الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٨٦
فجوابه : أنّ المراد ما نهى الشارع عنه يراد به الأقلّ ثواباً ، لا أنّ كل ما هو أقلّ ثواباً مكروه.
فإنْ قلت : أيّ نهي فيما نحن فيه عن إمامة العبد لغير أهله؟.
قلت : يستفاد من ظاهر الخبر ، إلاّ أنّ الحال ما عرفت في أوّل الكلام ، فلا ينبغي الغفلة عنه. وما عساه يقال : إنّ الأهل لا ينحصر في الموالي. يمكن دفعه بتقدير عدم القائل ، فليتأمّل.
قوله :
باب الصلاة خلف الصبي قبل أنْ يبلغ الحلم.
أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن غياث ابن كلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام : « أنّ علياً عليهالسلام كان يقول : لا بأس أنْ يؤذّن الغلام قبل أنْ يحتلم ، ولا يؤمّ حتى يحتلم ، فإنْ أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه ».
فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، ( عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى ) (١) ، عن طلحة بن زيد (٢) ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي : قال : « لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم ، وأنْ يؤمّ ».
فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من كان كاملاً للعقل وإنْ لم يبلغ الحلم ، والخبر الأوّل على من لم يحصل فيه شرائط التكليف قبل بلوغ الحُلُم ، ليتلاءم الخبران.
__________________
(١) في « رض » و « م » : عن أحمد بن محمّد بن يحيى.
(٢) في « فض » : طلحة بن يزيد.
السند :
في الخبرين كرّرنا القول في أحوال رجاله (١). والحاصل أنّهما ضعيفان ؛ لأنّ غياث بن كلوب في الأوّل مهمل في الرجال (٢). والثاني فيه طلحة بن زيد ، وفي الرجال أنّه عاميّ (٣) ، وقيل بتري (٤). ومحمّد بن يحيى الراوي فيه اشتراك (٥).
فإنْ قلت : قد ذكر الشيخ في الفهرست أنّ كتاب طلحة معتمد (٦) ، والظاهر من الشيخ هنا النقل من كتابه ؛ لأنّ الشيخ لا يعمل بالخبر المجرد عن القرائن ، فما المانع من قبول الخبر؟
قلت : قد قدّمنا كلاماً في مثل هذا. والحاصل أنّ نقل الشيخ هنا لم يعلم من كتاب طلحة ، واعتماد الشيخ على القرائن لا ريب فيه ، إلاّ أنّ في مساواة مثل هذا للتوثيق منه في الرجال محل كلام ، فليتأمّل.
المتن :
في الأوّل : ظاهر في نفي البأس عن أذان الغلام قبل أنْ يحتلم ، والنهي عن إمامته حتى يحتلم ، لكن النهي يتناول ائتمام مثله به والبالغ ، والظاهر من قوله : « فإنْ أمّ » إلى آخره. يتناول مثله وغيره ، ودلالة الفساد
__________________
(١) راجع ج ١ ص ٢٧٩ ، ج ٢ ص ٣٥٢ ، ج ٤ ص ٣٣٧.
(٢) انظر رجال النجاشي : ٣٠٥ / ٨٣٢ ، الفهرست : ١٢٣ / ٥٥٠.
(٣) انظر رجال النجاشي : ٢٠٧ / ٥٥٠ ، الفهرست : ٨٦ / ٣٦٢.
(٤) كما في رجال الطوسي : ١٢٦ / ٣.
(٥) انظر هداية المحدثين : ٢٥٨.
(٦) الفهرست : ٨٦ / ٣٦٢.
على بلوغ من خلفه محل تأمّل. وما عساه يقال إنّ التعبير بقوله : « جازت صلاته » دون « صحّت » يدلّ على أنّ عبادته لا توصف بالصحّة ، وحينئذٍ يدلّ ذكر الفساد على البالغ ؛ محل تأمّل أيضاً.
والحاصل أنّ منع كون عبادة الصبي شرعية محل بحث ، كما أنّ عدم اتصافها بالصحّة والفساد كذلك.
فإنْ قلت : قد صرّح البعض بأنّ الصحّة والبطلان من خطاب الوضع ، فلا يدلّ على ما ذكرت من إرادة البالغ.
قلت : الذي صرّح بما ذكرت جدّي قدسسره في الروضة ، وأظنّ أنّه غير تام ، وقد أوضحت الحال في حواشي الروضة.
وحاصل الأمر أنّه ذكر في الروضة في كتاب الصوم عند قول الشهيد رحمهالله : وفي الصحّة التمييز. ويعلم منه أنّ صوم المميز صحيح ، فيكون شرعياً ، وبه صرّح في الدروس ، ويمكن الفرق بأنّ الصحّة من أحكام الوضع فلا يقتضي الشرعية ، انتهى (١).
وقد يقال : إنْ أراد بكون الصحّة من أحكام الوضع أنّ الشارع لم يحكم بها ، وإنّما الحاكم بها العقل ، كما ذكره ابن الحاجب. ففيه : أنّ هذا لا يقتضي كون الصحة ليست من الأحكام الشرعية ؛ إذ لا مانع من كونها من الأحكام الشرعية بواسطة العقل ، على معنى أنّ العقل حاكم بأنّ ما وافق أمر الشارع فهو صحيح.
وإنْ أراد أنّ الصحّة لا تتوقف على توقيف الشارع عليها ، بمعنى أنّه لا يحتاج إلى تنصيصه على الصحّة ، فلزوم كون الصحّة تقتضي أنّ الحكم
__________________
(١) الروضة البهية ٢ : ١٠١.
وضعي لا شرعي ؛ غير واضح ، كيف وقد صرّح هو وغيره بأنّ الحكم الوضعي من أقسام الحكم الشرعي. نعم هو قسيم الاقتضاء ، غاية الأمر أنّه يمكن أنْ يقال : إنّ موافقة الأمر متوقفة على تناول الأمر من الشارع له ، وقد صرّح بعض الأصحاب بأنّ عبادة الصبي تمرينية (١) ، لعدم تناول الأمر له بناءً على أنّ التكليف مشروط بالبلوغ.
وقد يقال : إنّ التكليف بالواجبات أو المحرّمات مسلّم التوقف على البلوغ ، أمّا غيرها فهو أوّل البحث ، وحديث رفع القلم (٢) يؤيد انتفاء الأمر بالواجبات ، والنهي عن المحرّمات.
ويمكن الجواب : بأنّ تناول الأوامر والمناهي على وجه الاستحباب والكراهة يشكل إثباته بالنسبة إلى المميز ، وفيه ما فيه ، لكن المنقول عن أكثر الأصحاب المنع من إمامة المميز ؛ لعدم كون عبادته شرعية ، فلا يكون داخلاً في الإمام المكلّف بالجماعة ، مضافاً إلى أنّه إذا عَلم عدم عقابه فلا يؤمن من الإخلال بشرط ، وللرواية الاولى (٣). وقد سبق في رواية السكوني على ما في التهذيب ما يدلّ على ذلك أيضاً (٤) ، وبعض الأصحاب ذهب إلى أنّ عبادته شرعية (٥) ، فيدخل تحت تكليفه ، وتجويز الإخلال بالشرط يدفعه الظن الموجب للاعتماد كالبالغ.
وفي الكافي روى عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا بأس بالغلام
__________________
(١) كما في المسالك ١ : ٧٠ ، المختلف ٢ : ٤٨١ و ٣ : ٣٥٢ الروضة ، البهية ٢ : ١٠٢.
(٢) انظر الخصال : ٩٣ / ٤٠ ، الوسائل ١ : ٤٥ أبواب مقدمة العبادات ب ٤ ح ١١.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٤٤.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٩ / ١٠٢.
(٥) كما في الشرائع ١ : ١٨٨ ، الدروس ١ : ٢٦٨ ، مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٤٦.
الذي لم يبلغ الحلم أنْ يؤمّ القوم وأنْ يؤذّن » (١) والخبر الثاني من الباب يؤيد ذلك ، وحملُ الشيخ المذكور هنا يريد به حصول البلوغ بغير الحلم ، فيحمل ما دلّ على الجواز على ذلك ، وما دلّ على المنع يحمل على غير ذلك ، وهو مَن لم يبلغ أصلاً.
ولا يخفى أنّ الحمل على الكراهة في حيّز المنع ؛ لأنّ التصريح بفساد صلاة من خلفه يأبى الكراهة ، وكذلك الخبر السابق مع زيادة التهذيب (٢) ، ولو حمل الفساد على استحباب الإعادة ازداد البعد ، فما ذكره بعض الأصحاب من إمكان الجمع بالكراهة (٣) ؛ محل تأمّل ، كحمله بعض أخبار المنع على عدم شروط الإمامة أو بعضها.
هذا على تقدير الاعتماد على الأخبار ، أو الاعتماد على التوجيه المنقول ، وتصير الأخبار مؤيدة ، وإلاّ أمكن أنْ يقال : ما ذكره شيخنا قدسسره في فوائد الكتاب من أنّ الرواية مطابقة لمقتضى الأصل من وجوب القراءة على المصلّي إذا لم يعلم المسقط ، ولم يعلم مع الائتمام بغير البالغ.
وما عساه يقال : إنّ عموم أخبار الجماعة تتناول الصبي المميز ؛ محل بحث ، وفي المعتبر بعد نقل تأويل الشيخ قال : وليس هذا التأويل بجيّد ؛ لتوارد الروايتين على صفةٍ واحدة ، مع تنافي الحكم ، لكنّ الأولى العمل برواية إسحاق ؛ لعدالته ، وضعف طلحة ، ولأنّ ذلك أظهر في الفتوى بين الأصحاب ، وهو نوع من رجحان (٤) ، انتهى.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٧٦ الصلاة ب ٥٦ ح ٦ ، الوسائل ٨ : ٣٢١. أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ٣.
(٢) راجع ص : ٧٣ ، ٧٧.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٤٥.
(٤) المعتبر ٢ : ٤٣٦.
وقد يقال : إنّ ما ذكره من مورد الروايتين يمكن توجيهه وإنْ أمكن المناقشة بعدم المانع من حمل الاحتلام في الأُولى على البلوغ ، وفي الثانية على حصول المني ، إلاّ أنّ البعد غير خفي.
أمّا ما قاله من عدالة إسحاق ، ففيه : أنّ الضعف غير منحصر في إسحاق ، بل غياث بن كلوب غير موثّق ولا ممدوح ، إلاّ أنّ يقال : بأنّه مجهول الحال فلا يحكم بضعفه ، فليتأمّل.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن الشيخ في المبسوط والخلاف أنّه جوّز كون المراهق المميِّز العاقل إماماً في الفرائض ، وحكى عن غير الشيخ أيضاً في الجملة ، ثم احتجّ العلاّمة لما ذهب إليه من المنع بأنّه ليس من أهل التكليف ، ولا يقع منه الفعل على وجه الطاعة ، لأنّها موافقة الأمر ، والصبي ليس مأموراً إجماعاً ، وبأنّ العدالة شرط إجماعاً ، وهي غير متحققة في الصبي ، لأنّها هيئة قائمة بالنفس تبعث على ملازمة الطاعات والانتهاء عن المحرّمات ، وكلّ ذلك فرع التكليف ، وذكر غير ذلك ممّا قدّمناه.
ثمّ نقل احتجاج الشيخ بإجماع الفرقة ، وأنّهم لا يختلفون في أنّ مَن هذه صفته تلزمه الصلاة ، وأيضاً قوله عليهالسلام : « مُرُوهُم بالصلاة لسبع » يدلّ على أنّ صلاتهم شرعية ، ولأنّه جاز أنْ يكون مؤذّناً فجاز أنْ يكون إماماً ، ولِما رواه طلحة وذكر الرواية الثانية.
ثمّ أجاب العلاّمة بمنع الإجماع على تكليف غير البالغ ، بل لو قيل بالضد كان أولى ، وأمر الولي بأمرهم ليس أمراً لهم ، ومشروعية صلاتهم إنْ عنى بها أنّها مطلوبة للتمرين فهو مسلّم ، أمّا لاستحقاق الثواب فلا ، والرواية ضعيفة ، ومتأوّلة بالغلام الذي بلغ بالسنين ولم يحتلم (١) ، انتهى.
__________________
(١) المختلف ٢ : ٤٨٠.
ولقائل أنْ يقول : إنّ احتجاجه محل تأمّل ، أمّا أولاً : فما ذكره من أنّ الصبي ليس مأموراً إجماعاً ، فيه : أنّ الأمر بالأمر بالشيء الخلاف واقع فيه ، فقد قيل : إنّه أمر بذلك الشيء (١) ، وقيل : لا (٢) ، واستدلال الشيخ بقوله عليهالسلام : « مُرُوهُم » يدلّ على اختياره ذلك ، فأين الإجماع؟ إلاّ أنْ يقال : إنّ الخلاف بين الأُصوليين ، أمّا الأصحاب فلا ، وفيه : أنّ الخلاف في أنّ عبادة الصبي شرعية أو تمرينية موجود ، والبناء على المسألة الأُصولية مذكور.
وأمّا ثانياً : فلأنّ العدالة إنْ كانت إجماعية حتى في الصبي ( فلا بُدّ أنْ يراد بها فيه معنىً غير المعنى في البالغ ، وإنْ أُريد بها في غير الصبي ) (٣) فلا يتمّ الدليل ، كما هو ظاهر. وقوله : إنّ ملازمة الطاعات ( والانتهاء عن المحرّمات فرع التكليف ، يدفعه أنّه لا مانع من إرادة الطاعات ) (٤) والانتهاء عن المحرّمات بالنسبة إلى المكلّف بها.
وأمّا جوابه عن احتجاج الشيخ ففيه مع ما ذكرناه ـ : أنّ نفي استحقاق الثواب محل بحث ؛ إذ ليس بإجماعي ، ومعه لا مانع من الاستحقاق ، فليتأمّل.
اللغة :
قال في القاموس : الحُلْم بالضم والاحتلام الجماع في النوم ، والاسم الحُلُم كعُنُق (٥).
__________________
(١) المستصفى من علم الأصول ٢ : ١٣ ، المدارك ٦ : ٤٢.
(٢) الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي ٢ : ٤٠٢.
(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٥) القاموس المحيط ٤ : ١٠٠.
قوله :
باب أنّ المتيمم لا يصلّي بالمتوضّئين.
أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبّاد بن صهيب قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « لا يصلّي المتيمم بقومٍ متوضّئين ».
محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن بنان بن محمّد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : « لا يؤمّ صاحب التيمم المتوضّئين ، ولا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء ».
فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي أُسامة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في الرجل يجنب وليس معه ماء وهو إمام القوم ، قال : « نعم ، يتيمم ويؤمّهم ».
سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ابن أيّوب ، عن عبد الله بن بكير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلٍ أجنب ثم تيمم فأمّنا ونحن على طهور ، فقال : « لا بأس به ».
عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد ابن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران (١) وجميل بن دراج قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إمام قوم أصابته جنابة في سفر (٢) وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ، أيتوضّأ بعضهم ويصلّي بهم؟ قال : « لا ، ولكن
__________________
(١) في الكافي ٣ : ٦٦ / ٣ والفقيه ١ : ٦٠ / ٢٢٣ والتهذيب ٣ : ١٦٧ / ٣٦٥ والوسائل ٨ : ٣٢٧ أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ١ : عن محمّد بن حمران.
(٢) في الاستبصار ١ : ٤٢٥ / ١٦٣٨ : السفر.
يتيمم الجنب ويصلّي بهم ، فإنّ الله جعل التراب طهوراً ».
عنه ، عن أبي جعفر ، ( عن أبيه ) (١) ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله 7 قال : قلت : رجل أمّ قوماً وهو جنب وقد تيمم وهم على طهور ، فقال : « لا بأس ».
فالوجه في هذه الأخبار والجمع بينها وبين الخبر الأوّل أنْ نحمل الخبر الأوّل على الفضل ، وهذه على الجواز ، لئلاّ تتناقض الأخبار.
السند :
في الأوّل : ليس في رجاله ارتياب بعد ما قدّمناه مكرّراً (٢) ، إلاّ في عبّاد بن صُهيب ، فإنّ النجاشي قال : عبّاد بن صُهيب أبو بكر التميمي الكُليبي اليربوعي ، بصري ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وذكر أنّ الراوي عنه كتابه هارون بن مسلم (٣). والشيخ في الفهرست ذكره مهملاً ، والراوي عنه كتابه الحسن بن محبوب (٤) ، والعلاّمة في الخلاصة قال : عبّاد بن صُهيب بتري قاله الكشّي ، ثم نقل عبارة النجاشي (٥). وحكى جدّي قدسسره في فوائد الخلاصة عن الإيضاح الجزم بأنّه ثقة (٦) ، انتهى.
والذي في الكشي على سبيل الجزم أنّه عاميّ (٧) ، ونقل في موضع
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٢) راجع ج ٢ ص ١٣١ ١٣٣.
(٣) رجال النجاشي : ٢٩٣ / ٧٩١.
(٤) الفهرست : ١٢٠ / ٥٣١.
(٥) الخلاصة : ٢٤٣ / ٢.
(٦) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ١١٥ ، الإيضاح : ٢٣٢ / ٤٤٤.
(٧) رجال الكشي ٢ : ٦٩٠ / ٧٣٧.
آخر عن نصر أنّ عبّاداً بتري (١) ، ونصر صرّح العلاّمة بأنّه غالٍ (٢) ، وكذلك الكشّي (٣) ، فالظاهر أنّ لفظ بتري سهو قلم.
ثم إنّ ترجيح النجاشي في توثيقه قد قدّمنا القول فيه (٤). وقولهم : إنّ الجارح مقدّم على المعدّل على الإطلاق (٥) ؛ محل تأمّل. كما أنّ قولهم بإمكان الجمع بين قول الجارح والمعدّل في مثل هذا (٦) ، فيكون عاميّاً ثقة ؛ محل بحث ؛ لِما يعلم من النجاشي أنّه لا يترك ذكر فساد المذهب في كتابه.
والثاني : فيه بنان بن محمّد ، وهو أخو أحمد بن محمّد بن عيسى على ما في الكشّي نقلاً عن نصر بن الصباح (٧) ، وعلى كل حال لا يزيد على الإهمال ، وأبوه محمّد بن عيسى تقدّم أنّه غير معلوم التوثيق (٨) ، وأمّا المدح فله وجه. وابن المغيرة تقدّم (٩) ، ويأتي بيانه في الجملة. والسكوني تكرّر القول فيه (١٠).
والثالث : فيه أبو جميلة وهو المفضّل بن صالح ، وقد ذكره الشيخ في الفهرست مهملاً (١١) ، والعلاّمة قال : إنّه ضعيف (١٢). ومحمّد بن
__________________
(١) رجال الكشي ٢ : ٦٩٠.
(٢) خلاصة العلاّمة : ٢٦٢ / ٢.
(٣) رجال الكشي ٢ : ٦١٣ / ٥٨٤.
(٤) راجع ج ١ ص ١٠٨ ١١١ ، ج ٦ ص ٣٦٩.
(٥) قاله الشهيد الثاني في الدراية : ٧٣.
(٦) انظر حاوي الأقوال ٣ : ٢١٩ / ١١٦٨.
(٧) رجال الكشي : ٢ : ٧٩٩ / ٩٨٩.
(٨) يأتي ص ٩٠.
(٩) راجع ج ١ ص ٥٩ ، ج ٣ ص ١٧ ، ١٧٨ ، ج ٤ ص ١٠٧ ، ٣٩٢.
(١٠) راجع ج ١ ص ١٨٨ ، ج ٢ ص ١٠٩ ، ٣٩٧ ، ج ٣ ص ١٤٠ ، ٤٢٠ ، ج ٤ ص ٩٦.
(١١) الفهرست : ١٧٠ / ٧٤٣.
(١٢) انظر خلاصة العلاّمة : ٢٥٨ / ٢.
عبد الحميد كرّرنا القول فيه في الكتاب من أنّ كلام النجاشي فيه (١) محتمل لتوثيقه احتمالاً لا يبعد ظهوره ، أو لأبيه على بُعد. وكذلك مضى القول (٢) في أبي أُسامة زيد الشحّام.
والرابع : فيه عبد الله بن بكير ، وقد مضى فيه القول (٣) ، والحاصل أنّ الشيخ قال : إنّه فطحي ثقة (٤) ، والنجاشي لم يذكر الأمرين (٥) ، وفي الكشّي : إنّه ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه (٦). فليتأمّل.
والخامس : واضح الرجال ، ولا يضرّ حمزة بن حمران بالحال ، حيث لا يزيد وصفه عن الإهمال.
والسادس : فيه محمّد بن عيسى الأشعري المعبر عنه بأبيه ، وقد مضى (٧) عدم ثبوت توثيقه ، بل المدح فيه له وجه. وعبد الله بن المغيرة مضى أنّه ثقة ثقة في النجاشي (٨) ، والكشّي قال : إنّه ممن أجمع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه (٩) ، والرواية في الكشّي بأنّه كان واقفياً ثم رجع ، تقدّم القول فيها (١٠). وعبد الله بن بكير مضى عن قريب وبعيد.
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٣٩ / ٩٠٦.
(٢) راجع ج ١ : ٢٩٣.
(٣) راجع ج ١ : ١٢٥ ، ٣٨٩ وج ٣ : ١٨.
(٤) الفهرست : ١٠٦ / ٤٥٢.
(٥) رجال النجاشي : ٢٢٢ / ٥٨١.
(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ / ٧٠٥.
(٧) راجع ج ١ : ٣٥٥ ، ٣٧١ وج ٢ : ٢٥٥ وج ٣ : ١٧ ، ١٩٦ وج ٥ : ٦٩.
(٨) في ج ١ : ١٣٩ ، وهو في رجال النجاشي : ٢١٥ / ٥٦١.
(٩) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.
(١٠) في ج ١ : ١٣٩ ، وهو في رجال الكشي ٢ : ٨٥٧.
المتن :
في الأوّل : واضح ، وبتقدير العمل فالحمل على الكراهة ممكن لو لا ما في خبر جميل من النهي الدال على مرجوحية صلاة المتوضّئ ، وقد يمكن تكلّف التوجيه ، وسيأتي نوع احتمال.
وأمّا الثاني : فالكلام فيه كالأوّل ، إلاّ أنّ فيه احتمال رجحان المنع من حيث النهي عن إمامة صاحب الفالج الأصحّاء ، والحال ما سمعت ، ولولاه أمكن بعض المقال.
والثالث : ربما دلّ بظاهره على جواز التيمم في أوّل الوقت ، إلاّ أنْ يقال بتأخير صلاة المأمومين تبعاً له ويكون من قبيل العذر ، وفيه ما فيه.
والرابع : كالثالث.
والخامس : عرفت القول فيه ، وربما كان السفر يفيد الرخصة في التأخير.
فإنْ قلت : ظاهر الخبر أنّ الماء مع الجنب ولا يكفيه للغسل ، ولعلّ السؤال عن وضوء أحدهم بمائه ويصلّي بهم ، فالنهي حينئذٍ عن هذا ، فلا يدلّ على النهي عن إمامة المتوضّئ.
قلت : لا دلالة في الرواية على الوضوء بمائه كما لا يخفى ، والصدوق رواها عن جميل ، وفيها : ومعهم ماء يتوضّؤن (١) به (٢) وهو صريح في نفي ما ذكر.
والسادس : واضح الدلالة.
__________________
(١) في « م » و « رض » : ومعها يتوضئون.
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٠ / ١١٢٤.
ثمّ إنّ حمل الشيخ يتضح المراد فيه بما قدّمناه سابقاً ، ويظهر منه إرادة الكراهة من العنوان ، وفي المنتهى : أنّه لا يعرف خلافاً في الكراهة ، إلاّ ما حكي عن محمّد بن الحسن الشيباني من المنع ، هكذا نقله شيخنا قدسسره (١) وفي المختلف حكى عن السيّد المرتضى رضياللهعنه أنّه قال : لا تجوز الصلاة خلف الفسّاق ، ولا يؤمّ بالناس الأغلف ، وولد الزنا إلى أنْ قال ـ : ولا المتيمم المتوضّئين (٢). والظاهر من هذا المنع ، فليتأمّل.
وفي مدارك شيخنا قدسسره بعد رواية عبّاد بن صُهيب ورواية السكوني ، قال : وفي الروايتين ضعف من حيث السند ، ولو لا تخيّل الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة ، للأصل ، وما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن جميل بن درّاج (٣) وذكر الرواية. ولا يخفى عليك الحال في ضعف رواية عبّاد والإجماع ، وقد حكى بعض محققي المتأخّرين رحمهالله عن الشيخ (٤) أنّه نقل عن بعض الأصحاب تحريم صلاة المتيمم بالمتوضّئين (٥) ، ولا يبعد أنْ يكون هو السيّد المرتضى ، فقول العلاّمة في المنتهى (٦) من أعجب الأُمور ، وقد نقله هذا الفاضل عنه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر جميل من إمام القوم وغيره أيضاً ربما يستفاد منه أنّ الإمام الراتب لقوم يرجّح على غيره ، ويكون النهي
__________________
(١) المدارك ٤ : ٣٧١ ، وهو في المنتهي ١ : ٣٧٣.
(٢) المختلف ٢ : ٤٨٣.
(٣) المدارك ٤ : ٣٧٢.
(٤) في المصدر : الشارح.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٦٨.
(٦) المنتهى ١ : ٣٧٣.
عن صلاة المتوضّئ لأجل ما ذكر ، إلاّ أنّ الموجود في عبارات من رأينا كلامه في ترجيح الراتب بمعنى آخر (١).
وما تضمنه الخبر من التعليل فيه دلالة على جواز التيمم مع سعة الوقت ، مضافاً إلى ما تقدم ، فليتأمّل.
قوله :
باب المسافر يصلّي خلف المقيم
أحمد بن محمّد ، عن ( الحسن بن الحسين ) (٢) اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبي المغراء حميد بن المثنى ، عن عمران ، عن محمّد بن علي ، أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل المسافر إذا دخل في الصلاة مع المقيمين؟ قال : « فليصلّ صلاته ثمّ يسلّم ويجعل الأخيرتين سبحة ».
الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المسافر يصلّي خلف المقيم؟ قال : « يصلّي ركعتين ويمضي حيث شاء ».
فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « لا يصلّي المسافر مع المقيم ، فإنْ صلّى فلينصرف
__________________
(١) انظر المدارك ٤ : ٣٥٦.
(٢) في الاستبصار ١ : ٤٢٥ / ١٦٤٠ : الحسين بن الحسن ، وفي « م » : الحسين ، وفي « رض » : الحسين بن الحسين ، والصحيح ما أثبتناه من « فض » انظر رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٣ ، ورجال الطوسي : ٤٦٩ / ٤٥.
في الركعتين ».
سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا يؤمّ الحضري المسافر ولا المسافر الحضري ، فإن ابتلي بشيء من ذلك فأمّ قوماً حاضرين ، فإذا أتمّ الركعتين سلّم ثم أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمّهم ، وإذا صلّى المسافر خلف قوم حُضور فليتمّ صلاته ركعتين ويسلّم ، وإنْ صلّى معهم الظهر فليجعل الأوّلتين الظهر ، والأخيرتين العصر ».
فالوجه في هذين الخبرين ضرب من الكراهة دون الحظر حسب ما فصّل عليهالسلام من أحكامه.
السند :
في الأوّل : فيه الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، وقد قدّمنا القول فيه مفصّلاً (١) ، والحاصل أنّ النجاشي قال : إنّه ثقة في ترجمته (٢). وفي ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى قال : كان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى ما يرويه عن جماعة ، منهم ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي : ثمّ قال ، قال أبو العباس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه ، وتبعه أبو جعفر ابن بابويه ، إلاّ في محمّد بن عيسى بن عُبيد ، فلا أدري ما رابه ، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة (٣).
__________________
(١) راجع ج ٢ ص ٢٦٢.
(٢) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٣.
(٣) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.
وقد قدّمنا (١) ما في هذا الكلام تفصيلاً ، والإجمال لبعد العهد أنّ صريح كلام ابن الوليد فيما ينفرد به الحسن بن الحسين ، وغير خفي أنّ المتقدمين لا يعملون بالخبر المجرّد عن القرائن كما يظهر منهم ، وما قد يظنّ من خلافه قد أجبنا عنه فيما سبق (٢) ، وحينئذٍ فتخصيص (٣) ما ينفرد به الحسن لا وجه له ظاهراً ، بل كلّ من انفرد بالرواية لا يعمل بروايته.
ولعلّ الوجه احتياج مثل هذه الرواية إلى زيادة القرائن ، لكن قول أبي العباس : وقد أصاب شيخنا ، إلى آخره. يشكل بأنّه فهم منه إرادة الضعف في المذكورين ، كما ينبئ عنه قوله في محمّد بن عيسى : إنّه كان على ظاهر العدالة والثقة ، ولا يبعد أنْ يكون غرضه أنّ الاحتياج إلى زيادة القرائن غير واضح ، بل هو كغيره من العدول ، فيتمّ الكلام في الجملة.
وبهذا يندفع ما عساه يقال على النجاشي من أنّ توثيقه للحسن بن الحسين في ترجمته ، ثم نقله الاستثناء وكلام أبي العباس ، يقتضي التوقف فيه ، وحاصل الاندفاع واضح ممّا قرّرناه.
ومن هنا يندفع ما قاله الشيخ في رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهمالسلام : إنّ الحسن بن الحسين اللؤلؤي يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ، ضعّفه ابن بابويه (٤). فإنّ التضعيف إنّما هو من الاستثناء ، والاستثناء لا يفيد ذلك.
فإنْ قلت : لا مانع من إرادة الشيخ بالتضعيف عدم قبول ما ينفرد به ؛
__________________
(١) راجع ج ١ ص ١٢٤ ، ج ٢ ص ٢٦٢.
(٢) راجع ج ١ ص ١٣ ١٦.
(٣) ليست في « رض » و « م ».
(٤) رجال الطوسي : ٤٦٩ / ٤٥.
لأنّ الظاهر من الشيخ العمل بالخبر المحتفّ بالقرائن (١) ، والضعيف عند المتأخّرين بمعنى عدم كونه ثقةً أو ممدوحاً (٢) ، لا يضرّ بحال الشيخ ، فجاز أنْ يكون ثقةً عند المتأخرين من جهة ، وضعيفاً عند المتقدمين من جهة ، وقول أبي العباس قابل للتأويل المتقدّم ، بحيث لا يفيد التضعيف عند المتأخرين.
قلت : لما ذكرت وجه ، وبسببه قد يندفع بعض التعارض الواقع بين توثيق النجاشي وتضعيف الشيخ ، إلاّ أنّ هذا يحتاج إلى مزيد فكر في الفرق بين الأمرين.
وبهذا يندفع قول العلاّمة في الخلاصة في ترجمة الحسن بن الحسين : إنّ النجاشي قال إنّه ثقة ، وابن بابويه ضعّفه (٣). فإنّ ما ذكرناه يقتضي عدم المنافاة ، وعلى ما يقتضيه كلام بعض الأصحاب من تقديم الجارح في مثل هذا (٤) يكون الجارح مقدّماً ، والحال أنّه لا يبعد الجزم بتوثيقه وإنْ قلنا بتقديم الجارح ، فينبغي تأمّل هذا ، فإنّي لم أر تحريره في كلام متأخّري الأصحاب.
ومن هنا يعلم أنّ قول جدّي قدسسره في شرح البداية : إنّ من ألفاظ الجرح قولهم : فلان ضعيف (٥) ؛ محلّ تأمّل ؛ لأنّ الضعف في كلام المتقدمين محتمل لأنْ يريدوا به الضعف مقابل الثقة ، ولأنْ يريدوا به عدم قبول روايته منفرداً.
__________________
(١) انظر الاستبصار ١ : ٣ ، عدة الأُصول : ٣٣٧.
(٢) انظر الدراية : ٢٤.
(٣) الخلاصة : ٤٠ / ١١.
(٤) الدراية : ٧٣.
(٥) الدراية : ٧٢.
وفي نظري القاصر أنّ رواية محمّد بن عيسى عن يونس من قبيل الثاني ، فلا مانع من قبول رواية محمّد بن عيسى ؛ لأنّ ضعفه من جهة ، وثقته من جهة كما تقدّم في أوّل الكتاب (١).
وأمّا بقية الرجال فقد تكرر القول فيهم. وعمران في الظن أنّه الحلبي ، ومحمّد بن علي أخوه ، وهما ثقتان ، إلاّ أنّ غيرهما في حيّز الإمكان.
والثاني : واضح الحال ، وحمّاد بن عثمان بتقدير الاشتراك (٢) هو الثقة بقرينة رواية ابن أبي عمير عنه كما في الفهرست (٣) ، والاحتمال البعيد لا يقدح.
والثالث : ليس فيه من يتوقف فيه ، إلاّ الراوي عن الإمام عليهالسلام.
والرابع : فيه داود بن الحصين ، والنجاشي وثّقه (٤) ، والشيخ قال : إنّه واقفي في رجال الكاظم عليهالسلام (٥) ، وكذلك ينقل عن ابن عُقدة (٦) ، واحتمل شيخنا قدسسره أنّ يكون الأصل ابن عقدة (٧) ، وحاله لا يخفى ، والحق ما أسلفناه في أمثال هذا (٨) ، فتأمّل.
__________________
(١) في ص ٥٤.
(٢) هداية المحدثين : ١٩٦.
(٣) الفهرست : ٦٠ / ٢٣٠.
(٤) رجال النجاشي : ١٥٩ / ٤٢١.
(٥) رجال الطوسي : ٣٤٩ / ٥.
(٦) حكاه عنه في منهج المقال : ١٣٤.
(٧) المدارك ٤ : ٣٦٥.
(٨) راجع ص ٨٩.
المتن :
في الأوّل : ظاهر الدلالة على جواز صلاة المسافر مع المقيم ، أمّا قوله : « ويجعل الأخيرتين سبحة » فلا يخلو من إجمال ؛ إذ يحتمل أنْ يراد بالسبحة فعل الفرض نافلة على سبيل الإعادة ، وهذا يتمّ إذا جوّزنا إعادة من صلّى جماعةً مأموماً ، ولو قلنا بالمنع احتمل أنْ يراد الإعادة لغير ما صلاّهُ جماعةً ، لكن هذا موقوف على ثبوت إعادة ما صلاّهُ الإنسان فرادى سابقاً على فعل الجماعة ، وفي الظنّ أنّه لا مانع منه ، نظراً إلى إطلاقهم استحباب إعادة المنفرد ، وخصوص هذا الفرع لم أجده في كلام الأصحاب ، وربما ينظر في تناول الأخبار له ، والتسديد ممكن ، ويحتمل وجه آخر لعلّه بالترك أولى.
والثاني : واضح الدلالة.
[ والثالث (١) ] : يتعيّن فيه حمل النهي على الكراهة.
[ والرابع (٢) ] : يدلّ على الكراهة في الجملة ، وهو صريح في الحكمين ، والشيخ كما ترى جعله دالاًّ على الكراهة ، واللاّزم منه القول بالكراهة في الأمرين ، والعنوان خاص. وما تضمّنه من تقديم أحد القوم ليتمّ الصلاة لا أعلم القول بتعيّنه الآن.
ثم دلالته على صلاة العصر مع من يصلّي الظهر ظاهرة ، إلاّ أنْ يخصّ بمورده إذا ثبت المنافي. وقد روى الشيخ في باب الزيادات من الصلاة في باب السفر ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان بن
__________________
(١) في « فض » و « م » : والرابع ، وفي « رض » : والثالث والرابع ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) في « النسخ » : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.
يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ومحمّد بن النعمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم ، فإنْ كانت الاولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأوّلتين ، ( وإنْ كانت العصر فليجعل الأوّلتين نافلة والأخيرتين فريضة » (١).
وهذا الخبر كما ترى يدلّ على أنّ المسافر إذا دخل مع الحاضرين في العصر ، يجعل الأوّلتين ) (٢) نافلة والأخيرتين فريضة ، فالفريضة له إمّا أنْ تكون الظهر أو العصر ، فإنْ كانت الظهر دلّ الخبر على جواز (٣) فعل الظهر مع العصر في الأخيرتين ، وفعل الأوّلتين نافلة ، وغير خفيّ الإجمال في النافلة ، والاحتمال السابق يجري هنا. وإنْ كانت العصر أمكن جعل الأوّلتين للظهر نافلة ، ويحتمل على بُعد أنْ يراد بجعل الأولتين نافلة عدم الاقتداء فيهما ، كما لا يجوز في النافلة ، وعلى هذا يحتمل أنْ يراد في الخبر الأوّل من المبحوث عنه كذلك ، وهذا غير ما أشرنا إليه.
ويحتمل في الخبر المنقول عن التهذيب نوع من التوجيه ، لكن المقصود هنا من نقله مع ما أشرنا إليه أنّ عدم تعرض الشيخ له غير واضح الوجه ، فليتأمّل.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول في المقام من أقوال العلماء عن سلاّر كراهة ائتمام الحاضر خلف المسافر ، ثمّ قال : الإمام والمأموم خمسة أقسام ، حاضر بحاضر ، ومسافر بمسافر إلى أنْ قال ـ : ومسافر يأتمّ بحاضر ، وهو يسلّم في اثنتين ولا يتبع الإمام ، إلاّ في صلاة المغرب ، وأمّا
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٢٦ / ٥٧٣ ، الوسائل ٨ : ٣٢٩ أبواب صلاة الجماعة ب ١٨ ح ٤.
(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٣) ليست في « رض » و « م ».