جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٤

الزوج ، فالفريضة أربعة تعدل ثلثي المال فهو ستة ، ثم تضرب وفق مخرج الثمن فيها تبلغ أربعة وعشرين ، ثم تضرب وفق العشرة وهو خمسة تبلغ مائة وعشرين.

للابن من الثلثين أربعون ، وللزوج عشرون ، وكذا للبنت وللموصى له الأول أربعون ، نسترد منها خمسة عشر ، وللثاني عشرون ونسترد منها اثني عشر ، فيبقى من الثلث سبعة فهي للثالث.

ويحتمل أن يكون للثاني ثلاثة ، وللثالث اثني عشر ، لأنه استثنى من وصيته عشر المال وهو اثني عشر ، والذي بقي من الثلث بعد الأول خمسة عشر ، فلم يبق مثل نصيب البنت بل أقل ، فيخرج المستثنى من الباقي ، والأول أقوى.

______________________________________________________

الزوج ، فالفريضة أربعة تعدل ثلثي المال فهو ستة ، ثم نضرب وفق مخرج الثمن فيها يبلغ أربعة وعشرين ، ثم نضرب وفق العشرة ـ وهو خمسة ـ تبلغ مائة وعشرين ، للابن من الثلثين أربعون ، وللزوج عشرون ، وكذا للبنت ، وللموصى له الأول أربعون ونسترد منها خمسة عشر ، وللثاني عشرون نسترجع منها اثنا عشر ، فيبقى من الثلث سبعة فهي للثالث.

ويحتمل أن يكون للثاني ثلاثة ، وللثالث اثنا عشر ، لأنه استثنى من وصيته عشر المال ـ وهو اثنا عشر ـ والذي بقي من الثلث بعد الأول خمسة عشر ، فلم يبق مثل النصيب بل أقل ، فنخرج المستثنى من الباقي ، والأول أقوى ).

أما كون الفريضة أربعة فظاهر ، لأن للزوج الربع من أربعة ، وسهام الابن والبنت ثلاثة.

٨١

التاسعة : لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الستة إلاّ خمس ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، ولآخر بمثل نصيب آخر إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث بعد ذلك كله ، ولاخر بنصف سدس جميع المال ، فلنسم الوصايا وصية ، فيكون المال ستة أنصباء ووصية ، فنأخذ ثلث ذلك وهو نصيبان وثلث وصية ، وندفع منه إلى الموصى له الأول نصيبا ، فيبقى من الثلث نصيب وثلث وصية.

______________________________________________________

وإنما كانت معادلة لثلثي المال ، لأن مجموع الثلث موص به ، ومعلوم أن الثلثين إذا كانا أربعة كان المجموع ستة ، تضرب وفق مخرج الثمن معها فيها ـ وهو أربعة ـ يبلغ أربعة وعشرين ، ثم تضرب وفق العشرة مع أربعة وعشرين ـ وهو خمسة ـ فيها يبلغ ما ذكر.

ووجه الاحتمال الأول : أنه قد أوصى للثاني بمثل نصيب البنت إلاّ عشر المال والباقي بعد إسقاط العشر من نصيب البنت ثمانية.

وتوضيح الوجه الثاني : أنّ الموصي حصر الوصايا في الثلث بقوله : ( ولثالث بتمام الثلث ) ، والباقي بعد نصيب الموصى له الأول هو خمسة عشر ، فيكون هو الموصى به إلاّ عشر المال ، والباقي من خمسة عشر بعد استثناء عشر المال ثلاثة.

ويضعّف بان الموصى به ليس هو المستثنى منه ، ليتعين انحصاره في خمسة عشر ، فيكون المستثنى مخرجا منه ، بل هو ما بقي من المستثنى منه بعد إخراج المستثنى فإنه المسند في الحقيقة ، ومنه تظهر قوة الاحتمال الأول فهو الأصح.

قوله : ( لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الستة إلاّ خمس ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، ولاخر بمثل نصيب آخر إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث بعد ذلك كله ، ولاخر بنصف سدس جميع المال ... ).

المراد بـ ( كله ) من قوله : ( بعد ذلك كله ) هو الوصية الاولى ، أعني : النصيب‌

٨٢

ونسترجع من النصيب خمس ذلك ، وهو خمس نصيب وثلث خمس وصية ، فيكون الباقي من الثلث بعد إخراج الوصية الأولى نصيبا وخمس نصيب وخمسي وصية ، لأن ثلث خمس وصية إذا زيد على ثلث وصية بلغ خمسي وصية ، فيدفع من ذلك إلى الموصى له الثاني نصيبا ، فيبقى خمس نصيب وخمسا وصية.

ونسترجع من النصيب الثاني ثلث الباقي من الثلث ، وهو ثلث خمس نصيب وثلثا خمس وصية ، نزيد ذلك على الباقي من الثلث ، فيحصل معنا أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصيب ، وثمانية أجزاء من خمسة عشر جزء من وصية ، لأن ثلث نصيب خمس وهو جزء من وصية ، لأن ثلث خمس‌

______________________________________________________

إلاّ قدر خمس الباقي ، والنصيب الموصى به ثانيا.

قوله : ( ونسترجع من النصيب خمس ذلك ، وهو خمس نصيب وثلث خمس وصية ).

لا يخفى أن خمس ذلك هو خمس نصيب وخمس ثلث وصية ، إلاّ أن مراعاة تقديم أعظم الكسور أمر مطلوب ، وثلث الخمس هو خمس الثلث ، فلذلك قدمه.

قوله : ( لأن ثلث خمس وصية إذا زيد على ثلث وصية بلغ خمسي وصية ).

بيانه ان مخرج ثلث الخمس خمسة عشر ، وهو واحد منها إذا زدته على ثلثها وهو خمسة ـ كان المجموع ستة وهي خمسا الأصل.

قوله : ( نزيد ذلك على الباقي من الثلث ، فيحصل معنا أربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصيب وثمانية أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصية ).

إن قيل : قد كان يمكنه نسبة هذه الكسور إلى مخرجها ـ وهو خمسة عشر ـ

٨٣

نصيب هو جزء واحد من خمسة عشر جزء من نصيب.

فإذا أضفت إلى خمس نصيب ، وهو ثلاثة أجزاء من خمسة عشر جزءا كان أربعة أجزاء من خمسة عشر وثلثا خمس وصية ، وهو سهمان من خمسة عشر جزء من وصية ، إذا أضيف إلى خمسي وصية وهو ستة من خمسة عشر صار ثمانية أجزاء من خمسة عشر جزء من وصية.

فظهر أن الباقي من الثلث بعد إخراج الوصيتين أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصيب ، وثمانية أجزاء من خمسة عشر جزء من وصية ، فزد ذلك على ثلثي المال وهو أربعة أنصباء وثلثا وصية ، فيحصل أربعة أنصباء وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصيب ووصية وخمس وصية ، لأن ثمانية أجزاء من خمسة عشر جزء من وصية إذا أضيف إلى ثلثي وصية ـ اعني عشرة أجزاء من خمسة عشر جزء من وصية ـ كان المجموع وصية وخمس وصية ، فندفع من المجموع ـ وهو أربعة أنصباء وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصيب ووصية وخمس وصية ـ إلى الموصى له الثالث نصف سدس المال ، وهو نصف نصيب ونصف سدس وصية ، فيبقى ثلاثة أنصباء ونصف وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزء من نصيب ووصية وجزء وثلاثة أرباع جزء من خمسة‌

______________________________________________________

ببعض الكسور المنطقة.

فنقول : يحصل معنا خمس وثلث خمس ، وخمسان وثلثا خمس موضع أربعة أجزاء وثمانية أجزاء من خمسة عشر ، وذلك أولى ، فإن الكسور المنطقة أولى من الكسور الصم إذا أمكنت ، قلنا : إنما عدل إليها لظهور التناسب فيها فتكون ملاحظتها أسهل.

قوله : ( فيبقى ثلاثة أنصباء ونصف وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصيب ، ووصية وجزء وثلاثة أرباع جزء من خمسة عشر‌ جزءا من وصية ).

٨٤

عشر جزء من وصية ، لأن نصف سدس وصية وهو سهم وربع من خمسة عشر جزء من وصية إذا أسقط من خمس وصية وهو ثلاثة أسهم من خمسة عشر جزء من وصية ، كان الباقي سهما وثلاثة أرباع سهم.

فقد احتجنا إلى نصف نصيب من خمسة عشر التي جعلناها نصيبا ينكسر ، نضرب اثنين في خمسة عشر تبلغ ثلاثين ، فالنصيب تقسمه ثلاثين جزء. واحتجنا إلى بسط الوصية إلى ستين ، حيث احتجنا إلى ربع جزء من خمسة عشر.

فظهر أن الباقي بعد الوصايا ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرون جزء من ثلاثين جزء من نصيب هي نصف نصيب قد كان سبعة ونصفا من خمسة عشر ، فهو الآن خمسة عشر وأربعة أجزاء من نصيب قد كان خمسة عشر هي الآن ثمانية أجزاء.

فالمجموع ثلاثة وعشرون جزء من ثلاثين جزء من نصيب ، وبقي معنا أيضا وصية وسبعة أجزاء من ستين جزء من وصية قد كان سهما وثلاثة أرباع سهم من خمسة عشر فيكون من ستين سبعة أسهم.

وهذا الباقي كله ، وهو ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرون جزء من ثلاثين جزء من نصيب ووصية وسبعة أجزاء من ستين جزء من وصية تعدل أنصباء الورثة وهي ستة أنصباء ، فسقط ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرون جزء من‌

______________________________________________________

إذا أردت نسبتها بالكسور المنطقة قلت : فيبقى ثلاثة أنصباء وثلاثة أخماس نصيب وثلثا خمس وسدس خمس نصيب ، وصية وثلث خمس وصية وسدس خمس وصية ونصف سدس خمس وصية.

ومخرج الأول مضروب ستة في خمسة وهو ثلاثون ، ومخرج الثاني مضروب اثنين‌

٨٥

ثلاثين جزء من نصيب بمثلها ، فيبقى نصيبان وسبعة أجزاء من ثلاثين جزء من نصيب تعدل وصية وسبعة أجزاء من ستين جزء من وصية.

فاذن الوصية تعدل نصيبين ، لأن عدد الأنصباء مثلا عدد الوصية ، فالوصية اثنان ، والنصيب واحد ، والمال ستة أنصباء ووصية ، فهو إذن ثمانية ، فنضرب ذلك في ثلاثة ، لأن المال يجب أن يكون له نصف سدس ومخرجه‌

______________________________________________________

في خمسة والمرتفع في ستة وذلك ستون ، والمصنف لما نسبها بالكسور الصم اعتبر المخرجين بالنظر إلى ذلك ، والمال واحد.

قوله : ( فاذن الوصية تعدل نصيبين ، لأن عدد الأنصباء مثل نصف الوصية ، فالوصية اثنان ، والنصيب واحد ).

إنما كانت الوصية تعدل نصيبين ، لأن نصيبين وسبعة أجزاء من ستين جزءا من نصيب إذا بسطتها كانت سبعة وستين ، ووصية وسبعة أجزاء من ستين جزءا من وصية إذا بسطتها كانت سبعة وستين أيضا.

فحيث كانت معادلة لسبعة وستين جزءا الاولى كانت ستون من الأولى معادلة لستين منها ، وستون من الأولى هي مجموع نصيبين ، وستون من الثانية هي مجموع وصية ، فيكون عدد الأنصباء ـ أي واحد منها ـ مثل نصف الوصية ، فيكون النصيب واحدا ، لأنه أقل ما يوجد صحيحا وتكون الوصية ضعفه.

قوله : ( فنضرب ذلك في ثلاثة ، لأن المال يجب أن يكون له نصف سدس ).

إنما وجب ذلك : لأن الوصية الثالثة نصف سدس المال.

أقول : ولك أن تستخرج هذه المسألة بالجبر بطريق أسهل من هذا وأخصر ، بأن تفرض ثلث المال نصيبا مجهولا وخمسة سهام ليكون الباقي بعد النصيب خمسا ، فتسترجع من النصيب بقدر خمس الباقي ، فيكون المال كله ثلاثة أنصباء مجهولة‌

٨٦

اثني عشر ، وهو يوافق الثمانية بالربع ، فنضرب ربع أحدهما في الآخر فتصير أربعة وعشرين ، فنأخذ ثلث المال ثمانية ، تدفع إلى الموصى له الأول نصيبا وهو ثلاثة فيبقى خمسة ، نسترجع من النصيب خمس الباقي وهو واحد يحصل معنا ستة ، فندفع إلى الموصى له الثاني نصيبا وهو ثلاثة فيبقى ثلاثة ، ونسترجع منه ثلث ذلك وهو واحد فيحصل معنا أربعة ، زدنا ذلك على ثلثي المال وهو ستة عشر فصار عشرين ، تدفع إلى الثالث نصف سدس المال سهمين يبقى ثمانية عشر ، لكل ابن ثلاثة. وقد كان للموصى له الأول سهمان ، فهي مثل النصيب إلاّ خمس الباقي من الثلث بعد النصيب ، وللموصى له الثاني سهمان وهو مثل النصيب إلاّ ثلث الباقي من الثلث ، وللموصى له الثالث سهمان هي نصف السدس.

______________________________________________________

وخمسة عشر ، فتأخذ من الثلث نصيبا يبقى خمسة ، تسترجع منه قدر خمس الباقي ـ وهو واحد ـ يكون الباقي من الثلث بعد الوصية الأولى ستة ، تدفع إلى الموصى له الثاني بالوصية الثانية نصيبا مجهولا ، يبقى من الثلث ستة إلاّ نصيبا ، فتسترجع من النصيب قدر ثلث الباقي بعده ـ وهو اثنان إلاّ ثلث نصيب ـ تضمها إلى ستة إلاّ نصيبا ، يكون مجموع الباقي من الثلث بعد الوصيتين ثمانية إلاّ نصيبا وثلث نصيب ، تزيد على ثلثي المال ـ وهو عشرة ونصيبان ـ يكون الجميع ثمانية عشر وثلثي نصيب ، تدفع إلى الموصى له الثالث نصف سدس المال ـ وذلك ربع نصيب وواحد وربع ـ يبقى ربع نصيب وسدس نصيب وستة عشر وثلاثة أرباع سهم ، وذلك يعدل سهام الورثة ، يقابل ربع نصيب وسدس نصيب بمثلهما ، يبقى ستة عشر سهما وثلاثة أرباع سهم ، يعدل خمسة أنصباء وثلث نصيب وربع نصيب.

فإذا أردت معرفة النصيب من السهام ضربت ستة عشر وثلاثة أرباع في أربعة مخرج الكسر يبلغ سبعة وستين ، وضربت خمسة أنصباء وثلث وربع نصيب في اثنى عشر‌

٨٧

العاشرة : لو خلّف تسعة وبنين وأوصى بنصف ما يبقى من الربع بعد إخراج نصيب ابن واحد منه ، ولآخر بثلث ما يبقى ، ولآخر بربع ما يبقى ، فمخرج النصف والثلث والربع اثني عشر ، والنصف والثلث والربع منها ثلاثة عشر ، تضرب أربعة في اثني عشر تبلغ ثمانية وأربعين ، تنقص منها ثلاثة عشر تبقى خمسة وثلاثون وهي نصيب ابن واحد.

ثم تضرب التسعة في اثني عشر تبلغ مائة وثمانية ، تنقص منها ثلاثة عشر تبقى خمسة وتسعون وهي ربع المال. فنصيب الموصى له الأول ثلاثون ، والثاني عشرون ، والثالث خمسة عشر ، وأصل المال ثلاثمائة وثمانون.

______________________________________________________

مخرج الكسر يبلغ سبعة وستين أيضا ، وقد عرفت معادلة الجملة للجملة.

ثم تقسّم ستين من الاولى على أربعة يخرج خمسة عشر ، وستين من الثانية على اثني عشر يخرج خمسة ، تقسّط خمسة عشر على خمسة يكون النصيب ثلاثة ، فظهر أن المال كله أربعة وعشرون وباقي العمل ظاهر.

قوله : ( لو خلّف تسعة وبنين ، وأوصى بنصف ما يبقى من الربع بعد إخراج نصيب ابن واحد منه ، ولآخر بثلث ما يبقى ، ولآخر بربع ما يبقى. فمخرج النصف والثلث والربع اثنا عشر ، والنصف والثلث والربع منها ثلاثة عشر تضرب أربعة في اثني عشر يبلغ ثمانية وأربعين ، تنقص منها ثلاثة عشر يبقى خمسة وثلاثون ـ وهي نصيب ابن واحد ـ ثم تضرب التسعة في اثني عشر يبلغ مائة وثمانية ، تنقص منها ثلاثة عشر يبقى خمسة وتسعون ، وهي ربع المال ... ).

ما بيّن به هذه المسألة هو طريق الحشو ، وهو الذي قرره في آخر المسألة الرابعة.

٨٨

وقد تصح من ستة وسبعين ، بأن نأخذ مخرج الكسور وهي اثني عشر فنقول : هي ربع مال إلاّ نصيبا ، فإذا كملناه بنصيب صار ربعا كاملا ، فمجموع المال ثمانية وأربعون وأربعة أنصباء ، فإذا أخرج النصيب من الربع بقي اثنا عشر ، للأول ستة ، وللثاني أربعة ، وللثالث ثلاثة ، يبقى من المال أربعة أنصباء وخمسة وثلاثون ، تدفع أربعة أنصباء إلى أربعة من الأولاد ،

______________________________________________________

وإنما لم يضم سهام الموصى لهم إلى سهام البنين عند ضربها في المخرج المشترك لاستخراج ربع ، لأن ذلك إنما يكون لسهام الموصى لهم بمثل نصيب الوارث ، سواء استثني منه أم لا. أما الموصى له بجزء من المال ، أو من الباقي من المال ، أو من جزئه بعد نصيب ونحوه فلا يضم سهمه ، إذ ليس على نهج سهام الورثة.

وإنما كان مخرج النصف والثلث والربع اثني عشر ، لأن مخرج النصف داخل تحت مخرج الربع ، وبين مخرج الربع والثلث تباين ، ومضروب أحدهما في الآخر اثنا عشر.

وإذا أخذت الأجزاء المذكورة من المخرج كانت عائلة بسهم ، لأنها ثلاثة عشر ، فتضرب المخرج المشترك في مخرج الكسر المنسوب إلى المال ـ وهو أربعة ، لأن الكسر الربع ـ ثم تنقص منها سهام الحشو ، وهي الأجزاء على ما عرفته في المسألة الرابعة وهي ثلاثة عشر ، إلى أن يستكمل العمل كما ذكره. وإنما كان أصل المال ثلاثمائة وثمانين ، لأنك تضرب مخرج كسر المال في خمسة وتسعين.

قوله : ( وقد تصح من ستة وسبعين ، بأن نأخذ مخرج الكسور وهي اثنا عشر فنقول : هي ربع مال إلاّ نصيبا ، فإذا اكملناه بنصيب صار ربعا كاملا ، فمجموع المال ثمانية وأربعون وأربعة أنصباء ، فإذا أخرج النصيب من الربع بقي اثنا عشر ، للأول ستة ، وللثاني أربعة ، وللثالث ثلاثة. يبقى من المال أربعة أنصباء وخمسة وثلاثون ، ندفع أربعة أنصباء إلى أربعة من الأولاد ،

٨٩

ثم تقسّم خمسة وثلاثين على خمسة أولاد ، فلكل ابن سبعة ، فالنصيب سبعة فالربع تسعة عشر ، فالمجموع ستة وسبعون. هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال.

ولو حصره في الربع فالطريق أن نجعل المال أرباعا ، ندفع ربعا إلاّ نصيبا إلى الموصى لهم ، يبقى ثلاثة أرباع ونصيب للورثة تعدل تسعة أنصباء ،

______________________________________________________

ثم نقسّم خمسة وثلاثين على خمسة أولاد ، فلكل ابن سبعة ، فالنصيب سبعة ، والربع تسعة عشر ، فالمجموع ستة وسبعون ).

تنقيح ذلك أن ربع المال يجب أن يكون الباقي منه بعد إخراج نصيب ابن منه ماله نصف وثلث وربع ، لأنها الأجزاء الموصى بها من الربع بعد النصيب ، وقد عرفت أن مخرجها اثنا عشر ، فيكون الربع نصيبا واثني عشر ، فيكون المجموع ثمانية وأربعين وأربعة أنصباء.

ولما كانت الأجزاء المذكورة من المخرج المذكور عائلة بسهم وجب ان يكون ذلك السهم من الثلاثة الأرباع الباقية لأن الربع لا يفي بها والوصايا يجب تنفيذها إذا وسعها الثلث.

فإن قيل : إذا لم يف الباقي من الربع بالأجزاء المذكورة ، يجب الاقتصار على صرف باقي الربع إلى الوصايا ، لأن الوصايا منحصرة في باقي الربع ، إذ هو المتبادر من‌

قوله : ( نصف الباقي من الربع وثلثه وربعه ).

قلنا : لا انحصار ، لأن المراد قدر نصف الباقي من الربع وقدر ثلثه وقدر ربعه ، بدليل قول المصنف فيما سيأتي : ( هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال ) ، فإنه متى علم أن مراد الموصي ذلك تعيّن الحمل على ما ذكرناه.

قوله : ( هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال ، ولو حصره في الربع فالطريق أن نجعل المال أرباعا ، ندفع ربعا إلاّ نصيبا إلى الموصى لهم ، يبقى ثلاثة‌

٩٠

فالربع نصيبان وثلثان ، فالمجموع عشرة وثلثا نصيب ، تضرب مخرج الكسر وهو ثلاثة في عشرة وثلثين تبلغ اثنين وثلاثين ، والربع ثمانية والنصيب ثلاثة تبقى خمسة ، تقسم على ثلاثة عشر تضرب ثلاثة عشر في اثنين وثلاثين.

______________________________________________________

أرباع ونصيب للورثة تعدل تسعة أنصباء ، فالربع نصيبان وثلثان ، فالمجموع عشرة وثلثا نصيب ، يضرب مخرج الكسر ـ وهو ثلاثة ـ في عشرة وثلثين يبلغ اثنين وثلاثين الربع ثمانية والنصيب ثلاثة يبقى خمسة تقسم على ثلاثة عشر يضرب ثلاثة عشر في اثنين وثلاثين ).

أشار بقوله : ( هذا ) إلى إعطاء السهم العائل من غير الربع ، فإنه إذا علم أن ذلك مراد الموصي وجب العمل به لا محالة ، أما لو حصره في الربع فالطريق ما ذكره المصنف ، وهو أن يجعل المال أرباعا إلى آخره.

والمراد بالكسر في قوله : ( يضرب مخرج الكسر ) هو الثلثان في عشرة وثلثين ، والخمسة الباقية من الربع بعد النصيب هي نصيب الموصى لهم ، يجب قسمتها على ثلاثة عشر ، هي الأجزاء المشتملة على العول ليكون النقص الحاصل بالنسبة ، فهي سهام الموصى لهم.

ولما لم يكن وفق بين نصيب الموصى لهم وسهامهم ، ضربت السهام ـ وهي ثلاثة عشر ـ في أصل الفريضة ، فالحاصل أربعمائة وستة عشر ، ربعها مائة وأربعة ، نصيب كل ابن تسعة وثلاثون ، والباقي من الربع خمسة وستون ، للموصى له الأول ثلاثون ، وللثاني عشرون ، وللثالث خمسة عشر.

وإن شئت فرضت الربع نصيبا وثلاثة عشر ، فالمال كله اثنان وخمسون وأربعة أنصباء تدفع إلى الموصى لهم من الربع ثلاثة عشر ـ وهي الباقي من الربع بعد نصيب ابن ـ يبقى تسعة وثلاثون وأربعة أنصباء تعدل تسعة أنصباء ، نقابل أربعة أنصباء بمثلها ، يبقى تسعة وثلاثون تعدل خمسة أنصباء ، فالنصيب سبعة وأربعة أخماس ،

٩١

وإنما طولنا الكلام في هذا الباب ، وخرجنا فيه عن مناسبة الكتاب ، لأن أصحابنا المتقدمين رضوان الله عليهم أجمعين أعطونا القوانين الكلية ، ولم يعترضوا لهذه التفريعات الجزئية ، فتعرضنا نحن لها ليتمهر الفقيه الحاذق لاستخراج ما يرد عليه من هذا الباب والله الموفق للصواب.

الفصل الثالث : في تصرفات المريض ، وهي قسمان : منجزة ، ومعلقة بالموت.

______________________________________________________

فمجموع أنصباء الورثة سبعون وخمس. وللموصى لهم ثلاثة عشر ، ومجموع ذلك ثلاثة وثمانون وخمس ، ربعه عشرون وأربعة أخماس هي نصيب وثلاثة عشر ، فإذا بسطت الجميع من جنس الكسر بلغ أربعمائة وستة عشر.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن ما ذكر حكم ما إذا علم مراده في السهم العائل ، فإن لم يعلم أن مراده كونه من أصل المال أو الحصر في الثلث ، ففي الحكم تردد ينشأ : من احتمال الأول ، حملا للوصية على ارادة قدر نصف الباقي وثلاثة وربعه ، إذ لولاه لزم اما الرجوع عن بعض الوصية السابقة ، أو العول في الباقي من الربع ، واللازم بقسميه باطل ، لتضمن كل منهما تبديل الوصية. ومن احتمال ارادة العول.

ولا نمنع لزوم التبديل ، لأن العول يستلزم المجاز ، والأول يقتضي الإضمار ، والمجاز خير منه ، فينبغي التأمل لذلك.

قوله : ( ليتمهر الفقيه الحاذق لاستخراجها ).

قال في القاموس : الماهر الحاذق بكل عمل ، وقد مهر الشي‌ء وفيه وبه كمنع مهرا ومهورا ومهارا (١) ، والحاصل أن الماهر والحاذق من واد واحد ، والمراد من الجمع بينهما هنا زيادة الحذق واستكمال العلم.

قوله ( الفصل الثالث : في تصرفات المريض ، وهي قسمان : منجّزة ،

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ١٣٧ « مهر ».

٩٢

أما المؤجلة فكالوصية بالإجماع في إخراجها من الثلث ، وكذا تصرفات الصحيح المقترنة بالموت.

______________________________________________________

ومعلّقة بالموت :

أما المؤجلة : فكالوصية بالإجماع في إخراجها من الثلث ).

أراد بالتصرفات المؤجلة : المعلقة بالموت ، كما أراد بالمعجلة المنجزة.

والمتبادر من هذه العبارة تشبيه المؤجلة بالوصية ، ووجه الشبه : خروجها من الثلث. ويكون معنى قوله : ( بالإجماع ) أن مساواة المؤجلة للوصية في ذلك ثابت بالإجماع. لكن يرد حينئذ أن الغرض في هذا الفصل بيان حكم تصرفات المريض التي أعظم أقسامها الوصية ، ومؤدى العبارة على هذا التقدير هو أن المقصود بيان حكم المؤجلة التي هي غير الوصية.

فإن قيل : إذا كان حكم المؤجلة حكم الوصية في ذلك ، كان ثبوت هذا الحكم في الوصية بطريق أولى ، فيستفاد الحكمان معا.

قلنا : يرد شي‌ء آخر ، وهو لزوم كون تصرفات المريض المعلقة بالموت هي ما عدا الوصية ، وأن الوصية لا تعد منها ، فإن التشبيه يقتضي كون المشبه غير المشبه به ، وأول العبارة يأبى ذلك على ما يظهر من قوله : ( وهي قسمان منجزة ومعلقة بالموت ) ، فإن الضمير يعود إلى تصرفات المريض ، ومن جملتها الوصية.

واعلم ان من المؤجلة غير الوصية التدبير ، بناء على أنه عتق بصفة ، ومنها النذر المقيّد بالموت ونحو ذلك.

قوله : ( وكذا تصرفات الصحيح المقترنة بالموت ).

أي : ومثل المؤجلة للمريض المؤجلة بالموت من الصحيح في انها من الثلث ، وذلك بالإجماع ، إلا أن في قوله : ( المقترنة بالموت ) مناقشة ، لأن المقترن بالموت هو الذي توافق وجوده ، ومعلوم أن هذا المعنى غير مراد ، بل المراد المؤجلة بالموت ، والأمر سهل.

٩٣

وأما المعجلة للمريض فإن كانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات في مرضه ، وإن برأ لزمت إجماعا ، فهنا بحثان :

______________________________________________________

قوله : ( وأما المعجّلة للمريض ، فإن كانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن مات في مرضه ).

اختلف الأصحاب في تصرفات المريض المنجزة إذا كانت تبرعا ، فقال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) ، والصدوق (٢) ، وابن الجنيد : انها من الثلث كغير المنجزة (٣) ، واختاره المصنف. وقال المفيد في المقنعة (٤) ، والشيخ في النهاية (٥) ، وابن البراج (٦) ، وابن إدريس : انها من الأصل (٧).

والمختار الأول ، لصحيحة علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ما للرجل من ماله عند موته؟ قال : « الثلث ، والثلث كثير » (٨) وما الاستفهامية وجوابها للعموم.

ولصحيحة يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يموت ما له من ماله؟ فقال : « له ثلث ماله » (٩) ، والتقريب ما تقدم.

ولا يخفى أن المسؤول عنه في الروايتين ليس هو أصل الملك ، بدليل قول السائل : من ماله ، بل المسؤول عنه الطلق الذي ينفذ فيه تصرفه ولا حجر عليه فيه ،

__________________

(١) المبسوط ٤ : ٤٤.

(٢) المقنع : ٣٩.

(٣) نقله عنه العلاّمة في المختلف : ٥١٤.

(٤) المقنعة : ١٠١.

(٥) النهاية : ٦٢٠.

(٦) نقله عنه العلاّمة في المختلف : ٥١٤.

(٧) السرائر : ٣٩٢.

(٨) التهذيب : ٩ : ٢٤٣ حديث ٩٤٠.

(٩) الكافي ٧ : ١١ حديث ٣ ، التهذيب ٩ : ١٩١ حديث ٧٧٠.

٩٤

______________________________________________________

وذلك أقرب المجازات.

ولما رواه علي بن عقبة عن الصادق عليه‌السلام : في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا ليس له غيره ، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك ، كيف القضاء فيه؟ قال : « ما يعتق منه إلاّ ثلثه وسائر ذلك الورثة أحق بذلك ولهم ما بقي » (١). وإذا كان العتق مع كونه مبنيا على التغليب كذلك فغيره أولى.

احتج الآخرون بأن المرض لم يخرجه عن كونه مالكا فيستصحب ما كان في حال الصحة ، ولعموم قوله عليه‌السلام : « الناس مسلطون على أموالهم » (٢) ، خص منه المعلّق بالموت فيبقى الباقي على أصله.

وبما رواه عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : « الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز » (٣).

وبما رواه سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ما له لقرابته؟ فقال : « هو ماله يصنع به ما يشاء إلى أن يأتيه الموت ، فإن أوصى به فليس له إلاّ الثلث ، إلاّ أن الفضل في أن لا يضيع من يعوله ولا يضر بورثته » (٤).

والجواب عن العمومات ان الخاص مقدّم ، وعمار وسماعة ضعيفان فلا تعارض روايتهما الصحاح.

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١٩٤ حديث ٨٨١ ، الاستبصار ٤ : ١٢٠ حديث ٤٥٥.

(٢) عوالي اللئالي ٢ : ١٣٨ حديث ٣٨٣.

(٣) الكافي ٧ : ٧ حديث ٢ ، الفقيه ٤ : ١٥٠ حديث ٩٧ ، التهذيب ٩ : ١٨٦ حديث ٧٤٨ ، الاستبصار ٤ : ١٢١ حديث ٤٥٩.

(٤) الكافي ٧ : ٨ حديث ١٠ ، الفقيه ٤ : ١٤٩ حديث ٥١٨.

٩٥

الأول : في بيان مرض الموت : الأقرب عندي أن كل تصرف وقع في مرض اتفق الموت معه ، سواء كان مخوفا أو لا فإنه يخرج من الثلث إن كان تبرعا ، وإلاّ فمن الأصل.

وقيل : إن كان مخوفا فكذلك ، وإلاّ فمن الأصل كالصحيح.

______________________________________________________

قوله : ( في بيان مرض الموت : الأقرب عندي أنّ كل تصرف وقع في مرض اتفق الموت معه ، سواء كان مخوفا أو لا ، فإنه يخرج من الثلث إن كان تبرعا ، وإلاّ فمن الأصل ، وقيل : إن كان مخوفا فكذلك وإلاّ فمن الأصل كالصحيح ).

بعد أن علم ان تصرفات المريض من الثلث وإن كانت منجزة إذا كانت تبرعا ، فلا بد من بيان المرض الذي يثبت معه هذا الحكم.

وقد وقع الخلاف في تحقيقه ، فقال الشيخ في المبسوط : إن المرض المانع مما زاد عن الثلث هو المخوف ، وهو ما يتوقع منه الموت دون غيره ، تمسكا بالأصل والاستصحاب ، وبنحو عموم « الناس مسلطون على أموالهم » إلاّ ما أخرجه دليل ، ولم يقم على غير المخوف دليل.

ولأن الأخبار الواردة بكون تصرف المريض من الثلث لا تدل على أزيد من ذلك ، لأن في بعضها : ما للرجل عند موته. وليس المراد عند نزول الموت به قطعا ، فتعيّن حمله على ظهور أماراته ، لأنه أقرب من غيره من المجازات. والمراد ظهور ذلك بالمرض ، لإشعار قوله عليه‌السلام : « المريض محجور عليه بذلك » ، وللإجماع على عدم الحجر بغير المرض (١).

__________________

(١) المبسوط ٤ : ٤٤.

٩٦

______________________________________________________

وقال المحقق ابن سعيد : إن التصرف المذكور إذا وقع في مرض اتفق معه الموت فإنه من الثلث ، سواء كان ذلك المرض مخوفا أم لا (١). واختاره المصنف ، لتناول عموم قوله عليه‌السلام : « المريض محجور عليه إلاّ في ثلث ماله لغير المخوف مرضه » اما لأن المحلى باللام يعم ، أو لأن المتبادر من مثل ذلك كون الوصف سببا.

والأول أظهر ، إذ لا تنهض الأخبار حجة على الحجر بمطلق المرض ، وقوله عليه‌السلام : « المريض محجور عليه » لا يقوم له ، لأن المفرد لا يعم ، ولو سلّم منعنا صدق اسم المريض عرفا على من حم ساعة ، ومن به وجع الضرس والعين. وإنما يحمل المريض على من صدق عليه هذا الاسم عرفا ، لأن الحقيقة العرفية مقدمة.

واعلم أن قول المصنف : ( كل تصرف وقع في مرض اتفق الموت معه ) يعم ما حصل الموت بسببه وغيره ، حتى لو قتله قاتل ، أو أكله سبع ، ونحو ذلك يقع تبرعه من الثلث.

وقوله : ( وقيل : إن كان مخوفا فكذلك ) معناه فإنه من الثلث بدليل قوله بعد : ( وإلاّ فمن الأصل ) ، وهنا مباحث :

الأول : إذا أشكل حال المرض في انه مخوّف أو لا ، رجع الى أهل البصيرة ، وهم الأطباء فإنهم أهل المعرفة بذلك.

ويعتبر في القبول التعدد والعدالة ، لأن ذلك يقتضي إثبات حق الورثة وإسقاط حقوق أهل العطايا ، وإبطال تصرف المالك. ولو أخبر من ليس بهذه الأوصاف ، لكن حصل الظن القوي بصدق قوله ، لكونه من أهل التجربة المستمرة ، ففي الحكم اشكال ، ولا تشترط الحرية ، خلافا للشافعية.

قال المصنف في التذكرة : ولا يقبل قول رجل وامرأتين ، ولا شاهد ويمين ، لأنها شهادة على غير المال وإن كان المقصود المال. واحتمل فيما لو كان المتبرع امرأة‌

__________________

(١) الشرائع ٢ : ٢٦١.

٩٧

ولا بد من الإشارة إلى المرض المخوف فنقول : قد يحصل في الأمراض تفاوت وله طرفان وواسطة.

______________________________________________________

لا يطلع عليها الرجال قبول النساء وإن انفردت ، قال : وهل يعتبر في الشاهدين العلم بالطلب؟ الأقرب ذلك (١).

الثاني : قال في التذكرة أيضا : ولو كان المرض غير مخوّف واتصل به الموت ، فأن كان بحيث لا يحال عليه الموت بحال ، كوجع الضرس ونحوه ، فالتبرع نافذ والموت محمول على الفجأة. وإن كان غيره ، كاسهال يوم أو يومين ، تبيّنا باتصال الموت كونه مخوفا ، وكنا نظن أن القوة تحتمله فظهر خلافه ، وكذا حمّى يوم أو يومين (٢). وهذا التفصيل إنما هو بناء على أن الحجر مخصوص بالمرض المخوّف ، واختياره في التذكرة خلافه.

لكن يشكل كلامه في الشق الثاني ، فإن ثبوت الحجر بمجرد استناد الموت إلى المرض الذي كان غير مخوف ظاهرا ، واحتمال ذلك إبطال للتصرف الصادر من المالك بمجرد الاحتمال.

الثالث : قال فيها أيضا : ولو قال أهل المعرفة : إن هذا المرض لا يخاف منه الموت ، لكنه سبب ظاهر في أن يتولد منه المرض المخوّف ، فالأول مخوّف أيضا. ولو قال : أنه يفضي إلى المرض المخوف نادرا ، فالأول ليس بمخوف (٣). هذا كلامه ، وفي القسم الأول إشكال ، فإن ظهور علامة المرض المخوّف لا يصدق معها المرض المخوف.

قوله : ( ولا بد من الإشارة إلى المرض المخوف فنقول : قد يحصل في الأمراض تفاوت ، وله طرفان وواسطة.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٥٢٣.

(٢) التذكرة : ٢ : ٥٢٤.

(٣) التذكرة : ٢ : ٥٢٤.

٩٨

أما الطرف الذي يقارن الموت فهو أن يكون قد حصل معه يقين التلف ، كقطع الحلقوم والمري‌ء ، وشق الجوف وإخراج الحشوة ، وفي اعتبار نطقه إشكال ينشأ : من عدم استقرار حياته ، فلا يجب بقتله حينئذ دية كاملة ولا قصاص في النفس بل حكمه حكم الميت.

______________________________________________________

أما الطرف الذي يقارن الموت فهو أن يكون قد حصل معه يقين التلف ، كقطع الحلقوم والمري‌ء وشق الجوف وإخراج الحشوة ).

كان الأحسن أن يقول : الأمراض متفاوتة ، وللتفاوت طرفان وواسطة. وكان الأفصح أن يقول : أما أحد الطرفين فهو الذي يقارن الموت ، وذلك بان يكون. ، لأنه لم يجر لمقارنة الموت ذكر. وقوله : ( الذي يقارن الموت ) يشعر بسبق ذكره.

وفي قوله : ( فهو أن يكون قد حصل معه يقين التلف ) فيه توسع ، لأن الطرف الواحد هو نفس المرض المذكور ، لا كونه قد حصل معه يقين التلف. ومثله قوله : ( كقطع الحلقوم ) فان حق العبارة كحال من قطع حلقومه ومرية الى آخره.

قوله : ( ففي اعتبار نطقه إشكال ينشأ : من عدم استقرار حياته ، فلا يجب بقتله دية كاملة ولا قصاص في النفس ، بل حكمه حكم الميت ).

المراد : فإذا بلغ حال الشخص إلى شي‌ء من هذه المذكورات ، ففي اعتبار نطقه ـ بمعنى انه هل يكون معتبرا في نظر الشارع ، بحيث يترتب عليه مقتضاه ، فيعد بيعه وإقراره بيعا وإقرارا ، وكذا غيرهما ـ إشكال ينشأ : من أنه بسبب عدم استقرار حياته قد صار ملحقا بالأموات ، ولهذا لا يصح إسلام الكافر ولا توبة الفاسق بنص القرآن العزيز ، ولو قتله قاتل لم يقتص منه ولم تلزمه دية حي.

ومن أن الفرض بقاء عقله ورشده ، وعمومات الكتاب والسنة الدالة على اعتبار نطق البالغ العاقل الرشيد تتناوله ولا مخصص ، ولا يلزم من إلحاقه بالأموات في‌

٩٩

الطرف الثاني : مقابله ، وهو ما له حكم الصحة كوجع العين والضرس ، وحمى يوم ، والفالج والسل المستمر لتطاول زمانهما فهذا ليس بمخوف.

______________________________________________________

بعض الأحوال إلحاقه بهم في جميعها ، وهذا أقوى ، وهو الذي رجحه في التذكرة (١)

قوله : ( وحمّى يوم ، والفالج ، والسل المستمر ، لتطاول زمانهما ).

الحمى إذا أطبقت ولازمت يوما ويومين فليست بمخوفة ، على ما ذكره المصنف في أول كلامه في التذكرة ، وقال : إن الشيخ مال إليه (٢) ، فإن دامت صارت مخوفة ، لما فيها من أضعاف القوة ، وكان تصرفه في اليومين الأولين ماضيا.

والفالج استرخاء لأحد شقي البدن ، لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح ، قاله في القاموس (٣).

والسل داء يصيب الرية ويأخذ البدن منه في النقصان والاصفرار ، قاله في التذكرة ، وفيه قولان :

أحدهما : انه لا يكون مخوّفا لا في أوله ولا في آخره ، لأن السل وإن لم يسلم منه صاحبه غالبا ، فإنه لا يخشى منه الموت عاجلا ، فيكون بمنزلة الشيخوخة والهرم.

والثاني : انه في انتهائه مخوّف وفي ابتدائه غير مخوف ، لأن مدته تتطاول ، فابتداؤه لا يخاف منه الموت عاجلا فإذا انتهى خيف ، وقال آخرون ابتداؤه مخوف ، فإذا استمر لم يكن مخوفا (٤)

هذا كلامه ، والقول الأخير هو مختاره في هذا الكتاب ، ولا وجه لهذا الخلاف بين‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٥٢٢.

(٢) التذكرة ٢ : ٥٢٢.

(٣) القاموس المحيط ١ : ٢١١ ( فلج ).

(٤) التذكرة ٢ : ٥٢٣.

١٠٠