن أن يراد منه الواقعة بعد الخروج ، ولا عموم فيه يشمل الجميع. مع أنّه لا يفيد أزيد من الرجحان.

د : وجوب الغسل أو الوضوء إنّما هو إذا كان نفس البلل الخارج مشتبها ، أمّا لو علم أنّه ليس بمني أو بول ، وشك في أنّه هل يستصحب شيئا من الأجزاء المتخلّفة من أحدهما ، فلا يجب ، إذ ما علم خروجه لا يوجبه ، بالنصوص الواردة فيه (٢) ، وغيره منفي بالأصل.

هـ : المستفاد من لفظ الإعادة في الأخبار المتقدّمة ، ومن التعليل بخروج بقية المني : كون الغسل المعاد غسل جنابة ، فيرتفع به الحدث الأصغر المتخلّل بين الغسلين من غير حاجة إلى الوضوء ، ولو احتاط بنقض الغسل ثمَّ الوضوء كان أولى.

المسألة الثانية : المحدث بالأصغر في أثناء الغسل يعيده ، وفاقا للصدوقين (٣) ، ونهاية الإحكام (٤) ، والمبسوط والإصباح والجامع والقواعد (٥) ،

__________________

(١) في ص ٣٤٨.

(٢) الوسائل ١ : ٢٧٦ ، ٢٨٢ أبواب نواقض الوضوء ب ١٢ و ١٣.

(٣) الفقيه ١ : ٤٩ ( ونقله فيه عن والده ) ، الهداية : ٢١.

(٤) نهاية الاحكام ١ : ١١٤ ، والقول موجود أيضا في النهاية : ٢٢ للشيخ الطوسي.

(٥) المبسوط ١ : ٢٩ ، الجامع للشرائع : ٤٠ ، القواعد ١ : ١٣.

٣٥٢

والشهيدين (١). بل نسبه المحقّق الثاني في شرح الألفية إلى الشهرة.

للرضوي المنجبر ضعفه بالشهرة المحكية : « فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك ، فأعد الغسل من أوله » (٢).

ونقله جماعة من مجالس الصدوق (٣) أيضا.

وقد يستدلّ أيضا : بأنّ الغسل الأول بعد إتمامه لا يرفع الحدث المتخلّل بالبديهة ، والصحيح من غسل الجنابة ما يرتفع معه جميع الأحداث.

وبأنّ المتخلّل لا بدّ له من أثر ، وليس هو الوضوء ، إذ ليس هو مع غسل الجنابة ، فهو الغسل.

وبأنّه ينقض حكم تمام الغسل إن صدر بعده ، فينقض حكم البعض بالطريق الأولى. فلا يكون لهذا الغسل حكم إباحة الصلاة ، والصحيح منه لا يخلو عنه البتة.

ويرد على الأول : منع المقدمة الأولى أوّلا ، فإنّ أحد المخالفين يقول برفعه للعمومات ، كما يأتي ، ولا استبعاد فيه. ومنع إطلاق الثانية ثانيا ، فإنّ المخالف الآخر يقول بأنه لا يرفع المتخلّل.

وعلى الثاني : منع وجوب الأثر لكلّ حدث حتى المتخلّل أوّلا. ومنع عدم كونه الوضوء ثانيا ، ولا يلزم من عدمه مع غسل الجنابة في الجملة عدمه معه مطلقا.

وعلى الثالث : منع الأولوية المدّعاة أوّلا. ومنع ترتّب الإباحة على كلّ غسل جنابة صحيح ثانيا. وسند هذا الممنوع يظهر ممّا يأتي من أدلّة المخالفين.

__________________

(١) الدروس ١ : ٩٧ ، الروض : ٥٧.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥ ، المستدرك ١ : ٤٧٤ أبواب الجنابة ب ٢١ ح ١.

(٣) لم نعثر عليه في الأمالي ونقله عنه في المدارك ١ : ٣٠٨ ، وفي الوسائل ٢ : ٢٣٨ أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٤ عن المدارك. وقد أشار إليه الشهيدان في الذكرى : ١٠٦ ، روض الجنان : ٥٩.

٣٥٣

خلافا للسيد (١) والمحقّق (٢) وأكثر الثالثة ، ومنهم : والدي العلاّمة ، فقالوا بأنّه يتمّ الغسل ويتوضّأ بعده.

أمّا الإتمام : فلأصالة البراءة ، واستصحاب الصحة الثابتة بعموم مثل قوله في الجنب : « ما جرى عليه الماء فقد طهر » (٣) و « كل شي‌ء أمسسته الماء فقد نقيته » (٤).

وأمّا الوضوء : فلعموم ما دلّ على إيجاب الأصغر إيّاه ، خرج منه ما كان قبل غسل الجنابة بالإجماع والأدلّة ، فيبقى الباقي.

وأيضا : الأصغر لا يوجب الغسل فلا يعيد ، فيجب الإتمام. ولا يرتفع ببقيته ، لعدم استقلالها بالرفع ، فيتوضّأ.

ويضعّف الأول : باندفاع الأصل ، والاستصحاب : بما مرّ ، بضميمة عدم القول بالصحة مع الإعادة ، فلا يتمّه بل يعيد ، ومعها لا يتوضّأ بالبديهة.

والثاني : بأنّ عدم إيجاب الأصغر للغسل لا يوجب عدم إبطاله لبعضه.

وللقاضي (٥) والحلّي (٦) والكركي (٧) وبعض الثالثة (٨) ، فقالوا بكفاية الإتمام ، لصدق الغسل ، وكفايته بإطلاق الأمر به المستلزم للإجزاء ، فلا إعادة ، واستفاضة النصوص بانتفاء الوضوء مع غسل الجنابة مطلقا (٩) ، خرج ما إذا أحدث بالأصغر بعد إتمامه بالإجماع ، فيبقى الباقي.

__________________

(١) نقله عنه في المعتبر ١ : ١٩٦.

(٢) المعتبر ١ : ١٩٦.

(٣) الكافي ٣ : ٤٣ الطهارة ب ٢٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٣٢ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ٣٧٠ ـ ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

(٥) جواهر الفقه : ١٢.

(٦) السرائر ١ : ١١٩.

(٧) جامع المقاصد ١ : ٢٧٦.

(٨) الذخيرة : ٦٠.

(٩) الوسائل ٢ : ٢٤٦ ، أبواب الجنابة ب ٣٤.

٣٥٤

ويجاب عنه : بلزوم تقييد إطلاق الأمر بما مرّ ـ كما هو القاعدة ـ فتجب الإعادة.

مع أنّ ( إطلاق ) (١) النصوص النافية للوضوء معه يعارض عمومات إيجاب الأصغر للوضوء بالعموم من وجه ، والترجيح للعمومات ، بموافقة الكتاب ، وعدم انصراف الإطلاق إلى مثل تلك الصورة النادرة.

وتوهّم توقّف موافقة الكتاب على عطف قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً ) على قوله ( إِذا قُمْتُمْ ) (٢) ، وأما على العطف على الشرط المقدّر أو الجزاء المذكور فلا ، إذ التفصيل قاطع للشركة ، فاسد ، إذ تدلّ الآية ـ على جميع التقادير ـ على وجوب الوضوء على المحدث من حيث هو محدث مطلقا ، ومقتضى قطع الشركة عدم وجوب غير الغسل على الجنب من حيث هو جنب ، وهو كذلك ، ولا ينافي ذلك وجوبه عليه من جهة أخرى.

ومنه يظهر عدم دلالة رواية محمّد : إنّ أهل الكوفة يروون عن علي أنه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة. قال : « كذبوا على علي عليه‌السلام ، ما وجدوا ذلك في كتاب علي ، قال الله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) » (٣) على انتفاء الوضوء من الجنب المحدث من حيث هو محدث ، فإنّ السؤال عن الأمر بالوضوء قبل غسل الجنابة ، وظاهره أنّه من حيث هو جنب.

ثمَّ المحتاط يعيد ويتوضّأ ، سيما بعد نقض المعاد ، ولو أتمّ وأعاد ونقض وتوضّأ ، احتاط غايته.

فرعان :

أ : لو تخلّل الحدث غير غسل الجنابة من الأغسال ، يتمّ ويتوضّأ ، سواء قلنا‌

__________________

(١) لا توجد في « ق ».

(٢) المائدة : ٦.

(٣) التهذيب ١ : ١٣٩ ـ ٣٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٢٥ ـ ٤٢٦ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٥.

٣٥٥

بإجزائه عن الوضوء أم لا.

أمّا الإتمام : فللأصل والاستصحاب المتقدّمين الخاليين عن المعارض في المقام ، لاختصاص الرضوي (١) وقرينة ـ بقرينة السياق ـ بالجنب. مع أنّ الشهرة الجابرة له في المورد غير محقّقة ولا محكية ، بل الفاضل مع حكمه بالإعادة في الجنابة لم يحكم بها هنا.

وأمّا الوضوء : فلموجباته بعد الأصغر ، الراجحة على ما ينفيه بعد كلّ غسل ـ بعد التعارض ـ كما مرّ.

ب : الارتماسي كالترتيبي في إمكان التخلّل ، إذ الدفعة العرفية لا تنافيه.

وتوهّم أن الغسل بعد ولوج الكل ، فيحصل بآخر أجزائه وهو آني ، فاسد ، بل هو يحصل بكلّ أجزاء الولوج ، وهو تدريجي.

وعلى هذا ، فلو تخلّله الحدث ، تجري فيه الأقوال الثلاثة. والحقّ فيه الإتمام ، للاستصحاب المتقدّم. والوضوء ، لعموماته الراجحة ـ بما مرّ ـ على معارضها في الغسل. وعدم الإعادة ، للأصل ، حيث إنّ سياق الرضوي وقرينه في الترتيبي.

مع أنّ الشهرة الجابرة هنا غير معلومة ، وعدم الفصل بين الترتيبي والارتماسي غير ثابت.

والاحتياط بالجمع بين الإعادة والوضوء أولى ، سيما مع نقض المعاد.

المسألة الثالثة :

لا يجب الوضوء مع غسل الجنابة للمشروط به ولو على المحدث بالحدث الأصغر قبله ، بالإجماع المحقّق والمحكي عن جماعة من علمائنا الأخيار ، وعمل الفرقة في جميع الأعصار ، واستفاضة الأخبار السالمة عن المعارض بأنه لا وضوء معه ولا قبله ولا بعده (٢) ، التي منها ما يصرّح بأنه لا وضوء للصلاة مع غسل الجمعة‌

__________________

(١) تقدم في ص ٣٥٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٤٦ أبواب الجنابة ب ٣٤.

٣٥٦

وغيره (١) ، الشامل للجنابة ، أو بإجزائه عن الوضوء. بل في الرضوي : « غسل الجنابة والوضوء فريضتان ، فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما » (٢).

فاحتمال أن يراد من بعض تلك الظواهر أنه لا وضوء مع غسل الجنابة أي للغسل ، بمعنى أنه لا تتوقّف تمامية الغسل عليه ، فلا ينافي وجوبه للصلاة ، أو : لا وضوء معه من حيث إنّه جنب ، فلا ينافي وجوبه من حيث هو محدث ، غير ضائر.

ولا يستحب معه أيضا على الحقّ المشهور ، لنفي الوضوء معه أو قبله أو بعده ، أي في الشرع ـ كما هو الظاهر المتبادر من صدوره عن الشارع ـ في جملة من أخبارنا. ويؤيده الحكم بكونه بدعة في جملة أخرى.

خلافا للمحكي من التهذيب (٣) ، ومال إليه المقدس الأردبيلي (٤) ، لرواية الحضرمي : كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال : « اغسل كفك وفرجك ، وتوضّأ وضوء الصلاة ، ثمَّ اغتسل » (٥).

ورواية ابن ميسر ، وفيها بعد السؤال من الرجل يريد أن يغتسل : « يضع يده ويتوضأ ويغتسل » (٦).

وتردّان بمرجوحيتهما عن الأخبار المعارضة لهما ، باعتبار موافقتهما للعامة ،

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٢ ، ٣ ، ٤.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ١ : ٤٧٦ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

(٣) التهذيب ١ : ١٤٠.

(٤) مجمع الفائدة ١ : ١٢٦.

(٥) التهذيب ١ : ١٤٠ ـ ٣٩٣ ، الاستبصار ١ : ٩٧ ـ ٣١٤ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٦.

(٦) الكافي ٣ : ٤ الطهارة ب ٣ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٤٩ ـ ٤٢٥ ، الوسائل ١ : ١٥٢ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٥.

٣٥٧

كما صرّح بها الجماعة (١) وتستفاد من بعض المعتبرة (٢) ، وهي ممّا توجب المرجوحية قطعا.

على أنّ الغسل في الثانية أعمّ من الجنابة ، والتوضّؤ غير صريح في الأفعال المعهودة إلاّ على أن تثبت فيه الحقيقة الشرعية. بل وكذا في الأولى ، لاحتمال أن يراد بوضوء الصلاة المضمضة والاستنشاق وغسل اليدين من المرفق ، المستحبة قبل غسل الجنابة.

هذا في غسل الجنابة ، وأمّا غيره من الأغسال المفروضة والمسنونة ، ففي وجوب الوضوء معه وعدمه ـ إن لم يكن للمكلّف وضوء ـ قولان :

الأوّل للأكثر ، بل قيل : كاد أن يكون إجماعا (٣) ، بل عن أمالي الصدوق : كونه من دين الإمامية (٤) ، إلاّ أنّ عبارته عن إفادة الوجوب قاصرة.

لإطلاق الآية ، وعموم ما دلّ على وجوبه بحدوث أحد أسبابه ، بضميمة أصالة عدم إجزاء غيره.

ومرسلة ابن أبي عمير : « كلّ غسل قبله وضوء إلاّ غسل الجنابة » (٥) وفي أخرى : « في كلّ غسل وضوء إلاّ الجنابة » (٦).

وصحيحة ابن يقطين : « إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ واغتسل » (٧)

__________________

(١) منهم العلاّمة في المنتهى ١ : ٩٠ ، وانظر المغني لابن قدامة ١ : ٢٥١ ، ونيل الأوطار للشوكاني ١ : ٣٠٦.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٤.

(٣) كما في الذكرى : ٢٥ ، والرياض ١ : ٣٤.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٥ ـ المجلس ٩٣.

(٥) الكافي ٣ : ٤٥ الطهارة ب ٢٩ ح ١٣ ، التهذيب ١ : ١٣٩ ـ ٣٩١ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ ـ ٤٢٨ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ١.

(٦) التهذيب ١ : ١٤٣ ـ ٤٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٣ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٢.

(٧) التهذيب ١ : ١٤٢ ـ ٤٠١ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ ـ ٤٣٤ ، الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٣.

٣٥٨

وتمام المطلوب بالإجماع المركّب.

والرضوي : « والوضوء في كلّ غسل ما خلا غسل الجنابة ، لأنّ غسل الجنابة فريضة مجزية عن الفرض الثاني ، ولا يجزيه سائر الأغسال عن الوضوء ، لأنّ الغسل سنّة والوضوء فريضة ، ولا يجزي سنّة عن فرض » إلى أن قال : « فإذا اغتسلت لغير جنابة فابدأ بالوضوء ، ثمَّ اغتسل ، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء ، فإن اغتسلت ونسيت الوضوء توضّأ وأعد الصلاة » (١).

والمروي في الغوالي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كلّ الأغسال لا بدّ فيها من الوضوء إلاّ الجنابة » (٢).

والثاني للمحكي عن السيد (٣) والإسكافي (٤) وجملة من أفاضل المتأخّرين ، منهم : المحقّقان الأردبيلي (٥) والخوانساري (٦) ، وصاحبا المدارك والذخيرة (٧) ، ونسبه في البحار إلى أكثرهم (٨) ، واختاره بعض مشايخنا.

للأصل ، وللمستفيضة المصرّحة بأنّ الوضوء بعد الغسل أو قبله بدعة ، كصحيحة سليمان (٩) ، ورواية ابن سليمان (١٠) ، ومرسلة الفقيه (١١).

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ١ : ٤٧٦ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

(٢) عوالي اللئالي ٢ : ٢٠٣ ـ ١١٠ ، المستدرك ١ : ٤٧٧ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٣.

(٣) جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٢٤.

(٤) نقله عنه في المختلف : ٣٣.

(٥) مجمع الفائدة ١ : ١٣٢.

(٦) مشارق الشموس : ٦٩.

(٧) المدارك ١ : ٣٦١ ، الذخيرة : ٤٩.

(٨) البحار ٧٨ : ٢٨.

(٩) التهذيب ١ : ١٤٠ ـ ٣٩٦ ، الوسائل ٢ : ٢٤٥ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٩.

(١٠) الكافي ٣ : ٤٥ الطهارة ب ٢٩ ح ١٢ ، التهذيب ١ : ١٤٠ ـ ٣٩٥ ، الوسائل ٢ : ٢٤٥ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٦.

(١١) لم نعثر عليها في الفقيه ، والموجود مرسلة محمّد بن أحمد بن يحيى رواها الشيخ في التهذيب ١ : ١٤٠ ـ ٣٩٤ ، والاستبصار ١ : ١٢٦ ـ ٤٣٠ ، الوسائل ٢ : ٢٤٥ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٥.

٣٥٩

ولصحيحة محمّد : « الغسل يجزي عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل » (١).

وفي صحيحة ابن حكيم : « وأيّ وضوء أنقى من الغسل وأبلغ » (٢).

ومرسلة حماد : في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك ، أيجزيه من الوضوء؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « وأيّ وضوء أطهر من الغسل » (٣).

وموثّقة الساباطي : عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد ، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال : « لا ، ليس عليه قبل ولا بعد ، قد أجزأه الغسل. والمرأة مثل ذلك ، إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك ، فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد ، قد أجزأها الغسل » (٤).

ومكاتبة الهمداني إلى أبي الحسن الثالث : عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة ، فكتب : « لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره » (٥).

والمستفيضة من الصحاح وغيرها الواردة في غسل الحائض والمستحاضة والنفساء ، الآمرة فيها بالغسل ثمَّ الصلاة (٦) ، من غير تعرّض فيها للوضوء مع كونها في مقام الحاجة.

والإيراد على الثلاثة الأولى : بأنّها متروك الظاهر ، لاعتقاد الخصم‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٣٩ ـ ٣٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ ـ ٤٢٧ ، الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ١.

(٢) التهذيب ١ : ١٣٩ ـ ٣٩٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٤.

(٣) التهذيب ١ : ١٤١ ـ ٣٩٩ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ ـ ٤٣٣ ، الوسائل ٢ : ٢٤٥ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٤.

(٤) التهذيب ١ : ١٤١ ـ ٣٩٨ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ ـ ٤٣٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٣.

(٥) التهذيب ١ : ١٤١ ـ ٣٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ ـ ٤٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٢.

(٦) الوسائل ٢ : أبواب الحيض ب ٦ ، وأبواب الاستحاضة ب ١ ، وأبواب النفاس ب ١ و ٢.

٣٦٠