فوائد الأصول

الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني

فوائد الأصول

المؤلف:

الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

العقاب بلا بيان » على ما تقدم سابقا ـ هو البيان الواصل إلى المكلف ، فما لم يصل البيان ولم يكن له وجود علمي لا يكاد يتنجز التكليف ويستحق عليه العقوبة ، ولا يكفي في ذلك مجرد احتمال سبق العلم والوصول مع طرو النسيان ، فان المعتبر هو الحالة الفعلية وفي الحالة الفعلية لا يكون البيان واصلا فيتحقق موضوع القاعدة.

وأما البراءة الشرعية : فلأنه لا يعتبر في موضوعها إلا عدم العلم ، ففي كل زمان صدق هذا العنوان يندرج في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « رفع ما لا يعلمون » ومجرد احتمال حصول العلم في آن ما لا يكفي. ولا يكون من الشك في حصول الغاية حتى يندرج في التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، فان الغاية حصول العلم بالواقع ، واحتمال حصول العلم عين الشك في الواقع ، فلم تحصل الغاية ، مع أنه لو كان احتمال سبق العلم مانعا عن جريان البراءة لا نسد باب البراءة في غالب الشبهات الموضوعية ـ كالدين والنذر والكفارة والصوم ـ فإنه في جميع ذلك يحتمل سبق العلم بالأكثر المشكوك ، مع أن الظاهر اختصاص فتوى المشهور بقضاء الصلوات الفائتة ولم يلتزموا بوجوب الاحتياط في قضاء الصوم عند تردده بين الأقل والأكثر.

والإنصاف : أنه لا يمكن تطبيق فتوى المشهور على القاعدة (١) فالأقوى جريان البراءة عن الأكثر المشكوك في قضاء الصلوات الفائتة ، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط خروجا عن مخالفة المشهور.

وليكن هذا آخر ما أردنا بيانه من المباحث الراجعة إلى أصالة البراءة.

والحمد أولا وآخرا.

والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.

________________________

١ ـ أقول : قد عرفت أن الالتزام بوجوب الأخذ بالأكثر في بعض الصور إنما هو على القواعد ، وعليه أيضا يحمل فتوى المشهور على فرض صدق الشهرة ، فراجع الحاشية السابقة.

٤٤١

خاتمة

قد عرفت ـ في مبحث القطع وفي أول مبحث البراءة ـ أن الأصول العملية في جميع الشبهات الحكمية والموضوعية أربعة : البراءة والتخيير والاشتغال والاستصحاب ، فكان ينبغي عقد فصول أربعة كل فصل يتكفل البحث عن أحد هذه الأصول ، ولكنا جعلنا الفصول ثلاثة : الفصل الأول في البراءة ، والثاني في الاشتغال ، والثالث في الاستصحاب ، ولأجل قلة مباحث أصالة التخيير لم نعقد لها فصلا مستقلا وجعلنا البحث عنها في خاتمة البراءة المناسبة ، وتنقيح البحث عنها يستدعى رسم أمور :

الأمر الأول :

قد تقدم المختار في مجاري الأصول ، وأن مجرى أصالة التخيير هو ما إذا علم بجنس الإلزام ولم يمكن الاحتياط لأجل عدم التمكن من الموافقة والمخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال ، وقد تقدم أيضا ـ في الفعل الأول ـ ضابط تأثير العلم الإجمالي وتنجيزه للتكليف ، وحاصله : أن المعلوم بالإجمال إذا صح وأمكن أن يتعلق به التكليف على ما هو عليه من الإجمال بحيث كون قابلا لأن تتعلق به إرادة العبد وتحريك عضلاته نحوه ، فالعلم الإجمالي المتعلق به يكون منجزا للتكليف ، كما إذا علم بوجوب إحدى الصلاتين أو حرمة أحد الشيئين

٤٤٢

أو وجوب أحدهما وحرمة الآخر وغير ذلك من الأقسام المتصورة التي يأتي ذكرها ـ في الجزء الرابع ـ فان المعلوم بالإجمال في جميع هذه الموارد يكون بعثا مولويا محركا لإرادة العبد مع ما هو عليه من الإجمال ، إذ لو فرض أن التكليف من أول الأمر شرع على هذا الوجه ـ أي تعلق التكليف واقعا وفي نفس الأمر بأحد الشيئين لا على التعيين ـ لم يلزم محذور من ذلك وصح أن يكون معجزا مولويا ومحركا للإرادة في عالم التشريع نحو المتعلق ، غايته أن المكلف يكون مخيرا بين أحد الشيئين ، إما تخييرا شرعيا ، وهو فيما إذا لم يكن بين الشيئين جامع خطابي ( كما إذا دار الأمر بين وجوب أحد الشيئين وحرمة الآخر أو وجوب أحد الشيئين ووجوب شيء آخر لا يجمعهما جنس قريب ) وإما تخييرا عقليا وهو فيما إذا كان بين الشيئين جامع خطابي ( كما إذا دار الأمر بين وجوب إكرام هذا العالم أو ذلك العالم ) فإنه يصح التكليف باكرام العالم مبهما ، فيكون المكلف مخيرا عقلا في إكرام أحد الفردين أو الأفراد.

وعلى كل حال : يعتبر في تأثير العلم الإجمالي أن يكون المعلوم بالإجمال صالحا لتشريعه كذلك ، أي على ما هو عليه من الإجمال.

فان كان المعلوم بالإجمال غير صالح لتشريعه كذلك وكان قاصرا عن أن يكون داعيا ومحرما لإرادة العبد ، فالعلم الإجمالي المتعلق به لا يقتضي التأثير والتنجيز وكان وجوده كعدمه ، كما في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، فان التكليف المردد بين وجوب الشيء أو حرمته قاصر عن أن يكون داعيا ومحركا نحو فعل الشيء أو تركه ، لأن الشخص بحسب خلقته التكوينية لا يخلو عن الفعل أو الترك ، فلا يصح تشريع التكليف على هذا الوجه ، لأن تشريع التكليف على هذا الوجه لا أثر له ولا يزيد على ما يكون المكلف عليه تكوينا ، فإنه إما أن يفعل وإما أن لا يفعل ، فهو غير قابل لتحريك عضلات العبد وغير صالح للداعوية والباعثية ، فإذا كان متعلق العلم الإجمالي وجوب الفعل أو حرمته ، فالعلم لا يقتضي تنجيز متعلقه وكان وجوده كعدمه.

٤٤٣

إذا عرفت ذلك فاعلم : أن في موارد دوران الأمر بين المحذورين لا يمكن جعل التخيير الشرعي الواقعي ولا جعل التخيير الظاهري ـ كالتخيير في باب تعارض الطرق والأمارات ـ (١) فان التخيير بين فعل الشيء وتركه حاصل بنفسه تكوينا ، فلا يمكن جعل ما هو الحاصل بنفسه ، سواء كان جعلا واقعيا أو جعلا ظاهريا ، فما قيل : من أن الأصل في دوران الأمر بين المحذورين هو التخيير ، ليس على ما ينبغي (٢) إن كان المراد منه الأصل العملي المجعول وظيفة في حال الشك ، لما عرفت : من أنه لا يمكن جعل الوظيفة في باب دوران الأمر بين المحذورين ، من غير فرق بين الوظيفة الشرعية والعقلية.

أما الوظيفة الشرعية : فواضح بالبيان المتقدم.

وأما الوظيفة العقلية : فلأن التخيير العقلي إنما هو فيما إذا كان في طرفي التخيير ملاك يلزم استيفائه ولم يتمكن المكلف من الجمع بين الطرفين كالتخيير الذي يحكم به في باب التزاحم ـ وفي دوران الأمر بين المحذورين

________________________

١ ـ أقول : قد تقدم أن مرجع التخيير في باب التعارض حتى على الموضوعية إلى التخيير في الأخذ بإحدى الحجتين ، بحيث يكون كل منهما بعد الأخذ حجة تعيينية ، وكذا نقول : إن التخيير في المسألة الأصولية يستتبع للتعيين في الحكم الفرعي ، وحينئذ تصور هذا المعنى من التخيير في المقام إلى التخيير في الأخذ بأحد الاحتمالين بنحو يصير الحكم الظاهري بعد الأخذ به حكما تعينيا ، ومثل هذا المعنى لا قصور في جريانه في المقام على فرض قيام الدليل عليه ، ولا محذور له عقلا ، كما توهم ، فتدبر.

٢ ـ أقول : لا يخفى أن كل علم إجمالي ملازم مع احتمال عدم وجوب كل واحد منفردا عن عدم وجوب الآخر ، فلا يحتمل فيه عدم وجوبهما مجتمعا ، فالعلم الإجمالي مضاد مع احتمال عدم وجوبهما مجتمعا ومجتمع مع احتمال عدم وجوب كل واحد منفردا ، فإذا شك في وجوب كل واحد أو لا وجوبه منفردا فهو مجتمع مع العلم ، وأما لو شك في لا وجوبهما مجتمعا فهو مضاد مع العلم ، وهذا هو عمدة الفارق بين الشك في إباحة الفعل والترك فإنه شك واحتمال لا وجوبهما مجتمعا وهو مضاد مع العلم بجنس التكليف بينهما ، فلا يجري أصالة الإباحة ، لعدم موضوعه.

وأما في غير الفعل والترك فلا بأس باحتمال الإباحة في فعل كل وتركه عن الانفراد عن الفعل الآخر وتركه ، وبذلك أيضا يفرق مع استصحاب عدم وجوب كل واحد ، إذ هو يناسب مع الشك التبادلي ، كما لا يخفى ، فتدبر. وحينئذ يشكل في الشك في التخيير أيضا ، فتدبر. لعدم كون لا وجوب تبادليا ، لعدم تبادلية شكه ، فتدبر.

٤٤٤

ليس كذلك ، لعدم ثبوت الملاك في كل من طرفي الفعل والترك ، فالتخيير العقلي في باب دوران الأمر بين المحذورين إنما هو من التخيير التكويني ، حيث إن الشخص لا يخلو بحسب الخلقة من الأكوان الأربعة ، لا التخيير الناشئ عن ملاك يقتضيه ، فأصالة التخيير عند دوران الأمر بين وجوب الفعل وتركه ساقطة.

وأما الأصول الاخر : من أصالة الإباحة والبرائة الشرعية والعقلية واستصحاب عدم الوجوب وعدم الحرمة ، فلا مجال لها أيضا ، ولكن لا بملاك واحد بل عدم جريان كل واحد منها بملاك يخصه.

أمّا أصالة الإباحة ـ فمضافاً إلى عدم شمول دليلها لصورة دوران الأمر بين المحذورين فإنه يختص بما إذا كان طرف الحرمة الإباحة والحل كما هو الظاهر من قوله عليه‌السلام « كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال » وليس في باب دوران الأمر بين المحذورين احتمال الإباحة والحل بل طرف الوجوب ، ومضافا إلى ما قد تقدم : من أن دليل أصالة الحل يختص بالشبهات الموضوعية ولا يعم الشبهات الحكمية ـ إن جعل الإباحة الظاهرية مع العلم بجنس الإلزام لا يمكن ، فان أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي تنافى المعلوم بالإجمال ، لأن مفاد أصالة الإباحة الرخصة في الفعل والترك ، وذلك يناقض العلم بالإلزام (١) وإن لم يكن لهذا العلم أثر عملي وكان وجوده كعدمه لا يقتضي التنجيز ، إلا أن العلم بثبوت الإلزام المولوي حاصل بالوجدان ، وهذا العلم لا يجتمع مع جعل الإباحة ولو ظاهرا ، فان الحكم الظاهري إنما يكون في مورد الجهل بالحكم الواقعي ، فمع العلم به وجدانا لا يمكن جعل حكم ظاهري يناقض بمدلوله المطابقي نفس ما تعلق العلم به.

والحاصل : أن بين أصالة الإباحة وأصالة البراءة والاستصحاب فرقاً

__________________

١ ـ أقول : الأولى أن يصار إليه بما ذكرنا ، لا بهذا الوجه.

٤٤٥

واضحاً ، فان مورد أصالة البراءة والاستصحاب ـ على ما سيأتي بيانه ـ إنما يكون خصوص ما تعلق بالفعل من الوجوب أو الحرمة ، فيحتاج كل من الوجوب والحرمة إلى براءة أو استصحاب يخصه ، ولا تغنى أصالة البراءة في طرف الوجوب عن أصالة البراءة في طرف الحرمة ، وكذا الاستصحاب.

وهذا بخلاف « أصالة الحل والإباحة » فان جريانها في كل من طرف الفعل والترك يعنى عن جريانها في الطرف الآخر ، فان معنى إباحة الفعل وحليته هو الرخصة في الترك وبالعكس ، ولذلك كان مفاد أصالة الحل بمدلوله المطابقي يناقض نفس العذر المشترك المعلوم بالإجمال ، وهو جنس الإلزام.

فظهر : أن عدم جريان أصالة الحل في دوران الأمر بين المحذورين إنما هو لعدم انحفاظ رتبتها ، لا لأجل مخالفة مؤداها للموافقة الالتزامية الواجبة كما قيل ، فان الموافقة الالتزامية إن كانت بمعنى التدين بما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والتصديق بالإحكام والالتزام بها على ما هي عليها ، فوجوبها بهذا المعنى وإن كان غير قابل للإنكار ، فان الحكم إن كان من الضروريات فالالتزام به عبارة عن الإيمان والتصديق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولذلك كان إنكاره كفرا ، وإن لم يكن من الضروريات وكان من القطعيات المذهبية فانكاره وإن لم يوجب الكفر إلا أن عدم الالتزام به يكون من التشريع المحرم ، فتأمل ، إلا أن البناء على الإباحة الظاهرية لا ينافي هذا الالتزام ، فان الالتزام الواجب عند دوران الأمر بين المحذورين هو الالتزام والتصديق بجنس الإلزام لا بخصوص الوجوب أو الحرمة ، فان الالتزام بأحدهما بالخصوص لا يمكن إلا مع العلم بالخصوصية وإلا كان من التشريع المحرم ، فالذي يمكن من الالتزام هو الالتزام بأن لله تعالى في هذه الواقعة حكما إلزاميا ، وذلك لا ينافي البناء على الإباحة والرخصة الظاهرية في ظرف الجهل بنوع الإلزام. نعم : لو كانت أصالة الإباحة من الأصول المتكفلة للتنزيل المحرزة

٤٤٦

للواقع لكان الالتزام بمفادها ينافي الالتزام بجنس التكليف المعلوم في البين ، فان البناء على الإباحة الواقعية وإلقاء الشك وجعل أحد طرفيه هو الواقع ـ كما هو مفاد الأصول التنزيلية ـ لا يجتمع مع البناء والالتزام بأن الحكم المجعول في الواقعة ليس هو الحل والإباحة ، ولكن أصالة الإباحة ليست من الأصول التنزيلية ، بل مفادها مجرد الرخصة في الفعل مع حفظ الشك من دون البناء على كون أحد طرفيه هو الواقع ، وهذا المعنى كما ترى لا ينافي الالتزام بحكم الله الواقعي على ما هو عليه من الإجمال.

هذا إذا كان المراد من الموافقة الالتزامية التصديق والتدين بالإحكام التي جاء بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان المراد منها معنى آخر ، فموضاعا وحكما محل إشكال.

فتحصل : أن العمدة في عدم إمكان جعل الإباحة الظاهرية في باب دوران الأمر بين المحذورين هو مناقضتها للمعلوم بالإجمال بمدلولها المطابقي ، فتأمل جيدا.

هذا كله في أصالة الحل والإباحة.

وأمّا أصالة البراءة : فهي بالنسبة إلى الموافقة الالتزامية كأصالة الحل لا ينافي مفادها لها ، لأنها أيضا من الأصول الغير المتكفلة للتنزيل. وأما بالنسبة إلى انحفاظ رتبتها : فبينها وبين أصالة الحل فرق ، فان أصالة الحل ـ كما عرفت ـ بمدلولها المطابقي تناقض المعلوم بالإجمال ، من غير فرق بين إعمالها في طرف الفعل أو الترك ، فان إباحة الفعل عبارة أخرى عن إباحة الترك وبالعكس. وأما أصالة البراءة : فمفادها رفع خصوص الوجوب والعقاب عن خصوص الفعل أو خصوص الترك أو رفع خصوص الحرمة عنهما كذلك ، وخصوصية الوجوب والحرمة مشكوكة ، فلا يناقض مفادها نفس المعلوم بالإجمال ، فان المعلوم بالإجمال هو جنس الإلزام لا خصوص الوجوب والحرمة.

نعم : لازم رفع الوجوب والحرمة عدم الإلزام ، إلا أن هذا لا يوجب

٤٤٧

المناقضة بين مفاد كل من أصالة البراءة عن وجوب الفعل وأصالة البراءة عن حرمته للمعلوم بالإجمال.

وبالجملة : لما كان مجرى أصالة البراءة الشك في نوع التكليف المتعلق بالفعل وكان نوع التكليف المتعلق به مشكوكا ـ ولذا كان كل من الوجوب والحرمة يحتاج إلى براءة يخصه ولا تغنى أصالة البراءة في أحدهما عنها في الآخر ـ فلا يكون مفادها مناقضا للمعلوم بالإجمال ، وإن كان يلزم من الجمع بين البرائتين نفي الإلزام المعلوم في البين ، وذلك أيضا لا يمنع من جريان البراءة ، فإنه لم يلزم من الجمع بين البرائتين مخالفة عملية للإلزام المعلوم ، فان المكلف على كل حال لا يخلو : إما من الفعل وإما من الترك ، فهذه الجهات الثلاث ـ أي جهة وجوب الموافقة الالتزامية وجهة انحفاظ رتبة جعل الحكم الظاهري وجهة المخالفة العملية ـ لا تقتضي المنع من جريان البراءة في موارد دوران الأمر بين المحذورين.

نعم : في البين جهة أخرى توجب المنع عن جريان البراءة في باب دوران الأمر بين المحذورين ، وهي أنه لا موضوع لها.

أما البراءة العقلية : فلأن مدركها « قبح العقاب بلا بيان » وفي باب دوران الأمر بين المحذورين يقطع بعدم العقاب ، لأن وجود العلم الإجمالي كعدمه لا يقتضي التنجيز والتأثير ـ بالبيان المتقدم ـ فالقطع بالمؤمن حاصل بنفسه بلا حاجة إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.

وأما البراءة الشرعية : فلأن مدركها قوله : « رفع ما لا يعلمون » والرفع فرع إمكان الوضع ، وفي موارد دوران الأمر بين المحذورين لا يمكن وضع الوجوب والحرمة كليهما ، لا على سبيل التعيين ولا على سبيل التخيير ـ كما تقدم وجهه ـ ومع عدم إمكان الوضع لا يعقل تعلق الرفع ، فأدلة البراءة الشرعية لا تعم المقام أيضا ، فتأمل جيدا.

وأمّا الاستصحاب : فهو من جهة انحفاظ الرتبة لا محذور فيه ، فان كلاً

٤٤٨

من الوجوب والحرمة مجهول والاستصحاب إنما يجرى بالنسبة إلى خصوص نوع التكليف المتعلق بالفعل ، فهو من هذه الجهة كأصالة البراءة لا يكون مؤداه مضادا للمعلوم بالإجمال الذي هو جنس الإلزام ، وكذا من جهة المخالفة العملية ، فإنه أيضا لا يلزم من جريانه في كل من الوجوب والحرمة مخالفة عملية ، لأن المكلف لا يخلو من الفعل والترك.

نعم : لما كان الاستصحاب من الأصول المتكفلة للتنزيل ـ كما سيأتي بيانه في محله ـ فلا يمكن الجمع بين مؤداه والعلم الإجمالي ، فان البناء على عدم وجوب الفعل وعدم حرمته واقعا ـ كما هو مفاد الاستصحابين ـ لا يجتمع مع العلم بوجوب الفعل أو حرمته (١) وسيأتي في محله : أن الأصول التنزيلية لا تجري في أطراف العلم الإجمالي مطلقا ، سواء لزم منها المخالفة العملية أو لم يلزم.

وإن شئت قلت : إن البناء على مؤدى الاستصحابين ينافي الموافقة الالتزامية ، فان التدين والتصديق بأن الله تعالى في هذه الواقعة حكما إلزاميا إما الوجوب أو الحرمة لا يجتمع مع البناء على عدم الوجوب والحرمة واقعا.

فتحصل : أن شيئا من الأصول العملية العقلية والشرعية لا تجري في باب دوران الأمر بين المحذورين ، يعنى لا موقع لجعل وظيفة عقلية أو شرعية فيه ، بل المكلف بحسب خلقته التكوينية مخير بين الفعل والترك ، وهذا التخيير ليس بحكم شرعي أو عقلي واقعي أو ظاهري.

وما ورد من التخيير في باب تعارض الأمارات إن كان المراد منه التخيير في المسألة الأصولية ـ وهو التخيير في أخذ أحد المتعارضين حجة وطريقا إلى الواقع في مقام الاستنباط ـ فهو أجنبي عما نحن فيه ، وإن كان المراد منه التخيير في المسألة الفقهية ـ أي التخيير في العمل ـ فيكون من التخيير العقلي التكويني لا تعبدي شرعي إذا كان التعارض على وجه يوجب دوران الأمر بين

________________________

١ ـ أقول : ولقد دفعنا هذه الشبهة أيضا في الجزء التالي من هذا الكتاب ، فراجع هناك.

٤٤٩

المحذورين في مقام العمل ، وإلا كان من التخيير الشرعي الظاهري ، فتأمل جيّداً.

الأمر الثاني :

إذا كان لأحد الحكمين اللذين تعلق العلم الإجمالي بأحدهما مزية على الآخر ، إما من حيث الاحتمال ( كما إذا فرض كون احتمال الوجوب أقوى من احتمال الحرمة ) وإما من حيث المحتمل ( كما إذا كان الشيء الذي يحتمل تعلق الوجوب به على تقدير وجوبه من أقوى الواجبات الشرعية وأهمها بخلاف ما إذا كان الشيء حراما فليس بتلك المرتبة من الأهمية ).

فهل المزية تقتضي تعين الأخذ بصاحبها ، فيبنى على الوجوب إذا كان من حيث الاحتمال أو المحتمل أقوى من الحرمة ، فيتعين على المكلف ترتيب آثار الوجوب على الفعل ، فلا يجوز تركه اعتمادا على احتمال أن يكون الفعل حراما؟.

أو أن المزية لا تقتضي تعين الأخذ بصاحبها ، بل للمكلف اختيار الفعل واختيار الترك؟.

ربما يتوهم : أن المزية تقتضي تعين الأخذ بصاحبها ، لأن المقام يكون من صغريات دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وقد تقدم : أن الأصل يقتضي التعيينية.

وأنت خبير بما فيه ، فان ما تقدم من اقتضاء الأصل التعيينية عند الشك في التعيين والتخيير إنما كان لأجل العلم بالخطاب والتكليف الشرعي الذي يلزم امتثاله وكان مرجع الشك فيهما إلى الشك في الامتثال والسقوط ، وأين هذا مما نحن فيه؟ فان التخيير في دوران الأمر بين المحذورين ليس لاقتضاء الخطاب ذلك ، بل إنما هو من التخيير العقلي التكويني كما تقدم ، فإذا لم يكن في البين خطاب شرعي يكون المكلف ملزما باتيانه وكان وجود العلم

٤٥٠

الإجمالي كعدمه لا أثر له ولا يقتضي التنجيز ، فوجود المزية أيضا كعدمها (١) فان المزية إنما توجب الأخذ بصاحبها بعد الفراغ من تنجز التكليف ولزوم رعايته وامتثاله ، والتكليف في دوران الأمر بين المحذورين غير لازم الرعاية.

ثم على تقدير كون المزية توجب تعين الأخذ بصاحبها ، فهل نفس احتمال الحرمة يكفي في ترجيح جانبها على احتمال الوجوب فيتعين ترك الفعل وترتيب آثار الحرمة عليه؟ أو أن مجرد كون طرف احتمال الوجوب هو احتمال الحرمة لا يكفي في ترجيح جانب الحرمة ما لم تكن الحرمة من حيث الاحتمال أو المحتمل أقوى من الوجوب؟.

فقد قيل : إن مجرد كون طرف احتمال الوجوب هو احتمال الحرمة يكفي في ترجيح جانب الحرمة ، بدعوى : أن في احتمال الحرمة احتمال المفسدة وفي احتمال الوجوب احتمال النفع ، ودفع المفسدة المحتملة أولى من جلب النفع المحتمل ، كما أن دفع المفسدة المتيقنة أولى من جلب المنفعة المتيقنة ، وعلى ذلك يبتني القول بتغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب في مسألة اجتماع الأمر والنهى.

وفيه أولا : أن المنافع والمفاسد تختلف بحسب القلة والكثرة ، فرب نفع يكون جلبه أولى من دفع المفسدة ، وعلى فرض التساوي من حيث القلة والكثرة لم يقم برهان على أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، ولم يظهر من طريقة العقلاء أن بنائهم على ذلك.

وثانيا : أن دعوى أنه ليس في الواجبات إلا جلب المنافع فلا يكون في تركها مفسدة بل مجرد فوات النفع ، ممنوعة ، فلم لا يكون في ترك الواجب مفسدة كفعل الحرام؟.

________________________

١ ـ أقول : لو قيل بأن مناط حكم العقل بالتخيير في المقام عدم الترجيح بين الاحتمالين أمكن دعوى توقفه عنه عند وجود المزية لأحد الطرفين ويحكم بالأخذ بذى المزية ، لاحتمال تعينه ، فافهم وتدبر.

٤٥١

وثالثاً : على تقدير تسليم أن يكون دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة مطلقا وتسليم أن ترك الواجب ليس فيه مفسدة ، فإنما يكون ذلك في المنافع والمفاسد الراجعة إلى شخص الفاعل والمباشر لما فيه المنفعة والمفسدة. ودعوى : أن منافع الواجبات ومفاسد المحرمات راجعة إلى شخص الفاعل ، دون إثباتها خرط القتاد! فإنه من المحتمل أن تكون المنافع والمفاسد راجعة إلى النوع بحسب ما يقتضيه النظام التام ، إلا أن يقال : إن مجرد احتمال ذلك لا يكفي مع احتمال أن تكون راجعة إلى المباشر ، فتأمل جيدا.

الأمر الثالث : يعتبر في دوران الأمر بين المحذورين أن يكون كل من الواجب والحرام توصليا أو يكون أحدهما الغير المعين توصليا ، فلو كان كل منهما تعبديا أو كان أحدهما المعين تعبديا فليس من دوران الأمر بين المحذورين ، لأن المكلف يتمكن من المخالفة القطعية بالفعل أو الترك لا بقصد التعبد والتقرب وإن لم يتمكن من الموافقة القطعية ، فبالنسبة إلى المخالفة القطعية العلم الإجمالي يوجب التأثير ويقتضي التنجيز وإن لم يقتض ذلك بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، وذلك واضح.

الأمر الرابع :

دوران التكليف بين الوجوب والحرمة بالنسبة إلى الفعل الواحد ، تارة : يكون مع وحدة الواقعة ، كما لو دار الأمر بين كون المرأة المعينة محلوفة الوطي أو محلوفة الترك في ساعة معينة.

وأخرى : مع تعدد الواقعة ، كالمثال إذا فرض أن الحلف على الفعل أو الترك كان في كل ليلة من ليالي الجمعة.

فان كان على الوجه الأول : فلا إشكال في كون الحالف مخيراً بين

٤٥٢

الوطي وعدمه في الساعة التي تعلق الحلف بها ، ولا موقع للنزاع في كون التخيير بدويا أو استمراريا ، لأنه لا تعدد في الواقعة حتى يتصور فيها التخيير الاستمراري.

وإن كان على الوجه الثاني : فللنزاع في كون التخيير بدويا أو استمراريا مجال. فقيل : إن التخيير بدوي ، فما اختاره المكلف في ليلة الجمعة الأولى من الفعل أو الترك لابد أن يختاره أيضا في الليالي اللاحقة ، وليس له أن يختار في الليلة اللاحقة خلاف ما اختاره في الليلة السابقة ، فإنه لو اختلف اختياره في الليالي لزم منه المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال ، فأنه يعلم بتحقق الحنث ، إما في الليلة السابقة ، وإما في الليلة التي هو فيها ، فلأجل الفرار عن حصول المخالفة القطعية لابد من أن يكون التخيير بدويا ، هذا.

ولكن للنظر في ذلك مجال ، فان المخالفة القطعية لم يتعلق بها التكليف التحريمي شرعا بحيث تكون المخالفة القطعية كسائر المحرمات الشرعية قد تعلق بها النهى المولوي الشرعي ، بل قبح المخالفة القطعية كحسن الطاعة من المستقلات العقلية التي لا تستتبع الخطاب المولوي ، وحكم العقل بقبح المخالفة القطعية فرع تنجز التكليف ، وإلا فنفس المخالفة بما هي مخالفة لا يحكم العقل بقبحها ما لم يتنجز التكليف.

وبالجملة : مخالفة التكليف المنجز قبيحة عقلا ، وأما مخالفة التكليف الغير المنجز فلا قبح فيها ، كما لو اضطر إلى الاقتحام في أحد أطراف المعلوم بالإجمال واتفق مصادفة ما اضطر إليه للحرام الواقعي ، فأنه مع حصول المخالفة يكون المكلف معذورا ، وليس ذلك إلا لعدم تنجز التكليف (١) ففي ما نحن فيه

__________________

١ ـ أقول : عمدة شبهة من التزم بتقديم حرمة المخالفة وكون التخيير بدويا ، هو أن حكم العقل بلزوم الموافقة التدريجية بنحو الاقتضاء وبحرمة المخالفة القطعية التدريجية بنحو العلية ، ومع التزاحم تقدم العلية على الاقتضاء ، فيحكم بالحرمة دون لزوم الموافقة. وذلك البيان لا ينافي عدم التنجيز بالنسبة إلى كل آن آن بنحو الدفعية ، وإنما تجئ الشبهة من منجزية العلم الإجمالي بالحرمة بنحو التدريج ، وهذا المعنى وإن كان متحققاً

٤٥٣

لا يكون التكليف منجزا في كل ليلة من ليالي الجمعة ، لأنه في كل ليلة منها الأمر دائر بين المحذورين ، فكون الواقعة مما تكرر لا يوجب تبدل المعلوم بالإجمال ولا خروج المورد عن كونه من دوران الأمر بين المحذورين ، فان متعلق التكليف إنما هو الوطي أو الترك في كل ليلة من ليالي الجمعة ، ففي كل ليلة يدور الأمر بين المحذورين. ولا يلاحظ انضمام الليالي بعضها مع بعض ، حتى يقال : إن الأمر فيها لا يدور بين المحذورين لأن المكلف يتمكن من الفعل في جميع الليالي المنضمة ومن الترك في جميعها أيضا ومن التبعيض ففي بعض الليالي يفعل وفي بعضها الآخر يترك ومع اختيار التبعيض تتحقق المخالفة القطعية لأن الواجب عليه إما الفعل في الجميع وإما الترك في الجميع ، وذلك : لأن الليالي بقيد الانضمام لم يتعلق الحلف والتكليف بها ، بل متعلق الحلف والتكليف كل ليلة من ليالي الجمعة مستقلة بحيال ذاتها ، فلابد من ملاحظة الليالي مستقلة ، ففي كل ليلة يدور الأمر فيها بين المحذورين ويلزمه التخيير الاستمراري.

والحاصل : أن التخيير البدوي في صورة تعدد الواقعة يدور مدار أحد أمرين : إما من حرمة المخالفة القطعية شرعا ليجب التجنب والفرار عن حصولها ولو بعد ذلك فيجب على المكلف عدم ايجاد ما يلزم منه المخالفة القطعية ، وإمّا

________________________

بالنسبة إلى الوجوب أيضا إلا أن تنجزه بنحو الموافقة التدريجية كان ملغى ، فيبقى تنجزه بالنسبة إلى المخالفة القطعية على حاله.

وحينئذ الأولى في الجواب أن يقال : إن عدم الجمع بين امتثال لزوم الموافقة وحرمة المخالفة القطعية إذا كان بمناط « لا يطاق » فالعقل في هذا المقام لا يفرق بينهما بالاقتضاء والعلية ، وإنما الفرق في الاقتضاء والعلية في قابلية العلم للرخص الشرعي في أحد الطرفين بمناط البراءة الشرعية وعدمه ، بلا نظر إلى مناط « لا يطاق » والترخيص في المقام هو بمناط « لا يطاق » وفي هذا المقام نسبة حكم العقل علية واقتضاء بمناط واحد ، كما لا يخفى فتدبر.

قد تم والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا باطنا

في شهر شوال المكرم سنة ١٣٦٢

٤٥٤

من ملاحظة الوقايع المتعددة منضما بعضها إلى بعض في تعلق التكليف بها حتى يتمكن المكلف من مخالفة التكليف بتبعيض الوقايع واختياره في البعض ما يخالف اختياره في الآخر. وكل من الأمرين اللذين يبتني على أحدهما التخيير البدوي محل منع ، فلا محيص من التخيير الاستمراري وإن حصل العلم بالمخالفة ، فتأمل جيدا.

الأمر الخامس :

لو دار أمر الشيء بين كونه شرطا للعبادة أو مانع عنها أو دار الأمر بين الضدين ـ كما إذا دار الأمر في القراءة بين وجوب الجهر بها أو وجوب الإخفات ـ فالأمر وإن كان يدور بين المحذورين بالنسبة إلى العبادة الواحدة ، فإنه لا يمكن أن تكون العبادة الواحدة واجدة للشئ وفاقدة له فيما إذا تردد بين كونه شرطا لها أو مانع عنها ، وكذا لا يمكن أن تكون القراءة الواحدة جهرية وإخفاتية ، إلا أنه حيث يتمكن المكلف من الموافقة القطعية ـ ولو بتكرار الصلاة تارة مع ما يحتمل كونه شرطا وأخرى بدون ذلك ، أو بتكرار القراءة فقط بقصد القربة المطلقة ـ فلا محالة يجب الاحتياط بتكرار العمل أو الجزء ، فلا يندرج في باب دوران الأمر بين المحذورين.

هذا تمام الكلام في « الجزء الثالث » من الكتاب ، ويتلوه « الجزء الرابع » إن شاء الله تعالى.

والحمد الله أوّلاً وآخراً

والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطبين الطاهرين

واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

وقد وقع الفراغ من تسويده ليلة الأربعاء التاسعة والعشرين من شهر شوال

المكرّم سنة ألف وثلاثمأة وإثنين وأربعين

٤٥٥

تنبيه

قد اكتفينا في كثير من المباحث الراجعة إلى هذا الجزء من الكتاب بالإشارة إليها ـ خصوصا ما يرجع إلى مباحث القطع والبرائة ـ اعتمادا على ما سيأتي ـ في الجزء الرابع ـ من استقصاء الكلام فيها وتفصيلها بما لا مزيد عليه ، وحرصا على نشر ما أفاده حضرة شيخنا الأستاذ ( مد ظله ) في مسألة اللباس المشكوك : من الكنوز والنفائس العلمية التي لم تصل إليها أفهام أولى الألباب وكانت تحت الخبا ، حتى من الله تعالى على حملة العلم بطلوع الشمس العلم من مركزه ، أعني به حضرة « شيخنا الأستاذ متع الله المسلمين بطول بقاه » فحق على حملة العلم أن يقدروا ويشكروا ما أنعم الله تعالى عليهم من شريف وجوده ، وحق علينا نشر ما أفاده في ذلك أداء المقدار من حقوقه وخدمة لأهل العلم ، سائلين منه ( سبحانه وتعالى ) قبول ذلك ، وأن يجعله في صحيفة حسناتنا

ويكفّر به سيئاتنا ، إنه أرحم الراحمين.

٤٥٦

الفهرست

تحقيق أنّ المراد من «المكلّف» فى كلامهم ، هو خصوص المجتهد................... ٣

دفع الإشكال عن تثليث الأقسام............................................... ٤

الإشكال على الشيخ قدس‌سره فى تشخيص مجارى الاصول ، وبيان ما هو الأحسن أن يقال في المقام ٤

الحصر فى الأربع فى مجارى الاصول عقلى، بخلاف نفس الاصول................... ٥

المقام الأول فى القطع ، وفيه مابحث

المبحث الأوّل :

فى وجوب متابعة القطع وأنّ طريقيته ذاتية لا تنالها يدالجعل....................... ٦

فى عدم صحّة إطلاق الحجّة على القطع وعدم كون البحث عن حجيته من مسائل علم الاصول ٧

المبحث الثاني :

فى القطع الطريقى والموضوعى ، وبيان المراد من القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية والمأخوذ على نحو الطريقية والكاشفية ٩

عدم إمكان أخذ العلم بالحكم موضوعاً للحكم الذى تعلّق العلم به إلّا بنتيجة التقييد ١١

ادّعاء تواتر الأدلّة على اشتراك الأحكام فى حق العالم والجاهل ، والايراد عليه ...... ١٢

صحة أخذا العلم بالحكم من وجه خاص مانعاً عن ثوت الحكم واقعاً ............. ١٣

توجيه مقالة الأخباريين فى قولهم : لا عبرة بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنّة... ١٤

٤٥٧

المبحث الثالث :

في قيام الطرق والاصول مقام القطع ......................................... ١٥

فى أنّ المراد من الاصول المبحوث عنها فى المقام هو الاصول المحرزة................ ١٥

فى بيان الجهات الثلاث التيى تجتمع فى القطع .................................. ١٦

فى الفرق بين لحكومة الظاهرية والواقعية ...................................... ١٩

فى أنّه ليس للواقع فردان : فرد حقيقى وفرد جعلى ، إلّا على مبنى جعل المؤدّى بنحو من المسامحة ٢٠

الوجوه والأقوال فى قيام الطرق والأمارات والاصول التنزيلية مقام القطع .......... ٢١

اختيار القول الثالث ، وهو قيامها مقام القطع الطريقى مطلقاً وعدم قيامها مقام القطع الصفتى ، وتضعيف ما ذكر من المنع عن قيامها مقام القطع المأخوذ موضوعاً على وجه الطريقية .................................... ٢١

الإشكال بأنّ الذى اخذ جزء الموضوع فى ظاهر الدليل هو العلم والإحراز الوجدانى لا الإحراز التعبّدى ، والتفصّى عنه بوجوه ٢٣

عدم إمكان قيام الأمارات والاصول مقام القطع المأخوذ على جهة الصفتية ........ ٢٦

لم نعثر فى الفقه على مورد اُخذ العلم فيه موضوعاً على وجه الصفتية ، وردّ الأمثلة التى ذكرها الشيخ قدس‌سره ٢٦

فى بيان ما أفاده المحقّق الخراسانى فى الحاشية فى وجه قيام الطرق والاُصول مقام القطع بجميع أقسامه ، والإشكال عليه مضافاً إلى ما أورده عليه فى الكفاية ........................................................... ٢٧

فى أنّ الظن ليس كالعلم حجيته منجعلة ومن مقتضيات ذاته ، بل لابدّ أن يكون حجيته بجعل شرعى ٣١

فى بيان أقسام الظن من حيث أخذه موضوعاً لحكم آخر ........................ ٣١

فذلكة : فى الإشارة إلى اختلاف بيان «الاستاذ» فى أقسام الظن المأخوذ موضوعاً ... ٣٥

المبحث الرابع :

فى استحقاق المتجرّى للعقاب ، والبحث يقع فيه من جهات : .................. ٣٧

الجهة الاولى: دعوى أنّ الخطابات الأوّلية تعمّ صورتى موافقه القطع للواقع ومخالفته . ٣٧

٤٥٨

الجهة الثانية : دعوى أنّ صفة تعلّق العلم بشىء تكون من الصفات والعناوين الطارية على ذلك الشىء المغيّرة لجهة حسنه وقبحه ٤١

الجهة الثالثة : دعوى استحقاق المتجرّى للعقاب من باب استقلال العقل بذلك .... ٤٦

الجهة الرابعة : دعوى حرمة التجرى من جهة قيام الاجماع ودلالة الأخبار عليه ..... ٥٠

تنبيهان :

الأوّل : فى بيان عدم الفرق فى التجرّى بين مخالفة العلم وبين مخالفة الطرق والاصول المثبتة للتكليف ٥٣

الثانى : فيما ذكره صاحب الفصول : من أنّ قبح التجرّى يختلف بالوجوه والاعتبار ، والإشكال عليه ٥٤

المبحث الخامس

فى المستقلاّت العقلية ، والبحث يقع فيها من جهات : ......................... ٥٧

الجهة الاولى : فى فساد مقالة الأشاعرة حيث أنكروا الحسن والقبح العقليين ........ ٥٧

الجهة الثانية : فى الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، وردّ مقالة بعض الأخباريين ومن تبعهم ـ كصاحب الفصول ـ فى ذلك المقام ......................................................................... ٦٠

الجهة الثالثة : فى ردّ ما ادّعاه الأخباريون : من قيام الأدلّة السمعية على منع العمل بحكم العقل ٦٣

المبحث السادس :

فى ما حكى عن الشيخ الكبير : من عدم اعتبار قطع القطّاع ، وبيان فساده إن أراد من قطع القطّاع الطريقى منه وتوجيهه إن أراد الموضوعى منه ............................................................ ٦٤

المبحث السابع :

فى أحكام العلم الإجمالى وأنّه لافرق فى نظر العقل فى الآثار المترتبة على العلم بين العلم بين العلم التفصيلى والعلم الإجمالى ٦٥

المقام الأوّل : فى ما يرجع إلى مرحلة سقوط التكليف بالعلم الإجمالى ............. ٦٦

فى عدم اعتبار معرفة الوجه وقصده فى العبادة ................................. ٦٦

فى أنّه لم يقم دليل شرعىّ على التصرف فى كيفية الاطاعة ، والأمر موكول إلى نظر العقل ٦٨

٤٥٩

فى بيان مراتب الامتثال .................................................... ٦٩

المقام الثانى : فى ما يرجع إلى مرحلة ثبوت التكليف بالعلم الإجمالى .............. ٧٤

فى بيان فساد ما توهّم : من أنّ العلم الذى يكون موضوعاً عند العقل فى باب الطاعة والمعصية يختصّ بالعلم التفصيلى ولا يعمّ العلم الإجمالى ................................................................. ٧٥

فى ردّ ما ذهب إليه بعض الأعاظم : من انحفاظ رتبة الحكم الظاهرى فى أطراف العلم الإجمالى ٧٦

فى عدم جريان الاصول التنزيلية فى أطراف العلم الإجمالى وإن لم يلزم منه المخالفة العملية ٧٨

تحقيق ماهو المانع من جريان الاصول فى أطراف العلم الإجمالى ................... ٧٨

فى شرائط تأثير العلم الإجمالى ............................................... ٧٩

الإشارة إلى ما ذكره الشيخ قدس‌سره من الموارد التى توهّم فيها انحزام القاعدة العقلية التى يقتضيها العلم الإجمالى ، وحلّ الإشكال فى كل مسألة عليحدة ................................................................. ٨٤

فيما لوتردّد المعلوم بالإجمال بين مايكون بوجوه الواقعى ذا أثر وبين مايكون بوجوده العلمى كذلك ٨٦

المقام الثانى فى الظن ، وفيه مباحث

المبحث الأوّل:

فى إمكان التعبد بالظن ..................................................... ٨٨

المحاذير المتوهّمة من التعبد بالأمارات ، من جهة الملاكات ....................... ٨٩

الامور التى يتوقف عليها محذور تفويت المصلحة والإلقاء فى المفسدة............... ٨٩

تحقيق إمكان التعبد بالأمارة حتى فى صورة انفتاح باب العلم..................... ٩٠

وجوه سببية الأمارة لحدوث المصلحة ، وبيان أقسام التصويب ................... ٩٥

فى بيان المراد من المصلحة السلوكية .......................................... ٩٦

فى ما يلزم من التعبد بالأمارات والاصول من المحذور الخطابى ، وهو اجتماع حكمين متضادين أو متناقضين ، وبيان وجوه التفصّى عنه ......................................................................... ٩٩

فيما أفاده الشيخ قدس‌سره فى الجمع بين الحكم الظاهرى والواقعى ................... ١٠٠

٤٦٠