فوائد الأصول - ج ٤

الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني

فوائد الأصول - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٣٢

ربما يتوهم أنه يلزم الدور. ولكن يدفع بأن التعبد بالظهور لا يتوقف على فعلية الصدور والتعبد به ، بل يكفي في صحة التعبد بالظهور فرض الصدور ، ولا يصح العكس ، فتأمل.

وعلى كل حال : لا إشكال في أن التعبد بجهة الصدور يتوقف على التعبد بالصدور ، والتعبد بالمضمون يتوقف على التعبد بجهة الصدور ، ولازم ذلك هو تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي عند التعارض بينهما ، كما هو ظاهر أدلة الترجيح ، فان في مقبولة « عمر بن حنظلة » قدم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي. ولا يعارضها اقتصار بعض الأدلة على ذكر بعض المرجحات ، فإنه يجب تقييدها بما في المقبولة.

نعم : ربما يقع التعارض بين المقبولة وبين سائر الأدلة من جهة أخرى سيأتي البحث عنها. والمقصود في المقام : بيان تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي ، فان القاعدة تقتضي ذلك ، مضافا إلى دلالة أدلة الترجيح عليه.

فلا وجه لما عن الوحيد البهبهاني رحمه‌الله من تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري ، كما لا وجه لما أفاده المحقق الخراساني قدس‌سره من وقوع التزاحم بين المرجحات عند التعارض وتقديم ما هو أقوى مناطا وإلا فالتخيير بدعوى : أن الترجيح بجميع المرجحات يرجع إلى الصدور ، فان التعبد بالأخذ بما يخالف العامة معناه : البناء على أنه هو الصادر وأن الموافق لهم غير صادر ، لأنه لا معنى للتعبد بصدور الخبر مع وجوب حمله على التقية ، إذ الحمل على التقية يساوق الطرح ، ولا يعقل أن تكون نتيجة التعبد بالصدور هي الطرح ، فمعنى عدم الاخذ بالخبر الموافق للعامة هو البناء على عدم صدوره ، فلا تشمله أدلة حجية الخبر الواحد. وكذا الحال في موافقة أحد المتعارضين للكتاب ، فان معنى الاخذ بالموافق : هو البناء على عدم صدور المخالف للكتاب. فالمرجحات المنصوصة كلها ترجع إلى الصدور.

٧٨١

هذا ، ولكن يرد عليه : أن الترجيح بالمخالفة للعامة والموافقة للكتاب إنما يرجع إلى التخصيص في الأصول العقلائية التي تقتضي البناء على صدور الكلام على وفق المراد وأن مضمونه تمام المراد. وأما الترجيح بالشهرة وصفات الراوي : فهو يرجع إلى التخصيص في أدلة حجية الخبر الواحد التي تقتضي البناء على صدور الخبر. فإرجاع المرجحات كلها إلى المرجح الصدوري وكونها مخصصة لأدلة حجية الخبر الواحد مما لا سبيل إليه.

وما قيل : من أنه لا معنى للتعبد بالصدور مع الحمل على التقية ـ فان الحمل على التقية يرجع إلى طرح الخبر الموافق للتقية ولا يمكن أن تكون نتيجة التعبد بالصدور طرح الخبر ـ فهو ناش عن الخلط بين الحمل على التقية في باب تعارض الخبرين وبين الحمل على التقية في غير باب التعارض.

وتوضيح ذلك : هو أن الخبر تارة : يكون بنفسه ظاهرا في الصدور تقية ، بحيث يكون فيه قرائن التقية ولو لم يكن له معارض ، كالاخبار الواردة في عدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التسليم.

وأخرى : لا يكون في الخبر قرائن الصدور تقية بل مجرد كون مؤداه موافقا لمذهب العامة ، وقد تقدم : أن مجرد موافقة الخبر للعامة لا يقتضي الحمل على التقية ، بل لو لم يكن له معارض كان مشمولا لأدلة حجية الخبر الواحد ويجب العمل به ، وإنما يحمل على التقية في صورة التعارض بأدلة العلاج وأخبار الترجيح. والذي لا يمكن فيه التعبد بالصدور مع الحمل على التقية هو ما إذا كان الخبر في حد نفسه ظاهرا في التقية ، وأما إذا لم يكن في الخبر قرائن التقية ، فالحمل عليها إنما يكون بعد وقوع التعارض بينه وبين الخبر المخالف للعامة ، ووقوع التعارض بينهما فرع شمول أدلة التعبد بالصدور لكل من الموافق والمخالف.

لا أقول : إن أدلة التعبد بالصدور تعم كلا منهما بالفعل مع كونهما

٧٨٢

متعارضين ، فان ذلك واضح الفساد ، بل أقول : إن كلا منهما في حد نفسه مشمول لأدلة الاعتبار ، فحمل الخبر الموافق للعامة على التقية إنما يكون بعد فرض التعبد بصدوره ، فلو فرض أن الخبر الموافق لهم كان مشهورا عند أرباب الحديث والخبر المخالف كان شاذا غير مشهور عند الأصحاب ، فمقتضى أدلة الترجيح هو البناء على عدم صدور الشاذ (١) ولا أثر لجهة مخالفته للعامة حتى يتدارك بها جهة شذوذه ، ليزاحم الخبر المشهور الذي تقتضي أدلة الترجيح البناء على صدوره.

__________________

١ ـ أقول : اعترافه بان الترجيح بالمخالفة للعامة وموافقة الكتاب تخصص الأصول العقلائية ـ من أصالة الجهة والدلالة ـ كون هذا الترجيح كالأصلين في ظرف صدور الكلام الواقعي ، وحينئذ تقديم المرجح السندي عليهما في غاية المتانة ، إذ المرجح السندي يدل على عدم صدور المرجوح ، فأين كلام الامام عليه‌السلام كي يرجح أصالة جهته على الأصل في الآخر؟ بل كان المرجح السندي رافعا لموضوع المرجح الجهتي. ولكن لازم هذا المعنى ـ كما أشرنا في الحاشية السابقة ـ عدم انتهاء النوبة إلى المرجح الجهتي ، لأنه بعد فرض تساقط عموم دليل السند مع عدم مرجح سندي في البين لم يحرز كلام الامام عليه‌السلام كي ينتهي إلى ترجيح أصله العقلائي على غيره ، فلا محيص من الالتزام بكون المرجح الجهتي أيضا ناظرا إلى اثبات صدور الكلام الملازم لنفي صدور غيره. وحينئذ هذا المرجح كسائر المرجحات السندية ناظر إلى ترجيح السند ، وحينئذ لا يكون أحدهما منوطا بالآخر ، فيكون جميع المرجحات في عرض واحد ، ولا وجه لترجيح أحدهما على الآخر والى ذلك نظر العلامة الأستاذ قدس‌سره في كلامه ، فاورد عليه.

بل لنا في المقام كلام آخر ، وهو : ان التعبد بالجهة بعدما كان من آثار الكلام الواقعي ، فقضية الترجيح بالجهة موجب في طرف الموافق تقية ، للعلم الاجمالي بعدم صدوره أو حمله على التقية ، ومع هذا العلم لا مجال لترجيح السند في فرض وجود مرجح جهته في الموافق للعامة ، لان العلم المزبور يمنع عن مجيء التعبد بسنده ، للعلم بعدم انتهائه إلى الأثر ، والى ذلك أيضا نظر « العلامة الرشتي » المحكي في كفاية استاذنا ، لا ان نظره إلى وجود هذا العلم الاجمالي مع قطع النظر عن الترجيح الجهتي ، كي يرد عليه ما افاده العلامة الأستاذ. كما أن كلامه السابق أيضا وارد على الشيخ ، بملاحظة ان الترجيح بالجهة فرع الصدور ، ومع الشك فيه لا ينتهي إلى الترجيح بالجهة ، فهذه ربما يشهد بان المرجح الجهتي أيضا راجع إلى الصدوري ، فتدبر.

٧٨٣

ومما ذكرنا يظهر الوجه في تقديم المرجح الجهتي على المرجح المضموني ، لتقدم رتبته عليه ، وإن كان يظهر من صحيح « القطب الراوندي » عن الصادق عليه‌السلام تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة ، حيث قال عليه‌السلام « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه ، وإن لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه » (١) والعمل بهذا الصحيح مشكل ، إلا أن يقال : إن موافقة الكتاب تكون من المرجحات الصدورية ، فتأمل.

بقي التنبيه على أمور.

الأول :

الترجيح بصفات الراوي وإن لم يصرح به في المقبولة لأنه لم يجعل صفات الراوي فيها من مرجحات الخبرين المتعارضين بل جعلت من مرجحات الحكمين المتعارضين ، إلا أنه يمكن أن يقال : إنه لما كان منشأ اختلاف الحكمين هو اختلاف الروايتين ، فيستفاد من ذلك أن المناط في ترجيح أحد الحكمين على الآخر بالصفات ، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشأ الحكم وهو الرواية (٢) ويؤيد ذلك أن الأصدقية إنما تناسب كونها مرجحة للرواية لا لنفس الحكم.

__________________

١ ـ الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.

٢ ـ أقول : فيه نظر جدا ، كيف! والترجيح بالصفات المزبورة مضمون رواية « فرقد » في علاج تعارض الحكمين ، والأصحاب أيضا عملوا به مع عدم بنائهم على الرجوع إلى مدرك الحكم ، كما أشرنا. مع أن الترجيح بالأفقهية إنما يناسب الترجيح الحكم والفتوى ولا يناسب الرواية ، وما ذكر من التأييد في الأصدقية أيضا لا تأييد فيه ، إذ أصدقية الحاكم في حكمه بملاحظة طريقية حكمه ، فلا يخلو عن

٧٨٤

فالأقوى : وجوب الترجيح بالصفات التي لها دخل في أقربية صدور أحد المتعارضين ـ كالأصدقية في القول والأوثقية في النقل ـ ضرورة أنه ليس كل صفة في الراوي تكون مرجحة لروايته ، فان الورع والتقوى والمواظبة على أداء الفرائض والسنن لا دخل لها في نقل الرواية ، إذ ربما يكون الفاسق أضبط وأتقن في نقل الحديث من العادل. والمراد من قوله عليه‌السلام في المقبولة : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما » ليس الأعدلية والأورعية بمعنى الزهد في الدنيا ، بل المراد منه الأعدلية والأورعية في نقل الأحاديث.

ثم إن في وجوب تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة إشكال (١) ولا يبعد أن يكون الترجيح بالشهرة مقدما على الترجيح بالصفات ، لأنه في المقبولة جعلت الشهرة أو مرجحات الخبرين المتعارضين ، حيث قال عليه‌السلام بعد فرض كون الحكمين متساويين في الصفات : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به الجمع عليه بين أصحابك الخ ». والظاهر : أن يكون عمل المشهور أيضا على ذلك ، فإنهم لا يزالون يقدمون المشهور على غيره ولو كان راوي الغير أعدل وأصدق.

الامر الثاني :

قد تقدم ـ في مبحث الظن ـ أقسام الشهرة وما يصلح منها للترجيح ، ولا بأس بإعادته إجمالا في المقام ، فنقول : إن الشهرة على أقسام ثلاثة : شهرة روايتيه ، وشهرة عملية ، وشهرة فتوائية.

أما الشهرة الروايتية : فهي عبارة عن اشتهار الرواية بين الرواة وتدوينها في

__________________

المناسبة أيضا. ومن هنا ظهر انه لا بعد في مرجحية مطلق الأعدلية مرجحة للحكم كالأورعية ، فتدبر.

١ ـ أقول : على الكلام الأول يقتضي تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة ، لتقدمها على جميع المرجحات حتى الشهرة.

٧٨٥

كتب الأحاديث. ولا إشكال في كونها مرجحة لاحد المتعارضين ، بل هي المراد من قوله عليه‌السلام في المقبولة : « فان الجمع عليه لا ريب فيه ».

وأما الشهرة العملية : فهي عبارة عن عمل المشهور بالرواية واعتمادهم عليها واستنادهم إليها. والنسبة بين الشهرة الروايتية والشهرة العملية العموم من وجه ، إذ رب رواية لم تكن مشهورة عند الرواة وأرباب الحديث ولكن عمل المشهور بها ، ورب رواية لم يعمل المشهور بها ولكن كانت مشهورة عند الرواة.

ولا إشكال في أن الشهرة العملية تكون مرجحة أيضا ، بل الترجيح بها أولى من الترجيح بالشهرة الروايتية ، فان عمل الأصحاب يكشف عن اعتبار الرواية ، بل لو كانت الشهرة العملية على خلاف الشهرة الروايتية فالعبرة على الشهرة العملية ، فان عدم عمل المشهور بالرواية المشهورة يكشف عن خلل فيها (١).

وأما الشهرة الفتوائية : فهي عبارة عن اشتهار الفتوى بمضمون الرواية مع عدم

__________________

١ ـ أقول : لا يخفى عليك : ان المناط في أصل حجية الخبر إذا كان الوثوق بسنده ، فحينئذ فما لم يكن ما يوجب الوثوق به ، فدليل الحجية قاصر الشمول لمثله ، وفي مثله لا يكاد ينتهي النوبة إلى باب الترجيح. وبناء على هذا ربما نقول : ان الشهرة العملي في قبال اعراضهم عن الرواية عملا موجب لجبر السند أو وهنه ، وفي هذا المقام لا يكاد ينتهي النوبة إلي الترجيح سندا ، كانت الرواية مشهورة رواية أم لا. وعليه : فالشهرة العملية هي مدار الوثوق بالسند الذي هو مدار الحجية ، كما أن اعراضهم موجب لوهنه المضر بأصل حجية الرواية ، فحينئذ من أين يبقى في زماننا موقع ينتهي فيه الامر إلى الترجيح بالشهرة رواية كانت أم عملية؟ نعم : لا باس به في قرب الزمان بالأئمة عليهم‌السلام إذ القرائن على صدق الرواية كثيرة بحيث كان لهم طريق لاحراز الوثوق بالسند من طريق آخر غير الشهرة عملا ، ففي مثله أمكن جعل الشهرة رواية أم عملا من المرجحات ، ولكن أين هذا وزماننا الذي لا طريق لنا للوثوق إلا عمل الأصحاب ولو المتأخرين منهم الكاشف بتشابه الأزمان انه عليه أيضا عمل القدماء؟ كما اعترف به المقرر.

ومن هنا ظهر أيضا : ان مجرد الشهرة الفتوائية بلا أستاذ ـ ولو من المتأخرين ـ لا يجدي في الجبر ولا في الترجيح ، كما لا يخفى ، فتدبر.

٧٨٦

العلم باستناد فتوى المشهور إليها. والذي يهم البحث عنه هو بيان حكم الشهرة الفتوائية من حيث كونها جابرة لضعف السند ومرجحة لاحد المتعارضين ، فان الذي يمكن لنا إحرازه هو الشهرة الفتوائية ، وأما الشهرة العملية : فلا سبيل لنا إلى إحرازها ، لأنها إنما تكون في عصر الحضور أو ما قاربه قبل تأليف كتب الفتوى ، فالذي لنا إليه سبيل هي الشهرة الفتوائية.

ولا إشكال في كون الشهرة الفتوائية على خلاف مضمون الرواية تكون موهنة لها على كل حال ، لان إعراض الأصحاب عن الرواية أقوى موهن لها ، وإنما الاشكال في كونها مرجحة لاحد المتعارضين أو جابرة لضعف سند الرواية ولو لم يكن لها معارض ، فان الترجيح والجبر يتوقف على الاستناد والاعتماد إلى الرواية. ولا يكفي في ذلك مجرد مطابقة الفتوى لمضمون الرواية ، كما لا يكفي في الترجيح والجبر عمل المتأخرين بالرواية واستنادهم إليها ، فان العبرة على عمل المتقدمين من الأصحاب بالرواية ، لقرب زمانهم بزمان الأئمة عليهم‌السلام ومعرفتهم بحال الرواة وتشخيصهم غث الرواية عن سمينها ، فلا أثر لشهرة المتأخرين واستنادهم إلى الرواية ما لم تتصل بشهرة المتقدمين. وحينئذ ربما يشكل علينا الحال ، فإنه لا طريق لنا إلى العلم باستناد القدماء إلى ما بأيدينا من الرواية ، لأنه ليس من دأبهم ذكر مستند الفتوى ، بل بناءهم غالبا على مجرد الفتوى على طبق الاخبار بلا ذكر المستند ، كما لا يخفى على من راجع المتون ، فان قل ما يوجد فيها بيان المستند ، فلا سبيل لنا إلى إثبات أن مستند فتواهم كان ما بأيدينا من الرواية ، لاحتمال أن يكون لهم مستند آخر قد خفي علينا ، وقد عرفت : أنه ما لم يعلم استنادهم إلى الرواية لم تكن فتواهم مرجحة ولا جابرة.

هذا ، ولكن التحقيق : أن الامر ليس بتلك المثابة من الاشكال ، فإنه إذا توافقت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين على الفتوى بمضمون الرواية وكانت

٧٨٧

الفتوى على خلاف ما تقتضيه القاعدة ولم يكن فيما بأيدينا ما يصلح أن يكون مستندا لفتوى المتقدمين إلا ما استند إليه المتأخرون من الرواية ، فيكشف ذلك كشفا عاديا على أن مستند المتقدمين هو تلك الرواية ، فان احتمال أن يكون للمتقدمين مستند آخر غير ما استند إليه المتأخرون ـ وقد خفي عليهم ـ بعيد غايته ، بل لا ينبغي احتماله ، فان اتصال المتأخرين بالمتقدمين مع انحصار المستند عند المتأخرين بما بأيدينا من الرواية يمنع عن احتمال اختلاف مستند المتقدمين لمستند المتأخرين ، بل لو ادعى أحد القطع باتحاد المستند لم يكن في دعواه مجازف. نعم : لو كانت شهرة المتأخرين على طبق ما تقتضيه القاعدة وإن استندوا إلى الرواية أيضا ، فلا مجال لاستكشاف كون مستند المتقدمين تلك الرواية ، لأنه يحتمل قريبا أن يكون مستند المتقدمين في الفتوى هو ما اقتضته القاعدة لا الرواية.

فلا أثر لشهرة المتأخرين واستنادهم إلى الرواية ، وكذا لا أثر لشهرة المتأخرين والمتقدمين لو فرض أنه لم يكن فيما بأيدينا من الكتب ما يصلح أن يكون مستندا لفتواهم ولو كانت الفتوى على خلاف القاعدة ، فان أقصى ما يستفاد من اشتهار الفتوى بين المتأخرين والمتقدمين هو استنادهم في الفتوى إلى ما يكون حجة عندهم ـ لان عدالتهم تأبى عن الفتوى بلا مستند ـ ولكن مجرد ذلك لا يقتضي وجوب موافقتهم في الفتوى ، لعدم العلم بالمستند وكيفية دلالته.

والفرق بين الشهرة والاجماع : هو أن الاجماع يكشف عن وجود مستند تام الدلالة والحجية عند الكل ، فيرجع الاجماع على الفتوى إلى الاجماع على وجود ما يكون حجة قطعية على المسألة ، فلا يجوز مخالفة المجمعين في الفتوى ، بخلاف الشهرة ، فإنها لا تكشف عن وجود حجة قطعية عند الكل ، بل غاية ما يستفاد منها هو استناد المشهور إلى ما يكون حجة عندهم ، وذلك لا يقتضي وجوب متابعتهم.

٧٨٨

فتحصل : أنه إذا توافقت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى على خلاف ما تقتضيه القاعدة وكان فيما بأيدينا من الكتب ـ ولو لم تكن من الكتب المعتبرة كدعائم الاسلام والأشعثيات والفقه الرضوي ـ رواية على فتوى المشهور ، فهذه الشهرة تكون مرجحة للرواية إذا كانت معارضة مع غيرها وجابرة لضعف سندها ولو مع عدم المعارضة.

وأما إذا خالفت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى ـ كما اتفق ذلك في عدة مواضع منها جواز الصلاة في السنجاب ـ فالعبرة إنما تكون بشهرة المتقدمين. ومما ذكرنا ظهر وجه الحاجة إلى تحصيل شهرة المتقدمين على الفتوى ، فتأمل جيدا.

الامر الثالث :

قد ذكر الشيخ قدس‌سره للترجيح بمخالفة العامة وجوها أربعة. ولكن الظاهر : رجوع بعضها إلى بعض ، فان مرجع كون المخالفة للعامة من حيث نفسها مطلوبة للشارع إلى التعبد بمخالفة العامة ، فلا يكون كل منهما وجها على حدة ، مضافا إلى أنه لا ينبغي احتمال أن تكون المخالفة لهم من حيث إنها مخالفة مطلوبة ، بحيث تلاحظ المخالفة معنى اسميا فيأمر بها عنادا لهم ، فان ذلك لا يناسب مذهبنا.

بل التحقيق : أن المخالفة لوحظت معنى حرفيا للوصول إلى الحق ، لان الرشد في خلافهم ـ كما ورد التعليل به في الروايات ـ ومعنى كون الرشد في خلافهم : هو أن مؤدى الخبر المخالف لهم هو الحق المطابق للواقع ، كما يدل عليه جملة من الروايات. وأما بقية الوجوه التي ذكرها الشيخ : فالانصاف أنه لا ينبغي احتمالها في الروايات الواردة في باب الترجيح لاحد المتعارضين ، وإن كان يحتمل بعضها في بعض الروايات الواردة في غير باب الترجيح ، فراجع.

٧٨٩

الامر الرابع :

الأخبار الواردة في الاخذ بموافق الكتاب وطرح المخالف له على طائفتين :

إحديهما : الأخبار الواردة في عرض الأحاديث على القرآن وأن ما خالفه فهو زخرف أو باطل أو لم نقله أو اضربه على الجدار ، ونحو ذلك مما ورد عنهم عليهم‌السلام في الامر بطرح الخبر المخالف للكتاب.

ثانيهما : الأخبار الواردة في خصوص الروايات المتعارضة : من الامر بالعمل بما يوافق الكتاب وعدم العمل بما يخالفه. ولا إشكال في أن من شرائط حجية الخبر الواحد أن لا يكون مخالفا للكتاب ، ولذلك قد يستشكل في التوفيق بين الطائفتين ، فان الترجيح بموافقة الكتاب إنما يكون بعد فرض كون الخبر المخالف له واجدا لشرائط الحجية ، والمفروض : أن من شرائط الحجية عدم المخالفة للكتاب ، فكيف تكون الموافقة للكتاب من المرجحات؟ وقد اضطربت كلمات الاعلام في التوفيق بين الطائفتين.

وهذا الاشكال بعينه يرد على أخبار الترجيح بمخالفة العامة ، فان من شرائط حجية الخبر أن لا يكون واردا مورد التقية ، فكيف صارت المخالفة للعامة من المرجحات؟ ولعله لذلك ذهب بعض إلى كون مخالفة العامة أول المرجحات ، نظرا إلى أن الخبر الموافق لهم لم يكن جامعا لشرائط الحجية ، فلا تصل النوبة إلى المرجحات الاخر. وبعض آخر جعل موافقة الكتاب أول المرجحات ، نظرا إلى أن الخبر المخالف للكتاب لم يكن واجدا لشرايط الحجية ، فلا تصل النوبة إلى المرجحات الصدورية.

والتحقيق : أنه فرق بين ما يكون من شرايط حجية الخبر وبين ما يكون من مرجحاته.

أما في باب مخالفة العامة وموافقتهم : فقد أشرنا إليه سابقا ، وحاصله : أن

٧٩٠

الذي يكون من الشرائط لحجية الخبر هو أن لا يكون في الخبر قرائن التقية بحيث يستفاد من نفس الخبر أنه صدر تقية ، والذي يكون مرجحا مجرد المخالفة والموافقة للعامة من دون أن يكون في الخبر الموافق قرائن التقية.

وأما في باب موافقة الكتاب ومخالفته : فالذي يكون من شرائط الحجية هو عدم مخالفة الخبر للكتاب بالتباين الكلي (١) فإنه هو الذي لا يمكن صدوره عنهم ـ صلوت الله عليهم ـ فيكون زخرفا وباطلا ، فإذا كان الخبر أعم من وجه من الكتاب كان اللازم إعمال قواعد التعارض بينهما ، ولا يندرج في قوله عليه‌السلام « ما خالف الكتاب فهز زخرف » بل يقدم ما هو الأظهر منهما ، وإلا فالتخيير أو الرجوع إلى الأصل. وكون الكتاب قطعي الصدور لا يوجب تقديمه على الخبر بعدما كانت دلالته على العموم ظنية.

وأما الذي يكون مرجحا لاحد المتعارضين : فهو الموافقة والمخالفة للكتاب بالعموم من وجه. وأما الموافقة والمخالفة بالعموم المطلق : فهي ليست من المرجحات أيضا ، لعدم المعارضة بين العام والخاص ، كما تقدم بيانه. فلو كان أحد المتعارضين موافقا للكتاب والآخر مخالفا له بالعموم والخصوص ، فاللازم هو الجمع بين الكتاب وبين الخبر المخالف له بتخصيص العام الكتابي بما عدا مورد الخاص الخبري ، أو تخصيص العام الخبري بما عدا مورد الخاص الكتابي.

__________________

١ ـ ويؤيد ذلك : هو ان المذكور في روايات عرض الاخبار على الكتاب عنوان « المخالفة » والظاهر من المخالفة بقول مطلق هو المخالفة بالتباين. والمراد من قوله عليه‌السلام في بعض الاخبار : « مالا يوافق قول ربنا فهو زخرف » هو المخالف لقول الله تعالى بقرينة الاخبار الاخر. وهذا بخلاف الروايات الواردة في ترجيح أحد المتعارضين على الآخر ، فإنه لم يذكر فيها عنوان المخالفة بقول مطلق ، بل اقتصر في بعضها على عنوان « الموافقة » كقوله عليه‌السلام « خذ بما وافق الكتاب » وفي بعضها جمع بين الموافقة والمخالفة كليهما ، كقوله : « خذ بما وافق الكتاب واترك ما خالفه » وتصدق المخالفة في مقابل الموافقة على الموافقة بالعموم من وجه ، لان المراد من المخالفة هو عدم الموافقة ، والأعم من وجه لا يكون موافقا للكتاب ، فتأمل ( منه ).

٧٩١

فالمخالفة بالعموم والخصوص خارجة عن الطائفتين من الأخبار الواردة في عرض الاخبار على الكتاب. والمخالفة بالتباين الكلي تندرج فيما دل على طرح المخالف للكتاب وأنه زخرف وباطل ولو لم يكن للخبر المخالف معارض. والمخالفة بالعموم من وجه تندرج فيما دل على الترجيح بموافقة الكتاب عند التعارض ، فلو تعارض العامين من وجه وكان أحدهما موافقا للكتاب والآخر مخالفا له قدم الموافق له إذا كانا متكافئين بالنسبة إلى سائر المرجحات.

وكذا يندرج في أدلة الترجيح ما إذا كان التعارض بين الخبرين بالتباين الكلي وكان أحدهما موافقا للعام الكتابي ، كما إذا فرض أن مفاد أحد الخبرين حلية لحم الحمير وكان مفاد الآخر حرمة لحمه ، فيقدم ما دل على حليته لكونه موافقا للعام الكتابي وهو قوله تعالى : « وأحل لكم ما في الأرض جميعا » (١) فان ما دل على الحرمة وإن كان أخص من العام الكتابي وكان اللازم تخصيص العام الكتابي به ـ بناء على ما هو الحق من جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد ـ إلا أنه لما كان مبتلى بالمعارض فلا يصلح لان يكون مخصصا ، ونتيجة ذلك هو الاخذ بما دل على الحلية ، لموافقة العام الكتابي ، فتشمله أدلة الترجيح ، فما أفاده الشيخ قدس‌سره في الفرض : من أنه « يجب الرجوع إلى المرجحات الصدورية والجهتية ومع فقدها يتخير المكلف في اختيار أحدهما » لا يخلو عن إشكال ، فإنه كيف يكون الحكم في الفرض التخيير مع كون أحد المتعارضين موافقا للكتاب؟ بل لابد من الاخذ بالموافق بمقتضى أدلة الترجيح.

الامر الخامس :

الظاهر : أنه لا يجوز الرجوع إلى المرجحات الصدورية في تعارض العامين

__________________

١ ـ قد أشرنا كرارا إلى عدم وجود هذه الآية في القرآن الكريم ( المصحح ).

٧٩٢

من وجه ، بل لابد من الرجوع إلى المرجحات الجهتية ومع فقدها فإلى المرجحات المضمونية (١) فان التعارض في العامين من وجه إنما يكون في بعض مدلوليهما وهو مادة اجتماعهما ، وأما مادة افتراقهما فلا تعارض بينهما ، ومع فرض كون التعارض في بعض المدلول لا معنى للرجوع إلى المرجحات الصدورية.

فإنه إن أريد من الرجوع إليها : طرح ما يكون راويه غير أعدل أو غير أصدق أو ما يكون شاذا بحيث يعامل معه معاملة الخبر الغير الصادر ، فهو مما لا وجه له ، لأنه لا معارض له في مادة الافتراق ، والمفروض : أنه في حد نفسه مما تعمه أدلة حجية الخبر الواحد ، فلا وجه لطرحه كلية.

وإن أريد من الرجوع إليها : طرحه في خصوص مادة الاجتماع الذي هو مورد التعارض فهو غير ممكن ، فان الخبر الواحد لا يقبل التبعيض في المدلول من حيث الصدور بحيث يكون الخبر الواحد صادرا في بعض المدلول وغير صادر في بعض آخر.

__________________

١ ـ أقول : الأولى ان يقال : بأنه كما يكفي للتعبد بالصدور بالخبرين في موارد الجمع الدلالي بقاء مقدار من الدلالة القابل للانتهاء إلى العمل في الظاهر المنصرف فيه ـ وهو العمدة في تقديم الجمع الدلالي على طرح السند والجهة ، من جهة عدم تكاذب في السند بنحو يحتاج إلى ترك التعبد بأحدهما ، بل يؤخذ بهما وينتهي الامر إلى التكاذب في الدلالة وترجيح الأظهر دلالته ، ولم يتوهم أحد شبهة التبعيض في السند في طرف الظاهر المطروح مقدار من ظهوره ـ نقول أيضا في المقام : إن مجرد مورد افتراقهما كاف لتصحيح التعبد بسندهما وجهتهما ، فينتهي الامر فيهما أيضا إلى التكاذب في الدلالة ، غاية الامر في المقام ـ حيث لا ترجيح لاحد الدلالتين ـ يحكم فيهما بالاجمال ، كمقطوعي الصدور. ولا مجال لتوهم التبعيض في السند بينهما كي يمنع ، مع أن ما هو ممنوع هو التبعيض حقيقة لا تعبدا وتنزيلا ، كيف! والتفكيك بين اللوازم والآثار في التنزيلات فوق حد الاحصاء بحيث لا يأبى العرف أيضا عنه. وحينئذ فالتحقيق في العامين من وجه أن يقال : بأنه مثل موارد الجمع خارجة عن مصب التعارض الذي هو موضوع اخبار العلاج ، لان مصبها صورة تكاذبهما سندا أو جهة ، وفي العامين من وجه ـ مثل الظاهر المتصرف فيه ـ خارج عن مرحلة تكاذبهما سندا أو جهة ، بل التكاذب فيهما منحصر بالدلالة فيتساقطان دلالة ، ولذا كان ديدنهم في مثلها على الحكم بالتساقط والرجوع إلى الأصل ، كما لا يخفى.

٧٩٣

وما يقال : من أن الخبر الواحد ينحل إلى أخبار متعددة حسب تعدد أفراد الموضوع ، كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية ، فان قوله : « أكرم العلماء » بمنزلة قوله : « أكرم زيدا وأكرم عمروا وأكرم خالدا » وهكذا ، فلا محذور في طرح أحد العامين من وجه في خصوص مادة الاجتماع ، لان الانحلال يقتضي أن يكون لخصوص مادة الاجتماع قضية تخصه ، فتسقط بالمعارضة مع ما هي أقوى منها صدورا

واضح الفساد ، فان الانحلال في القضايا الحقيقية لا يقتضي تعدد الرواية ، بل ليس في البين إلا رواية واحدة رتب فيها الحكم على موضوعه المقدر وجوده ، وانطباق ما اخذ في الرواية موضوعا على المصاديق الخارجية أمر قهري عقلي. وبالجملة : لا ينبغي الاشكال في عدم الرجوع إلى المرجحات السندية في تعارض العامين من وجه ، بخلاف المرجح الجهتي والمرجح المضموني ، فإنه لا محذور في الرجوع إليه.

نعم : ربما يشكل الحال على رأي من أرجع جميع المرجحات إلى المرجحات السندية ، فتأمل. فلو كان عموم أحد العامين من وجه موافقا للعامة وكان عموم الآخر مخالفا لهم ، فالواجب هو الاخذ بعموم المخالف وعدم العمل بعموم الموافق (١) ولا يجوز ترك العمل بالعام الموافق رأسا ، فان العام المخالف لهم لا يعارض العام الموافق لهم في تمام المدلول بل في خصوص مادة الاجتماع ، ونتيجة ذلك ترك العمل بالعام الموافق في خصوص مادة الاجتماع. وكذا لو كان عموم أحد العامين من وجه مخالفا للكتاب ، فإنه أيضا يجب ترك العمل بعمومه ، أي بالمقدار الذي يخالف الكتاب ، لا في تمام مدلوله.

__________________

١ ـ أقول : تقدم كلامنا مع من صدر منه هذه الكلمات على حسب ضبط المقرر إياه ، نسئل الله التوفيق لاتمام بقية المسائل لو ظفرنا بها ( إن شاء الله تعالى ).

٧٩٤

فتحصل : أن تقديم أحد العامين من وجه على الآخر إما بالمرجح الجهتي وإما بالمرجح المضموني ، ومع التساوي : فالقاعدة المستفادة من الاخبار تقتضي التخيير في العمل بأحد العامين وترك العمل بعموم الآخر. ولكن الذي يظهر من الأصحاب التسالم على تساقط العامين من وجه مع تساويهما في المرجحات والرجوع في مادة الاجتماع إلى الأصل الجاري في المسألة ، إلا ما يحكى عن الشيخ قدس‌سره في الاستبصار : من القول بالتخيير. ولم يظهر لنا وجه تسالم الأصحاب على التساقط مع إطلاق أدلة التخيير ، فتأمل جيدا.

الامر السادس :

لا ينبغي الاشكال في أن موافقة أحد المتعارضين للأصل لا يقتضي ترجيحه على الآخر ، فان الأصل ليس في مرتبة الامارة ، فلا يمكن أن يكون الأصل مرجحا ، مضافا إلى ما عرفت : من أنه لا يجوز التعدي عن المرجحات المنصوصة ، فالبحث عن الترجيح بالأصل الناقل أو المقرر ساقط من أصله.

هذا تمام الكلام في مبحث التعادل والتراجيح.

وقد تم بحمد الله الجزء الرابع من الكتاب ، ووقع الفراغ من تسويده في ٢١ شهر الصيام سنة ١٣٤٥.

وأنا العبد الآثم محمد علي ابن المرحوم الشيخ حسن الكاظمي الخراساني

عفى الله تعالى عن جرائمهما

٧٩٥
٧٩٦

الفهرست

الفصل الثانيمن المقام الثالثفي الشك

في المكلف به

والكلام يقع فيه في مقامين............................................... ٤

المقام الأول في تردد المكلف به بين المتباينين.................................... ٤

فا ضابط الشك في المكلف به ............................................ ٤

أقسام الشك في المكلف به .............................................. ٧

في بيان ما هو المبحوث عنه ............................................... ٨

المبحث الأول : في الشك في المكلف به في الشبهة الموضوعية التحريمية والبحث نه يقع في مقامين : ٩

المقام الأول : في الشبهة المحصوره : والكلام يقع فيه من جهتين :

الجهة الأولى : في حرمة المخالفة القطعيّة .................................. ١٠

في أن الأصول العملية تختلف من حيث الجريان وعدم الجريان في أطراف العلم الاجمالى بحسب اختلاف المجعول فيها وحسب اختلاف المعلوم بالإجمال ............................................... ١٠

في عدم جريان اصالة الإباحة عند دوران الامر بين المخذورين لمضادّتها لنفس المعلوم بالإجمال ١٢

في عدم جريان الأصول التنزيلية المحرزة في أطراف العلم الإجمالى من حيث قصور المجعول فيها عن شمولة لأطراف العلم الإجمالى..................................................................... ١٤

٧٩٧

لامانع من جريان الأصول الغير التنزيلّية في أطراف العلم الاجمالى إلا المخالفة لقطعيّة العمليّة للكتليف المعلوم في البين ١٦

اختلاف كلمات الشخ رحمه‌الله في القام ، حيث يظهر من بعضها الاشكال الثبوتي ومن بعضها الاشكال الإثباتي. ١٩

ما يرد على الشيخ على فرض رجوع كلامه إلى مقام الإثبات.............. ٢١

وأما الجهة الثانية : في وجوب الموافقة القطعية.............................. ٢٤

بيان ما قيل في وجه التخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين قياساً على الأمارات بناءً على السببيّة ٢٥

رفع شبهة التخيّر في تعارض الأصول ، وبيان ملاك التخيير................. ٢٧

كفاية الامتثال التعبّدي عن المعلوم بالإجمال............................... ٣٢

في بيان ما يوجب الترخيص الواقعي أو الظاهري في بعض الأطراف دون الآخر ٣٦

وجوه انحلال العلم الإجمالى............................................. ٣٧

رد ما يظهر من بعض : من تسمية ما نحن فيه بالانحلال التعبّدي ، وإثبات أنّه لا معنى للتعبّد بالانحلال ٤٢

لا فرق في انحلال العلم الإجمالي بين أن يكون الأصل المثبت للتكليف موجوداً من اول الامر وبين أن يوجد بعد سقوط الأصول النافية للتكليف ....................................................... ٤٤

دفع ما يتوهّم : من أنّه كيف يمكن انحلال العلم الإجمالى بالأصل المثبت للتكليف

في البعض ، مع أن قوام الاصل المثبت للتكليف يكون بالعلم الإجمالى ........ ٤٦

تتمة ـ في فرض انحلال العلم الإجمالى وإن ولم يكن في الطرف الآخر اصل مثبت للتكليف ، وبيان ما يمكن أن يقع مثالاً لذلك....................................................................... ٤٦

٧٩٨

التنبيه على أمور :

الأول : لافرق في تأثير العلم الإجمالى بين أن يكون متعلق العلم عنواناً معيّناً ذا حقيقة واحدة وبين أن يكون المتعلق عنواناً مردّداً بين عنوانين مختلفى الحقيقة ، وردّ ما توهّمه صاحب الحدائق................. ٤٩

الامر الثاني : لايترتّب على مخالفة الاحتياط أزيد ممّأ يترتّب على مخالفة الواقع.. ٥٠

الامر الثالث : يعتبر في تأثير العلم الإجمالى امكان الابتلاء بكل واحد من الأطراف ٥٠

فساد قياس باب عدم الابتلاء بباب عدم الإرادة........................... ٥٢

حكم الشك في الخروج عن مورد الإبتلاء................................ ٥٤

الاقوى : وجوب الاجتناب عن المشكوك لمكان العلم بالملاك................ ٥٥

ما أفاده الشيخ في المسألة : من التمسّك بالطلاق أدلّة المحرمات............. ٥٧

الاشكال على التمسك بالمطلقات وجوابه ................................ ٥٩

تكملة ـ في بيان أقسام الخروج عن مورد الابتلاء.......................... ٦٥

الامر الرابع : لايجب الاجتناب عن الملاقي لأحد طرفي المعلوم بالإجمال ، إلا إذ قلنا بأن وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس لأجل سراية النجاسة .................................................... ٦٧

اشكال على قياس الثمرة والحمل على منافع الدار ، والجواب عنه............ ٧٤

في وجه نجاسة الملاقي وأنّها هل بالتعبّد أم بالسراية؟ وبيان إبتناء المسألة عل الوجهين ٧٦

الاشكال على المحقق الخراساني رحمه‌الله حيث ذهب إلى عدم وحوب الاجتناب على الملاقي لأحد الطرفين مطلقاً حتى على القول بالسرابة ............................................................. ٧٨

في ماهو المستفاد من الأدلّة ، وتحقيق أنّه لادليل على كون نجاسة

٧٩٩

الملاقي من الآثار المترتّبة على نفس النجس................................ ٧٩

الاشكال على جريان الاصل في الملاقي لأحد الأطراف ، والجواب عنه....... ٨١

نقل كلام المحقق الخراساني قدس‌سره في مسألة الملاقي ، وإزاحة شبهته............ ٨٥

تذييل ـ في تأسيس الاصل عند الشك في وجه نجاسة الملاقي............... ٨٩

الامر الخامس : في حكم الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف ............ ٩٣

حكم الاضطرار إلى المعيّن بعد تعلّق التكليف وقبل العلم به ، وما إذ كان العلم مقارناً للاضطرار ٩٤

حكم الاضطرار إلى المعيّن بعد العلم الإجمالى.............................. ٩٥

قياس الاضطرار قبل العلم الاجمالى بتلف البعض قبله والاضطرار بعد العلم الاجمالى بتلف البعض بعده ، وردّ ما قيل في المقام من الفرق................................................................ ٩٧

حكم الاضطرار إلى غير المعيّن .......................................... ٩٨

بيان الفرق بين الاضطرار إلى المعين والاضطرار إلى غير المعين............. ١٠٠

رد ما أفاده المحقق الخراساني قدس‌سره من أن الترخيص في بعض الأطراف ينافي فعلية الحكم ١٠١

كشف قناع ـ وهو أن الاضطرار إلى غير المعين هل يقتضي التوسط في التكليف أو التخبير؟ ١٠٤

الامر السادس ـ حكم ما لو كانت الأطراف تدريجية الوجود ............ ١٠٨

توجيه ما أفاده الشيخ قدس‌سره في المقام ، والإيرد عليه ....................... ١٠٩

استقلال العقل بقبح الإقدام على ما يؤدي إلى المخالفة وتفويت مراد المولى مطلقاً ، من دون فرق بين أن لايكون للزمان دخل في الملاك والخطاب بين أن يكون له دخل فيهما............................ ١١٢

تذييل ـ في أنه لو بنينا في الموجودات التدريجية على عدم وجوب الموافقه القطعية فلا تحرم المخالفة القطعية أيضاً ١١٢

٨٠٠