أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-76-0
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤١٦
وفحوى الخبر : عن صاحب له فلاح يكون على سطحه الحنطة والشعير ويعملون عليه ، فغضب عليه السلام وقال : « لو لا أرى أنّه من أصحابنا للعنته » (١).
وأما الرابع : فلإِيجابه هتك الشريعة والاستخفاف بها ، مضافاً إلى فحوى المستفيضة الناهية عن الاستنجاء أو دخول الكنيف وفي اليد خاتم عليه اسم الله (٢) ، وفحوى ما دلّ على منع مسّ المحدث بالجنابة لبعض أقسامه (٣).
وفي الإِجزاء والتطهر باستعمال شيء من الأربعة وعدمه قولان :
الأول : للفاضل (٤) وبعض الثلاثة (٥) ؛ لإِطلاق الموثق والحسن.
والثاني : عن السيد والشيخ والحلي وابن زهرة (٦) ، مدعياً عليه الإِجماع ، والمحقق (٧) ، واختاره والدي العلامة ـ رحمه الله ـ في الكتابين مدّعياً عليه الشهرة في أحدهما ؛ للاستصحاب ، ونقل الإِجماع.
وقوله : « لا يصلح » في خبر ليث. والمروي عن النبي صلّى الله عليه وآله « لا تستنجوا بعظم ولا روث فإنّهما لا يطهّران » (٨) ، ودلالة النهي على الفساد.
ويضعف الأول : باندفاعه بالإِطلاق ، والثاني : بمنع الحجية ، والثالث : بما مر من الإِجمال ، والرابع : بالاختصاص بالأولين مع الضعف ، والخامس :
__________________
(١) المحاسن : ٥٨٨ ، الوسائل ٢٤ : أبواب آداب المائدة ب ٧٩ ح ٣ ، وفيهما : « يطؤونه ويصلّون عليه » بدل : « يعملون عليه ».
(٢) راجع الوسائل ١ : ٣٣٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧.
(٣) راجع الوسائل ٢ : ٢١٤ أبواب الجنابة ب ١٨.
(٤) نهاية الاحكام ١ : ٨٩ ، المنتهى ١ : ٤٦ ، التذكرة ١ : ١٣.
(٥) كصاحب المدارك ١ : ١٧٣.
(٦) المبسوط ١ : ١٧ ، السرائر ١ : ٩٦ ، الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٤٩ ، وأمّا السيد فلم نعثر على كلامه.
(٧) المعتبر ١ : ١٣٣ ، الشرائع ١ : ١٩.
(٨) سنن الدارقطني ١ : ٥٦.
بالمنع في أمثال المقام.
نعم ، لانجبار ضعف الرابع بحكاية الشهرة والإِجماع يثبت الحكم في مورده ، ويمكن التعدّي بعدم الفصل إن ثبت ، وهو غير معلوم.
هـ : الاستنجاء المرخّص فيه الاستجمار والمحكوم بطهارة [ غسالته ] (١) عند القائلين بنجاسة الغسالة هو الوارد على المخرج الطبيعي ، فلا يجري حكمه في غيره ولو مع انسداد الطبيعي ؛ للاستصحاب ، وعدم معلوميّة صدق الاستنجاء.
* * *
__________________
(١) في جميع النسخ : غسله ، وما أثبتناه لاستقامة المعنى.
الفصل الثاني : في مستحباتها زيادة على ما علم ممّا سبق
فمنها : الاستتار عن الناس في الغائط خاصة بحيث لا يراه أحد ، بأن يبعد أو يدخل بيتاً أو يلج حفيرة ؛ لاشتهاره بين العلماء ، والتأسي بالنبي ؛ فإنّه لم يُر على غائط قطّ ، والمروي في الاحتجاج المتقدم ذكره (١).
وفي شرح النفلية للشهيد ، قال عليه السلام : « من أتى الغائط فليستر » (٢).
والمروي في الدعائم : « من فقه الرجل ارتياد مكان الغائط والبول والنخامة » يعنون عليهم السلام أن لا يكون ذلك بحيث يراه الناس ـ إلى أن قال : « ينبغي أن يكون المخرج في أستر موضع في الدار » (٣).
ويستفاد منه استحباب استتار الغائط والبول أيضاً ، فهو مستحب آخر.
ومنها : تغطية الرأس ؛ لفتوى الأصحاب ، ونقل الوفاق عن المعتبر (٤) والذكرى (٥).
والمروي في الدعائم : « إن رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا دخل الخلاء تقنّع وغطّى رأسه » (٦).
ويستفاد منه استحباب التقنع أيضاً.
ويدلّ عليه : المروي في المجالس ، والمكارم : « يا أبا ذر استحي من الله ، فإنّي والذي نفسي بيده لأظل حين أذهب إلى الخلاء مقنعاً بثوبي » (٧).
__________________
(١) في ص ٣٦٠.
(٢) روى عنه في الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٤ ح ٤.
(٣) الدعائم ١ : ١٠٤ ، المستدرك ١ : ٢٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٤ ح ٤.
(٤) المعتبر ١ : ١٣٣.
(٥) الذكرى : ٢٠.
(٦) الدعائم ١ : ١٠٤ ، المستدرك ١ : ٢٤٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٣ ح ١.
(٧) مجالس الطوسي : ٥٤٥ ، مكارم الأخلاق ٢ : ٣٧٢ ، الوسائل ١ : ٣٠٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٣ ح ٣.
ولا تكفي التغطية عنه. وهل يكفي عنها ؟ ظاهر العطف في رواية الدعائم : العدم.
ومنها : الدعاء بالمأثور عند التقنع سرّاً في نفسه ، وعند إرادة الدخول واقفاً ملتفتاً يميناً وشمالاً إلى مَلَكَيه تارة ، ومطلقاً اُخرى ، وعند الدخول ، والكشف ، والجلوس ، والحدث ، والنظر ، والاستنجاء ، والفراغ ، والخروج مطلقاً تارة ، وبعد مسح البطن اُخرى ؛ لورود جميع ذلك في الأخبار (١). وفي ما اختلفت فيه الروايات من الدعوات يتخير.
ويستحب خصوص التسمية عند كشف العورة لبول أو غيره ؛ للخبرين : « إذا انكشف أحدكم لبول أو غير ذلك فليقل بسم الله ، فإنّ الشيطان يغضّ بصره » (٢).
ومنها : تقديم اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج في البنيان ؛ لاشتهاره بين الأصحاب (٣).
ولا يبعد إجزاء الحكم في موضع الجلوس في غير البنيان ؛ لفتوى بعضهم (٤).
ومنها : الاعتماد على اليسرى حال الجلوس ؛ لشهادة غير واحد (٥) بكونه مروياً.
ومنها : اختيار موضع مرتفع أو كثير التراب للبول ؛ لمرسلة الفقيه : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله : أشدّ الناس توقياً عن البول ، حتى أنّه كان إذا أراد
__________________
(١) راجع الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٥.
(٢) الفقيه ١ : ١٨ / ٤٣ ، التهذيب ١ : ٣٥٣ / ١٠٤٧ ، الوسائل ١ : ٣٠٧ ، ٣٠٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٩ ، ٤.
(٣) منهم الشيخ في المبسوط ١ : ١٨ ، والمحقق في المعتبر ١ : ١٣٤ ، والعلامة في التذكرة ١ : ١٣.
(٤) العلامة في نهاية الاحكام ١ : ٨١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٠.
(٥) العلامة في نهاية الاحكام ١ : ٨١ ، والشهيد في الذكرى : ٢٠.
البول عمد إلى مكان مرتفع من الأرض ، أو مكان يكون فيه التراب الكثير ، كراهة أن ينضح عليه البول » (١) وغيرها من الأخبار.
ومنها : تأخير كشف العورة حتى يدنو من الأرض ؛ للتأسي ، كما قيل (٢).
وتقديم الدبر على الذكر في الاستنجاء ؛ لموثّقة الساباطي : عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بأيما يبدأ بالمقعدة أو بالإِحليل ؟ فقال : « بالمقعدة ثم بالإِحليل » (٣).
والأولى مع خوف سراية نجاسة الإِحليل إلى اليد أو الكم غسله أولاً ، ثم غسل الدبر ، ثم الاستبراء من البول ، ثم غسل الإِحليل ثانياً.
ومنها : الاستبراء للرجل. ورجحانه ثابت بالإِجماع ، وفتاوى الأصحاب ، والمعتبرة من النصوص.
ففي صحيحة البختري : في الرجل يبول قال : « ينتره ثلاثاً ، ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي » (٤).
وحسنة ابن مسلم : رجل بال ولم يكن معه ماء ، فقال : « يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه ، فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ، ولكنه من الحبائل » (٥).
والمروي في نوادر الراوندي : « من بال فليضع إصبعه الوسطى في أصل العجان ثمّ ليسلها ثلاثاً » (٦).
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٦ / ٣٦.
(٢) التذكرة ١ : ١٣.
(٣) الكافي ٣ : ١٧ الطهارة ب ١٢ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩ / ٧٦ ، الوسائل ١ : ٣٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٤ ح ١.
(٤) التهذيب ١ : ٢٧ / ٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٦ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ٣.
(٥) الكافي ٣ : ١٩ الطهارة ب ١٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٨ / ٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٩ / ١٣٧ ، الوسائل ١ : ٣٢٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١١ ح ٢.
(٦) نوادر الراوندي : ٣٩ ، المستدرك ١ : ٢٦٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ٣.
وآخر : « كان النبي صلّى الله عليه وآله إذا بال نتر ذكره ثلاث مرات » (١).
والعامي : « إنّ أحدكم يعذّب في قبره فيقال : إنّه لم يكن يستبرئ عند بوله » (٢).
ويؤيده : إيجابه التوقّي عند النجس ونقض الطهارتين ، كما صرّح به فيما مرّ من الروايتين ، وفي حسنة عبد الملك : في الرجل يبول ثمَّ يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللاً. قال : « إذا بال فخرط ما بين المقعدة والاُنثيين ثلاث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى ، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي » (٣).
واختلفوا في استحبابه ووجوبه.
فالحق المشهور هو الأول ؛ لظاهر الإِجماع ، حيث لا يقدح مخالفة الشاذ فيه ، والأصل ، لعدم دلالة غير روايتي النوادر والعامي على الوجوب من جهة خلوّه عن الدالّ عليه. بل في دلالته على الاستحباب أيضاً تأمّل ؛ لاحتماله الإِرشاد لأجل التوقي.
وأمّا هما فلضعفهما الخالي عن الجابر لا يصلحان لإِثبات ما عدا الاستحباب.
فالقول بالوجوب ـ كما عن الاستبصار والغنية مدعياً عليه الإِجماع (٤) ـ ضعيف غايته ، وإرادتهما الوجوب الشرطي ـ كما قيل (٥) ـ ممكنة.
وأمّا كيفيته فقيل : إنّه أن يعصر من أصل المقعدة إلى الاُنثيين أي أصل الذكر ثلاثاً ، ومنه إلى طرفه أي رأسه كذلك ، ثم ينتر رأسه (٦) ـ وهو عصره بجذبه
__________________
(١) نوادر الراوندي : ٥٤ ، البحار ٧٧ : ٢١٠.
(٢) روى بمضمونه أحاديث متعددة في كنز العمال ٩ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥.
(٣) التهذيب ١ : ٢٠ / ٥٠ ، الاستبصار ١ : ٩٤ / ٣٠٣ ، الوسائل ١ : ٢٨٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ٢.
(٤) الاستبصار ١ : ٤٨ ، الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٤٩.
(٥) الرياض ١ : ٣١.
(٦) الشرائع ١ : ٢٨.
بقوّة ، كما صرّح به في البحار (١) كذلك ، وهذه تسع مسحات.
وقيل : ست ، بإسقاط الثلاث الأخيرة (٢).
ونسب كلٌّ من هذين القولين إلى الشهرة (٣) ، ويمكن إرجاعهما إلى واحد.
وعن والد الصدوق : أنّه الثلاث الاُولى (٤).
وعن السيد (٥) والمهذب (٦) : أنّه الثلاث الوسطى. واختاره والدي العلّامة ـ رحمه الله ـ في اللوامع والمعتمد ، وحمل الزائد على الأفضلية.
وعن المفيد : أنّه أربعة. بإسقاط الثلاثة الأخيرة ومرة من كل من الاُوليين (٧) ، وقد ينسب إليه أنّه اثنان. بإسقاط مرتين من الاُوليين مع تمام الأخيرة (٨).
والأصل في الجميع : الأخبار السابقة ، فالأولون يستدلون للستة الاُولى : بحسنة عبد الملك ، بإرجاع ضمير التثنية إلى الاُنثيين مع إرادة الذكر منه ، والمراد ما بين طرفيه. مضافاً إلى الاستدلال للثلاثة الاُولى : بالمروي عن النوادر أولاً. وللوسطى : بصحيحة البختري ، بإرجاع الضمير إلى الذكر ، وبها يقيد إطلاق الغمز في الأول ، وبحسنة ابن مسلم ، بإرادة رأس الذكر من طرفه الأول ، وبالمروي في النوادر أخيراً. وللثلاثة الأخيرة : بقوله في الحسنة : « وينتر طرفه » بإرادة رأسه منه.
__________________
(١) البحار ٧٧ : ٢٠٦.
(٢) المراسم : ٣٢.
(٣) في الذكرى : ٣٠ ، والمدارك : ٣٠١ ، والذخيرة : نسب القول الأول إلى الشهرة ، وفي الرياض ١ : ٣١ نسب الأول إلى الأشهرية.
(٤) نقله عنه في مفتاح الكرامة ١ : ٥١.
(٥) نقله عنه في المعتبر ١ : ١٣٤.
(٦) المهذب ١ : ٤١.
(٧) المقنعة : ٤٠.
(٨) نسبه في الذخيرة : ٢٠.
ومنهم من استخراج التسعة من هذه الحسنة بإرادة العراق الواصل بين الدبر والاُنثيين من أصل الذكر ورأس الذكر من طرفه.
ومنهم من استنبط الثلاثة الوسطى من حسنة عبد الملك خاصة ، بإرجاع ضمير التثنية إلى المقعدة والاُنثيين ، وذكر الغمز لبيان لزوم العصر ، حيث إنّ الخرط مجرّد مدّ اليد.
والقائلون بالثاني استنبطوا الستّ بأحد الوجوه المتقدّمة ، وجعلوا قوله : « ينتر طرفه » بياناً لما اُهمل في قوله : « إلى طرفه » من جهة احتمال خروج المغيّى.
ومنهم (١) من فسر الطرف بالذكر كما في قولهم : لا يدري أيّ طرفيه أطول لسانه أو ذكره ؟
والثالث : استند إلى صحيحة البختري ، مع تضعيف سائر الروايات سنداً ، أو إليها وإلى حسنة ابن مسلم بجعل نتر طرفه بياناً ، كما ذكر ، وردّ الحسنة الأخيرة : بمعارضتها مع مفهوم الحسنة الاُولى ، وترجيح الاُولى بمعاضدة الصحيحة.
والرابع : تمسك بالحسنتين بجعل أصل الذكر في الاُولى العرق المذكور ، وجعل طرفه أصل الذكر ، ونتر الطرف بياناً ، كما ذكر ، وردّ الصحيحة بإجمال المرجع فيها ، فيمكن رجوعه إلى الذكر ، ورأسه ، والبول ، وما بين المقعدة.
والخامس : حمل التعدّد على الأفضلية ، ولا أعرف مستند المرتين إن صحت النسبة.
ومقتضى القواعد : رفيع اليد عن الصحيحة ؛ لإِجمالها كما ذكر ، وقطع النظر عن التأويلات البعيدة التي أوّلوا الحسنتين بها وقصرهما على ما هو الظاهر منهما ، وهو إرادة منتهى الذكر في جانب الاُنثيين من أصله ، ورأسه من طرفه في الحسنة الاُولى ، فيكون بياناً للثلاثة الوسطى من العصرات ، ويكون نتر الطرف عصر
__________________
(١) ذكره في كشف اللثام ١ : ٢١ على وجه الاحتمال.
الذكر الحاصل من العصرات المذكورة أيضاً وإرجاع ضمير التثنية في الثانية إلى المقعدة والاُنثيين ، وجعل الغمز بياناً للزوم العصر في الخرط ، فيكون بياناً للثلاثة الاُولى. فتكون الحسنة الاُولى دليلاً للثلاثة الثانية ، والثانية للاُولى.
ولكن لتضمّنهما الشرط يحصل التعارض في حصول نقض الطهارة وعدمه بين منطوق كلٍ منهما ومفهوم الآخر ، وإذ لا مرجّح لأحدهما في محلّ التعارض وهو ما إذا أتى بإحدى الثلاثتين دون الاُخرى ، ولا قول بالتخيير بين الحكم بكفاية إحداهما في النقض وعدمها ، فيجب الحكم بالتساقط والرجوع إلى الأصل ، وهو مع كفاية كلّ ثلاثة من الثلاثتين الاُولى والوسطى ، لأصالة عدم تنجس الثوب والبدن ، وعدم انتقاض الطهارة بعد تحقق إحدى الثلاثتين ، كما ذكروا (١) في الاُنثى فإنّه لا استبراء عليها ، ولا تنقض طهارتها بالخارج المشتبه. فهو الحق ، أي حصول الاستبراء بكلّ ثلاثة من الثلاثتين.
ولا يلزم خرق إجماع مركب معلوم سيما في حق من تعارضت عنده الأدلة ، مع أنّ التخيير المجوز في المدارك (٢) هو بعينه ذلك.
والأحوط : الجمع بين الثلاثتين : بل هو الأفضل ؛ للمرويين في النوادر المتقدمين (٣) أو غاية الاحتياط الإِتيان بالتّسعة.
وينبغي الابتداء بالثلاثة الاُولى حتى يخرج ما بين المقعدة والاُنثيين إلى الذكر ، ثم بالوسطى حتى يخرج ما في الذكر أيضاً ، ثم بالثلاثة الأخيرة.
ويتخير بين إتمام الثلاثة الاُولى ثم تعقيبها بالوسطى ثم بالأخيرة ، وبين تعقيب كل مرة من الاُولى بمثلها من الوسطى منفصلة أو متصلة ، وكذا في الأخيرة.
__________________
(١) كما في القواعد ١ : ٤ ، والروض : ٢٥ ، وكشف اللثام ١ : ٢١.
(٢) المدارك ١ : ٣٠١.
(٣) في ص ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
فروع :
أ : يستحب أن يكون الاستبراء باليسار ؛ لمرسلة الفقيه : « إذا بال الرجل لم يمسّ ذكره بيمينه » (١).
وعنه صلّى الله عليه وآله : « أنه كانت يمناه لطهوره وطعامه ، ويسراه لخلائه وما كان من أذى » (٢).
ويستحب أن يجعل اليمين لما علا من الاُمور واليسار لما دنى.
ب : لو خرج شيء بعد الاستبراء ليس ينجس (٣) ولا ينقض الطهارة ؛ للأصل ومنطوق الحسنتين (٤). وقبله ينجس وينقض ؛ لمفهومهما.
ج : الحكم كما اُشير إليه يختصّ بالذكر ، فلا استبراء على الاُنثى. والمشتبه الخارج منها لا ينجس ولا ينقض ؛ للأصل.
* * *
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٩ / ٥٥ ، الوسائل ١ : ٣٢٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٢ ح ٦.
(٢) سنن أبي داود ١ : ٩.
(٣) في « ق » و « ح » : بنجس.
(٤) المتقدمتين ص ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
الفصل الثالث : في مكروهاتها
وهي أيضاً اُمور :
منها : التخلّي مطلقاً ـ بالغائط كان أو البول ـ في الطرق النافذة.
وأما المرفوعة فهي ملك لأربابها ، يحرم التخلّي فيها بدون إذنهم ويباح معه.
والمشارع ـ وهي موارد المياه من شطوط الأنهار ورؤوس الآبار ـ وأفنيةِ المساجد ، وعلى القبور ، وبينها ، وأبواب الدور ، ومنازل النزّال ، وتحت المثمرة من الأشجار.
كل ذلك للاشتهار ، مضافاً إلى المستفيضة من الأخبار المتضمنة جميعها لجميعها ، كمرفوعة علي ورواية الاحتجاج المتقدمتين (١).
وصحيحة عاصم : أين يتوضأ الغرباء ؟ فقال : « يتّقي شطوط الأنهار والطرق النافذة وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن » فقيل له : وأين مواضع اللعن ؟ فقال : « أبواب الدور » (٢).
ورواية الكرخي : « [ ثلاث خصال ملعون من فعلهنّ ] : المتغوّط في ظل النزّال ، ... » (٣).
وخبر السكوني : « نهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها ، أو نهر يستعذب ، أو تحت شجرة فيها ثمرتها » (٤).
والمروي في الخصال : « يا علي ، ثلاث يتخوف منهن الجنون : التغوط بين
__________________
(١) في ص ٣٦٣ و ٣٦٠.
(٢) الكافي ٣ : ١٥ الطهارة ب ١١ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٨ ، الوسائل ١ : ٣٢٤ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ١.
(٣) الكافي ٣ : ١٦ الطهارة ب ١١ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٨٠ ، الوسائل ١ : ٣٢٥ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٤ ، بدل ما بين المعقوفين في النسخ : « ثلاثة ملعون ملعون من فعلهن » وما أثبتناه موافق للكافي.
(٤) التهذيب ١ : ٣٥٣ / ١٠٤٨ ، الوسائل ١ : ٣٢٥ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٣.
القبور ، ... » (١).
وفيه وفي المجالس : « إنّ الله كره لكم أربعاً وعشرين خصلة ونهاكم عنها إلى أن قال : « كره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت يعني أثمرت » (٢).
وفي الأخير أيضاً : « أنّه نهى أن يبول رجل تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق » (٣).
وفي الدعائم : « البول في الماء القائم من الجفاء ، ونهي عنه وعن الغائط فيه وفي النهر ، وعلى شفير البئر يستعذب من مائها ، وتحت الشجرة المثمرة ، وبين القبور ، وعلى الطرق والأفنية » (٤).
وفي جامع البزنطي عن الباقر عليه السلام : « ولا تبل في الماء ، ولا تخلّ على قبر » (٥).
وصحيحة ابن مسلم : « من تخلّى على قبر أو بال قائماً أو بال في ماء قائم ... فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله » (٦) إلى غير ذلك.
ورواية الخصال والمجالس وسائر ما يتعقبها يتضمن البول أيضاً صريحاً أو إطلاقاً ، فاختصاص بعض ما تقدم عليها بالغائط وإجمال بعض آخر غير ضائر ، والقول بالتخصيص بالتغوط ـ كبعضهم ـ ساقط.
والإِجماع على انتفاء التحريم في هذه المواضع ـ إذ لا يقدح مخالفة النادر ـ يوجب حمل الأمر بالاجتناب والنهي في جملة من تلك الأخبار على الاستحباب
__________________
(١) الخصال : ١٢٥ ، الوسائل ١ : ٣٢٩ أبواب أحكام الخلوة ب ١٦ ح ٢.
(٢ و ٣) الخصال : ٥٢٠ ، مجالس الصدوق : ٢٤٨ ، ٣٤٤ ، الوسائل ١ : ٣٢٧ ، ٣٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ١٠ و ١١.
(٤) الدعائم ١ : ١٠٤ ، المستدرك ١ : ٢٧٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١٩ ح ١ وص ٢٦١ ب ١٢ ح ٢.
(٥) نقلها عنه في البحار ٧٧ : ١٩١.
(٦) الكافي ٦ : ٥٣٣ الزي والتجمل ب ٦٩ ح ٢ ، الوسائل ١ : ٣٢٩ أبواب أحكام الخلوة ب ١٦ ح ١.
والكراهة ، فنفي الجواز فيها كما عن المفيد (١) ، أو في الأخيرين كما عن الصدوق في الهداية والفقيه (٢) ضعيف.
ولو لم يثبت الإِجماع على خلافه ، فلا أقل من الشهرة العظيمة المخرجة للأخبار المحرمة عن الحجية ، فلا تصلح إلّا لإِثبات الكراهة ، مع أنّ إرادتهما المعنى الأخص من الجواز ممكنة.
والمثمر ومسقط الثمر ـ كما في الثلاثة الاُولى ـ يصدقان على المنقضي عند المبدأ أيضاً حقيقة ، بل على ما من شأنه ذلك وإن لم يتلبس (به بعد) (٣) ، كما بيّنا في موضعه ، فالكراهة تعم الأشجار المثمرة مطلقاً.
واختصاص بعض آخر بما فيه الثمر لا يثمر ؛ لعدم حجية مفهوم الوصف على الأظهر ، فالتخصيص استناداً إلى ذلك أو إلى اختصاص المشتق بالمتلبس لا يصح.
والاستشهاد بمرسلة الفقيه المعلّلة للكراهة : بمكان الملائكة حين وجود الثمر (٤) لا يتم ؛ لأن وجود علة في مورد لا ينافي وجود اُخرى في آخر.
ودعوى : أصالة عدمها ـ بعد دلالة الإِطلاق ـ لا تسمع.
مع أنّ ذلك التعليل لا يفيد الاختصاص ؛ لجواز أن يكون كونهم هناك في وقت موجباً للنهي عن التخلّي فيه مطلقاً تعظيماً لهم واستنظافاً لمكانهم قبل ذلك وبعده.
ومنها : البول في الأرض الصلبة ؛ للتصريح بكراهة نضح البول في مرسلة الفقيه (٥) ، وملزوم المكروه ولو في الأغلب مكروه ، ولأنه تحقير وتهاون في البول
__________________
(١) المقنعة :
(٢) الهداية ١٥ ، الفقيه ١ : ٢١.
(٣) في « هـ » و « ق » : بعد به.
(٤) الفقيه ١ : ٢٢ / ٦٤ ، الوسائل ١ : ٣٢٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٨.
(٥) الفقيه ١ : ١٦ / ٣٦ ، الوسائل ١ : ٣٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢ ح ٢.
ونهي عنهما في المستفيضة (١) ؛ ولاستحباب ارتياد الموضع المناسب ، والصلب غير مناسب ، وضد المستحب المكروه.
وفي ثقوب الحشرات ؛ لورود النهي عنه في بعض الأخبار ، كما صرّح به جماعة (٢).
وفي الحمام ؛ للمروي في الخصال : « البول في الحمام يورث الفقر » (٣). والمراد منه ما يدخل فيه عرفاً ، لا نفس المغسل كما قد يتوهّم.
وحالة القيام ؛ لصحيحة ابن مسلم المتقدمة (٤) وغيرها.
ومطمحاً به أي رامياً به إلى الهواء ، كأن يبول من سطح في الهواء ؛ لرواية السكوني : « نهى النبي أن يطمح الرجل ببوله من السطح أو من الشيء المرتفع في الهواء » (٥).
والمروي في الخصال : « لا يبولن الرجل من سطح في الهواء » (٦).
ومنه البول في البلاليع العميقة.
ولا يتحقق التطميح بالبول في مكان ثم جريانه بميزاب ونحوه في الهواء.
ولا ينافي ذلك ما تقدم من استحباب ارتياد مكان البول كمرتفع ؛ إذ الارتفاع المعتبر هناك هو بقدر ما يؤمن معه من الترشح. والنهي عن التطميح من
__________________
(١) راجع الوسائل ١ : ٣٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢.
(٢) أي صرّحوا بورود النهي ، منهم الشهيد في الذكرى : ٢٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٣ ولم نعثر عليه من طرقنا ، وهو موجود في كتب الجمهور ، انظر سنن أبي داود ١ : ٨. نعم روى في مستدرك الوسائل ١ : ٢٨٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٩ ح ١٠ نقلاً عن أعلام الدين للديلمي ٣٠٢ : « وقال الباقر عليه السلام لبعض أصحابه وقد أراد سفراً ... ولا تبولن في نفق ... » فتأمل.
(٣) الخصال : ٥٠٤ ، الوسائل ١٥ : ٣٤٧ أبواب جهاد النفس ب ٤٩ ح ٢١.
(٤) في ص ٣٩١.
(٥) الكافي ٣ : ١٥ الطهارة ب ١١ ح ٤ ، الوسائل ١ : ٣٥١ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣ ح ١.
(٦) الخصال : ٦١٣ ، الوسائل ١ : ٣٥٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣ ح ٦.
السطح أو مكان مرتفع يدل على أن المراد منه ما ذكرنا.
ويظهر من بعض كتب اللغة أنه الرمي إلى فوق (١). ومن علّل الحكم بخوف الرد حمله عليه.
ومنها : استقبال الشمس أو القمر في البول ؛ للنهي عنها في المستفيضة المحمولة على الكراهة ؛ لما (٢) سبق.
كرواية السكوني : « نهى أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول » (٣).
ورواية الكاهلي : « لا يبولن أحدكم وفرجه بادٍ للقمر يستقبل به » (٤).
وفي المجالس : « ونهى أن يبول الرجل وفرجه بادٍ للشمس والقمر » (٥).
وفي الغائط ؛ لما في الكافي ـ بعد مرفوعة محمد السابقة في القبلة (٦) ـ : وروي أيضاً في حديث (آخر) (٧) : « لا تستقبل الشمس ولا القمر » (٨) فإنّه يظهر منه أنّه أيضاً حكم الغائط.
وفي العلل : « فإذا أراد البول والغائط ـ إلى أن قال ـ : ولا تستقبل الشمس أو القمر » (٩).
وكذا استدبار القمر حال الغائط ؛ لما في الفقيه ـ بعد مرفوعة علي
__________________
(١) الصحاح ١ : ٣٨٩ ، مجمع البحرين ٢ : ٣٩٣.
(٢) في « هـ » : كما.
(٣) التهذيب ١ : ٣٤ / ٩١ ، الوسائل ١ : ٣٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ١.
(٤) التهذيب ١ : ٣٤ / ٩٢ ، الوسائل ١ : ٣٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٢.
(٥) مجالس الصدوق : ٣٤٥ « المجالس ٦٦ ».
(٦) في ص ٣٦٢.
(٧) لا توجد في « ق ».
(٨) الكافي ٣ : ١٥ الطهارة ب ١١ ملحق ح ٣ ، الوسائل ١ : ٣٤٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٥.
(٩) نقلها في البحار ٧٧ : ١٩٤ / ٥٣ عن كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم.
السابقة (١) ـ : وفي خبر آخر : « لا تستقبل الهلال ولا تستدبره » (٢) لما ذكر.
بل الشمس أيضاً حينئذٍ ، كما هو الظاهر ممّا في العلل في حكم بيان حدود من أراد البول أو الغائط : « وعلة اُخرى أنّ فيهما ـ أي في الشمس والقمر ـ نوراً مركباً ، فلا يجوز أن يستقبل بالعورتين وفيهما نور من نور الله » (٣) الحديث. والاستقبال بالدبر ـ الذي هو إحدى العورتين ـ هو الاستدبار.
وأما استدبارهما في البول : فلم يرد كراهته في الأخبار ، والأصل عدمها ، فهو الأظهر. والتعدّي بالأولوية باطل جداً.
وظاهر النافع ، والنهاية ، والمدارك (٤) : اختصاص الكراهة بالاستقبال خاصة ، كما أن ظاهر الاقتصاد ، والجمل ، والمصباح (٥) ومختصره ، والديلمي (٦) ، وابن سعيد (٧) ومحتمل الإِرشاد ، والبيان ، والنفلية (٨) : التخصيص بالبول ، وظاهر القواعد (٩) : الاختصاص بالاستقبال في البول والاستدبار في الغائط. والصحيح ما ذكرنا.
ثم المكروه في الاستقبال حال البول على الأظهر الأشهر : الاستقبال بالفرج ، لأنّه الثابت من الروايات ، دون البدن كما في القبلة.
وأما حال الغائط وفي الاستدبار بالقمر فالظاهر أنّ المكروه هو الاستقبال والاستدبار بالبدن ؛ لأنّه مقتضى أخبارهما ، فتأمل.
__________________
(١) في ص ٣٦٣.
(٢) الفقيه ١ : ١٨ / ٤٨ ، الوسائل ١ : ٣٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٣.
(٣) راجع ص ٣٩٤.
(٤) المختصر النافع : ٥ ، النهاية : ١٠ ، المدارك ١ : ١٧٨.
(٥) الاقتصاد : ٢٤١ ، الجمل والعقود (الرسائل العشر) : ١٥٧ ، مصباح المتهجد : ٦.
(٦) المراسم : ٣٣.
(٧) الجامع للشرائع : ٢٦.
(٨) مجمع الفائدة ١ : ٩٤ ، البيان : ٤١ ، النفلية : ٥.
(٩) القواعد ١ : ٤.
ومنها : استقبال الريح واستدبارها في الغائط ؛ للمرفوعتين المتقدمتين (١).
واستقباله في البول ؛ لأخبار النهي عن احتقاره والتهاون به (٢) ، والأمر بالتحفّظ والتوقّي عنه.
ولما في العلل : « ولا تستقبل الريح لعلتين : إحداهما أنّ الريح يردّ البول فيصيب الثوب ولم يعلم ذلك ، أو لم يجد ما يغسله ، والعلة الثانية : أنّ مع الريح ملكاً فلا يستقبل بالعورة » (٣).
ويظهر من العلّة الثانية : كراهة الاستدبار في الغائط أيضاً مع سرّها.
وأما الاستدبار في البول فلم أجد فيه نصاً.
والشيخ (٤) والفاضلان (٥) خصّا الكراهة بالاستقبال والبول.
ومنها : البول في الماء ؛ للمروي عن جامع البزنطي المتقدمة (٦) ، وإطلاقه يشمل الراكد والجاري.
مضافاً في الأول إلى صحيحة ابن مسلم المتقدمة (٧) ، والمروي في العلل : « ولا تبل في ماء نقيع » (٨).
ومرسلة الفقيه : « البول في الماء الراكد يورث النسيان » (٩). وفي جنّة الأمان :
__________________
(١) في ص ٣٦٢.
(٢) راجع الوسائل ١ : ٣٣٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٣.
(٣) نقله في البحار ٧٧ : ١٩٤ / ٥٣ عن كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم.
(٤) مصباح المتهجد ٦ ، النهاية : ١٠ ، الاقتصاد : ٢٤١.
(٥) المحقق في الشرائع ١ : ١٩ ، والمختصر النافع : ٥ ، والعلامة في التحرير ١ : ٧ ، والقواعد ١ : ٤.
(٦) في ص ٣٩١.
(٧) في ص ٣٩١.
(٨) علل الشرائع. ٢٨٣ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٦.
(٩) الفقيه ١ : ١٦ / بعد ح ٣٥ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٤.
« أنه ميراث الهموم » (١). وفي غيره : « أنه من الجفاء » (٢). « وأنه يورث الفقر » (٣).
وفي الثاني إلى رواية مسمع : « نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة » (٤).
والمروي في الخصال : « ولا تبولن في ماء جار » إلى أن قال : « فإنّ للماء أهلاً » (٥).
وروي : « أنه يورث السلس » (٦).
خلافاً للمحكي عن ظاهر الصدوقين (٧) والمفيد (٨) ، فحرّموه في الأول ؛ لظاهر النهي ، وجعله بعضهم أحوط (٩). وهو كذلك.
وللأولين ، فخصّا الكراهة أو الحرمة بالأول ؛ لموثقة ابن بكير : « لا بأس في البول في الماء الجاري » (١٠). وفي معناها موثقة سماعة (١١).
وصحيحة الفضيل : قال : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري ، وكره
__________________
(١) نقله في البحار ٧٧ : ١٩٥ / ٥٥.
(٢) الدعائم ١ : ١٠٤ ، المستدرك ١ : ٢٧٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١٩ ح ١.
(٣) غوالي اللآلي ٢ : ١٨٧ ، المستدرك ١ : ٢٧١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٩ ح ٦. وفيهما : « يورث الحصر ».
(٤) التهذيب ١ : ٣٤ / ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٥ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣.
(٥) الخصال : ٦١٣.
(٦) غوالي اللآلي ٢ : ١٨٧.
(٧) الفقيه ١ : ١٦ ، الهداية : ١٥ ، وفي كشف اللثام ١ : ٢٢ نقله عن والد الصدوق.
(٨) المقنعة : ٤١.
(٩) الرياض ١ : ١٧.
(١٠) التهذيب ١ : ٤٣ / ١٢٢ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٤ ، الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٣.
(١١) التهذيب ١ : ٣٤ / ٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢١ ، الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٤.
أن يبول في الماء الراكد » (١) فصلّ عليه السلام ، والتفصيل قاطع للشركة.
ورواية عنبسة : عن الرجل يبول في الماء الجاري ، قال : « لا بأس به إذا كان الماء جارياً » (٢) فإنّ البأس الثابت بالمفهوم لغير الجاري هو الكراهة ، فيكون هو المنفي في المنطوق.
والجواب عنها على القول بالحرمة في الراكد ظاهر.
وعلى الكراهة ، أمّا عن الموثّقتين : فبأنّ نفي البأس ـ الذي هو العذاب ـ لا ينافي الكراهة.
وأمّا عن الصحيحة : فبجواز عطف « كره » على « قال » فلا يكون في كلامه تفصيل ، فلعلّه ـ عليه السلام ـ قال بالكراهة في الراكد في وقتٍ ، ونفى البأس عن الجاري في آخر ، فجمعهما الراوي.
وأمّا عن الرواية : فبأنّه يمكن أن يكون المراد بالبأس المجازي المثبت في المفهوم مرتبةً من الكراهة مشابهة ـ لشدة مرجوحيته ـ للحرمة ، وبالمنفي في المنطوق ، الأعمّ منها ومن العذاب ، ولهذا خصّص نفي البأس في كثير من الأخبار بالجاري ، وعلى هذا فيكون الكراهة فيه أخفّ ، وهو كذلك. كما أنّه يشتد فيهما بالليل ؛ لما ينقل من أن الماء بالليل للجن ، فلا يبال فيه ولا يغتسل حذراً من إصابة آفة من جهتهم (٣).
ثمّ إنّ النصوص مخصوصة بالبول ككلام جماعة (٤).
وتعدّى الأكثر ـ ومنهم الشيخان (٥) ـ إلى الغائط أيضاً فكرهوه فيه. ولا بأس
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣١ / ٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٣ ، الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ٤٣ / ١٢٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٢ ، الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٢.
(٣) رواه في غوالي اللآلي ٢ : ١٨٧.
(٤) كما في الفقيه ١ : ١٦ ، والشرائع ١ : ١٩ ، والقواعد ١ : ٤.
(٥) المفيد في المقنعة : ٤٢ ، والطوسي في النهاية : ١٠.
به ؛ لفتوى هؤلاء الأعاظم ، والتعليل المذكور في رواية الخصال.
وقد يتمسك في التعدّي : بالأولوية أو تنقيح المناط ، وهو كما ترى.
ويستثنى حال الضرورة ؛ للضرورة ، ورواية مسمع (١).
واستثناء المياه المعدة لذلك مدفوع بإطلاق النصوص.
ومنها : استصحاب الخاتم في اليد عند الخلوة وفيه اسم الله تعالى أو شيء من القرآن ؛ لرواية الخزاز : أدخل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله ؟ قال : « لا » (٢).
ورواية أبي القاسم : الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيه اسم الله تعالى ، فقال : « ما اُحب ذلك » قال : فيكون اسم محمد ، قال : « لا بأس » (٣).
وموثّقة الساباطي : « لا يمسّ الجنب درهماً ولا ديناراً فيه اسم الله ، ولا يستنج وعليه خاتم فيه اسم الله ، ولا يجامع وهو عليه ، ولا يدخل المخرج وهو عليه » (٤) والمستتر في « يستنجي » ونظائره إلى الرجل المدلول عليه في ضمن الجنب لا الجنب.
والمروي في قرب الإِسناد : عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم فيه ذكر الله ، أو شيء من القرآن ، يصلح ذلك ؟ قال : « لا » (٥).
وهذه الروايات كما ترى مختصة بالخاتم في اليد صريحاً كالأول ، وظاهراً كالبواقي ، فلا يفيد تعميم الكراهة بالنسبة إلى مطلق الاستصحاب كما قد يذكر.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٤ / ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٥ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣.
(٢) الكافي ٣ : ٥٦ الطهارة ب ٣٦ ح ٨ ، الوسائل ١ : ٣٣٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ١.
(٣) التهذيب ١ : ٣٢ / ٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٥ ، الوسائل ١ : ٣٣٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٦.
(٤) التهذيب ١ : ٣١ / ٨٢ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٣ ، الوسائل ١ : ٣٣١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٥.
(٥) قرب الاسناد : ٢٩٣ / ١١٥٧ ، الوسائل ١ : ٣٣٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ١٠.