جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٤

المشتري الفسخ فله ذلك ، لتبعض الصفقة. وإن اختار الإمضاء قال علماؤنا : يصح ما قابل الثمن من الأصل ، والمحاباة من الثلث. والحق عندي مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبيع كما في الربوي ، ولأن فسخ البيع في البعض يقتضي فسخه في قدره من الثمن.

______________________________________________________

فلا خيار له ولزم البيع ، وإلاّ تخير بين الفسخ والإمضاء ، لتبعض الصفقة.

فإن فسخ فلا بحث ، وإن اختار الإمضاء لزم البيع ، ومع اللزوم في الموضعين فلا بد من بيان قدر ما لزم فيه البيع وقدر المنفسخ فيه ، إذ لا سبيل إلى الصحة في الجميع. للزوم التصرف فيما زاد على الثلث ، ولا إلى الانفساخ في الجميع ، لأنه عقد صدر من أهله في محله ، لأنه المفروض. وللأصحاب فيه قولان :

أحدهما ـ وهو مختار الأكثر ـ انه يصح فيما قابل الثمن من صلب المال كائنا ما كان ، وفي قدر الثلث من المحاباة ، وينفسخ في الزائد ، وبهذا القول قال المصنف في التخليص والتحرير (١) ، كما هو ظاهر كلامه.

والثاني ـ واختاره المصنف في أكثر كتبه ـ ان الحكم هنا كما في الربوي ، فيصح البيع في بعض المبيع ، ومقابله من الثمن على وجه يتضمن من المحاباة ما لا يزيد على الثلث ، وهو الذي أراده المصنف بقوله : ( والحق عندي مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبيع ) ، فإنه على القول الأول ليس الأمر كذلك ، حيث أن ما ساوى الثمن من المبيع مقابل له والزائد هبة.

أو أن المراد : أن المختار مقابلة أجزاء الثمن بأجزاء المبيع في اللزوم والانفساخ ، فإذا انفسخ البيع في بعض المبيع انفسخ في مقابله من الثمن.

والأصح الثاني ، لنا أن البيع يقتضي مقابلة جميع أجزاء المبيع بجميع أجزاء الثمن ، لأن ذلك معنى المعاوضة ، فإذا بطل البيع في شي‌ء من المبيع وجب أن يبطل في مقابله من الثمن ، وإلاّ لبقي ذلك البعض بغير مقابل ، فانتفى فيه معنى المعاوضة.

__________________

(١) التحرير ١ : ٣٠٥.

١٤١

______________________________________________________

ولأنه كما لا يصح فسخ المبيع في جميع المبيع مع بقاء بعض الثمن ، كذا لا يصح فسخه في البعض مع بقاء جميع الثمن ، لأن المانع في الموضعين هو بقاء أحد المتقابلين في المعاوضة بدون المقابل الآخر.

ومن ثمّ لو اشترى سلعتين فبطل البيع في إحداهما إما لعيب أو غيره ، فإن المشتري يأخذ السلعة الآخرى بقسطها من الثمن. وكذا لو اشترى شقصا وشيئا فأخذ الشفيع الشقص ، فإن المشتري يأخذ الباقي بقسطه من الثمن.

ولو كثر الشفعاء وقلنا بثبوت الشفعة مع الكسرة ، أخذ كل واحد جزءا من المبيع بقسطه من الثمن.

قيل عليه : إنّ هذا الحكم في البيع ، والمتنازع فيه قد اشتمل على بيع وهبة ، ومن ثمّ أطلق عليه البيع مع المحاباة والهبة مع عدم العوض والتبرعات ، فلا محذور لو بقي الموهوب بغير عوض يقابله.

والجواب : إنّ العقد المذكور لم يشتمل على بيع وهبة بالاستقلال ، وإنما هو بيع يلزمه ما هو كالهبة ، وليس للهبة فيه ذكر ، إذ ليس هناك إلاّ الإيجاب والقبول اللذان هما عقد البيع. ولا يلزم من لزوم ما هو كالهبة أن يتخلّف عن البيع مقتضاه ، وهو مقابلة الجميع بالجميع.

احتجوا بأن المشتري ملك الجميع بالثمن ، لكن لما اقتضى ذلك التصرف في الزائد عن الثلث رد إلى الورثة من المبيع ما به تندفع الزيادة.

وليس ذلك كالربوي ، فان المانع فيه لزوم الربا ، وبأن الأصل لزوم العقد من الجانبين إلاّ قدر الضرورة ، وبأن هذا العقد في قوة بيع وهبة ، ولعموم قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) خرج منه ما لزم منه التصرف في الزائد من الثلث ، فيبقى الباقي على أصله.

__________________

(١) المائدة : ١.

١٤٢

وكما لا يصح فسخ البيع في الجميع مع بقاء بعض الثمن ، كذا لا يصح في البعض مع بقاء جميع الثمن. فلو باع عبدا لا يملك سواه وقيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى بثلثي ماله ، فعلى الأول يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن ،

______________________________________________________

والجواب : إن البطلان في القدر الزائد عن الثلث يلزمه بمقتضى المعاوضة البطلان في مقابله من الثمن كما حققناه ، ومعه لا يبقى الأصل متمسكا في اللزوم بالنسبة إلى مجموع الثمن.

وقد بيّنا أن هذا بيع حقيقة يلزمه ما هو كالهبة ، لأنه بيع وهبة. والآية تقتضي الوفاء بالعقد الذي هو معاوضة ، ومن مقتضى المعاوضة مقابلة أجزاء كل من العوضين بأجزاء العوض الآخر فيمتنع البطلان في بعض أحدهما وبقاء مقابله.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن في بعض النسخ : ولأن فسخ البيع. بالواو معطوفا على ما قبله ، على أن قوله : ( كما في الربوي ) دليل على مختاره.

ولا امتناع في الاستدلال بالدليل الضعيف ـ أعني القياس ـ مع الدليل القوي ، كما يؤتى بالخبر الضعيف مقويا للصحيح.

والمعنى أن الحكم المذكور ثابت في المدعى كما ثبت نظيره في الربوي بجامع المعاوضة في كل منهما ، والفرق بلزوم الربا في الربوي خاصة غير مؤثر. فعلى هذا فيكون قوله : ( ولأن فسخ البيع في البعض ... ) دليلا مستقلا ، ويكون قوله : ( كما لا يصح ... ) دليلا ثالثا.

والأحسن أن يجعل استثنائيا فيقال : متى كان كذا كان كذا ، وحقيقة المقدّم بالإجماع وبيان الملازمة اختلال معنى المعاوضة في كل منهما.

قوله : ( فلو باع عبدا لا يملك سواه وقيمته ثلاثون بعشرة ، فقد حابى بثلثي ماله ، فعلى الأول يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن ، لأنه استحق الثلث‌

١٤٣

لأنه استحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن. وعلى ما اخترناه يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن ، وينفسخ البيع في الباقي ، لأن فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر جميعه ، كما لو اشتري قفيزا يساوي تسعة بقفيز يساوي ثلاثة.

ولو باعه بخمسة عشر جاز في ثلثيه بثلثي الثمن ، وعلى الأول في‌

______________________________________________________

بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن ، وعلى ما اخترناه نأخذ نصف المبيع بنصف الثمن ، ويفسخ البيع في الباقي ، لأن فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر جميعه ، كما لو اشترى قفيزا يساوي تسعة بقفيز يساوي ثلاثة ).

هذا من فروع المسألة السابقة ، وتحقيقه أنه إذا باع عبدا هو مجموع تركته قيمته ثلاثون بعشرة ، فالمحاباة بثلثي ماله.

فعلى الأول ـ وهو قول أكثر العلماء ـ يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن ، ثلثا بالثمن وثلثا بالمحاباة ، لما علم من أن هذا العقد مشتمل على بيع وهبة ، فيعطى كل منهما مقتضاه.

وعلى المختار ـ وهو القول الثاني ـ يأخذ نصف العبد بنصف الثمن ويفسخ البيع في الباقي ، وحينئذ فتكون المحاباة بالثلث خاصة ، لأن نصف الثمن يساوي سدس المبيع.

ووجهه أن فيه الجمع بين حق الورثة في العبد وبين مقتضى البيع ، وهو مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن ، حيث تعذر مقابلة المجموع بالمجموع ، وذلك كما لو اشترى قفيزا ربويا يساوي تسعة بقفيز مثله يساوي ثلثه ، فإن البيع هنا إنما يصح في نصف المبيع بنصف الثمن إجماعا لمحذور لزوم الربا.

قوله : ( ولو باعه بخمسة عشر جاز في ثلثيه بثلثي الثمن ، وعلى الأول‌

١٤٤

خمسة أسداسه بالجميع.

وطريق هذا أن ينسب الثمن وثلث التركة إلى قيمته ، فيصح البيع في مقدار تلك النسبة وهي خمسة أسداسه.

وعلى ما اخترناه يسقط الثمن من قيمة المبيع ، وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة ، وهو ثلثاه بثلثي الثمن. أو ينسب الثلث إلى المحاباة ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة.

______________________________________________________

في خمسة أسداسه بالجميع ، وطريق هذا أن تنسب الثمن وثلث التركة إلى قيمته ، فيصح البيع في مقدار تلك النسبة وهو خمسة أسداسه. وعلى ما اخترناه يسقط الثمن من قيمة المبيع ، وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة ، وهو ثلثاه بثلثي الثمن. أو ينسب الثلث إلى المحاباة ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة ).

أي : لو باع العبد المذكور بخمسة عشر فقد حابى بنصف تركته : فعلى المختار ـ وهو الثاني ـ يصح البيع في ثلثي المبيع بثلثي الثمن ، فتكون المحاباة حينئذ بالثلث خاصة ، لأن ثلثي الثمن يساويان ثلث المبيع.

وعلى الأول ـ وهو قول الأكثر ـ يصح في خمسة أسداس المبيع بجميع الثمن ، لأن الثمن في مقابل نصف المبيع والثلث محاباة.

وطريق معرفة هذا على القول الأكثر أن ينسب الثمن وثلث التركة إلى قيمة المبيع ، فيصح البيع في مقدار تلك النسبة.

ففي الفرض الأخير : إذا نسبت خمسة عشر هي الثمن ، وعشرة هي ثلث التركة ، إلى ثلاثين هي قيمة العبد ، كان المجموع خمسة أسداسها ، فيصح البيع في خمسة أسداسه بكل الثمن.

وفي الفرض الأول : إذا نسبت الثمن وهو عشرة ، وثلث التركة وهو عشرة‌

١٤٥

فإن خلّف عشرة أخرى : فعلى قولنا يصح البيع في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن ، وعلى ما اختاره علماؤنا يأخذ المشتري نصفه وأربعة أتساعه بجميع الثمن ، ويرد نصف تسعه.

______________________________________________________

أيضا ، إلى القيمة ، كان المجموع ثلثيها ، فيصح في ثلثيه بكل الثمن.

وعلى المختار ـ وهو الثاني ـ يسقط الثمن من قيمة المبيع وينسب الثلث إلى الباقي ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة.

ففي الفرض الأخير : يسقط خمسة عشر من ثلاثين وينسب الثلث وهو عشرة ، إلى الباقي من المبيع وهو خمسة عشر ، يكون ثلثيه فيصح البيع في ثلثيه بثلثي الثمن.

وفي الفرض الأول : يسقط عشرة من ثلاثين ، وينسب الثلث وهو عشرة إلى الباقي وهو خمسة يكون نصفه ، فيصح البيع في نصف المبيع بنصف الثمن.

ولك طريق آخر على القول المختار ، وهو أن ينسب الثلث إلى المحاباة ، فيصح البيع في قدر تلك النسبة من المبيع والثمن.

ففي الفرض الأول : إذا نسبت عشرة هي الثلث ، إلى المحاباة وهي عشرون ، كانت نصفها ، فيصح البيع في النصف بالنصف.

وفي الفرض الأخير : إذا نسبت الثلث وهو عشرة ، إلى المحاباة وهي خمسة عشر ، كانت ثلثيها ، فيصح في الثلثين بالثلثين.

قوله : ( فإن خلّف عشرة أخرى ، فعلى قولنا يصح البيع في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن ، وعلى ما اختاره علماؤنا يأخذ المشتري نصفه وأربعة أتساعه بجميع الثمن ويرد نصف تسعه ).

أي : فإن خلّف عشرة أخرى مع العبد المذكور وباعه بخمسة عشر ، وهو يساوي ثلاثين ، فقد حابى بثلث تركته وثمن ثلثها.

فعلى القول المختار ـ وهو الثاني ـ يسقط خمسة عشر من ثلاثين وينسب الثلث ـ وهو ثلاثة عشر وثلث ـ إلى الباقي من القيمة ـ وهو خمسة عشر ـ يكون ثمانية‌

١٤٦

أو ننسب الثمن إلى المثمن ونستخرج قدر المحاباة ، فللورثة ضعفها من العبد والثمن ، فنقول : في الأولى : صح البيع في شي‌ء من العبد بثلث شي‌ء من الثمن ، فالمحاباة بثلثي شي‌ء ، فللورثة شي‌ء وثلث ، والشي‌ء من العبد فيبطل من الثمن ثلث شي‌ء ، فالثمن في تقدير ثلثي شي‌ء ، والعبد في تقدير شيئين ، فالشي‌ء خمسة عشر. فللمشتري خمسة عشر هي نصفه ورجع إليه من الثمن‌ خمسة ، وكذا للورثة.

______________________________________________________

أتساعها أو تنسب الثلث ـ وهو ثلاثة عشر وثلث ـ إلى المحاباة ـ وهي ثلث التركة وثمن ثلثها ، أعني خمسة عشر ـ يكون ثمانية أتساع ذلك ، فيصح البيع في ثمانية أتساع العبد ـ وهي ستة وعشرون وثلثان ـ بثمانية أتساع الثمن ـ وهي ثلاثة عشر وثلث ـ ويبقى من العبد تسعه ـ وهو ثلاثة وثلث ـ ، إذا ضممت إلى العشرة وضم المجموع إلى الثمن كان بقدر المحاباة مرتين.

وعلى قول الأكثر ينسب الثمن وثلث التركة إلى قيمة العبد ، يكون المجموع نصفها وأربعة أتساعها ، فيصح البيع في نصف العبد وأربعة أتساعه بجميع الثمن.

ويبطل في نصف تسعه ، فيكون نصفه في مقابلة الثمن ، وأربعة أتساعه بالمحاباة ، وذلك ثلث التركة ، ويبقى في يد الوارث خمسة عشر ـ هي الثمن ـ ونصف تسعه واحد وثلثان مع عشرة ، وذلك ضعف المحاباة.

قوله : ( أو ينسب الثمن إلى المثمن ويستخرج قدر المحاباة ، فللورثة ضعفها من العبد والثمن ، فنقول في الأولى : صح البيع في شي‌ء من العبد بثلث شي‌ء من الثمن ، فالمحاباة بثلثي شي‌ء ، فللورثة شي‌ء وثلث شي‌ء ، والشي‌ء من العبد ، فيبطل من الثمن ثلث شي‌ء ، فالثمن في تقدير ثلثي شي‌ء ، والعبد في تقدير شيئين ، فالشي‌ء خمسة عشر ، فللمشتري خمسة عشر ـ هي نصفه ـ ، ورجع إليه من الثمن‌ خمسة ، وكذا للورثة. )

١٤٧

وفي الثانية : يصح البيع في شي‌ء بنصف شي‌ء من الثمن ، فالمحاباة بنصف شي‌ء ، فللورثة شي‌ء وقد حصل لهم من الثمن نصف شي‌ء ، يبقى لهم‌

______________________________________________________

هذا طريق آخر لبيان ما صح فيه البيع من العبد والثمن ، وما يبطل فيه منهما على القول المختار ، وهو طريق الجبر والمقابلة.

أما على القول الأول فلا حاجة إليه ، إذ لا دور فيه ، وإنما يلزم الدور على القول المختار ، لأن معرفة ما صح فيه البيع إنما يكون إذا عرف أن مقدار ما يحصل للورثة من الثمن ، وما يرجع إليهم من المبيع بقدر المحاباة مرتين.

ومعرفة ذلك إنما يكون إذا عرف مقدرا ما صح فيه البيع ، فإنه بزيادته يقل الواصل إليهم ، وبنقصانه يكثر.

وطريق التخلص ما ذكره ، بأن ينسب الثمن إلى المثمن ويستخرج قدر المحاباة ، بحيث يكون للورثة ضعفها من العبد والثمن.

فنقول في المسألة الاولى ـ وهي ما إذا باع العبد بعشرة ـ : صح البيع في شي‌ء من العبد بشي‌ء من الثمن هو قدر ثلث شي‌ء ، لأن الثمن بقدر ثلث قيمة العبد ، فالمحاباة بثلثي شي‌ء ـ وهو ما زاد على قدر الثمن مما صح فيه البيع من العبد ـ فيجب أن يكون للورثة قدر المحاباة مرتين ، وذلك شي‌ء وثلث شي‌ء.

والشي‌ء من ذلك يجب أن يكون من العبد ، لأن ثلث شي‌ء قد حصل لهم مما صح فيه البيع من الثمن ، فيبطل البيع من العبد في شي‌ء أيضا.

وفي قدر ثلثه من الثمن ، فيكون العبد في تقدير شيئين والثمن في تقدير ثلثي شي‌ء ، فظهر أن الشي‌ء خمسة عشر ، وذلك قدر نصف العبد ، فللمشتري نصفه ، ورجع إليه نصف الثمن ، وللورثة النصف الآخر ونصف الثمن الآخر ، وذلك ضعف المحاباة.

قوله : ( وفي الثانية يصح البيع في شي‌ء بنصف شي‌ء من الثمن ، فالمحاباة بنصف شي‌ء ، فللورثة شي‌ء ، وقد حصل لهم من الثمن نصف شي‌ء ،

١٤٨

نصف شي‌ء من العبد ، فيبطل البيع في مقابله وهو ربع شي‌ء من الثمن ، فالعبد في تقدير شي‌ء ونصف ، والثمن في تقدير نصف شي‌ء وربع ، فالشي‌ء عشرون.

وفي الثالثة : صح البيع في شي‌ء من العبد بنصف شي‌ء من الثمن ، فللورثة مقابل المحاباة شي‌ء من التركة والثمن ، وقد حصل لهم نصف شي‌ء من الثمن ، فالعبد والعشرة الزائدة في تقدير شي‌ء ونصف ، فالشي‌ء ستة‌ وعشرون وثلثان.

______________________________________________________

يبقى لهم نصف شي‌ء من العبد ، فيبطل البيع في مقابله ـ وهو ربع شي‌ء من الثمن ـ ، فالعبد في تقدير شي‌ء ونصف ، والثمن في تقدير نصف شي‌ء وربع ، فالشي‌ء عشرون ).

المراد بـ ( الثانية ) هي ما إذا بيع العبد المذكور بخمسة عشر.

وبيانها ان نقول : صح البيع في شي‌ء من العبد بشي‌ء من الثمن ـ هو نصف ما صح من العبد ـ فهو نصف شي‌ء ، فالمحاباة بنصف شي‌ء ـ وهو ما زاد على قدر الثمن مما صح فيه البيع من العبد ـ ، فيجب أن يكون للورثة شي‌ء ، وهو ضعفها.

وقد حصل لهم من الثمن نصف شي‌ء ، فيبقى لهم نصف شي‌ء يجب أن يرجع إليهم من العبد ، فيبطل فيه البيع ، ويبطل في مقابله من الثمن ـ وهو ربع شي‌ء ـ فيكون العبد في تقدير شي‌ء ونصف شي‌ء ، فالشي‌ء ثلثاه ، ويكون الثمن في تقدير ثلاثة أرباع شي‌ء ، فالشي‌ء اذن عشرون.

قوله : ( وفي الثالثة صح البيع في شي‌ء من العبد بنصف شي‌ء من الثمن ، فللورثة مقابل المحاباة شي‌ء من التركة والثمن ، وقد حصل لهم نصف شي‌ء من الثمن ، فالعبد والعشرة الزائدة في تقدير شي‌ء ونصف ، فالشي‌ء ستة‌ وعشرون وثلثان ).

١٤٩

______________________________________________________

المراد بـ ( الثالثة ) هي ما إذا باع العبد بخمسة عشر وخلّف معه عشرة أخرى.

وبيانها : أن نقول : صح البيع في شي‌ء من العبد بشي‌ء من الثمن هو نصف ما صح من العبد ، فهو نصف شي‌ء ، فالمحاباة بنصف شي‌ء ـ وهو الزائد على قدر ما صح فيه البيع من الثمن مما صح فيه من العبد ـ ، فيجب أن يكون للورثة ضعفها ، وهو شي‌ء.

وقد حصل لهم بالثمن نصف شي‌ء ، فيجب أن يحصل لهم ذلك من العبد والعشرة ، فيكون العبد والعشرة في تقدير شي‌ء ونصف ، فقسط ذلك يكون ثلاثة.

ثم تقسط أربعين عليها ، يكون الواحد ثلاثة عشر وثلثا ، فالشي‌ء ستة وعشرون وثلثان ، وذلك ثمانية أتساع العبد ، ويبقى للورثة منه ومن العشرة نصف شي‌ء ـ وهو ثلاثة عشر وثلث ـ ، وحصل لهم من الثمن مثل ذلك ، وهو ضعف المحاباة.

* * *

١٥٠

المطلب الثالث : في المسائل الدورية في هذا الباب ، وهي أنواع :

الأول العتق وفيه مسائل :

الأولى : إذا خرجت العطية المنجزة من الثلث حال الموت تبينّا صحتها حال العطية ، وإلاّ فما يحتمله الثلث. فإن نمى المعطى أو كسب شيئا قسّم بين الورثة وبين صاحبه على قدر ما لهما فيه ، فربما أفضى إلى الدور.

______________________________________________________

قوله : ( المطلب الثالث : في المسائل الدورية في هذا الباب : وهي أنواع :

الأول : العتق : إذا خرجت العطية المنجزة من الثلث حال الموت تبيّنا صحتها حال العطية ، وإلاّ فما يحتمله الثلث ، فإن نمى المعطى أو كسب شيئا قسّم بين الورثة وبين صاحبه على قدر ما لهما فيه ، فربما أفضى إلى الدور ).

المراد بـ ( الباب ) المشار إليه في قوله : ( في هذا الباب ) باب التبرعات ، ولما سبق البحث عن المحاباة بالبيع اكتفى بذكره.

ثم وابتدأ بالعتق اهتماما بشأنه ، وذكر ضابطا ينتفع به في جميع التبرعات ، فلذلك عنونه بالبحث عن العطية ليعم حكم العتق ، وإن كان تناول حكم العطية لحكم العتق يحتاج إلى فضل عناية.

وتحقيقه : إن العطية المنجزة إنما يحكم بصحتها ونفوذها أو بعدم الصحة إذا خرجت من الثلث حال الموت أو لم تخرج ، وذلك لأن الثلث إنما يعتبر حينئذ ، لأنه وقت انتقال التركة إلى الوارث.

وقد حققنا فيما مضى أنه لو تجدد بعد الموت مال محكم بكونه ملكا للميت ، كعوض الجناية الموجبة للقصاص لو صالح عليها الوارث كان محسوبا من التركة ، فيزيد به الثلث. ولو تلف شي‌ء من أعيان التركة بعد الموت وقبل قبض الوارث لم يكن‌

١٥١

فلو أعتق عبده ولا شي‌ء سواه فكسب مثل قيمته ، ثم مات السيد ، فللعبد من كسبه بقدر ما عتق ، وباقيه للسيد ، فيزداد به مال السيد ، وتزداد الحرية فيزداد حقه من كسبه ، فينقض به حق السيد من الكسب فتنقص به الحرية.

______________________________________________________

محسوبا من التركة ، فتنتقص به وينقص به الثلث لا محالة.

فإذا لوحظ ذلك وخرجت العطية والتبرع من الثلث في الحال المذكور تبيّنا صحتها من حين وقوعها ، وصحة جميع ما يترتب عليها.

وإن لم تخرج تبينا صحة ما يحتمله الثلث منها ، وصحة ما يترتب عليها بالنسبة ، فإن نمى المعطى ـ وهو المتبرع به كما في الشجرة والدابة ـ ، أو كسب شيئا ـ لو كان عبدا كاسبا ـ قسّم بين الورثة وبين صاحبه إن كان له صاحب ، وإن كان معتقا فذلك القسم له على قدر ما نفذ فيه من التصرف ، وما بقي منه على الرق لهم.

ولا يخفى أن قوله : ( فربما أفضى إلى الدور ) تفريع على قوله : ( فإن نمى ... ) ، ولا يحسن الإتيان بقوله : ( فربما ) ، لأن الدور لازم في هذه الحالة ، لأن الكسب والنماء فيهما حق للسيد ، وبزيادته تزيد التركة ، فيزيد العتق وما في معناه ، فتقل التركة بزيادة حق العتيق والمتبرع عليه في النماء والكسب.

ومعرفة حق كل من الوارث والمعطي إنما يكون مع معرفة حق الأخر ، لأن حق الوارث إنما يعرف إذا عرف مقدار ما نفذ فيه التبرع ، وهو موقوف على معرفة قدر التركة ، ولا يعرف إلاّ إذا عرف مقدار حق المتبرع عليه ، ولا يعرف إلاّ إذا عرف حق الوارث ، فالدور لازم لا محالة.

اللهم إلاّ إذا أريد التفريع على أصل الباب ، بحيث يعم نماء ما خرج من الثلث ، ويكون الدور لازما فيما لا يخرج خاصة ، إلاّ أن ذلك مستبعد.

قوله : ( فلو أعتق عبده ولا شي‌ء سواه ، فكسب مثل قيمته ثم مات السيد ، فللعبد من كسبه بقدر ما عتق ، وباقيه للسيد فيزداد به مال السيد ، وتزداد الحرية فيزداد حقه من كسبه ، فينقض به حق السيد من الكسب‌

١٥٢

وطريقة استخراج قدر الحرية أن نقول : عتق منه شي‌ء وله من كسبه شي‌ء ، وللورثة من العبد وكسبه شيئان ، لأن لهم ضعف ما عتق وقد عتق منه شي‌ء.

ولا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب ، لأنه استحقه لا من سيده بل من الحرية ، فالعبد وكسبه نصفان بين الورثة والعبد ، فيتحرر نصف العبد وله نصف الكسب.

______________________________________________________

فتنقص الحرية.

وطريق استخراج قدر الحرية أن نقول : عتق منه شي‌ء وله من كسبه شي‌ء ، وللورثة من العبد وكسبه شيئان ، لأن لهم ضعف ما عتق وقد عتق منه شي‌ء ، ولا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب ، لأنه استحقه لا من سيده بل من الحرية ، فالعبد وكسبه نصفان بين الورثة والعبد ، فيتحرر نصف العبد وله نصف الكسب ).

هذه من فروع القاعدة السابقة ، وقد بيّن فيه وجه لزوم الدور وطريق التخلص ، واستغنى عن التعرض إلى ذلك في باقي نظائره.

وتحقيقه : إنه في الفرض المذكور يلزم الدور ، حيث أن حق السيد من الكسب لا يعرف إلاّ إذا عرف مقدار الرق ، لأن ما بإزائه من الكسب حق للسيد ، ولا يعرف ذلك إلاّ إذا عرف مقدار ما تحرر منه ، ليعلم مقدار نصيب الحرية من الكسب فيسقط ويكون الباقي للسيد ، ولا يعرف ذلك إلاّ إذا عرف مقدار نصيب الرق ، لأنه محسوب من جملة التركة التي يجب أن تكون مثل ما نفذ فيه العتق ، وذلك تابع لمعرفة قدر الرق.

وطريق التخلص الجبر والمقابلة ، فنقول : عتق من العبد شي‌ء ، وله من كسبه بقدره ، لأن مجموع الكسب بقدر مجموع القيمة ، فمتى عتق منه شي‌ء تبعه من الكسب بقدره.

١٥٣

ولو كسب ضعف قيمته فله من كسبه شيئان ، فصار له ثلاثة أشياء ، وللورثة شيئان ، فينقسم العبد وكسبه خمسة للورثة خمساه وخمسا كسبه.

______________________________________________________

ويجب أن يكون للورثة شيئان في مقابل التبرع ، وهو ما نفذ فيه العتق دون ما استحقه من الكسب ، لأنه لم يصل إليه من السيد بل من الكسب بالجزء الحر ، فلا يجب أن يكون للورثة شي‌ء في مقابله.

وهذا هو المراد من قوله : ( ولا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب ... ) ، فحينئذ يكون للعبد من نفسه وكسبه شيئان ، وللورثة شيئان في مقابل ما عتق من العبد من باقي العبد وباقي كسبه ، لأن ذلك شرط نفوذ التبرع ، فيكون العبد وكسبه في تقدير أربعة أشياء ، فالشي‌ء نصف أحدهما.

قوله : ( ولو كسب ضعف قيمته فله من كسبه شيئان ، فصار له ثلاثة أشياء وللورثة شيئان ، يقسّم العبد وكسبه خمسة ، للورثة خمساه وخمسا كسبه ).

أي : لو كسب المعتق بقدر قيمته مرتين ، فطريق معرفة ما لكل من الورثة والعبد أن نقول : عتق من العبد شي‌ء وله من كسبه شيئان ، لأن الكسب ضعفه ومجموع ذلك ثلاثة أشياء.

وللورثة بقدر ما وقع التبرع به مرتين ، وذلك شيئان في مقابل ما عتق منه دون نصيبه من الكسب ، لما عرفت من أنه ليس من تبرعات السيد ، فيكون محسوبا ، فيكون العبد وكسبه في مقابل خمسة أشياء ، فنضرب ثلاثة ـ وهي العبد ومثلاه ـ في خمسة ، ثم نقسمها على خمسة ، فيكون الخارج ثلاثة أخماس.

وإن شئت نسبت ثلاثة إلى خمسة ، فالخارج ثلاثة أخماس أيضا ، فالشي‌ء ثلاثة أخماس العبد ، فيعتق منه ثلاثة أخماسه ، وله من كسبه ثلاثة أخماسه ، ويبقى خمساه وخمسا كسبه للورثة.

١٥٤

ولو كسب ثلاثة أمثال قيمته ، فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه ، وللورثة شيئان ، فيعتق ثلثاه وله ثلثا كسبه ، ولهم الثلث منهما.

فإن أقرض مولاه مثل قيمته فأتلفه ، ثم مات عن ضعفه ، فإن أبرأه العبد عتق وسلم له باقي كسبه ، وإلا عتق منه خمسة أسداسه وله من كسبه وقرضه بالنسبة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو كسب ثلاثة أمثال قيمته ، فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه ، وللورثة شيئان ، فينعتق ثلثاه وله ثلثا كسبه ، ولهم الثلث منهما ).

ولو كان كسب العبد في الفرض المذكور ثلاثة أمثال قيمته عتق منه شي‌ء وله من كسبه ثلاثة أشياء ، وللورثة في مقابل المنعتق منه شيئان ، فيكون العبد وكسبه في مقابل ستة أشياء ، فنضرب أربعة من العبد وثلاثة أمثاله في ستة هي عدد الأشياء.

ثم نقسم الخارج على عدد الأشياء ، يخرج أربعة أسداس هي ثلثان أو ننسبها إليها ، فالخارج ذلك بعينه ، فالشي‌ء ثلثا العبد ، فيعتق ثلثاه وله ثلثا كسبه ، وللورثة ثلثه وثلث كسبه.

قوله : ( فإن أقرض مولاه مثل قيمته فأتلفه ، ثم مات عن ضعفه ، فإن أبرأه العبد عتق وسلّم له باقي كسبه ، وإلاّ عتق منه خمسة أسداسه ، وله من كسبه وقرضه بالنسبة ).

أي : فإن أقرض العبد مولاه في الفرض الأخير ـ وهو ما إذا اكتسب ثلاثة أمثال قيمته ـ مثل قيمته من هذه الثلاثة الأمثال فأتلفه السيد ـ واحترز به عما لو كانت عينه باقية ، فإن التركة تزيد به فيزداد المنعتق ـ ، ثم مات السيد عن تركة غير العبد هي قدر قيمته مرتين.

فإن أبرأ العبد السيد من قرضه فلا بحث في انعتاقه ، لخروجه حينئذ من ثلث التركة فيسلّم له الموجود من كسبه.

١٥٥

ولو كسب نصف قيمته عتق منه شي‌ء ، وله نصف شي‌ء ، ولهم شيئان ، فالجميع ثلاثة أشياء ونصف تبسط انصافا ، فله ثلاثة أسباعها ، فيعتق منه ثلاثة أسباعه ، وله ثلاثة أسباع كسبه والباقي لهم.

______________________________________________________

وإن لم يبرئ السيد فالدور لازم بمثل ما سبق ، حيث أنه لا يخرج من الثلث بعد أداء حقه من الدين ، وبزيادة ما عتق منه يزيد حقه من الكسب والدين ، فيقل نصيب السيد ، فيقل المعتق منه ، فيقل نصيبه ، فيزداد نصيب السيد فيزداد العتق.

وطريق التخلص أن يقول : عتق منه شي‌ء وله من كسبه شيئان ، ومن دينه شي‌ء من التركة ، وللورثة في مقابل ما عتق منه شيئان.

فأما الشيئان من كسبه فليسا من جهة المولى ولا من تركته ، وأما الدين فإنه وإن كان من التركة إلاّ أنه ليس من التبرعات ، فلا يستحق الورثة في مقابله شيئا.

فعلى هذا يكون العبد وكسبه الذي هو ضعف قيمته ، وضعفها الذي خلفه المولى في مقابل ستة أشياء ، فيقسّم خمسة على ستة يخرج خمسة أسداس ، فيعتق منه خمسة أسداسه وله خمسة أسداس كسبه وخمسة أسداس دينه.

وللورثة سدسه وسدس كسبه ، ومما خلّفه المولى قيمته وسدس آخر ، وهو ما يخلف عن استحقاقه من القرض ، وذلك ضعف ما عتق منه.

قوله : ( ولو كسب نصف قيمته عتق منه شي‌ء ، وله نصف ولهم شيئان ، فالجميع ثلاثة أشياء ونصف ، تبسط أنصافا ، له ثلاثة أسباعها ، فيعتق ثلاثة أسباعه وله ثلاثة أسباع كسبه ، والباقي لهم ).

أي : لو كان كسب المعتق المذكور ـ وهو المستوعب ـ قدر نصف قيمته ، فقد عرفت لزوم الدور.

وطريق التخلص أن نقول : عتق من العبد. شي‌ء وله من كسبه شي‌ء هو قدر نصف ما عتق منه ، لأن الكسب نصف القيمة فهو نصف شي‌ء.

وللورثة منه ومن كسبه بقدر ما عتق منه مرتين ـ وذلك شيئان ـ فيكون العبد‌

١٥٦

ولو كانت قيمته مائة فكسبت تسعة ، فاجعل له بإزاء كل دينار شيئا ، فقد عتق منه مائة شي‌ء ، وله من كسبه تسعة أشياء ، ولهم مائتا شي‌ء. فيعتق منه مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة ، وله من كسبه مثل ذلك ، ولهم مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه.

______________________________________________________

وكسبه في مقابل ثلاثة أشياء ونصف ، نبسطها من جنس كسرها فتكون سبعة.

ونبسط العبد وكسبه فيكون ثلاثة ، نقسمها على سبعة يخرج ثلاثة ، فنصف الشي‌ء ثلاثة أسباع نصف العبد أو ثلاثة أسباع كسبه ، فالشي‌ء ثلاثة أسباع العبد ، فينعتق منه ثلاثة أسباعه ويتبعه ثلاثة أسباع كسبه ، ويبقى للورثة أربعة أسباعه وأربعة أسباع كسبه ، هي بقدر سبعي العبد ، وذلك ضعف ما عتق منه.

وتنقيحه : أنه إذا قسّم العبد والكسب على سبعة فقد قسم كل منهما عليها ، ولما كان للعبد شي‌ء ونصف من نفسه وكسبه ـ وذلك ثلاثة من السبعة الحاصلة من بسط ثلاثة أشياء ونصف ـ ، كان له ثلاثة أسباع نفسه وثلاثة أسباع كسبه ، وللورثة ما بقي.

قوله : ( ولو كانت قيمته مائة فكسب تسعة ، فاجعل له بإزاء كل دينار شيئا ، فقد عتق منه مائة شي‌ء ، وله من كسبه تسعة أشياء ولهم مائتا شي‌ء ، فيعتق منه مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة ، وله من كسبه مثل ذلك ، ولهم مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه ).

أي : لو كانت قيمة العبد المذكور مائة دينار واكتسب تسعة دنانير ، فاجعل ما ينعتق منه من كل دينار شيئا ، ليسلم ما يحصل له من الكسب من الكسر ، وحينئذ فيكون له تسعة أشياء من كسبه ، ونسبة حصة من الكسب إلى ما انعتق منه كنسبة الكسب إلى قيمته ، فإنه تسعة أعشار عشرها.

ويكون للورثة من نفسه ومن كسبه بقدر ما عتق منه مرتين ، وذلك مائتا شي‌ء ، فيكون العبد وكسبه في مقابل ثلاثمائة وتسعة أشياء ، فيقسّم العبد والكسب على ثلاثمائة وتسعة ، فيكون الشي‌ء جزء من ثلاثمائة وتسعة من الأب وكسبه.

١٥٧

______________________________________________________

فإذا قسّمتها على ثلاثمائة وتسعة فقد قسمت كلا منها على ذلك ، فينعتق من العبد مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة منه ، ويتبعه من كسبه مائه وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة أجزاء من الكسب ، ويبقى للورثة مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه ، وذلك ضعف ما انعتق منه.

وتحقيقه : إن مائتين من نفسه ضعف مائة مما انعتق منه ، فيبقى تسعة أجزاء من المنعتق منه في مقابل مائتين من كسبه من أصل ثلاثمائة وتسعة أجزاء ، فيجب أن تكون المائتان ضعفها.

وبيانه : أنه إذا كان لعدد نسبة إلى عدد آخر ، فلكسر الأول مثل تلك النسبة من نظيره من كسر الثاني ، فإن العشرة مثلا لما كانت ثلثي خمسة عشر كان نصف العشرة ثلثي نصف الخمسة عشر لا محالة.

ولما كان الكسب ـ وهو تسعة دنانير ـ تسعة أعشار عشر القيمة ـ وهي مائة دينار ـ ، كانت المائة من ثلاثمائة وتسعة من الكسب بقدر تسعة أعشار عشر المائة من ثلاثمائة وتسعة من العبد ـ وذلك تسعة ـ ، فتكون المائة من الكسب بقدر تسعة من ثلاثمائة وتسعة من العبد ، فالمائتان من الكسب بقدر ثمانية عشر من ثلاثمائة وتسعة من العبد ، وذلك ما أردناه.

فإذا أردت معرفة الشي‌ء فاعلم أنه جزء وتسعة أعشار عشر جزء من ثلاثمائة وتسعة أجزاء من العبد ، وذلك لأن العبد والكسب في تقدير ثلاثمائة وتسعة أشياء كما سبق ، فالشي‌ء جزء منهما من ثلاثمائة وتسعة أجزاء منهما.

ولما كان الكسب تسعة أعشار عشر القيمة ، فكسره المنطق والأصم تسعة أعشار عشر نظيره من كسر القيمة ، فيكون الشي‌ء جزءا وتسعة أعشار عشر جزء من ثلاثمائة جزء وتسعة أجزاء من العبد.

وإن شئت قلت في استخراجها : عتق من العبد شي‌ء وتبعه من الكسب تسعة‌

١٥٨

ولو استغرق دين المولى القيمة والكسب صرف الجميع في الدين ، وإلاّ صرف من العبد وكسبه ما يقضى به الدين والباقي يقسم كالكامل وكسبه. فلو كان كل من الدين والكسب كالقيمة صرف فيه نصف العبد ونصف كسبه ، وقسّم الباقي نصفين ، وكذا باقي الكسب.

______________________________________________________

أعشار شي‌ء ، وللورثة من العبد والكسب شيئان في مقابل ما عتق ، فالعبد وكسبه مقابل ثلاثة أشياء وتسعة أعشار عشر شي‌ء ، فإذا بسطتها من جنس الكسر كانت ثلاثمائة وتسعة.

قوله : ( ولو استغرق دين المولى القيمة والكسب صرف الجميع في الدين ).

من هذا يعلم أن المريض محجور عليه في قدر الدين من التركة ، حتى لو استوعبها الدين لحجر عليه في الجميع.

قوله : ( وإلاّ صرف من العبد وكسبه ما يقضى به الدين ، والباقي يقسّم كالكامل وكسبه ).

أي : وإن لم يستغرق الدين القيمة والكسب صرف من العبد والكسب ما يقضى به الدين ، لأن قضاء الدين مقدم على التبرعات فإنها كالوصية ، ويجعل الباقي من العبد كالعبد ، فيقسم كما يقسم ، وكذا كسبه والمقتضي به الدين كأنه لم يكن.

قوله : ( فلو كان كل من الدين والكسب كالقيمة صرف نصف العبد ونصف كسبه ، وقسّم الباقي نصفين ، وكذا باقي الكسب ).

إنما وجب أن يصرف نصف كل العبد والكسب في الدين ، لأن نسبة الدين إلى كل من العبد والكسب على حد سواء ، فلا أولوية لأحدهما في الأداء منه على الآخر.

فإذا حكم بالأداء منهما ، قيل في باقي العبد عتق منه شي‌ء واستحق من كسبه شيئا ، وللورثة منه ومن كسبه شيئان ضعف ما عتق منه ، فيكون باقي العبد وكسبه في مقابل الأشياء الأربعة.

١٥٩

ولو كان للسيد مثل قيمته ، وكسب العبد مثلا آخر قسمت العبد ومثلي قيمته على الأشياء الأربعة ، فلكل شي‌ء ثلاثة أرباع ، فيعتق ثلاثة أرباع العبد وله ثلاثة أرباع كسبه.

المسألة الثانية : لو أعتق عبدا قيمته عشرون ، ثم آخر عشرة ، فكسب كل مثل قيمته ، أكملت الحرية في الأول فيعتق منه شي‌ء وله من كسبه شي‌ء ، وللورثة شيئان ، ويقسّم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة ، فلكل شي‌ء خمسة عشر ، فيعتق منه بقدر ذلك وهو ثلاثة أرباعه وله‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو كان للسيد مثل قيمته ، وكسب العبد مثلا آخر ، قسّمت العبد ومثلي قيمته على الأشياء الأربعة ، فلكل شي‌ء ثلاثة أرباع ، فيعتق ثلاثة أرباع العبد وله ثلاثة أرباع كسبه ).

أي : لو كانت الصورة المفروضة أولا بحالها ـ وهو كون العبد المعتق مستوعبا ـ واكتسب مثل قيمته وترك السيد مثلا آخر ، فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه ، وللورثة من باقيه وباقي كسبه ، وما تركه السيد ضعف ما عتق منه.

وقد عرفت أن الطريق أن تجعل المعتق منه شيئا ، فله من كسبه شي‌ء ، وللورثة شيئان من الجميع ضعف ما عتق منه ، فيكون العبد وكسبه وما خلّفه السيد في مقابل أربعة أشياء ، فتقسّم ثلاثة على أربعة يخرج ثلاثة أرباع ، فالشي‌ء ثلاثة أرباع العبد وثلاثة أرباع قيمته ، فيعتق منه ثلاثة أرباع وله ثلاثة أرباع كسبه ، وللورثة ربعه وربع كسبه ، والمثل الذي تركه السيد وذلك بقدر ما عتق مرتين.

قوله : ( الثانية : لو أعتق عبدا قيمته عشرون ، ثم آخر عشرة ، فكسب كل مثل قيمته ، أكملت الحرية في الأول ، فيعتق منه شي‌ء وله من كسبه شي‌ء وللورثة شيئان ، ويقسّم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة ، فلكل شي‌ء خمسة عشر ، فيعتق منه بقدر ذلك وهو ثلاثة أرباعه وله ثلاثة أرباع‌

١٦٠