إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

الذي روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام إنْ كان هو الإمام فالرواية صحيحة ، لكنه غير معلوم ؛ لاحتمال أنْ يكون المراد غيره (١) ؛ لا يخلو من غرابة.

وفي الظن أنّه تخيّل من قوله : عن أبي عبد الله قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام ( أنّ الأوّل محتمل للإمام وغيره ، بناءً منه على نسخةٍ ليس فيها عليه‌السلام ، والأمر كما ترى.

أمّا ما يتخيل من أنّ قوله : صلّيت ، لا يمكن عوده إلى الإمام عليه‌السلام ، فيتعين كون الأوّل غير الإمام عليه‌السلام ) (٢) ؛ فجوابه : أنّ الرواية أوّلاً عن أبي عبد الله عليه‌السلام إجمالاً ، ثم إنّ عبد الرحمن فصّل القول ثانياً ، وهذا أكثر من أنْ يحصى في الأخبار ، فيقال : عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته ، ونحو ذلك.

والثالث : ظاهر الأمر فيه بتقدير العمل به الوجوب بناءً على كونه حقيقةً فيه ، إلاّ أنّي لم أقف على قولٍ بالوجوب.

وفي المختلف قال : في استحباب رفع اليدين في التكبيرات الخمس للشيخ قولان ، أحدهما : أنّه لا يستحب إلاّ في الأُولى خاصّةً ، اختاره في النهاية والمبسوط ، وبه قال المفيد والمرتضى وأبو الصلاح وابن البرّاج وسلاّر وابن إدريس وابن حمزة ، وفي الاستبصار : يرفع يديه في الجميع ، ثم اختار العلاّمة الأوّل محتجّاً بالشهرة والرابع من الأخبار والخامس (٣).

وفي المعتبر قال المحقّق بعد أنْ أورد الأخبار من الطرفين ـ : ما دلّ‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٠٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) المختلف ٢ : ٣٠٣ ، وهو في النهاية : ١٤٥ ، والمبسوط ١ : ١٨٥ ، والمقنعة : ٢٢٧ ، وجمل العلم والعمل ( رسائل السيّد المرتضى ٣ ) : ٥٢ ، والكافي في الفقه : ١٥٧ ، والمهذب ١ : ١٣١ ١٣٢ ، والمراسم : ٧٩ ، والسرائر ١ : ٣٥٦ ، والوسيلة : ١٢٠.

٤٢١

على الزيادة أولى ؛ لأنّ رفع اليدين مرادٌ في أوّل التكبير وهو دليل الرجحان ، فيسوغ في الباقي تحصيلاً للأرجحية ، ولأنّه فعل مستحب فجاز أنْ يُفعل مرّة ويُخلّ به اخرى ، فلذلك اختلفت الروايات (١) ، انتهى.

ولا يخفى ما في الوجه الأوّل ؛ لأنّ الأحكام الشرعية موقوفة على ما يصلح للدلالة ، والرجحان في الأوّل لا يستلزم الرجحان في الجميع ، إذ الإجماع مدّعى منه في الشرائع على الرفع في الأوّل (٢) ، والخلاف في غيره موجود ، فالفرق ظاهر.

أمّا الوجه الثاني فالشيخ يقارب قوله فيه ما ذكر أوّلاً ، ويشكل بظاهر الخبرين (٣) الدالّ على المداومة ، كما يقال في « كان » ؛ أمّا الحمل على التقية فقد يُستبعد من فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويمكن دفعه بتكلّف ، فليتأمّل.

بقي شي‌ء ، وهو أنّ رفع اليدين في الدعاء للميت لم أقف على ما يقتضيه خصوصاً ، واستقرب شيخنا قدس‌سره تناول إطلاق الأمر برفع اليدين في الدعاء لهذا النوع منه (٤).

قوله :

باب الصلاة على الأطفال‌

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن (٥) زرارة ، عن‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٥٦ بتفاوت.

(٢) الشرائع ١ : ١٠٦.

(٣) أي : الرابع والخامس.

(٤) المدارك ٤ : ١٧٩.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٧٩ / ١٨٥٥ : و.

٤٢٢

أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سُئل عن الصلاة على الصبي متى يصلّى عليه؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى تجب الصلاة عليه؟ فقال : « إذا كان ابن ستّ سنين ، والصيام إذا أطاقه ».

عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة قال : رأيت ابناً لأبي عبد الله عليه‌السلام في حياة أبي جعفر عليه‌السلام يقال له عبد الله ، فطيم [ قد ] درج ، فقلت له : يا غلام من ذا الذي إلى جنبك؟ لمولى لهم فقال : هذا مولاي ، فقال له المولى يمازحه : لست لك بمولى ، فقال : ذاك شرّ لك ، فطعن في حياة (١) الغلام فمات (٢) فاخرج في سفط إلى البقيع ، فخرج أبو جعفر عليه‌السلام وعليه جبّة خزّ صفراء ( وعمامة خزّ صفراء ) (٣) ومطرف خزّ أصفر ، فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد عليّ والناس يعزّونه على ابن ابنه ، فلمّا انتهى إلى البقيع تقدّم أبو جعفر [ فصلّى عليه] (٤) فكبّر عليه أربعاً ، وأمر به فدُفن ، ثم أخذ بيدي فتنحّى بي ، ثم قال : « إنّه لم يكن يصلّى على الأطفال إنّما كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يأمر بهم فيدُفنون من وراء وراء ، ولا يصلّي عليهم ، وإنّما صلّيت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أنْ يقولوا : لا يصلّون على أطفالهم ».

فأمّا ما رواه ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن‌

__________________

(١) في جميع المصادر : جنازة.

(٢) في هامش الكافي ٣ : ٢٠٧ : قوله : فمات ، هذا تفسير لقوله : فطعن في جنازة الغلام ، والعرب تقول : طعن فلان في جنازته ورمى في جنازته إذا مات المغرب ١ : ٩٦ ( جنز ).

(٣) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٤) ما بين المعقوفين ، أثبتناه من المصدر.

٤٢٣

أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يصلّى على المنفوس ، وهو المولود الذي لم يستهلّ ولم يصح ولم يورّث من الدية ولا من غيرها ، فإذا استهلّ صلّ عليه وورّثه ».

فالوجه في هذه الرواية ضرب من الاستحباب على ما قدّمناه ، أو التقية حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل ، ويؤكد ما قلناه :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سُئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلّى عليه؟ قال : « لا ، إنّما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن رجلٍ ، عن أبي الحسن (١) عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِكم يصلّى على الصبي إذا بلغ من السنين؟ قال : « يصلّى عليه على كلّ حال ، إلاّ أنْ يسقط لغير تمام ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام لكم يصلّى على الصبي إذا بلغ من السنين والشهور؟ قال : « يصلّى عليه على كلّ حال ، إلاّ أنْ يسقط لغير تمام ».

فالوجه في هذين الخبرين ما قلناه في خبر عبد الله بن سنان من الحمل على التقية ، أو ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٨٠ / ١٨٥٩ : عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام. ، وفي نسخة منه : عن أبي الحسن الماضي.

٤٢٤

السند :‌

في الأوّلين : حسن ، والصدوق روى الأوّل عن زرارة وعبيد الله الحلبي (١) ، وقد وصفه الوالد (٢) وشيخنا (٣) قدس‌سرهما بالصحّة ، نظراً إلى أنّ الطريق إلى كلّ واحدٍ صحيح ، وقد يتوجه احتمال عدم الصحّة ؛ لأنّ طرق المشيخة إلى كلّ واحد لا إليهما ، وينبّه على ذلك أنّ الصدوق يذكر الطرق إلى الشخص الواحد والاثنين ، ويذكر الشخص بكنيته واسمه متعدداً ، وهذا يدلّ على أنّ خصوص الانفراد له مدخلية ، لكن ما كرّرنا القول فيه يسهّل الخطب.

والثالث : فيه عدم سلامة الطريق في المشيخة إلى ابن أبي عمير ، لكن في الفهرست يمكن استفادة الصحّة ؛ لأنّه ذكر الطرق إلى جميع كتبه ورواياته (٤) ، وفيها من الاعتماد عليه له وجه قدّمناه في الكتاب (٥) ، وبعضها حسن بإبراهيم.

وما عساه يقال : إنّ انتظام هذا في جملة روايات ابن أبي عمير موقوف على الصحّة إليه ، وفي المشيخة غير معلوم.

يمكن الجواب عنه : بما كرّرنا القول فيه من الشيخ (٦) ، فقد نقل هنا أنّه من رواياته فلا يقصر عن القبول على نحو إخبار الشيخ بالتوثيق ، وفي البين كلام قدّمناه.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٤ / ٤٨٦.

(٢) منتقى الجمان ١ : ٢٧٩.

(٣) مدارك الأحكام ٤ : ١٥٢.

(٤) الفهرست : ١٤٢ / ٦٠٧.

(٥) راجع ج ٢ ص ٣١ ٣٣.

(٦) راجع ج ٢ ص ٣١ ٣٣.

٤٢٥

والرابع : موثق على ما عليه المعروفون من الأصحاب المتأخرين (١) ، وقد أسلفنا بعض كلام في هذا (٢).

والخامس : مرسل.

والسادس : صحيح على ما مضى القول فيه (٣).

المتن :

في الأوّل : استدل به بعض القائلين بوجوب الصلاة على الصبي إذا بلغ ستّ سنين (٤) ، وقد قيل : إنّ هذا القول مشهور (٥). وقد ينظر في الخبر على تقدير العمل بالحسن بأنّ الظاهر من قوله : « والصيام إذا أطاقه » إرادة الصلاة منه على معنى أمره بها تمريناً ، وإطلاق الوجوب بهذا المعنى لا مانع منه ، وحينئذٍ يكون صدر الخبر في الصلاة عليه ، ( وعجزه في فعله الصلاة تمريناً أو شرعياً ، فصدره يفيد تعليق الصلاة عليه ) (٦) [ على ] (٧)تعقّل الصلاة وفهمها ، غاية الأمر أنّ حقيقة هذا غير واضحة ، وقد تقدّم من الشيخ في باب الصبيان متى يُؤمرون بالصلاة حديث صحيح عن محمّد بن مسلم تضمّن السؤال عن الصبي متى يصلّي؟ فقال عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى يعقل الصلاة؟ قال : « لستّ سنين ».

__________________

(١) انظر الخلاصة : ١٧٣ / ٢٦ ، و ٢٤٣ / ٦ ، منهج المقال : ٢٤٦ ، ٣٣٤ ، المدارك ٤ : ١٥٣.

(٢) راجع ج ٢ ص ٣٧٥.

(٣) راجع ج ٦ ص ٣٤.

(٤) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٣٤٤ ، وصاحب المدارك ٤ : ١٥٢.

(٥) كما في مجمع الفائدة ٢ : ٤٣٠.

(٦) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٧) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

٤٢٦

وبهذا الخبر يمكن أنْ يستفاد بيان إجمال صدر الخبر المبحوث عنه ، بل وعجزه أيضاً ، لأنّه في قوّة أنْ يقال : متى يتحقق عقل الصلاة ويؤمر بها؟ غاية الأمر أنّ الصوم لا تعلّق له بوجوب الصلاة عليه.

وممّا يؤيد ما ذكرناه من إطلاق الوجوب على ابن ستّ سنين ما تقدّم من الشيخ في الباب المشار إليه في رواية إسحاق بن عمّار ، حيث قال فيها : « إذا أتى للصبي ستّ سنين وجب عليه الصلاة ، فإذا أطاق الصوم وجب عليه الصوم ».

فإنْ قلت : ما المانع على تقدير كون العجز في حكم الصلاة على الصبي أنْ يعمل به في جهة الصوم ، على معنى وجوب الصلاة عليه إذا كان حيّاً يطيق الصوم؟

قلت : المانع عدم القائل ، وهذا إنّما تظهر فائدته بتقدير القدرة على الصوم في أقلّ من ستّة.

وقد روى الشيخ في التهذيب صحيحاً عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصبي أيصلّى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين؟ قال : « إذا عقل الصلاة صلّي عليه » (١) وهذا يدلّ على أنّ اعتبار الستّ سنين غير لازم ، إلاّ أنْ يحمل على الاستحباب إذا عقل ، وفيه ما فيه ، لكن العجب من عدم تعرّض الشيخ للخبر في المقام.

ومن هنا يعلم أنّ استدلال العلاّمة في المختلف (٢) وغيره (٣) بالخبر المبحوث عنه ( على ما ذكرناه ) (٤) غير تامّ في نظري القاصر ، بل ينبغي‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٩٩ / ٤٥٨ ، الوسائل ٣ : ٩٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٣ ح ٤.

(٢) المختلف ٢ : ٣٠٨.

(٣) كصاحب المدارك ٤ : ١٥٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « م ».

٤٢٧

الالتفات إلى الخبرين ( الأخيرين والمعارض للأخيرين ) (١).

وأمّا الثاني : فالحاصل من معناه أنّ الصبي وصل إلى حدٍّ يصدر منه الجواب للمولى بوجه ينبئ عن تمام عقله ، وهو قوله : ذاك شرّ لك.

ثم إنّ الشيخ كما ترى ذكره في مقام الدلالة على مدلول الخبر الأوّل ، فإنْ كان مراده بمدلول الأوّل من عقل الصلاة والوصول إلى السنّ المذكور [ فالخبر ] (٢) الثاني لا يدلّ على ذلك ، بل على أنّ الطفل عقله له كمال. وإنْ كان مراد الشيخ أنّ الخبر الأوّل تضمّن أمرين : صحّة الصلاة إذا عقل ، والوجوب إذا بلغ الستّة ، والخبر الثاني يدلّ على الأوّل فقط ففيه : أنّ الخبر في آخره ما يدلّ على أنّ الصلاة إنّما وقعت تقية فلا يتمّ المطلوب ؛ على أنّ الخبر يتضمن أربع تكبيرات ، فهو مخالف لغيره من الأخبار ، ولعلّ الشيخ ترك التعرّض لهذا لما ذكره في التهذيب من أنّ أهل الميت لهم الاقتصار على الأربع ، كما تقدّم في الخبر المنقول عن التهذيب (٣).

وفي نظري القاصر أنّ الأولى في توجيه هذا الخبر : أنّ التكبير أربعاً لأجل التقية ، فيؤيد (٤) أنّ الصلاة من أصلها تقية.

فإنْ قلت : لا حاجة إلى دليل التقية وقد صرّح الإمام بذلك.

قلت : الوجه في الاحتياج احتمال أنْ تكون الصلاة على الطفل تركها أرجح ، وإنْ كان فعلها فيه نوع رجحان ، وهذا لا يخلو من بعد ، إلاّ أنّ الشيخ قائل به ؛ لتصريحه في الأخبار الآتية بالاستحباب ، مع دلالة هذا الخبر‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « فض » و « م » : الآخرين ، والمعارض الآخرين.

(٢) في النسخ : والخبر ، والأنسب ما أثبتناه.

(٣) في ص ٤٠٦ ٤٠٧.

(٤) في « رض » : يؤيد.

٤٢٨

على نفيه ، فلا بُدّ من التوجيه الذي ذكرناه ، ومثل الشيخ لا يغفل عن هذا ؛ وممّا ينبّه عليه قوله بعد الثالث : فالوجه في هذه الرواية ضرب من الاستحباب على ما قدّمناه ، فإنّه لم يتقدّم منه ما يقتضي هذا لولا ما ذكرناه.

والثالث : ظاهره وجوب الصلاة على المستهلّ ، بناءً على أنّ الأمر للوجوب ، لكن المعارض وهو الخبر الأوّل اقتضى اعتبار الستّ سنين بناءً على ما ذكرناه ، فلا بُدّ من صرف الأمر عن الوجوب إلى الندب أو التقية كما ذكره الشيخ.

وقد يقال : إنّ الخبر الأوّل لا يدلّ صريحاً على الوجوب ، فيجوز أنْ تكون الستّ سنين مقتضية لكمال الاستحباب ؛ لدلالة الرابع على البلوغ ، فلا بُدّ من الحمل الذي ذكرناه.

وقول الشيخ : إنّ الرابع يؤكد ما قاله ، لا يخلو من نظر ؛ لأنّه قدس‌سره التفت إلى صدره ولم يلتفت إلى عجزه ، والعامل بالموثق له أنْ يذكر ما قلناه.

أمّا ما قاله العلاّمة في جواب احتجاج ابن أبي عقيل بالخبر حيث نقل عنه أنّه قال : لا يصلّى على الصبي ما لم يبلغ من عدم صحّة السند ، والمنع من عدم تناوله صورة النزاع ؛ لأنّ من بلغ ستّ سنين جرى عليه القلم امتثالاً للتمرين (١).

ففيه أوّلاً : أنّ الرواية تضمّنت الرجل والمرأة فكيف يدخل ابن ستّ سنين؟

وثانياً : أنّه صرّح في المختلف فيما حكيناه عنه سابقاً في بحث‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٠٩.

٤٢٩

الجماعة من أنّ عبادة الصبي لا يتحقق بها الثواب (١) ، ولا ريب أنّ جريان القلم ينافيه. وقد اقتفى أثر العلاّمة الشهيد في الذكرى (٢) ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المنقول عن ابن الجنيد القول بمضمون الثالث ، وقد وصفه العلاّمة بالصحّة ، وأجاب بما ذكره الشيخ (٣). ولا يخفى عليك الحال بعد ما قرّرناه في الاستحباب.

وأمّا الخامس والسادس : فما قاله الشيخ فيهما قد اتضح حاله ، غير أنّ ما تضمّناه من التمام كأنّ المراد به عدم الاستهلال بقرينة خبر عبد الله بن سنان ، ويحتمل إرادة سقوطه قبل تمام الخلقة ، إلاّ أنّ الجمع بينه وبين خبر ابن سنان يقتضي ترجيح الأوّل ، والله أعلم.

اللغة‌ :

قال في الصحاح : درج الرجل يدرج مشى (٤).

وما تضمّنه الثاني من قوله : في حياة الغلام ، الظاهر أنّه تصحيف ، وفي التهذيب : في جنان الغلام ، في نسخة ، وفي أُخرى : في حياة ، بالألف ، والظاهر أنّه تصحيف جنان ، كما أنّ ما هنا تصحيف جنان أيضاً بواسطة كتابتها بالألف ، وفي القاموس : الجنان ، القلب (٥).

وفي الكافي : حتار الغلام (٦) ، وفي القاموس : الحتار بالحاء المهملة‌

__________________

(١) راجع ص ٨٥.

(٢) الذكرى ١ : ٤٠٥.

(٣) انظر المختلف ٢ : ٣٠٩.

(٤) الصحاح ١ : ٣١٣.

(٥) القاموس المحيط ٤ : ٢١٢.

(٦) في نسخة الكافي الموجودة لدينا : جنازة الغلام الكافي ، ٣ : ٢٠٦ / ٣.

٤٣٠

والتاء المثناة فوق حلقة الدبر ، أو ما بينه وبين القبل (١).

وفي القاموس : الطاعون الوباء ، والجمع طواعين ، وكعُنِيَ أصابه (٢).

( وفيه : السفط محرّكة الجوالق أو كالقُفّة (٣).

وفيه : المُطرَف كمُكرَم رداء من خزّ مربّع ذو أعلام (٤) ) (٥).

وفيه : وراء مثلثة الآخر مبنية ، والوراء معرفة يكون بمعنى خلف وقُدّام ضدّ ، أو [ لا ] لأنّه بمعنى وهو ما توارى عنك (٦). ولا يخفى أنّ ما تضمّنه الخبر من قصّة أمير المؤمنين عليه‌السلام يحتمل للأمرين.

وفي القاموس : استهلّ الصبي رفع صوته بالبكاء كأهَلَّ (٧).

بقي شي‌ء ، وهو أنّه ربما يستفاد من موثق عمّار عند القائل به عدم وجوب الصلاة على المجنون إذا مات لرفع القلم ، لكن لا قائل بذلك فيما أعلم.

وما عساه يقال : إنّ اللاّزم من هذا عدم الصلاة عن كلّ من رفع عنه القلم إذا مات في تلك الحالة ، وهو منتفٍ.

يمكن الجواب عنه بأنّ المراد برفع القلم عدم التكليف أصلاً بخلاف غيره ، إلاّ أنّ هذا يستلزم التخصيص بالجنون دائماً (٨).

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ٤ ؛ بتفاوت يسير.

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٢٤٦.

(٣) القاموس المحيط ٢ : ٣٧٨ ؛ وفيه : كالجوالق.

(٤) القاموس المحيط ٣ : ١٧٣.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٦) القاموس المحيط ٤ : ٤٠٢ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لاستقامة المعنى.

(٧) القاموس المحيط ٤ : ٧١.

(٨) ليست في « فض ».

٤٣١

أمّا ما قد يقال : إنّ اللاّزم خروج الخنثى ، إذ ليس برجلٍ ولا امرأة ؛ فجوابه سهل.

قوله :

باب من فاته شي‌ء من

التكبيرات على الميت هل يقضي أم لا؟

الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة؟ قال : « يتمّ ما بقي ».

سعد (١) ، عن محمّد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن خلف بن زياد القلانسي ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول في الرجل يدرك مع الإمام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين ، فقال : « يتمّ التكبير وهو يمشي معها ، فإذا لم يدرك التكبير كبّر عند القبر ، فإنْ كان أدركهم وقد دفن كبّر على القبر ».

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحّام ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة على الجنائز إذا فات الرجل منها التكبيرة أو الثنتان أو الثلاث؟ قال : « يكبّر ما فاته ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٨١ / ١٨٦٢ زيادة : بن عبد الله.

٤٣٢

أبيه عليه‌السلام : « أنّ علياً عليه‌السلام كان يقول : لا يُقضى ما سبق من تكبير الجنازة ».

فالوجه في هذه الرواية أنّه لا يقضى كما كان يبتدئ من الفصل بينهما بالدعاء ، وإنّما يقضى متتابعاً ، يدلّ على ذلك :

ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين في الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعاً ».

السند :‌

في الأوّل : صحيح.

والثاني : فيه مع الإرسال النضر بن شعيب ، وهو مجهول الحال ، وكذلك خلف بن زياد.

والثالث : فيه أبو جميلة ، وقد تقدّم تضعيفه عن العلاّمة في الخلاصة (١).

والرابع : فيه غياث بن كلوب ، وحاله لا يزيد على الإهمال.

والخامس : واضح الرجال.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على إتمام ما بقي ، وربما دلّ على إتمام بقية‌

__________________

(١) في ص ٨٩.

٤٣٣

التكبير ظاهراً بقرينة السؤال ، إلاّ أنّ احتمال العموم لكلّ ما بقي من الدعاء والتكبير ممكن ؛ ودفعه بأنّ « ما » مشتركة بعيد ، والجملة الخبرية قد تقدّم القول في دلالتها على الوجوب.

وما عساه يقال : إنّ الواجب الكفائي يسقط بفعل البعض ، فإذا أتمّ الإمام صلاته لا وجه لوجوب الإتمام.

يمكن دفعه : بأنّ الجملة الخبرية على تقدير دلالتها على الوجوب لا مانع من وجوب الإتمام ، ولو توقف في هذا أمكن تأييده بالنهي عن إبطال العمل ، وما فيه قد تقدّم.

والثاني : يدلّ على التكبير ماشياً ، سواء استقبل القبلة أم لا ، وفي الظن أنّ بعض الأصحاب قيّد الحكم (١) ، لكن الخبر لا يخفى حاله ، وسيأتي خبر في باب الصلاة على الجنازة مرّتين يدلّ على الاستقبال ، وستستمع القول فيه إن شاء الله (٢).

أمّا ما تضمّنه من قوله : « إنْ لم يدرك التكبير » إلى آخره. فالذي يستفاد من عبارة بعض الأصحاب أنّ الجنازة لو رفعت أو دفنت أتمّ ولو على القبر (٣) ، فكأنّه فهم من الرواية هذا المعنى ، فيراد بعدم الإدراك عدم إتمام التكبير.

وقد يقال : إنّ الرواية يحتمل أنْ يراد منها أنّ من لم يصلّ يصلّي على القبر ؛ وفيه نوع بعد ، لكن سيأتي في الخبر المشار إليه سابقاً المذكور في باب الصلاة على الجنازة مرتين ما يؤيد ما قلناه.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٤٦٥ ، ٤٦٦.

(٢) في ص ٤٤٨.

(٣) انظر المنتهى ١ : ٤٥٦.

٤٣٤

وفي الذكرى : إنّ في الخبر دلالة على الاشتغال بالدعاء ، ( إذ مع الولاء لا يبلغ الحال إلى الدفن (١).

والثالث : ظاهره الدلالة على أنّه يكبّر ما فاته ، أمّا ) (٢) الدعاء فلا يدلّ عليه ، إلاّ بأن يراد يكبّر التكبير المعروف ، وهو ما بعد الدعاء ؛ وفيه ما فيه ، لكن الأمر سهل بعد دلالة الخامس.

وأمّا الرابع : فما ذكره الشيخ لا يخلو من بعد ، ولو حمل على أنّه لا يعاد بتقدير سبق المأموم أمكن قربه. أمّا الحمل على فوات الوقت فبعيد أيضاً. ويمكن حمله على أنّ ما سبق لا يقضى على أنّه السابق ، بل يؤتى به على أنّه في محلّه.

والخامس : المستدلّ به فالذي فهمه جماعة كالشيخ عدم الفصل بالدعاء ، ويحتمل أنْ يراد به ما تضمّنه خبر إسحاق من عدم قضاء ما سبق ، فيراد بالتتابع قصد التكبير في محلّه ، إلاّ أنّه بعيد. ويحتمل أنْ يراد بالمتتابع الإتيان بالدعوات على ما وردت ، ولعلّه غير بعيد.

اللغة‌ :

قال بعض شرّاح حديث العامّة : الجنازة بالفتح والكسر بمعنى واحد ، ويقال بالفتح هو الميت ، وبالكسر النعش (٣) ، وقد تقدّم هذا في باب تغسيل الأموات.

__________________

(١) الذكرى ١ : ٤٦٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) إحكام الأحكام لابن الأثير الحلبي ٢ : ١٦٩.

٤٣٥

قوله :

باب الصلاة على المدفون‌

سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أنْ يصلّي الرجل على الميت بعد ما يدفن ».

عنه ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن مسكان ، عن مالك مولى الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن ».

عنه ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ ابن ثابت الجوهري ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا فاتته الصلاة على الميت صلّى على القبر ».

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن زياد بن مروان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال (١) : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنْ يصلّى على قبر ، أو يقعد عليه (٢) ، أو يبنى عليه ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق ابن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه سُئل عن ميت صلّي عليه فلمّا سلّم الإمام إذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع‌

__________________

(١) في « رض » و « م » زيادة : قال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٨٢ / ١٨٦٩ زيادة : أو يتكأ عليه.

٤٣٦

رأسه؟ قال : « يسوّى وتعاد الصلاة عليه وإنْ كان قد حمل ما لم يدفن ، فإذا دفن فقد مضت الصلاة عليه ، ولا يصلّى عليه وهو مدفون ».

عنه ، عن السيّاري ، عن محمّد بن أسلم ، عن رجلٍ من أهل الجزيرة قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يصلّى على المدفون بعد ما يدفن؟ قال : « لا ، لو جاز لأحدٍ لجاز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل لا يصلّى على المدفون بعد ما يدفن ولا على العريان ».

والوجه في هذه الأخبار أحد شيئين ، أحدهما : ما كان يذهب إليه شيخنا وهو أنّه إنّما تجوز الصلاة على القبر يوماً وليلة لا أكثر من ذلك ، فما ورد من جواز الصلاة عليه بعد الدفن كان يحمله على ذلك اليوم ، وما ورد من أنّه لا يجوز يحمله على ما بعد اليوم.

والوجه الثاني : أنْ يكون المراد بجواز الصلاة على المدفون الدعاء له دون الصلاة المرتّبة في ذلك ، يدلّ على ذلك :

ما رواه علي بن الحسين ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الحسن بن موسى (١) ، عن جعفر بن عيسى قال : قدم أبو عبد الله عليه‌السلام فسألني عن عبد الله بن أعين فقلت : مات ، قال : « (٢) أفتدري موضع قبره؟ » قلت : نعم ، قال : « فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلّي عليه » قلت : نعم ، فقال : « لا ، ولكن نصلّي عليه ها هنا » فرفع يديه يدعو واجتهد في الدعاء وترحّم عليه.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٨٣ / ١٨٧٢ : الحسين بن موسى.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٨٣ / ١٨٧٢ زيادة : مات؟!

٤٣٧

الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن نوح بن شعيب ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم أو زرارة ، قال : الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء ، قال : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : لا ، إنّما دعا له.

ويحتمل أنْ يكون الوجه في الأخبار التي تضمّنت جواز الصلاة على القبر ما لم يوار بالتراب ، فإذا ووري لم يجز ذلك ، يدلّ على ذلك :

ما رواه علي بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « والميت يصلّى عليه ما لم يوار بالتراب وإنْ كان قد صلّي عليه ».

عنه ، عن محمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الجنازة لم أُدركها حتى بلغت القبر أُصلّي عليها؟ قال : « إنْ أدركتها قبل أنْ تُدفن فإنْ شئت فصلّ عليها ».

السند :‌

في الأوّل : صحيح.

والثاني : فيه غير من مضى القول في شأنه مالك مولى الحكم فإنّه مجهول الحال ، إذ لم أقف عليه في الرجال ، وفي التهذيب : مولى الجهم (١) ، وهو مجهول أيضاً.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠١ / ٤٦٧.

٤٣٨

والثالث : فيه الحسن بن علي بن يوسف ، ( وهو ابن بقّاح الثقة في النجاشي ، لكن فيه الحسن بن علي بن بقّاح (١). وفي الفهرست في ترجمة معاذ بن ثابت الجوهري ما يدلّ على أنّه حسن بن علي بن يوسف (٢) ) (٣) ، والرواية هنا كما ترى عن معاذ بن ثابت ، ومعاذ بن ثابت مذكور مهملاً في الفهرست (٤).

أمّا عمرو بن جميع فهو ضعيف في النجاشي (٥) ، وفي الكشّي أنّه بتري (٦).

والرابع : فيه زياد بن مروان ، وفي النجاشي أنه واقفي (٧). ويونس ابن ظبيان وقد قيل : إنّه غالٍ كذّاب (٨).

والخامس : موثق على ما مضى (٩) ، لكن ينبغي أنْ يعلم أنّ الشيخ في التهذيب نقل متن هذا الخبر في جملة الخبر السابق في باب ترتيب الجنائز (١٠) بهذا السند ، وصورته بعد ما تقدم : سُئل عن ميت ، إلى آخره (١١). فكأنّ الشيخ اقتطعه من المتن وجعله مستقلا بالسند ، وله نظائر في‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٢.

(٢) الفهرست : ١٦٨ / ٧٤٥.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الفهرست : ١٦٨ / ٧٤٥.

(٥) رجال النجاشي : ٢٨٨ / ٧٦٩.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٨٨ / ٧٣٣.

(٧) رجال النجاشي : ١٧١ / ٤٥٠.

(٨) حكاه العلاّمة في الخلاصة : ٢٦٦.

(٩) في ص ٤٢٤.

(١٠) في ص ٣٨٣.

(١١) التهذيب ٣ : ٣٢٢ / ١٠٠٤.

٤٣٩

الكتابين كما أشرنا إليه في موضعٍ آخر ، وفي الكافي (١) كما في التهذيب.

والسادس : فيه مع الإرسال السيّاري ، وهو أحمد بن محمّد بن سيّار ، وفي النجاشي : إنّه فاسد المذهب ضعيف الحديث ، ذكر ذلك الحسين بن عبيد الله (٢) (٣). وقد يظنّ من هذا أنّ ابن الغضائري هو الحسين لا أحمد ابنه ، فينافي ما قدّمناه من أنّه أحمد ؛ ويجاب بأنّه لا مانع من ذكر الحسين ما نقل ، وإنْ كان إطلاق ابن الغضائري ينصرف لأحمد كما بيّناه مفصّلاً في أوّل الكتاب (٤). ومحمّد بن أسلم ضعيف أيضاً.

والسابع : الحسن بن موسى فيه غير معلوم ؛ لأنّ في الرجال : ابن موسى الأزدي في رجال الصادق عليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملاً (٥) ، وابن موسى الحنّاط كذلك (٦) ، والرواية هنا كما ترى عن جعفر بن عيسى ، وفي الرجال جعفر بن عيسى من أصحاب الرضا عليه‌السلام مهملاً في كتاب الشيخ (٧) ، وأمّا ابن موسى الخشّاب فهو متأخر ؛ لأنّ الراوي عنه الصفّار ، وعلى هذا فالرجل مجهول. وجعفر بن عيسى كذلك. وفي التهذيب : الحسين بن موسى (٨) ، وفي الرجال ما يناسبه ، لكنّه مهمل (٩).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٤ / ٢.

(٢) في « فض » و « م » : الحسين بن عبد الله ، وفي « رض » : الحسين بن عبيد ، وما أثبتناه موافق لما في المصدر.

(٣) رجال النجاشي : ٨٠ / ١٩٢.

(٤) راجع ج ١ ص ٨٥ ٨٧.

(٥) رجال الطوسي : ١٦٨ / ٤٢.

(٦) رجال الطوسي : ١٦٨ / ٤١.

(٧) رجال الطوسي : ٣٧٠ / ٢.

(٨) التهذيب ٣ : ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٩) رجال النجاشي : ٤٥ / ٩٠ ، رجال الشيخ : ٣٧٣ / ٢٤.

٤٤٠