إستقصاء الإعتبار - ج ٧

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني

إستقصاء الإعتبار - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
964-319-172-9

الصفحات: ٤٨٦

محمّد بن يحيى (١).

والظاهر من هذا أنّه الرجل المذكور ؛ لأنّ الراوي عنه هنا محمّد بن يحيى ، إلاّ أنّ وصفه بالكوفي في الرواية وبالنيشابوري في الرجال لا يوافقه ، إلاّ أن يكون انتقل إلى أحد البلدين.

ثم إنّ استفادة توثيقه من النجاشي يتوقف على ثبوت توثيق أحمد بن عبد الواحد ، وقد تقدّم القول فيه مفصّلاً (٢). واحتمال رجوع الإشارة من النجاشي إلى أنّه من وجوه الأصحاب ، لا إلى التوثيق ، بعيد عن إشارة البعيد ، ويقرّبه أنّ الظاهر عود الإشارة إلى الجميع من التوثيق وكونه من الوجوه ، ولو رجع إلى البعيد فقط لزم ما لا يخفى ، فليتأمّل.

أمّا محمّد بن عبد الله فمشترك (٣). ومحمّد بن أبي حمزة تكرّر القول فيه من أنّه الثقة على الظاهر (٤) ، واحتمال غيره بعيد. أمّا محمّد بن يزيد فهو مشترك بين مهملين (٥). وأبو بصير معلوم ممّا تكرّر الكلام فيه (٦).

المتن :

في الأخبار الستّة الأُول ظاهر الدلالة على أنّ تكبيرات صلاة الجنازة خمس ، أمّا الدلالة على الوجوب فغير ظاهرة ، لكن بعض الأصحاب ذكر‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٣٨ / ٣٥٧.

(٢) راجع ج ٤ ص ١٩٣ ١٩٤.

(٣) هداية المحدثين : ٢٤١.

(٤) راجع ج ١ ص ١٤٠ ، ج ٢ ص ٢٣٢ ، ج ٣ ص ٢٦٦ ، ٣٣١ ، ج ٤ ص ٢٧١ ، ٤٩٢ ، ج ٥ ص ١٦.

(٥) هداية المحدثين : ٢٥٩.

(٦) راجع ج ١ ص ٧٢ ، ج ٢ ص ٩٠ ، ٢١٠ ، ج ٤ ص ١٦ ، ٣٩٢ ، ج ٦ ص ٤٦.

٤٠١

الإجماع على الوجوب ، وأسنده إلى العلاّمة في المنتهى (١) ، وعبارة المنتهى المنقولة : وهي خمس تكبيرات بينها أربعة أدعية ، وعليه علماؤنا أجمع (٢). وغير خفي عدم دلالتها على الوجوب ؛ إذ الأدعية الخلاف فيها موجود ، فإنّ المحقّق في الشرائع قال : والدعاء بينهن غير لازم ، ولو قلنا بوجوبه لم نوجب لفظاً (٣).

وما قاله الشهيد رحمه‌الله في الذكرى من أنّ الأصحاب بأجمعهم يذكرون ذلك في كيفية الصلاة ، ولم يصرّح أحد منهم بندبيته ، والمذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب (٤) ؛ لا يخلو من غرابة بعد قول المحقّق.

فإنْ قلت : ما وجه عدم دلالة الأخبار على الوجوب؟

قلت : لأنّ الأوّل يدلّ على أنّ التكبيرات خمس ، وهذا لا يستفاد منه الوجوب ، إلاّ بتقدير إرادة ( التكبير الواجب ) (٥) ، وهو غير معلوم.

والثاني : يدلّ على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبّر خمساً ، والتأسّي إنّما يجب فيما علم وجهه عند المحققين.

والثالث : كالأوّل.

والرابع : كالثاني.

والخامس : والسادس كذلك (٦).

نعم روى الصدوق في الفقيه بطريقه الصحيح عن عبد الله بن سنان ،

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٣١.

(٢) المنتهى ١ : ٤٥١.

(٣) الشرائع ١ : ١٠٦.

(٤) الذكرى ١ : ٤٣٣.

(٥) بدل ما بين القوسين في « رض » : التكبيرات الوجوب.

(٦) أي كالأوّل.

٤٠٢

عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه قال : « لمّا مات آدم عليه‌السلام فبلغ إلى الصلاة عليه فقال هبة الله لجبرئيل : تقدّم يا رسول الله فصلّ على نبي الله ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : إنّ الله أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدّم أبرار ولده وأنت من أبرّهم ، فتقدّم فكبر خمساً عدّة الصلوات التي فرضها الله عزّ وجلّ على امّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي السنّة الجارية في ولده إلى يوم القيامة » (١).

وهذا الخبر ربما يقتضي الوجوب وإنْ كان في البين كلام ، غير أنّ عدم الخلاف يسهّل الخطب. ومن هنا يعلم أنّ ما عساه يقال من أنّ بعض الأخبار الدالّة على أنّ صلاة الجنازة استغفار (٢) (٣) ، لا يخلو من دلالة على عدم وجوب ما سوى المذكور ؛ يدفعه ما ذكرناه ، مضافاً إلى وجوب غير ما ذكر بلا ريب فيما يعلم.

وبالجملة : فالمقصود ممّا قلناه مجرّد التنبيه على حقيقة الحال ، ليتّضح ما يأتي من المقال.

أمّا السابع : فما ذكره الشيخ في توجيهه أوّلاً لا يخلو من وجاهة وإنْ بعد عن الظاهر.

أمّا ما قاله من حمل الأربع على التقية فقد يتوجه عليه أنّ الخبر إذا كان واحداً فحمل بعضه على التقية والبعض على وجهٍ يوافق المذهب الحقّ مستبعد.

وجوابه أنّ من أهل الخلاف من قال بالخمس (٤) ، على ما يقتضيه‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٨ ، الوسائل ٣ : ٧٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٥٩ أبواب صلاة الجنازة ب ١.

(٣) في « فض » زيادة : ونحو ذلك.

(٤) حكاه في شرح النووي عن ابن أبي ليلى ، ( إرشاد الساري ٤ ) : ٢٨٥.

٤٠٣

كلام الشيخ بعد الخبر الآتي في ما بعد هذا الباب المتضمّن للانصراف بالخامسة مع قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ، من أنّه محمول على التقية ، وحينئذٍ لا مانع من الحمل على التقية ، ولو فرض انتفاؤه أمكن توجيه الخمس بما قاله الشيخ ، ويندفع به شرّ المخالفين.

وحمل الشيخ على أنّه إخبار عن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع المنافقين إنْ أراد به كما هو الظاهر غير التقية ففيه أنّه لا ينافي التقية ، والأمر سهل.

والثامن : المستدلّ به قد ذكره في التهذيب بزيادة قوله : يعني بالنفاق. والرواية بطريقٍ حسن في الزيادات عن محمّد بن يعقوب (١) ، وكذلك في الكافي (٢) ، وهي محتملة لأن تكون من محمّد بن يعقوب ، أو من الراوي ، لكن احتمال كونها من الراوي عن الإمام عليه‌السلام له قرب ، إذ الجزم بقوله : يعني ، يقتضي ذلك ، ولولاه لأمكن احتمال غير النفاق وإنْ بعد.

ثم إنّ التفسير باتّهام النفاق ربما يدلّ على أنّ غير المنافق يصلّى عليه بالخمس ، فيدخل فيه المخالف بتقدير الصلاة عليه ، إلاّ أنْ يدّعى دخوله في المنافق ، وفي الذكرى بعد ذكر الخبر قال : وهو جمع حسن بين ما رواه العامّة لو كانوا يعقلون (٣) ، انتهى.

وما عساه يقال : إنّ التكبير أربعاً يقتضي تحقق النفاق ، فما وجه ذكر التهمة؟.

__________________

(١) ذكرها الشيخ في موضعين ، الأوّل في الزيادات : التهذيب ٣ : ١٩٧ / ٤٥٤ عن محمّد بن يعقوب ، وفيه زيادة قوله : يعني بالنفاق ، والآخر في الصلاة على الأموات كما هنا في ، التهذيب ٣ : ٣١٧ / ٩٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ١٨١ / ٢.

(٣) الذكرى ١ : ٤٣١.

٤٠٤

يمكن الجواب عنه بقيام احتمال التخيير في التكبيرات بين الخمس والأربع ونحو ذلك.

أمّا التاسع : فظاهر في أنّ التكبير أربعاً على المنافق ، حيث قال : « ولم يدعُ له لأنّه كان منافقاً » فيؤيد إرادة الاتّهام بالنفاق في الثامن.

وقد ذكر شيخنا قدس‌سره في المدارك عند قول المحقق : وإنْ كان منافقاً اقتصر المصلّي على أربع وانصرف بالرابعة ـ : إنّ المراد بالمنافق هنا المخالف ، كما يدلّ عليه ذكره في مقابلة المؤمن في الأخبار وكلام الأصحاب (١) ، انتهى.

وما ذكره من دلالة الأخبار فالذي وقفت عليه ما رواه الشيخ في الباب الآتي (٢) عن أحمد بن محمّد ، عن إسماعيل بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة على الميت؟ فقال : « أمّا المؤمن فخمس تكبيرات ، وأمّا المنافق فأربع ».

وهذا الحديث لا يقتضي انحصار المنافق في المخالف ، وإذا عملنا بالخبر المبحوث عنه دلّ على المنافق غير المخالف ؛ لأنّ فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المنافق يقتضي ما ذكرناه ، والخبر الثامن مع صحّته يدلّ أيضاً ، غاية الأمر إمكان أنْ يقال : إنّ المخالف يُدعى عليه والمنافق غيره لا يُدعى عليه ولا له ؛ لدلالة الخبر المبحوث عنه على الانصراف في الرابعة. وقد يقال : إنّ الخبر يدلّ على عدم الدعاء له ، أمّا الدعاء عليه فلا مانع منه ، والانصراف بالرابعة يحتمل أنْ يراد به عدم الاحتياج إلى تكبيرٍ خامس.

فإنْ قلت : إثبات الدعاء على المنافق غير المخالف محتاج إلى الدليل.

__________________

(١) المدارك ٤ : ١٦٩.

(٢) باب : أنه لا تسليم في الصلاة على الميت ، انظر ص ٤١٤.

٤٠٥

قلت : قد روى الصدوق عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنّه قال : « إذا صلّيت على عدو الله فقل » إلى آخره (١). وروى في الكافي ( الحديث عن الحلبي في الحسن نحوه ) (٢) (٣). وروى أيضاً في الحسن عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « إنْ كان جاحداً للحقّ فقل : اللهم » إلى آخره (٤).

ولا يخفى أنّ تمييز المنافق من المخالف بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محلّ خفاء ، هذا.

ويظهر من بعض الأصحاب التوقف في وجوب الدعاء على المخالف ، من حيث إنّ الأربع يخرج بها من الصلاة (٥) ، واعترضه شيخنا قدس‌سره بأنّ الدعاء للميت أو عليه لا يتعين كونه بعد الرابعة ، قال قدس‌سره : وقد ورد بالدعاء على المنافق روايات ، منها : ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن صفوان بن مهران الجمّال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي عليهما‌السلام يمشي فلقي مولىً له ، فقال له : إلى أين تذهب؟ فقال : أفرّ من جنازة هذا المنافق أنْ أُصلّي عليه ، فقال له الحسين عليه‌السلام : قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله ، فرفع يديه فقال. » (٦) (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٥ / ٤٩١.

(٢) ما بين القوسين ليس في « فض » ، وفي « م » بنقيصة : نحوه.

(٣) الكافي ٣ : ١٨٩ / ٤.

(٤) الكافي ٣ : ١٨٩ / ٥ ، الوسائل ٣ : ٧١ أبواب صلاة الجنازة ب ٤ ح ٥.

(٥) الذكرى ١ : ٤٣٩.

(٦) الفقيه ١ : ١٠٥ / ٤٩٠.

(٧) المدارك ٤ : ١٧٠.

٤٠٦

وهذا الحديث لا يخفى أنّه غير دالّ على أنّه عليه‌السلام صلّى على المنافق ليصلح لردّ ما ذكره القائل من الانصراف بالرابعة ، ولا يثبت الدعاء في غير الرابعة ، على أنّ في وصفه بالصحّة تأمّلاً ، لولا ما قدّمناه من إخبار الصدوق.

وقد ذكر قدس‌سره الخبر الذي نقلناه ( عن الكافي حسناً (١). ولا يخفى أنّه ظاهر في الصلاة على عدوّ الله ، وقد سبق ما قلناه ) (٢) عنه من أنّ وجوب الصلاة على المؤمن انعقد عليها الإجماع ، وغير المؤمن لا تخلو الأدلّة على الوجوب عليه من ضعفٍ في سند ، أو قصورٍ في دلالة ، والواجب التمسك بمقتضى الأصل ، إلى أنْ يقوم على الوجوب دليل.

وغير خفي أنّ خبر الكليني ظاهر الدلالة على الصلاة على عدوّ الله ، والخبر الثامن من المبحوث عنها هنا كذلك ، والخبران عند شيخنا معتمد عليهما ، فالقصور من جهة السند منتفٍ ، ومن جهة الدلالة على الوجوب يمكن توجيههما ، لكن ينبغي الكلام في مشروعية الصلاة ؛ لدلالة الخبرين وغيرهما عليها ، غاية الأمر أنّ هذه الصلاة إمّا أنْ توصف بالاستحباب أو هي نوع من الدعاء المستحب ، ولم أر الآن من أوضح المقام ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقتضي استحباب التأسّي ، فليتأمّل.

وأمّا العاشر : فذكره من الشيخ في مقام الاستدلال على مطلوبه غير واضح الوجه ؛ لأنّ مفاده جواز تكرار الصلاة على الوجه المبيّن في الرواية ، والمطلوب إثبات الإخبار عن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع المنافقين ، ويمكن أنْ يوجّه مراد الشيخ بأنّ الخبر تضمّن صدره السؤال عن ما روي أنّ [عليّاً عليه‌السلام] (٣)

__________________

(١) المدارك ٤ : ١٧٠ ، وهو خبر محمّد بن مسلم المتقدّم في ص ٤٠٤.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في النسخ : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والصواب ما أثبتناه.

٤٠٧

كبّر على سهل بن حنيف ستّاً فنفاه الإمام عليه‌السلام ، ونفيه يدلّ على أنّ التكبير لا يكون أزيد من خمس ، إلاّ على الوجه المذكور ، فيدلّ على أنّ الخبر الذي بصدد توجيهه الشيخ منتفٍ عنه الموافقة لغير المخالفين ، لا أنّه موافق لهم.

لكن لا يخفى أنّ الشيخ في التهذيب زاد احتمالاً في الخبر الذي هو بصدد توجيهه ، وهو أنّه إذا كان أهل الميت يريدون أنْ يكبّروا عليه أربعاً فيتركون مع اختيارهم ، واستدلّ على هذا بما رواه عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ( بن بزيع ، عن محمّد بن عذافر ، عن عقبة ، عن جعفر ، قال : سُئل جعفر عليه‌السلام ) (١) عن التكبير على الجنائز؟ فقال : « ذاك إلى أهل المبيت ما شاؤوا كبّروا » [ فقيل] (٢) إنّهم يكبّرون أربعاً ، فقال : « ذاك إليهم » ثم قال : « أما بلغكم أنّ رجلاً صلّى عليه علي عليه‌السلام فكبّر عليه خمساً حتى صلّى خمس صلوات » الحديث (٣).

وفيه دلالة على أنّ التكبيرات تابعة للإرادة.

ومن عجيب ما وقع للشيخ في التهذيب أنّه قال بعد الخبر المتضمّن للإحدى عشرة تكبيرة والتسع والست والأربع ـ : ما تضمّنه من الزيادة على الخمس مرّات متروك بالإجماع ، ويجوز أنْ يكون أخبر عن فعل النبي ، إلى آخر ما ذكره هنا (٤) ، ثم ذكر احتمال إرادة أهل الميت الأربع ، واستدلّ بما قدّمناه من الرواية عنه.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٢) في النسخ : فقال ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) التهذيب ٣ : ٣١٨ / ٩٨٥ ، الوسائل ٣ : ٨٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ١٨.

(٤) التهذيب ٣ : ٣١٦.

٤٠٨

وأنت خبير بأنّ الإجماع على نفي الزائد عن الخمس ينافي مدلول الرواية المستدلّ بها ، حيث تضمّنت قوله : « ما شاؤوا كبّروا » وذكر الأربع في الرواية بعد ذلك لا يدلّ على اختصاص النقيصة بالإرادة ، هذا.

ثم إنّ ( الجواب ) (١) في الخبر المبحوث عنه المتضمّن لنفي الست ليس على وجه المنع منها لكونها غير مشروعة ، بل لأنّ الواقع من عليّ عليه‌السلام على غير ما نقل ، فلا يتمّ توجيه مرام الشيخ بالخبر المبحوث عنه في الكتابين ؛ لأنّه ذكره في التهذيب كما هنا.

وعلى كلّ حال إنْ تحقق المنع من زيادة التكبير أمكن حمل النفي في الخبر على عدم المشروعية ، وبدونه فاحتمال نفي الواقع ممكن.

ومن هنا يعلم أنّ إطلاق بعض الأصحاب بطلان صلاة الجنازة بالنقيصة عن الخمس إذا لم يمكن تداركه (٢) محلّ تأمل إذا لم يثبت الإجماع.

وقول شيخنا قدس‌سره : إنّ الصلاة لا تبطل بالزيادة ؛ لتحقق الخروج بالخامسة ، نعم يأثم مع اعتقاد المشروعية (٣). محلّ بحث ؛ لأنّ الزيادة إنْ كانت من أوّل الصلاة بمعنى قصد فعل الستّة مثلاً فالبطلان بتقدير ثبوت عدم شرعيتها له وجه ؛ وإنْ كان الشروع بقصد الخمس أمكن ما ذكر.

ويظهر من كلام بعض ركنية التكبيرات (٤) ، والكلام في الدليل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما حرّرناه في المقام قد أشرنا إليه في أوّل‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « فض » : الخبر المستدلّ به الشيخ في التهذيب قد ذكر قبله الخبر المبحوث عنه هنا ، وربما كان في خبر التهذيب دلالة على أن.

(٢) كما في المدارك ٤ : ١٦٥.

(٣) المدارك ٤ : ١٦٥.

(٤) جامع المقاصد ١ : ٤٢٢.

٤٠٩

البحث من جهة الإجماع ، وبالتأمّل الصادق تظهر حقيقة الأمر.

وأمّا توجيه الشيخ الأخير فمن البعد بمكان ؛ لأنّه يوجب زيادة التخالف بين الأعداد في الخبر ، الموجب لمنافرة الحكمة في بيان الأحكام ، ولعلّ الشيخ لو ذكر هذا في مقام التقية على معنى أنّ التقية تندفع بذكر الأربع مع كون الكلام صحيحاً بإرادة الدعوات كان أولى.

والخبر الحادي عشر : واضح المعنى ، والله تعالى أعلم.

قوله :

باب أنّه لا قراءة في الصلاة على الميت‌

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة (١) ، عن محمّد بن مسلم وزرارة ومعمّر بن يحيى وإسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقّت ، تدعو بما بدا لك ، وأحقّ الموتى أنْ يدعى له (٢) أنْ يبدأ بالصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عمّه حمزة بن بزيع ، عن علي بن سويد عن الرضا عليه‌السلام فيما نعلم قال في الصلاة على الجنائز ، قال : « تقرأ في الأُولى بأُمّ الكتاب ، وفي الثانية تصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتدعو في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ، وتدعو في الرابعة لميتك ، والخامسة تنصرف بها ».

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٧٦ / ١٨٤٣ يوجد : عمر بن أُذينة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٧٦ / ١٨٤٣ يوجد : المؤمن و.

٤١٠

وما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد ، عن (١) عبد الله القمّي ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح ، عن جعفر ، عن أبيه : « أنّ علياً عليه‌السلام كان إذا صلّى على ميت قرأ بفاتحة الكتاب ، ويصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » تمام الحديث.

فالوجه في هذين الخبرين التقية ، لأنّهما موافقان لمذاهب بعض العامّة.

السند :‌

في الأوّل : حسن ، ورجاله المشاركون لمحمّد بن مسلم مضى القول فيهم مفصّلاً (٢).

والثاني : فيه حمزة بن بزيع ، وحاله في الرجال أنّه غير ممدوح ولا موثق (٣) ، وغيرهما السكوت عنه أولى ، وقول العلاّمة في الخلاصة : إنّه من الثقات (٤). موهوم من النجاشي ، فإنّه ذكر في ترجمة محمّد بن إسماعيل بن بزيع (٥) ما أوقع العلاّمة في الوهم ، كما نبّه عليه الوالد ـ قدس‌سره في فوائد المنتقى (٦).

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٧٧ / ١٨٤٥ : بن.

(٢) راجع ج ١ ص ٥٦ ، ج ٢ ص ٣٥٥ ، ٤٠٠ ، ج ٣ ص ١٦٦ ، ٣٠٧ ، ج ٤ ص ٢٦١ ، ٢٩٢ ، ج ٥ ص ٦٦ ، ٢٩٧ ، ج ٦ ص ١١٤.

(٣) رجال الطوسي : ٣٧٤ / ٣٦.

(٤) الخلاصة : ٥٤ / ٥.

(٥) رجال النجاشي : ٣٣٠ / ٨٩٣.

(٦) منتقى الجُمان : ١٨.

٤١١

أمّا علي بن سويد فقد وثّقه الشيخ في رجال الرضا عليه‌السلام من كتابه (١) ، والنجاشي ذكره بما لا يزيد عن الإهمال ، وذكر أنّه روى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، وقيل : إنّه روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وليس أعلم (٢). وفي الخلاصة قال العلاّمة : إنّه ثقة من أصحاب الرضا عليه‌السلام ، ثم حكى روايةً عن الكشّي تشهد بأنّه نزل من آل محمّد منزلةً خاصّة (٣). وفي فوائد جدّي قدس‌سره عليها ما هذه صورته : فيه مع عدم سلامة السند أنّه شهادة لنفسه ، ففي إثبات مدحه بذلك نظر ، فضلاً عن توثيقه (٤) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ العلاّمة استند في توثيقه إلى الشيخ لا إلى الرواية ، وإنّما ذكرها لزيادة فائدة في الجملة.

وما تضمّنه السند من قوله : فيما نعلم ، محتمل لأن يكون من الرواة غير علي بن سويد ، لكن الشيخ في التهذيب ذكر أنّ الشك من الراوي ، وهو علي بن سويد ، لأنّه قال : ( أوّل ما في هذا الخبر : ) (٥) أنّه قال : عن الرضا فيما نعلم ، ولم يروه متيقناً وإنما رواه شاكّاً ، وما يكون الراوي شاكّاً فيما يخبر عنه يجوز أنْ يكون قد وَهَم في قوله : « تقرأ في الأُولى بأُمّ الكتاب » وأيضاً فإنّه روى أحمد بن محمّد ، وساق السند إلى علي بن سويد السّائي ، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام مثل ذلك. ثم قال الشيخ : وروى في هذه الرواية عن أبي الحسن الأوّل يعني موسى عليه‌السلام ، وفي الرواية الأُولى‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٨٠ / ٦.

(٢) رجال النجاشي : ٢٧٦ / ٧٢٤.

(٣) الخلاصة : ٩٢ / ٥.

(٤) حواشي الشهيد الثاني على الخلاصة : ١٦.

(٥) بدل ما بين القوسين في « م » : في أوّل هذا الحديث.

٤١٢

عن الرضا عليه‌السلام ، والراوي واحد ، وهذا يبيّن أنّه وهم في الأصل (١) ، انتهى.

ولا يخفى أنّه يتوجه على الشيخ أوّلاً : أنّ الظاهر العلم لا الشك ، ثم التعبير بقوله : نعلم ، ربما كان دالاًّ على أنّ القائل الرواة عن علي بن سويد ، والوجه في ذلك احتمال كون علي بن سويد رواه مضمراً ، فظهر لكلّ راوٍ أنّه عن الرضا عليه‌السلام ، فوقع التعبير بما ذُكر. ولو نوقش في هذا فاحتمال القول من علي بن سويد أو من غيره للشك بعيد ، وبتقديره لا مانع من الشك في الرواية عن الرضا عليه‌السلام والجزم بالرواية عن موسى عليه‌السلام.

وأمّا ثانياً : فلأنّ النجاشي قد سمعت قوله في علي بن سويد ، وهو يدلّ على أنّه لم يرو عن الرضا عليه‌السلام ، وربما يعطي هذا أنّ القائل غير علي ابن سويد ، فليتأمّل.

والثالث : فيه جعفر بن محمّد ، وفي رجال من لم يرو عن الأئمّة عليهم‌السلام من كتاب الشيخ : جعفر بن محمّد الكوفي روى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى (٢). وفي كتاب الرجال (٣) لشيخنا قدس‌سره كلام في هذا حاصله أنّ الذي ينبغي أحمد بن محمّد بن يحيى ، لوجهٍ ذكره ، وأظنّه موهوماً.

والحاصل أنّه بعد ما ذكرناه عن الشيخ قال : وفيه نظر ، لأنّه روى أبو جعفر بن بابويه عنه كتاب عبد الله بن المغيرة ، وأبو جعفر يروي عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى. والذي رأيته روايته (٤) عن جعفر بن علي الكوفي لا ابن محمّد.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٩٣.

(٢) رجال الطوسي : ٤٦١ / ٢٣.

(٣) منهج المقال : ٨٥.

(٤) ليست في « رض » و « م ».

٤١٣

وأمّا عبد الله القمّي [ فالظاهر ] (١) أنّه عبد الله بن الصلت ، لأنّه الراوي عن عبد الله بن ميمون في الفهرست ، ويروي عن عبد الله بن ميمون : جعفر ابن محمّد بن عبيد (٢) الله (٣). ولا يبعد كون جعفر بن محمّد المذكور هو هذا وإنْ كان بواسطة عبد الله. وجعفر مهمل في الفهرست (٤). وعبد الله بن ميمون ثقة في النجاشي (٥) ، وفي الكشّي فيه قدح (٦) لا يخفى حاله على من راجعه.

المتن :

في الأوّل : استدلّ به بعض الأصحاب على عدم تعين لفظ مخصوص في الدعاء بين التكبيرات (٧) ؛ لأنّ الظاهر من قوله : « موقّت » الموظف على التعيّن (٨) ، بقرينة قوله : « تدعو بما بدا لك » وما ورد في بعض الأخبار (٩) بما ظاهره التوظيف يحمل على الأكملية.

وفي الخبر أيضاً دلالة على ذلك من قوله : « وأحقّ الموتى » على ما هنا وفي التهذيب (١٠) ، لكن في الكافي : « أحقّ الموتى أنْ يدعى له‌

__________________

(١) في النسخ : والظاهر ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) في المصدر : عبد.

(٣) الفهرست : ١٠٣ / ٤٣١.

(٤) الفهرست : ٤٣ / ١٣٩.

(٥) رجال النجاشي : ٢١٣ / ٥٥٧.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٨٧ / ٧٣٢.

(٧) جامع المقاصد ١ : ٤٢٣.

(٨) في « فض » : التعيين.

(٩) الوسائل ٣ : ٨٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٧.

(١٠) التهذيب ٣ : ١٨٩ / ٤٢٩.

٤١٤

المؤمن وأنْ يبدأ » (١) والظاهر سقوط « المؤمن » هنا.

ثم إنّ قوله عليه‌السلام « أحقّ الموتى أنْ يدعى له » يشمل ما بدا للإنسان وغيره. وقوله : « وأنْ يبدأ » إلى آخره. لا يقتضي تعين البدأة بالصلاة ، لاحتمال إرادة البدأة قبل الدعاء للمؤمن ، واحتمال البدأة بعد التكبير الأوّل ، والأخبار في الدعاء مختلفة ، والخبر لا يأبى الحمل على ما يوافق غيره.

ولا يخفى ما في تركيب قوله : « وأحقّ » إلى آخره. من الغموض على تقدير ما في الكافي ، أمّا على ما هنا فالغموض أزيد. وغير بعيد الاستئناف في قوله : « وأنْ يبدأ » والخبر محذوف من جنس المذكور ، واحتمال غير هذا في غاية البعد.

وأمّا الخبران الآخران فما ذكره الشيخ فيهما واضح ؛ لأنّه أعلم بالحال ، والأوّل يدلّ قول الشيخ فيه على أنّ بعض العامّة يقول بالخمس تكبيرات كما قدّمنا الإشارة إلى ذلك (٢).

قوله :

باب أنّه لا تسليم في الصلاة على الميت‌

محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « ليس في الصلاة على الميت تسليم ».

عنه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨٥ / ١.

(٢) في ص ٤٠٢.

٤١٥

عثمان ، عن الحلبي وزرارة (١) عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، قالا : « ليس في الصلاة على الميت تسليم ».

أحمد بن محمّد ، عن إسماعيل بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة على الميت؟ قال : « أمّا المؤمن فخمس تكبيرات و [ أمّا ] المنافق (٢) فأربع ، ولا سلام فيها ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة على الميت؟ قال : « خمس تكبيرات ، فإذا فرغت منها سلّمت عن يمينك ».

فالوجه في هذه الرواية التقية ؛ لأنّها موافقة لمذاهب العامّة.

السند :‌

في الأوّل : ضعيف بسهل بن زياد ومحمّد بن سنان على ما مضى (٣) ، وربما كان فيه قرينة على أنّ ما في كثير من الأخبار من ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، يراد به المفسّر هنا.

والثاني : حسن.

والثالث : صحيح.

والرابع : موثق.

__________________

(١) في النسخ : عن حمّاد بن عثمان وزرارة ، والصحيح ما أثبتناه ، وهو موافق لما في التهذيب ٣ : ١٩٢ / ٤٣٨ ، والاستبصار ١ : ٤٧٧ / ١٨٤٧.

(٢) في النسخ : والمنافق ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٧٧ / ١٨٤٨ ، والتهذيب ٣ : ١٩٢ / ٤٣٩.

(٣) راجع ج ١ ص ١١٧ ، ١٢٩ ، ٣٣٤ ، ج ٢ ص ٣٣٤ ، ج ٣ ص ٢٢٢.

٤١٦

المتن :

في الثلاثة الأُول : ظاهر في نفي التسليم.

والثالث : قدّمنا فيه كلاماً من جهة المؤمن والمنافق يغني عن الإعادة (١).

وأمّا الرابع : فما ذكره الشيخ من أنّه موافق لمذاهب العامّة يقتضي أنّ جميعهم قائل بمضمون الخبر ، والحال أنّه اشتمل على خمس تكبيرات والأكثر لا يقولون بذلك ، وإرادة التسليم فقط مع انضمامه للخمس لا يخفى أنّها غير تامّة ، ولعلّ مراد الشيخ في موافقة المذاهب في الجملة.

قوله :

باب رفع اليدين في كلّ تكبيرة‌

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازي ، قال : أخبرني (٢) أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدّثني أحمد بن عمر بن محمّد بن الحسن (٣) ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا محمّد ابن عبد الله بن خالد مولى بني الصيداء أنّه صلّى خلف جعفر بن محمّد عليهما‌السلام على جنازة فرآه يرفع يديه في كلّ تكبيرة.

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤) ، قال : صلّيت خلف‌

__________________

(١) راجع ص ٤٠٢ ٤٠٥.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥٠ : أخبرنا.

(٣) في « م » : الحسين.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٧٨ / ١٨٥١ لا يوجد : عليه‌السلام.

٤١٧

أبي عبد الله عليه‌السلام على جنازة فكبّر خمساً ، يرفع يديه في كلّ تكبيرة.

محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس قال : سألت الرضا عليه‌السلام [ قلت ] : جعلت فداك إنّ الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأُولى ولا يرفعون فيما بعد ذلك ، فأقتصر على التكبيرة الأُولى كما يفعلون ، أو أرفع يدي في كلّ تكبيرة؟ فقال : « ارفع يدك في كلّ تكبيرة ».

فأمّا ما رواه علي بن الحسين بن بابويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن سلمة بن الخطّاب ، قال : حدّثني إسماعيل بن إسحاق بن أبان الورّاق ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يرفع يديه في أوّل تكبيرة على الجنازة ، ثم لا يعود حتى ينصرف ».

سعد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله ، ( عن أبيه ) (١) ، عن علي عليه‌السلام : « إنّه كان لا يرفع يديه في الجنازة إلاّ مرّة » يعني في التكبيرة.

فالوجه في هاتين الروايتين ضرب من الجواز ورفع الوجوب ، وإنْ كان الأفضل ما تضمنته الروايات الأوّلة ، ويمكن أنْ يكونا وردا مورد التقية ؛ لأنّ ذلك مذهب كثير من العامّة.

السند :‌

في الأوّل : أحمد بن محمّد فيه هو ابن موسى المعروف بابن‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليست في « رض ».

٤١٨

الصلت على ما يستفاد من الفهرست ، وكتاب الرجال للشيخ ، حيث قال في الأوّل في ترجمة أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة : أخبرنا بجميع رواياته وكتبه أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى الأهوازي ، وكان معه خطّ أبي العباس بإجازته وشرح رواياته (١).

وقال في الثاني في ترجمة المذكور : روى عنه التلعكبري من شيوخنا وغيره ، سمعنا من ابن المهتدي (٢) ومن أحمد بن محمّد المعروف بابن الصلت رويا عنه ، وأجاز لنا ابن الصلت عنه جميع رواياته (٣).

وفي كتاب شيخنا قدس‌سره في الرجال أنّه يستفاد من إجازة ابن الصلت للشيخ صحّة روايته عنه بخصوصه ، واعتبار الرجل (٤). ولا يخفى عليك الحال.

أمّا ما قد يقال : إنّ ما في كتاب الشيخ من رواية التلعكبري عن أحمد ابن محمّد بن سعيد يقتضي أنّ رواية الشيخ عنه بواسطتين ؛ لأنّ الشيخ يروي عن التلعكبري بواسطة جماعة ، كما في الرجال للشيخ (٥) ، لا ما ظنّه العلاّمة من روايته عنه بغير واسطة (٦).

ثم إنّ الشيخ كما ترى روى عن ابن عقدة بواسطة أحمد بن محمّد بن الصلت فقط ؛ ولا بعد في هذا ، كما يعرف من مواضع أكثر من أنْ‌

__________________

(١) الفهرست : ٢٩ / ٧٦.

(٢) في المصدر : ابن المهدي.

(٣) رجال الطوسي : ٤٤١ / ٣٠.

(٤) منهج المقال : ٤٧.

(٥) رجال الطوسي : ٥١٦ / ١.

(٦) خلاصة العلاّمة : ٢٨٢.

٤١٩

تحصى (١).

( وأحمد بن محمّد (٢) فلم أقف عليه ) (٣) كأبيه ومحمّد بن عبد الله بن خالد ، والظاهر أنّهم (٤) من الزيدية.

والثاني : لا ارتياب فيه إلاّ من جهة عبد الرحمن ، وقد قدّمنا ما يدفعه (٥).

والثالث : معلوم الحال ممّا تكرّر من المقال (٦).

والرابع : سلمة بن الخطّاب فيه ضعيف في الرجال (٧). وإسماعيل بن إسحاق لم أقف عليه الآن.

والخامس : مضى من القول في رجاله ما يغني عن الإعادة (٨).

المتن :

في الأوّل : واضح.

والثاني : في الظن أنّه كذلك ، وما قاله العلاّمة في المختلف مجيباً عن الرواية حيث نقل احتجاج الشيخ بها بالمنع من صحّة السند ؛ لأنّ‌

__________________

(١) في « رض » : يخفى.

(٢) أي أحمد بن عمر بن محمّد ، وذلك نسبة إلى جدّه.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في « فض » : أنّه.

(٥) في ص ٦٣.

(٦) أي ضعيف بسهل بن زياد ورواية محمّد بن عيسى عن يونس ، راجع ج ١ : ٧٦ ، ١٣٤ وج ٣ : ٢٣٥ وج ٤ : ٨ ، ١٨٧ وج ٥ : ١٤١.

(٧) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٨.

(٨) راجع ج ١ : ٦٠ ، ١٣٩ وج ٣ : ١٨ ، ١٨٨ ، ٢٩٥ ، ٤٣٨ وج ٤ : ٤١٠ وج ٥ : ٢٧٨ وج ٦ : ٣٠٩.

٤٢٠